Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

المجموع شرح المهذب
المجموع شرح المهذب
المجموع شرح المهذب
Ebook1,190 pages6 hours

المجموع شرح المهذب

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

شرح الإمام النووي المتن أولا بتبيين اللغات، ثم شرح الأحاديث الواردة مع بيان درجتها من حيث الصحةُ والضعفُ، ثم أتبعه بذكر المسائل الفقهية، وذِكْر الراجح منها عند الشافعية من وجوه وأقوال، ثم ترجم للصحابة والعلماء المذكورين في كلام الشيرازي
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateNov 6, 1901
ISBN9786379522251
المجموع شرح المهذب

Read more from النووي

Related to المجموع شرح المهذب

Related ebooks

Related categories

Reviews for المجموع شرح المهذب

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    المجموع شرح المهذب - النووي

    الغلاف

    المجموع شرح المهذب

    الجزء 7

    النووي

    676

    شرح الإمام النووي المتن أولا بتبيين اللغات، ثم شرح الأحاديث الواردة مع بيان درجتها من حيث الصحةُ والضعفُ، ثم أتبعه بذكر المسائل الفقهية، وذِكْر الراجح منها عند الشافعية من وجوه وأقوال، ثم ترجم للصحابة والعلماء المذكورين في كلام الشيرازي

    باب صلاة الخوف

    )

    * قال المصنف رحمه الله

    * (تجوز صلاة الخوف في قتال الكفار لقوله تعالى (ان كنت فيهم فاقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ) وكذلك يجوز في كل قتال مباح كقتال اهل البغى وقطاع الطريق لانه قتال جائز فهو كقتال الكفار واما القتال المحظور كَقِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَقِتَالِ أَهْلِ الْأَمْوَالِ لِأَخْذِ أموالهم فلا يجوز فيه صلاة الخوف لان ذلك رخصة وتخفيف فلا يجوز أن تتعلق بالمعاصى ولان فيه اعانة على المعصية وهذا لا يجوز)

    * (الشَّرْحُ) قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ صَلَاةُ الْخَوْفِ جَائِزَةٌ فِي كُلِّ قِتَالٍ لَيْسَ بِحِرَامٍ سَوَاءٌ كَانَ وَاجِبًا كَقِتَالِ الْكُفَّارِ وَالْبُغَاةِ وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ إذَا قَاتَلَهُمْ الْإِمَامُ وَكَذَا الصَّائِلُ عَلَى حَرِيمِ الْإِنْسَانِ أَوْ عَلَى نَفْسِهِ إذَا أَوْجَبْنَا الدَّفْعَ أَوْ كَانَ مُبَاحًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ كَقِتَالِ مَنْ قَصَدَ مَالَ الْإِنْسَانِ أَوْ مَالَ غَيْرِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ فِي الْقِتَالِ الْمُحَرَّمِ بِالْإِجْمَاعِ كَقِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ وَقِتَالِ أَهْلِ الْأَمْوَالِ لِأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ وَقِتَالِ الْقَبَائِلِ عَصَبِيَّةً وَنَحْوِ ذَلِكَ وَدَلِيلُ الْجَمِيعِ فِي الْكِتَابِ وَقَطَعَ أَصْحَابُنَا العراقيين وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ بِأَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ قُصِدَ مَالُهُ وَدَافَعَ عَنْهُ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْخَوْفِ كَمَا ذَكَرْنَا أَوَّلًا قَالَ جُمْهُورُ الْخُرَاسَانِيِّينَ إذَا كَانَ الْمَالُ حَيَوَانًا جَازَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ قَطْعًا وَإِلَّا فَقَوْلَانِ (أَصَحُّهُمَا) الْجَوَازُ وَالْمَذْهَبُ الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ نُصُوصِهِ أَمَّا إذَا انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ الْكُفَّارِ فَقَالَ أَصْحَابُنَا إنْ كَانَتْ الْهَزِيمَةُ جَائِزَةً بِأَنْ يَزِيدَ الْكُفَّارُ عَلَى الضِّعْفِ أَوْ كَانَ مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ فَلَهُمْ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَإِلَّا فَلَا

    وَسَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ مَعَ نَظَائِرِهَا وَفُرُوعِهَا فِي أَوَاخِرِ هَذَا الْبَابِ فِي صَلَاةِ شِدَّةِ الْخَوْفِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَحَيْثُ مَنَعْنَا صَلَاةَ الْخَوْفِ لِكَوْنِ الْقِتَالِ مُحَرَّمًا فَصَلَّوْهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ صَلَّوْهَا فِي الْأَمْنِ اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا وَسَنُوَضِّحُهُ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي كُلِّ قِتَالٍ مُبَاحٍ فَاسْتَعْمَلَ الْمُبَاحَ عَلَى اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ وهو مالا إثْمَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا فَإِنَّ قِتَالَ الْبُغَاةِ وَاجِبٌ وَحَقِيقَةُ الْمُبَاحِ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ مَا استوى طرفاه بالشرع وانما طلقه الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ لِيُدْخِلَ فِيهِ الدَّفْعَ عَنْ الْمَالِ وَغَيْرَهُ مِمَّا هُوَ مُبَاحٌ حَقِيقَةً وَقَوْلُهُ رُخْصَةٌ بِضَمِّ الْخَاءِ وَإِسْكَانِهَا

    * (فَرْعٌ)

    قَالَ أَصْحَابُنَا الْمُرَادُ بِصَلَاةِ الْخَوْفِ أَنَّ كَيْفِيَّةَ الْفَرِيضَةِ فِيهَا إذَا صُلِّيَتْ جَمَاعَةً كَمَا سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا شُرُوطُ الصَّلَاةِ وَأَرْكَانُهَا وَسُنَنُهَا وَعَدَدُ ركعاتها فهى في الخوف كالامن من إلَّا أَشْيَاءَ اُسْتُثْنِيَتْ فِي صَلَاةِ شِدَّةِ الْخَوْفِ خَاصَّةً سَنُفَصِّلُهَا فِي مَوْضِعِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ لَا يَتَغَيَّرُ عَدَدُ رَكَعَاتِهَا هُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْعُلَمَاءُ كَافَّةً مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ إلَّا ابْنَ الْعَبَّاسِ وَالْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ وَالضَّحَّاكَ واسحق بْنَ رَاهْوَيْهِ فَإِنَّهُمْ قَالُوا الْوَاجِبُ فِي الْخَوْفِ رَكْعَةٌ وَحَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَطَاوُسٍ لَكِنْ أَبُو حَامِدٍ نَقَلَ عَنْ هَؤُلَاءِ أَنَّ الْفَرْضَ فِي الْخَوْفِ عَلَى الْإِمَامِ رَكْعَتَانِ وَعَلَى الْمَأْمُومِ رَكْعَةٌ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْجُمْهُورُ عَنْ هَؤُلَاءِ أَنَّ الْوَاجِبَ رَكْعَةٌ فَقَطْ فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم في الحضر اربعا في السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً رَوَاهُ مُسْلِمٌ قَالُوا وَلِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِي الْخَوْفِ ظَاهِرَةٌ فَخَفَّفَ عَنْهُ بِالْقَصْرِ دَلِيلُنَا الْأَحَادِيثُ الْمَشْهُورَةُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ جَمَاعَاتٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى هُوَ وَأَصْحَابُهُ فِي الْخَوْفِ رَكْعَتَيْنِ (وَالْجَوَابُ) عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَأْمُومَ يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً وَيُصَلِّي الرَّكْعَةَ الْأُخْرَى وَحْدَهُ وَبِهَذَا الْجَوَابِ أَجَابَ الْبَيْهَقِيُّ وَأَصْحَابُنَا فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ وَهُوَ مُتَعَيَّنٌ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ (وَالْجَوَابُ) عَنْ قَوْلِهِمْ فِي الْخَوْفِ مَشَقَّةٌ أَنْ يُنْتَقَضَ بِالْمَرَضِ فَإِنَّ مَشَقَّتَهُ أَشَدُّ وَلَا أَثَرَ لَهُ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ بِالْإِجْمَاعِ مَعَ أَنَّ الْخَوْفَ يُؤَثِّرُ فِي تَخْفِيفِ هَيْئَاتِ الصَّلَاةِ وَصِفَتِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

