Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

منحة الباري بشرح صحيح البخاري
منحة الباري بشرح صحيح البخاري
منحة الباري بشرح صحيح البخاري
Ebook848 pages5 hours

منحة الباري بشرح صحيح البخاري

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

تحفة الباري أو منحة الباري بشرح صحيح البخاري لشيخ الإسلام أبي يحيى زكريا الأنصاري الشافعي، هو شرح لصحيح البخاري كثير الفوائد، تفرد بأشياء لم يأت بها سابقوه مع أنه عبارة عن ملخص لعشرة شروح على الصحيح كما قال الغزي، يكشف عن معاني الصحيح، ويبرز عن مباني إعرابه
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJul 14, 1902
ISBN9786798978455
منحة الباري بشرح صحيح البخاري

Read more from زكريا الأنصاري

Related to منحة الباري بشرح صحيح البخاري

Related ebooks

Related categories

Reviews for منحة الباري بشرح صحيح البخاري

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    منحة الباري بشرح صحيح البخاري - زكريا الأنصاري

    الغلاف

    منحة الباري بشرح صحيح البخاري

    الجزء 6

    زكريا الأنصاري

    926

    تحفة الباري أو منحة الباري بشرح صحيح البخاري لشيخ الإسلام أبي يحيى زكريا الأنصاري الشافعي، هو شرح لصحيح البخاري كثير الفوائد، تفرد بأشياء لم يأت بها سابقوه مع أنه عبارة عن ملخص لعشرة شروح على الصحيح كما قال الغزي، يكشف عن معاني الصحيح، ويبرز عن مباني إعرابه

    (باب: من بات بذي الحليفة حتّى أصبح)

    أي: ممّن حجَّه من المدينة قال شيخنا: والمراد من هذه التّرجمة مشروعية المبيت بالقرب من البلد الّذي يسافر منه؛ ليكون أمكن من التوصل إلى مهماته الّتي ينساها مثلًا (1). قال ابن بطّال: ليس ذلك من سنن الحجِّ، وإنَّما هو من جهة (1) الفتح 3/ 407.

    الرفق؛ ليلحق به من تأخر عنه (قاله) أي: ما ذكر من المبيت بذي الحليفة (1).

    1546 - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُنْكَدِرِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَبِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ بَاتَ حَتَّى أَصْبَحَ بِذِي الحُلَيْفَةِ، فَلَمَّا رَكِبَ رَاحِلَتَهُ وَاسْتَوَتْ بِهِ أَهَلَّ.

    [انظر: 1089 - مسلم: 690 - فتح: 3/ 407]

    (ابْن جريج) نسبة إلى جده، وإلا فهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج. (محمّد بن المنكدر) في نسخة: ابن المنكدر بدون (محمّد).

    (صلى النّبيُّ بالمدينة) أي الظهر أربعًا؛ لأنَّه مقيم (و) صلى (بذي الحليفة) أي: العصر ركعتين قصرًا؛ لأنه صار مسافرًا.

    1547 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَصَلَّى العَصْرَ بِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ - قَال: وَأَحْسِبُهُ - بَاتَ بِهَا حَتَّى أَصْبَحَ.

    [انظر: 1089 - مسلم: 690 - فتح: 3/ 407]

    (قتبية) أي: ابن سعيد. (عبد الوهّاب) أي: ابن عبد الحميد الثقفي. (أَيّوب) أي: السختياني (أبي قلابة) هو عبد الله الجرمي.

    25 -

    بَابُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالإِهْلالِ

    (باب: رفعه الصوت بالإهلال) أي: بالتلبية.

    1548 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَالعَصْرَ بِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، وَسَمِعْتُهُمْ يَصْرُخُونَ بِهِمَا جَمِيعًا.

    [انظر: 1089 - مسلم: 690 - فتح: 3/ 408] (1) شرح صحيح البخاري لابن بطّال 4/ 219.

    (يصرخون) بضم الراء أي: يرفعون أصواتهم بالتلبية وفيه: استحباب رفع الصوت بالتلبية للرجال نعم لا يستحب رفعه في ابتداء الإحرام، بل يسمع نفسه فقط، كما قاله النووي في مجموعه (1)، وأما نفس التَّلبية فمستحبة عند الشّافعيّ وأحمد، وقيل: واجبة يجب بتركها دم. (بهما جميعًا) أي: بالحج والعمرة، وسيأتي ما له بذلك تعلّق.

    26 - بَابُ التَّلْبِيَةِ

    (باب: التَّلبية)

    هي مصدر لبى كزكى تزكية، أي: قال: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، قال سيبويه وغيره: ثنَّى؛ للتكثير كقوله تعالى: {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} [الملك: 4] أي كرات كثيرة، وقيل: هو مفرد لا مثنى، وهو منصوب على المصدر بعامل مضمر، أي: أجيب إجابة بعد إجابة، وأنا مقيم على طاعتك إلبابًا بعد إلباب إلى ما لا نهاية له، وكأنه من ألبَّ بالمكان إذا أقام به، وكافه: اسم مضاف إليه، وقيل: حرف خطاب، ككاف ذلك.

