Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة
نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة
نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة
Ebook631 pages3 hours

نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

كتاب في الادب والشعر والنوادر واللطائف والغرائب، تناول فيه المؤلف شعراء وكتاب ومؤلفين وعرض محاسنهم ومقتطفات في اشعارهم كذلك تعرض الى نوادر بلغاء الروم ونوادر ادباء حلب وظرائف ظرفاء العراق وغير ذلك الكثير
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJan 15, 1903
ISBN9786426016849
نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة

Read more from المحبي

Related to نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة

Related ebooks

Reviews for نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة - المحبي

    الغلاف

    نفحة الريحانة ورشحة طلاء الحانة

    الجزء 4

    المحبي

    1111

    كتاب في الادب والشعر والنوادر واللطائف والغرائب، تناول فيه المؤلف شعراء وكتاب ومؤلفين وعرض محاسنهم ومقتطفات في اشعارهم كذلك تعرض الى نوادر بلغاء الروم ونوادر ادباء حلب وظرائف ظرفاء العراق وغير ذلك الكثير

    محمد بن أحمد حكيم الملك

    بضم الميم وسكون اللامجواد لا يشق غباره، وكامل خلص من الزيف عياره .سرح في فنون العلم وسام، واجتلى وجوه خطاياه وهي نضرة وسام .وهو من بيت رياسةٍ وجلالة، وقومٍ لم يرثوا المجد عن كلالة .وكان لسلفه عند ملوك الهند آل تيمور، محلٌّ بندى أكفهم معمور، ومنزل بفائض عوارفهم مغمور .ولما ورد جده مكة المشرفة، قصد آل الحسن السادة، فأحلوه المحل الذي ينبيه أعين الحسادة .وولد صاحب الترجمة بمكة، فنشأ في بيت مجدٍ علا قدره، ورضع من ضرع ذلك المحتد فلله دره .فجمع بين تليد المجد وطريفه، وقال من ظل الرعاية في فسيحه ووريفه .قال ابن معصوم: ولم يزل متبعا تلك الدار، محمود الإيراد والإصدار .مع تمسكه من سلطانها الشريف محسن بالعروة الوثقى التي لا تنفصم، وحلوله لديه بالمكانة التي ما حلها ابن دؤاد عند المعتصم .حتى حصل عليه من الشريف أحمد بن عبد المطلب ما حصل، لما انحل عقد ولاية الشريف محسن منها وانفصل .فكان ممن نهب الشريف داره وماله، وقطع من الأمان أمانيه وآماله .فالتجأ إلى بعض الأشراف، فأمنه على نفسه بعد مشاهدة الوقوف على الهلاك والإشراف .ثم سار مختفيا إلى اليمن، واستمر حتى قتل ابن عبد المطلب، فلم ير من شريف مكة السيد مسعود ما كان يأمله قبل، فتوجه إلى الهند فألقى بها عصاه، إلى أن بلغ من العمر أقصاه .انتهى .ومن شعره الذي أخذ بكل معنى، وتعطر بمشام ذكره كل مغنى .قوله :

    صَوادِحُ الْبانِ وَهْناً شَجْوُها بادِي ........ فمن مُعِينُ فتىً في فَتِّ أكْبادِ

    صَبٌّ إذا غنَّتِ الورْقاءُ أرَّقهُ ........ تَذْكيرُها نَغَمات الشادِنِ الشادِي

    فبات يرعُف من جَفْنيْهِ تحسَبُه ........ يُرَجْرِج المَدْمَعَ الوَكَّافَ بالجادِي

    جافِي المضاجعِ إلْفُ السُّهْدِ ساوَرَه ........ سَمُّ الأساوِدِ أو أنْيابُ آسادِ

    له إذا الليل وَارَاهُ نَشِيجُ شَجٍ ........ وجَذْوةٌ في حَشاهُ ذاتُ إيقادِ

    سُمَّارُه حين يُضْنيه تَوَحُّشُه ........ فيَشْرَئِبُّ إلى تأْسِيسِ عُوَّادِ

    وَجْدٌ وهَمٌّ وأشْجانٌ وبَرْحُ جَوىً ........ ولَوعةٌ تتلظَّى والأسى سَادِي

    أضْناهُ تفْريقُ شَمْلٍ ظَلَّ مُجتمِعاً ........ وضَنَّ بالعَوْدِ دَهْرٌ خَطْبُه عادِي

    فالعمرُ ما بين ضَنٍ ينْقضِي وضَنىً ........ والدهرُ ما بين إيعادٍ وإبْعادِ

    لا وَصْلَ سَلْمَى وذاتِ الخالِ يرْقُبُه ........ ولا يُؤمِّل من سُعْدَى لإسْعادِ

    أضْنَى فؤاديَ واسْتَوْهَى قُوَى خلَدِي ........ أقْوَى مَلاعبَ بين الهُضْبِ والوادِي

    عَفَّتْ مَحاسنُها الأيامُ فانْدَرستْ ........ واسْتبْدلَتْ وَحْشةً من أُنْسِها البادِي

    وعاث صَرْفُ الليالي في مَعالِمها ........ فما يُجيبُ الصَّدَى فيها سِوَى الصَّادِي

    دَوارِجُ المَوْرِ مارتْ في مَعاهدِها ........ فغادرَتْها عَفَا السَّاحاتِ والنادِي

    وصَوَّحتْ بالبِلَى أطْلالُها وخَلَتْ ........ رِحابُها الفِيحُ من هَيْدٍ ومِن هادِي

