Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

التعليق الممجد على موطأ محمد
التعليق الممجد على موطأ محمد
التعليق الممجد على موطأ محمد
Ebook750 pages5 hours

التعليق الممجد على موطأ محمد

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

التعليق الممجد على موطأ محمد شرح جليل، عظيم لكتاب " موطأ الإمام مالك "، بالإضافة إلى ذلك فهو أحد الكتب الكبار التي ألفها الإمام اللَّكنَويّ من كتبه الكثيرة البالغة 115 كتابًا، وقد بدأ تأليفه أواخر سنة 1292 ، وكانت سِنُّه 27 سنة، ثم اعترضته أسفار وأعراض وأشغال فأتمّ تأليفه في شعبان سنة 1295، فهي موهبة عجيبة وقدرة غريبة أن يتسنّم كتاب الموطأ شابٌّ هندي اللغة والدار في هذه السن، وقد ضمّنه زاهي علمه وأرقى معرفته في الحديث الشريف وعلومه، وفي الفقه الحنفي والمذاهب الأخرى وسائر ما يتصل بذلك من العلوم من بعيد أو من قريب- فجاء هذا الكتاب درة فريدة من درر العلم وجوهرة نفيسة من أنفس الجواهر
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJul 27, 1903
ISBN9786321931230
التعليق الممجد على موطأ محمد

Related to التعليق الممجد على موطأ محمد

Related ebooks

Related categories

Reviews for التعليق الممجد على موطأ محمد

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    التعليق الممجد على موطأ محمد - اللكنوي الهندي

    الغلاف

    التعليق الممجد على موطأ محمد

    الجزء 3

    اللكنوي الهندي

    1304

    التعليق الممجد على موطأ محمد شرح جليل، عظيم لكتاب موطأ الإمام مالك ، بالإضافة إلى ذلك فهو أحد الكتب الكبار التي ألفها الإمام اللَّكنَويّ من كتبه الكثيرة البالغة 115 كتابًا، وقد بدأ تأليفه أواخر سنة 1292 ، وكانت سِنُّه 27 سنة، ثم اعترضته أسفار وأعراض وأشغال فأتمّ تأليفه في شعبان سنة 1295، فهي موهبة عجيبة وقدرة غريبة أن يتسنّم كتاب الموطأ شابٌّ هندي اللغة والدار في هذه السن، وقد ضمّنه زاهي علمه وأرقى معرفته في الحديث الشريف وعلومه، وفي الفقه الحنفي والمذاهب الأخرى وسائر ما يتصل بذلك من العلوم من بعيد أو من قريب- فجاء هذا الكتاب درة فريدة من درر العلم وجوهرة نفيسة من أنفس الجواهر

    (بَابٌ الْمَيِّتُ لا يُتَّبَعُ بنارٍ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ مِجْمَرة فِي جِنَازَتِهِ)

    308 - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أخبرنا سعيد بن أبي سعيد المقبري: عبد الوهاب بن عطاء الخفاف في كتاب الجنائز له. والثاني (2): أن أمام الجنازة أفضل في حق الماشي وخلفها أفضل للراكب، وهو مذهب أحمد ذكره الزيلعي واستدلّ بحديث المغيرة مرفوعاً: الراكب يسير خلف الجنازة والماشي يمشي أمامها قريباً عنها أو عن يمينها أو يسارها. أخرجه أصحاب السنن الأربعة وأحمد والحاكم وقال: على شرط البخاري، قال الزيلعي: وفي سنده اضطراب ومتنه أيضاً، والثالث (3): مذهب الشافعي ومالك - وهو قول الجمهور قاله ابن حجر - أن المشي أمامها أفضل، والمستَنَد لهم حديث الزهري وغيره، والرابع (4): مذهب أبي حنيفة والأَوْزاعي وأصحابهما وهو أن المشي خلفها أفضل، ويؤيّده آثار وأخبار، فأخرج سعيد بن منصور والطحاويّ وابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن أبْزَى قال: كنتُ في جنازة وأبو بكر يمشي أمامها وكذا عمر، وعليٌّ يمشي خلفها، فقلت لعلي: أراك تمشي خلف الجنازة فقال: لقد عَلِما أنَّ المشي خلفها أفضل، إن فضل المشي خلفها على المشي أمامها كفضل صلاة الجماعة على الفذّ، ولكنهما أحبّا أن ييسِّرا على الناس. وإسناده حسن، وهو موقوف في حكم المرفوع ذكره ابن حجر في الفتح، وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن أباه قال له: كن خلفَ الجنازة فإن أمامها للملائكة وخلفها لبَنِي آدم (قال النيمويّ: إسناده حسن. أوجز المسالك 4/212). وأخرج أبو داود والترمذي عن ابن مسعود مرفوعاً: الجنازة متبوعة وليس معها من تقدّمها. وسنده متكلم فيه. وفي الباب آثار وأخبار أُخَر مبسوطة في شرح معاني الآثار، ونصب الراية.

    أنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ (1) نَهَى (2) أَنْ يُتَّبَعَ بنارٍ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ بمِجْمَرة (3) فِي جِنَازَتِهِ.

    قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

    5 -

    (بَابُ الْقِيَامِ لِلْجِنَازَةِ)

    309 - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى (4) بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ وَاقِدِ (5) بْنِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ الأَنْصَارِيِّ، عَنْ نَافِعِ (6) بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ، عَنْ معَوِّذ (7) بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان (8) 4 - (بَابٌ الْمَيِّتُ لا يُتَّبَعُ بنارٍ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ مِجْمَرة فِي جِنَازَتِهِ)

    308 - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا سعيد بن أبي سعيد المقبري:

    (1) كذا أوصى عمران بن حصين وأبو سعيد وأسماء بنت أبي بكر، قال ابن عبد البر: جاء النهي عن ذلك من حديث ابن عمر مرفوعاً.

    (2) لما فيه من التفاؤل لأنه من فعل النصارى (انظر: أوجز المسالك 4/213) .

    (3) بكسر الميم: المبخرة والمدخنة، وقيل: المجمر كمنبر بحذف الهاء ما يبخر به من عود وغيره، وهو لغة في المجمرة.

    (4) في الإِسناد أربعة من التابعين.

    (5) ثقة، روى له مسلم والثلاثة، مات سنة 120، كذا ذكره الزرقاني، كذا يسمى أيضاً، قال ابن عبد البر: سائر الرواة يقولون عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ.

    (6) ثقة من رجال الجميع، مات سنة 99 ذكره الزرقاني.

    (7) بكسر الواو المشدَّدة.

    (8) قوله: كان يقوم، وأمر بذلك أيضاً كما صح من حديث عامر وأبي سعيد يَقُومُ (1) فِي الْجِنَازَةِ، ثُمَّ يَجْلِسُ (2) بَعْدُ.

    قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا لا نَرَى (3) الْقِيَامَ لِلْجَنَائِزِ، كَانَ (4) هَذَا شَيْئًا فتُرك، وَهُوَ

    قَوْلُ (5) أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله. وأبي هريرة، وفي الصحيحين عن جابر: مرّ بنا جنازة، فقام لها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وقمنا، فقلنا: إنها جنازة يهودي فقال: إذا رأيتم الجنازة فقوموا. زاد مسلم: إن الموت فزع، وفي الصحيحين عن سهل بن حُنيف فقال صلّى الله عليه وسلّم: أليست نفساً؟ وللحاكم عن أنس وأحمد عن أبي موسى مرفوعاً: إنما قمنا للملائكة. ولأحمد وابن حبان عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً: إنما قمنا إعظاماً للذي يقبض النفوس. وأما ما رواه أحمد عن الحسن بن علي: إنما قام رسول الله تأذِّياً بريح اليهودي، فلا يعارض الأخبار الأولى لأن أسانيده لا تقادم تلك في الصحة، ولأن هذا التعليل فَهِمه الراوي والتعليل السابق لَفَظَه صلّى الله عليه وسلّم.

    (1) أي إذا رآها.

    (2) أي استمر جلوسه بعد ذلك، فلم يكن يقوم لها إلاَّ إذا أراد أن يشيّعها أو يصلي عليها.

    (3) أي لا نرى بقاء مشروعيته.

    (4) أي القيام للجنازة كان شيئاً مشروعاً فترك.

    (5) قوله: وهو قول أبي حنيفة، وبه قال سعيد بن المسيب وعروة ومالك وأهل الحجاز والشافعي وأصحابه، ورُوي ذلك عن عليّ والحسن بن عليّ وعلقمة والأسود والنَّخَعي ونافع بن جبير، وقال أحمد: إنْ قام لم أعبه، وإن لم يقم فلا بأس به، ومذهب جماعة أنه مشروع ليس بمنسوخ، وممن رأى ذلك أبو مسعود وأبو سعيد وسهل بن حنيف وسالم بن عبد الله، كذا ذكره الحازمي في كتاب الاعتبار، وذكر ابن حزم وغيره أنّ الجمع بأن الأمر بالقيام للندب وتركه لبيان الجواز أولى من دعوى النسخ. ورُدّ بأن الذي فهمه علي هو الترك مطلقاً 6 -

    (بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَالدُّعَاءِ)