    1549 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ.

    [انظر: 1540 - مسلم: 1184 - فتح: 3/ 408]

    (إن الحمد) بكسر الهمزة على الاستئناف، وفتحها على التعليل كأنه قال: أجبتك؛ لأنَّ (الحمد والنعمة لك) (والنعمة) بالنصب عطف على الحمد، ويجوز رفعها على الابتداء، والخبر محذوف. (والملك) (1) المجموع 7/ 204.

    بضم الميم، وبالنصب عطف على الحمد، ويجوز رفعه كما مرَّ في (النعمة).

    1550 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: إِنِّي لَأَعْلَمُ كَيْفَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّي: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ تَابَعَهُ أَبُو مُعَاويَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَقَال شُعْبَةُ، أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ، سَمِعْتُ خَيْثَمَةَ عَنْ أَبِي عَطِيَّةَ، سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.

    [فتح: 3/ 408]

    (سفيان) أي: الثّوريّ. (عن عمارة) أي: ابن عمير.

    (عن أبي عطية) هو مالك بن عامر الهمداني. (تابعه) أي: سفيان. (أبو معاوية) هو محمّد بن خازم بمعجمتين. (وقال شعبة) أي: ابن الحجاج. (أَخْبَرَنَا سليمان) هو الأعمش. (خيثمة) بفتح المعجمة والمثلثة بينهما تحتية ساكنة: ابن عبد الرّحمن الجعفي.

    (سمعت عائشة) فائدة هذه الطريق: بيان سماع أبي عطية للحديث من عائشة، لكنّه أسقط منه قوله في الأوّل: (لا شريك له).

    27 -

    بَابُ التَّحْمِيدِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ، قَبْلَ الإِهْلالِ، عِنْدَ الرُّكُوبِ عَلَى الدَّابَّةِ

    (باب: التحميد والتسبيح والتكبير قبل الإهلال) أي: قبل التَّلبية (عند الرُّكوب على الدابة) أي: بعد استوائها، وفي نسخة: باب التسبيح إلى آخره بحذف ما قبله.

    1551 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ مَعَهُ بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ أَرْبَعًا، وَالعَصْرَ بِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ بَاتَ بِهَا حَتَّى أَصْبَحَ، ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى البَيْدَاءِ، حَمِدَ اللَّهَ وَسَبَّحَ وَكَبَّرَ، ثُمَّ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهِمَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا أَمَرَ النَّاسَ، فَحَلُّوا حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْويَةِ أَهَلُّوا بِالحَجِّ، قَال: وَنَحَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَنَاتٍ بِيَدِهِ قِيَامًا، وَذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ قَال أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَال بَعْضُهُمْ: هَذَا عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَنَسٍ.

    [انظر: 1089 - مسلم: 690 - فتح: 3/ 411]

    (أَيّوب) أي: السختياني. (أبي قلابة) هو عبد الله الجرمي.

    (ثمّ أهل بحج وعمرة وأهل النَّاس بهما) ظاهره: أنه كان قارنًا وتبعه أصحابه، لكن في الصحيحين عن جابر: أهل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو وأصحابه بالحج. وفيهما أنه لبى بالحج وحده (1) وفيهما عن ابن عمر أنه كان متمتعًا (2)، وفيهما عن عائشة قالت: تمتع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعمرة، إلى الحجِّ وتمتع النَّاس معه (3). قال النووي في مجموعه: والصواب الّذي نعتقده: أنَّه - صلى الله عليه وسلم - أحرم أوَّلًا بالحج مفردًا ثمّ أدخل عليه العمرة فصار قارنًا (4) [فمن روى أنه كان مفردًا -وهم الأكثرون - اعتمد أول الإحرام، ومن روى أنه كان قارنًا اعتمد آخره] (5).

    ومن روى أنه كان متمتعًا أراد التمتع اللغوي: وهو الانتفاع والالتذاذ، وقد انتفع بأن كفاه عن النسكين فعل واحد، ولم يحتج إلى (1) سيأتي برقم (1568) كتاب: الحجِّ، باب: من لبى بالحج وسماه، ومسلم (1218) كتاب: الحجِّ، باب: حجة النَّبيّ.

    (2) سيأتي برقم (1566) كتاب: الحجِّ، باب: التمتع والإفراد بالحج، ومسلم (1227) كتاب: الحجِّ، باب: وجوب الدِّم على المتمتع.

    (3) سيأتي برقم (1691) كتاب: الحجِّ، باب: من ساق البدن معه ومسلم (1228) كتاب: الحجِّ، باب: وجوب الدّم على المتمتع.

