Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

المسالك في شرح موطأ مالك
المسالك في شرح موطأ مالك
المسالك في شرح موطأ مالك
Ebook809 pages5 hours

المسالك في شرح موطأ مالك

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

كتاب في الحديث والفقه المالكي يشرح كتاب إمام المذهب الفقيه المحدث المجتهد المتبوع والمشهود له ويهدف إلى تيسير فهمه على قارئيه من الطلاب والعلماء وهو مقسم على الابواب الفقهية الطهارة الحيض الصلاة السهو ا
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJun 26, 1901
ISBN9786486592055
المسالك في شرح موطأ مالك

Read more from أبو بكر بن العربي

Related to المسالك في شرح موطأ مالك

Related ebooks

Related categories

Reviews for المسالك في شرح موطأ مالك

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    المسالك في شرح موطأ مالك - أبو بكر بن العربي

    الغلاف

    المسالك في شرح موطأ مالك

    الجزء 7

    أبو بكر بن العربي المالكي

    543

    كتاب في الحديث والفقه المالكي يشرح كتاب إمام المذهب الفقيه المحدث المجتهد المتبوع والمشهود له ويهدف إلى تيسير فهمه على قارئيه من الطلاب والعلماء وهو مقسم على الابواب الفقهية الطهارة الحيض الصلاة السهو ا

    باب التَّسمية على الذَّبيحة

    مالك (1)، عن هِشَام بنِ عُرْوَة، عن أبيه، قال: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلّى الله عليه وسلم - فَقِيل لَهُ: إِنَّ نَاسًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ يَأتُونَنَا بِلُحْمَانٍ وَلَا نَدْرِي هَلْ سَمَّوُا اللهَ عَلَيهَا أَم لَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم -: سَمُّوا اللهَ عَلَيْهَا ثُم كُلُوها.

    قالَ مَالكٌ: وذلِك في أوَّلِ الإِسْلَامِ.

    الإسناد:

    قال الإمام: هذا حديثٌ مُرسَلٌ (2)، وقد أَسندَهُ جماعةٌ من الرُّواةِ (3) عن هشام، عن أبيه، عن عائشة (4)، وهو حديثٌ صحيحٌ، وفيه علْمٌ كثيرٌ، لذلك صَدَّرَ به مالك في صدر هذا الكتاب، والله أعلمُ. (1) في الموطَّأ (1403) رواية يحيى، ورواه عن مالك: محمّد بن الحسن (657)، وابن بُكَيْر لوحة

    178/ ب [تركيا] والقعنبيّ عند أبي داود (2822).

    (2) وقد صحّح أبو زرعة هذه الرِّواية المرسلة في علل الحديث لابن أبي حاتم: 2/ 17 (1525).

    (3) انظرهم في التمهيد: 22/ 298.

    (4) أخرجه البخاريّ (2057).

    الفقه في أربع مسائل:

    المسألة الأولى (1):

    قوله: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ نَاسًا يَأتُونَنَا بِلُحْمانٍ وَلَا نَدْرِي هَلْ سَمَّوُا الله عَلَيهَا أَمْ لَا؟ وإقرارُ النَّبيَّ - صلّى الله عليه وسلم - على هذا السؤال دليلٌ على اعتبار التّسمية في الذَّبح (2)،

    وقد اختلف أهلُ العلم في تأثيرِ التَّسمية في الذَّبيحة: فروَى ابنُ القاسم عن مالك في المدوّنة (3) فيمن تعمَّدَ ترك التّسمية على الذَّبيحة لم تُؤْكَل، فإن تركها ناسيًا أُكِلَت، وإلى هذا ذهب الأَبَهَرِيّ (4) وعبد الوهّاب (5)، وبه قال أبو حنيفة (6).

    وقال أشهب: تُؤْكَل إِلَّا أنّ يترك ذلك مستخِفًا.

    وقال ابنُ القصّار (7) وابن الجَهْم (8): إنَّ تَرَكَها عامِدًا كره أكلها ولم تحرم.

    وقال الشّافعيّ: من تركها عامدًا أو ناسيًا تُؤكَل (9).

    ودليلُنا على وجوب التّسمية وأنّها شرطٌ في صحَّة الذّبيحة مع الذِّكر: قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} (10).

    ودليلُنا من جهة القياس: أنّ هذا معنى وَرَدَ في الشرع بأنّه فسوق، فوجب أنّ يكون حرامًا، أصلُ ذلك: سائر الفسوق من قَذْفِ المُحْصَنَات والزِّنا وشُرْب الخمر. (1) هذه المسألة مقتبسة - مع الاختصار - من المنتقى: 3/ 104 - 105.

    (2) بل قال بعض العلماء فيما نقله عنهم البوني في تفسير الموطَّأ: 77/ ب وهذا يدلُّ على أنّ التّسمية على الذبيحة ليست بفرضٍ، لأنّها لو كانت فرضًا لم تُسْتَبَح بالشَّكِّ.

    (3) 3/ 51 في كتاب الذّبائح (صادر).

    (4) حكاه عنه ابن القصّار في عيون المجالس: الورقة 700 [2/ 961].

    (5) في المعونة: 2/ 698.

    (6) انظر مختصر الطحاوي: 295، والمبسوط: 11/ 226.

    (7) كما في عيون المجالس: الورقة 700 [2/ 961].

    (8) في مسائل الخلاف: لوحة 267/ أ - ب.

    (9) في الأم: 2/ 227 (ط. النجار)، وانظر الحاوي الكبير: 15/ 95.

    (10) الأنعام: 121.

    المسألة الثّانية (1):

    إذا ثبت ذلك، فالذي يُستعمَل من التّسمية، قال ابن المَوَّاز: يُستعمل بسم الله والله أكبر (2).

    وقال ابنُ حبيب. ولو قال بسم الله ويقطع، والله أكبر, أو لا إله إِلَّا الله، أو سبحان الله، أو لا حول ولا قوة إِلَّا باللهِ، من غير تسمية أجزأه، ولكن ما عليه النَّاس أفضل: بسم الله والله أكبر.

    ووجه ذلك: أنّ هذا ذكر الله تعالى.