    *

    (فَرْعٌ)

    فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي أَصْلِ صَلَاةِ الْخَوْفِ: مَذْهَبُنَا أَنَّهَا مَشْرُوعَةٌ وَكَانَتْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشْرُوعَةً لِكُلِّ أَهْلِ عَصْرِهِ مَعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُنْفَرِدِينَ عَنْهُ وَاسْتَمَرَّتْ شريعتها إلَى الْآنَ وَهِيَ مُسْتَمِرَّةٌ إلَى آخِرِ الزَّمَانِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَسَائِرُ أَصْحَابِنَا وَبِهَذَا قَالَتْ الْأُمَّةُ بِأَسْرِهَا إلَّا أَبَا يُوسُفَ وَالْمُزَنِيَّ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ كَانَتْ مُخْتَصَّةً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ يُصَلِّي مَعَهُ وَذَهَبَتْ بِوَفَاتِهِ وَقَالَ الْمُزَنِيّ كَانَتْ ثُمَّ نُسِخَتْ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

    * وَاحْتُجَّ لِأَبِي يُوسُفَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَإِذَا كُنْتَ فيهم فاقمت لهم الصلاة) الْآيَةَ قَالَ وَالتَّغْيِيرُ الَّذِي يَدْخُلُهَا كَانَ يَنْجَبِرُ بِفِعْلِهَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ

    * وَاحْتَجَّ الْمُزَنِيّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاتَهُ صَلَوَاتُ يَوْمِ الْخَنْدَقِ وَلَوْ كَانَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ جَائِزَةً لَفَعَلَهَا وَلَمْ يُفَوِّتْ الصَّلَاةَ

    * وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِالْآيَةِ الْكَرِيمَةِ وَالْأَصْلُ هُوَ التَّأَسِّي بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخِطَابُ مَعَهُ خِطَابٌ لِأُمَّتِهِ وَبِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم وصلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ كَمَا سَبَقَ وَهُوَ عَامٌّ وَبِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَقَدْ ثَبَتَتْ الْآثَارُ الصَّحِيحَةُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ صَلَّوْهَا فِي مَوَاطِنَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجَامِعَ بِحَضْرَةِ كِبَارٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِمَّنْ صَلَّاهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي حُرُوبِهِ بِصِفِّينَ وَغَيْرِهَا وَحَضَرَهَا مِنْ الصَّحَابَةِ خَلَائِقُ لَا يَنْحَصِرُونَ وَمِنْهُمْ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ وَحُذَيْفَةُ وَسَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ وَغَيْرُهُمْ وَقَدْ رَوَى أَحَادِيثَهُمْ الْبَيْهَقِيُّ وَبَعْضُهَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَالصَّحَابَةُ الَّذِينَ رَأَوْا صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَوْفِ لَمْ يَحْمِلْهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى تَخْصِيصِهَا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا بِزَمَنِهِ بَلْ رَوَاهَا كُلُّ وَاحِدٍ وَهُوَ يَعْتَقِدُهَا مَشْرُوعَةً عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي رَآهَا (وَأَمَّا الْجَوَابُ) عَنْ احْتِجَاجِهِمْ بِالْآيَةِ فَقَدْ سبق أنها حجة لنا لان الْخِطَابِ وَالْأَصْلُ التَّأَسِّي (وَأَمَّا الْجَوَابُ) عَنْ انْجِبَارِ الصَّلَاةِ بِفِعْلِهَا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ قَالَ أَصْحَابُنَا الصَّلَاةُ خَلْفَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضِيلَةٌ وَلَا يَجُوزُ تَرْكُ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ لِتَحْصِيلِ فَضِيلَةٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ صَلَاةُ الْخَوْفِ جَائِزَةً مُطْلَقًا لَمَا فَعَلُوهَا (وَأَمَّا دَعْوَى) الْمُزَنِيِّ النَّسْخَ (فَجَوَابُهُ) أَنَّ النَّسْخَ لَا يَثْبُتُ إلَّا إذَا عَلِمْنَا تَقَدُّمَ الْمَنْسُوخِ وَتَعَذُّرَ الجمع بين النصين ولم يوجد هنا شى مِنْ ذَلِكَ بَلْ الْمَنْقُولُ الْمَشْهُورُ أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ نَزَلَتْ بَعْدَ الْخَنْدَقِ فَكَيْفَ يُنْسَخُ بِهِ وَلِأَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ جَائِزَةٌ ليس وَاجِبَةً فَلَا يَلْزَمُهُ مِنْ تَرْكِهَا النَّسْخُ وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ أَعْلَمُ بِذَلِكَ فَلَوْ كَانَتْ مَنْسُوخَةً لَمَا فعلوها ولا نكروا علي فاعليها والله أعلم

    *

    * قال المصنف رحمه الله

    * (وإذا أراد الصلاة لم يخل اما أن يكون العدو في جهة القبلة أو في غيرها فان كان في غيرها ولم يأمنوا وفى المسلمين كثرة جعل الامام الناس طائفتين طائفة في وجه العدو وطائفة يصلى معهم ويجوز أن يصلى بالطائفة التي معه جميع الصلاة ثم تخرج إلي وجه العدو وتجئ الطائفة الاخرى فتصلى معه فيكون متنفلا في الثانية وهم مفترضون والدليل عليه ما روى ابو بكرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم صلي صلاة الخوف بالذين معه ركعتين وبالذين جاؤا ركعتين فكانت للنبى صلي الله عليه وسلم اربعا وللذين جاؤا ركعتين ويجوز أن يصلي باحدى الطائفتين بعض الصلاة وبالاخرى البعض وهو أفضل من أن يصلي بكل واحدة منهما جميع الصلاة لانه أخف فان كانت الصلاة ركعتين صلي بالطائفة التى معه ركعة وثبت قائما وأتمت الطائفة لانفسهم وتنصرف إلى وجه العدو وتجئ الطائفة الاخرى فيصلى معهم الركعة التى بقيت من صلاته وثبت جالسا واتمت الطائفة لانفسهم ثم يسلم بهم والدليل عليه ما روى صالح بن خوات عن من صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم ذات الرقاع صلاة الخوف فذكر مثل ما قلنا )

    * (الشَّرْحُ) حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ كَمَا هُوَ فِي الْمُهَذَّبِ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ بِمَعْنَاهُ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي بَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الْمَغَازِي وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ مَوْضِعَهُ لِأَنِّي رَأَيْت إمَامَيْنِ كَبِيرَيْنِ أَضَافَاهُ إلَى رِوَايَةِ مُسْلِمٍ خَاصَّةً فَأَوْهَمَا أَنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يَرْوِهِ وَغَلِطَا فِي ذَلِكَ وَأَمَّا حَدِيثُ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ فَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ كَمَا فِي الْمُهَذَّبِ عن من صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وقوله) عَمَّنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ سَهْلُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ كَذَا جَاءَ مُبَيَّنًا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَخَوَّاتٌ - بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَوَاوٍ مُشَدَّدَةٍ ثُمَّ أَلْفٍ ثُمَّ تَاءٍ مُثَنَّاةٍ فَوْقُ - وَصَالِحٌ تَابِعِيٌّ وَأَبُو خَوَّاتٍ صَحَابِيٌّ وَهُوَ خَوَّاتُ بْنُ جُبَيْرٍ الْأَنْصَارِيُّ وَذَاتُ الرِّقَاعِ - بِكَسْرِ الرَّاءِ - مَوْضِعٌ قِبَلَ نَجْدٍ

