Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

منحة الباري بشرح صحيح البخاري
منحة الباري بشرح صحيح البخاري
منحة الباري بشرح صحيح البخاري
Ebook826 pages5 hours

منحة الباري بشرح صحيح البخاري

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

تحفة الباري أو منحة الباري بشرح صحيح البخاري لشيخ الإسلام أبي يحيى زكريا الأنصاري الشافعي، هو شرح لصحيح البخاري كثير الفوائد، تفرد بأشياء لم يأت بها سابقوه مع أنه عبارة عن ملخص لعشرة شروح على الصحيح كما قال الغزي، يكشف عن معاني الصحيح، ويبرز عن مباني إعرابه
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJul 14, 1902
ISBN9786797817113
منحة الباري بشرح صحيح البخاري

Read more from زكريا الأنصاري

Related to منحة الباري بشرح صحيح البخاري

Related ebooks

Related categories

Reviews for منحة الباري بشرح صحيح البخاري

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    منحة الباري بشرح صحيح البخاري - زكريا الأنصاري

    الغلاف

    منحة الباري بشرح صحيح البخاري

    الجزء 3

    زكريا الأنصاري

    926

    تحفة الباري أو منحة الباري بشرح صحيح البخاري لشيخ الإسلام أبي يحيى زكريا الأنصاري الشافعي، هو شرح لصحيح البخاري كثير الفوائد، تفرد بأشياء لم يأت بها سابقوه مع أنه عبارة عن ملخص لعشرة شروح على الصحيح كما قال الغزي، يكشف عن معاني الصحيح، ويبرز عن مباني إعرابه

    بَابُ يَأْخُذُ بِنُصُولِ النَّبْلِ إِذَا مَرَّ فِي المَسْجِدِ

    451 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: قُلْتُ لِعَمْرٍو: أَسَمِعْتَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: مَرَّ رَجُلٌ فِي المَسْجِدِ وَمَعَهُ سِهَامٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمْسِكْ بِنِصَالِهَا؟.

    [7073، 7074 - مسلم: 2614 - فتح: 1/ 546]

    (باب) ساقط من نسخة. يأخذ بنصول النبل إذا مرَّ في المسجد النبل: بفتح النون وسكون الموحدة: السهام العربية، وفي نسخة: يأخذ بنصال النبل وفي أخرى: يأخذ نصول النبل.

    (قتيبة) زاد في نسخة: ابن سعيد. (سفيان) أي: ابن عيينة. (قلت لعمرو) أي: ابن دينار. (أسمعت .. إلخ) لم يذكر جوابه في أكثر النسخ، وذكره في نسخة بقوله: فقال: نعم. (مرَّ رجلٌ) لم يسم. (في المسجد) [أي: النبوي] (1) (ومعه سهام) ي: قد أبدى نصولها.

    وفي الحديث: جواز إدخال السلاح المساجد، وتعظيم حرمة المسلم، حيث خَشِيَ عليه الصلاة والسلام أن يؤذيَ الداخلُ بالسهام أحدًا.

    67 -

    بَابُ المُرُورِ فِي المَسْجِدِ

    452 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ مَرَّ فِي شَيْءٍ مِنْ مَسَاجِدِنَا أَوْ أَسْوَاقِنَا بِنَبْلٍ، فَلْيَأْخُذْ عَلَى نِصَالِهَا، لَا يَعْقِرْ بِكَفِّهِ مُسْلِمًا.

    [7075 - مسلم 2615 - فتح: 1/ 547] (1) من (م).

    (باب: المرور في المسجد) أي: جواز مروره بالسهام إذا أمسك بنصالها.

    (أو أسواقنا) (أو) للتنويع لا للشكِّ. (على نصالها) زاد في نسخة: بكفه وعُدِّيَ (أخذ) بعلى؛ لتضمينه معنى استعلى مبالغة. (لا يعقر) مرفوعٌ على الاستئناف، أو مجزوم جواب الأمر. (بكفِّه) قال الكرمانيُّ: متعلِّقٌ بقوله: (فليأخذ) لا بـ (يعقر) إذ لا يتصور العقر بالكفِّ ولهذا وقع في بعضها لفظ: (بكفه) مقدمًا على لفظ: (لا يعقر) قال ويحتمل أن يراد من الكفِّ: اليد؛ أي: لا يعقر بيده؛ أي: باختياره (مسلمًا) أو يراد منه كف النفس؛ أي: لا يعقر بكفِّه نفسه عن الأخذ؛ أي: لا يجرح بسبب تركه أخذ النصال مسلمًا (1).

    68 -

    بَابُ الشِّعْرِ فِي المَسْجِدِ

    (2)

    453 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ الحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، أَنَّهُ سَمِعَ حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ (1) البُخاريّ بشرح الكرماني (4/ 112).