    (4) المجموع 7/ 209.

    (5) من (م).

    إفراد كلّ واحد بعمل. (أمر النَّاس) أي: بالتحلل الّذي هو هنا فسخ. (فحلوا) أي: من إحرامهم، وإنّما أمرهم بالفسخ وهم قارنون؛ لأنهم كانوا ينكرون العمرة في أشهر الحجِّ، كما هو رسم الجاهلية، فأمرهم بالتحلل من حجهم والفسخ إلى العمرة؛ تحقيقًا لمخالفتهم، وتصريحًا بجواز الاعتمار في تلك الأشهر، وهذا خاص بتلك السنة عند الجمهور، خلافًا للإمام أحمد. (حتى كان يوم التروية) برفع يوم؛ لأن كان تامة وهو ثامن ذي الحجة سمي بذلك؛ لأنهم كانوا يرتوون فيه من الماء ويحملونه إلى عرفات. (أملحين) تثنية أملح: وهو الأبيض الّذي يُخالطه سواد.

    (قال أبو عبد الله) أي: البخاريّ. (عن رجل) قيل: هو أبو قلابة، وقيل: حماد بن سلمة، وقوله: (قال أبو عبد الله) إلى آخره ساقط من نسخة.

    28 -

    بَابُ مَنْ أَهَلَّ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً.

    (باب: من أهل حين استوت به راحلته) أي: قائمة متوجهة إلى القبلة.

    1552 - حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَال: أَخْبَرَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَال: أَهَلَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً.

    [انظر: 166 - مسلم: 1187 - فتح: 3/ 412]

    (أبو عاصم) هو الضحاك بن مخلد النبيل (بن جريج) هو عبد الملك بن عبد العزيز.

    (حين استوت به راحلته قائمة) أي: استوت راحلته حال كونها قائمة ملتبسة به، فكل من (ربه) و (قائمة) حال.

    29 - بَابُ الإِهْلالِ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ

    (باب: الإهلال مستقبل القبلة)

    زاد في نسخة: الغداة بذي الحليفة.

    1553 - وَقَال أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ نَافِعٍ، قَال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، إِذَا صَلَّى بِالْغَدَاةِ بِذِي الحُلَيْفَةِ أَمَرَ بِرَاحِلَتِهِ فَرُحِلَتْ، ثُمَّ رَكِبَ، فَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ اسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ قَائِمًا، ثُمَّ يُلَبِّي حَتَّى يَبْلُغَ الحَرَمَ، ثُمَّ يُمْسِكُ حَتَّى إِذَا جَاءَ ذَا طُوًى بَاتَ بِهِ حَتَّى يُصْبِحَ، فَإِذَا صَلَّى الغَدَاةَ اغْتَسَلَ، وَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ ذَلِكَ، تَابَعَهُ إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ فِي الغَسْلِ.

    [انظر: 491 - مسلم: 1259 - فتح: 3/ 412]

    (أبو معمر) هو عبد الله بن عمر المنقري. (عبد الوارث) أي: ابن سعيد. (أَيّوب) أي: السختياني.

    (إذا صلَّى بالغداة) أي: صلَّى الصُّبح بها أي: بوقتها، وفي نسخة: إذا صلَّى الغداة أي: صلاة الغداة، وهي الصُّبح (فرُحلت) بضم الراء، وكسر الحاء مخففة. (حتّى يبلغ الحرم) في نسخة: المحرم بميمٍ مفتوحةٍ، وحاء ساكنة: اسم مكان الحرم أي: أرضه بجعل الإضافة بيانية (ثمّ يمسك) أي: عن التَّلبية، وهو تصريح بما علم التزامًا من الغاية قبله (حتّى إذا جاء ذا طُوى) بتثليث الطاء منونًا بصرفه مقصورًا، وقد يُمدُّ: وهو وادٍ معروف بقرب مكّة، ويعرف اليوم ببئر الزاهر (1)، وفي نسخة: ذا طِوى بكسر الطاء غير مصروف، وفي أخرى: حتّى إذا حاذى طوى بحاء مهملة من المحاذاة، وجعل في الحديث غاية الإمساك الوصول إلى ذي طوى، لكن مذهب الشّافعيّة، (1) انظر: معجم البلدان 4/ 45.

    والحنفية أنه لا يمسك عن التَّلبية بل يمتد وقتها إلى شروعه في التحلل؛ لخبر الصحيحين عن الفضل بن عبّاس قال: كنت رديف النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - من جمع إلى منى فلم يزل يلبي حتّى رمى جمرة العقبة (1). (وزعم) أي: قال. (فعل ذلك) أي: ما ذكر من البيتوتة والصلاة والغسل. (تابعه) أي: عبد الوارث في الغسل بفتح العين وضمها.