    310 - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ (1) الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ أَبِيهِ (2) أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ كَيْفَ يصلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ، فَقَالَ: أَنَا لَعَمْرِ اللَّهِ (3) أُخْبِرُكَ، أتَّبعها (4) مِنْ أَهْلِهَا، فَإِذَا وُضعت كبَّرت، فحَمِدتُ (5) اللَّهَ وصلَّيْت (6) عَلَى نبيه، ثم قلت (7) : ويشهد له حديث عبادة: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقوم للجنازة فمرَّ به حبر من اليهود، وقال: هكذا نفعل، فقال اجلسوا فخالفوهم. أخرجه أحمد وأصحاب السنن إلاَّ النسائي، وورد في رواية الطحاوي والحازمي من عليّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم لها حين يتشبَّه بأهل الكتاب، فلما نُسخ ذلك تركه، ونهى عنه (ذهب الجمهور إلى أنه نُسخ وذهب جماعة من السلف إلى أنه لم ينسخ، الكوكب الدري 2/192). وفي الباب آثار وأخبار تدل على أنَّ الآخر من فعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان هو تركَ القيام.

    (1) وليحيى: مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه.

    (2) قوله: عن أبيه، اسمه كيسان بن سعيد المقبري المدني أبو سعيد مولى أمِّ شَرِيك، ثقة، ثَبْت، مات سنة 100، وابنه سعيد أبو سعد المقبري المدني، ثقة، مات في حدود العشرين أو قبلها، أو بعدها، كذا في التقريب.

    (3) أي حياته.

    (4) بالتشديد وكسر الموحدة ويخفّف فيفتح، قوله أتّبعها، أي أشيّعها من عند أهلها أو من محلِّها.

    (5) فيه أنه لم يكن يرى القراءة في صلاتها.

    (6) بعد التكبيرة الثانية.

    (7) بعد الثالثة.

    اللَّهُمَّ، عبدُك (1) وابنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتك (2)، كَانَ (3) يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُكَ وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ، إِنْ كَانَ مُحسناً فَزِدْ (4) فِي إِحْسَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فتجاوز (5) (1) أي يا الله هذا عبدك.

    (2) أي جاريتك، والمراد بهما أبواه.

    (3) في دار الدنيا.

    (4) أي زد في ثواب حسناته.

    (5) أي اغفر ما صدر منه.

    (1) أي لا تجعلنا محرومين من مثوباته.

    (2) أي أجر الصلاة عليه وشهود الجنازة، أو أجر المصيبة بموته.

    (3) أي بما يشغلنا عنك.

    (4) قوله: لا قراءة ... إلى آخره، أقول: يحتمل أن يكون نفياً للمشروعية المطلقة، فيكون إشارة إلى الكراهة وبه صرح كثير من أصحابنا المتأخِّرين حيث قالوا: يُكره قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة، وقالوا: لو قرأها بنيَّة الدعاء لا بأس به، ويحتمل أن يكون نفياً للزومه، فلا يكون فيه نفي الجواز، وإليه مال حسن الشُّرُنْبُلالي من متأخري أصحابنا حيث صنف رسالة سمَّاها بـالنظم المستطاب لحكم القراءة في صلاة الجنازة بأُم الكتاب وردَّ فيها على من ذكر الكراهة بدلائل شافية وهذا هو الأَوْلى لثبوت ذلك عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه، فأخرج الشافعي عن جابر: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كبَّر على الميت أربعاً وقرأ بأمّ القرآن بعد التكبيرة الأولى، ورواه الحاكم من طريقه. وروى الترمذيّ وابن ماجه من حديث ابن عباس أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب. وفي إسناده إبراهيم بن عثمان . .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. . . أبو شيبة الواسطي، وهو ضعيف جداً. وللبخاريّ والنَّسائي والترمذي والحاكم وابن حبان: أن ابن عباس قرأ في صلاة الجنازة بفاتحة الكتاب وقال: إنها سنة فهذا يؤيد رواية ابن أبي شيبة، ورواه أبو يعلى وزاد وسُورة، قال البيهقي: هذه الزيادة غير محفوظة، ولابن ماجه من حديث أمّ شريك: أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن نقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب، وفي سنده ضعف يسير، كذا قال ابن حجر في تخريج أحاديث شرح الوجيز للرافعي. وأخرج عبد الرزاق والنسائي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: السنّة في صلاة الجنازة أن يكبِّر، ثم يقرأ بأمّ القرآن، ثم يصلِّي على النبي، ثم يخلص الدعاء للميت ولا يقرأ إلا في الأُولى، قال الحافظ ابن حجر في الفتح إسناده صحيح. وروى سعيد بن منصور وابن المنذر: كان ابن مسعود يقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب، وعن مجاهد قال: سألت ثمانيةَ عشَرَ صحابياً، فقالوا: يقرأ، رواه الأثرم. ذكره الشُّرُنْبُلالي نقلاً عن أستاذه عن قاسم بن قطلوبغا، وممن كان لا يقرأ الفاتحة أبو هريرة كما يشهد له حديث أبي سعيد المقبري عنه، وابن عمر كما أخرجه مالك عن نافع. ونقل ابن المنذر عن ابن مسعود والحسن بن عليّ وابن الزبير والمِسْوَر بن مخرمة مشروعيَّتها، ونقل ابن الضياء في شرح المجمع عن ابن بطَّال أنَّه نقل عدم القراءة عن علي وعمر وابن عمر وأبي هريرة، ومن التابعين عطاء وطاؤوس وابن المسيب وابن سيرين وابن جبير والشعبي والحكم وغيرهم، وبالجملة الأمر بين الصحابة مختلف ونفس القراءة ثابت فلا سبيل إلى الحكم بالكراهة بل غاية الأمر أن لا يكون لازماً عَنْهُ، اللَّهم لا تَحْرِمْنا (1) أَجْرَهُ (2) وَلا تَفْتِنَّا (3) بَعْدَهُ.

    قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، لا قِرَاءَةَ (4) عَلَى الْجِنَازَةِ، وَهُوَ قَوْلُ (5) أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ.

    311 - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا صلَّى عَلَى جِنَازَةٍ سلَّم حَتَّى يُسمع مَنْ يَلِيهِ (6) .

    قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَيَسَارِهِ، ويُسمع مَنْ يَلِيهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ (7) رَحِمَهُ اللَّهُ.

    312 - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الصُّبْحِ إِذَا صُلِّيَتا (8) لِوَقْتِهِمَا (9) .

    قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ لا بَأْسَ بِالصَّلاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي (قال شيخنا في لامع الدراري 4/436: تأويل ما روى جابر من القراءة أنه كان قرأ على سبيل الثناء لا على سبيل القراءة، وذلك ليس بمكروه عندنا، وبسط فيه الآثار الدّالة على ترك القراءة في الأوجز فارجع إليه لو شئت التفصيل.

    وقال الطحاوي: ولعل من قرأ من الصحابة كان على وجه الدعاء لا على وجه القراءة، وقال ابن الهُمام: لا يقرأ الفاتحة إلاَّ بنية الثناء، ولم يثبت القراءة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كذا قال القاري في مرقاة المفاتيح 4/47) .

    (5) وبه قال مالك، وقال الشافعي وأحمد وإسحاق بلزومهما، واختار بعض الشافعية الاستحباب، كذا في ضياء الساري.

    (6) أي من يَقْرَبُه من أهل الصفّ الأوَّل.

    (7) قوله: وهو قول أبي حنيفة، وبه قال مالك في رواية والأَوْزاعي وابن سيرين، وكذلك كان يفعل أبو هريرة، وكان علي وابن عباس وأبو أمامة وابن جبير والنَّخَعي يُسِرُّونه، وبه قال الشافعي ومالك في رواية، كذا قال الزرقاني.

    (8) قال الباجي: أي لوقت الصلاتين المختار، وهو في العصر إلى الاصفرار، وفي الصبح إلى الإِسفار.

    (9) قوله: لوقتهما، مقتضاه أنهما إذا أُخِّرتا إلى وقت الكراهة عنده لا يصلِّي عليها، ويبيِّن ذلك ما رواه مالك عن محمد بن أبي حرملة أن ابن عمر قال وقد أُتي بجنازة بعد صلاة الصبح بغَلَس: إمّا أن تُصَلّوا عليها وإما أن تتركوها حتى ترتفع الشمس. فكأنَّ ابن عمر كان يرى اختصاص الكراهة بما عند طلوع الشمس وعند غروبها، لا مطلق ما بين الصلاة وطلوع الشمس أو غروبها. وإلى قول ابن عمر في ذلك ذهب مالك والأوزاعي والكوفيون وأحمد وإسحاق، كذا في فتح الباري.

    تَيْنِكَ (1) السَّاعَتَيْنِ مَا لَمْ تَطْلُعَ (2) الشَّمْسُ، أَوْ تتغيَّر الشمسُ بصُفْرة لِلْمَغِيبِ (3)، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

    7 -

    (بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ

    (4))

    313 - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: مَا صُلِّيَ (5) عَلَى عمر إلا في المسجد (6) . (1) أي بعد الصبح وبعد العصر.

    (2) هذا إذا أحضرت الجنازة قبلهما، وأما إذا حضرت عندهما فيجوز الصلاة عليهما.

