Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

عرائس المروج
عرائس المروج
عرائس المروج
Ebook77 pages33 minutes

عرائس المروج

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

هذا الكتاب الثاني بعد الموسيقى وبه دافع جبران عن الفقراء والمظلومين ضد كل المستبدّين أيًّا كانوا، وعبر عن نقمته على المجتمع المدني الظّالم والفاسد، وعادته اتخذ الاتجاه الروحي، واتسم الكتاب بالطابع القصصي الشعري. تحتوي هذه المجموعة القصصية على ثلاث قصص؛ هي: القصة الأولى: (رماد الجبال والنّار الخالدة). تتحدث عن فكرة تقمّص الأرواح وآلهة الحب، وهي ببساطة قصة حب عابرة للزمن، وتطرح أفكار وحدة الوجود وخلود الروح وانتقالها من جسد إلى آخر، فتروي قصة فتى تموت حبيبته فتمنحهما الآلهة فرصة بحياة أخرى. القصة الثانية: (مرتا البانية). تحكي قصة فتاة يتيمة تقع ضحية فارس غني يتبعه مجتمع كامل، ليحكي كيف أنها تموت وحيدة منبوذة وفقيرة، فلا يحضر دفنها إلا ابنها الوحيد وصديقه. القصة الثالثة: (يوحنا المجنون)، من القصص الأكثر عمقًا، وتتحدث عن تناقضات الدّين المسيحي بين التعاليم والواقع، وعن نبذ كل ما هو غير مألوف حتى ولو كان يبدو صوابًا وتحكي قصة بلدة صغيرة يستبد بها الجهل ويتحكم الكهنة الفاسدون بمصائر العباد حتّى يأتي يوحنا متمردًا بعد أن يفعل المحظور على العامة وهو قراءة الكتاب المقدس، فيعرف تعاليم المسيح الحقيقيّة فيواجه الظّلم ما يجعل مصيره النّبذ و السجن و يتهم بالجنون.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJan 1, 2017
ISBN9786769697002
عرائس المروج

Read more from جبران خليل جبران

Related to عرائس المروج

Related ebooks

Reviews for عرائس المروج

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    عرائس المروج - جبران خليل جبران

    الإهداء

    «مع حبّ طفل قويّ إلى ماري اليزابت هاسكل».

    «إلى التي تحدّق إلى الشمس بأجفان جامدة، وتقبض على النار بأصابع غير مرتعشة، وتسمع نغمة الروح»

    جبران

    رماد الأجيال والنار الخالدة

    (1) توطئة (في خريف 16) قبل الميلاد

    سكن الليل، ورقدت الحياة في مدينة الشمس[|(1)|]، وأُطفئت السرج في المنازل المنتثرة حول الهياكل العظيمة القائمة بين أشجار الزيتون والغار[|(2)|]، وطلع القمر، فانسكبت أشعته على بياض الأعمدة الرخاميّة المنتصبة كالجبابرة، تَخفِرُ[|(3)|] في هدوء الليل مذابح الآلهة، وتنظر تيهًا[|(4)|] وإعجابًا نحو بروج لبنان الجالسة في الوَعْرِ[|(5)|] على جبهات الروابي البعيدة.

    في تلك الساعة المملوءة بسحر الهدوء الموحدة بين أرواح النيام وأحلام اللانهاية، جاء ناثان ابن الكاهن حيرام، ودخل هيكل عشتروت[|(6)|] حاملًا مشعلًا، وبيد مرتجفة أنار المسارج وأوقد المباخر، فتصاعدت روائح المر واللبان، ووشحت تمثال المعبودة بنقاب لطيف يشابه برقع الأماني المحيط بالقلب البشري، ثمّ ركع أمام المذبح برقوق العاج، ورفع يديه ونظر نحو العلاء، ومن عينيه تستدرّ الدموع، وبصوت تخفضه الغصّات الأليمة، تقطعه اللوعة القاسية صرخ قائلًا:

    رحماكِ يا عشتروت العظيمة -رحماكِ يا ربّة الحب والجمال، ترأَّفي بي - وأزيلي يد الموت عن حبيبتي التي اختارتها نفسي بمشيئتك... لقد نبتتْ[|(7)|] أعاصير الأطباء ومساحيقهم، وباطلًا ضاعت تعازيم الكهّان والعرّافين، ولم يبقَ لي غير اسمك المقدّس عونًا مساعدًا، فاستجيبي تضرّعاتي، وانظري انسحقاق قلبي وتوجّع عواطفي، وأبقي شطر نفسي حيًّا بجانبي، لنفرح بأسرار محبتك، ونسعد بجمال الشبيبة المعلنة خفايا مجدك.

    من هذه الأعماق أصرخ إليكِ يا عشتروت المقدّسة. من وراء ظلمة هذا الليل أستجير[|(8)|] بحنانك. فاسمعيني أنا عبدك ناثان ابن الكاهن حيرام الذي وقف عمره على خدمة مذبحك -قد أحببت صبية من بين الصبايا - واتخذتها رفيقة فحسدتنا عرائس الجان[|(9)|] ونفثنَ[|(10)|] في جسدها اللطيف لهاث علة غريبة، ثم بعثنَ رسول المنايا ليقودها إلى مغاورهنّ السحرية، وهو الآن رابض بقرب مضجعها، يزمجر كالنمر الجائع، مخيمًا عليها بأجنحته السوداء، مادًّا مقابضه[|(11)|] الخشنة ليغتالها من بين ضلوعي. من أجل ذلك جئت إليك متذللًا، فارحميني وأبقيها زهرة لم تفرح بعدُ بجمال صيف الحياة، وطائرًا لم يكمل تغريدة مسرّته لمجيء فجر الشبيبة، أنقذيها من بين أظفار الموت فنبتهج بأغاني مدائحك، مقدّمين المحروقات[|(12)|] لمجد اسمك، ناحرين الضحايا على مذبحك، مالئين بالخمر القديمة والزيت المطيّب آنية خزائنك، فارشين بالورود والياسمين رُواق[|(13)|] هيكلك، محرقين البخور والعود الذكي الرائحة أمام تمثالك. خلّصينا يا ربّة المعجزات، ودعي المحبة تغلب الموت، فأنتِ ربة الموت والمحبة.

    وسكت دقيقة كانت فيها لوعته تسيل دموعًا وتتصاعد تنهدًا. ثم عاد فقال: «أواه! لقد تضعضعت أحلامي يا عشتروت المقدسة، وذابت حشاشتي[|(14)|] ومات قلبي في داخلي، والتهبت دموعي في عيني، فأحييني بالرأفة وأبقي لي حبيبتي». ودخل إذ ذاك عبد من عبيده واقترب منه ببطء، وهمس في أذنه هذه الكلمات: «لقد فتحت عينيها يا سيدي، ونظرت حول مضجعها، فلم ترَك ثم نادتك بلجاجة[|(15)|] فجئت لأدعوك إليها».

    فقام ناثان ومشى مسرعًا والعبد يتبعه. ولما بلغ صرحه[|(16)|] دخل حجرة العليلة، وانحنى فوق سريرها آخذًا يدها النحيلة بين يديه مقبّلًا شفتيها مرارًا، كأنه يريد أن ينفخ في جسدها السقيم حياة جيدية من حياته، فحوّلت نحوها وجهها الغارق بين المساند الحريرية وفتحت أجفانها قليلًا، وظهر

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1