    (2) قال ابن جماعة في مناسبات تراجم البُخاريّ ص 4 - 46: ليس في حديث أبي سلمة أنه كان في المسجد وجوابه: أنه روي من طريق آخر مصرحًا بأنه كان بالمسجد فاكتفى البُخاريّ بالإشارة إلى الحديث؛ لأنَّه إنما وضع الكتاب لذوي الأفهام والعلم فيكل الاستنباط من الحديث إلى فهمه من الإشارات ومعرفة طرق الحديث، ويحتمل أنه أراد أن الشعر المشتمل على الكلام الحق حق بدليل دعاء النَّبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم - لحسان على شعره فدل على أنه حق وإذا كان حقًّا جاز في المسجد كسائر الكلام الحق، ولا يمتنع منه، كما يمتنع غيره من الكلام واللغو الساقط.

    الأَنْصَارِيَّ، يَسْتَشْهِدُ أَبَا هُرَيْرَةَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ، هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: يَا حَسَّانُ، أَجِبْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ القُدُسِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: نَعَمْ.

    [3212، 6152 - مسلم: 2485 - فتح: 1/ 548]

    (باب: الشعر في المسجد) أي: جواز إنشاده فيه.

    (حسَّان) يصرف ويمنع؛ بناءً على أنه مشتقٌّ من الحسن، أو الحسن (يستشهد أبا هريرة) أي: يطلب منه الشهادة، أو الإخبار فأطلق عليه الشهادة؛ مبالغة في تقوية الخبر، والجملة حالٌ من (حسانٍ).

    (أنشدك الله) بفتح الهمزة وضمِّ الشين: أي: أسألك بالله.

    (أجب عن رسول الله) أي: أجب عنه الكفار، إن جعل من إجابة السؤال، وإلا فعدَّاه بمن؛ لتضمينه معنى ادفع، ثُمَّ يحتمل: أن حسَّان نقل ذلك بالمعنى، وكان القياس: أجب عنِّي فعبَّر عنه بذلك؛ تعظيمًا، أو أنه - صلى الله عليه وسلم - نطقَ به كذلك تربية للمهاب، وتقوية لداعي المأمور، كقوله تعالى: {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: من الآية 159] وقول الخليفة: رسم بكذا.

    (أيده) أي: قُوِّه. (بروح القدس) أي: جبريل، وجملة: (اللهمَّ أيده بروح القدس) دعاء من النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (قال أبو هريرة: نعم) أي: سمعته يقول ذلك، قيل: ليس في الحديث أن حسَّان أنشد شعرًا في المسجد، فلا يطابق الترجمة، وأجيب: بأن روايته في بدء الخلق يدلُّ على أن قوله: (أجب عن رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -) كان في المسجد، وأن حسَّان أنشد فيه ما أجاب به المشركين، ولفظها: مرَّ عمر في المسجد وحسان ينشد فزجره، فقال: كنت أنشد فيه، وفيه من هو خبر منك، ثم التفت إلى أبي هريرة، وقال: أنشدك الله الحديث (1). وبذلك عُلم جواز إنشاد الشعر في المساجد، وهو محمولٌ على الشعر الحقِّ.

    وأما خبر ابن خزيمة: (نَهَى رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - عن تناشد الأشعار في المساجد (2). فضعَّفه جماعةٌ، وبتقدير صحته، هو محمولٌ على الشعر الباطل، كما حمل عليه خبر الصحيحين: لأنَّ يمتلئ جوف أحدكم قيحًا خيرٌ له من أن يمتلئ شعرًا (3) وحمل بعضهم على من يمتلئ قلبه شعرَا حتَّى يغلب على اشتغاله به عن القرآن والذكر، والحاصل: أن إنشاد الشعر جائز بلا كراهة إن كان حقًّا، ومكروه كراهة تحريم إن كان باطلًا، ومكروه كراهة تنزيه إذا غلب عليه اشتغالٌ به عن القرآن والذكر.

    69 -

    بَابُ أَصْحَابِ الحِرَابِ فِي المَسْجِدِ

    454 - حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا عَلَى بَابِ حُجْرَتِي وَالحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ فِي المَسْجِدِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، أَنْظُرُ إِلَى لَعِبِهِمْ.

    [455، 950، 988، 2907، 3530، 5190، 5236 - (1) سيأتي برقم (3212) كتاب: بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة.

    (2) صحيح ابن خزيمة 2/ 275 (1306) جماع أبواب: فضائل المساجد وبنائها وتعظيمها، باب: الزجر عن إنشاد الشعر في المساجد.

    والحديث حسنه الألباني صحيح ابن خزيمة (1306).

    (3) سيأتي برقم (6154) كتاب: الأدب، جاب: ما يكره أن يكون الغالب على الإنسان الشعر.

