Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

سيرة ابن هشام ت السقا - الجزء الثاني
سيرة ابن هشام ت السقا - الجزء الثاني
سيرة ابن هشام ت السقا - الجزء الثاني
Ebook1,968 pages8 hours

سيرة ابن هشام ت السقا - الجزء الثاني

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري، أبو محمد، جمال الدين توفى 213. عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري، أبو محمد، جمال الدين توفى 213. عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري، أبو محمد، جمال الدين توفى 213. عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري، أبو محمد، جمال الدين توفى 213. عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري، أبو محمد، جمال الدين توفى 213
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJan 1, 2019
ISBN9786836172685
سيرة ابن هشام ت السقا - الجزء الثاني

Read more from عبد الملك بن هشام

Related to سيرة ابن هشام ت السقا - الجزء الثاني

Related ebooks

Related categories

Reviews for سيرة ابن هشام ت السقا - الجزء الثاني

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    سيرة ابن هشام ت السقا - الجزء الثاني - عبد الملك بن هشام

    [المجلد الثَّانِي]

    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

    ذكر أسرى قريش يوم بدر

    (من بنى هاشم) :

    (من بنى هاشم) :

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأُسِرَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْرٍ، مِنْ بَنِي هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ: عَقِيلُ [1] بْنُ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ، وَنَوْفَلُ [2] بْنُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ [3] .

    (من بنى المطلب) :

    (من بنى المطلب) :

    وَمِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ: السَّائِبُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، وَنُعْمَانُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ. رَجُلَانِ.

    (من بنى عبد شمس وحلفائهم) :

    وَمِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ: عَمْرُو بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ ابْن عَبْدِ شَمْسٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ أَبِي وَجْزَةَ [1] بْنِ أَبِي عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ.

    وَيُقَالُ: ابْنُ أَبِي وَحْرَةَ، فِيمَا قَالَ ابْنُ هِشَامٍ [2] .

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَأَبُو الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ (عَبْدِ) [3] شَمْسٍ، وَأَبُو الْعَاصِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ.

    وَمِنْ حُلَفَائِهِمْ: أَبُو رِيشَةَ بْنُ أَبِي عَمْرٍو، وَعَمْرُو بْنُ الْأَزْرَقِ، وَعُقْبَةُ بْنُ عَبْدِ الْحَارِثِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ. سَبْعَةُ نَفَرٍ.

    (من بنى نوفل وحلفائهم) :

    وَمِنْ بَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ: عَدِيُّ بْنُ الْخِيَارِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ شَمْسِ ابْنِ أَخِي غَزْوَانَ بْنِ جَابِرٍ، حَلِيفٌ لَهُمْ مِنْ بَنِي مَازِنِ بْنِ مَنْصُورٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، حَلِيفٌ لَهُمْ. ثَلَاثَةُ نَفَرٍ.

    (من بنى عبد الدار وحلفائهم) :

    وَمِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ: أَبُو عَزِيزِ بْنِ عُمَيْرِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ، وَالْأَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَلِيفٌ لَهُمْ. وَيَقُولُونَ: نَحْنُ بَنُو الْأَسْوَدِ بْنِ عَامِرِ ابْن عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ بْنِ السَّبَّاقِ. رَجُلَانِ.

    (من بنى أسد وحلفائهم) :

    وَمِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيٍّ: السَّائِبُ [4] بْنُ أَبِي حُبَيْشِ بْنِ الْمُطَّلِبِ ابْن أَسَدٍ، وَالْحُوَيْرِثُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَسَدٍ.

    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: هُوَ الْحَارِثُ بْنُ عَائِذِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَسَدٍ.

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَسَالِمُ بْنُ شَمَّاخٍ، حَلِيفٌ لَهُمْ. ثَلَاثَةُ نَفَرٍ.

    (من بنى مخزوم) :

    (من بنى مخزوم) :

    وَمِنْ بَنِي مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ بْنِ مُرَّةَ: خَالِدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْن عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ [1] ، وَأُمَيَّةُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَالْوَلِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، وَصَيْفِيُّ ابْن أَبِي رِفَاعَة بن عابا [2] بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، وَأَبُو الْمُنْذِرِ [3] بْنِ أَبِي رِفَاعَةَ ابْن عَابِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، وَأَبُو عَطَاءٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي [4] السَّائِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، وَالْمُطَّلِبُ بْنُ حَنْطَبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ، وَخَالِدُ بْنُ الْأَعْلَمِ، حَلِيفٌ لَهُمْ، وَهُوَ كَانَ- فِيمَا يَذْكُرُونَ- أَوَّلُ مَنْ وَلَّى فَارًّا مُنْهَزِمًا، وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ:

    وَلَسْنَا عَلَى الْأَدْبَارِ تَدْمَى كُلُومُنَا ... وَلَكِنْ عَلَى أَقْدَامِنَا يَقْطُرُ الدَّمُ [5]

    تِسْعَةُ نَفَرٍ.

    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُرْوَى: «لَسْنَا عَلَى الْأَعْقَابِ» .

    وَخَالِدُ بْنُ الْأَعْلَمِ، مِنْ خُزَاعَةَ، وَيُقَالُ: عُقَيْلِيٌّ.

    (من بنى سهم) :

    (من بنى سهم) :

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَمِنْ بَنِي سَهْمِ بْنِ عَمْرِو بْنِ هُصَيْصٍ بْنِ كَعْبٍ: أَبُو وَدَاعَةَ ابْن ضُبَيْرَةَ [6] بْنِ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَهْمٍ، كَانَ أَوَّلَ أَسِيرٍ أَفْتُدِيَ مِنْ أَسْرَى بَدْرٍ افْتَدَاهُ ابْنُهُ الْمُطَّلِبُ بْنُ أَبِي وَدَاعَةَ، وَفَرْوَةُ بْنُ قَيْسِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ حُذَافَةَ

    ابْن سَعْدِ [1] بْنِ سَهْمٍ، وَحَنْظَلَةُ بْنُ قَبِيصَةَ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَهْمٍ، وَالْحَجَّاجُ [2] ابْن قَيْسِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَهْمٍ. أَرْبَعَةُ نَفَرٍ.

    (من بنى جمح) :

    (من بنى جمح) :

    وَمِنْ بَنِي جُمَحَ بْنِ عَمْرِو بْنِ هُصَيْصٍ بْنِ كَعْبٍ: عَبْدُ اللَّهِ [3] بْنُ أُبَيِّ بْنِ خَلَفِ ابْن وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحَ، وَأَبُو عَزَّةَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ وُهَيْبِ [4] بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحَ، وَالْفَاكِهُ، مَوْلَى أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، ادَّعَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ رَبَاحُ بْنُ الْمُغْتَرِفِ، وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنْ بَنِي شَمَّاخِ بْنِ مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ- وَيُقَالُ: إنَّ الْفَاكِهَ:

    ابْنَ جَرْوَلِ بْنِ حِذْيَمِ بْنِ عَوْفِ بْنِ غَضْبِ بْنِ شَمَّاخِ بْنِ مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ- وَوَهْبُ [5] بْنُ عُمَيْرِ بْنِ وَهْبِ بْنِ خَلَفِ بْنِ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحَ، وَرَبِيعَةُ ابْن دَرَّاجِ بْنِ الْعَنْبَسِ بْنِ أُهْبَانَ بْنِ وَهْبِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ جُمَحَ. خَمْسَةُ نَفَرٍ.

    (من بنى عامر) :

    (من بنى عامر) :

    وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ: سُهَيْلُ [6] بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ وُدِّ بْنِ نَصْرِ ابْن مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرِ، أَسَرَهُ مَالِكُ بْنُ الدُّخْشُمِ، أَخُو بَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ، وَعَبْدُ [7] بْنُ زَمَعَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ وُدِّ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَشْنُوءِ [8] بْنِ وَقْدَانُ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ وُدِّ بْنِ نَصْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حِسْلِ بْنِ عَامِرٍ. ثَلَاثَةُ نفر.

    (من بى الحارث) :

    وَمِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ: الطُّفَيْلُ بْنُ أَبِي قُنَيْعٍ، وَعَتَبَةُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَحْدَمٍ. رَجُلَانِ.

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَجَمِيعُ مَنْ حُفِظَ لَنَا مِنْ الْأُسَارَى ثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلًا.

    (ما فات ابن إسحاق ذكرهم) .

    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَقَعَ مِنْ جُمْلَةِ الْعَدَدِ رَجُلٌ لَمْ نَذْكُرْ اسْمَهُ، وَمِمَّنْ لَمْ نَذْكُرْ ابْنُ إسْحَاقَ مِنْ الْأُسَارَى:

    (من بنى هاشم) :

    (من بنى هاشم) :

    مِنْ بَنِي هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ: عُتْبَةُ، حَلِيفٌ لَهُمْ مِنْ بَنِي فِهْرٍ. رَجُلٌ.

    (من بنى المطلب) :

    (من بنى المطلب) :

    وَمِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ: عَقِيلُ [1] بْنُ عَمْرٍو، حَلِيفٌ لَهُمْ، وَأَخُوهُ تَمِيمُ بْنُ عَمْرٍو، وَابْنُهُ. ثَلَاثَةُ نَفَرٍ.

    (من بنى عبد شمس) :

    (من بنى عبد شمس) :

    وَمِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ: خَالِدُ بْنُ أُسَيْدِ بْنِ أَبِي الْعِيصِ، وَأَبُو الْعَرِيضِ يَسَارٌ، مَوْلَى الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ. رَجُلَانِ.

    (من بنى نوفل) :

    (من بنى نوفل) :

    وَمِنْ بَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ: نَبْهَانُ، مَوْلًى لَهُمْ. رَجُلٌ.

    (من بنى أسد) :

    (من بنى أسد) :

    وَمِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى: عَبْدُ اللَّهِ [2] بْنُ حُمَيْدٍ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ الْحَارِثِ.

    رَجُلٌ.

    (من بنى عبد الدار) :

    (من بنى عبد الدار) :

    وَمِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ: عَقِيلٌ، حَلِيفٌ لَهُمْ مِنْ الْيَمَنِ. رَجُلٌ.

    (من بنى تيم) :

    (من بنى تيم) :

    وَمِنْ بَنِي تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ: مُسَافِعُ بْنُ عِيَاضِ بْنِ صَخْرِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمٍ، وَجَابِرُ بْنُ الزَّبِيرِ، حَلِيفٌ لَهُمْ. رَجُلَانِ.

    (من بنى مخزوم) :

    (من بنى مخزوم) :

    وَمِنْ بَنِي مَخْزُومِ بْنِ يَقَظَةَ: قَيْسُ بْنُ السَّائِبِ. رَجُلٌ.

    (من بنى جمح) :

    (من بنى جمح) :

    وَمِنْ بَنِي جُمَحَ بْنِ عَمْرٍو: عَمْرُو بْنُ أُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ، وَأَبُو رُهْمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، حَلِيفٌ لَهُمْ، وَحَلِيفٌ لَهُمْ ذَهَبَ عَنِّي اسْمُهُ، وَمَوْلَيَانِ لِأُمَيَّةِ بْنِ خَلَفٍ، أَحَدُهُمَا نِسْطَاسٌ [1] ، وَأَبُو رَافِعٍ، غُلَامُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ. سِتَّةُ نَفَرٍ.

    (من بنى سهم) :

    (من بنى سهم) :

    وَمِنْ بَنِي سَهْمِ بْنِ عَمْرٍو: أَسْلَمَ، مَوْلَى نُبَيْهِ بْنِ الْحَجَّاجِ. رَجُلٌ.

    (من بنى عامر) :

    (من بنى عامر) :

    وَمِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ: حَبِيبُ بْنُ جَابِرٍ، وَالسَّائِبُ بْنُ مَالِكٍ. رَجُلَانِ.

    (من بنى الحارث) :

    (من بنى الحارث) :

    وَمِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ فِهْرٍ: شَافِعُ وَشَفِيعٌ، حَلِيفَانِ لَهُمْ مِنْ أَرْضِ الْيَمَنِ.

    رَجُلَانِ.