    1554 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، عَنْ نَافِعٍ، قَال: كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، إِذَا أَرَادَ الخُرُوجَ إِلَى مَكَّةَ ادَّهَنَ بِدُهْنٍ لَيْسَ لَهُ رَائِحَةٌ طَيِّبَةٌ، ثُمَّ يَأْتِي مَسْجِدَ ذِي الحُلَيْفَةِ فَيُصَلِّي، ثُمَّ يَرْكَبُ، وَإِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ قَائِمَةً أَحْرَمَ، ثُمَّ قَال: هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُ.

    [انظر: 491 - مسلم: 1187 - فتح: 3/ 413]

    (فليح) أي: ابن سليمان الخزاعي، ويقال: فليح لقب له واسمه: عبد الملك. (ادهن بدهن ليس له رائحة طيبة) إنّما ادهن به؛ ليمنع به القمل وغيره، واجتنب الرائحة الطيبة؛ صيانة للإحرام. (مسجد الحليفة) في نسخة: مسجد ذي الحليفة. (إذا) في نسخة: فإذا.

    30 - بَابُ التَّلْبِيَةِ إِذَا انْحَدَرَ فِي الوَادِي

    (باب: التَّلبية إذا انحدر في الوادي)

    أي: انحدر المحرم فيه.

    1555 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، قَال: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَال: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، فَذَكَرُوا الدَّجَّال أَنَّهُ قَال: مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ، فَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ أَسْمَعْهُ وَلَكِنَّهُ قَال: أَمَّا مُوسَى كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ إِذْ انْحَدَرَ فِي الوَادِي يُلَبِّي.

    [3355، 5913 - فتح: 3/ 414] (1) سيأتي برقم (1685) كتاب: الحجِّ، باب: التَّلبية والتكبير غداة النَّحر. ومسلم (1281) كتاب: الحجِّ، باب: استحباب إدامة الحاج التَّلبية.

    (ابْن أبي عدي) اسمه: محمّد بن إبراهيم. (عن ابن عون) هو عبد الله. (عن مجاهد) أي: ابن جبر.

    (فذكروا الدجال أنه) بفتح همزة (أنه) بدل من (الدجال) وزاد في نسخة: قال بعد (أنه) وزادها في أخرى قبله، وضمير (قال) لابن عبّاس، وهمزة (أنه) على الأخرى مكسورة؛ لأَنَّها مقول قال، والضمير في (أنه) للدجال وهو اسمها وخبرها. (مكتوب بني عينيه كافر) برفع (كافر) بـ (مكتوب). (ولكنه قال) أي: النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -. (أمَّا موسى كأنَّي أنظر إليه) (كأني) إلى آخره: جواب (أمَّا) بحذف الفاء منه فلزوم ذكرها فيه غالب لا مطرد (1). (إذ انحدر) في نسخة: إذا انحدر (في الوادي). أي: وادي الأزرق. (1) النحاة في حذف الفاء في جواب (أما) على قولين:

    أحدهما: أما لا تحذف إلا في ضرورة، أو ندور، أو مع قولٍ أغنى عنه المحكى به فللأول نحو قول الشاعر:

    فأمَّا القتال لا قتل لديكمو ... ولكن سيرا في عراض المواكب

    والثّاني: نحو قول النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: أما بعد ما بال رجال يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله.

    والثّالث: نحو قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} أي فيقال لهم. هذا كله مذهب الجمهور.

    الثّاني: أنها قد تحذف اختيارًا، وهو مذهب ابن مالك، واستدل عليه بأحاديث كثيرة. منها هذا الحديث. وقال ابن مالك: وقد خولفت القاعدةُ في هذه الأحاديث فعلم تحقيق عبد التضييق، وإن من خصه بالشعر، أو بالصورة المعينة من النثر مقصرُ في فتواه، عاجز عن نصرة دعواه.

    31 - بَابٌ: كَيْفَ تُهِلُّ الحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ

    أَهَلَّ: تَكَلَّمَ بِهِ، وَاسْتَهْلَلْنَا وَأَهْلَلْنَا الهِلال، كُلُّهُ مِنَ الظُّهُورِ، وَاسْتَهَلَّ المَطَرُ خَرَجَ مِنَ السَّحَابِ، {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: 3] وَهُوَ مِنَ اسْتِهْلالِ الصَّبِيِّ.

    (باب: كيف تهل الحائض والنفساء؟)

    أي: كيف تحرم؟

    (أهل) أي: الرَّجل بما في قلبه: أي (تكلم به واستهللنا وأهللنا الهلال) بالبناء للفاعل ونصب الهلال، أي: طلبنا ظهوره، وبالبناء للمفعول ورفع الهلال أي: طلب منا ذلك. (كله) أي: ما ذكر من هذه الألفاظ مأخوذ (من الظهور) ومنه أيضًا (واستهل المطر: خرج من السحاب) إذ خروج الشيء يستلزم ظهوره أومنه قوله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: 3]، أي: رفع الصوت عند ذبحه باسم غير الله؛ إذ رفع الصوت يستلزم ظهوره.] (1) (وهو) أي: رفع الصوت المستلزم للظهور، وماخوذ من (استهلال الصبي) أي: رفع صوته عند الولادة.