    وقال مالك في العُتْبِيّة (3): وإن زاد ذابحُ الأُضْحِيَّة: رَبَّنَا تقبَّل مِنَّا إنَّك أنتَ السَّمِيعُ العلّيم، فهو حَسَنٌ، وكره العلماء أنّ يقال: اللهُمَّ منكَ وإليك، وشدّد الكراهية فيه العلماء (5) وقالوا (6): إنّما يقالُ ذلك إذا أعتق.

    المسألة الثّالثة (4):

    وقوله - صلّى الله عليه وسلم -: سَمُّوا الله ثُمَّ كُلُوا يحتمِل أنّ يريدَ عند الأكل؛ لأنْ ذلك ممّا يَقِىَ عليهم من التَّكليفِ. وأمّا التّسمية على ذبح توَلَّاهُ غيرهم من غير علمهم (7)، فلا تكليفَ عليهم فيه، وإنّما يُحمَل على الصِّحَّة حتّى يتبيَّن خلافها.

    ويحتمل أنّ يريدَ: سَمُّوا الله فتستبيحوا أكل ما لم تعرفوا أَذُكِرَ اسمُ اللهِ عليه أم (1) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 3/ 105.

    (2) ذكره ابن أبي زيد في النوادر والزيادات: 4/ 360 وهو الّذي اختاره في الرسالة: 185.

    (3) 3/ 280 في سماع ابن القاسم، من كتاب أوّله: باع غلامًا.

    (4) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 3/ 105.

    لا، إذا كان الذّابح ممّن تصح ذبيحتُه وإن سَمَّى الله تعالى.

    المسألة الرّابعة (1):

    وقول مالك: فِي أَوَّلِ الإِسْلَامِ كَانَ ذَلِكَ لما رُوِيَ في حديث عائشة (2) أنّ الذّابحين كانوا حديثي عهدٍ بالإِسلام ممّن يصح ألَّا يعلموا مثل هذا ولم يبلغ بعدُ إليهم الشّرع، أو ممَّن يكثر منهم النِّسيان لمثله، لما لم تَجْرِ لهم به عادة، وأمّا الآن فقد جرت به العادة حتّى لا يكاد ذَابِحٌ يترك التّسمية، ولا يوجد أحدٌ لا يعلم أنّ التّسمية مشروعةٌ عند الذَّبح.

    حديث مالك (3)، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ؛ أَنَّ عَبدَ اللهِ بْن عَيَّاشِ بْنِ رَبِيعَةَ المَخزُوميِّ أَمَرَ غُلَامَا لَهُ أَنْ يَذْبَحَ ذَبِيحَةً، فَلَمَّا أَرَادَ أنّ يَذْبَحَهَا قَالَ لَهُ: سَمِّ الله، فَقَالَ الغُلَامُ: قَدْ سَمَّيتُ، قَالَ لَهُ: سَمِّ الله وَيْحَكَ، قالَ لَهُ: قَدْ سَمَّيتُ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَيَّاشٍ: واللهِ لَا أَطعَمُهَا أَبَدًا.

    الفقه في مسائل:

    المسألة الأولى (4):

    قال علماؤنا في معنى هذا الحديث: إنّه ترك التّسمية عامدًا، وهو قول مالك فيمن ترك التّسمية عامدًا أنّها لا تؤكل، وفي المدوّنة (5) قال مالك في تفسير هذا الحديث: لا أرى ذلك على النَّاس إذا أخبرَ الذَّابحُ بأنّه قد سمَّى، ورَوَى ابنُ حبيب عن مُطَرِّف عن مالك مثله، فعلى هذا يكون فعل ابن عيّاش على وجهِ الوَرَعِ، والأخذ في خاصَّتِهِ (1) هذه المسألة اقتبسها المؤلِّفُ من المنتقى: 3/ 105.

    (2) الّذي أخرجه البخاريّ (5507) بلفظ: وكانوا حَدِيثِي عَهْدٍ بالكُفْرِ.

    (3) في الموطَّأ (1404) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (2143).

    (4) اقتبس المؤلِّف هذه المسألة من المنتقى: 1/ 105 بتصرُّف.

    (5) 1/ 51 فى كتاب الذّبائح (صادر).

    بالأَحْوَطِ، ولعَّلَهُ قد أباح لغيره أكلها، أو تصدَّق بها أو أعطاها، وأمّا أنّ يُحرِّم أكلها فلا يجوز ذلك، ولا يجوز اطِّراحها؛ لأنّ في ذلك إضاعة المال. قال مالك (1): وحسبت أنّه اتّهم الغلام حين لم يُسْمِعْهُ التَّسميَة، فمن تورَّعَ كما تورّع ابن عيّاش فلا بأس به.

    قال عبد الملك: وإنّما الرُّخصة فيما لا تُهْمَةَ فيه، مثل حديث هشام بن عُرْوَة المتقدِّم، وهو الّذي ذكره مالك خلافًا لما ذكره أوَّلًا؛ لأنَّ من اتَّهم غيره بترك التّسمية كان الأحوط اطِّراح ذبيحته والامتناع منها, ولا يصدّق فيما أخبر به من تسميَتِهِ، والله أعلم.

    باب ما يجوزُ في الذَّكَاةِ حالَ الضَّرُورةِ

    حديث زيْد بن أَسْلَم (2)، عن عَطَاء بن يَسَارٍ في هذا الباب حَسَنٌ (3).

    الأصول (4):

    قال الإمام: اعلم أنّ الله تعالى شَرَّفَ الآدميّ بأن خَلَقَ له غيره، ويسَّرَهُ له في جَلْب منفعة أو دفع مضَرَّة، وزاد في المِنَّة، حتّى أَذِنَ له في إيلام الحيوان الّذي هو نظيرُه في اللَّذَّةِ والأَلَم، وأَمَرَهُ بإتْلاف نفسه وإنزال الأَلَمِ به، تارةً في التَّقَرُّب إليه كالهدايا والأَضَاحىِّ، وتارةً في التَّلذُّذِ به كذبحه للأكل. ونوّعه على قسمين: متأنس يُدْرِكُه بغير (1) في المنتقى: وقد رَوَى ابن حبيب في كتابه، قال مالك.

    (2) في الموطَّأ (1405) رواية يحيى، ورواه عن مالك: أبو مصعب (2146)، ومحمد بن الحسن (640) وابن بُكَيْر لوحة 178/ ب [نسخة تركيا].