    مِنْ أَرْضِ غَطَفَانَ اُخْتُلِفَ فِي سَبَبِ تَسْمِيَتِهَا فَالصَّحِيحُ مَا ثَبَتَ فِي صَحِيحَيْ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِيهَا نُقِّبَتْ أَقْدَامُنَا فَكُنَّا نَلُفُّ عَلَى أَرْجُلِنَا الْخِرَقَ فَسُمِّيَتْ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ لِمَا كُنَّا نَعْصِبُ عَلَى أَرْجُلِنَا مِنْ الْخِرَقِ وَقَوْلُهُ نُقِّبَتْ - بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِهَا - أَيْ تَقَرَّحَتْ وَتَقَطَّعَتْ جُلُودُهَا وَقِيلَ بِاسْمِ شَجَرَةٍ كَانَتْ هُنَاكَ وَقِيلَ اسْمُ جَبَلٍ فِيهِ بَيَاضٌ وَحُمْرَةٌ وَسَوَادٌ وَيُقَالُ لَهُ الرِّقَاعُ وَقِيلَ لِأَرْضٍ كَانَتْ مُلَوَّنَةً وَقِيلَ لِرِقَاعٍ كَانَتْ فِي أَلْوِيَتِهِمْ (قَوْلُهُ) وَفِي الْمُسْلِمِينَ كَثْرَةٌ - هِيَ بِفَتْحِ الْكَافِ - عَلَى الْمَشْهُورِ وَفِي لُغَةٍ ضَعِيفَةٍ كَسْرُهَا

    * أَمَّا الْأَحْكَامُ فَقَالَ الْعُلَمَاءُ جَاءَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيٌّ سِتَّةَ عَشَرَ نَوْعًا وَهِيَ مُفَصَّلَةٌ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ بَعْضُهَا وَمُعْظَمُهَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَاخْتَارَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ (أَحَدُهَا) صَلَاتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَطْنِ نَخْلٍ (وَالثَّانِي) صَلَاتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَاتِ الرِّقَاعِ (وَالثَّالِثُ) صَلَاتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُسْفَانَ وَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ ثَابِتَةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلِصَلَاةِ الْخَوْفِ نَوْعٌ رَابِعٌ جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ وَذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (فَإِنْ خِفْتُمْ فرجالا أو ركبانا) وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي الْكِتَابِ عَلَى التَّرْتِيبِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ قَالَ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَالسِّيَرِ أَوَّلُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْخَوْفِ صَلَاةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ (وَاعْلَمْ) أَنَّ بَطْنَ نَخْلٍ مَوْضِعٌ مِنْ أَرْضِ نَجْدٍ مِنْ أَرْضِ غَطَفَانَ فَهِيَ وَذَاتُ الرِّقَاعِ مِنْ أَرْضِ غطفان لكنها صَلَاتَانِ فِي وَقْتَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَفِي كِتَابِ الْمَغَازِي مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ جَابِرٍ قَالَ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى ذَاتِ الرِّقَاعِ مِنْ نَخْلٍ فَلَقِيَ جَمْعًا مِنْ غَطَفَانَ واعلم ان نخلا هَذَا غَيْرُ نَخْلَةِ الَّذِي جَاءَ إلَيْهَا وَفْدُ الْجِنِّ تِلْكَ عِنْدَ مَكَّةَ وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِصَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ وَهِيَ أَنْ يَجْعَلَ الْإِمَامُ النَّاسَ طَائِفَتَيْنِ (إحْدَاهُمَا) فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ (وَالْأُخْرَى) يُصَلِّي بِهَا جَمِيعَ الصَّلَاةِ وَيُسَلِّمُ سَوَاءٌ كَانَتْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا فَإِذَا سَلَّمَ ذَهَبُوا إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ وَجَاءَ الْآخَرُونَ فَصَلَّى بِهِمْ تِلْكَ الصَّلَاةَ مَرَّةً ثَانِيَةً تَكُونُ لَهُ نَافِلَةً وَلَهُمْ فَرِيضَةً قَالَ أَصْحَابُنَا وَإِنَّمَا تُسْتَحَبُّ هَذِهِ الصَّلَاةُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَأَنْ يَكُونَ فِي الْمُسْلِمِينَ كَثْرَةٌ وَالْعَدُوُّ قَلِيلٌ وَأَنْ يُخَافَ هُجُومُهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ أَصْحَابُنَا فَهَذِهِ الْأُمُورُ لَيْسَتْ شَرْطًا لَصِحَّتِهَا فَإِنَّ الصَّلَاةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ صَحِيحَةٌ عِنْدَنَا مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ فَفِي الْخَوْفِ أَوْلَى وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهَا لا تندب على هذه الهيأة إلَّا بِهَذِهِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي) فَهُوَ صَلَاةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَمُعْظَمُ مَسَائِلِ الْبَابِ فِيهَا فَتَكُونُ ثَلَاثَةً تَارَةً رَكْعَتَيْنِ صُبْحًا أَوْ مَقْصُورَةً وَتَارَةً ثَلَاثًا وَهِيَ الْمَغْرِبُ وَتَارَةً أَرْبَعًا إذَا لَمْ تُقْصَرْ فَإِنْ كَانَتْ رَكْعَتَيْنِ فَرَّقَ الْإِمَامُ النَّاسَ فِرْقَتَيْنِ فِرْقَةً تَقِفُ فِي مُقَابَلَةِ الْعَدُوِّ وَفِرْقَةً يَنْحَدِرُ بِهَا الْإِمَامُ إلَى حَيْثُ لَا يَلْحَقُهُمْ سِهَامُ الْعَدُوِّ فَيُحْرِمُ بِهِمْ وَيُصَلِّي رَكْعَةً وَهَذَا الْقَدْرُ اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ رِوَايَاتُ الْحَدِيثِ وَنُصُوصُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ وَفِيمَا يَفْعَلُ بعد ذلك روايتان في الاحاديث الصحيحة (إحداها) أَنَّهُ إذَا قَامَ الْإِمَامُ إلَى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ نَوَى الْمُقْتَدِي الْخُرُوجَ مِنْ مُتَابَعَتِهِ وَصَلَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ وَتَشَهَّدُوا وَسَلَّمُوا وَذَهَبُوا إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ وَجَاءَ الْآخَرُونَ فَأَحْرَمُوا خَلْفَهُ فِي الرَّكْعَةِ الثانية وأطالها حتى يلحقوه ويقرأوا الْفَاتِحَةَ ثُمَّ يَرْكَعَ بِهِمْ وَيَسْجُدَ فَإِذَا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ قَامُوا فَصَلَّوْا ثَانِيَتَهُمْ وَانْتَظَرَهُمْ فَإِذَا لَحِقُوهُ سَلَّمَ بِهِمْ هَذِهِ رِوَايَةُ سَهْلِ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ وَهِيَ فِي صَحِيحَيْ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ (وَالثَّانِيَةُ) أَنَّ الْإِمَامَ إذَا قَامَ إلَى الثَّانِيَةِ لَا يُتِمُّ الْمُقْتَدُونَ بِهِ الصَّلَاةَ بَلْ يَذْهَبُونَ إلَى مَكَانِ إخْوَانِهِمْ فَيَقِفُونَ قُبَالَةَ الْعَدُوِّ وَهُمْ فِي الصلاة ويقفون سكوتا وتجئ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَيُصَلِّي بِهِمْ الْإِمَامُ رَكْعَتَهُ الثَّانِيَةَ فَإِذَا سَلَّمَ ذَهَبُوا إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ وَجَاءَ الْأَوَّلُونَ إلَى مَكَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَصَلَّوْا الرَّكْعَةَ الْبَاقِيَةَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ ذَهَبُوا إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ وَجَاءَ الْآخَرُونَ إلَى مَكَانِ الصَّلَاةِ فَصَلَّوْا رَكْعَتَهُمْ الْبَاقِيَةَ وَسَلَّمُوا وَهَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ عُمَر عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَكَذَا حَكَاهُ أَصْحَابُنَا عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ وَهِيَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْن عُمَرَ لَكِنَّ لَفْظَ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكَعَ بِمَنْ مَعَهُ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفُوا مَكَانَ الطَّائِفَةِ الَّتِي لَمْ تصل فجاؤا فَرَكَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِمْ رَكْعَةً وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ فَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَرَكَعَ لِنَفْسِهِ رَكْعَةً وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَلَفْظُ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَةً ثُمَّ انْصَرَفُوا فَقَامُوا مَقَامَ أَصْحَابِهِمْ وَجَاءَ أُولَئِكَ ثُمَّ صلي بهم النبي صلي الله عليه وسلم رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ قَضَى هَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَهَؤُلَاءِ رَكْعَةً " وَاخْتَارَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ الرِّوَايَةَ الْأُولَى رِوَايَةَ سَهْلٍ لِأَنَّهَا أَحْوَطُ لِأَمْرِ الْحَرْبِ وَلِأَنَّهَا أَقَلُّ مُخَالَفَةً لِقَاعِدَةِ الصَّلَاةِ وَهَلْ تَصِحُّ الصَّلَاةُ عَلَى وَفْقِ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَجَمَاعَاتٌ مِنْ الخراسانيين (أَحَدُهُمَا)