    كأنها لم تكنْ يوماً لِبيضِ مَهاً ........ مَراتِعاً قد خلَتْ فيهنَّ من هادِ

    ولم تظَلَّ مَغانيها بغانيةٍ ........ تُغْنِي إذا ما رَدَى من بَدْرِها رَادِي

    ولا تثَنَّتْ بها لَمْياءُ ساحِبةً ........ ذَيْلَ النعيم دَلالاً بين أنْدادِ

    فارقْتُها وكأنِّي لم أظَلَّ بها ........ في ظِلِّ عَيْشٍ يُجلِّي عُذْرَ حَسَّادِ

    أجْنِي قُطوفَ فُكاهاتٍ مُحاضرةً ........ طَوْراً وطوراً أُناغِي رُتْبة الهادِي

    هَيْفاءُ يُزْرِي إذا ماسَتْ تمايُلُها ........ بأمْلَدٍ من غصونِ الْبانِ مَيَّادِ

    بجانبِ الجيدِ يَهْوِي القُرْطُ مُرْتعِداً ........ مَهْواهُ جِدُّ سَحِيقٍ فوق أكْتادِ

    شِفاهُها بين حُقِّ الدُّرِّ قد خَزنتْ ........ ذخيرةَ النَّحَلِ مَمْزُوجاً بها الجْادِي

    إذا نَضَتْ عن مُحَيَّاها النَّقابَ صَبَا ........ مُسْتهْتَراً كلُّ سَجَّادٍ وعَبَّادِ

    وإن تجلَّتْ ففيما قد جَلَتْه دُجىً ........ لنا به في الدَّآدِي أيُّما هادِي

    وَمِيضُ بَرْقِ ثَناياها إذا ابتسمتْ ........ بعَأرضِ الدَّمْعِ مِن مَهْجورِها حَادِي

    وناظِرانِ لها يَرْتَدُّ طَرفُهما ........ مهما رَنَتْ عن قتيلٍ ما له وَادِي

    وصُبْحُ غُرّتِها في ليلِ طُرَّتِها ........ يَوْمايَ من وصلِها أو هجرِها العادِي

    تلك الربوعُ التي كانت مَلاعبُها ........ أخْنَى عليها الذي أخْنَى على عادِ

    إلى مَلاعب غِزْلانِ الصَّرِيمِ بها ........ يَحِنُّ قلبي المُعَنَّى ما شدَا شَادِي

    بُعْداً لدهرٍ رماني بالفِراقِ بها ........ ولا سَقَى كَنفيْه الرّائحُ الغادِي

    عَمْرِي لئن عظُمتْ تلك القَوادِحُ من ........ خُطوبِه وتعدَّتْ حَدَّ تَعْدادِ

    لقد نسِيتُ وأنْسَتني بَوائقُه ........ تلك التي دَهْدَهتْ أصْلاً وأطْوادِ

    مَصارِعٌ لِبَني الزَّهْرا وأحمد قد ........ أذْكَرْنَ فَخّاً ومَن أرْدَى به الهادي

    لفَقْدِهم وعلى المَطْلولِ من دَمهِم ........ تبكي السماء بمُزْنٍ رائحٍ غادِي

    وشَقَّ جَيْبَ الغمامِ البَرْقُ من حَزَنٍ ........ عليهمُ لا على أبْناءِ عَبَّادِ

    كانوا كعِقْدٍ بجيدِ الدهرِ مُذْ فَرطَتْ ........ من ذاك وَاسِطةٌ أوْدَى بتَبْدادِ

    وهو المَليكُ الذي للمُلْكِ كان حِمىً ........ مُذْ ماسَ من بُرْدِه في خَزِّ أبْرادِ

    كانت لجيرانِ ببيتِ اللّهِ دولتُه ........ مِهادَ أمْنٍ بِسَرْحِ الخيفِ ذَوَّادِ

    وكان طَوْداً لِدَسْتِ المُلْكِ مُحْتبياً ........ ولاقْتناصِ المَعالي أيَّ نَهّادِ

    ثَوَى بصَنْعا فيا للّهِ ما اشْتملَتْ ........ عليه من مجدهِ في ضِيقِ ألْحادِ

    فقد حَوَيْتِ به صَنْعاءُ من شَرَفٍ ........ كما حَوَتْ صَعْدةٌ بالسيِّد الهادِي

    فحبَّذا أنتِ يا صَنْعاءُ من بلدٍ ........ ولا تغَشَّى زياداً وَكْفُ رَعَّادِ

    مُصابُه كان رُزْءاً لا يُوازِنُه ........ رُزْءٌ ومِفْتاحَ أرْزاءٍ وأسْبادِ

    وكان رَأْساً على الأشْرافِ منذ هوَى ........ تتابَعُوا بعده عن شِبْهِ مِيعادِ

    لَهْفَ المُضافِ إذا ما أزْمَةٌ أزَمتْ ........ من قطبِ نائبةٍ للمَتْنِ هَدَّادِ

    لَهْفَ المُضافِ إذا ما أقْلحتْ سَنَةٌ ........ يَضِنُّ في مَحْلِها الطَّائيُّ بالزَّادِ

    لَهْفَ المُضافِ إذا كَرُّ الجِيادِ لدَى ........ حَرّ الجِلادِ أثار النَّقْعَ بالوادِي

    لَهْفَ المُضافِ إذا ما يُسْتباحُ حِمىً ........ لفَقْدِ حَامٍ بِورْدِ الكَرِّ عَوَّادِ