    (3) يقول ابن عبد البرّ في التمهيد: 5/ 136 هكذا رواه جماعة رواة الموطَّأ مُرْسلًا، ومعناه متَّصِلٌ من وجوه ثابتة عن النَّبىِّ - صلّى الله عليه وسلم -.

    قلنا: أخرجه موصولًا النّسائي: 7/ 225 - 226 من طريق جَرير بن حازِم، عن أيّوب، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدّريّ. وانظر سَنن أبي داود (2816).

    (4) انظر كلامه في الأصول في القبس: 2/ 613.

    حَوْلٍ ولا حِيلَةِ، وآخرَ لا يُوصَلُ إليه إِلَّا بالحول أو الحيلة، كالدُّرَّاجِ والطّائر، ويسَّر له الأسباب الّتي يصيدُ بها الدّوارج، وعلَّمَهُ الحِيَلَ الموصلة إليه، وهي الّتي ينزل بها الطّير من العُلُوِّ، وقد بيَّنَّا هذه الأسباب في كتاب التّفسير من هذا الكتاب (1).

    وأمر سبحانه عند إخباره عن هذه المِنَّة بالرِّفْقِ والتُّؤَدَةِ، فقال رسولُ اللهِ - صلّى الله عليه وسلم -: إِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذبَحْتُمْ فأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أحَدُكُمْ شَفْرتَهُ، وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ (2) فلا بد من اعتبار الذّابح والذّبح والمذبوح، وفي ذلك أربع مسائل: المسألةُ الأولى: في صِفَةِ المُذَكِّي المُسْلِم. المسألة الثّانية: في صِفةِ ما يُذَكَّى. المسألةُ الثّالثة: في صِفَةِ الذَّكَاةِ. المسألةُ الرّابعة: في مَحَلِّ الذَّكاةِ (3).

    المسألة الأولى: في معرفة صفة الذّابح

    وهو أنّ يكون كتابيًّا عارفًا، فإنّ المجوسيّ محرّم الذَّبح، وأمّا الذّميّ فمأذُونٌ له في الذَّبْح؛ لأنّه صاحب كتاب.

    وأمّا اشتراط العِرْفَان في الذَبْح؛ فلأنّه إنَّ لم يعرف الذّبح آلَمَ البهيمةَ، وحَرُمَ الأكل بإِفسادِ الذَّبح، وإنّما جازَ إيلامُها لفائدة الانتفاع بها.

    وأمّا المذبوحُ، فأن يكون مأْذُونًا في أكله، حلالًا في نفسه، حيًّا، ومعنى قولنا: حَيًّا احترازًا من الموقوذة وأخواتها، والمتردِّية، والنَّطيحة، وما أكل السَّبع، حسب ما وردَ تفسيره قَبْلُ، والخَلِيسَة وهي الّتي تُنْزَعُ من يد الذِّئب حسَبَ ما ورد في السُّنَّة (4)، وبيَّنَّاه قبلُ. (1) لا نعلم عن هذا الباب شيئًا، فالنسخ المعتمدة في التحقيق خالية من هذا الكتاب، وأحال في القبس على شرح سورة المائدة من كتاب الأحكام: 2/ 529 - 531.

    (2) أخرجه مسلم (1955) عن شدّاد بن أَوْس.

    (3) انظر الكلام التالي في القبس: 2/ 614.

    (4) في الحديث الّذي رواه أحمد: 4/ 127، والترمذي (1474)، وضعفه الألباني (ضعيف التّرمذيّ 250).

    المسألة الثّانية (1): في صفةِ ما يذكَّى به

    فإنّه عند علمائنا: كلُّ محدودٍ يمكن به إنفاذ المقاتل وإنهار الدَّمِ بالطَّعْن في لَبَّة ما يُنْحَر، وبفرْي أوداج ما يُذْبح، ممّا لا يختصُّ بطائفة من الكُفَّار في قتل الحيوان للأكل.

    وقال ابنُ المَوَّاز عن مالك: وقد أجاز رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - الذَّكاةَ بالحَجَر والشَّظَاظِ (5) وقال: يريد المروة وشقّة العَصَا والقَصَب، وكلُّ ما أَنْهَرَ الدَّم فَكُلْ، إِلَّا السِّنَّ والظُّفُر. قال محمّد: وهو مذهب مالك.

    وقال ابن حبيب: ومما يُذَكَّى به الضّرار (2).

    وروى ابنُ وَهْبٍ عن مالك في المبسوط أنّ كلّ شيءٍ من فخّار أو عظم أو قرن، فجائزٌ الذَّبح به.

    قال (3): ولا بَأْس أنّ يذبح بِفَلْقَة العَظم ذكيًا كان أو غير ذكي إذا بَضَعَ اللَّحْمَ وأنّهر الدَّمَ.

    فحصلَ الخلافُ بين رواية ابن المَوَّاز وبين ما أوردناه قبلُ في الذَّكاة بالعَظْم والظُّفر. وقد اختلف علماؤنا العراقيُّون في ذلك: (1) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 3/ 106 - 107 بتصرُّف.

    (2) الّذي في المنتقى: وقال ابن حبيب: ممّا يُذَكَّى به الضّرار، جمع ضرر، وهي فلقة الحجر، واللِّيطة وهي فلقة القصب، والشّطر: فلقة العصا.

    (3) القائل هو ابن حبيب كما في المنتقى.

    فقال ابنُ القصّارِ في كتابه (1): الظّاهر من مذهب مالك أنّه لا يستبيحُ الذّكاة بالسِّنِّ والظُّفُر. ورأيت لبعض أشياخنا (2) أنّه مكروهٌ ومُبَاحٌ بالعَظم، وعندي أنّ السِّنَّ إذا كان عريضًا محدودًا، والظُّفُر إذا كان كذلك، حتَّى يمكن قطع الحُلْقُوم به في مرَّةٍ واحدةٍ، فإنّه تصِحُّ الذَّكاةُ به، وكذلك سائر العظام متَّصلة أو منفصلة، سواء كان ممَّا يُؤْكَل لحمُهُ أو لا يُؤْكَل.

    وقال الشّافعيُّ: لا تجوز الذَّكاةُ بذلك (3)، مثل الرِّواية الأُولى عن مالك.

    وقال أبو حنيفة: إنَّ كانا منفصلّين صحَّتِ الذّكاة بهما (4).