    مسلم: 892 - فتح: 1/ 549]

    (باب: أصحاب الحراب في المسجد) أي: جواز دخولهم فيه، ونصال حرابهم مشهورة.

    (عن صالح) في نسخة: صالح بن كيسان.

    (يلعبون في المسجد) أي: للتدريب على مواقع الحروب، والاستعداد للعدو، ومن ثَمَّ جاز فعله في المسجد؛ لأنَّه من منافع الدين. (أنظُرُ إلى لعبهم) أي: وآلاتهم دون ذواتهم؛ إذ نظر الأجنبية إلى الأجنبيِّ حرام.

    455 - زَادَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ.

    [انظر: 454 - مسلم: 892 - فتح: 1/ 549]

    (زاد ابن إبراهيم) في نسخة: وزاد إبراهيم. (حدَّثنا ابن وهب) في نسخة: حدثني ابن وهب وفي أخرى: "حديثه ابن وهب). (يونس) أي: ابن يزيد الأيلي.

    (بحرابهم) هذه اللفظة هي التي زادها ابن المنذر، وبها تحصل المطابقة بين الترجمة والحديث.

    70 -

    بَابُ ذِكْرِ البَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى المِنْبَرِ فِي المَسْجِدِ

    (1)

    456 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَمْرَةَ، (1) قال ابن جماعة في مناسبات تراجم البُخاريّ ص 46: استنبط جواز ذلك في حديث ثمامة إنما لقصده أن لا يتوهم أنها لا تجوز في المساجد إلَّا = عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَتَتْهَا بَرِيرَةُ تَسْأَلُهَا فِي كِتَابَتِهَا، فَقَالَتْ: إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتُ أَهْلَكِ وَيَكُونُ الوَلاءُ لِي، وَقَالَ أَهْلُهَا: إِنْ شِئْتِ أَعْطَيْتِهَا مَا بَقِيَ - وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: إِنْ شِئْتِ أَعْتَقْتِهَا، وَيَكُونُ الوَلاءُ لَنَا - فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَّرَتْهُ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ابْتَاعِيهَا فَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّ الوَلاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى المِنْبَرِ - وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى المِنْبَرِ - فَقَالَ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا، لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَنِ اشْتَرَطَ شَرْطًا لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَلَيْسَ لَهُ، وَإِنِ اشْتَرَطَ مِائَةَ مَرَّةٍ، قَالَ عَلِيٌّ: قَالَ يَحْيَى، وَعَبْدُ الوَهَّابِ: عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَمْرَةَ، نَحْوَهُ، وَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، عَنْ يَحْيَى، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ، وَرَوَاهُ مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عَمْرَةَ: أَنَّ بَرِيرَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ صَعِدَ المِنْبَرَ.

    [1493، 2155، 2168، 2536، 2560، 2561، 2563، 2564، 2565، 2578، 2717، 2726، 2729، 2735، 5097، 5279، 5284، 5430، 6717، 6751، 6754، 6758، 6760 - مسلم: 1504 - فتح: 1/ 550]

    (باب: ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد) في نسخة: على المنبر والمسجد وعُدِّيَ فيه (ذكر) بـ (على) بالنسبة إلى المسجد؛ لتضمينه معنى الاستعلاء، أو أنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع، أو هو من باب: علفتها تبنًا وماءً وباردًا (1). (سفيان) أي: ابن = الصلاة خاصة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: إنما بنيت المساجد لما بنيت له بل يجوز كل فعل مباح لم يرد المنع منه، كما جاز ربط ثمامة ولم ينكره وقوله: أطلقوا ثمامة فكذلك يجوز التلفظ بالبيع والشرى ونحوه ولا فرق.

    (1) هذا صدر بيت من الشعر وعجزه: حتَّى غدت همالة عيناها. ويستشهد به النحاة على عدم جواز عطف (ماءً) على (تبنًا) لاختلاف العامل. وسبق شرحه.

    عيينة. (عن يحيى) أي ابن سعيد الأنصاري. (عن عمرة) أي: بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة.

    (أتتها بريرة) هي بنت صفوان وفيه التفات؛ إذ الأصل أن تقول: أتتني أو القائل عمرة، وحينئذٍ فلا التفات. (تسألها في كتابتها) لم يقل: عن كتابتها؛ لأنَّ السؤال سؤال استعطاء لا استخبار؛ أي: جاءت تستعطيها، أو تستعين في كتابتها، وهي عقد عتق على الرقيق بمال يؤديه في نجمين فأكثر.