    (3) أي الغيبوبة والغروب.

    (4) أي المسجد الذي لم يُجعل لصلاتها.

    (5) قوله: مَا صُلِّيَ عَلَى عُمَرَ إلاَّ فِي الْمَسْجِدِ، به أخذ الشافعي (وأحمد، وكرهها الحنفية، ومالك في المشهور عنه. الكوكب الدرّيّ 2/187) وغيره، ويؤيِّدهم ما أخرجه ابن أبي شيبة أن عمر صلّى على أبي بكر في المسجد وأن صُهيباً صلَّى على عمر في المسجد، ووُضعت الجنازة تجاه المنبر. وأخرج مالك في الموطأ عن عائشة أنها أمرت أن يُمَرّ عليها بجنازة سعد بن أبي وقاص في المسجد، لتدعو له، فأنكَر الناس ذلك عليها، فقالت: ما أسرع الناس؟ ما صلَّى رسولُ الله على سهيل بن بيضاء إلا في المسجد، وفي رواية لمسلم: على ابني بيضاء سهيل وأخيه. وأخرج عبد الرزاق عن هشام بن عروة: أنه رأى رجالاً يخرجون من المسجد ليصلّوا على جنازة، فقال: ما يصنع هؤلاء؟ والله ما صُلِّي على أبي بكر إلا في المسجد.

    (6) أي مسجد المدينة.

    قَالَ مُحَمَّدٌ: لا يُصَلَّى (1) عَلَى جِنَازَةٍ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (2). وَمَوْضِعُ الْجِنَازَةِ بِالْمَدِينَةِ خَارِجٌ (3) مِنَ الْمَسْجِدِ (4) وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلِّي على الجنازة فيه. (1) أي كُرهَت الصلاة عليها فيه كراهة تحريم في رواية، وتنزيه في رواية وهو أولى.

    (2) قوله: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: من صلّى على ميت في المسجد فلا شيء له. أخرجه أبو داود، ولفظ ابن ماجه: فليس له شيء، وفي سنده صالح مولى التَّوْأَمة تكلّموا فيه، وعدُّوا هذا الخبر من تفرُّداته وغرائبه كما بسطه الزيلعي وغيره، وذكر الطحاوي بعد إخراج حديث عائشة وحديث أبي هريرة ما محصَّله: أنه لما اختلفت الأخبار في ذلك رأينا هل يوجد هناك آخر الأمرين فرأينا أن الناس أنكروا على عائشة حين أمرت لإِدخال جنازة سعد في المسجد فدل ذلك على أنه صار مرتفعاً منسوخاً وفي المقام أبحاث وأنظار لا يتحمّلها المقام.

    (3) قوله: خارج من المسجد، قال قاسم بن قطلوبغا في فتاواه بعد نقل كلام محمد هذا: أفاد محمد أن عمل رسول الله كان على خلاف ما وقع من الصلاة على عمر، فيُحمل على أنه كان لعذر، وبه قال في المحيط، ولفظه: ولا تُقام فيه أي في المسجد غيرها إلا لعذر، وهذا تأويل الصلاة على عمر أنه كان لعذر، وهو خوف الفتنة والصدّ عن الدفن. انتهى.

    (4) يشير إلى أنه لو جازت الصلاة على الجنازة في المساجد لما احتيج إلى جعل مصلَّى على حِدَة لها خارج المسجد.

    8 -

    (بَابٌ يَحْمِلُ الرَّجُلُ الْمَيِّتَ أَوْ يحنِّطه أَوْ يُغَسِّلُهُ هَلْ يَنْقُضُ ذَلِكَ وُضُوءَهُ؟

    (1))

    314 - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ: أنَّ عمرَ حَنَّط (2) ابْنًا (3) لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وحَمَله (4) ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ (5) فصلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.

    قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، لا وُضُوءَ (6) عَلَى مَنْ حَمَلَ جِنَازَةً وَلا مَنْ حنَّط مَيِّتًا أَوْ كفَّنه أَوْ غَسَّلَهُ، وَهُوَ قول أبي حنيفة رحمه الله. (1) أي وضوء الحامل ونحوه.

    (2) قوله: حنَّط، يقال: حنَّط الميت بالحَنوط تحنيطاً، والحَنوط - بفتح الحاء المهملة فنون -: أخلاطٌ من طيب تُجمع للميت خاصة، كذا قال القاري.

    (3) اسمه عبد الرحمن، ذكره ابن حجر في الفتح.

    (4) أي حمل جنازته.

    (5) أي المسجد المعدّ للجنازة، أو مسجد المدينة وغيرهما.