    ما قيل من الشعر في يوم بدر

    ما قيل من الشعر في يوم بدر

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ مِمَّا قِيلَ مِنْ الشِّعْرِ فِي يَوْمِ بَدْرٍ، وَتَرَادَّ بَهْ الْقَوْمُ بَيْنَهُمْ لِمَا كَانَ فِيهِ، قَوْلُ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَرْحَمُهُ اللَّهُ:

    - قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يُنْكِرُهَا وَنَقِيضَتَهَا-:

    أَلَمْ تَرَ أَمْرًا كَانَ مِنْ عَجْبِ الدَّهْرِ ... وَلِلْحَيْنِ أَسِبَابٌ مُبَيَّنَةُ الْأَمْرِ [2]

    وَمَا ذَاكَ إلَّا أَنَّ قَوْمًا أَفَادَهُمْ ... فَحَانُوا تَوَاصٍ بِالْعُقُوقِ وَبِالْكُفْرِ [1]

    عَشِيَّةَ رَاحُوا نَحْوَ بَدْرٍ بِجَمْعِهِمْ ... فَكَانُوا رُهُونًا لِلرَّكِيَّةِ مِنْ بَدْرِ [2]

    وَكُنَّا طَلَبْنَا الْعِيرَ لَمْ نَبْغِ غَيْرَهَا ... فَسَارُوا إِلَيْنَا فالتقنا عَلَى قَدْرِ

    فَلَمَّا الْتَقَيْنَا لَمْ تَكُنْ مَثْنَوِيَّةٌ ... لَنَا غَيْرَ طَعْنٍ بِالْمُثَقَّفَةِ السُّمْرِ [3]

    وَضَرْبٍ بِبِيضٍ يَخْتَلِي الْهَامَ حَدُّهَا ... مُشْهِرَةُ الْأَلْوَانِ بَيِّنَةُ الْأُثُرِ [4]

    وَنَحْنُ تَرَكْنَا عُتْبَةَ الْغَيَّ ثَاوِيًا ... وَشَيْبَةَ فِي الْقَتْلَى تَجْرَجَمُ فِي الْجَفْرِ [5]

    وَعَمْرٌو ثَوَى فِيمَنْ ثَوَى مِنْ حُمَاتِهِمْ ... فَشُقَّتْ جُيُوبُ النَّائِحَاتِ عَلَى عَمْرِو

    جُيُوبُ نِسَاءٍ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ ... كِرَامٍ تَفَرَّعْنَ الذَّوَائِبَ مِنْ فِهْرِ [6]

    أُولَئِكَ قَوْمٌ قُتِّلُوا فِي ضَلَالِهِمْ ... وَخَلَّوْا لِوَاءً غَيْرَ مُحْتَضَرِ النَّصْرُ

    لِوَاءُ ضَلَالٍ قَادَ إبْلِيسُ أَهْلَهُ ... فَخَاسَ بِهِمْ، إنَّ الْخَبِيثَ إلَى غَدْرِ [7]

    وَقَالَ لَهُمْ، إذْ عَايَنَ الْأَمْرَ وَاضِحًا ... بَرِئْتُ إلَيْكُمْ مَا بِي الْيَوْمَ مِنْ صَبْرِ

    فَإِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ وَإِنَّنِي ... أَخَافُ عِقَابَ اللَّهِ وَاَللَّهُ ذُو قَسْرِ [8]

    فَقَدَّمَهُمْ لِلْحَيْنِ حَتَّى تَوَرَّطُوا ... وَكَانَ بِمَا لَمْ يَخْبُرْ الْقَوْمُ ذَا خُبْرِ [9]

    فَكَانُوا غَدَاةَ الْبِئْرِ أَلْفًا وَجَمْعُنَا ... ثَلَاثُ مِئِينٍ كَالْمُسْدَمَةِ الزُّهْرِ [10]

    وَفِينَا جُنُودُ اللَّهِ حَيْنَ يُمِدُّنَا ... بِهِمْ فِي مَقَامٍ ثُمَّ مُسْتَوْضَحِ الذِّكْرِ [11]

    فَشَدَّ بِهِمْ جِبْرِيلُ تَحْتَ لِوَائِنَا ... لَدَى مَأْزِقٍ فِيهِ مَنَايَاهُمْ تَجْرِي [11]

    فَأَجَابَهُ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَقَالَ:

    أَلَا يَا لِقَوْمِي [1] لِلصَّبَابَةِ [2] وَالْهَجْرِ ... وَلِلْحُزْنِ مِنِّي وَالْحَرَارَةِ فِي الصَّدْرِ

    وَلِلدَّمْعِ مِنْ عَيْنَيَّ جُودَا كَأَنَّهُ ... فَرِيدٌ هَوَى مِنْ سِلْكِ نَاظِمِهِ يَجْرِي [3]

    عَلَى الْبَطَلِ الْحُلْوِ الشَّمَائِلِ إذْ ثَوَى ... رَهِينَ مَقَامٍ لِلرَّكِيَّةِ مِنْ بَدْرِ

    فَلَا تَبْعُدْنَ يَا عَمْرُو مِنْ ذِي قُرَابَةٍ ... وَمِنْ ذِي نِدَامٍ كَانَ ذَا خُلُقٍ غَمْرِ [4]

    فَإِنْ يَكُ قَوْمٌ صَادَفُوا مِنْكَ دَوْلَةً ... فَلَا بُدَّ لِلْأَيَّامِ مِنْ دُوَلِ الدَّهْرِ

    فَقَدْ كُنْتَ فِي صَرْفِ الزَّمَانِ الَّذِي مَضَى ... تُرِيهِمْ هَوَانًا مِنْكَ ذَا سُبُلٍ وَعْرِ

    فَإِلَّا أَمُتْ يَا عَمْرو أتركك ثَائِرًا ... وَلَا أُبْقِ بُقْيَا فِي إخَاءٍ وَلَا صِهْرِ [5]

    وَأَقْطَعُ ظَهْرًا مِنْ رِجَالٍ بِمَعْشَرٍ ... كِرَامٍ عَلَيْهِمْ مِثْلَ مَا قَطَعُوا ظَهْرِي

    أَغَرَّهُمْ مَا جَمَّعُوا مِنْ وَشِيظَةٍ ... وَنَحْنُ الصَّمِيمُ فِي الْقَبَائِلِ مِنْ فِهْرِ [6]

    فِيَالَ لُؤَيٍّ ذَبِّبُوا عَنْ حَرِيمِكُمْ ... وَآلِهَةٍ لَا تَتْرُكُوهَا لِذِي الْفَخْرِ [7]

    تَوَارَثَهَا آبَاؤُكُمْ وَوَرِثْتُمْ ... أَوَاسِيَّهَا وَالْبَيْتَ ذَا السَّقْفِ وَالسِّتْرِ [8]

    فَمَا لِحَلِيمٍ قَدْ أَرَادَ هَلَاكَكُمْ ... فَلَا تَعْذِرُوهُ آلَ غَالِبٍ مِنْ عُذْرٍ [9]

    وَجِدُّوا لِمِنْ عَادَيْتُمْ وَتَوَازَرُوا ... وَكُونُوا جَمِيعًا فِي التَّأَسِّي وَفِي الصَّبْرِ [10]

    لَعَلَّكُمْ أَنْ تَثْأَرُوا بِأَخِيكُمْ ... وَلَا شَيْءَ إنَّ لَمْ تَثْأَرُوا بِذَوِي عَمْرِو [11]

    بِمُطَّرِدَاتِ فِي الْأَكُفِّ كَأَنَّهَا ... وَمِيضٌ تُطِيرُ الْهَامَ بَيِّنَةَ الْأُثْرِ [1]

    كَأَنَّ مُدِبَّ الذَّرِّ فَوْقَ مُتُونِهَا ... إذَا جُرِّدَتْ يَوْمًا لِأَعْدَائِهَا الْخُزْرِ [2]

    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَبْدَلْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَصِيدَةِ كَلِمَتَيْنِ مِمَّا رَوَى ابْنُ إسْحَاقَ، وَهُمَا «الْفَخْرُ» فِي آخر الْبَيْت، و «فَمَا لِحَلِيمِ» ، فِي أَوَّلِ الْبَيْتِ، لِأَنَّهُ نَالَ فِيهِمَا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي يَوْمِ بَدْرٍ:

    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يَعْرِفُهَا وَلَا نَقِيضَتَهَا، وَإِنَّمَا كَتَبْنَاهُمَا لِأَنَّهُ يُقَالُ: إنَّ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ إسْحَاقَ فِي الْقَتْلَى، وَذَكَرَهُ فِي هَذَا الشِّعْرِ:

    أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَبْلَى رَسُولَهُ ... بَلَاءَ عَزِيزٍ ذِي اقْتِدَارِ وَذِي فَضْلٍ [3]

    بِمَا أَنْزَلَ الْكُفَّارَ دَارَ مَذَلَّةٍ ... فَلَاقَوْا هَوَانَا مِنْ إسَارٍ وَمِنْ قَتْلِ

    فَأَمْسَى رَسُولُ اللَّهِ قَدْ عَزَّ نَصْرُهُ ... وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ أُرْسِلَ بِالْعَدْلِ

    فَجَاءَ بِفُرْقَانٍ مِنْ اللَّهِ مُنْزَلٍ ... مُبَيَّنَةٍ آيَاتُهُ لِذَوِي الْعَقْلِ

    فَآمَنَ أَقْوَامٌ بِذَاكَ وَأَيْقَنُوا ... فَأَمْسَوْا بِحَمْدِ اللَّهِ مُجْتَمِعِي الشَّمْلِ

    وَأَنْكَرَ أَقْوَامٌ فَزَاغَتْ قُلُوبُهُمْ ... فَزَادَهُمْ ذُو الْعَرْشِ خَبْلًا عَلَى خَبْلُ. [4]

    وَأَمْكَنَ مِنْهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ رَسُولَهُ ... وَقَوْمًا غِضَابًا فِعْلُهُمْ أَحْسَنُ الْفِعْلِ

    بِأَيْدِيهِمْ بِيضٌ خِفَافٌ عَصَوْا بِهَا ... وَقَدْ حَادَثُوهَا بِالْجِلَاءِ وَبِالصَّقْلِ [5]

    فَكَمْ تَرَكُوا مِنْ نَاشِئٍ ذِي حَمِيَّةٍ ... صَرِيعًا وَمِنْ ذِي نَجْدَةٍ مِنْهُمْ كَهْلِ

    تَبِيتُ عُيُونُ النَّائِحَاتِ عَلَيْهِمْ ... تَجُودُ بِأَسْبَالِ الرَّشَاشِ وَبِالْوَبْلِ [1]

    نَوَائِحَ تَنْعَى عُتْبَةَ الْغَيَّ وَابْنَهُ ... وَشَيْبَةَ تَنْعَاهُ وَتَنْعَى أَبَا جَهْلٍ

    وَذَا الرَّجُلِ تَنْعَى وَابْنَ جُدْعَانَ فِيهِمْ ... مُسَلِّبَةً حَرَّى مُبَيَّنَةَ الثُّكْلِ [2]

    ثَوَى [3] مِنْهُمْ فِي بِئْرِ بَدْرٍ عِصَابَةٌ ... ذَوِي نَجَدَاتٍ فِي الْحُرُوبِ وَفِي الْمَحْلِ

    دَعَا الْغَيُّ مِنْهُمْ مَنْ دَعَا فَأَجَابَهُ ... وَلِلْغَيِّ أَسِبَابٌ مُرَمَّقَةُ الْوَصْلِ [4]

    فَأَضْحَوْا لَدَى دَارِ الْجَحِيمِ بِمَعْزِلٍ ... عَنْ الشَّغْبِ وَالْعُدْوَانِ فِي أَشْغَلْ الشُّغْلِ [5]

    فَأَجَابَهُ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، فَقَالَ:

    عَجِبْتُ لِأَقْوَامٍ تَغَنَّى سَفِيهُهُمْ ... بِأَمْرٍ سَفَاهٍ ذِي اعْتِرَاضٍ وَذِي بُطْلٍ

    تَغَنَّى بِقَتْلَى يَوْمَ بَدْرٍ تَتَابَعُوا ... كِرَامِ الْمَسَاعِي مِنْ غُلَامٍ وَمِنْ كَهْلٍ

    مَصَالِيتَ [6] بِيضٍ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ [7] ... مَطَاعِينَ فِي الْهَيْجَا مَطَاعِيمَ فِي الْمَحْلِ [8]

    أُصِيبُوا كِرَامًا لَمْ يَبِيعُوا عَشِيرَةً ... بِقَوْمِ سِوَاهُمْ نَازِحِي الدَّارِ وَالْأَصْلِ

    كَمَا أَصْبَحَتْ غَسَّانُ فِيكُمْ بِطَانَةً [9] ... لَكُمْ بَدَلًا مِنَّا فِيَا لَكَ مِنْ فِعْلِ

    عُقُوقًا وَإِثْمًا بَيِّنًا وَقَطِيعَةً ... يَرَى جوركم فِيهَا ذُو والرأى وَالْعَقْلِ

    فَإِنْ يَكُ قَوْمٌ قَدْ مَضَوْا لِسَبِيلِهِمْ ... وَخَيْرُ الْمَنَايَا مَا يَكُونُ مِنْ الْقَتْلِ

    فَلَا تَفْرَحُوا أَنْ تَقْتُلُوهُمْ فَقَتْلُهُمْ ... لَكُمْ كَائِنٌ خَبْلًا مُقِيمًا عَلَى خَبْلِ

    فَإِنَّكُمْ لَنْ تَبْرَحُوا بَعْدَ قَتْلِهِمْ ... شَتِيتًا [10] هَوَاكُمْ غَيْرُ مُجْتَمِعِي الشَّمْلِ

    بِفَقْدِ ابْنِ جُدْعَانَ الْحَمِيدِ فِعَالُهُ ... وَعُتْبَةُ وَالْمَدْعُوُّ فِيكُمْ أَبَا جَهْلِ

    وَشَيْبَةَ فِيهِمْ وَالْوَلِيدَ وَفِيهِمْ ... أُمَيَّةَ مَأْوَى الْمُعْتَرِينَ وَذُو الرِّجْلِ [1]

    أُولَئِكَ فَابْكِ ثُمَّ لَا تَبْكِ غَيْرَهُمْ ... نَوَائِحُ تَدْعُو بِالرَّزِيَّةِ وَالثُّكْلِ

    وَقُولُوا لِأَهْلِ الْمَكَّتَيْنِ تَحَاشَدُوا ... وَسِيرُوا إلَى آطَامِ يَثْرِبَ ذِي النَّخْلِ [2]

    جَمِيعًا وَحَامُوا آلَ كَعْبٍ وَذَبِّبُوا ... بِخَالِصَةِ الْأَلْوَانِ مُحْدَثَةِ الصَّقْلِ [3]

    وَإِلَّا فَبُيِّتُوا خَائِفِينَ وَأَصْبِحُوا ... أَذَلَّ لِوَطْءِ الْوَاطِئِينَ مِنْ النَّعْلِ

    عَلَى أَنَّنِي وَاللَّاتِ يَا قَوْمُ فَاعْلَمُوا ... بِكَمْ وَاثِقٌ أَنْ لَا تُقِيمُوا عَلَى تَبْلِ [4]

    سِوَى جَمْعِكُمْ لِلسَّابِغَاتِ وَلِلْقَنَا ... وَلِلْبَيْضِ وَالْبِيضِ الْقَوَاطِعِ وَالنَّبْلِ [5]