    لَهْفَ المُضافِ إذا جُلَّى به نزلَتْ ........ ولم يَجِدْ كاشِفاً منها بمِرْصادِ

    لَهْفَ المُضافِ إذا نادَى الصَّرِيخُ ولم ........ يجِدْ له مصرخاً كالغيثِ للصَّادِي

    لَهْفَ المُضافِ إذا الدهرُ العَسُوفُ سَطَا ........ بضَيْمِ جارٍ لنُزْلِ العِزِّ مُعْتادِ

    بل لهفَ كُلِّ ذوِي الآمالِ قاطبةً ........ عليهمُ خيرُ مُرْتادٍ لِمُرْتادِ

    كانتْ بهم تَزْدهِي في السِّلْمِ أنْدِيةٌ ........ وفي الوغَى كُلُّ قَدَّادٍ ومُنْآدِ

    على الأرائِك أقْمارٌ تُضِيءُ ومِن ........ تحت التَّرائِك آسادٌ لمستادِ

    تشكُو عِداهم إذا شاكِي السِّلاح بَدَا ........ شَكَّ القَنَا ما ضَفَا من نَسْجِ أبْرادِ

    إلى النُّحورِ وما تحوِي الصدورُ وما ........ وَارَتْه في جُنْحِها ظُلماتُ أجْسادِ

    جَنَى جَنىً قلقاً تحْوِي جَآجِئُها ........ ممّا يُقَصِّد فيها كلُّ قَصَّادِ

    بَأدُوا فباد من الدنيا بأجْمعِها ........ مَن كان فكَّاكَ أصْفادٍ بإصْفادِ

    وقد ذَوتْ زَهْرةُ الدنيا لِفَقْدِهمُ ........ وأُلبِستْ بعدهم أثْوابَ إحْدادِ

    واجْتُثَّ غَرْسُ الأماني من فَجِيعتهم ........ وأنْشَد الدهرُ تقْنيطاً لِرُوَّادِ

    يا ضيفُ أقفْرَ بيتُ المَكْرُماتِ فخُذْ ........ في جَمْعِ رَحْلِك واجمعْ فَضْلَة الزَّادِ

    يا قلبُ لا تبْتئِسْ من هَوْلِ مَصْرَعِهمْ ........ وعَزِّ نفسَك في بُؤْسٍ وأنْكادِ

    بمَن غدا خَلَفاً يا حبَّذَا خَلَفٌ ........ في المُلْكِ عن خيرِ آباءٍ وأجدادِ

    بحائزٍ إرْثَهم حاوٍ مَفاخِرَهم ........ كما حَوى الألْفُ من آحادِ أعْدادِ

    وذاك زيدٌ أدام اللّهُ دولتَه ........ وزاده منه تأييداً بإمدادِ

    سمَا به النَّسَبُ الوَضَّاحُ حيث غدا ........ طَرِيفُه جامعاً أشْتاتَ أتْلادِ

    لقد حوَى من رَفِيعاتِ المَكارمِ ما ........ يكْفِي لمَفْخرِ أجْدادٍ وأحْفادِ

    أليس قد نالَ مُلْكاً في شَبِيبتِه ........ ما ناله مًن سعَى أعْمارَ آبادِ

    أليس في وَهَجِ الهَيْجا مَواقِفُه ........ مَشْكورةً بين أعداءٍ وأضْدادِ

    أليس أسْبَحَ في التَّنْعيمِ سابِحَه ........ لُجَّ المَنايا ليُحْيِي فَلَّ أجْنادِ

    أليس يومَ العَطا تحْكِي أنامِلُه ........ خُلْجانَ بحرٍ بفَيْضٍ التِّبْرِ مَدَّادِ

    أليس قد لاحَ في تَأْسِيسِ دولتِه ........ من جَدِّه المصطفى رمزٌ بإرْشادِ

    دامتْ مَعالِيه والنُّعْمَى بذاك له ........ يَصُونُها وهْو مَلْحوظٌ بإسْعادِ

    ما لاح بَرْقٌ وما غَنَّتْ على فَنَنٍ ........ صَوادِحُ الْبلانِ وَهْنا شَجْوُها بادِي

    قوله: أليس قد لاح في تأسيس دولته، يشير به إلى ما وقع للشريف زيد، فإنه لما ورد الأمر السلطاني بولايته الحرمين، وكان إذ ذاك بالمدينة المنورة، قصد زياة النبي صلى الله عليه وسلم، فأراد الخدم أن يفتحوا الباب، فوجدوه مفتوحاً، وكانوا قد أغلقوه من قبل، فعلم الناس أنه إشارةٌ إلى الفتح .ومن لطائفه قوله من كتاب:

    سقى الدمعُ مَغْنَى الوَابِليَّةِ بالحِمَى ........ سَواجِمَ تُغْنِي جانِبَيْه عن الوَبْلِ

    ولا برِحتْ عيني تنُوبُ عن الْحَيَا ........ بدمعٍ على تلك المَناهلِ مُنْهَلِّ

    مَغاني الغوانِي والشَّبيبةِ والصِّبا ........ ومَأْوَى المَوالِي والعشيرةِ والأهلِ