    1556 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالتْ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بِالحَجِّ مَعَ العُمْرَةِ، ثُمَّ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: انْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالحَجِّ، وَدَعِي العُمْرَةَ، فَفَعَلْتُ، فَلَمَّا قَضَيْنَا الحَجَّ أَرْسَلَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ، فَقَال: هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ، قَالتْ: فَطَافَ الَّذِينَ كَانُوا (1) من (ب).

    أَهَلُّوا بِالعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا.

    [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 3/ 415]

    (فأهللنا بعمرة) أي: أدخلناها على الحجِّ بعد أن أهللنا به، كما مرَّ. ولا يُنافي ذلك ما مرَّ في باب الحيض (1) وما يأتي في التمتع (2) من أنهم كانوا لا يرون إلا الحجَّ؛ لأن ذلك كان عند الخروج قبل أن يحرموا، ثمّ أمرهم - صلى الله عليه وسلم - بالاعتمار؛ دفعًا لما اعتقدوه من حرمة العمرة في أشهر الحجِّ. (هدي) بسكون الدال وتخفيف الياء، وبكسرها وتشديد الياء: ما يهدى للحرم من النعم.

    (انقضي رأسك) بقاف مضمومة، وضاد معجمة أي: حلي ضفر شعر رأسك. (وامتشطي) أي: سرحيه بحيث لا ينتف منه شيء. (ودعي العمرة) أي: عملها لا نفسها، وحينيذ فتكون قارنة، والمعني: أما أحرمت بالحج، ثمّ فسخته إلى العمرة حين أمر النَّاس بذلك، فلما حاضت وتعذر عليها إتمام العمرة أمرها - صلى الله عليه وسلم - بالإحرام بالحج، فأحرمت به فصارت مُدْخلةَ للحج على العمرة وقارنة. (ففعلت) بسكون اللام أي: ما ذكر من النقض والامتشاط والإهلال بالحج، وترك عمل العمرة، وهذا موضع التّرجمة. (هذه مكان عمرتك) برفع (مكان) خبرًا لـ (هذه) وبنصبه على الظرفية، أي: هذه كائنة مكان عمرتك، والمراد: مكان عمرتك الّتي أردت أن تأتي بها مفردة، فتكون عمرتها من التنعيم تطوعًا، لكنه أراد تطييب نفسها بذلك (طوافًا واحدًا) في نسخة: (طوافًا آخرًا). (1) سبق برقم (294) كتاب: الحيض، باب: الأمر بالنفساء إذا نفسن.

    (2) سيأتي برقم (1561) كتاب: الحجِّ، باب: التمتع والإقران والإفراد بالحج.

    32 -

    بَابُ مَنْ أَهَلَّ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَإِهْلالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

    قَالهُ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

    [4353، 4354]

    (باب: من أهل)، أي: أحرم مطلقًا من غير تعيين نسك. (في زمن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كإهلال النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -) فأقره النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وتقييده بزمنه - صلى الله عليه وسلم - يوهم أنه لا يجوز بعده، والمشهور خلافه؛ لأن الأصل عدم الخصوصية.

    1557 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال: عَطَاءٌ، قَال جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى إِحْرَامِهِ وَذَكَرَ قَوْلَ سُرَاقَةَ.

    [1568، 1570،

    1651، 1785، 2505، 4352، 7230، 7367 - مسلم: 1216 - فتح: 3/ 416]

    (المكي بن إبراهيم) أي: ابن بشير [بن] (1) فرقد الحنظلي. (وذكر) أي: مكي فهو من مقول البخاريّ، أو جابر فهو من مقول عطاء. (قول سراقة) أي: ابن مالك بن جعشم، أي: قوله بعد قول النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: من ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة ألعامنا هذا أم للأبد؟

    فقال له - صلى الله عليه وسلم -: (لا بل للأبد) أي: أن أفعال العمرة تدخل في أفعال الحجِّ للقارن دائمًا لا في خصوص ذلك العام.

    1558 - حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الخَلَّالُ الهُذَلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا سَلِيمُ بْنُ حَيَّانَ، قَال: سَمِعْتُ مَرْوَانَ الأَصْفَرَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: قَدِمَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اليَمَنِ، فَقَال: بِمَا أَهْلَلْتَ؟ قَال: بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَال: لَوْلَا أَنَّ مَعِي الهَدْيَ لَأَحْلَلْتُ وَزَادَ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَال لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِمَا أَهْلَلْتَ يَا عَلِيُّ؟ قَال: بِمَا أَهَلَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: فَأَهْدِ وَامْكُثْ حَرَامًا كَمَا أَنْتَ.