    لَا تَصِحُّ لِكَثْرَةِ الْأَفْعَالِ فِيهَا بِلَا ضَرُورَةٍ احْتِرَازًا مِنْ صَلَاةِ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَزَعَمَ الْمُحْتَجُّ بِهَذَا الْقَوْلِ أَنَّ رِوَايَةَ ابْنِ عُمَرَ منسوخة (والقول الثَّانِي) وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ صِحَّةُ الصَّلَاةِ لِصِحَّةِ الحديث وعدم معارضه فَإِنَّ رِوَايَةَ سَهْلٍ لَا تُعَارِضُهُ فَكَانَتْ هَذِهِ فِي يَوْمٍ وَتِلْكَ فِي يَوْمٍ آخَرَ وَدَعْوَى الْأَوَّلِ النَّسْخَ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى مَعْرِفَةِ التَّارِيخِ وَتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَلَيْسَ هُنَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَهَذَا الْقَوْلُ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ فِي كِتَابِ الرِّسَالَةِ وَأَمَّا قَوْلُ الْغَزَالِيِّ قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَهُوَ بَعِيدٌ فَغَلِطَ فِي شَيْئَيْنِ

    (أَحَدُهُمَا)

    نِسْبَتُهُ إلَى بَعْضِ الْأَصْحَابِ وَالثَّانِي تَضْعِيفُهُ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ الْجَدِيدُ الصَّحِيحُ وَاخْتَارَ أَبُو حَنِيفَةَ رِوَايَةَ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَصْحَابُنَا وَفِعْلُ الصَّلَاةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ لَيْسَ وَاجِبًا بَلْ مَنْدُوبٌ فَلَوْ صَلَّى الْإِمَامُ بِبَعْضِهِمْ كُلَّ الصَّلَاةِ وَبِالْبَاقِينَ غَيْرُهُ أَوْ صَلَّى بَعْضُهُمْ أَوْ كُلُّهُمْ مُنْفَرِدِينَ جَازَ بِلَا خِلَافٍ لَكِنْ كَانَتْ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَا يَسْمَحُونَ بِتَرْكِ الْجَمَاعَةِ لِعِظَمِ فَضْلِهَا فَسُنَّتْ لَهُمْ هَذِهِ الصِّفَةُ لِيَحْصُلَ لِكُلِّ طَائِفَةِ حَظٌّ مِنْ الْجَمَاعَةِ وَالْوُقُوفِ قُبَالَةَ الْعَدُوِّ وتختص الاولى بفضيلاه إدْرَاكِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالثَّانِيَةُ بِفَضِيلَةِ السَّلَامِ مَعَهُ قَالَ أَصْحَابُنَا وَإِنَّمَا تُسْتَحَبُّ هَذِهِ الصَّلَاةُ إذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ أَوْ فِيهَا وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ حَائِلٌ يَمْنَعُهُمْ لَوْ هَجَمُوا

    *

    * قال المصنف رحمه الله

    * (وتفارق الطائفة الاولى الامام حكما وفعلا فان لحقها سهو بعد المفارقة لم يتحمل عنهم الامام وان سها الامام لم يلزمه سهوه وهل يقرأ الامام في حال انتظاره قال في موضع إذا جاءت الطائفة الثانية قرأ وقال في موضع يطيل القراءة حتي تدركه الطائفة الثانية فَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ فِيهِ قَوْلَانِ (أَحَدُهُمَا) لَا يقرأ حتى تجئ الطائفة الثانية فيقرأ معها لانه قرأ مع الطائفة الاولي قراءة تامة فيجب ان يقرأ مع الثانية ايضا قراءة تامة (والقول الثاني) انه يقرأ وهو الاصح لان افعال الصلاة لا تخلو من ذكر والقيام لا يصلح لذكر غير القراءة فوجب ان يقرأ ومن اصحابنا من قال ان اراد ان يقرأ سورة قصيرة لم يقرأ حتى لا يفوت القراءة علي الطائفة الثانية وان اراد ان يقرأ سورة طويلة قرأ لانه لا يفوت عليهم القراءة وحمل القولين علي هذين الحالين واما الطائفة الثانية فانهم يفارقون الامام فعلا ولا يفارقونه حكما فان سهوا تحمل عنهم الامام

    وإن سها الامام لزمهم سهوه ومتى يفارقونه قال الشافعي رحمه الله في سجود السهو يفارقونه بعد التشهد لان المسبوق لا يفارق الامام الا بعد التشهد وقال في الام يفارقونه عقيب السجود في الثانية وهو الاصح لان ذلك اخف ويفارق المسبوق لان المسبوق لا يفارق حتى يسلم الامام وهذا يفارق قبل التسليم فإذا قلنا بهذا فهل يتشهد الامام في حال الانتظار فِيهِ طَرِيقَانِ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْ قَالَ فِيهِ قولان كالقراءة ومنهم من قال يتشهد قولا واحدا ويخالف القراءة فان في القراءة قد قرأ مع الطائفة الاولى فلم يقرأ حتى تدركه الطائفة الثانية فيقرأ معها والتشهد لم يفعله مع الطائفة الاولى فلا ينتظر)

    * (الشَّرْحُ) قَالَ أَصْحَابُنَا إذَا قَامَتْ الطَّائِفَةُ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ مِنْ سَجْدَتَيْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى نَوَوْا مُفَارِقِينَ إذَا انْتَصَبُوا قِيَامًا وَلَوْ فَارَقُوهُ بَعْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ جَازَ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَفْضَلُ لِيَسْتَمِرَّ عَلَيْهِمْ حُكْمُ الْجَمَاعَةِ حَالَةَ النُّهُوضِ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ لِأَنَّ حُكْمَ الْقُدْوَةِ مُسْتَمِرٌّ مَا لَمْ يَنْوِ الْمُفَارَقَةَ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُقْتَدِي سَبْقُ الْإِمَامِ فَإِذَا فَارَقُوهُ خَرَجُوا عَنْ حُكْمِ الْقُدْوَةِ فِي كل شئ فَلَا يَلْحَقُهُمْ سَهْوُهُ وَلَا يَحْمِلُ سَهْوَهُمْ وَقَوْلُ المصنف والاصحاب يفارقوه حُكْمًا وَفِعْلًا أَرَادُوا بِقَوْلِهِمْ حُكْمًا أَنَّهُ لَا يَحْمِلُ سَهْوَهُمْ وَلَا يَلْحَقُهُمْ سَهْوُهُ وَلَا يَسْجُدُونَ لِتِلَاوَتِهِ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَلْتَزِمُهُ الْمَأْمُومُ وَأَرَادُوا بِقَوْلِهِمْ وَفِعْلًا أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ مُنْفَرِدِينَ مُسْتَقِلِّينَ بِفِعْلِهَا وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَنْقَطِعُ بِهِ حُكْمُ الطَّائِفَةِ الْأُولَى عَنْ حُكْمِ الْإِمَامِ وَلَا يَحْمِلُ سَهْوَهُمْ ولا يلحقهم سهوه وجهين

    (أحدهما)