    (أهلك) أي: مواليك، وهو المفعول الأول لـ (أعطيت)، والثاني محذوف؛ أي: ما عليها من النجوم، وهو تسع أواقٍ؛ لخبر الشيخين: فقالت: كاتبت أهلي على تسع أواقِ في كل عام أوقية، فأعينيني فقلت: إن أحب أهلك أن أعدها لهم، ويكون ولاؤك لي فعلت (1) وقيل: المحذوف: ما بقي عليها من النجوم، وهو خمس أواقٍ. ورد بما رواه البُخاريّ في: الشروط في البيع (2)، ولم تكن قضت من كتابتها شيئًا.

    (قال سفيان) أي: ابن عيينة. (ذكرته) أي: ذكرت له؛ أي: للنبيِّ - صَلَّى الله عليه وسلم -، فحذف الجار وأوصل الضمير بالفعلِ، والتاء إما مضمومة فيكون من لفظ عائشة، أو ساكنة فيكون من كلام الراوي، أو من كلام عائشة على تجريدها من نفسها ما عادت ضمير الغيبة عليه. (ذلك) أي: ما وقع. فقال النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - أمَّا بعد (فقال) ساقط من نسخة. (فإن الولاء) في (1) سيأتي رقم (2563) كتاب: المكاتبة، باب: استعانة المكاتب وسؤاله النَّاس.

    (2) سيأتي الحديث برقم (2717) كتاب: الشروط، باب: الشروط في البيوع.

    نسخة: فإنما الولاء. (فصعد) بكسر العين بدل (ثم قام). إما بال) أي: شأن. (أقوام) كنَّى به عن الفاعل؛ إذ من خلقه العظيم أنه لا يواجه أحدًا بما يكره.

    (ليست) أي: الشروط، وفي نسخة: ليس أي: الاشتراط المفهوم من الشروط. (كتاب الله) أي: في اللوح المحفوظ، أو في حكم الله، يعني: أنها ليست في كتاب الله بواسطة، نحو: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7] أو بغير واسطة، كمنصوصات القرآن. (فليس له) أي: فليس ذلك المشروطُ له شرط؛ إذ لا يستحقه. (وإن اشترط مائة مرَّة) ذكره للمبالغة، لا لقصد عين هذا العدد.

    (قال عليّ) أي: ابن المديني. (قال يحيى) أي: ابن سعيد القطان. (وعبد الوهاب) أي: ابن عبد المجيد، وفي نسخة: قال أبو عبد الله: قال يحيى وعبد الوهاب. (عن عمرة) أي: المذكورة. زاد في نسخة: نحوه أي: نحو الحديث المذكور. (وقال جعفر .. إلخ) أفاد به التصريح بسماع كل من يحيى وعمرة. (رواه مالك) في نسخة: ورواه مالك. (ولم يذكر سعد المنبر) في نسخة: ولم يذكر سعد على المنبر.

    وفي الحديث: جواز بيع المكاتب إذا عجز نَفْسَهُ، وأنه لا يعتق بمجرد الكتابة.

    71 -

    بَابُ التَّقَاضِي وَالمُلازَمَةِ فِي المَسْجِدِ

    457 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ كَعْبٍ، أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي المَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حُجْرَتِهِ، فَنَادَى: يَا كَعْبُ قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: ضَعْ مِنْ دَيْنِكَ هَذَا وَأَوْمَأَ إِلَيْهِ: أَيِ الشَّطْرَ، قَالَ: لَقَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: قُمْ فَاقْضِهِ.

    [471، 2418، 2424، 2706، 2710 - مسلم: 1558 - فتح: 1/ 551]

    (باب: التقاضي) أي: مطالبة الغريم بقضاءِ الدين. (والملازمة) أي: للغريم لأجل طلب الدين. (في المسجد) تنازعه التقاضي والتلازم.

    (حدَّثنا عبد الله) في نسخة: حدثني عبد الله. (يونس) أي: ابن يزيد. (ابن أبي حدرد) بمهملات، مفتوح الأول ساكن الثاني، واسمه: عبد الله بن سلامة الأسلمي.

    (دينًا) منصوب بنزع الخافض؛ أي: بدين؛ لأنَّ تَفَاعلَ إذا كان من المتعدي إلى مفعولين، كما هنا، لا يتعدى إلَّا إلى مفعولٍ واحد، وهو هنا (ابن أبي حدرد) وكان أوقيتين، كما في الطّبرانيّ (1).

    (في المسجد) أي: النبوي، وهو متعلِّقٌ بـ (تقاضى). (أصواتهما) من باب: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: من الآية 4] أو جمع باعتبار أنواع الصوت. (سجف حجرته) بكسر السين وفتحها وسكون الجيم؛ أي: سترها أو بابها. (لبيك) تثنية للتكثير؛ أي: إقامة على طاعتك بعد إقامة. (الشطر) أي: النصف، وهو: تفسيرٌ لقوله (هذا). (قم) خطابٌ لابن أبي حدرد.