    [مسلم: 1250 - فتح: 3/ 416] (1) من (ب).

    (عبد الصمد) أي: ابن عبد الوارث بن سعيد. (سليم بن حيان) بفتح سين سليم، وحاء حيان، وتشديد التحتية بعدها.

    (مروان الأصفر) قيل: اسم أبيه: خاقان. وقيل: سالم. (بما أهللت) بألف هنا، وفيما يأتي وفي نسخة: بم أهللت بحذفها وهو الأكثر. (فأهد) بهمزة قطع.

    (كما أنت) أي: على ما أنت عليه من الإحرام إلى الفراغ من الحجِّ، و (ما) موصولة و (أنت): مبتدأ حذف خبره، أو خبر محذوف مبتدؤه، أي: كالذي هو أنت، أو زائدة مُلغاة، والكاف: جارة، و (أنت): ضمير مرفوع أنيب عن المجرور، كقولهم: ما أنا كأنت أي: كن فيما يستقبل، كنفسك فيما مضى.

    1559 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَال: بَعَثَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَوْمٍ بِاليَمَنِ، فَجِئْتُ وَهُوَ بِالْبَطْحَاءِ، فَقَال: بِمَا أَهْلَلْتَ؟ قُلْتُ: أَهْلَلْتُ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: هَلْ مَعَكَ مِنْ هَدْيٍ؟ قُلْتُ: لَا، فَأَمَرَنِي، فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، ثُمَّ أَمَرَنِي، فَأَحْلَلْتُ، فَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنْ قَوْمِي، فَمَشَطَتْنِي - أَوْ غَسَلَتْ رَأْسِي - فَقَدِمَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَال: إِنْ نَأْخُذْ بِكِتَابِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُنَا بِالتَّمَامِ، قَال اللَّهُ: {وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] وَإِنْ نَأْخُذْ بِسُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى نَحَرَ الهَدْيَ.

    [1565، 1724، 1795، 4346، 4397 - مسلم: 1221 - فتح: 3/ 416]

    (سفيان) أي: الثوري.

    (إلى قوم) في نسخة: إلى قومي بياء الإضافة. (بالبطحاء) أي: بطحاء مكّة. (قلت): مقول أبي موسى. (امرأة) محمول على أنها كانت محرمًا له وسيأتي في أبواب العمرة أما من قيس (1) (فمشطتني) بتخفيف الشين المعجمة أي: سرحتني بالمشط، (أو غسلت رأسي) بالشك، لكن في مسلم: وغسلت رأسي بواو العطف. (فقدم عمر) أي: زمن خلافته لا في حجة الوداع، كما بُين في مسلم (2).

    (فقال) أي: عمر (إن نأخذ بكتاب الله) إلى آخره، قال شيخنا: حاصل جواب عمر في منع النَّاس من التحلل بالعمرة أن كتاب الله دال على منع التحلل قبل الإتمام، وأن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دالة أيضًا على ذلك؛ لأنَّه لم يحل حتّى بلغ الهدي محله، لكن الجواب عن ذلك ما أجاب به هو - صلى الله عليه وسلم - حيثُ قال: ولولا أن معي الهدي لأحللت أي: وفسخت الحجِّ إلى العمرة، فإنّه يدلُّ على جواز التحلل لمن لم يكن معه هدي، وتبين من مجموع ما جاء [عن عمر] (3) في ذلك أنه منع منه سدًّا للذريعة، ومن هنا قيل: إن المتعة الّتي نَهَى عنها عمر: فسخ الحجِّ إلى العمرة.

    وقال النووي: المختار أنه نَهَى عن المتعة الّتي هي الاعتمار في أشهر الحجِّ، ثمّ الحجّ من عامه، وهو على التنزيه؛ للترغيب في الإفراد، كما يظهر من كلامه، ثمّ انعقد الإجماع على جواز التمتع من غير كراهة، وبقي الخلاف في الأفضل (4). انتهى كلام شيخنا ملخصًا.

    وإنما أمر النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أبا موسى بإلاحلال، ولم يأمر عليا به مع أن (1) سيأتي برقم (1795) كتاب: العمرة، باب: متى يحل المعتمر.

    (2) صحيح مسلم (1221) كتاب: الحجِّ، باب: في نسخ التحلل من الإحرام.

    (3) من (ب).

    (4) فتح الباري 3/ 418. وصحيح مسلم بشرح النووي 8/ 169.

    كلًّا منهما أهل كإهلال النَّبيّ؛ لاحتمال أن أبا موسى لم يكن معه هدي، بخلاف علي.