    إذا انْتَصَبَ الْإِمَامُ قَائِمًا (وَالثَّانِي) إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَتَيْنِ فَعَلَى هَذَا لَوْ رَفْع رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ وَهُمْ فِيهِ فَسَهَوْا فِيهِ لَمْ يَحْمِلْهُ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ الْوَجْهَيْنِ ثُمَّ قَالَ وَلَكَ أَنْ تَقُولَ قَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُمْ يَنْوُونَ الْمُفَارَقَةَ عِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ وَالِانْتِصَابِ فَلَا مَعْنَى لِلْخِلَافِ فِي وَقْتِ الِانْقِطَاعِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى وَقْتِ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الرَّافِعِيُّ مُتَعَيِّنٌ لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ وَأَمَّا الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَسَهْوُهَا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى لَهَا الَّتِي هِيَ ثَانِيَةُ الْإِمَامِ مَحْمُولٌ لِأَنَّهُمْ فِي قُدْوَةٍ حَقِيقَةً وَفِي سَهْوِهِمْ فِي رَكْعَتِهِمْ الثَّانِيَةِ الَّتِي يَأْتُونَ بِهَا وَالْإِمَامُ يَنْتَظِرُهُمْ فِي الْجُلُوسِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ حَكَاهُمَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَغَيْرُهُمَا

    (أَحَدُهُمَا)

    لَا يَحْمِلُهُ لِمُفَارَقَتِهِمْ لَهُ فِي الْفِعْلِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ وَأَبِي عَلِيِّ بْنِ خَيْرَانَ فَعَلَى هَذَا لَا يَلْزَمُهُمْ سَهْوُهُ فِي حَالِ انْتِظَارِهِ لَهُمْ (وَأَصَحُّهُمَا) وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ وَبِهِ قطع المصنف والاكثرون يحمله ويلحقهم سهوه لانهم في حكم القدوة وهو منتظر لهم فهو كَسَهْوِهِمْ فِي سَجْدَةٍ رَفَعَ الْإِمَامُ مِنْهَا وَيُعَبَّرُ عن الوجهين بانهم يفارقوه حُكْمًا أَمْ لَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُمْ لَا يُفَارِقُونَهُ حكما قالوا وتجرى الْوَجْهَانِ فِي الْمَزْحُومِ فِي الْجُمُعَةِ إذَا سَهَا فِي وَقْتِ تَخَلُّفِهِ وَأَجْرُوهُمَا فِيمَنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا فَسَهَا ثُمَّ نَوَى الِاقْتِدَاءَ فِي أَثْنَائِهَا وَجَوَّزْنَاهُ وَأَتَمَّهَا مَأْمُومًا وَاسْتَبْعَدَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إجْرَاءَهُمَا هُنَا وَقَالَ الْوَجْهُ الْقَطْعُ بِأَنَّ حُكْمَ السَّهْوِ لَا يَرْتَفِعُ بِالْقُدْوَةِ اللَّاحِقَةِ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ هُنَا (وَاعْلَمْ) أَنَّ سَهْوَ الْإِمَامِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى يلحق الطائفتين فَتَسْجُدُ لَهُ الطَّائِفَةُ الْأُولَى إذَا تَمَّتْ صَلَاتُهَا فَإِنْ سَهَا بَعْضُهُمْ فِي رَكْعَتِهِ الثَّانِيَةِ فَهَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى سَجْدَتَيْنِ أَمْ يَسْجُدُ أَرْبَعًا لِكَوْنِهِ سَهَا فِي حَالِ قُدْوَةٍ وَفِي حَالِ انْفِرَادٍ فِيهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ (أَصَحُّهُمَا) سَجْدَتَانِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ فَإِنْ قُلْنَا سجدتان فعماذا تَصِحَّانِ فِيهِ الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ السَّابِقَةُ فِي بَابِ سجود السهو (احدهما) تَقَعَانِ عَنْ سَهْوِهِ وَيَكُونُ سَهْوُ إمَامِهِ تَابِعًا (وَالثَّانِي) عَكْسُهُ (وَأَصَحُّهَا) يَقَعَانِ عَنْهُمَا وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ نَوَى خِلَافَ مَا جَعَلْنَاهُ مَقْصُودًا قَالَ أَصْحَابُنَا ثُمَّ إذَا قَامَ الْإِمَامُ إلَى الثَّانِيَةِ هَلْ يَقْرَأُ فِي حَالِ انْتِظَارِهِ فراغ الاولي ومجئ الثَّانِيَةِ فِيهِ نَصَّانِ لِلشَّافِعِيِّ قَالَ فِي الْإِمْلَاءِ يَقْرَأُ وَيُطِيلُ الْقِرَاءَةَ فَإِذَا جَاءَتْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ قَرَأَ مَعَهَا فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَسُورَةً قَصِيرَةً وَقَالَ فِي الْأُمِّ لَا يَقْرَأُ بَلْ يُسَبِّحُ وَيَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى حَتَّى تَأْتِيَ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ هَذَانِ نَصَّانِ وَلِلْأَصْحَابِ فِيهِمَا ثَلَاثُ طُرُقٍ (أَصَحُّهَا) وَأَشْهُرُهَا وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّنْبِيهِ وَآخَرُونَ فِيهِ قَوْلَانِ (أَصَحُّهُمَا) بِاتِّفَاقِهِمْ تُسْتَحَبُّ الْقِرَاءَةُ فَيَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وبعدها سورة طويلة حتى تجئ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَإِذَا جَاءَتْ قَرَأَ مِنْ السُّورَةِ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةً قَصِيرَةً لِتَحْصُلَ لَهُمْ قِرَاءَةُ الفاتحة وشئ مِنْ زَمَنِ السُّورَةِ وَدَلِيلُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الصَّلَاةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنْ لَا سُكُوتَ فِيهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ لِأَنَّ الْقِيَامَ لَا يُشْرَعُ فِيهِ إلَّا الْقِرَاءَةُ (وَالْقَوْلُ الثَّانِي) يُسْتَحَبُّ أَنْ لا يقرأ حتى تجئ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ لِأَنَّهُ قَرَأَ مَعَ الْأُولَى الْفَاتِحَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَهَا أَيْضًا مَعَ الثَّانِيَةِ وَلَا يُشْرَعُ غَيْرُ الْفَاتِحَةِ قَبْلَهَا وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ يَشْتَغِلُ بِمَا شَاءَ مِنْ الذِّكْرِ كَالتَّسْبِيحِ وَغَيْرِهِ (وَالطَّرِيقُ الثاني) وبه قال أبو اسحق إنْ أَرَادَ قِرَاءَةَ سُورَةٍ قَصِيرَةٍ لَمْ يَقْرَأْ لِئَلَّا تَفُوتَ الْقِرَاءَةُ عَلَى الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ وَإِنْ أَرَادَ سُورَةً طَوِيلَةً قَرَأَ لِأَنَّهُ لَا تَفُوتُهُمْ وَحَمَلَ النَّصَّيْنِ عَلَى هَذَيْنِ الْحَالَيْنِ (وَالطَّرِيقُ الثَّالِثُ) حَكَاهُ الْفُورَانِيُّ وَالْإِمَامُ وَآخَرُونَ مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ تُسْتَحَبُّ الْقِرَاءَةُ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَ أَصْحَابُنَا وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخَفِّفَ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُولَى لِأَنَّهَا حَالَةُ شُغْلٍ وَحَرْبٍ وَمُخَاطَرَةٍ عَنْ خِدَاعِ الْعَدُوِّ وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا لِلطَّائِفَتَيْنِ تَخْفِيفُ قِرَاءَةِ رَكْعَتِهِمْ الثَّانِيَةِ لِئَلَّا يَطُولَ الِانْتِظَارُ قَالَ أَصْحَابُنَا وَسَوَاءٌ قَرَأَ الْإِمَامُ فِي حَالِ الِانْتِظَارِ أَمْ لَا يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَرْكَعَ حَتَّى تَفْرُغَ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ الْفَاتِحَةِ فَلَوْ لَمْ يَنْتَظِرْهُمْ الْإِمَامُ فَأَدْرَكَتْهُ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ رَاكِعًا أَدْرَكُوا الرَّكْعَةَ بِلَا خِلَافٍ كَمَا في غير حالة الخوف كذا قالوه ويجئ فِيهِ الْوَجْهُ الشَّاذُّ السَّابِقُ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَنْ ابْن خُزَيْمَةَ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا تُحْسَبَ الرَّكْعَةُ بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ وَلَا تُحْسَبَ حَتَّى يُدْرِكَ شَيْئًا مِنْ قِيَامِ الْإِمَامِ وَأَمَّا الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ فَإِذَا صَلَّى بِهِمْ الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ فَارَقُوهُ لِيُتِمُّوا الرَّكْعَةَ الْبَاقِيَةَ عَلَيْهِمْ وَلَا يَنْوُونَ مُفَارَقَتَهُ وَمَتَى يُفَارِقُونَهُ فِيهِ طَرِيقَانِ (الصَّحِيحُ) مِنْهُمَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ منها الاول والثانى وأحدهما يفارقوونه بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَقَبْلَ السَّلَامِ وَهَذَا نَصُّهُ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ مِنْ كُتُبِ الْأُمِّ فَعَلَى هَذَا إذَا قَارَبَ السَّلَامَ فَارَقُوهُ ثُمَّ انْتَظَرَهُمْ وَطُوَّلَ الدُّعَاءَ حَتَّى يُصَلُّوا رَكْعَتَهُمْ وَيَتَشَهَّدُوا ثُمَّ يُسَلِّمَ بِهِمْ (وَالْقَوْلُ الثَّانِي) وَهُوَ أَصَحُّهَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصْحَابِ وَأَشْهَرُهَا وَبِهِ قَطَعَ كَثِيرُونَ وَهُوَ نَصُّهُ فِي الْأُمِّ وَالْبُوَيْطِيِّ وَالْإِمْلَاءِ وَالْقَدِيمِ يُفَارِقُونَهُ عَقِبَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَخَفُّ وَيُخَالِفُ الْمَسْبُوقَ فَإِنَّهُ لَا يُفَارِقُهُ إلَّا بَعْدَ السَّلَامِ وَلِأَنَّ الْمَسْبُوقَ إذَا فَارَقَ لَا يَنْتَظِرُهُ أَحَدٌ وَهُنَا يَنْتَظِرُهُ الْإِمَامُ لِيُسَلِّمَ بِهِ فَكُلَّمَا طَالَ مُكْثُهُ طَالَ انْتِظَارُ الْإِمَامِ وَطَالَتْ صَلَاتُهُ وَهَذِهِ الصَّلَاةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّخْفِيفِ (وَالثَّالِثُ) حَكَاهُ الْخُرَاسَانِيُّونَ عَنْ الْقَدِيمِ يُفَارِقُهُ عَقِبَ السَّلَامِ كَالْمَسْبُوقِ حَقِيقَةً وَالطَّرِيقُ الثَّانِي حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَآخَرُونَ أَنَّهُمْ يُفَارِقُونَهُ عَقِبَ السُّجُودِ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَ هَذَا الْقَائِلُ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي سُجُودِ السَّهْوِ عَلَى أَنَّهُ إذَا صَلَّى رُبَاعِيَّةً يَتَشَهَّدُ مَعَهُ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ تَشَهُّدِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي الْمُجَرَّدِ هَذَا غَلَطٌ لِأَنَّ سِيَاقَ نَصِّ الشَّافِعِيِّ يَرُدُّهُ فَإِذَا قُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّهُمْ يُفَارِقُونَهُ عَقِبَ السُّجُودِ فَهَلْ يَتَشَهَّدُ فِي حَالِ انْتِظَارِهِمْ فِيهِ طَرِيقَانِ (أَصَحُّهُمَا) أَنَّهُ عَلَى الطَّرِيقَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي الْقِرَاءَةِ وَهُمَا الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي يَتَشَهَّدُ قَوْلًا وَاحِدًا وَفَرَّقَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ بَيْنَهُ