    وفي الحديث: جواز المخاصمة في المسجد في الحقوق، (1) انظر: المعجم الكبير 19 / (126).

    والمطالبة بالديون، والحض على الحظ عن المعسر. والقضاء بالصلح إذا رآه السلطان صلاحًا. وقيام الإشارة مقام النطق إذا فهمت، والملازمة في التقاضي، والشفاعة إلى صاحب الحق. والإصلاح بين الخصمين، وحسن التوسط، وقبول الشفاعة في غير معصية، وإسبال الستور عند الحجرة. ورفع الصوت في المسجد؛ أي: عند الحاجةِ إليه ووقوع سببه فيه، فلا يشكل بخبر: ولا ترفع فيه الأصوات (1)؛ لأنَّ ذاك بتقدير صحته محله إذا خلي عن ذلك.

    72 -

    بَابُ كَنْسِ المَسْجِدِ وَالتِقَاطِ الخِرَقِ وَالقَذَى وَالعِيدَانِ

    458 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ أَو امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَ يَقُمُّ المَسْجِدَ فَمَاتَ، فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ، فَقَالُوا: مَاتَ، قَالَ: أَفَلا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ - أَوْ قَالَ قَبْرِهَا - فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا [460، 1337 - مسلم: 956 - فتح: 2/ 522]

    (باب: كنس المسجد والتقاط الخرق والعيدان والقذى) بالمعجمة: ما يسقط في العين والشراب، وعطفه على ما قبله من عطف العام على الخاص، وزاد في نسخة: منه أي: من المسجد.

    (إنَّ رجلًا) لم يسم. (أو امرأة) اسمها أمُّ محجن، وقيل: محجنة، والشك من أبي هريرة، أو من أبي رافع، أو من ثابت. (كان يقمُّ) بضم القاف أي: يكنس القمامة: وهي الزبالة. (فسأل النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -) أي: النَّاس. (1) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه 2/ 184.

    (عنه) أي: عن حاله. (قال) في نسخة: فقال. (آذنتموني) بالمدِّ؛ أي: أعلمتموني. (فأتى قبره) في نسخة: فأتى قبرها. (فصلَّى عليها) في نسخة: فصلَّى عليه. ووجه دلالة الحديث على التقاط ما ذكر في الترجمة: القياس على الكنس.

    وفي الحديث: الحضُّ على كنس المساجد؛ لأنَّه - صلى الله عليه وسلم - حضَّ على الصلاة عليه بعد دفنه لما كان يفعل، وقد روي أنه - صلى الله عليه وسلم - كنس المسجد (1)، وفيه السؤال عن الخادم والصديق، وافتقاده إذا غاب، والمكافأة بالدعاء والترحم، والرغبة في شهود جنائز الصالحين، وندب الصلاة على المدفون، والإعلام بالموت، وأنه لا يصلَّى عليه إلَّا عند القبر إذا كان حاضرًا.

    73 -

    بَابُ تَحْرِيمِ تِجَارَةِ الخَمْرِ فِي المَسْجِدِ

    459 - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا أُنْزِلَتِ الآيَاتُ مِنْ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي الرِّبَا، خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى المَسْجِدِ فَقَرَأَهُنَّ عَلَى النَّاسِ، ثُمَّ حَرَّمَ تِجَارَةَ الخَمْرِ.

    [2084، 2226، 4540، 4541، 4542، 4543 - مسلم: 1580 - فتح: 1/ 553]

    (باب: تحريم تجارة الخمر) أي: ونحو الخمر كالنبيذ. (في المسجد) متعلِّقٌ بـ (تحريم) لا بـ (تجارة)، والمراد: أن بيان تحريمها كان في المسجد، لا أن تحريمها مختصٌّ به؛ لأنها حرام في المسجد وغيره. (1) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه 1/ 349.

    (عن أبي حمزة) بالمهملة والزاي: محمد بن ميمون السكريِّ. (عن الأعمش) هو سليمان بن مهران. (عن مسلم) هو ابن صبيح، بضمِّ المهملة، وفتح الموحدة: أبو الضُّحَى الكوفيِّ. (عن مسروق) هو ابن الأجدع الكوفيِّ.

    (أنزل) في نسخة: أنزلت وفي أخرى: نزلت. (في الربا) بالقصر من ربا يربو زاد، فيكتب بالألف وأجاز الكوفيون كتبه بالياء لكسر أوله، وقد كتب في المصحف بالواو، كالصلاة للتفخيم، وزيدت الألف بعدها تشبيهًا بواو الجمع. (حرم تجارة الخمر) أي: بيعها وشراءها لنجاستها، قال القاضي عياض: تحريم الخمر؛ أي: شربها سابقٌ على آيات الربا (1)، فيحتمل أن هذا النهي تأخر عن تحريمها، أو أنه أخبر بتحريم تجارتها مرتين عند تحريمها، وعند نزول آيات الربا توكيدًا، ومبالغة في إشاعته، وربما حضر ثانيًا من لم يحضر أولًا.