    سَقاها الْحَيا من أرْبُعٍ وطُلولِ ........ حكَتْ دَنَفِي من بعدهم ونُحولِي

    سَقا صَوْبُ الْحَيا دِمَناً ........ بجَرْعاءِ اللِّوَى دُرْسَا

    وزاد مَحلَّكِ المَأْنُو _ سَ يا دار الهوَى أُنْسَا

    لئِن درَستْ رُبوعُك فالْ _ هَوى العُذْرِيُّ ما دَرسَا

    إنما المحافظة على الرسوم والآداب، والملاحظة للعوائد المألوفة في افتتاح الخطاب، لمن يملك أمره إذا اعتن ذكر زينب والرباب، ولم تحكم عقال عقله يد النوى والاغتراب .وليست لمن كلما لاح بارقٌ ببرقة ثهمد، فكأنه أخو جنة مما يقوم ويقعد .تتقاذفه أمواج الأحزان، وتترامى به طوائح الهواجس إلى كل مكان .فهو وإن كان فيما ترى العين قاطناً بحيٍ من الأحياء،

    يَوْماً بحُزْوَى ويوما بالعَقِيقِ وبالْ _ غُوَيرِ يوماً ويوما بالخُلَيْصاءِ

    لا يأتلي مقسم العزمات، منفصم عرى العزيمات .لا يقر قراره، ولا يرجى اصطباره .إن روح القلب بذكر المنحنى أقام الحنين حنايا ضلوعه، أو استروح روح الفرج من ذكر الخيف بمنىً أو مضت بوارق زفراته تحدو بعارض دموعه.

    مَن تمنَّى مالاً وحُسْنَ مآلٍ ........ فمُنايَ مِنىً وأقْصَى مُرادِي

    فيا له من قلبٍ لا يهدأ خفوقه ولا تني لامعةً بروقه، ولا يبرح من شمول الأحزان صبوحه وغبوقه .يساور هموماً فما مساورة ضئيلةٍ من الرقش، ويناجي أحزاناً لو لابس بعضها الصخر الأصم لانهش، ويركب من أخطار الوحشة أهوالاً دونها ركوب النعش .يحن إلى مواضع إيناسه، ويرتاح إلى مواضع غزلان صريمه وكناسه، ويندب أيام يستثمر الطرب من أفنان أغراسه.

    أيامَ كنتُ من اللُّغوبِ مُراحَا

    أيامَ لا الواشِي يَعُدُّ ضَلالةً ........ وَلَهِي عليه ولا العَذُولُ يُؤنِّبُ

    أيَّامَ ليلَى تُرينِي الشمسَ طَلْعتُها ........ بعد الغروبِ بدَتْ في أُفْقِ أزْرارِ

    أيامَ شَرْخُ شبابِي رَوضةٌ أُنُفٌ ........ ما رِيع منه برَوْعِ الشَّيْبِ رَيْعانُ

    أيامَ غُصْنِيَ لَدْنٌ من نَضارتِه ........ أصْبُو إلى غيرِ جاراتِ وحاراتي

    ثم انْقضَتْ تلكَ السِّنُون وأهْلُها

    لم يَبْقَ منها لِمُشتاقٍ إذا ذكَرا ........ إلاَّ لَواعِجُ وَجْدٍ تبعثُ الفِكَرَا

    ولم يُبْقِ منِّي الشوقُ إلاَّ تفكُّرِي ........ فلو شئتُ أن أبكي بكيْتُ تفكُّرَا

    لم أكن على مفارقة الأحباب جلداً فأقول وهي جلدي، وإنما هي تجلدي، مما حملت من النوائب على كتدي، وفتت صروف البين المشتت من أفلاذ كبدي.

    جرَّبتُ من صَرْفْ دهرِي كلَّ نائبةٍ ........ أمَرَّ من فُرْقةِ الأحْبابِ لم أجِدِ

    فِراقاً قضَى أن لا تَأسِّيَ بعدما ........ مَضَى مُنْجِداً صبرِي وأوْغَلْتُ مُتْهِمَا

    خليليَّ إن لم تُسْعِداني على البُكا ........ فلا أنْتُما منِّي ولا أنا منكُمَا

    وحَسَّنْتُما لي سَلْوةً وتناسِياً ........ ولم تذكُرا كيف السبيلُ إليهمَا

    حفيده صالح بن إبراهيم الحكيم

    روح الروح وثمرة الفؤاد، ومحله من الفضل محل السويداء من القلب والإنسان من السواد .وقد من الله تعالى في الحرم الشريف بلقائه، وكنت قبل ذلك أستروح نسيم الود من تلقائه .فاتخذته ثمة نجياً، وعاطيته ريحان الصداقة جنياً .أستشعر من جهته نفس العافية، وأتمسح منه باليد الشافية .فهو للقلب نجيٌّ وللروح سمير، ويكاد يؤكل بالمنى ويشرب بالضمير .يفاوح أرجه أزاهير الأدواح، ويبعث نسيمه طيب الحياة للأرواح .إلى طلعةٍ نورها في فلك القبول شارق، وطبيعةٍ إذا ذقت جناها وشمت سناها تذكرت ما بين العذيب وبارق .وله محاضرةٌ هي غرام كل صبٍ متيم، ومعاضدةٌ إذا مرضت حاجةٌ كان لها ابن مريم .وأما طبه فلو عالج الدهر لأمن في نفسه النقم، أو داوى الحياة لما طاف بها السقم .وقد تناولت من أشعاره ما هو شفاءٌ للصدور، وخفرٌ في وجوه البدور .فمن ذلك قوله من قصيدة :