    وَبَيْنَ الْقِرَاءَةِ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَا يُقْرَأُ عَلَى قَوْلٍ لِيُسَوِّيَ بَيْن الطَّائِفَتَيْنِ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ مَعَهُمْ وَمُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنْ يَتَشَهَّدَ لِئَلَّا يَخُصَّ الثَّانِيَةَ بِالتَّشَهُّدِ قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِنْ قُلْنَا لَا يَتَشَهَّدُ اشْتَغَلَ فِي حَالِ انْتِظَارِهِ بِالذِّكْرِ كَمَا قُلْنَا إذَا لَمْ يَقْرَأْ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَنْتَظِرُهُمْ حَتَّى يُسَلِّمَ بِهِمْ

    * (فَرْعٌ)

    ذَكَرْنَا أَنَّ الْإِمَامَ إذَا سَهَا فِي الْأُولَى لَحِقَ الطَّائِفَتَيْنِ سَهْوُهُ فَإِذَا فَارَقَتْهُ الْأُولَى قَالَ الشَّافِعِيُّ أَشَارَ إلَيْهِمْ إشَارَةً يَفْهَمُونَ بِهَا أَنَّهُ سَهَا لِيَسْجُدُوا فِي آخِرِ صَلَاتِهِمْ هَذَا نَصُّهُ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ فَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْأَصْحَابُ فيه وجهين (أصحهما) وبه قال أبو اسحق الْمَرْوَزِيُّ إنَّمَا يُشِيرُ إلَيْهِمْ إذَا كَانَ سَهْوًا يَخْفَى عَلَيْهِمْ فَإِنْ كَانَ سَهْوًا جَلِيًّا لَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ لَمْ يُشِرْ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَأَظُنُّ الشَّافِعِيَّ أَشَارَ إلَى هَذَا التَّفْصِيلِ فِي الْإِمْلَاءِ وَجَزَمَ الْبَنْدَنِيجِيُّ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْإِمْلَاءِ (وَالثَّانِي) يُشِيرُ إلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَ السَّهْوُ جَلِيًّا لِأَنَّ الْمَأْمُومَ قَدْ يَجْهَلُ السُّجُودَ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْإِمَامِ

    * (فَرْعٌ)

    إذَا قُلْنَا الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ تُفَارِقُهُ عَقِبَ السُّجُودِ فَكَانَ الْإِمَامُ قَدْ سَهَا سَجَدُوا مَعَهُ فِي آخِرِ صَلَاةِ الْجَمِيعِ وَإِنْ قُلْنَا يَتَشَهَّدُونَ مَعَهُ سَجَدُوا لِلسَّهْوِ مَعَهُمْ ثُمَّ قَامُوا إلَى رَكْعَتِهِمْ قَالَ أَصْحَابُنَا وَفِي إعَادَتِهِمْ سُجُودَ السَّهْوِ فِي آخِرِ صَلَاتِهِمْ الْقَوْلَانِ فِي الْمَسْبُوقِ فِي غَيْرِ صَلَاةِ الْخَوْفِ (أَصَحُّهُمَا) يُعِيدُونَ وَإِنْ قُلْنَا يَقُومُونَ عَقِبَ السُّجُودِ وَيَنْتَظِرُهُمْ بِالتَّشَهُّدِ فَتَشَهَّدَ قَبْلَ فَرَاغِهِمْ فَأَدْرَكُوهُ فِي آخِرِ التَّشَهُّدِ فَسَجَدَ لِلسَّهْوِ قَبْلَ تَشَهُّدِهِمْ فَهَلْ يُتَابِعُونَهُ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ سُرَيْجٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَصَاحِبَا الشَّامِلِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ

    (أَحَدُهُمَا)

    لَا يُتَابِعُونَهُ بل يتشهدون ثم يسجدون للسهو ثُمَّ يُسَلِّمُ بِهِمْ (وَالثَّانِي) يَسْجُدُونَ لِأَنَّهُمْ تَابِعُونَ له فعلي هذا هل يُعِيدُونَهُ بَعْدَ تَشَهُّدِهِمْ قَالُوا فِيهِ الْقَوْلَانِ يَنْبَغِي ان يقطع بانهم لا يعيدونه

    *

    * قال المصنف رحمه الله

    * (وان كانت الصلاة مغربا صلي باحدى الطائفتين ركعة وبالثانية ركعتين لِمَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صلي ليلة الهرير هكذا وقال في الام الافضل ان يصلي بالاولي ركعتين وبالثانية