    (6) قوله: لا وضوء....إلى آخره، قال القاري: فما أخرجه أبو داود وابن ماجه وابن حبان عن أبي هريرة: من غسل الميت فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ محمول على الاحتياط أو على من لا يكون له طهارة ليكون مستعداً للصلاة. انتهى.

    أقول: الاحتمال الثاني مما يردّه صريح ألفاظ بعض الطرق فالأَوْلى هو الحمل على الندب (وهذا عند الجمهور منهم الأئمة الثلاثة في المرجَّح عنهم، وكذلك الحنفية خروجاً عن الخلاف، الكوكب الدّرّي 2/173) كما ذكرناه.

    9 -

    (بَابُ الرَّجُلِ تُدْرِكُهُ الصَّلاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ

    (1))

    315 - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لا يصلِّي (2) الرَّجُلُ عَلَى جِنَازَةٍ إلاَّ وَهُوَ (3) طَاهِرٌ (4) .

    قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، لا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الْجِنَازَةِ إلاَّ طَاهِرٌ، فَإِنْ فَاجَأَتْهُ (5) وَهُوَ عَلَى غَيْرِ طُهُورٍ (6) تَيَمَّمَ (7)، وَصَلَّى عَلَيْهَا وهو قول أبي حنيفة - رحمه الله -. (1) قوله: غير وضوء، اتفقوا على أنَّ من شرط صحة صلاة الجنازة الطهارة، وقال الشعبي ومحمد بن جرير الطبريّ: تجوز بغير طهارة، كذا ذكره القاري.

    (2) خبر بمعنى النهي، أو نهي على لغة.

    (3) قوله: إلاَّ وهو طاهر، لحديث: لا يقبل الله الصلاة بغير طهور. وسمَّى صلَّى الله عليه وسلّم الصلاة على الجنازة صلاةً في نحو قوله: صلوا على صاحبكم، وقوله في النجاشي: فصلّوا عليه.

    (4) أي من الحدث الأصغر والأكبر.

    (5) أي أدركته فجاءة.

    (6) إلاَّ الوليَّ ومن ينتظر له فيها، وهذا رواية الحسن عن أبي حنيفة، وفي الهداية: هو الصحيح، وظاهر الرواية جوازُ التيمُّم للوليِّ أيضاً.

    (7) قوله: تيمم، أي إذا خاف فواتَها لو توضَّأ، وبه قال عطاء وسالم والزهري والنخعي وربيعة والليث، حكاه ابن المنذر. وهي رواية عن أحمد، وفيه حديث مرفوع عن ابن عباس رواه ابن عدي، وسنده ضعيف، ورُوي عن الحسن البصري أنه سئل عن الرجل في الجنازة على غير وضوء، فإن ذهب يتوضأ تفوته؟ 10 -

    (بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الْمَيِّتِ بَعْدَ مَا يُدفن)

    316 - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بن المسيب (1): أن رسول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَى (2) النجاشيَّ (3) فِي الْيَوْمِ الَّذِي قال: يتيمَّم ويصلِّي (قال ابن رُشد: اتفق الأكثر على أن من شرطها الطهارة كما اتفق جميعهم على أن من شرطها القبلة، واختلفوا في جواز التيمم لها إذا خيف فواتها، فقال قوم: يتيمم ويصلي لها إذا خاف الفوات وبه قال أبو حنيفة وسفيان والأوزاعي وجماعة، وقال مالك والشافعي وأحمد: لا يصلي عليها بتيمُّم، بداية المجتهد 1/243)، رواه سعيد بن منصور عن حماد بن زيد، عن كثير بن شنظير عنه، وروي عنه أنه قال: لا يتيمَّم ولا يصلّي إلاَّ على طهر، رواه ابن أبي شيبة عن حفص، عن الأشعث عنه، كذا في فتح الباري. والحديث المرفوع الذي أشار إليه هو ما أخرجه ابن عدي من حديث اليمان بن سعيد عن وكيع، عن معافى بن عمران، عن مغيرة بن زياد، عن عطاء، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إذا فاجأتك الجنازة وأنت على غير وضوء فتيمَّم، قال ابن عدي: هذا مرفوعاً غير محفوظ، والحديث موقوف على ابن عباس، وقال ابن الجوزي في التحقيق: قال أحمد: مغيرة بن زياد ضعيف، حدَّث بأحاديث مناكير، وكل حديث رفعه فهو منكر، وقد أخرجه ابن أبي شيبة والطحاويُّ والنسائي في كتاب الكنى موقوفاً من قول ابن عباس، ذكره الزَّيْلَعي.

    (1) في نسخة عن أبي هريرة.

    (2) أخبر بموته.