    والرَّواية الّتي نَسَبَها ابنُ القصَّار لأبي حنيفة هي لابنِ حبيب في الواضحة (5) قال: وإذا كان الظُّفُر والسِّنُّ منزوعين وعَظُمَا حتّى يمكن الذَّبْح بهما فلا بَأس بذلك.

    توجيه (6):

    أمّا وجه الرِّواية بالمنع: لما ورد عن النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلم - أنَّه قال: مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ فَكُلْ، ليسَ السِّنُّ وَالظُّفُرُ، وَسَأُخبِرُكُمْ عَنْهُ: أَمَّا السِّنُّ فَعَظمٌ، وَأَمَّا الْعَظمُ فَمُدَى الحَبَشَةِ (7).

    ودليلُنا من جهة القياس: أنّ الشَّرعَ قد وَرَدَ باعتبار صفة الذّابح واعتبار صفة الآلة، (1) المسمى بعيون الأدلة في مسائل الخلاف بين علماء الأمصار، وقد وصلنا كاملًا مختصره المسمى: عيون المجالس للقاضي عبد الوهّاب، انظر الورقة 698 [2/ 957].

    (2) في عيون المجالس: أشياخنا من أصحاب مالك.

    (3) انظر الأم: 2/ 259.

    (4) انظر المختصر: 209، ومختصر اختلاف العلماء: 3/ 208. عبارة ابن القصّار - كما في عيون المجالس: الورقة 698 [2/ 257]، وبهذا قال أبو حنيفة إذا كان منفصلًا غير متّصلٍ.

    (5) نصّ على هذه الرِّواية ابن أبي زيد في النّوادر والزيادات: 4/ 362.

    (6) هذا التّوجيه مقتبس من المنتقي: 3/ 106.

    (7) سبق تخريجه.

    ثُمّ ثبت أنّه ما نَهَى عنه من صفة الذّابح يمنعُ صحَّة الذَّبْح، فكذلك ما نَهَى عنه من صفة الآلة.

    وتحريرُهُ: أنّ هذا معنى وردَ في الشَّرْع باعتبار صفته في الذَّبح، فلم يجز استعمال ما نهي عنه من ذلك، أَصْلُه الذَّبح.

    ووجهُ رواية الإباحة: قوله تعالى: {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} (1) والذَّكاةُ فَرْيُ الأوداج، وقد وُجِدَ من هذا الّذي ذَبَح بالسِّنِّ والظُّفُر، فوجب أنّ تُؤكَل ذبيحتُه.

    ومن جهة القياس: أنّ هذا معنى فري الأوداج، فجاز الذَّبح به كالحديد.

    مسألة (2):

    فإذا ثبت ذلك، فقد قال ابنُ القصَّارِ (3): تجوزُ الذّكاةُ بالسِّنِّ والظُّفْر، وأجاب عن الحديث بجوابين:

    أحدهما: أنّه يُحْمَل على الكراهية.

    والثّاني: أنّه يُحمَل على السِّنِّ والظُّفر الصّغيرين اللَّذين لا يصحّ قطع الأوداج بهما.

    فعلى هذا في المسألة ثلاثة أقوال:

    * أحدها: أنّه لا تجوز الذّكاة بسِنٍّ ولا ظُفْرٍ متَّصِل ولا منفصل، وهي الرِّواية الّتي حكاها ابن القصّار. عن مالك، وهو الظّاهر من رواية ابن الموّاز.

    والرواية الثّانية: أنّه تجوز الذّكاة بهما منفصلّين ومتّصلين، وهذا الظّاهر من رواية ابن وهب عن مالك في المبسوط، وهو اختيار ابن القصّار (4).

    والرواية الثّالثة: تجوز الذّكاة بهما منفصلّين ولا تجوز الذّكاة بهما متّصلين، وهذا الّذي قاله ابن حبيب. (1) المائدة: 3.

    (2) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 3/ 106 - 107 ما عدا الفقرة الأخيرة.

    (3) في عيون المجالس: الورقة 698 [2/ 956]، للقاضي عبد الوهّاب.

    (4) في عيون المجالس: الورقة 698 [2/ 957].

    والرِّواية* الأولى أصَحُّها عندي.

    ورأيتُ ابنُ القصّار قد شَرَطَ في صفة ما يذكَّى به فري الأوداج والحلقوم في دفعة واحدة، وما كان من ذلك لا يفريهما إِلَّا في دفعات فلا تجوز الذّكاةُ به، وقال: ولو وجد هذا من السِّكين لمنعنا منه.

    ورأيت ابن حبيب (1) قد قال في المنجل المضرّس: لا خير في الذّكاة به؛ لأنّه لا يقطع كما تقطع الشّفرة إذا ردّدت به اليد للإجهاز. وقال ابن حبيب قوله: ولا يردّد يعني لا يرفع يده ثمّ يردّها، ولعلّ ابن القصّار قد أراد هذا (2).

    فإن رفع يَدَهُ وقد نسي التّسمية ثمّ أعاد وسمَّى، فقال علماؤنا المالكية: إنَّ تارك التّسمية عَمْدًا لا تُؤْكَل ذبيحته عند مالك (3) وأبي حنيفة (4). وقال الشّافعيّ (5): تُؤكَل.

    المسألة الثّالثة (6): في صفة الذّكاة

    قال علماؤنا (7): السُّنَّةُ أخذ الشَّاةِ برِفقٍ، وتُضْجَع على شقِّها الأَيسر إلى القِبلَة، (1) انظر قول ابن حبيب في النوادر والزيادات: 4/ 362.

    (2) لأنّ ترديد يدُ الذّابح من غير رفع لا بدّ منه في الغالب الأعمّ.

    (3) انظر المدوّنة: 1/ 51 كتاب الذّبائح (ط. صادر).

    (4) انظر مختصر الطحاوي: 295، ومختصر اختلاف العلماء: 3/ 198.

    (5) في الأم: 2/ 227، 237 (ط. النجار).

    (6) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 3/ 107.

    (7) في المنتقي: قال محمّد [ابن الموّاز] في كتابه وانظر نصّ الموازية في النوادر والزيادات: 4/ 359.

    ويأخذ بيده اليُسرى جلد حلْقِها بين اللَّحْي الأسفل والصُّوف، فيمُدُّه حتّى يتبين البشرة وموضع السّكين في المذبح حيث الجوَزة في الرّأس، ثمّ يسمّي الله تعالى ويمرّ السكين مرًّا مجهزًا بغير ترديدٍ، ثمّ يرفع ولا يخنع وقد أحَدَّ شفرتَه قبل ذلك، ولا يضربُ بها الأرض، ولا يجعلُ رِجلَه على عُنقها, ولا يجرّها برجليها.