    وَقَالَ ضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ [6] بْنِ مِرْدَاسٍ، أَخُو بَنِي مُحَارِبِ بْنِ فِهْرٍ، فِي يَوْمِ بَدْرٍ:

    عَجِبْتُ لِفَخْرِ الْأَوْسِ وَالْحَيْنُ دَائِرٌ ... عَلَيْهِمْ غَدًا وَالدَّهْرُ فِيهِ بَصَائِرُ

    وَفَخْرُ بَنِي النَّجَّارِ إنْ كَانَ مَعْشَرٌ ... أُصِيبُوا بِبَدْرٍ كُلُّهُمْ ثَمَّ صَابِرُ

    فَإِنْ تَكُ قَتْلَى غُودِرَتْ مِنْ رِجَالِنَا ... فَإِنَّا رِجَالٌ [7] بَعْدَهُمْ سَنُغَادِرُ

    وَتَرْدِي بِنَا الْجُرْدُ الْعَنَاجِيجُ وَسَطكُمْ ... بَنِي الْأَوْسِ حَتَّى يَشْفِي النَّفْسَ ثَائِرٌ [8]

    وَوَسْطَ بَنِي النَّجَّارِ سَوْفَ نَكُرُّهَا ... لَهَا بالقنا وَالدَّار عين زَوَافِرُ [9]

    فَنَتْرُكُ صَرْعَى تَعْصِبُ الطَّيْرُ حَوْلَهُمْ ... وَلَيْسَ لَهُمْ إلَّا الْأَمَانِيُّ نَاصِرُ [10]

    وَتَبْكِيهِمْ مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ نِسْوَةٌ ... لَهُنَّ [1] بِهَا لَيْلٌ عَنْ النَّوْمِ سَاهِرُ

    وَذَلِكَ أَنَّا لَا تَزَالُ سُيُوفُنَا ... بِهِنَّ دَمٌ مِمَّنْ [2] يُحَارَبْنَ مَائِرُ [3]

    فَإِنْ تَظْفَرُوا فِي يَوْمِ بَدْرٍ فَإِنَّمَا ... بِأَحْمَدَ أَمْسَى جَدُّكُمْ وَهُوَ ظَاهِرُ

    وَبِالنَّفَرِ الْأَخْيَارِ هُمْ أَوْلِيَاؤُهُ ... يُحَامُونَ فِي الَّلأْوَاءِ وَالْمَوْتُ حَاضِرُ [4]

    يُعَدُّ أَبُو بَكْرٍ وَحَمْزَةُ فِيهِمْ ... وَيُدْعَى عَلِيٌّ وَسْطَ مَنْ أَنْتَ ذَاكِرُ

    وَيُدْعَى أَبُو حَفْصٍ وَعُثْمَانُ مِنْهُمْ ... وَسَعْدٌ إذَا مَا كَانَ فِي الْحَرْبِ حَاضِرُ

    أُولَئِكَ لَا مَنْ نَتَّجَتْ فِي دِيَارِهَا ... بَنُو الْأَوْسِ وَالنَّجَّارِ حَيْنَ تُفَاخِرُ [5]

    وَلَكِنْ أَبُوهُمْ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ ... إذَا عُدَّتْ الْأَنْسَابُ كَعْبٌ وَعَامِرُ

    هُمْ الطَّاعِنُونَ الْخَيْلَ فِي كُلِّ مَعْرَكٍ ... غَدَاةَ الْهِيَاجِ الْأَطْيَبُونَ الْأَكَاثِرُ [6]

    فَأَجَابَهُ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، أَخُو بَنِي سَلِمَةَ، فَقَالَ:

    عَجِبْتُ لِأَمْرِ اللَّهِ وَاَللَّهُ قَادِرٌ ... عَلَى مَا أَرَادَ، لَيْسَ للَّه قَاهِرُ

    قَضَى يَوْمَ بَدْرٍ أَنْ نُلَاقِيَ مَعْشَرًا ... بَغَوْا وَسَبِيلُ الْبَغْي بِالنَّاسِ جَائِرُ

    وَقَدْ حَشَدُوا وَاسْتَنْفَرُوا مِنْ يَلِيهِمْ ... مِنْ النَّاسِ حَتَّى جَمْعُهُمْ مُتَكَاثَرُ

    وَسَارَتْ إلَيْنَا لَا تُحَاوِلُ غَيْرَنَا ... بِأَجْمَعِهَا كَعْبٌ جَمِيعًا وَعَامِرُ

    وَفِينَا رَسُولُ اللَّهِ وَالْأَوْسُ حَوْلَهُ ... لَهُ مَعْقِلٌ مِنْهُمْ عَزِيزٌ وَنَاصِرُ [7]

    وَجَمْعُ بَنِي النَّجَّارِ تَحْتَ لِوَائِهِ ... يُمَشَّوْنَ [8] فِي الْمَاذِيَّ وَالنَّقْعُ ثَائِرُ [9]

    فَلَمَّا لَقِينَاهُمْ وَكُلٌّ مُجَاهِدٌ ... لِأَصْحَابِهِ مُسْتَبْسِلُ النَّفْسِ صَابِرُ

    شَهِدْنَا بِأَنَّ اللَّهَ لَا رَبَّ غَيْرُهُ ... وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ بِالْحَقِّ ظَاهِرُ

    وَقَدْ عُرِّيَتْ بِيضٌ خِفَافٌ كَأَنَّهَا ... مَقَابِيسُ يُزْهِيهَا [1] لِعَيْنَيْكَ شَاهِرُ

    بِهِنَّ أَبَدْنَا جَمْعَهُمْ فَتَبَدَّدُوا ... وَكَانَ يُلَاقِي الْحَيْنَ مَنْ هُوَ فَاجِرُ [2]

    فَكُبَّ أَبُو جَهْلٍ صَرِيعًا لِوَجْهِهِ ... وَعُتْبَةُ قَدْ غَادَرْنَهُ وَهُوَ عَاثِرُ [3]

    وَشَيْبَةُ وَالتَّيْمِيُّ غَادَرْنَ فِي الْوَغَى ... وَمَا مِنْهُمْ [4] إلَّا بِذِي الْعَرْشِ كَافِرُ

    فَأَمْسَوْا وَقُودَ النَّارِ فِي مُسْتَقَرِّهَا ... وَكُلُّ كَفَوْرٍ فِي جَهَنَّمَ صَائِرُ

    تَلَظَّى عَلَيْهِمْ وَهِيَ قَدْ شَبَّ حَمْيُهَا ... بِزُبَرِ الْحَدِيدِ وَالْحِجَارَةِ سَاجِرُ [5]

    وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ قَدْ قَالَ أَقْبِلُوا ... فَوَلَّوْا وَقَالُوا: إِنَّمَا أَنْتَ سَاحِرُ

    لِأَمْرِ أَرَادَ اللهُ أَنْ يَهْلَكُوا بِهِ ... وَلَيْسَ لِأَمْرٍ حَمَّهُ اللهُ زَاجِرُ [6]

    وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبْعَرَى السَّهْمِيُّ يَبْكِي قَتْلَى بدر:

    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَتُرْوَى لِلْأَعْشَى بْنِ زُرَارَةَ بْنِ النَّبَّاشِ، أَحَدُ بَنِي أُسَيْدِ ابْن عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ، حَلِيفُ بَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ.

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَلِيفُ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ:

    مَاذَا عَلَى بَدْرٍ وَمَاذَا حَوْلَهُ ... مِنْ فِتْيَةٍ بِيضِ الْوُجُوهِ كِرَامٍ

    تَرَكُوا نُبَيْهًا خَلْفَهُمْ وَمُنَبِّهًا ... وَابْنَيْ رَبِيعَةَ خَيْرَ خَصْمٍ فِئَامِ [7]

    وَالْحَارِثَ الْفَيَّاضَ يَبْرُقُ وَجْهُهُ ... كَالْبَدْرِ جَلَّى لَيْلَةَ الْإِظْلَامِ [8]

    وَالْعَاصِيَ بْنَ مُنَبِّهٍ ذَا مِرَّةٍ ... رُمْحًا تَمِيمًا غَيْرَ ذِي أَوْصَامِ [9]

    تَنَمَّى بَهْ أَعْرَاقُهُ وَجُدُودُهُ ... وَمَآثِرُ الْأَخْوَالِ وَالْأَعْمَامِ [1]

    وَإِذَا بَكَى بَاكٍ فَأَعْوَلَ شَجْوَهُ ... فَعَلَى الرَّئِيسِ الْمَاجِدِ ابْنِ هِشَامِ [2]

    حَيَّا الْإِلَهُ أَبَا الْوَلِيدِ وَرَهْطَهُ ... رَبَّ الْأَنَامِ، وَخَصَّهُمْ [3] بِسَلَامِ

    فَأَجَابَهُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ:

    ابْكِ بَكَتْ عَيْنَاكَ ثُمَّ تَبَادَرَتْ ... بِدَمِ تُعَلُّ غُرُوبُهَا سَجَّامِ [4]

    مَاذَا بَكَيْتَ بِهِ الَّذِينَ تَتَايَعُوا [5] ... هَلَّا ذَكَرْتَ مَكَارِمَ الْأَقْوَامِ

    وَذَكَرْتَ مِنَّا مَاجِدًا ذَا هِمَّةٍ ... سَمْحَ الْخَلَائِقِ صَادِقَ الْإِقْدَامِ

    أَعْنِي النَّبِيَّ أَخَا الْمَكَارِمِ وَالنَّدَى ... وَأَبَرَّ مَنْ يُولَى عَلَى الْإِقْسَامِ [6]

    فَلِمِثْلِهِ وَلِمِثْلِ مَا يَدْعُو لَهُ ... كَانَ الْمُمَدَّحَ ثَمُّ غَيْرُ كَهَامِ [7]

    (شعر لحسان في بدر أيضا) :

    وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ أَيْضًا:

    تَبَلَتْ فُؤَادَكَ فِي الْمَنَامِ خَرِيدَةً ... تَسْقِى [8] الضَّجِيعَ بِبَارِدِ بَسَّامِ [9]

    كَالْمِسْكِ تَخْلِطُهُ بِمَاءِ سَحَابَةٍ ... أَوْ عَاتِقٍ كَدَمِ الذَّبِيحِ مُدَامِ [10]

    نُفُجُ الْحَقِيبَةِ بُوصُهَا مُتَنَضِّدٌ ... بَلْهَاءُ غَيْرُ وَشِيكَةِ الْأَقْسَامِ [11]

    بُنِيَتْ عَلَى قَطَنٍ أَجَمَّ كَأَنَّهُ ... فُضُلًا إذَا قَعَدَتْ مَدَاكُ رُخَامِ [1]

    وَتَكَادُ تكسل أَن تَجِيء فِرَاشُهَا ... فِي جِسْمِ خَرْعَبَةٍ وَحُسْنِ قَوَامِ [2]

    أَمَّا النَّهَارَ فَلَا أُفَتِّرُ ذِكْرَهَا ... وَاللَّيْلُ تُوزِعُنِي بِهَا أَحْلَامِي [3]

    أَقْسَمْتَ أَنْسَاهَا وَأَتْرُكُ ذِكْرَهَا ... حَتَّى تُغَيَّبَ فِي الضَّرِيحِ عِظَامِي [4]

    يَا مَنْ لِعَاذِلَةٍ تَلُومُ سَفَاهَةً ... وَلَقَدْ عَصَيْتُ عَلَى الْهَوَى لُوَّامِي

    بَكَرَتْ عَلَيَّ بِسُحْرَةٍ بَعْدَ الْكَرَى ... وَتَقَارُبٍ مِنْ حَادِثِ الْأَيَّامِ

    زَعَمَتْ بأنّ الْمَرْء معديكرب عُمْرَهُ ... عَدَمٌ لِمُعْتَكِرٍ مِنْ الْأَصْرَامِ [5]

    إنَّ كُنْتِ كَاذِبَةَ الَّذِي حَدَّتْتِنِي ... فَنَجَوْتِ مَنْجَى الْحَارِثِ بْنِ هِشَامِ

    تَرَكَ الْأَحِبَّةَ أَنْ يُقَاتِلَ دُونَهُمْ ... وَنَجَا بِرَأْسِ طِمرَّةٍ وَلِجَامِ [6]

    تَذَرُ الْعَنَاجِيجُ الْجِيَادُ بِقَفْرَةٍ ... مَرَّ الدَّمُوكِ بِمُحْصَدٍ وَرِجَامِ [7]

    مَلَأَتْ بِهِ الفرجين فار مدّت بِهِ ... وَثَوَى أَحِبَّتُهُ بِشَرِّ مَقَامِ [1]

    وَبَنُو أَبِيهِ وَرَهْطُهُ فِي مَعْرَكٍ ... نَصَرَ الْإِلَهُ بِهِ ذَوِي الْإِسْلَامِ

    طَحَنَتْهُمْ، وَاَللَّهُ يُنْفِذُ أَمْرَهُ، ... حَرْبٌ يُشَبُّ [2] سَعِيرُهَا بِضِرَامِ [3]

    لَوْلَا الْإِلَهُ وَجَرْيُهَا لَتَرَكْنَهُ ... جَزَرَ السِّبَاعِ وَدُسْنَهُ بحَوَامِي [4]

    مِنْ بَيْنَ مَأْسُورٍ يُشَدُّ وَثَاقُهُ ... صَقْرٍ إذَا لَاقَى الْأَسِنَّةَ حَامِي [5]

    وَمُجَدَّلٍ لَا يَسْتَجِيبُ لِدَعْوَةٍ ... حَتَّى تَزُولَ شَوَامِخُ الْأَعْلَامِ [6]

    بِالْعَارِ وَالذُّلِّ الْمُبَيَّنِ إذْ [7] رَأَى ... بِيضَ السُّيُوفِ تَسُوقُ كُلَّ هُمَامِ [8]

    بِيَدَيْ أَغَرَّ إذَا انْتَمَى لَمْ يُخْزِهِ ... نَسَبُ الْقِصَارِ سَمَيْدَعٍ مِقْدَامِ [9]

    بِيضٌ إذَا لَاقَتْ حَدِيدًا صَمَّمَتْ ... كَالْبَرْقِ تَحْتَ ظِلَالِ كُلِّ غَمَامِ

    (شعر الحارث في الرد على حسان) :

    فَأَجَابَهُ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ، فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ هِشَامٍ، فَقَالَ:

    اللَّهُ أَعْلَمُ مَا تَرَكْتُ قِتَالَهُمْ ... حَتَّى حَبَوْا مُهْرِي بِأَشْقَرَ مُزْبِدِ [10]

    وَعَرَفْتُ أَنِّي إنْ أُقَاتِلْ وَاحِدًا ... أُقْتَلْ وَلَا يَنْكِي [11] عَدُوِّي مَشْهَدِي

    فَصَدَدْتُ عَنْهُمْ وَالْأَحِبَّةُ فِيهِمْ ... طَمَعًا لَهُمْ بِعِقَابِ يَوْمٍ مُفْسِدٍ [12]

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: قَالَهَا الْحَارِثُ يَعْتَذِرُ مِنْ فِرَارِهِ يَوْمَ بَدْرٍ.