    (3) قوله: نعى النجاشي (واختلفوا في أن النجاشي هذا، هو الذي أرسل إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كتابه أو غيره؟ قال ابن القيم: بَعَثَ ستَّة نفر في يوم واحد في المحرم سنة سبع فأولهم عمرو بن أمية الضَّمري بعثه إلى النجاشي فعظم كتاب النبي صلّى الله عليه وسلّم ثم أسلم وصلى عليه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يوم مات بالمدينة وهو بالحبشة، انظر أوجز المسالك 4/217)، هو من سادات التابعين أسلم ولم يهاجر، مَاتَ فِيهِ، فَخَرَجَ بِهِمْ (1) إِلَى الْمُصَلَّى (2)، فصفَّ (3) بهم وكبَّر عليه أربع تكبيرات. وهاجر المسلمون إليه إلى الحبشة مرَّتين وهو يحسن إليهم، وأرسل إليه رسول الله عمرو بن أمية بكتابين: أحدهما: يدعوه فيه إلى الإِسلام، والثاني: يَطلب منه تزويجه بأمِّ حبيبة، فأخذ الكتاب ووضعه على عينيه وأسلم وزوَّجه أمَّ حبيبة، وأسلم على يده عمرو بن العاص قبل أن يصحب النبي صلّى الله عليه وسلّم فصار يُلغز به فيقال: صحابيٌّ كثيرُ الحديث أسلم على يد تابعي، كذا في ضياء الساري. وفي شرح القاري: النجاشيّ بفتح النون وتكسر وبتشديد التحتية في الآخر وتخفيف اسم لملك الحبشة كما يقال كسرى وقيصر لمن ملك الفرس والروم، وكان اسمه أصحمة، وكان نعيه في رجب سنة تسع.

    (1) أي بأصحابه.

    (2) قوله: إلى المصلى، مكان ببطحان، فقوله في رواية ابن ماجه: فخرج وأصحابه إلى البقيع أي بقيع بطحان، أو المراد بالمصلى موضع مُعَدّ للجنائز ببقيع الغرقد غير مصلى العيدين، والأول أظهر قاله الحافظ. وفي الصحيحين عن جابر: قال رسول الله: قد توفي اليوم رجل صالح من الحبش فهلم فصلوا عليه. وللبخاري فقوموا فصلوا على أخيكم أصحمة. ولمسلم: مات عبد الله الصالح أصحمة، كذا في شرح الزرقاني.

    (3) قوله: فصف بهم، قال الزرقاني: فيه أن للصفوف تأثيراً ولو كثر الجمع لأن الظاهر أنه خرج معه صلّى الله عليه وسلّم عدد كثير والمصلى فضاء لا يضيق بهم لو صفّوا فيه صفاً واحداً ومع ذلك صفَّهم، وفيه الصلاة على الميت الغائب، وبه قال الشافعي وأحمد وأكثر السلف، وقال الحنفية والمالكية: لا تُشرع، ونسبه ابن عبد البر لأكثر العلماء وأنهم قالوا: ذلك خصوصية له صلّى الله عليه وسلّم، قال: ودلائل الخصوصية واضحة لأنه - والله أعلم - أحضر روحه أو رفعت جنازته حتى شاهدها، وقول ابن دقيق العيد: يحتاج إلى نقل، تُعُقِّب بأن الاحتمال كافٍ في مثل هذا من جهة المانع، ويؤيده 317 - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، أَنَّ أَبَا أُمامة بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنيف، أَخْبَرَهُ (1) أنَّ مِسْكِينَةً (2) مَرِضت، فأُخبر رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَرَضِهَا، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُ الْمَسَاكِينَ وَيَسْأَلُ (3) عَنْهُمْ، قَالَ (4): فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم: إذا ماتَتْ فآذنوني (5) ما ذكره الواحدي بلا إسناد عن ابن عباس: كُشف للنبي صلّى الله عليه وسلّم عن سرير النجاشي حتى رآه وصلى عليه، ولابن حبان عن عمران بن حصين: فقاموا وصفّوا خلفه وهم لا يظنون إلاَّ أن جنازته بين يديه. ولأبي عوانة عن عمران: فصلينا خلفه ونحن لا نرى إلاَّ أن الجنازة قُدَّامنا. وأُجيب أيضاً بأنَّ ذلك خاصٌّ بالنجاشي لإِشاعة أنه مات مسلماً إذ لم يأت في حديث صحيح أنه صلّى الله عليه وسلّم صلى على ميت غائب غيره، وأما حديث صلاته على معاوية بن معاوية الليثي فجاء من طرق لا تخلو من مقالٍ، وعلى تسليم صلاحيته للحجية بالنظر إلى جميع طرقه، دُفع بما ورد أنه رُفعت له الحُجُب حتى شاهد جنازته.