    ووجه ذلك: أنّ الرِّفقَ بها مشروعٌ، لِمَا رَوَى شدّاد بن أوس أنّ النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - قال: إِذَا ذبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحة، وليُحِدَّ أحدكم شفرته ولْيُرِحْ ذبِيحَتَهُ (1).

    فرعٌ (2):

    فإن تركَ التَّوجيه إلى القِبْلَة، ففي المدوّنة (3): يَأْكُلْ مِنْهَا، وَبِئسَ مَا صَنَعَ.

    وقال ابنُ حبيب: إنْ ترك ذلك عامدًا لم تُؤكَل (4).

    توجيه (5):

    فوجهُ الرِّوايةِ الأُولى: أنّه ترك صفةً مندوبًا إليها، وذلك لا يقتضي فساد الذّبيحة كما لو ذبحها بيسراه.

    ووجهُ الرَّواية الثّانية: أنّه قد تركَ ما سُنَّ في الذّكاة عَمْدًا، فأَشْبَه ترك التّسمية قولًا، وظاهرُ قولِهِ في المدوّنة:وَبْئْسَ مَا صَنَعَ يقتضي العَمْدَ، والله أعلمُ. (1) سبق تخريجه صفحة 212، التعليق: رقم: 2 من هذا المجلّد.

    (2) هذا الفرع مقتبس من المنتقي: 3/ 107.

    (3) 1/ 428 - 429 كتاب الذِّبائح.

    (4) انظر النوادر والزيادات: 4/ 359.

    (5) هذا التوجيه مقتبس من المنتقى: 3/ 107.

    فرع (1):

    ومن رفع قبل أنّ يُجهزَ على ذبيحته ثمّ رجع، قال ابنُ حبيب (2): إنَّ رجع في فَوْرِ الذَّبْح قبل أنّ يذهب ويذبح الذّبيحة، فذلك جائز، وإن رجع بعد أنّ تباعد لم تُؤكل.

    قال سحنون: لا تُؤكَل وإن رجع مكانَهُ، تأوّل بعض علمائنا: إِن رفعَ يَدَهُ كالمختبرِ، أو ليرجع فيتمّ الذّكاة، ثمّ رجع في فَورِهِ فأتمّها فإنّها تُؤْكَل.

    وإن كان رفع يَدَهُ على أنّه قد أَتَمَّ الذّكاة ثمّ رجع فأتمّها لم تؤكل.

    قال أبو بكر (3): قلتُ للشّيخ أبي الحسن (4): يجب أنّ يكون الأمر بالعكس، إذا رفع يَدَهُ ليختبر لم تُؤكَل، وإذا رفع على أنّه أتمّ الذَّكاةَ أُكِلت، فَصَوَّبَهُ الشّيخ أبو الحسن.

    واختلفَ (5) العلّماءُ في اندقاقِ العُنُقِ من غير أنّ ينقطع النُّخَاع:

    فرَوَى ابنُ القاسم عن مالك أنّه ليس بمقتلٍ.

    وَرَوَى ابنُ الماجشون ومُطَرِّف عن مالك أَنه مقتلٌ.

    فرع (6):

    وقال علماؤنا: إذا قُطِعَ الرَّأسُ في الذَّبْح لم تُؤْكَل، فذلك إذا كانت نيّته من أوّل الذَّبْح إبانة الرَّأْس؛ لأَنَّه لم يقصد ذكاةً وإنّما قصد قَتلًا.

    وقد قيل: تُجزئه؛ لأنّه ذكاةٌ وزيادة، فلا تضرّه الزِّيادة. (1) أغلب هذا الفرع مقتبس من المنتقى: 3/ 107.

    (2) في الواضحة كما في النوادر والزيادات: 4/ 361.

    (3) هو أبو بكر أحمد بن عبد الرّحمن الخولاني (ت. 432) شيخ فقهاء القيروان، انظر ترجمته في طبقات الفقهاء للشيرازي: 161، وترتيب المدارك: 7/ 239 - 242، والجمهرة لقاسم سعد: 1/ 215.

    (4) هو علي بن محمّد المعافري، المعروف بابن القابسي (ت.403) من كبار علماء القيروان رواية ودراية، انظر ترجمته في: ترتيب المدارك: 7/ 92 - 100، وتبيين كذب المفتري: 122، والجمهرة لقاسم سعد: 2/ 863.

    (5) الكلام التالي إلى آخر الفرع مقتبس من المقدِّمات الممهدات: 1/ 426.

    (6) انظره في القبس: 2/ 618.

    وقولُه - صلّى الله عليه وسلم -: وَذُكِرَ اسْمُ اللهِ (1) فيه غريبةٌ لم يذكرها أحدٌ من العلماء، وهي إجابة السّائلِ بأكثر ممّا سأل عنه.

    وقد اختلفَ علماؤُنا في التّسمية، هل هي شرط في الحلِّ مع الذِّكْرِ أم لا؟ فمشهورُ مذهبنا أنّها شرطٌ (2).

    وقال الشّافعيُّ: ليست بشرطٍ (3).

    وهي مسألةٌ عسيرةٌ، أغمضُ ما فيها قولُه تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} (4).

    فقيل: المرادُ بالآيةِ ما ذُبح لغيرِ الله.

    قلنا: ظاهرُها تحريم ما لم يُذْكر اسم الله عليه، فنحن مع ظاهِرِ اللَّفظِ ومطلَق القول دون التفاتٍ إلى سببٍ، حسب ما بيَّنَّاه في مسائل الخلاف.

    المسألة الرّابعة: في تمييز محلِّ الذّكاة.

    قال علماؤُنا (5): "أباحَ اللهُ لنا ما أباح من الحيوان البرِّي بالذّكاة، والذكاةُ ننقسم على ثلاثة أقسام:

    1 - ذبحٌ.

    2 - وَنَحْرٌ.

    3 - وعَقرٌ".

    فالذبح للغنم وشاكلتها، والنَّحرُ للإِبِلِ وما أشبهها، والعَقْرُ في كلِّ مَحَلٍّ عند عدم القدرة. (1) سبق تخريجه.