    74 -

    بَابُ الخَدَمِ لِلْمَسْجِدِ

    وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا لِلْمَسْجِدِ يَخْدُمُهَا.

    (باب: الخدم) بفتح الخاء والدال جمع خادم. (للمسجد) في نسخة: في المسجد. (وقال ابن عباس) فيما حكاه الله عن حمنة أم مريم. {نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} [آل عمران: 35] أي: عتيقًا وفي نسخة بعد في بطني: يعني: محررًا. (للمسجد) أي: الأقصى. (1) إكمال المعلم" 5/ 252 - 253.

    (تخدمه) أي: المسجد، وفي نسخة: تخدمها أي: المساجد، أو الأرض المقدسة، أو الصخرة.

    460 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ وَاقِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ امْرَأَةً - أَوْ رَجُلًا - كَانَتْ تَقُمُّ المَسْجِدَ - وَلَا أُرَاهُ إلا امْرَأَةً - فَذَكَرَ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى عَلَى قَبْرِهَا.

    [انظر: 458 - مسلم: 956 - فتح: 1/ 554]

    (حماد) في نسخة: حماد بن زيد. (ثابت) [أي: البناني] (1).

    (كانت تقم المسجد) في نسخة: كان يقم المسجد. (ولا أراه) بضمِّ الهمزة؛ أي: لا أظنه. (على قبره) في نسخة: على قبرها. وفي أخرى على قبر.

    75 -

    بَابُ الأَسِيرِ - أَو الغَرِيمِ - يُرْبَطُ فِي المَسْجِدِ

    461 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا رَوْحٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَيَّ البَارِحَةَ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلاةَ، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ حَتَّى تُصْبِحُوا وَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ: رَبِّ هَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي، قَالَ رَوْحٌ: فَرَدَّهُ خَاسِئًا.

    [1210، 3284، 3423، 3423،

    4808 - مسلم 514 - فتح: 1/ 554]

    (باب: الأسير أو الغريم) (أو) للتنويع، وفي نسخة: والغريم بواو العطف. (يربط في المسجد) أي: يباح ربطه فيه. (1) من (م).

    (أخبرنا روح) أي: ابن عبادة، وفي نسخة: حدثنا روح. (محمد بن جعفر) هو المشهور بغندر.

    (إن عفريتا) هو الشديد المبالغ في كل شيءٍ. (من الجنِّ) بيان له. (تفلَّت) أي: تعرض فلتة أي: فجأة. (البارحة) هي أقرب ليلة مضت. (أو كلمة نحوها) أي: نحو (تفلت على البارحة) كقوله في الرواية الآتية آخر الصلاة (1): عرض لي فشد عليَّ.

    (فأردت) في نسخة: وأردت. (أن أربطه) بكسر الموحدة. (فتصبحوا) أي: تدخلوا في الصباح، فهي تامة لا تحتاج إلى خبر. (كلكم) بالرفع توكيد للضمير المرفوع. (فذكرت قول أخي) في النبوة. (سليمان) أي: ابن داود. ({قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي} [ص: من الآية 35] مقول قول (أخي) وفي نسخة: رب هب لي وفي أخرى: هب لي وزاد في أخرى: بعد {من بعدي}: {إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [ص: من الآية 35]. (خاسئًا) أي: مطرودًا مبعدًا، ووجه دلالة الحديث على ربط الغريم: القياس على الأسير.

    وفي الحديث: أن رؤية البشر للجن جائزةٌ، وأما قوله تعالى: {مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} [الأعراف: من الآية 27] فجري على الغالب، أو المنفي رؤيتنا لهم حال رؤيتهم لنا لا مطلقًا، وأن أصحاب سليمان كانوا يرونهم وهو من دلائلِ نبوتهِ، ولولا مشاهدتهم إِيَّاهم لم تقم له الحجَّة عليهم، وأعلم أنهم يتشكلون في صور شتى كصورة الإنس، (1) سيأتي برقم (1210) كتاب: العمل في الصلاة، باب: ما يجوز من العمل في الصلاة.

    والبهائم والحيَّات والعقارب والطير.

    76 -

    بَابُ الاغْتِسَالِ إِذَا أَسْلَمَ، وَرَبْطِ الأَسِيرِ أَيْضًا فِي المَسْجِدِ

    وَكَانَ شُرَيْحٌ: يَأْمُرُ الغَرِيمَ أَنْ يُحْبَسَ إِلَى سَارِيَةِ المَسْجِدِ.