    ركعة وهو الاصح لان ذلك أخف لانه تتشهد كل طائفة تشهدين وعلى القول الآخر تتشهد الطائفة الثانية ثلاث تشهدات فان قلنا بقوله في الاملاء فارقته الطائفة الاولى في القيام في الركعة الثانية لان ذلك موضع قيامها وان قلنا بقوله في الام فارقته بعد التشهد لانه موضع تشهدها وكيف ينتظر الامام الطائفة الثانية فيه قولان قال في المختصر ينتظرهم جالسا حتى يدركوا معه القيام من أول الركعة وإذا انتظرهم قائما فاتهم معه بعض القيام وقال في الام ان انتظرهم قائما فحسن وان انتظرهم جالسا فجائز فجعل الانتظار قائما افضل وهو الاصح لان القيام افضل من القعود وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى + النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ )

    * (الشَّرْحُ) حَدِيثُ صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عِمْرَانَ ابن الحصين ورواه مسلم من رواية بن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى صَلَاةِ النَّفْلِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ كَمَا سَبَقَ هُنَاكَ وَلَيْلَةُ الْهَرِيرِ - بِفَتْحِ الْهَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ - لَيْلَةٌ مِنْ لَيَالِي صِفِّينَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانَ لَهُمْ هَرِيرٌ عِنْدَ حَمْلِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ وَهَذَا الْمَرْوِيُّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِغَيْرِ إسْنَادٍ وَأَشَارَ إلَى ضَعْفِهِ فَقَالَ وَيُذْكَرُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَلِيًّا صَلَّى الْمَغْرِبَ صَلَاةَ الْخَوْفِ لَيْلَةَ الْهَرِيرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْقِيَامَ أَفْضَلُ مِنْ الْقُعُودِ هَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي إطَالَةِ الْقِيَامِ وَالسُّجُودِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ وَمَذْهَبُنَا أَنَّ إطَالَةَ الْقِيَامِ أَفْضَلُ وَقَدْ سَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ بِدَلَائِلِهَا فِي أَوَّلِ بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ تَتَشَهَّدُ كُلُّ طَائِفَةِ تَشَهُّدَيْنِ هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ نَصُّهُ فِي الْأُمِّ أَنَّ الثَّانِيَةَ تُفَارِقُ الْإِمَامَ عَقِبَ السُّجُودِ وَلَا يَتَشَهَّدُونَ مَعَهُ أَمَّا إذَا قُلْنَا بِنَصِّهِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ إنَّهُمْ يُفَارِقُونَهُ بَعْدَ تَشَهُّدِهِ فَإِنَّهُمْ يَتَشَهَّدُونَ ثَلَاثَةَ تَشَهُّدَاتٍ

    * أَمَّا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَمُخْتَصَرُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى رَكْعَتَيْنِ وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً وَيَجُوزُ عَكْسُهُ وَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ فِيهِ طَرِيقَانِ الْمَشْهُورُ قَوْلَانِ (أَصَحُّهُمَا) أَنْ يُصَلِّيَ بِالْأُولَى رَكْعَتَيْنِ وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً

    (وَالثَّانِي)

    عَكْسُهُ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَدَاوُد (وَالطَّرِيقُ الثَّانِي) بِالْأُولَى رَكْعَتَيْنِ قَوْلًا وَاحِدًا وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأُولَى رَكْعَةً فَارَقَتْهُ إذَا قَامَ إلَى الثَّانِيَةِ وَأَتَمَّتْ

    لِأَنْفُسِهَا كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي ذَاتِ الرَّكْعَتَيْنِ وَإِنْ قُلْنَا بِالْأُولَى رَكْعَتَيْنِ جَازَ أَنْ يَنْتَظِرَهُمْ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَجَازَ فِي قِيَامِ الثَّالِثَةِ وَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ فِيهِ قَوْلَانِ (أَصَحُّهُمَا) بِاتِّفَاقِهِمْ الِانْتِظَارُ فِي الْقِيَامِ وَعَلَى هَذَا هَلْ يَقْرَأُ فِي الْقِيَامِ الْفَاتِحَةَ وَمَا بَعْدَهَا أَمْ لا يقرأ ويشتغل بِالذِّكْرِ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي ذَاتِ الرَّكْعَتَيْنِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الطَّائِفَةَ الْأُولَى لَا تُفَارِقُهُ إلَّا بَعْدَ التَّشَهُّدِ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ تَشَهُّدِهِمْ وَهَلْ تُفَارِقُهُ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ عَقِبَ سُجُودِهِ فِي الثَّالِثَةِ أَمْ عَقِبَ التَّشَهُّدِ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ وَكَذَا الْخِلَافُ فِي انه يشتهد فِي حَالِ انْتِظَارِهِمْ قَالَ أَصْحَابُنَا وَإِذَا قُلْنَا يَنْتَظِرُهُمْ فِي التَّشَهُّدِ انْتَظَرَهُمْ حَتَّى يُحْرِمُوا خَلْفَهُ ثُمَّ يَقُومُ مُكَبِّرًا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وغيره ويكبرون متابعة له قالوا وانما يَنْتَظِرُهُمْ جَالِسًا حَتَّى يُحْرِمُوا لِيُدْرِكُوا مَعَهُ الرَّكْعَةَ من اولها كما ادركها الطائفة الاولي من اولها

    *

    * قال المصنف رحمه الله

    * (وإن كانت الصلاة ظهرا أو عصرا أو عشاء وكان في الحضر صلي بكل طائفة ركعتين وان جعلهم أربع فرق وصلى بكل طائفة ركعة ففى صلاة الامام قولان

    (أحدهما)

    انها تبطل لان الرخصة وردت بانتظارين فلا تجوز الزيادة عليهما (والثاني) انها لا تبطل وهو الاصح لانه قد يحتاج الي أربع انتظارات بأن يكون المسلمون أربعمائة والعدو ستمائة فيحتاج أن يقف بازاء العدو ثلثمائة ويصلى بمائة مائة ولان الانتظار الثالث والرابع بالقيام والقراءة والجلوس والذكر وذلك لا يبطل الصلاة فان قلنا ان صلاة الامام لا تبطل صحت صلاة الطائفة الاخيرة لانهم لم يفارقوا الامام والطائفة الاولى والثانية والثالثة فارقوه بغير عذر ومن فارق الامام بغير عذر ففى بطلان صلاته قولان فان قلنا ان صلاة الامام تبطل ففى وقت بطلانها وجهان قال أبو العباس تبطل بالانتظار الثالث فتصح صلاة الطائفة الاولى والثانية والثالثة وأما الرابعة فان علموا ببطلان صلاته بطلت صلاتهم وان لم يعلموا لم تبطل وقال أبو اسحق المنصوص انه تبطل صلاة الامام بالانتظار الثاني لان النبي صلى الله عليه وسلم انتظر الطائفة الاولى حتى فرغت ورجعت الي وجه العدو وجاءت الطائفة الاخرى وانتظر بقدر ما أتمت صلاتها وهذا قد زاد علي ذلك لانه انتظر الطائفة الاولي حتي اتمت صلاتها ومضت إلى وجه

    العدو وانتظر الثانية حتى أتمت صلاتها ومضت إلى وجه العدو وجاءت الطائفة الثالثة وهذا زائد علي انتظار رسول الله صلي الله عليه وسلم فعلي هذا ان علمت الطائفة الثانية بطلت صلاتهم وإن لم يعلموا لم تبطل