    (2) انظر الرسالة لابن أبي زيد: 185.

    (3) انظر الحاوي الكبير: 15/ 95، والوسيط: 7/ 144.

    (4) الانعام: 121. وانظر أحكام القرآن: 2/ 747.

    (5) المقصود هو ابن رشد في المقدِّمات الممهدات: 2/ 428.

    وقال غيره (1) بخلاف هذه العبارة: أمّا الذَّبْح ففي مَا لَهُ دَمٌ سائلٌ من المَمْلُوكِ المَأْسور، والقتلُ فيما كان ممتَنِعًا بنفسه من الصَّيد، وفيما ليس له دمٌ سائلٌ من الحيوان، على ما أحكمته السُّنّة.

    مسألة (2):

    ومحلُّ الذكاةِ في الحيوان على ثلاثةِ أضرُبٍ:

    1 - ضربٌ يختص بالنحر.

    2 - وضربٌ يختصُّ بالذَّبْح.

    3 - وضربٌ يجوز فيه الأمران.

    فأمّا ما يختصُّ بالإبل، فالنّحرُ خاصّة لها.

    وأمّا ما يختصُّ بالذّبح، فجميع الحيوان المذكّى غير الإبل والبقر.

    وأمّا ما يجوز فيه الأمران، فالبقرُ.

    وحُكم الخيل حُكم البقر في الذّكاة لمن استباح أكلها، وقد قال الأَبْهَرِي في شرحه الكبير: وقد قيل: إنَّ عنق البقر لمّا كان فوق عنق الشاة ودون عنق البعير جاز فيها الأمران، لقرب خروج الدِّمِ من جوفها بالذَّبح والنّحر، ولم يجز الذَّبح في البعير لبُعْدِ خروج الدِّم من جوفها بالذَّبْح.

    زاد عبد الوهّاب (3): فيكون في ذلك تعذيبه وزيادة في ألَمِهِ، والنّحرُ فيه أخفّ.

    وقال الأبهري في الفيل إذا نحر: لا بَأْس بالانتفاع بعظمه وجلده، فخَصَّه بالنَّحْر مع قِصَرِ عنقه. (1) وهو القاضي أبو الوليد بن رشد في المقدِّمات الممهِّدات: 1/ 428.

    (2) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 3/ 107 - 108.

    (3) في المعونة: 2/ 693.

    ووجه ذلك عندي: أنّه لا عُنُقَ له، ولكن لغِلظِ موضع حلقه واتِّصاله بجسمه لم يذبح وكان له مَنْحَرٌ، فكانت ذَكَاتُه فيه.

    قال الأبهري: وكذلك لم يجز النّحر في الشّاة لعدم تمكن النَّحر فيها إذ لا لبَّةَ لها.

    زادَ عبدُ الوهّاب (1): ولِقُرْب موضع النَّحر من خَاصِرَتِها، فلا يتمكّن من نحرها إِلَّا بما يصل إلى جوفها، فيكون كالطَّعن فيه.

    مسألة (2).

    فإذا ثبتَ ذلك، فالذَّبحُ (3) أفضلُ في البقر، ورَوَى إسماعيل ابن أبي أُوَيْس عن مالك فيمن نَحَرَ بقرةً: بئْسَ ما صَنَعَ؛ لأنّ الله تبارك وتعالى قال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} (4)، فأمر بالذَّبحِ. قال علماؤنا: لا بدَّ أنّ يكونَ على الوجوبِ أو النّدب، وأقلّ أحواله النّدب، وهذا إنّما يَصِحُّ التّعلُّق به على قول من يقول: إنَّ شريعة من قبلنا شريعة لنا إِلَّا أنّ يتبيَّنَ النّسخ للقضيَّة نفسها، وعلى كلِّ حالٍ فقد قال مالك: إنَّ نُحِرَت تُؤكَل لِمَا قدّمناه أنّه يجوز فيها الأمران.

    مسألة:

    فإذا ثبت ذلك، فإنّ الذَّبحَ في الحَلْقِ، وهو ما دُونَ الجوْزَة يكون إلى الرّأس (5)

    ولذلك قال علماؤنا - رحمة الله عليهم - شرطُ الذّكاة خمسة شروطٍ (6): (1) في المعونة: 2/ 693 - 694.

    (2) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 3/ 108.

    (3) عند مالك، كما نصّ على ذلك الباجي في المنتقى.

    (4) البقرة: 67.

    (5) الكلام السابق هو للباجي في المنتقى: 3/ 108 ونَسَبَهُ إلى ابن المَوَّاز وابنِ حبِيبِ.

    (6) انظرها في القبس: 2/ 617 - 618.

    1 - قطعُ الحُلْقُوم.

    2 - وقطع الأوداج.

    3 - وقطعُ المَرِيء.

    4 - وضعُ الجَوْزَةِ الّتي هي مناط ذلك كلِّه من جهة الرَّأس، لأنّك إن ذبحتَ فوقَها لم تقطع شيئًا من ذلك كلِّه، ولا جَرَى من الدَّمِ إِلَّا ما يكون في الرَّأس، ويَعْضُدُه الحديث الصّحيح المُطلَق، حديث أبي أُمَامَةَ المُفَسِّر قطعَ الأوداج والحُلْقُوم لقوله: مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وقطع الحُلْقُوم؛ لأنَّ من الأطبّاء من يقوَل: إذا سَلِمَ الحُلْقُوم طبت الأوداج، وهذا بعيد، بل المسألةُ بعكسه، قالوا: فيمكن أنّ يعيش فيكون حينئذ إذا ماتَ مقتولًا لا مذكّى، وما أظنُ أنَّ مَنْ قُطعت أَوْداجُه يعيشُ أبدًا، ولذلك قال علماؤنا: إنّه إذا قُطِعَ بعضُ ذلك ولم يُستوفَ أجزأَ.

    وأمّا المريءُ، فلا أعلم له وجهًا (1)، قال (2) ابنُ حبيب: وإن لم يفعل ذلك فإنّه لا يقطع الحُلْقُوم، وإنّما يقطع الجلدة المتعلّقة بلَحْيَي الذّبيحة.