    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: تَرَكْنَا مِنْ قَصِيدَةِ حَسَّانَ ثَلَاثَةَ أَبْيَاتٍ مِنْ آخِرِهَا، لِأَنَّهُ أَقْذَعَ فِيهَا [1] .

    (شعر لحسان فيها أيضا) :

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا:

    لَقَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ يَوْمَ بَدْرٍ ... غَدَاةَ الْأَسْرِ وَالْقَتْلِ الشَّدِيدِ

    بِأَنَّا حَيْنَ تَشْتَجِرُ الْعَوَالِي ... حُمَاةُ الْحَرْبِ يَوْمَ أَبِي الْوَلِيدِ [2]

    قَتَلْنَا ابْنَيْ رَبِيعَةَ يَوْمَ سَارا ... إلَيْنَا فِي مُضَاعَفَةِ الْحَدِيدِ [3]

    وَفَرَّ بِهَا حَكِيمٌ يَوْمَ جَالَتْ ... بَنُو النَّجَّارِ تَخْطِرُ كَالْأُسُودِ [4]

    وَوَلَّتْ عِنْدَ ذَاكَ جَمُوعُ فِهْرٍ ... وَأَسْلَمَهَا الْحُوَيْرِثُ مِنْ بِعِيدِ

    لَقَدْ لَاقَيْتُمْ ذُلًّا وَقَتْلًا ... جَهِيزًا نَافِذًا تَحْتَ الْوَرِيدِ [5]

    وَكُلُّ الْقَوْمِ قَدْ وَلَّوْا جَمِيعًا ... وَلَمْ يَلْوُوا عَلَى الْحَسَبِ التَّلِيدِ [6]

    وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا:

    يَا حَارِ قَدْ عَوَّلْتَ غَيْرَ مُعَوَّلٍ ... عِنْدَ الْهِيَاجِ وَسَاعَةَ الْأَحْسَابِ [7]

    إذْ تَمْتَطِي سُرُحَ الْيَدَيْنِ نَجِيبَةً ... مَرْطَى الْجِرَاءِ طَوِيلَةَ الْأَقْرَابِ [8]

    وَالْقَوْمُ خَلْفَكَ قَدْ تَرَكْتَ قِتَالَهُمْ ... تَرْجُو النَّجَاءَ وَلَيْسَ حَيْنَ ذَهَابِ

    أَلَّا عَطَفْتُ عَلَى ابْنِ أُمِّكَ إذْ ثَوَى [1] ... قَعْصَ الْأَسِنَّةِ ضَائِعَ الْأَسْلَابِ [2]

    عَجَّلَ الْمَلِيكُ لَهُ فَأَهْلَكَ جَمْعَهُ ... بِشَنَارِ مُخْزِيَةٍ وَسُوءِ عَذَابِ [3]

    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: تَرَكْنَا مِنْهَا بَيْتًا وَاحِدًا أَقْذَعَ فِيهِ.

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا:

    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيُقَالُ: بَلْ قَالَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ السَّهْمِيُّ [4] :

    مُسْتَشْعِرِي حَلَقِ الْمَاذِيِّ يَقْدُمُهُمْ ... جَلْدُ النَّحِيزَةِ مَاضٍ غَيْرُ رِعْدِيدِ [5]

    أَعْنِي رَسُولَ إلَهِ الْخَلْقِ [6] فَضَّلَهُ ... عَلَى الْبَرِّيَّةِ بِالتَّقْوَى وَبِالْجُودِ

    وَقَدْ زَعَمْتُمْ بِأَنْ تَحْمُوا ذِمَارَكُمْ ... وَمَاءُ بَدْرٍ زَعَمْتُمْ غَيْرُ مَوْرُودِ

    ثُمَّ وَرَدْنَا وَلَمْ نَسْمَعْ لِقَوْلِكُمْ ... حَتَّى شَرِبْنَا رَوَاءً غَيْرَ تَصْرِيدِ [7]

    مُسْتَعْصِمِينَ [8] بِحَبْلٍ غَيْرِ مُنْجَذِمٍ [9] ... مُسْتَحْكَمٍ مِنْ حِبَالِ اللَّهِ مَمْدُودِ

    فِينَا الرَّسُولُ وَفِينَا الْحَقُّ نَتْبَعُهُ ... حَتَّى الْمَمَاتِ وَنَصْرٌ غَيْرُ مَحْدُودِ [10]

    وَافٍ وَمَاضٍ شِهَابٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ ... بَدْرٌ أَنَارَ عَلَى كُلِّ الْأَمَاجِيدِ [11]

    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: بَيْتُهُ: «

    مُسْتَعْصِمِينَ بِحَبْلٍ غَيْرِ مُنْجَذِمٍ

    » عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا:

    خَابَتْ [1] بَنُو أَسَدٍ وَآبَ غُزِيِّهُمْ ... يَوْم القليب بسوأة وَفُضُوحِ [2]

    مِنْهُمْ أَبُو الْعَاصِي تَجَدَّلَ مُقْعَصًا ... عَنْ ظَهْرِ صَادِقَةِ النَّجَاءِ سَبُوحِ [3]

    حَيْنًا لَهُ مِنْ مَانِعٍ بِسِلَاحِهِ ... لَمَّا ثَوَى بِمَقَامِهِ الْمَذْبُوحِ

    وَالْمَرْءُ زَمْعَةُ قَدْ تَرَكْنَ وَنَحْرُهُ ... يَدْمَى بِعَانِدٍ مُعْبَطٍ مَسْفُوحِ [4]

    مُتَوَسِّدًا حُرَّ الْجَبِينِ مُعَفَّرًا ... قَدْ عُرَّ مَارِنُ أَنْفِهِ بِقُبُوحِ [5]

    وَنَجَا ابْنُ قَيْسٍ فِي بَقِيَّةَ رَهْطِهِ ... بِشَفَا الرِّمَاقِ مُوَلِّيًا بِجُرُوحِ [6]

    وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا:

    أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَتَى أَهْلَ مَكَّةَ ... إبَارَتُنَا الْكُفَّارَ فِي سَاعَةِ الْعُسْرِ [7]

    قَتَلْنَا سَرَاةَ الْقَوْمِ عِنْدَ مَجَالِنَا ... فَلَمْ يَرْجِعُوا إلَّا بِقَاصِمَةِ الظَّهْرِ [8]

    قَتَلْنَا أَبَا جَهْلٍ وَعُتْبَةَ قَبْلَهُ ... وَشَيْبَةُ يَكْبُو لِلْيَدَيْنِ وَلِلنَّحْرِ [9]

    قَتَلْنَا سُوَيْدًا ثُمَّ عُتْبَةَ بَعْدَهُ ... وَطُعْمَةَ أَيْضًا عِنْدَ [10] ثَائِرَةِ الْقَتْرِ [11]

    فَكَمْ قَدْ قَتَلْنَا مِنْ كَرِيمٍ مُرَزَّإٍ ... لَهُ حَسَبٌ فِي قَوْمِهِ نَابَهُ الذِّكْرُ

    تَرَكْنَاهُمْ لِلْعَاوِيَاتِ يَنُبْنَهُمْ ... وَيَصْلَوْنَ نَارًا بَعْدُ حَامِيَةَ الْقَعْرِ [12]

    لَعَمْرُكَ مَا حَامَتْ فَوَارِسُ مَالِكٍ ... وَأَشْيَاعُهُمْ يَوْمَ الْتَقَيْنَا عَلَى بَدْرٍ [1]

    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَنْشَدَنِي أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ بَيْتَهُ:

    قَتَلْنَا أَبَا جَهْلٍ وَعُتْبَةَ قَبْلَهُ ... وَشَيْبَةُ يَكْبُو لِلْيَدَيْنِ وَلِلنَّحْرِ

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا:

    نَجَّى حَكِيمًا يَوْمَ بَدْرٍ شَدُّهُ ... كَنَجَاءِ مُهْرٍ مِنْ بَنَاتِ الْأَعْوَجِ [2]

    لَمَّا رَأَى بَدْرًا تَسِيلُ جِلَاهُهُ ... بِكَتِيبَةٍ خَضْرَاءَ مِنْ بَلْخَزْرَجِ [3]

    لَا ينكلون إِذا لقرا [4] أَعْدَاءَهُمْ ... يَمْشُونَ عَائِدَةَ الطَّرِيقِ الْمَنْهَجِ [5]

    كَمْ فِيهِمْ مِنْ مَاجِدٍ ذِي مَنْعَةٍ [6] ... بَطَلٌ بِمَهْلَكَةِ الْجَبَانِ الْمُحْرَجِ [7]

    وَمُسَوَّدٍ يُعْطِي الْجَزِيلَ بِكَفِّهِ ... حَمَّالَ أَثْقَالِ الدِّيَاتِ مُتَوَّجٍ

    زَيْنِ النَّدِيِّ مُعَاوِدٍ يَوْمَ الْوَغَى ... ضَرْبَ الْكُمَاةِ بِكُلِّ أَبْيَضَ سَلْجَجِ [8]

    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: قَوْلُهُ سَلْجَجُ، عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ حَسَّانُ أَيْضًا:

    فَمَا نَخْشَى بِحَوْلِ [9] اللَّهِ قَوْمًا ... وَإِنْ كَثُرُوا وَأُجْمِعَتْ الزُّحُوفُ [10]

    إذَا مَا أَلَّبُوا جَمْعًا عَلَيْنَا ... كَفَانَا حَدَّهُمْ رَبٌّ رَءُوفٌ [1]

    سَمَوْنَا يَوْمَ بَدْرٍ بِالْعَوَالِي ... سِرَاعًا مَا تُضَعْضِعُنَا الْحُتُوفُ [2]

    فَلَمْ تَرَ عُصْبَةً فِي النَّاسِ أَنْكَى ... لِمَنْ عَادَوْا إذَا لَقِحَتْ كُشُوفٌ [3]

    وَلَكِنَّا تَوَكَّلْنَا وَقُلْنَا ... مَآثِرُنَا وَمَعْقِلُنَا السُّيُوفُ [4]

    لَقِينَاهُمْ بِهَا لَمَّا سَمَوْنَا ... وَنَحْنُ عِصَابَةٌ وَهُمْ أُلُوفٌ

    وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْضًا، يَهْجُو بَنِي جُمَحَ وَمَنْ أُصِيبَ مِنْهُمْ:

    جَمَحَتْ بَنُو جُمَحٍ لِشِقْوَةِ جَدِّهِمْ ... إنَّ الذَّلِيلَ مُوَكَّلٍ بِذَلِيلٍ [5]

    قُتِلَتْ بَنُو جُمَحٍ بِبَدْرٍ عَنْوَةً ... وَتَخَاذَلُوا سَعْيًا بِكُلِّ سَبِيلٍ [6]

    جَحَدُوا الْكِتَابَ وَكَذَّبُوا بِمُحَمَّدٍ ... وَاَللَّهُ يُظْهِرُ دِينَ كُلِّ رَسُولٍ

    لَعَنَ الْإِلَهُ أَبَا خُزَيْمَةَ وَابْنَهُ ... وَالْخَالِدَيْنِ، وَصَاعِدَ بْنَ عَقِيلٍ

    (شعر عبيدة بن الحارث في قطع رجله) :

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ فِي يَوْمِ بَدْرٍ، وَفِي قَطْعِ رِجْلِهِ حَيْنَ أُصِيبَتْ، فِي مُبَارَزَتِهِ هُوَ وَحَمْزَةُ وَعَلِيٌّ حِينَ بَارَزُوا عَدُوَّهُمْ- قَالَ ابْنُ هِشَامٍ، وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يُنْكِرُهَا لِعُبَيْدَةَ:

    سَتَبْلُغُ عَنَّا أَهْلَ مَكَّةَ وَقْعَةٌ ... يَهُبُّ لَهَا مَنْ كَانَ عَنْ ذَاكَ نَائِيًا [7]

    بِعُتْبَةَ إذْ وَلَّى وَشَيْبَةُ بَعْدَهُ ... وَمَا كَانَ فِيهَا بِكْرُ عُتْبَةَ رَاضِيًا [8]

    فَإِنْ تَقْطَعُوا رِجْلِي فَإِنَّى مُسْلِمٌ ... أُرَجِّي بِهَا عَيْشًا مِنْ اللَّهِ دَانِيًا

    مَعَ الْحُورِ أَمْثَالَ التَّمَاثِيلِ أُخْلِصَتْ ... مَعَ الْجَنَّةِ الْعُلْيَا لِمَنْ [1] كَانَ عَالِيًا [2]