    يا مخجِلَ البِيضِ البَواتِرْ ........ بالسُّودِ من تلك النَّواظِرْ

    الفاتكاتِ القاتِلاتِ الذُّ _ بِّلِ الوُطْفِ الفَواتِرْ

    عَجبَاً لها تُمْسِي الأُسو _ د وهُنَّ أجْفانُ الجآذِرْ

    غازَلْتُ منها مُقْلةً ........ غزلَتْ وحاكتْ كلَّ باتِرْ

    يرْنو بها الرَّشَأُ الأغَنُّ ........ الأحْورُ الخِشْفُ المُنافِرْ

    ظَبْيٌ حَشايَ كِناسُه ........ ومَقَرُّه حيث السَّرائِرْ

    قمرَ العقولَ بحُسْنِه ........ أفْدِيه من قَمَرٍ وقامِرْ

    لَمَعتْ بَوارِقُ ثَغْرِه ........ فانْهَلَّ مِن جَفْنَيَّ ماطِرْ

    بمَباسمٍ قد نُظِّمتْ ........ في سِلْكِ مَرْجانٍ جَواهِرْ

    وبدا صباحُ جَبِينِه ........ فانْجاب لي ليلُ الضِّفائِرْ

    واهْتزَّ غصنُ قَوامِه ........ وغدا الفؤادُ عليه طائرْ

    والرِّدْفُ أخفَى خَصْرَه ........ فلذا عليه الكَشْحُ دائرْ

    يا قلبُ مالك سَلْوةٌ ........ كلاَّ ولا للوجدِ آخرْ

    عذَل العَذُولُ ومُذ رأَى ........ بَاهِي المُحَيَّا عاد عاذِرْ

    أجْرَيْتُ وُقْفَ مَدامعِي ........ وإلى لِقاهُ الطَّرْفُ ناظرْ

    وكذا نَجِيعُ نُضارِها ........ بتصَعُّدِ الأنْفاسِ قاطِرْ

    هجرَ الحبيبُ وليْته ........ لو كان للهِجْران هاجرْ

    أبْكِي فيضحكُ هازئاً ........ ولسائلِ العَبَرات ناهِرْ

    يا رَبَّةَ الحُسْنِ الذي ........ بجمَالِه بهرَ النَّواظِرْ

    رِقِّي لرِقٍ طَرْفُه ........ يرعَى السُّها والطَّرْفُ ساهرْ

    ما شام بارِقَ لَعْلَعٍ ........ إلاَّ غدا هامٍ وهامِرْ

    حيثُ الظِّباءُ سَوانِحٌ ........ غِيدٌ حَبائلُها الغدَائرْ

    من كلِّ رُودٍ كَحَّلتْ ........ بالسِّحرِ هاتيك المَحاجرْ

    سلَبتْ فؤادي غادةٌ ........ مِنْهنَّ تلعب بالخواطِرْ

    أفْدِي مُحيَّاها الذي ........ صُبْحُ الجَبِين عليه سافِرْ

    سدَلتْ عليه جَعِيدَها ........ والليلُ للإصْباحِ ساترْ

    لا تسْتُرِي قمراً بَدَا ........ ليلُ المُحبِّ بغيرِ آخرْ

    وقوله من أخرى، أولها:

    سَلُوا الرَّكبَ عن سَلْمَى وأين بها شَطُّوا ........ وهل خيَّمت بالجِزْع أم دارُها الشَّطُّ

    وهل عندها عِلْمٌ بما صنعَ النَّوَى ........ وما جدَّد الشوقُ المُبرِّحُ والشَّحْطُ

    وهل نزَلتْ بالسَّفْحِ من أيْمَنِ اللِّوَى ........ وغَرَّدها القُمْرِي وظَلُّلها الخَمْطُ

    وهل ذكَرتْ يوم الوَداعِ وأدْمُعِي ........ بخدِّي حكاه الرَّسْمُ خَدَّده النَّقْطُ

    وهل بارِقٌ ما شِمْتُه أم تبسَّمتْ ........ سُلَيْمَى فضاء الثَّغْرُ أو لمَع القُرْطُ

    رَدَاحٌ لها في كلِّ قلبٍ مُخَيَّمٌ ........ وليس لمَفْتونٍ سوى حُبِّها قَطُّ

    أباح لها وَالِي الهَوى من قلوبِنا ........ فمهما تَشا من ذي السُّوَيْداء تخْتَطُّ

    لها مَبْسَمٌ حُلْوٌ تَنظَّم دُرُّه ........ على سِلْكِ مَرْجانٍ فضاءَ لنا السِّمْطُ

    كأن مُذابَ الشُّهْد في بَرَدِ اللَّمَى ........ وفي ضِمْن هذا الألْعَسِ العَذْبِ إسْفَنْطُ

    تُسدِّد نحوي أسْهُماً من جُفونِها ........ مُرَيَّشَةً حَبُّ القلوبِ لها لَقْطُ

    فتُصْمِي بها قَدّاً يميلُ به الصِّبا ........ كغُصْنٍ أمالتْه الصَّبَا عندما تخْطُو

    وتضْفِر من ليلِ الجَعِيدِ ذَوائباً ........ غدائر منها للنُّهَى الحَلُّ والرَّبْطُ

    عَقِيلةُ سِرْبٍ كالْمَها في الْتفاتِها ........ تُعِير الظِّبا طَرْفاً وجِيداً إذا تَعْطُو

    من الأمْجريَّات اللَّواتِي سَبَيْنَنَا ........ بشَرْطٍ من الحُسن البديع له شَرْطُ