    فإن لم يفعل وتركها (3) إلى الجسد، فالّذي حَكَى عبدُ الوهّاب أنّها لا تُؤْكَل (4)، وبه قال ابنُ حبيب وابنُ شَعْبَان، وكذلك رواه ابنُ المَوَّاز والعُتبِيّ وغيره عن ابنِ القاسم (5). (1) ذكر المؤلِّف في الأحكام: 2/ 542 أنّه لم يصح في المريء شيءٌ.

    (2) من هاهنا إلى آخر المسألة نقله المؤلِّف من المنتقى للباجي: 3/ 108.

    (3) يعني الجوزة، وهو ما يسمّى عند الفقهاء بالغلصمة.

    (4) انظر المعونة: 2/ 691، والإشراف: 2/ 251 حيث نصّ على وجوب قطع الاوداج والحلقوم جميعًا.

    (5) زاد في المنتقى: ورواه ابن وضّاح عن عبد الله بن عبد الحكم، ورواه محمّد بن عمر عن مالك. وانظر رواية العتبي في كتابه العتبية: 3/ 308 في سماع أشهب وابن نافع، من كتاب الجنانز والصيد.

    ورَوَى ابنُ وَهْب وابنُ عبد الحَكَم عن مالك (1) أنّها تُؤكَل (2)، وكذلك رواه أشهب (3) وأبو مصعب وموسى بن معاوية، وقال ابن وضَاح (4): لم يُحْفَظ عن مالك فيها شيءٌ، ولم يُتَكَلَّم فيها إِلَّا في زمان ابنِ عبدِ الحَكَم وأبي مُصْعَب الزهري ونزلت به.

    ووجهُ رواية المنع: أنّ الذَّابحَ فوق الجوزة لا يذبح في الحُلْقُوم وهو محل الذّكاة.

    مسألة (5):

    فإذا ثبت ذلك، فإنّ الذَّكاةَ على حالتين:

    1 - حال اختيار.

    2 - وحال ضرورة.

    فأمّا حال الاختيار؛ فإنّ محلّ النَّحْرِ اللَّبَّة، ومحل الذَّبح الوَدَجَان وَالحُلْقُوم، فمن نقل شيئًا من ذلك عن محلِّه، فلا يخلو أنّ ينقله إلى ما هو محلّ للذّكاة، أو إلى غير محلّ الذّكاة، مثل أنّ ينحر ما يجب ذبحه، أو يذبح ما يجب نحره، أو ينقله إلى ما ليس بمحلّ للذّكاة.

    فأمّا الوجه الأوَّلُ ففي كتاب ابن المَوَّاز عن مالك: لا تُؤْكَل ساهيًا فَعَلَ ذلك أو عامِدًا (6).

    وقال أشهبُ: تُؤكَل. (1) في المنتقى: أمّا ابنُ وهب فروى عنه العُتْبيّ وغيره أنّها تؤكل ... .

    (2) ووجه هذه الرِّواية أنّ هذا من الحَلْق في موضع تتعجّل به الذّكاة ويسهل على الذّبيحة فصحّت فيه الذّكاة، أصل ذلك إذا كانت الجوزة في حيّز الرّأس.

    (3) في المنتقى: وكذلك روي عن أشهب ومحمد بن عبد الحَكم ... .

    (4) انظر قوله في النوادر والزيادات: 4/ 360.

    (5) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 3/ 108 - 109.

    (6) ووجه قول الإمام مالك: أنّ هذا حيوان مقدور عليه، فلا يُستباحُ إِلَّا بالذّكاة المعهودة المختصّة به، أصل ذلك إذا طعن في خاصرته.

    وقال عبدُ الوهّاب (1): إِنّ أصحابنا اختلفوا في ذلك - أعني في رواية المنع - على وجهين:

    1 - فمنهم من منع منه كراهيةً.

    2 - ومنهم من منع منه تحريمًا، وبه قال ابن حبيب.

    وقال عبدُ الوهّاب (2): وزاد ابنُ بُكَير في ذلك وجهًا ثالثًا وهو أنّه قال: يُؤكل البعيرُ إذا ذُبحَ، ولا تُؤْكَلُ الشَّاةُ إذا نُحِرَتْ.

    قال (3): ووجهُ ذلك: أنّ البعيرَ له موضع ذبح وموضع نحر، والشّاة لا منحر لها؛ لأنّ موضع لبتها يقرب من خاصِرَتِها، فيكون كالطَّاعن لها.

    وأمّا إنَّ ينقل الذّكاة إلى غير محلِّها بوجه، مثل أنّ يذبح في القَفَا فقد قال ابنُ حبيب: إِنْ ذبح في القَفَا أو في الصَّفحة الواحدة، لا أَرَى أنّ تُؤْكَل؛ لأنّه ذَبَحَ في غير المَذبَح، ومثلُه لابن المَوَّاز، ومثله لأشهب في العُتبِية (4) عن مالك أنّها لا تُؤكل، وأمّا من أراد أنّ يذبح في الحلقوم فأخطأ وانحرفَ، فإنها تُؤكل (5).

    توجيه (6):

    وأنا وجهُ المنعِ من أكل ما ذُبِحَ في القَفَا؛ لأنّ الذّكاة من شرطها أنّ يكون أوّل ما ينفذ من مقاتلها قطع الحُلْقُوم والوَدَجَيْن، ويكون ذلك سبب موت الذَّبيحة،* ومن ذبح في القفا فقد بدأ بقطع العنق وفيه النّخاع وهو من المقاتل، فكان ذلك سبب موت الذّبيحة (1) انظر نحوه في المعونة: 2/ 693.

    (2) في المعونة: 2/ 693.

    (3) القائل هو القاضي عبد الوهّاب في المصدر السابق.

    (4) 3/ 284 من سماع أشهب وابن نافع، وانظر النوادر والزيادات: 4/ 361.

    (5) إِلَّا أنّ الإمام مالك قال في المدوّنة: 3/ 62 (ط. صادر) في رجل ذبح وهو يريد الذَّبح فأخطأ، فذبح من العنق أو من القفا، أنّها لا تؤكل.

    (6) هذا التّوجيه مقتبس من المنتقى: 3/ 109.