    وَبِعْتُ بِهَا عَيْشًا تَعَرَّقْتُ صَفْوَهُ ... وَعَالَجْتُهُ حَتَّى فَقَدْتُ الْأَدَانِيَا [3]

    فَأَكْرَمَنِي الرَّحْمَنُ مِنْ فَضْلِ مَنِّهِ ... بِئَوْبٍ مِنْ الْإِسْلَامِ غَطَّى الْمُسَاوِيَا

    وَمَا كَانَ مَكْرُوهًا إلَيَّ قِتَالُهُمْ ... غَدَاةَ دَعَا الْأَكْفَاءَ مَنْ كَانَ دَاعِيًا

    وَلَمْ يَبْغِ إذْ سَالُوا النَّبِيَّ سَوَاءَنَا ... ثَلَاثَتنَا حَتَّى حَضَرْنَا الْمُنَادِيَا

    لَقِينَاهُمْ كَالْأُسْدِ تَخْطِرُ بِالْقَنَا ... نُقَاتِلُ فِي الرَّحْمَنِ مَنْ كَانَ عَاصِيَا

    فَمَا بَرِحَتْ أَقْدَامُنَا مِنْ مَقَامِنَا ... ثَلَاثَتُنَا حَتَّى أَزِيرُوا الْمَنَائِيَا [4]

    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: لَمَّا أُصِيبَتْ رِجْلُ عَبِيدَةَ قَالَ: أَمَا وَاَللَّهِ لَوْ أَدْرَكَ أَبُو طَالِبٍ هَذَا الْيَوْمَ لَعَلِمَ أَنِّي أَحَقُّ مِنْهُ بِمَا قَالَ حِينَ يَقُولُ:

    كَذَبْتُمْ وَبَيْتِ اللَّهِ يُبْزَى [5] مُحَمَّدٌ ... وَلَمَّا نُطَاعِنُ دُونَهُ وَنُنَاضِلْ

    وَنُسْلِمُهُ حَتَّى نُصَرَّعَ حَوْلَهُ ... وَنُذْهَلُ عَنْ أَبْنَائِنَا والحلائل

    وَهَذَا الْبَيْتَانِ فِي قَصِيدَةٍ لِأَبِي طَالِبٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِيمَا مَضَى مِنْ هَذَا الْكِتَابِ.

    (رثاء كعب لعبيدة بن الحارث) :

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا هَلَكَ عَبِيدَةُ بْنُ الْحَارِثِ مِنْ مُصَابِ رِجْلِهِ يَوْمَ بَدْرٍ.

    قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ يَبْكِيهِ:

    أَيَا عَيْنُ جُودِي وَلَا تَبْخَلِي ... بِدَمْعِكَ حَقَّا وَلَا تَنْزُرِي [6]

    عَلَى سَيِّدٍ هَدَّنَا هُلْكُهُ ... كَرِيمِ الْمَشَاهِدِ وَالْعُنْصُرِ

    جَرِيءِ الْمُقَدَّمِ شَاكِي السِّلَاحِ ... كَرِيمِ النَّثَا طَيِّبِ الْمَكْسِرِ [1]

    عَبِيدَةُ أَمْسَى وَلَا نَرْتَجِيهِ ... لِعُرْفٍ عَرَانَا وَلَا مُنْكِرِ

    وَقَدْ كَانَ يحمى غَدَاة الْقِتَال ... حَامِيَةَ الْجَيْشِ بِالْمُبْتَرِ [2]

    (شعر لكعب في بدر) :

    وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَيْضًا، فِي يَوْمِ بَدْرٍ:

    أَلَا هَلْ أَتَى غَسَّانَ فِي نَأْيِ دَارِهَا ... وَأَخْبَرُ شَيْءٍ بِالْأُمُورِ عَلِيمُهَا

    بِأَنْ قَدْ رَمَتْنَا عَنْ قِسِيٍّ عَدَاوَةٍ ... مُعَدٍّ مَعًا جُهَّالُهَا وَحَلِيمُهَا [3]

    لِأَنَّا عَبَدْنَا اللَّهَ لَمْ نَرْجُ غَيْرَهُ ... رَجَاءَ الْجِنَانِ إذْ أَتَانَا زَعِيمُهَا [4]

    نَبِيٌّ لَهُ فِي قَوْمِهِ إرْثُ عِزَّةٍ [5] ... وَأَعْرَاقُ صِدْقٍ هَذَّبَتْهَا أُرُومُهَا [6]

    فَسَارُوا وَسِرْنَا فَالْتَقَيْنَا كَأَنَّنَا ... أُسُودُ لِقَاءٍ لَا يُرَجَّى كَلِيمُهَا [7]

    ضَرَبْنَاهُمْ حَتَّى هَوَى فِي مَكَرِّنَا ... لِمَنْخِرِ [8] سَوْءٍ مِنْ لُؤَيٍّ عَظِيمُهَا

    فَوَلَّوْا وَدُسْنَاهُمْ بِبِيضِ صَوَارِمِ ... سَوَاءٌ عَلَيْنَا حِلْفُهَا وَصَمِيمُهَا [9]

    وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَيْضًا:

    لَعَمْرُ أَبِيكُمَا يَا بَنِي لُؤَيٍّ ... عَلَى زَهْوٍ. لَدَيْكُمْ وَانْتِخَاءِ [10]

    لَمَا حَامَتْ فَوَارِسُكُمْ بِبَدْرٍ ... وَلَا صَبَرُوا بِهِ عِنْدَ اللِّقَاءِ [1]

    وَرَدْنَاهُ بِنُورِ اللَّهِ يَجْلُو ... دُجَى الظَّلْمَاءِ عَنَّا وَالْغِطَاءِ

    رَسُولُ اللَّهِ يَقْدُمُنَا بِأَمْرٍ ... مِنْ أَمْرِ اللَّهِ أُحْكِمَ بِالْقَضَاءِ

    فَمَا ظَفَرَتْ فَوَارِسُكُمْ بِبَدْرِ ... وَمَا رَجَعُوا إلَيْكُمْ بِالسَّوَاءِ

    فَلَا تَعْجَلْ أَبَا سُفْيَانَ وَارْقُبْ ... جِيَادَ الْخَيْلِ تَطْلُعُ مِنْ كَدَاءِ [2]

    بِنَصْرِ اللَّهِ رُوحُ الْقُدْسِ فِيهَا ... وَمِيكَالُ، فَيَا طِيبَ الْمَلَاءِ [3]

    (شعر طالب في مدح الرسول وبكاء أصحاب القليب) :

    وَقَالَ طَالِبُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، يَمْدَحُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَبْكِي أَصْحَابَ الْقَلِيبِ مِنْ قُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْرٍ:

    أَلَا إنَّ عَيْنِي أَنْفَدَتْ دَمْعَهَا سَكْبًا ... تُبَكِّي عَلَى كَعْبٍ وَمَا إنْ تَرَى كَعْبَا

    أَلَا إنَّ كَعْبًا فِي الْحُرُوبِ تَخَاذَلُوا ... وَأَرْدَاهُمْ [4] ذَا الدَّهْرُ وَاجْتَرَحُوا ذَنْبًا،

    وَعَامِرٌ تَبْكِي للملمّات غدْوَة ... فيا لَيْت شِعْرِي هَلْ أَرَى لَهُمَا قُرْبًا

    هُمَا أَخَوَايَ لَنْ يُعَدَّا لِغَيَّةِ ... تُعَدُّ وَلَنْ يُسْتَامُ جَارُهُمَا غَصْبَا [5]

    فَيَا أَخَوَيْنَا عَبْدَ شمس ونوفلا ... فدى لَكُمَا لَا تَبْعَثُوا بَيْنَنَا حَرْبًا

    وَلَا تُصْبِحُوا مِنْ بَعْدِ وُدٍّ وَأُلْفَةٍ ... أَحَادِيثَ فِيهَا كُلُّكُمْ يَشْتَكِي النَّكْبَا [6]

    أَلَمْ تَعْلَمُوا مَا كَانَ فِي حَرْبِ دَاحِسٍ ... وَجَيْشِ أَبِي يَكْسُومٍ إذْ مَلَئُوا الشِّعْبَا [7]

    فَلَوْلَا دِفَاعُ اللَّهِ لَا شَيْءَ غَيْرُهُ ... لَأَصْبَحْتُمْ لَا تَمْنَعُونَ لَكُمْ سِرْبًا [8]

    فَمَا إنْ جَنِينا فِي قُرَيْش عَظِيمَةً ... سِوَى أَنْ حَمَيْنَا خَيْرَ مَنْ وَطِئَ التُّرْبَا

    أَخَا ثِقَةٍ فِي النَّائِبَاتِ مُرَزَّأً ... كَرِيمًا نَثَاهُ لَا بَخِيلًا وَلَا ذَرْبًا [1]

    يُطِيفُ بِهِ الْعَافُونَ يَغْشَوْنَ بَابَهُ [2] ... يَؤُمُّونَ [3] بَحْرًا لَا نَزُورًا وَلَا صربا [4]

    فو الله لَا تَنْفَكُّ نَفْسِي حَزِينَةً ... تَمَلْمُلُ حَتَّى تَصْدُقُوا الْخَزْرَجَ الضَّرْبَا [5]

    (شعر ضرار في رثاء أبى جهل) :

    وَقَالَ ضِرَارُ بْنُ الْخَطَّابِ الْفِهْرِيُّ، يَرْثِي أَبَا جَهْلٍ:

    أَلَا مَنْ لَعَيْنٍ بَاتَتْ اللَّيْلَ لَمْ تَنَمْ ... تُرَاقِبُ نَجْمًا فِي سَوَادٍ مِنْ [6] الظُّلَمْ

    كَأَنَّ قَذًى فِيهَا وَلَيْسَ بِهَا قَذًى ... سِوَى عَبْرَةٍ مِنْ جَائِلِ الدَّمْعِ تَنْسَجِمْ [7]

    فَبَلِّغْ قُرَيْشًا أَنَّ خَيْرَ نَدِيِّهَا ... وَأَكْرَمَ مَنْ يَمْشِي بِسَاقٍ عَلَى قَدَمْ [8]

    ثَوَى يَوْمَ بَدْرٍ رَهْنَ خَوْصَاءَ رَهْنُهَا ... كَرِيمُ الْمَسَاعِي غَيْرُ وَغْدٍ وَلَا بَرَمْ [9]

    فَآلَيْتُ لَا تَنْفَكُّ [10] عَيْنَيَّ بِعَبْرَةٍ ... عَلَى هَالِكٍ بَعْدَ الرَّئِيسِ أَبِي الْحَكَمْ

    عَلَى هَالِكٍ أَشْجَى لُؤَيَّ بْنَ غَالِبٍ ... أَتَتْهُ الْمَنَايَا يَوْمَ بَدْرٍ فَلَمْ يَرِمْ [11]

    تَرَى كِسَرَ الْخَطَّيَّ فِي نَحْرِ مُهْرِهِ ... لَدَى بَائِنٍ مِنْ لَحْمِهِ بَيْنَهَا خِذَمْ [12]

    وَمَا كَانَ لَيْثٌ سَاكِنٌ بَطْنَ بِيشَةٍ ... لَدَى غَلَلٍ يَجْرِي بِبَطْحَاءَ فِي أَجَمْ [13]

    بِأَجْرَأَ مِنْهُ حِينَ تَخْتَلِفُ الْقَنَا ... وَتُدْعَى نَزَالِ فِي الْقَمَاقِمَةِ الْبُهَمْ [1]

    فَلَا تَجْزَعُوا آلَ الْمُغِيرَةِ وَاصْبِرُوا ... عَلَيْهِ وَمَنْ يَجْزَعْ عَلَيْهِ فَلَمْ يُلَمْ [2]

    وَجِدُّوا فَإِنَّ الْمَوْتَ مَكْرُمَةٌ لَكُمْ ... وَمَا بَعْدَهُ فِي آخِرِ الْعَيْشِ مِنْ نَدَمْ

    وَقَدْ قُلْتُ إنَّ الرِّيحَ طَيِّبَةٌ لَكُمْ ... وَعِزَّ الْمَقَامِ غَيْرُ شَكٍّ لِذِي فَهَمْ [3]

    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يُنْكِرُهَا لِضِرَارٍ.

    (شعر الحارث بن هشام في رثاء أبى جهل) :

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ، يَبْكِي أَخَاهُ أَبَا جَهْلٍ:

    أَلَا يَا لَهْفَ نَفْسِي بَعْدَ عَمْرٍو ... وَهَلْ يُغْنِي التَّلَهُّفُ مِنْ قَتِيلِ [4]

    يُخْبِرُنِي الْمُخَبِّرُ أَنَّ عَمْرًا ... أَمَامَ الْقَوْمِ فِي جَفْرٍ [5] مُحِيلِ [6]

    فَقِدْمًا كُنْتُ أَحْسِبُ ذَاكَ حَقَّا ... وَأَنْتَ لِمَا تَقَدَّمَ غَيْرُ فِيلِ [7]

    وَكُنْتُ بِنِعْمَةِ مَا دُمْتَ حَيًّا ... فَقَدْ خُلِّفْتُ فِي درج المسيل [8]

    كأنى حِينَ أُمْسِي لَا أَرَاهُ ... ضَعِيفُ الْعَقْدِ ذُو هَمٍّ طَوِيلِ [9]

    عَلَى عَمْرٍو إذَا أَمْسَيْتُ يَوْمًا ... وَطَرْفٌ مَنْ تَذَكُّرِهِ كَلِيلِ

    قَالَ ابْنُ هِشَامِ: وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يُنْكِرُهَا لِلْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، وَقَوْلُهُ:

    «فِي جَفْرٍ» عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.