    من الناعماتِ السُّمْرِ مَن عطَّر الحِمَى ........ شَذاها إذا مَرّتْ به إثْرَها المِرْطُ

    فَدَيْتُ تجَنِّيها ولُطْفَ دَلالِها ........ وإن راعَها مِنِّي بعَارِضِيَ الوَخْطُ

    أعَاذِلتي كُفِّي المَلامَ فليس لي ........ على بُعْدِها صَبْرٌ ولو دُونَها الخَرْطُ

    ولم أدْرِ أن الحبَّ يقْدَح زَنْدَه ........ لقلبِي وأن النار أوَّلها سِقْطُ

    سأركبُ مَتْنَ الصَّعْبِ في طُرْقِ وَصْلِها ........ ولو أنها العَشْوا وسَيْرِي بها خَبْطُ

    وأغْشَى حِماها والمُهنَّدُ صاحِبي ........ ولو أن في ذاك الحِمَى ينْبُت الخَطُّ

    وأرْوِي ظَمَا حَرَّي ببارِد رِيقِها ........ وألْوِي عليها الزَّنْدَ لو مَسَّها الضَّغْطُ

    وأشكُو إليها ما لقِيتُ بحبِّها ........ ومن فَرْطِ أشْواقي بها أدْمُعِي فُرْطُ

    وقوله من أخرى، مستهلها:

    مَغانِي الغوانِي لا عَدا الرَّبْعَ هَطَّالُ ........ ولا زال مُخْضَلاَّ بكِ الشِّيحُ والضَّالُ

    ولا سجَعتْ وُرْقُ الحَمامِ على سِوَى ........ غصُونك يا مَرْمىً به الغِيدُ نُزَّالُ

    سقاك وحَيَّاك وحَيَّى منازِلاً ........ لقد كان لي فيهنَّ حَظٌّ وإقْبالُ

    أروحُ وأغْدُو بالكَثِيب ولي به ........ رَداحٌ لها من آل يافِثَ أخْوالُ

    مُعَسَّلةُ الأنْيابِ أمَّا شَتِيتُها ........ فدُرٌّ وأما رِيقُها فهو جِرْيالُ

    يجُولُ على تلك الَّلآلِي كأنه ........ مُذابُ سَلِيل الشُّهْدِ أو هو سَلْسالُ

    حَمَى رِيقَها المعسولَ أبْيَضُ صارِمٌ ........ من قَدِّها الممشوقِ أسْمَرُ عَسَّالُ

    تُعير الْمَها منها الْتفاتاً ونَظْرة ........ وترْنو كما يرْنو إلى الخِشْفِ مِطْفالُ

    لها شَرْطُ حسنٍ فوق تُفَّاحِ خَدِّها ........ ومِن فوق ذاك الشَّرْطِ مِسْكٌ هو الخالُ

    ورُمَّانتا نَهْدٍ على غُصن بَانةٍ ........ به فَرْطُ حُبِّي إن تحقَّق عُذَّالُ

    وتسْدِل من ليل الجَعِيدِ ذَوائباً ........ يُجاذِبُ هاتيك الذَّوائبَ خَلْخالُ

    وتُقْعِدها عند النُّهوضِ رَوادِفٌ ........ تَميل بغُصْنِ القَدِّ والقَدُّ مَيَّالُ

    فلا تهْجُرِيني إنَّ هَجْرِي ظُلامةٌ ........ وجُرْحُ فؤادِي ماله اليومَ إدْمالُ

    عسى عَطْفةٌ يَحْيى بها مَيِّتُ الهوى ........ رُبوعُ اصْطبارِي بعد بُعْدِك أطْلالُ

    ويغْفَى مُحِبٌّ دَأْبُه السُّهْدُ والبُكا ........ كأن بعيْنيه المدامعَ أسْجالُ

    يبِيتُ على جَمْرِ الغَضا وهو فَرْشُه ........ ويصْلَى بنار الحبِّ والحبُّ فَعَّالُ

    صِلينِي أنا الوافِي العهودَ على القِلَى ........ وجَوْرُ الهوى عَدْلٌ ومَيْلٌ إذا مالُوا

    ولا الصَّبُّ إلاَّ ما يرى الصَّابَ شُهْدَه ........ ويعلمُ أن الصبرَ حُلْوٌ إذا حالُوا

    فَدَيْتُ الجفا منها وإن كان ضَائِرِي ........ وعشْقي سُلَيْمى لا محَالَة قَتّالُ

    أُكتِّم جُهْدِي حُبَّها وهو ناحِلِي ........ ويفْضحني دمعٌ على الخدِّ سَيَّالُ

    أحِنُّ إلى سَلْمَى على قُرْبِ دارِها ........ حَنِينَ فَقِيدِ الإلْفِ أضْناه بَلْبَالُ

    ويُنْشِد قلبي كلما ارْتاع للنَّوى ........ وأضْناه تَذْكارٌ وحالتْ به حالُ

    أيا دارَها بالخَيْف إن مَزارَها ........ قريبٌ ولكن دون ذلك أهْوالُ

    وكتب إلي هذه القصيدة، طالباً مراجعتي:

    قَوامٌ أنْبتَ الرُّمَّانَ نَهْدَا ........ وغُصْنٌ ماسَ أم قَدٌّ تبدَّى

    وبَرْقٌ ما أرى أم دُرُّ ثَغْرٍ ........ يُنظِّمه بديعُ الحسن عِقْدَا

    ووَجناتٌ على تُفَّاحِ خَدٍ ........ متى أبْدَى لنا التفاحُ وَرْدَا

    وآسُ سَوالِفٍ ما خِلْتُ أم ذا ........ صَفاءُ الخدِّ ظِلَّ الهُدْب مَدَّا

    ومالَكِ يا غَزالةُ من شَبِيهٍ ........ سوى شِبْهِ الضُّحَى والبدرِ نِدَّا

    وأنك قد أعَرْتِ الظَّبْيَ جِيداً ........ وعَيْناً والغصونَ الهِيفَ قَدَّا

    وما الحسنُ البديعُ وإن تَناهَى ........ سوى مِن بعضِ مَعْناكِ اسْتمدَّا

    بمَن أَوْلاك مُلْكَ الحسن فينا ........ وصيَّر كلَّ حُرٍ فيكِ عبدَا

    صِلِي حبلَ الودادِ بحبلِ وَعْدِي ........ لقد جاوَزْتِ في التَّسْويفِ حَدَّا

    وما سَكَنِي سِوَى عَهْدِي قديماً ........ وما أنا ناكِثٌ ما عِشْتُ عهدَا

    مُقِيمٌ بالعَقِيقِ وبالمُصَلَّى ........ أُبَوَّأُ منهما بَاناً ورَنْدَا

    أُغازِلُ فيه أجْفانَ الغَوانِ ........ وألثِم زينباً وأضُمُّ هِنْدَا

    وأرشُفُ من رُضابِ الغِيدِ رَاحاً ........ تُعِيد لَهِيبَ ما أشكُوه بَرْدَا

    وأنْظِم من ثَناياها عقوداً ........ كنَظْمِي مدحَ مولانا المُفَدَّى

    محمد الأمين ومَن تَسامَى ........ شريفٌ قد علا كرماً ومَجْدَا

    من القومِ الذين بَنتْ مَعَدٌّ ........ بهم فوق السِّماكِ ثَناً وحمدَا

    أعَزُّوا الدينَ بالسُّمْرِ العَوالِي ........ وحازُوا الفَخْرَ شِيباناً ومُرْدَا

    وقادُوا العادِياتِ مُطَمَّهاتٍ ........ على صَهَواتِها تحْمِلْنَ قَدَّا

    وَرِثْتَهمُ جمالَ الدين حقّاً ........ عفافاً راسِخاً وتُقىً وزهدَا

    فضائلَ قد علَوْتَ بها الثُّرَيَّا ........ وآداباً تبِعْتَ بهِنَّ جِدَّا

    بآراءٍ يَحارُ العقلُ فيها ........ وأيُّ حِجاً يحُلُّ لهُنَّ عَقْدَا

    بِحلمٍ لا يُعادِلُه ثَبِيرٌ ........ وفخرٍ ليس يُحْصَى أن يُعَدَّا

    وأخلاقٍ شَمائلُها شَمُولٌ ........ يفُوح عَبِيرُها مِسْكاً ونَدَّا

    تَوقَّدُ فِطْنةً وتسيلُ لُطْفاً ........ جَمعْتَ بهنَّ يا مولايَ ضِدَّا

    ووَشَّيْتَ البديعَ بحُسْنِ نثرٍ ........ كمُخْضَلِّ الربيعِ شَذاً وأنْدَى

    ودُرٍ أنت تَعْرِفُه كِبارٍ ........ تُنظِّمه لِجيدِ الدهرِ عِقْدَا

    ذَكاءٌ لم يجُزْه إياسُ كَهْلاً ........ وعَمْرٌو ما به يوما تَحَدَّى

    عظُمْتَ جَلالةً وعلَوْتَ قَدْراً ........ فشاهدْنا الوقارَ لديْك أُحدَا

    أعُدُّك مصدرَ الأحكامِ فينا ........ هُمامٌ مذ أجار عُلاك نَقْدَا

    وما للنَّقْدِ والذهبِ المُصفَّى ........ لقد حقَّقْتَ في ذا النقدِ نَقْدَا

    أمولانا أتتْك عروسُ فكرٍ ........ تمُدُّ لمُمْتطَى نعْلَيْك خَدَّا

    خَلَبْت شِغافَها بِنُعوتِ مجدٍ ........ لذا أضْحَتْ لعَذْبِ لِقاكَ تَصْدَى

    لِيَهْنِ العرشَ رَبُّ العرشِ مَوْلىً ........ به اتَّسقَتْ أمورُ الدين نُضدَا

    وتبْقَى صاعداً ذِرْواتِ عِزٍ ........ بَنتْ أيدِي القضاءِ عليه سَدَّا

    نأَى غَمٌّ يؤرِّخ عامَ : م بلْ ........ غنائمُ أنتَ مَعْناهنَّ قَصْدَا

    ولم تبْرح سِنيكَ ومن تَرَدَّى ........ طِماعاً في لَحاقِك ما تَرَدَّى

    فراجعته بقولي:

    مُحِبٌّ في المَحبَّةِ ما تصدَّى ........ لسُلْوانٍ وإن يكُ مات صَدَّا

    وهيْهات النجاةُ وما يُعانِي ........ هَوىً أدْناه إن لم يُفْنِ أرْدَى

    أما وعيونِك الَّلاتي شَباها ........ أبَى إلاَّ شِغافَ القلبِ غِمْدَا

    لأَنت مُنَى الحياةِ فإن تكُنْها ........ فبعدَك للمُنَى سُحْقاً وبُعْدَا

    أيجمُل أن أُقضِّي فيك عمرِي ........ وما عفَّرْتُ في مَمْشاك خَدَّا

    ولو أخْطرْتُ ذِكْرَك في خَيالِي ........ خشِيتُ بأن يُؤثَّر فيك حِقْدَا

    فَدَيْتُكَ رَحْمةً لطريحِ عشقٍ ........ إذا لم يقْضِ سُقْماً مات وَجْدَا

    تذكَّر عهدَه فصبَا وآلَى ........ بغيرِك ما رعَى للحبِّ عَهْدَا

    إذا ما ليلهُ المُمتدُّ أرْخَى ........ سَتائرَه طَواه أسىً وسُهْدَا

    يبِيتُ وفي الحَشا منه اشْتعالٌ ........ إذا قدَحت رعودُ البَرْقِ زَنْدَا

    وليس له سميرٌ غيرَ مَدْحٍ ........ يكون لصالحٍ شكراً وحَمْدَا

    فتىً قد ألْبَس العَلْياء بُرْداً ........ ومثَّل شخصَه أدَباً ومجدَا

    له الفكرُ الذي إن شاء أنْشَا ........ أفانِنَ الهوى وبها تحدَّى

    بدائعُ منه تُلْحَم بالمَزايا ........ وبالسحرِ الحلالِ غدَتْ تُسَدَّى

    تعالى اللّهُ قد أوْلاه طبعاً ........ أغَضَّ من الرياضِ رُواً وأنْدَى

    وأنْبَتَ مِن أيادِيه ربيعاً ........ يُنمِّق فيه رَيْحانا ووَرْدَا

    أنادِرةَ الزَّمان فَدَتْك رُوحِي ........ ومَن لي أن تكون بها مُفَدَّى

    أتتْني منك خَودٌ من سَناها ........ تمَنَّى البدرُ لو كان اسْتمدَّا

    رَبِيبةُ خِدْرِها في الصَّوْنِ تأْبَى ........ يَدَيْ أملٍ إليها أن تُمَدَّا

    منَحْتَ بها الودادَ المَحْضَ خِلاً ........ يرى لك وُدَّه فَرْضاً ورَدَّا

    وهاك ألُوكةً بثَناك تاهتْ ........ وفاحتْ مَنْدِلاً رَطْباً ونَدَّا

    ولو وفَّيْتُ مَدْحَكَ بعضَ حَقٍ ........ إذاً نظَّمْتُ فيك الشُّهْبَ عِقْدَا

    فعُذْراً إن أخْطارَ التَّنائِي ........ بَنَتْ بيني وبين الفكرِ سَدَّا

    وهذي الأربعون بلغتُ منها ........ أشُدّاً ساق لي خَطْباً أشَدَّا

    فلو كان الذي بي من سقامٍ ........ على جبلٍ لأوْشَك أن يُهَدَّا

    وغيرُك لا أراك لدفْعِ ما بي ........ فقد أعْيَى دَواه الدهرَ جُهْدَا

    بَقِيتَ مُمَّتعاً في الفضلِ فَرْداً ........ ولا لَقِيَتْ لك الأيامُ فَقْدَا

    وكتب إلي أيضاً:

    لا عَيْشَ إلاَّ في وِصالِكْ ........ فامْنُنْ بطَيْفٍ من خَيالِكْ

    إن كان لي نَوْمٌ وإلاَّ ........ ليس أبْعَدَ من مَنالِكْ

    يا هاجِرِي والهجرُ عَيْ _ نُ الوصلِ إن يكُ عن دَلالِكْ

    إلاَّ الملالَ فإنَّه ........ حَتْفِي أجِرْنِي من مَلالِكْ

    يا مَن تمَلَّك مُهْجتِي ........ لا تُفْنِها وارفُقْ بمالِكْ

    لا وَصْلَ أخطرُ لي سِوَى ........ إخْطارِ تَذْكارِي ببالِكْ

    أنا في هَوانٍ من هَوا _ كَ ومن صُدودِك في مَهالِكْ

    تَلَفُ النفوسِ مُحقَّقٌ ........ في بِيضِ سُودِك أو نِبالِكْ

    وكذا السِّهامُ فإنَّهُنَّ ........ أخَذْنَ ذلك عن نِصالِكْ

    والحَتْفُ في سُمْرِ الْقَنا ........ من مَيْلِ قَدِّك واعْتدالِكْ

    يا نُورَ إنْسانِ العيُو _ نِ تركْتَ حالِي فيك حَالِكْ

    نارُ الجوَى مِن وَجْنَتَيْ _ ك وذِي سُوَيْدايَ بِخَالِكْ

    وأرى الجمَال وإن تَنا _ هَى مُسْتعاراً من جمالِكْ

    هل من سبيلٍ لِلِّقا ........ ضاقتْ عليَّ به المَسالِكْ

    يا بارداً من رِيقِه ........ واحَرَّ قلبِي من زُلالِكْ

    أو يا مُحيَّاه الذي ........ كالبدرِ سُقْمِي من هلالِكْ

    يا ذابلاً في الحُسْنِ بل ........ سلطانَ أربابِ المَمالِكْ

    الشمسُ أقربث منك نَيْ _ لاً وهْي أبْعَدُ عن مِثالِكْ

    امْنُنْ عليَّ بنَظْرةٍ ........ إنِّي وحقِّك فيك هالِكْ

    يا جَنَّتِي لا تُدْخِلَنِّ _

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1