    دون فري الوَدَجَيْن والحلقوم، قاله القاضي أبو إسحاق. (1)

    وأمّا روايةُ أَشْهَب في أنّ مَنْ أخطأَ فانحرفَ فإنَّ ذبيحته تُؤكَل، فإنّها تحتاج إلى تفصيل، وذلك أنّه إِن استوعبَ قطْعَ الوَدَجَين والحُلْقُوم قبلَ قطع النُّخاع، فإنّ ذلك مبيحٌ للذّبيحة؛ لأنّه أتى بشروط الذّكاة، فلا يضرُّه ما زاد من شقّ الجلد بانحرافه، وإن كان لم يستوعب ذلك جملة، أو استوعبه بعد قَطعِ النُّخاع بقطع العُنُق، فإنَّ ذكاتَهُ عندي لا تصحّ، وهو عندي معنى* قول ابن حبيب: إنَّ ذَبَحَ في الصَّفحة الواحدة لم تُؤكَل.

    مسألة (2):

    وأمّا حالُ الضّرورة، فإنّها على ضربين:

    1 - ضرورةٌ تمنع من التمكُّن من الحيوان.

    2 - وضرورة تمنعُ من الوصولِ إلى موضعِ ذكاته.

    فأمّا ما يمنع من التَّمكُّن منه كالبعير الشَّارِدِ، فلا يُقْدَر عليه إِلَّا بِرَمْيِه أو طعنه، فإنّه لا يُؤْكَل ما قُتِل بذلك.

    والدّليل على ما نقوله: أنّ هذه من بهيمة الأنعام، فلا تُؤكَل إِلَّا بالذّبح أو النَّحْر كالمقدور عليه.

    مسألة (3):

    إذا ثبت هذا، فإن هذا حكم الغَنَم والدّجاج، إذ ليس لها أصل في التَّوحُّش ترجِعُ إليه، وأمّا البقر فقال ابنُ حبيب في واضحته: عندي أنّ لها أصلًا من بقر الوحش، فإذا توحَّشَت حلَّت عندي بالصَّيد. (1) هو إسماعيل بن إسحاق (ت.282) القاضي البغدادي المشهور، صاحب كتاب المبسوط، انظر ترجمته في طبقات الشيرازي: 164، وترتيب المدارك: 4/ 276، والجمهرة لقاسم سعد: 1/ 324.

    (2) هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: 3/ 109 بتصرُّف.

    (3) هذه المسألة مقتبسة من المنتقي: 3/ 109.

    وهذا الّذي قاله فيه نظر؛ لأنّ بقر الوحش ليست بأصل للبقر الإنسيّة، ولا شبهها في خلقٍ ولا صورة الإنسية، وإنّما يتّفقان في الاسم، كما أنّ حمر الوحش ليست بأصلٍ للحمر الإنسيّة، ولا الماعز البرِّي بأصل الغَنَم المعزية الأنسيّة، ولذلك فرّق بينهما في حكم المحرم.

    وأمّا ما أصلُه التّوحُّش من الظَّباء والأرانب (1) والبُرَك والإوَزّ الإنسيّة إذا استوحشت، ففي المُدَوَّنة (2): كره مالك أنّ يذبحَ المحرمُ الإوزّ والدّجاج ممّا يطير.

    مسألة (3):

    واختلف قولُ مالك في الصَّيد يُرْمَى بسهمٍ مسمومٍ ثمّ يذبح، فقال في العُتْبِيّة (4) والموَّازية: لا نأكله، ولعلّ السُّمَّ أعان على قتله، وأخافُ على من أَكلَهُ (5). (1) الظّاهر أنّه سقطت في هذا الموضع عبارة هي - كما في المنتقى - كالتّالي: ... والأرانب والأياييل وحمر الوحش تتأنّس ثمّ تستوحش فإنها تحلّ بالصيد، وقاله مالك في الهوام واليعاقيب، وقال ابن الماجشون: وكذلك حمام البيوت والبرك ... .

    (2) 1/ 335 وعبارة المدوّنة هي كالتالي قال [ابنُ القاسم]: فقيل لمالك: إنْ حمامًا عندنا يقال لها الرّومية لا تطير إنّما تتخذ للفراخ؟ قال: لا يُعجبني لأنّها تطير، ولا يعجبني أنّ يذبح المحرم شيئًا ممّا يطير. قال [ابن القاسم]: فقلنا لمالك: أفيذبح المحرم الأوز والدّجاج؟ قال: لا بأس بذلك. [قال سحنون] قلت لابن القاسم: أليس الأوز طيرًا يطير، فما الفرق [في الأصل: فرق] بينه وبين الحمام؟ قال: قال مالك: ليس أصله ممّا يطير، وكذلك الدّجاج ليس أصله ممّا يطير.

    (3) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 3/ 122، وحقّها أنّ تكون في كتاب الصيد كما هي في الأصل المنقول عنه.

    (4) 3/ 277 في سماع ابن القاسم عن مالك.

    (5) قال الإمام الباجي في المنتقى: 3/ 122 وهذا عندي إذا لم ينفذ مقاتله السّهم، فإن أنفذ مقاتِلَهُ فقد ذهبت علّة واحدة وهو خوفه أنّ يعين علي قتله السَّهْمُ، وبقيت علّة ثانية وهي مخافته على آكله، فلا يجوز حينئذ أنّ يأكله أنفذ السَّهْمُ مَقاتِلَهُ أو لم ينفذها، فإن كان من السموم الّتي تؤمن ولا يتقّى على أكل الصّيد منها شيءٌ كالبقلة، فقد ارتفعت العلّتان وجاز أكله على رواية ابن القاسم.

    مسألة (1):

    2 - وأمّا الضّرورةُ الّتي تمنعُ منَ الوصولِ إلى موضعِ الذَّكاةِ، فهي على قسمين: أحدهما: أنّ تمنعَ الوصول إلى محلِّ ذَكاتها, ولا تمنع الوصول إلى مَوْضِعِ نحرِها.

    الثّاني: أنّ تمنع الوصول إلى موضع ذلك جملة.

    أمّا الأوَّل: فهو مثل أنّ تمنع الوصول إلى منحر البعير، ولا تمنع الوصول إلى مذبحه، أو تمنع الوصول إلى مذبح الشاة ولا تمنع الوصول إلى منحرها، فهذا قد قال مالك في غير موضع: إنَّ الشاة تُؤْكَل حينئذٍ بالنَّحْرِ والبعير بالذَّبْح.

    ووجهُ ذلك: أنّ هذه ذكاة في بهيمة الأنعام (2). (1) هذه المسألة مقتبسة من المنتقى: 3/

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1