    (شعر ابن الأسود في بكاء قتلى بدر) :

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ شُعُوبٍ اللَّيْثِيُّ، وَهُوَ شَدَّادُ ابْن الْأَسْوَدِ:

    تُحَيِّي بِالسَّلَامَةِ أُمُّ بَكْرٍ ... وَهَلْ لِي بَعْدَ قَوْمِي مِنْ سَلَامِ

    فَمَاذَا بِالْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ ... مِنْ الْقَيْنَاتِ وَالشَّرْبِ الْكِرَامِ [1]

    وَمَاذَا بِالْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ ... مِنْ الشِّيزَى تُكَلَّلُ بِالسَّنَامِ [2]

    وَكَمْ لَكِ بِالطَّوِيِّ طَوِيِّ بَدْرٍ ... مِنْ الْحَوْمَاتِ وَالنَّعَمِ الْمُسَامِ [3]

    وَكَمْ لَكِ بِالطَّوِيِّ طَوِيِّ بَدْرٍ ... مِنْ الْغَايَاتِ وَالدُّسُعِ الْعِظَامِ [4]

    وَأَصْحَابِ الْكَرِيمِ أَبِي عَلِيٍّ ... أَخِي الْكَاسِ الْكَرِيمَةِ وَالنِّدَامِ

    وَإِنَّكَ لَوْ رَأَيْتَ أَبَا عَقِيلٍ ... وَأَصْحَابَ الثَّنِيَّةِ مِنْ نَعَامِ [5]

    إِذا لَظَلِلْتَ مِنْ وَجْدٍ عَلَيْهِمْ ... كَأُمِّ السَّقْبِ جَائِلَةِ الْمَرَامِ [6]

    يُخَبِّرُنَا الرَّسُولُ لَسَوْفَ نَحْيَا ... وَكَيْفَ لِقَاءُ أَصْدَاءٍ وَهَامِ؟ [7]

    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَنْشَدَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ النَّحْوِيُّ:

    يُخَبِّرُنَا الرَّسُولُ بِأَنْ سَنَحْيَا ... وَكَيْفَ حَيَاةُ أَصْدَاءٍ وَهَامِ

    قَالَ: وَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ.

    (شعر أمية بن أبى الصلت في رثاء قتلى بدر) :

    وَقَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ، يَرْثِي مَنْ أُصِيبَ مِنْ قُرَيْشٍ يَوْمَ بَدْرٍ:

    أَلَّا بَكَيْتِ على الْكِرَام ... بَنِي الْكِرَامِ أُولِي الْمَمَادِحْ

    كَبُكَا الْحمام على فروع ... الْأَيْكِ فِي الْغُصْنِ الْجَوانِحْ [1]

    يبْكين حرّى مستكينا ... ت [2] يَرُحْنَ مَعَ [3] الرّوائح

    أمثالهنّ الباكيات ... الْمُعْوِلَاتُ مِنْ النَّوَائِحْ [4]

    مَنْ يَبْكِهِمْ يَبْكِ عَلَى ... حُزْنٍ وَيَصْدُقُ كُلَّ مَادِحْ

    مَاذَا ببدر فالعقنقل ... مِنْ مَرَازِبَةٍ جَحَاجِحْ [5]

    فمدافع البرقين ... فالحنان مِنْ طَرَفِ الْأَوَاشِحْ [6]

    شُمْطٍ وَشُبَّانٍ بِهَا ... لَيْلٍ مَغَاوِيرَ وَحَاوِحْ [7]

    أَلَا تَرَوْنَ لِمَا أَرَى ... وَلَقَدْ أَبَانَ لِكُلِّ لَامِحْ

    أَنْ قَدْ تَغَيَّرَ بَطْنُ مَكَّةَ ... فَهِيَ مُوحِشَةُ الْأَبَاطِحْ

    مِنْ كُلِّ بِطْرِيقٍ لِبِطْرِيقٍ ... نَقِيِّ الْقَوْنِ وَاضِحْ [8]

    دعموص أَبْوَاب الْمُلُوك ... وَجَائِبٌ لِلْخَرْقِ فَاتِحْ [9]

    من السّراطمة [1] الخلاجمة ... الْمَلَاوِثَةِ الْمَنَاجِحْ [2]

    الْقَائِلِينَ الْفَاعِلِينَ ... الْآمِرِينَ بِكُلِّ صَالِحْ

    الْمُطْعِمِينَ الشَّحْمَ فَوْ ... قَ الْخُبْزِ شَحْمًا كَالْأَنَافِحْ [3]

    نُقُلُ الجفان مَعَ الْجِفَانِ ... إلَى جِفَانٍ كَالْمَنَاضِحْ [4]

    لَيْسَتْ بأصفار لمن ... يعفوه [5] وَلَا رَحَّ رَحَارِحْ [6]

    لِلضَّيْفِ ثُمَّ الضَّيْفِ بَعْدَ ... [الضَّيْفِ] [7] وَالْبُسُطِ السَّلَاطِحْ [8]

    وُهُبُ الْمِئيِنَ مِنْ الْمِئيِنَ ... إلَى الْمِئيِنَ مِنْ اللَّوَاقِحْ [9]

    سَوْقُ الْمُؤَبَّلِ لِلْمُؤَبَّلِ ... صَادِرَاتٌ عَنْ بَلَادِحْ [10]

    لكرامهم فَوق الْكِرَام ... مَزِيَّةٌ وَزْنَ الرَّوَاجِحْ

    كَتَثَاقُلِ [11] الْأَرْطَالِ بِالْقِسْطَاسِ ... [12] فِي الْأَيْدِي [13] الْمَوَائِحْ [14]

    خَذَلَتْهُمْ فِئَةٌ وَهُمْ ... يَحْمُونَ عَوْرَاتِ الْفَضَائِحْ

    الضَّارِبِينَ التَّقُدُمِيَّةَ ... بِالْمُهَنَّدَةِ الصَّفَائِحْ [1]

    وَلَقَدْ عَنَانِي صَوْتُهُمْ ... مِنْ بَيْنِ مُسْتَسْقٍ وَصَائِحْ [2]

    للَّه درّ بنى ... عليّ أَيِّمٍ مِنْهُمْ وَنَاكِحْ [3]

    إنْ لَمْ يُغِيرُوا غَارَةً ... شَعْوَاءَ تُجْحِرُ [4] كُلَّ نابح

    بالمقربات، المبعدات ... ، الطَّامِحَاتِ مَعَ الطَّوَامِحْ [5]

    مُرْدًا عَلَى جُرْدٍ إلَى ... أَسَدٍ مُكَالِبَةٍ كَوَالِحْ [6]

    وَيُلَاقِ قِرْنٌ قِرْنَهُ ... مَشْيَ الْمُصَافِحِ لِلْمُصَافِحْ [7]

    بِزُهَاءِ أَلْفٍ ثُمَّ أَلْفٍ ... بَيْنَ ذِي بَدَنٍ وَرَامِحْ [8]

    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: تَرَكْنَا مِنْهَا بَيْتَيْنِ نَالَ فِيهِمَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَنْشَدَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ بَيْتَهُ:

    وَيُلَاقِ قِرْنٌ قِرْنَهُ ... مَشْيَ الْمُصَافِحِ لِلْمُصَافِحْ

    وَأَنْشَدَنِي أَيْضًا [9] :

    وُهُبُ الْمِئيِنَ مِنْ الْمِئيِنَ ... إلَى المئين من الدّواقح

    سَوْقُ الْمُؤَبَّلِ لِلْمُؤَبَّلِ ... صَادِرَاتٌ عَنْ بَلَادِحْ

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ، يَبْكِي زَمْعَةَ بْنَ الْأَسْوَدِ، وَقَتْلَى بَنِي أَسَدٍ:

    عَيْنُ بَكِّي بالمسبلات أَبَا ... الْحَارِث لَا تَذْخَرِي عَلَى زَمْعَهْ [1]

    وَابْكِي عَقِيلَ بْنَ أسود أَسد ... الْبَأْس ليَوْم الْهِيَاجِ وَالدَّفَعَهْ [2]

    تِلْكَ بَنُو أَسد إخْوَة الجوزاء ... لَا خَانَةٌ وَلَا خَدَعَهْ [3]

    هُمْ الْأُسْرَةُ الْوَسِيطَةُ مِنْ كَعْبٍ ... وَهُمْ ذِرْوَةُ السَّنَامِ وَالْقَمَعَهْ [4]

    أَنْبَتُوا مِنْ معاشر شعر ... الرَّأْس وَهُمْ أَلْحَقُوهُمْ الْمَنَعَهْ

    أَمْسَى بَنُو عَمِّهِمْ إِذا حضر الْبَأْس ... أَكْبَادُهُمْ عَلَيْهِمْ وَجِعَهْ

    وَهُمْ الْمُطْعِمُونَ إِذْ قحط الْقطر ... وَحَالَتْ فَلَا تَرَى قَزَعَهْ [5]

    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ لِهَذَا الشِّعْرِ مُخْتَلِطَةٌ، لَيْسَتْ بِصَحِيحَةِ الْبِنَاءِ، لَكِنْ أَنْشَدَنِي أَبُو مُحْرِزٍ خَلَفُ الْأَحْمَرُ وَغَيْرُهُ، رَوَى بَعْضٌ مَا لَمْ يَرْوِ بَعْضٌ:

    عَيْنُ بَكِّي بالمسبلات أَبَا ... الْحَارِث لَا تَذْخَرِي عَلَى زَمْعَهْ

    وَعَقِيلَ بْنَ أسود أَسد الْبَأْس ... لِيَوْمِ الْهِيَاجِ وَالدَّفَعَهْ

    فَعَلَى مِثْلِ هلكهم خوت الجوزاء ... ، لَا خَانَةٌ وَلَا خَدَعَهْ

    وهُمْ الْأُسْرَةُ الْوَسِيطَةُ مِنْ كَعْبٍ ... ، وَفِيهِمْ كَذِرْوَةِ الْقَمَعَهْ

    أَنْبَتُوا مِنْ معاشر شعر الرَّأْس ... ، وَهُمْ أَلْحَقُوهُمْ الْمَنَعَهْ

    فَبَنُو عَمِّهِمْ إِذا حضر الْبَأْس ... عَلَيْهِمْ أَكْبَادُهُمْ وَجِعَهْ

    وَهُمْ الْمُطْعِمُونَ إذْ قَحَطَ الْقَطْرُ ... وَحَالَتْ فَلَا تَرَى قَزَعَهْ

    (شعر أبى أسامة) :

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ، مُعَاوِيَةُ بْنُ زُهَيْرِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الْحَارِثِ

    ابْن سَعْدِ بْنِ ضُبَيْعَةَ بْنِ مَازِنٍ بْنِ عَدِيِّ بْنِ جُشَمَ بْنِ مُعَاوِيَةَ حَلِيفُ بَنِي مَخْزُومٍ- قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَكَانَ مُشْرِكًا وَكَانَ مَرَّ بهُبَيْرَةَ بْنِ أَبِي وَهْبٍ [1] وَهُمْ مُنْهَزِمُونَ يَوْمَ بَدْرٍ، وَقَدْ أَعْيَا هُبَيْرَةُ، فَقَامَ فَأَلْقَى عَنْهُ دِرْعَهُ وَحَمَلَهُ فَمَضَى بِهِ، قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَهَذِهِ أَصَحُّ أَشْعَارِ أَهْلِ بَدْرٍ:

    وَلَمَّا أَنْ رَأَيْتُ الْقَوْمَ خَفُّوا ... وَقَدْ زَالَتْ [2] نَعَامَتُهُمْ لِنَفْرِ

    وَأَنْ تُرِكَتْ سَرَاةُ الْقَوْمِ صَرْعَى ... كَأَنَّ خِيَارَهُمْ أَذْبَاحُ عِتْرِ [3]

    وَكَانَتْ جُمَّةٌ [4] وَافَتْ حِمَامًا ... وَلُقِّينَا الْمَنَايَا يَوْمَ بَدْرِ

    نَصُدُّ عَنْ الطَّرِيقِ وَأَدْرَكُونَا ... كَأَنَّ زُهَاءَهُمْ غَطَيَانُ بَحْرِ [5]

    وَقَالَ الْقَائِلُونَ: مَنْ ابْنُ قَيْسٍ؟ ... فَقُلْتُ: أَبُو أُسَامَةَ، غَيْرَ فَخْرِ

    أَنَا الْجُشَمِيُّ كَيْمَا تَعْرِفُونِي ... أُبَيِّنْ نِسْبَتِي نَقْرًا بِنَقْرِ [6]

    فَإِنْ تَكُ فِي الْغَلَاصِمِ مِنْ قُرَيْشٍ ... فَإِنِّي مِنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ [7]

    فَأَبْلِغْ مَالِكًا لَمَّا غُشِينَا ... وَعِنْدَكَ مَالِ- إنْ نَبَّأْتَ- خُبْرَى [1]

    وَأَبْلِغْ إنْ بَلَغْتَ [2] الْمَرْءَ عَنَّا ... هُبَيْرَةَ، وَهُوَ ذُو عِلْمٍ وَقَدْرِ

    بِأَنِّي إذْ دُعِيتُ إلَى أُفَيْدٍ ... كَرَرْتُ وَلَمْ يَضِقْ بِالْكَرِّ صَدْرِي [3]

    عَشِيَّةً لَا يَكَرُّ عَلَى مُضَافٍ ... وَلَا ذِي نَعْمَةٍ مِنْهُمْ وَصِهْرِ [4]

    فَدُونَكُمْ بَنِي لَأْيٍ أَخَاكُمْ ... وَدُونَكِ مَالِكًا يَا أُمَّ عَمْرِو [5]

    فَلَوْلَا مَشْهَدِي قَامَتْ عَلَيْهِ ... مُوَقَّفَةُ الْقَوَائِمِ أُمُّ أَجْرِي [6]