    33 -

    بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالى: {الحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ، فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلَا رَفَثَ، وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَال فِي الحَجِّ} البقرة: 197 وَقَوْلِهِ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ، قُلْ: هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالحَجِّ} البقرة:

    189]

    وَقَال ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَشْهُرُ الحَجِّ: شَوَّالٌ، وَذُو القَعْدَةِ، وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الحَجَّةِ وَقَال ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: مِنَ السُّنَّةِ: أَنْ لَا يُحْرِمَ بِالحَجِّ إلا فِي أَشْهُرِ الحَجِّ وَكَرِهَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنْ يُحْرِمَ مِنْ خُرَاسَانَ، أَوْ كَرْمَانَ.

    (باب: قول الله تعالى: ({الْحَجَّ}) أي: وقته ({أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}) شوال، وذو القعدة، وعشر ليالٍ من ذي الحجة، وأطلق الأشهر على شهرين وبعض شهرة تنزيلًا للبعض منزلة الكل، أو إطلاقًا [للجمع] (1) على ما فوق الواحد، كما في قوله تعالى: {أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ} [النور: 26]، أي: عائشة، وصفوان. (فمن فرض) على نفسه. (فيهن الحجّ) بالإحرام به. (فلا رفث) أي: جماع. (ولا فسوق) أي: معاصي. (ولا جدال) أي: خصام في الحجِّ، والمراد في الثّلاثة: النّهي. (يسألونك): في نسخة: وقوله: يسألونك. (هي مواقيت) جمع ميقات من الوقت، وفارق المدة والزمان، بأن المدة: امتداد حركة الفلك من مبتداها إلى منتهاها، والزمان: مدة مقسومة، والوقت: الزّمان المفروض لآخر. (وعشر من ذي الحجة) أي: عشر ليالٍ منه فيخرج يوم العيد، وهو مذهب الشّافعيّ. (من السنة) أي: من الشّريعة. (أن لا يحرم بالحج إلا في أشهر الحجِّ) فلو أحرم به قبلها لم ينعقد حجًّا، بل عمرة؛ (1) من (ب).

    لأنَّ الإحرام شديد التعلّق واللزوم، فإذا لم يقبل الوقت ما أحرم به انصرف إلى ما يقبله وهو العمرة. (أو كِرمان) بكسر الكاف وفتحها.

    1560 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَال: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ، سَمِعْتُ القَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَشْهُرِ الحَجِّ، وَلَيَالِي الحَجِّ، وَحُرُمِ الحَجِّ، فَنَزَلْنَا بِسَرِفَ، قَالتْ: فَخَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَال: مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ مَعَهُ هَدْيٌ، فَأَحَبَّ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ الهَدْيُ فَلَا قَالتْ: فَالْآخِذُ بِهَا، وَالتَّارِكُ لَهَا مِنْ أَصْحَابِهِ قَالتْ: فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَكَانُوا أَهْلَ قُوَّةٍ وَكَانَ مَعَهُمُ الهَدْيُ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى العُمْرَةِ، قَالتْ: فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أَبْكِي، فَقَال: مَا يُبْكِيكِ يَا هَنْتَاهُ؟ قُلْتُ: سَمِعْتُ قَوْلَكَ لِأَصْحَابِكَ فَمُنِعْتُ العُمْرَةَ، قَال: وَمَا شَأْنُكِ؟ قُلْتُ: لَا أُصَلِّي، قَال: فَلَا يَضِيرُكِ، إِنَّمَا أَنْتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ، كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكِ مَا كَتَبَ عَلَيْهِنَّ، فَكُونِي فِي حَجَّتِكِ، فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَرْزُقَكِيهَا قَالتْ: فَخَرَجْنَا فِي حَجَّتِهِ حَتَّى قَدِمْنَا مِنًى، فَطَهَرْتُ، ثُمَّ خَرَجْتُ مِنْ مِنًى، فَأَفَضْتُ بِالْبَيْتِ، قَالتْ: ثُمَّ خَرَجَتْ مَعَهُ فِي النَّفْرِ الآخِرِ، حَتَّى نَزَلَ المُحَصَّبَ، وَنَزَلْنَا مَعَهُ، فَدَعَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَقَال: اخْرُجْ بِأُخْتِكَ مِنَ الحَرَمِ، فَلْتُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ افْرُغَا، ثُمَّ ائْتِيَا هَا هُنَا، فَإِنِّي أَنْظُرُكُمَا حَتَّى تَأْتِيَانِي قَالتْ: فَخَرَجْنَا، حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ، وَفَرَغْتُ مِنَ الطَّوَافِ، ثُمَّ جِئْتُهُ بِسَحَرَ، فَقَال: هَلْ فَرَغْتُمْ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَآذَنَ بِالرَّحِيلِ فِي أَصْحَابِهِ، فَارْتَحَلَ النَّاسُ، فَمَرَّ مُتَوَجِّهًا إِلَى المَدِينَةِ ضَيْرِ: مِنْ ضَارَ يَضِيرُ ضَيْرًا، وَيُقَالُ: ضَارَ يَضُورُ ضَوْرًا، وَضَرَّ يَضُرُّ ضَرًّا.