    (باب: الاغتسال) أي: اغتسال الكافرِ. (إذا أسلم) أي: بعد إسلامه. (وربط الأسير أيضًا) عطفٌ على الاغتسال. (في المسجد) متعلّقٌ بربط الأسير.

    462 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ، سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ، فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ المَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ دَخَلَ المَسْجِدَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ.

    [469، 2422، 2423، 4372 - مسلم: 1764 - فتح: 1/ 555]

    (وكان شريحٌ) بمعجمة ثمَّ بمهملة آخره: ابن الحارث الكنديُّ. (يأمر الغريم) أي: بالغريم، كما في: أمرتك الخير؛ أي: به. (أن يُحبس) ببنائه للمفعول بدل اشتمال من (الغريم) وفي نسخة: أن يحبس بالبناءِ للفاعل؛ أي: يأمر الغريم بأن يحبس نفسه، فعليها الباءُ محذوفةٌ منه لا من (الغريم). (إلى سارية المسجد) تمامه: إلى أن يقوم بما عليه، فإن أعطى الحق، وإلَّا أمر به إلى السجن، و (إلى) بمعنى مع (1)، أو ضُمِّن (يحبس) معنى يضم، فَعُدّيَ بـ (إلى)، وإنما ضمَّ إليه (1) مجيء (إلى) بمعنى (مع) قاله كثير من البصريين، والكوفيين، والفراء، وأبو عبيدة، وابن قتيبة، والزجاجي، وابن الحاجب، وابن مالك، وابن = سارية؛ لينظر حسن صلاة المسلمين واجتماعهم عليها فيرق قلبه إلى الإسلام. وقوله: (وبط الأسير .. إلخ) ساقط من نسخة، بل قوله: (الاغتسال .. إلخ) ساقط من أخرى.

    (حدَّثنا سعيد) في نسخة: حدثني سعيد. (أنه) ساقط من نسخة.

    (سمع أبا هريرة) في نسخة: حدثني أبو هريرة.

    (خيلًا) أي: فرسانًا، وكانوا ثلاثين. (نجد) ما ارتفع من تهامة إلى العراق، ومحله في جزيرة العرب، وهي كما قال المدائني: خمسة أقسام تهامة ونجد وحجاز وعروض ويمن (1). (ثمامة بن أثال) بضمِّ أولهما، وبمثلثة فيهما. (فربطوه) أي: بأمر النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

    وهذا الحديث من جنس حديث العفريت السابق، لكنه ثَمَّ هَمَّ بربطه ولم يربطه لأمر أجنبيٍّ تقدم بيانه، وهنا أمر به لفوات ذلك الأمر. (فقال: (أطلقوا ثمامة) أمر بذلك تالفًا، أو لما علمه من إيمان قلبه وأنه سيظهره. (إلى نخل) بخاءٍ معجمة؛ أي: بستان، وفي نسخة: [نجل] (2) بجيم أي: ماءٌ قليل نابع أو جار. (فاغتسل إلخ) فيه مشروعية اغتسال الكافر إذا أسلم، وأن للإمام إطلاقه؛ تألفًا له. = هشام، وابن عقيل. وجعلوا منه قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ} [النساء: من الآية 2] وقوله تعالى: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} [آل عمران: 52] وأنكر ذلك بعض البصريين وذهبوا فيه إلى التضمين.

    (1) انظر: معجم البلدان 5/ 261 - 264، 5/ 265.

    (2) من (م).

    77 -

    بَابُ الخَيْمَةِ فِي المَسْجِدِ لِلْمَرْضَى وَغَيْرِهِمْ

    (باب: الخيمة) أي: جواز نصبها (في المسجد للمرضى وغيرهم) ممن به ألم.

    463 - حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الخَنْدَقِ فِي الأَكْحَلِ، فَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْمَةً فِي المَسْجِدِ، لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ فَلَمْ يَرُعْهُمْ وَفِي المَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ، إلا الدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِمْ، فَقَالُوا: يَا أَهْلَ الخَيْمَةِ، مَا هَذَا الَّذِي يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ؟ فَإِذَا سَعْدٌ يَغْذُو جُرْحُهُ دَمًا، فَمَاتَ فِيهَا.

    [2813، 3901، 4117، 4122 - مسلم: 1769 - فتح: 1/ 556]

    (أصيب سعد) هو ابن معاذ سيد الأوس. (في الأكحل) هو عرقٌ في وسط الذراع يفصد ويسمى: عرق الحياة. (وضرب النَّبيُّ - صَلَّى الله عليه وسلم - خيمة) أي: نصبها لسعد. (فلم يرعهم) بالجزم؛ أي: يفزعهم. (إلا الدم) بالرفع فاعل (يرعهم)؛ لأنَّه استثناءٌ مفرغ وما بينهما اعتراض. (يغذو) بمعجمتين: أي: يسيلُ. (جرحه) فاعل (يغذو). (دمًا) تمييز. (فمات فيها) أي: في الخيمة، أو في الجراحة، وفي نسخة: منها أي: من الجراحة.