    دَفُوعٌ لِلْقُبُورِ بِمَنْكِبَيْهَا ... كَأَنَّ بِوَجْهِهَا تَحْمِيمَ قَدْرِ [7]

    فَأُقْسِمُ بِاَلَّذِي قَدْ كَانَ رَبِّي ... وَأَنْصَابٍ لَدَى الْجَمَرَاتِ مُغْرِ [8]

    لَسَوْفَ تَرَوْنَ مَا حَسَبِي إذَا مَا ... تَبَدَّلَتْ الْجُلُودُ جُلُودَ نِمْرِ

    فَمَا إنْ خَادِرٌ مِنْ أُسْدِ تَرْجِ ... مُدِلٌّ عَنْبَسٌ فِي الْغَيْلِ مُجْرِي [9]

    فَقَدْ أَحْمِي الْأَبَاءَةَ مِنْ كُلَافِ [10] ... فَمَا يَدْنُو لَهُ أَحَدٌ بِنَقْرِ [11]

    بِخَلٍّ تَعْجِزُ الْحُلَفَاءُ عَنْهُ ... يُوَاثِبُ كُلَّ هَجْهَجَةٍ وَزَجْرِ [1]

    بِأَوْشَكَ سَوْرَةً مِنِّي إذَا مَا ... حَبَوْتُ لَهُ بِقَرْقَرَةٍ وَهَدْرِ [2]

    بِبِيضٍ كَالْأَسِنَّةِ مُرْهِفَاتٍ ... كَأَنَّ ظُبَاتِهِنَّ جَحِيمِ جَمْرِ [3]

    وَأَكْلَفُ مُجْنَإِ مِنْ جِلْدِ ثَوْرٍ ... وَصَفْرَاءِ الْبُرَايَةِ ذَاتِ أَزْرِ [4]

    وَأَبْيَضَ كَالْغَدِيرِ ثَوَى عَلَيْهِ ... عُمَيْرٌ بِالْمَدَاوِسِ نِصْفَ شَهْرِ [5]

    أُرَفِّلُ فِي حَمَائِلِهِ وَأَمْشِي ... كَمِشْيَةِ خَادِرٍ لَيْث سبطر [6]

    بقول لِي الْفَتَى سَعْدٌ هَدِيَّا ... فَقُلْتُ: لَعَلَّهُ تَقْرِيبُ غَدْرِ [7]

    وَقُلْتُ أَبَا عَدِيٍّ لَا تَطُرْهُمْ ... وَذَلِكَ إنْ أَطَعْتَ الْيَوْمَ أَمْرِي [8]

    كَدَأْبِهِمْ بِفَرْوَةَ إذْ أَتَاهُمْ ... فَظَلَّ يُقَادُ مَكْتُوفًا بِضَفْرِ [9]

    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَأَنْشَدَنِي أَبُو مُحْرِزٍ خَلَفُ الْأَحْمَرُ:

    نَصُدُّ عَنْ الطَّرِيقِ وَأَدْرَكُونَا ... كَأَنَّ سِرَاعَهُمْ تَيَّارُ بَحْرِ

    وَقَوْلُهُ: -

    مُدَلٍّ عَنْبَسٌ فِي الْغَيْلِ مُجْرِي

    - عَنْ غَيْرِ ابْنِ إسْحَاقَ.

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ أَبُو أَسَامَّةَ أَيْضًا:

    أَلَا مِنْ مُبَلَّغٌ عَنِّي رَسُولًا ... مُغَلْغَلَةً يُثَبِّتُهَا لَطِيفُ [1]

    أَلَمْ تَعْلَمْ مَرَدِّي يَوْمَ بَدْرٍ ... وَقَدْ بَرَقَتْ بِجَنْبَيْكَ الْكُفُوفُ [2]

    وَقَدْ تُرِكَتْ سَرَاةُ الْقَوْمِ صَرْعَى ... كَأَنَّ رُءُوسَهُمْ حَدَجٌ نَقِيفُ [3]

    وَقَدْ مَالَتْ عَلَيْكَ بِبَطْنِ بَدْرٍ ... خِلَافَ الْقَوْمِ دَاهِيَةٌ خَصِيفُ [4]

    فَنَجَّاهُ مِنْ الْغَمَرَاتِ عَزْمِي ... وَعَوْنُ اللَّهِ وَالْأَمْرُ الْحَصِيفُ

    وَمُنْقَلَبِي مِنْ الْأَبْوَاءِ وَحْدِي ... وَدُونَكَ جَمْعُ أَعْدَاءٍ وُقُوفُ [5]

    وَأَنْتَ لِمَنْ أَرَادَكَ مُسْتَكِينٌ ... بِجَنْبِ كُرَاشٍ مَكْلُومٌ نَزِيفُ [6]

    وَكُنْتُ إذَا دَعَانِي يَوْمَ كَرْبٍ ... مِنْ الْأَصْحَابِ دَاعٍ مُسْتَضِيفُ [7]

    فَأَسْمَعَنِي وَلَوْ أَحْبَبْتُ نَفْسِي ... أَخٌ فِي مِثْلِ ذَلِكَ أَوْ حَلِيفُ

    أَرُدُّ فَأَكْشِفُ الْغُمَّى وَأَرْمِي ... إذَا كَلَحَ الْمَشَافِرُ وَالْأُنُوفُ [8]

    وَقِرْنٍ قَدْ تَرَكَتْ عَلَى يَدَيْهِ ... يَنُوءُ كَأَنَّهُ غُصْنٌ قَصِيفُ [9]

    دَلَفْتُ لَهُ إذْ اخْتَلَطُوا بِحَرَّى ... مُسْحْسَحَةٍ لِعَانِدِهَا حَفِيفُ [10]

    فَذَلِكَ كَانَ صَنْعِي يَوْمَ بَدْرٍ ... وَقَبْلُ أَخُو مُدَارَاةَ عَزُوفُ [1]

    أَخُوكُمْ فِي السِّنِينَ كَمَا عَلِمْتُمْ ... وَحَرْبٍ لَا يَزَالُ لَهَا صَرِيفُ [2]

    وَمِقْدَامٌ لَكُمْ لَا يَزْدَهِينِي ... جَنَانُ اللَّيْلِ وَالْأَنَسُ اللَّفِيفُ [3]

    أَخُوضُ الصَّرَّةَ [4] الْجَمَّاءَ [5] خَوْضًا ... إذَا مَا الْكَلْبُ أَلْجَأَهُ الشَّفِيفُ [6]

    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: تَرَكْتُ قَصِيدَةً لِأَبِي أُسَامَةَ عَلَى اللَّامِّ، لَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ بَدْرٍ إلَّا فِي أَوَّلِ بَيْتٍ مِنْهَا وَالثَّانِي، كَرَاهِيَةَ الْإِكْثَارِ.

    (شعر هند بنت عتبة) :

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ تَبْكِي أَبَاهَا يَوْمَ بَدْرٍ:

    أَعَيْنَيَّ جُودَا بِدَمْعٍ سَرِبْ ... عَلَى خَيْرِ خِنْدِفَ لَمْ يَنْقَلِبْ

    تَدَاعَى لَهُ رَهْطُهُ غُدْوَةً ... بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبْ

    يُذِيقُونَهُ حَدَّ أَسْيَافِهِمْ ... يَعُلُّونَهُ بَعْدَ مَا قَدْ عَطِبْ

    يَجُرُّونَهُ وَعَفِيرُ التُّرَابِ ... عَلَى وَجْهِهِ عَارِيًا قَدْ سُلِبْ

    وَكَانَ لَنَا جَبَلًا رَاسِيًا ... جَمِيلَ الْمَرَاةِ كثير العشب [7]

    وأمّا [8] بُرَيٌّ فَلَمْ أَعْنِهِ ... فَأُوتِيَ مِنْ خَيْرِ مَا يَحْتَسِبْ [9]

    وَقَالَتْ هِنْدُ أَيْضًا:

    يَرِيبُ علينا دَهْرنَا فيسوؤنا ... وَيَأْبَى فَمَا نَأْتِي بِشَيْءِ يُغَالِبُهْ

    أَبَعْدَ قَتِيلٍ مِنْ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ ... يُرَاعَ أَمْرٌ وَإِن مَاتَ أَوْ مَاتَ صَاحِبُهْ

    أَلَا رُبَّ يَوْمٍ [1] قَدْ رُزِئْتُ مُرَزَّأً ... تَرُوحُ وَتَغْدُو بِالْجَزِيلِ مُوَاهِبُهُ

    فَأَبْلِغْ أَبَا سُفْيَانَ عَنِّي مَأْلُكًا ... فَإِنْ أَلْقَهُ يَوْمًا فَسَوْفَ أُعَاتِبُهْ [2]

    فَقَدْ كَانَ حَرْبٌ يَسْعَرُ الْحَرْبَ إنَّهُ ... لِكُلِّ امْرِئِ فِي النَّاسِ مَوْلًى يُطَالِبُهُ [3]

    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يُنْكِرُهَا لِهِنْدٍ.

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَتْ هِنْدُ أَيْضًا:

    للَّه عَيْنًا مَنْ رَأَى ... هُلْكًا كَهُلْكِ رِجَاليهْ

    يَا رُبَّ [4] بَاكٍ لِي غَدًا ... فِي النَّائِبَاتِ وَبَاكِيَهْ

    كَمْ غادروا يَوْم القليب ... غَدَاةَ تِلْكَ الْوَاعِيَهْ [5]

    مِنْ كُلِّ غيث فِي السّنين ... إذَا الْكَوَاكِبُ خَاوِيَهْ [6]

    قَدْ كُنْتُ أُحْذَرُ مَا أَرَى ... فَالْيَوْمُ حَقٌّ حَذَارِيَهْ

    قَدْ كُنْتُ أَحْذَرُ مَا أَرَى ... فَأَنَا الْغَدَاةَ مُوَامِيَهْ [7]

    يَا رُبَّ قَائِلَةٍ غَدًا ... يَا وَيْحَ أُمَّ مُعَاوِيَهْ

    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يُنْكِرُهَا لِهِنْدٍ.

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَتْ هِنْدُ أَيْضًا:

    يَا عَيْنُ بَكِّي عُتْبَهْ ... شَيْخًا شَدِيدَ الرَّقَبَهْ [1]

    يُطْعِمُ يَوْمَ الْمَسْغَبَهْ ... يَدْفَعُ يَوْمَ الْمَغْلَبَهْ [2]

    إنِّي عَلَيْهِ حَرِبَهْ ... مَلْهُوفَةٌ مُسْتَلَبَهْ [3]

    لَنَهْبِطَنَّ يَثْرِبَهْ ... بِغَارَةٍ مُنْثَعِبَهْ [4]

    فِيهَا الْخُيُولُ مُقْرَبَهْ ... كُلُّ جَوَادٍ سَلْهَبَهْ [5]

    (شعر صفية) :

    وَقَالَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ مُسَافِرِ بْنِ أَبِي عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، تَبْكِي أَهْلَ الْقَلِيبِ الَّذِينَ أُصِيبُوا يَوْمَ بَدْرٍ مِنْ قُرَيْشٍ: (وَتَذْكُرُ مُصَابَهُمْ) [6] :

    يَا مَنْ لِعَيْنٍ قَذَاهَا عَائِرُ الرَّمَدِ ... حَدَّ النَّهَارِ وَقَرْنُ الشَّمْسِ لَمْ يَقِدْ [7]

    أُخْبِرْتُ أَنَّ سَرَاةَ الْأَكْرَمِينَ مَعًا ... قَدْ أَحْرَزَتْهُمْ مَنَايَاهُمْ إلَى أَمَدِ

    وَفَرَّ بِالْقَوْمِ أَصْحَابُ الرِّكَابِ وَلَمْ ... تَعْطِفْ غَدَاتَئِذٍ أُمٌّ عَلَى وَلَدِ

    قَوْمِي صَفِيَّ وَلَا تَنْسَى قَرَابَتَهُمْ ... وَإِنْ بَكَيْتِ فَمَا تَبْكِينَ مِنْ بُعُدِ

    كَانُوا سُقُوبَ [8] سَمَاءِ الْبَيْتِ فَانْقَصَفَتْ ... فَأَصْبَحَ السَّمْكُ مِنْهَا غَيْرَ ذِي عَمَدِ

    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: أَنْشَدَنِي بَيْتَهَا: «كَانُوا سُقُوبَ [8] » بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ.

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ مُسَافِرٍ أَيْضًا:

    أَلَا يَا من لعين ... للتّبكىّ دَمْعُهَا فَانِ [1]

    كَغَرْبَيْ دَالِجٍ يَسْقَى ... خِلَالَ الْغَيِّثِ الدَّانِ [2]

    وَمَا لَيْثُ غَرِيفٍ ذُو ... أَظَافِيرَ وَأَسْنَانِ [3]

    أَبُو شِبْلَيْنِ وَثَّابٌ ... شَدِيدُ الْبَطْشِ غَرْثَانِ [4]

    كَحِبِّي إذْ تولّى و ... وُجُوه الْقَوْمِ أَلْوَانِ

    وبالكفّ حسام صارم ... أَبْيَضُ ذُكْرَانِ [5]

    وَأَنت الطّاعن النّجلاء ... مِنْهَا مُزْبِدٌ آنِ [6]

    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَيَرَوْنَ قَوْلَهَا: «وَمَا لَيْثُ غَرِيفٍ» إلَى آخِرِهَا، مَفْصُولًا مِنْ الْبَيْتَيْنِ اللَّذَيْنِ قَبْلَهُ.