    [انظر: 294 - مسلم: 1211 - فتح: 3/ 418]

    (أبو بكر) هو عبد الكبير بن عبد المجيد. (القاسم بن محمّد) أي: ابن أبي بكر الصديق.

    (وحرم الحجّ) بضم الحاء والراء أي: أزمنته وأمكنته وحالاته، وفي نسخة: بفتح الراء جمع حرمة، أي: ممنوعات الشّرع ومحرماته. (بسرف) ممنوع من الصّرف (1) [للعلمية والتأنيث: وهو اسم بقعة على عشرة أميال من مكّة. (فأحب أن يجعلها) أي: حجته] (2) (فالأخذ بها) أي: بالعمرة (يا هنتاه) أي: يا هذه، أو يا بلهاء عن مكايدة النَّاس، وهو بفتح النون وتسكن، وتضم الهاء الأخيرة [وتسكن] (3) وأصله: هن كناية عن شيء لا يذكر باسمه، والأنثى: هنة فإن ناديت به مذكرًا قلت: يا هن، ولك أن تدخل فيه هاء السكت؛ لبيان الحركة، وتشبع فتحة النون ألفًا فيصير: يا هناه، أو مؤنثًا، قلت: يا هنت بسكون النون وفتحها، أو يا هنتاه كذلك، ولا يستعملان إلا في النِّداء. (لا أصلّي) كناية عن الحيض، وفيه: رعاية الأدب وحسن المعاشرة.

    (فلا يضيرك) بكسر الضاد، وبتحتية مخففة من الضير، وفي نسخة: بضم الضاد وتشديد الراء من الضرر، ويقال: يضور بالواو. والثلاثة بمعنى.

    (أن يرزقكيها) بياء متولدة من إشباع كسرة الكاف، وفي نسخة: بغير ياء، والضمير للعمرة. (في النفر) بإسكان الفاء: القوم الذين ينفرون من منى. (الآخر) بكسر الخاء. (المحصب) بميم مضمومة، وحاء وصادٍ مهلمتين مفتوحتين: موضع متسع بين مكّة ومنى سمي بذلك؛ لاجتماع الحصباء فيه، ويسمى الأبطح والبطحاء، وحدوده ما بين الجبلين إلى (1) سرف: موضع على ستة أميال من مكّة، وقيل: سبعة، وتسعة واثني عشر، تزوج به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ميمونة بنت الحارث، وهناك بنى بها وهناك توفيت. انظر: معجم البلدان 3/ 212.

    (2) من (ب).

    (3) من (ب).

    المقابر، ويسمى أيضًا موضع الجمار من منى: المحصب، وليس مرادًا هنا (1). (ثمّ أفرغا) أي: من العمرة، وظاهره: أنَّ عبد الرّحمن اعتمر مع أخته. (انظركما) بضم المعجمة. أي: انتظركما كما في نسخة. (حتّى تأتياني)، في نسخة: [حتّى تأتيان] (2) بحذف الياء تخفيفًا. (حتى إذا فرغت) أي: من العمرة. (بسحر) بفتح الراء غير منصرف؛ للعملية والعدل إن أردت سحر ليلتك، وبكسرها منونة إن لم ترد ليلة معينة. (هل فرغتم) جمع على إرادة أنتما ومن معكما، أو على أن أقل الجمع اثنان. (فقلت) في نسخة: قلت. (فآذن) بالمدِّ، وفتح المعجمة، أي: أعلم، ولما كان في (يضيرك) لغات -كما مرَّ - أشار إلى بيان مصادرها في نسخة فقال: ضير من ضار يضير ضيرًا. إلى آخره.

    34 -

    بَابُ التَّمَتُّعِ وَالإِقْرَانِ وَالإِفْرَادِ بِالحَجِّ، وَفَسْخِ الحَجِّ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ

    (باب: التمتع) هو أن يحرم بالعمرة في أشهر الحجِّ، ثمّ بعد فراغه منها يحرم بالحج. و (الإقران) في نسخة: والقران وهو المعروف، [عرفوه] (3) بأن يحرم بالحج والعمرة معًا، أو بالعمرة ثمّ يدخل الحجّ قبن فعل شيء منها.

    (والإفراد بالحج) هو أن يفرغ منه ثمّ يعتمر. (وفسخ الحجِّ) أي: (1) المحصب: هو موضع فيما بين مكّة ومنى، وهو إلى منى أقرب، وهو بطحاء مكّة وهو خيف بني كنانة، وحدُّه من الحجون ذاهبًا إلى منى.

    انظر: معجم البلدان 5/

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1