    * (الشَّرْحُ) قَالَ أَصْحَابُنَا إذَا كَانَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بِأَنْ صَلَّى فِي الْحَضَرِ أَوْ أَتَمَّ فِي السَّفَرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرِّقَهُمْ فِرْقَتَيْنِ فَيُصَلِّيَ بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ هَلْ الْأَفْضَلُ أَنْ يَنْتَظِرَ الثَّانِيَةَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ أَمْ فِي الْقِيَامِ الثَّالِثِ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي الْمَغْرِبِ وَيَتَشَهَّدُ بِكُلِّ طَائِفَةٍ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ تَشَهُّدِ الْجَمِيعَ وَإِذَا قُلْنَا فِي الْقِيَامِ فَهَلْ يَقْرَأُ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ وَإِذَا قُلْنَا يَنْتَظِرُهُمْ فِي التَّشَهُّدِ انْتَظَرَهُمْ فِيهِ حَتَّى يُحْرِمُوا فَلَوْ فَرَّقَهُمْ أَرْبَعَ فِرَقٍ فَصَلَّى بِكُلِّ فِرْقَةٍ ركعة وينتظر فراغها ومجئ الَّتِي بَعْدَهَا فَفِي جَوَازِهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ نَصَّ عليهما في المختصر والام وينبغي عَلَيْهِمَا صِحَّةُ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصْحَابِ جَوَازُ وَصِحَّةُ صَلَاةِ الْإِمَامِ (وَالثَّانِيَةُ) تَحْرِيمُهُ وَبُطْلَانُ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَوَجْهُ الْبُطْلَانِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَزِدْ عَلَى انْتِظَارَيْنِ وَالرُّخَصُ لَا يُتَجَاوَزُ فِيهَا النُّصُوصُ وَوَجْهُ الصِّحَّةِ أَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ بِأَنْ يكون العدو ستمائة والمسلمون أربع مائة فيقف بازائهم ثلثمائة وَيُصَلِّي مَعَهُ مِائَةٌ مِائَةٌ وَلِأَنَّ الِانْتِظَارَ إنَّمَا هُوَ بِإِطَالَةِ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَالْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ وَهَذَا لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى انْتِظَارَيْنِ لِأَنَّهُ الْقَدْرُ الَّذِي احْتَاجَ إلَيْهِ وَلَعَلَّهُ لَوْ احْتَاجَ زِيَادَةً زَادَ وَهَذَا الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي الْمُسَافِرِ إذَا أقام لحاجة يرجو قضاها هَلْ يَقْصُرُ أَبَدًا أَمْ لَا يَتَجَاوَزُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَمِثْلُهُ الْوِتْرُ هَلْ هُوَ مُنْحَصِرٌ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً أَوْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ أَمْ لا حضر لَهُ فِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ وَإِذَا قُلْنَا بِالْجَوَازِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ شَرْطُهُ الْحَاجَةُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ فَهُوَ كَفِعْلِهِ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَكْثَرُونَ هَذَا الشَّرْطَ بَلْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصْحَابِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْرَطُ لِأَنَّهُمْ قَالُوا لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الْحَاجَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا قَالَ أَصْحَابُنَا وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَكُونُ الطَّائِفَةُ الرَّابِعَةُ كَالثَّانِيَةِ فِي ذَاتِ الرَّكْعَتَيْنِ فَيَعُودُ الْخِلَافُ فِي أَنَّهُمْ يُفَارِقُونَهُ قَبْلَ التَّشَهُّدِ أَمْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ السَّلَامِ أَمْ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَالصَّحِيحُ قَبْلَ التَّشَهُّدِ وَتَتَشَهَّدُ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ مَعَهُ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَفِي وَجْهٍ تُفَارِقُهُ قَبْلَ التَّشَهُّدِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَصِحُّ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالطَّائِفَةِ الرَّابِعَةِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُوهُ وَفِي الطَّوَائِفِ الثَّلَاثِ الْقَوْلَانِ فِيمَنْ فَارَقَ الْإِمَامَ بِلَا عُذْرٍ (أَصَحُّهُمَا) الصِّحَّةُ هَكَذَا قَالَ الْأَصْحَابُ إنَّهُمْ فَارَقُوا بِلَا عُذْرٍ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُضْطَرِّينَ إلَى الصَّلَاةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِإِمْكَانِ صَلَاتِهِ بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ أَوْ صَلَاتِهِمْ فُرَادَى وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَجْهًا أَنَّهُمْ يُفَارِقُونَ بِعُذْرٍ وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِأَنَّ إخْرَاجَ أَنْفُسِهِمْ لَيْسَ إلَى اخْتِيَارِهِمْ فَإِنَّهُمْ لَوْ أَرَادُوا الْبَقَاءَ مَعَ الْإِمَامِ لَمْ يُمْكِنْهُمْ فَكَانَ عُذْرًا وَالْمَشْهُورُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ لَيْسَ عُذْرًا وَأَمَّا إذَا قُلْنَا لَا يَجُوزُ تَفْرِيقُهُمْ أَرْبَعَ فِرَقٍ فَصَلَاةُ الْإِمَامُ تَبْطُلُ وَفِي وَقْتِ بُطْلَانِهَا وَجْهَانِ (الصَّحِيحُ) عِنْدَ الْأَصْحَابِ وَهُوَ ظَاهِرُ نص الشافعي وقول أبى اسحق الْمَرْوَزِيِّ وَجُمْهُورِ الْمُتَقَدِّمِينَ تَبْطُلُ بِالِانْتِظَارِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ لِأَنَّهُ زَائِدٌ

    (وَالثَّانِي)

    قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ تَبْطُلُ بِالِانْتِظَارِ فِي الرَّابِعَةِ لِأَنَّهُ يُبَاحُ انْتِظَارَانِ ويحرم الثالث وانما يحصل الثالث بانتظار مجئ الرَّابِعَةِ فَعَلَى هَذَا تُفَارِقُهُ الثَّالِثَةُ وَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ فَعَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ (أَحَدُهُمَا) تَبْطُلُ بِمُضِيِّ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّانِي بِمُضِيِّ قَدْرِ رَكْعَةٍ مِنْ انْتِظَارِهِ الثَّانِي وَأَمَّا صَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ فَالطَّائِفَةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ فَارَقَتَاهُ قَبْلَ بُطْلَانِ صَلَاتِهِ فَفِي بُطْلَانِ صَلَاتِهِمْ الْقَوْلَانِ فِيمَنْ فَارَقَ بِغَيْرِ عُذْرٍ كَمَا سَبَقَ فِي التَّفْرِيعِ عَلَى قول صحة صلاته ويجئ وَجْهُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ وَالْجُمْهُورُ بِصِحَّةِ صَلَاتِهِمَا وَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى الْأَصَحِّ فِيمَنْ فَارَقَ بِلَا عُذْرٍ أَنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ وَإِلَّا فَقَدْ ذَكَرُوا كُلُّهُمْ الْخِلَافَ فِيمَا إذا قلنا صلاة الامام صحيحة وهنا أَوْلَى بِجَرَيَانِ الْخِلَافِ وَمِمَّنْ ذَكَرَ الْخِلَافَ هُنَا الْمُتَوَلِّي وَآخَرُونَ وَأَمَّا الطَّائِفَةُ الرَّابِعَةُ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ إنْ كَانُوا عالمين ولا تبطل إنْ لَمْ يَعْلَمُوا وَفِيمَا يُعْتَبَرُ عِلْمُهُمْ بِهِ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي تَعْلِيقِهِ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ (أَحَدُهُمَا) يُعْتَبَرُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْإِمَامَ انْتَظَرَ مَنْ لَا يَجُوزُ انْتِظَارُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ يُبْطِلُ صَلَاةَ الْإِمَامِ كَمَا أَنَّ مَنْ صَلَّى خَلْفَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ جُنُبٌ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَإِنْ جَهِلَ كَوْنَ الْجَنَابَةِ تُبْطِلُ الِاقْتِدَاءَ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّهِ فِي الْمُخْتَصَرِ فَإِنَّهُ قَالَ وَتَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ عَلِمَ مَا صَنَعَ الْإِمَامُ (وَأَصَحُّهُمَا) وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَالْجُمْهُورُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَعْلَمَ ان هذا لا يبطل الصلاة لان مَعْرِفَةُ هَذَا غَامِضَةٌ عَلَى أَكْثَرِ النَّاسِ لَا سيما إذا رأو الْإِمَامَ يُصَلِّي بِهِمْ بِخِلَافِ الْجَنَابَةِ فَإِنَّهُ لَا يخفى حكمها

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1