    (شعر هند بنت أثاثة) :

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَتْ هِنْدُ بِنْتُ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ تَرْثِي عَبِيدَةَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ:

    لَقَدْ ضُمِّنَ الصَّفْرَاءُ مَجْدًا وَسُؤْدُدًا ... وَحِلْمًا أَصِيلًا وَافِرَ اللُّبِّ وَالْعَقْلِ [7]

    عُبَيْدَةَ فَابْكِيهِ لِأَضْيَافِ غُرْبَةٍ ... وَأَرْمَلَةٌ تَهْوِي لِأَشْعَثَ كَالْجِذْلِ [8]

    وَبَكِّيهِ لِلْأَقْوَامِ فِي كُلِّ شَتْوَةٍ ... إذَا احْمَرَّ آفَاقُ السَّمَاءِ مِنْ الْمَحْلِ [9]

    وَبَكِّيهِ للأيتام والرّيح [10] زفزف ... وَتَشْبِيبُ [11] قِدْرٍ طَالَمَا أَزْبَدَتْ تَغْلِي [12]

    فَإِنْ تُصْبِحُ النِّيرَانَ قَدْ مَاتَ ضَوْءُهَا ... فَقَدْ كَانَ يُذْكِيهِنَّ بِالْحَطَبِ الْجَزْلِ [1]

    لِطَارِقِ لَيْلٍ أَوْ لِمُلْتَمِسِ الْقِرَى ... وَمُسْتَنْبَحٍ [2] أَضْحَى لَدَيْهِ عَلَى رَسْلِ

    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ يُنْكِرُهَا لِهِنْدٍ.

    (شعر قتيلة بنت الحارث) :

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ [3] : وَقَالَتْ قُتَيْلَةُ [4] بِنْتُ الْحَارِثِ، أُخْتُ [5] النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ، تَبْكِيهِ:

    يَا رَاكِبًا إنَّ الْأَثِيلَ مَظِنَّةٌ ... مِنْ صُبْحِ خَامِسَةٍ وَأَنْتَ مُوَفَّقُ [6]

    أَبْلِغْ بِهَا مَيْتًا بِأَنَّ تَحِيَّةً ... مَا إنْ تَزَالُ بِهَا النَّجَائِبُ تَخْفِقُ [7]

    مِنِّي إلَيْكَ وَعَبْرَةً مَسْفُوحَةً ... جَادَتْ بِوَاكِفِهَا وَأُخْرَى تَخْنُقُ [8]

    هَلْ يَسْمَعَنِّي النَّضْرُ إنْ نَادَيْتُهُ ... أَمْ كَيْفَ يَسْمَعُ مَيِّتٌ لَا يَنْطِقُ

    أَمُحَمَّدُ يَا خَيْرَ ضَنْءِ كَرِيمَةٍ [9] ... فِي قَوْمِهَا وَالْفَحْلُ فَحْلٌ مُعْرَّقُ [10]

    مَا كَانَ ضُرَّكَ لَوْ مَنَنْتَ وَرُبَّمَا ... مَنَّ الْفَتَى وَهُوَ الْمَغِيظُ الْمُحْنَقُ [1]

    أَوْ كُنْتَ قَابِلَ فِدْيَةٍ فَلْيُنْفِقَنْ ... بِأَعَزَّ مَا يَغْلُو بِهِ مَا يُنْفِقُ [2]

    فَالنَّضْرُ أَقْرَبُ مَنْ أَسَرَّتْ قَرَابَةً ... وَأَحَقُّهُمْ إنْ كَانَ عِتْقٌ يُعْتَقُ

    ظَلَّتْ سُيُوفُ بَنِي أَبِيهِ تَنُوشُهُ ... للَّه أَرْحَامٌ هُنَاكَ تُشَقَّقُ [3]

    صَبْرًا [4] يُقَادُ إلَى الْمَنِيَّةِ مُتْعَبًا ... رَسْفَ الْمُقَيَّدِ وَهُوَ عَانٍ مُوَثَّقُ

    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: فَيُقَالُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا بَلَغَهُ هَذَا الشِّعْرُ، قَالَ: لَوْ بَلَغَنِي هَذَا قَبْلَ قَتْلِهِ لَمَنَنْتُ عَلَيْهِ.

    (تاريخ الفراغ من بدر) :

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَكَانَ فَرَاغُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَدْرٍ فِي عَقِبِ شَهْرِ رَمَضَانَ أَوْ فِي شَوَّالٍ.

    غزوة بنى سليم بالكدر

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا قَدِمَ (رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) [5] لَمْ يَقُمْ بِهَا إلَّا سَبْعَ لَيَالٍ (حَتَّى) [6] غَزَا بِنَفْسِهِ، يُرِيدُ بَنِي سُلَيْمٍ.

    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ سِبَاعَ بْنَ عُرْفُطَةَ الْغِفَارِيَّ، أَوْ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ.

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَبَلَغَ مَاءً مِنْ مِيَاهِهِمْ، يُقَالُ لَهُ: الْكُدْرُ، فَأَقَامَ عَلَيْهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ

    ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ، وَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا، فَأَقَامَ بِهَا بَقِيَّةَ شَوَّالٍ وَذَا الْقَعَدَةِ، وَأَفْدَى فِي إقَامَتِهِ تِلْكَ جُلُّ الْأُسَارَى مِنْ قُرَيْشٍ [1] .

    غزوة السويق

    (عدوان أبى سفيان وخروج الرسول في أثره) :

    غزوة السويق

    قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمِّدٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ: قَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيَّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ الْمُطَّلِبِيُّ، قَالَ: ثُمَّ غَزَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ غَزْوَةَ السَّوِيقِ فِي ذِي الْحَجَّةِ، وَوَلَّى تِلْكَ الْحَجَّةَ الْمُشْرِكُونَ مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ، فَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ كَمَا حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَيَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، وَمَنْ لَا أَتَّهِمُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَكَانَ مِنْ أَعْلَمِ الْأَنْصَارِ، حِينَ رَجَعَ إلَى مَكَّةَ، وَرَجَعَ فَلُّ [2] قُرَيْشٍ مِنْ بَدْرٍ، نَذَرَ أَنْ لَا يَمَسَّ رَأْسَهُ مَاءٌ مِنْ جَنَابَةٍ [3] حَتَّى يَغْزُوَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخرج فِي مِائَتي رَاكِبٍ مِنْ قُرَيْشٍ، لِيَبَرَّ يَمِينَهُ، فَسَلَكَ النَّجْدِيَّةَ، حَتَّى نَزَلَ بِصَدْرِ قَنَاةٍ إلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ: ثَيْبٌ [4] ، مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى بَرِيدٍ أَوْ نَحْوِهِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ اللَّيْلِ، حَتَّى أَتَى بَنِي النَّضِيرِ تَحْتَ اللَّيْلِ، فَأَتَى حُيَيُّ ابْن أَخْطَبَ، فَضَرَبَ عَلَيْهِ بَابَهُ، فَأَبَى أَنْ يَفْتَحَ لَهُ بَابَهُ وَخَافَهُ، فَانْصَرَفَ عَنْهُ إلَى سَلَّامِ بْنِ مِشْكَمٍ، وَكَانَ سَيِّدَ بَنِي النَّضِيرِ فِي زَمَانِهِ ذَلِكَ، وَصَاحِبَ كَنْزِهِمْ [5] ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لَهُ، فَقَرَّاهُ [6] وَسَقَاهُ، وَبَطَنَ [7] لَهُ مِنْ خَبَرِ النَّاسِ، ثُمَّ خَرَجَ فِي عَقِبِ لَيْلَتِهِ حَتَّى أَتَى أَصْحَابَهُ، فَبَعَثَ رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ إلَى الْمَدِينَةِ، فَأَتَوْا نَاحِيَةً

    مِنْهَا، يُقَالُ لَهَا: الْعَرِيضُ، فَحَرَقُوا فِي أَصْوَارٍ [1] مِنْ نَخْلٍ بِهَا، وَوَجَدُوا بِهَا رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ وَحَلِيفًا لَهُ فِي حَرْثٍ لَهُمَا، فَقَتَلُوهُمَا، ثُمَّ انْصَرَفُوا رَاجِعِينَ [2] ، وَنَذِرَ بِهِمْ النَّاسُ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَلَبِهِمْ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ بَشِيرَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ، وَهُوَ أَبُو لُبَابَةَ، فِيمَا قَالَ ابْنُ هِشَامٍ [3] ، حَتَّى بَلَغَ قَرْقَرَةَ [4] الْكُدْرِ، ثُمَّ انْصَرَفَ رَاجِعًا، وَقَدْ فَاتَهُ أَبُو سُفْيَانَ وَأَصْحَابُهُ، وَقَدْ رَأَوْا أَزْوَادًا مِنْ أَزْوَادِ الْقَوْمِ قَدْ طَرَحُوهَا فِي الْحَرْثِ يَتَخَفَّفُونَ مِنْهَا لِلنَّجَاءِ [5] ، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ، حَيْنَ رَجَعَ بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَطْمَعُ لَنَا أَنْ تَكُونَ غَزْوَةً؟ قَالَ: نَعَمْ.

    (سبب تسميتها بغزوة السويق) :

    قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ غَزْوَةَ السَّوِيقِ [6] ، فِيمَا حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ: أَنَّ أَكْثَرَ مَا طَرَحَ الْقَوْمُ مِنْ أَزْوَادِهِمْ السَّوِيقُ، فَهَجَمَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى سَوِيقٍ كَثِيرٍ، فَسُمِّيَتْ غَزْوَةَ السَّوِيقِ.

    (شعر أبى سفيان فيها) :

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ عِنْدَ مُنْصَرَفِهِ، لِمَا صَنَعَ بِهِ سَلَّامُ ابْن مِشْكَمٍ:

    وَإِنِّي تَخَيَّرْتُ الْمَدِينَةَ وَاحِدًا ... لِحِلْفٍ فَلَمْ أَنْدَمْ وَلَمْ أَتَلَوَّمْ [7]

    سَقَانِي فَرَوَانِي كُمَيْتًا مُدَامَةً [1] ... عَلَى عَجَلٍ مِنِّي سَلَّامُ بْنُ مِشْكَمٍ [2]

    وَلَمَّا تَوَلَّى الْجَيْشُ قُلْتُ وَلَمْ أَكُنْ ... لِأُفْرِحَهُ: أَبْشِرْ بِعَزٍّ وَمَغْنَمِ [3]

    تَأَمَّلْ فَإِنَّ الْقَوْمَ سُرَّ وَإِنَّهُمْ ... صَرِيحُ لُؤَيٍّ لَا شَمَاطِيطُ جُرْهُمِ [4]

    وَمَا كَانَ إلَّا بَعْضُ لَيْلَةِ رَاكِبٍ ... أَتَى سَاعِيًا [5] مِنْ غَيْرِ خَلَّةِ مُعْدِمِ

    غزوة ذي أمر

    غزوة ذي أمر

    فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةِ السَّوِيقِ، أَقَامَ بِالْمَدِينَةِ بَقِيَّةَ ذِي الْحَجَّةِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا، ثُمَّ غَزَا نَجْدًا، يُرِيدُ غَطَفَانَ، وَهِيَ غَزْوَةُ ذِي أَمَرَ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، فِيمَا قَالَ ابْنُ هِشَامٍ.

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَأَقَامَ بِنَجْدٍ صَفَرًا كُلَّهُ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ، وَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا. فَلَبِثَ بِهَا شَهْرَ رَبِيعٍ الْأَوَّلَ كُلَّهُ، أَوْ إلَّا قَلِيلًا مِنْهُ.

    غزوة الفرع من بحران

    ثمَّ غز (رَسُولُ اللَّهِ) [6] صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُرِيدُ قُرَيْشًا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، فِيمَا قَالَ ابْنُ هِشَامٍ.

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: حَتَّى بَلَغَ بُحْرَانَ، مَعْدِنًا بِالْحِجَازِ مِنْ نَاحِيَةِ الْفُرُعِ [7] ، فَأَقَامَ بِهَا شَهْرَ رَبِيعٍ الْآخِرِ وَجُمَادَى الْأُولَى، ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا.

    أمر بنى قينقاع

    (نصيحة الرسول لهم وردهم عليه) :

    أمر بنى قينقاع

    (قَالَ) [1] : وَقَدْ كَانَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ، مِنْ غَزْوِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَكَانَ مِنْ حَدِيثِ بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَهُمْ بِسُوقِ (بَنِي) [1] قَيْنُقَاعَ، ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ يَهُودَ، احْذَرُوا مِنْ اللَّهِ مِثْلَ مَا نَزَلَ بِقُرَيْشٍ مِنْ النِّقْمَةِ، وَأَسْلِمُوا، فَإِنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمْ أَنِّي نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، تَجِدُونَ ذَلِكَ فِي كِتَابِكُمْ وَعَهْدِ اللَّهِ إلَيْكُمْ، قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، إنَّكَ تَرَى أَنَّا قَوْمُكَ! لَا يَغُرَّنَّكَ أَنَّكَ لَقِيتُ قَوْمًا لَا عِلْمَ لَهُمْ بِالْحَرْبِ، فَأَصَبْتَ مِنْهُمْ فُرْصَةً، إنَّا وَاَللَّهِ لَئِنْ حَارَبْنَاكَ لَتَعْلَمَنَّ أَنَّا نَحْنُ النَّاسَ.

    (ما نزل فيهم) :

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي مَوْلًى لِآلِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، أَوْ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: مَا نَزَلَ هَؤُلَاءِ الْآيَاتُ إلَّا فِيهِمْ: «قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ. قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا 3: 12- 13: أَيْ أَصْحَابِ بَدْرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقُرَيْشٍ «فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ، وَالله يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ» 3: 13.

    (كانوا أول من نقض العهد) :

    قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ: أَنَّ بَنِي قَيْنُقَاعَ كَانُوا أَوَّلَ يَهُودَ نَقَضُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَحَارَبُوا فِيمَا بَيْنَ بَدْرٍ وَأُحُدٍ.

    (سبب الحرب بينهم وبين المسلمين) :

    قَالَ [2] ابْنُ هِشَامٍ: وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْمِسْوَرِ

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1