    وفي الحديث: جواز سكنى المسجد للعذر. وأن للإمام إذا شقَّ عليه النهوض إلى عيادة مريض أن ينقله إلى موضع بقربه؛ ليخفف عليه عيادته فيه.

    78 - بَابُ إِدْخَالِ البَعِيرِ فِي المَسْجِدِ لِلْعِلَّةِ

    وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: طَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَعِيرٍ.

    [1607]

    (باب: إدخال البعير في المسجد للعلة)

    أي: جواز إدخاله فيه للحاجة.

    464 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: شَكَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أَشْتَكِي قَالَ: طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ فَطُفْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إِلَى جَنْبِ البَيْتِ يَقْرَأُ بِالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ.

    [1619، 1626، 1633، 4853 - مسلم: 1276 - فتح: 7/ 557]

    (عروة) زاد في نسخة: ابن الزُّبير. (أنِّي أشتكي) أي: أتوجَّع، وهو مفعول (شكوت). (فطفت) أي: راكبةً على البعير. (إلى جنب البيت) أي: منتهيًا إليه، وفائدة ذكر هذا أنه قريب من البيت لا بعيد. (بالطُّور) أي: بسورة الطور، ولهذا لم يقل والطور؛ لأنَّه صار علمًا عليها.

    79 - باب.

    (باب)

    ذكره بلا ترجمة.

    465 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ، وَمَعَهُمَا مِثْلُ المِصْبَاحَيْنِ يُضِيئَانِ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا، فَلَمَّا افْتَرَقَا صَارَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ، مِنْهُمَا وَاحِدٌ حَتَّى أَتَى أَهْلَهُ.

    [3639، 3805 - فتح: 1/ 557]

    (أنس) في نسخة: أنس بن مالك.

    (أنَّ رجلين) هما عباد بن بشر، وأسيد بن الحضير. (مظلمة) بكسر اللام من أظلم الليل، وقال الفراءُ: ظلم الليل وأظلم بمعنى، وضاءت النار وأضاءت مثله؛ وأضاءته النار يتعدى ولا يتعدى، وقال الزمخشري: بمعنى نوَّر متعدٍّ، وبمعنى لمع غير متعدٍّ، وأما أظلم فيحتمل التعدِّي وعدمه (1).

    (بين أيديهما) أي: قدامهما، وهو مفعول فيه إن كان فعل الإضاءة لازمًا، ومفعول به إن كان متعديًا، وحصول ذلك لهم؛ إكرامًا لهما ببركة نبيهما، وإنما ذكر هذا الحديث في أحكام المساجد؛ لأنَّ الرجلين كانا معه في المسجد فأكرمهما الله بالنور في الدنيا ببركته، وفضل مسجده، وذلك آية له - صلى الله عليه وسلم -؛ حيث خصَّ أصحابه بمثل هذه الكرامة عند حاجتهم للنور.

    80 - بَابُ الخَوْخَةِ وَالمَمَرِّ فِي المَسْجِدِ

    (باب: الخوخة والممر في المسجد)

    أي: جواز كونهما فيه.

    466 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: خَطَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ خَيَّرَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي مَا يُبْكِي هَذَا الشَّيْخَ؟ إِنْ يَكُنِ اللَّهُ خَيَّرَ (1) اختلف الزمخشري وأبو حيان في كون الفعل (أظلم) لازمًا أو متعديًا، وذلك في تفسيرهما قوله تعالى: {وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا} [البقرة: 20] فذهب الزمخشري إلى أن (أظلم) يكون متعديًا بنفسه إلى المفعول، وذهب أبو حيان إلى أنه متعدٍّ بحرف الجر لا بنفسه. واستشهد الزمخشري يقول أبي تمام:

    هما أظْلَمَا حاليَّ ثُمَّتَ أجْلَيَا ... شعر ظلاميها عن وَجْهِ أَمْردَ أشْيَبَ عَبْدًا بَيْنَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ العَبْدَ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا، قَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ لَا تَبْكِ، إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِنْ أُمَّتِي لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلامِ وَمَوَدَّتُهُ، لَا يَبْقَيَنَّ فِي المَسْجِدِ بَابٌ إلا سُدَّ، إلا بَابُ أَبِي بَكْرٍ.

    [3654، 3904 - مسلم: 2382 - فتح: 1/ 558]

    (عن بسر بن سعيد) بضم الموحدة، وسكون المهملة، وهذا ساقط من نسخة، وثابت في أخرى مع واو قبل

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1