    (1) قوله: أخبره، قال ابن عبد البر: لم يختلف على مالك في إرسال هذا الحديث، وقد وصله موسى بن محمد بن إبراهيم القرشي عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي أمامة، عن أبيه، وموسى متروك، وقد روى سفيان بن حسين، عن ابن شهاب، عن أبي أمامة، عن أبيه أخرجه ابن أبي شيبة وهو حديث مسند متصل صحيح، وروي من وجوه كثيرة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من حديث أي هريرة، وعامر بن ربيعة، وابن عباس، وأنس.

    (2) وفي حديث أي هريرة: كانت امرأة سوداء تنقي المسجد من الأذى، وفي لفظ: تقُمُّ - مكان تنقي - أخرجه الشيخان وغيرهما.

    (3) لمزيد تواضعه وحُسن خُلُقه.

    (4) أي أبو أمامة.

    (5) أي فأعلموني بموتها أو بحضور جنازتها.

    بِهَا (1)، قَالَ: فأُتي بِجِنَازَتِهَا لَيْلا (2) (3)، فَكَرِهُوا (4) أنْ يُؤذنوا رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاللَّيْلِ فَلَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُخبر (5) بِالَّذِي كَانَ (6) مِنْ شَأْنِهَا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَلَمْ آمُرُكُمْ أَنْ تُؤْذِنُوْني؟ فَقَالُوا (7): يَا رَسُولَ اللَّهِ كَرِهْنَا (8) أَنْ نخرجَك لَيْلا أَوْ (9) نُوقِظَكَ، (1) بشهود جنازتها والاستغفار لها.

    (2) قوله: ليلاً، لجوازه (قال العيني: ذهب الحسن البصري وسعيد بن المسيب وقتادة وأحمد في رواية إلى كراهة دفن الميت بالليل لرواية، وقال ابن حزم: لا يجوز أن يُدفن أحد ليلاً إلاَّ عَنْ ضرورة، وكل من دُفن ليلاً منه صلّى الله عليه وسلّم ومن أزواجه وأصحابه رضي الله عنهم، فإنَّما ذلك لضرورة أوْجبت ذلك ... وذهب النخعي والثوري وعطاء وأبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد في الأصح وإسحاق وغيرهم إلى أن دفن الميت بالليل يجوز. اهـ. عمدة القاري 7/150) وإن كان الأفضل تأخيرها للنهار ليكثر من يحضرها من دون مشقَّة ولا تكلُّف.

    (3) ولابن أبي شيبة: فأَتَوْه ليؤذنوه فوجدوه نائماً وقد ذهب الليل.

    (4) قوله: فكرهوا، إجلالاً له لأنه كان لا يُوقَظ لأنه لا يُدرى ما يحدث له في نومه. زاد ابن أبي شيبة: وتخوَّفوا عليه ظلمَةَ الليل وهوامَّ الأرض.

    (5) لابن أبي شيبة: فلما أصبح سأل عنها.

    (6) أي موتها ودفنها.

    (7) في حديث بريدة عند البيهقي: أن الذي أجابه عن سؤاله أبو بكر.

    (8) قوله: كرهنا ... إلى آخره، زاد في حديث عامر بن ربيعة: فقال: رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فلا تفعلوا، ادعوني لجنائزكم، أخرجه ابن ماجه. وفي حديث يزيد بن ثابت قال: فلا تفعلوا، لا يموتَنَّ فيكم ميت ما كنت بين أظهركم إلاَّ آذنتموني به فإن صلاتي عليه له رحمة، أخرجه أحمد.

    (9) شكّ من الرواي.

    قَالَ (1): فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى صفَّ بِالنَّاسِ عَلَى قَبْرِهَا فَصَلَّى على قبرها (2) فكبَّر أربع تكبيرات (3) . (1) أي أبو أمامة.

    (2) قوله: فصلى على قبرها، قال الإِمام أحمد: رُويت الصلاة على القبر من النبي صلّى الله عليه وسلّم من ستة وجوه حسان. قال ابن عبد البر: بل من تسعة كلها حسان، وساقها كلها بأسانيده فيتمهيده من حديث سهل بن حنيف، وأبي هريرة وعامر بن ربيعة، وابن عباس، وزيد بن ثابت الخمسة في صلاته على المسكينة، وسعد بن عبادة في صلاة المصطفى على أم سعد بعد دفنها بشهر، وحديث الحصين بن وَحْوَح صلاته صلّى الله عليه وسلّم على قبر طلحة بن البراء، وحديث أبي أمامة بن ثعلبة أنه صلّى الله عليه وسلّم رجع من بدر وقد تُوفيت أمُّ أبي أمامة فصلى عليها، وحديث أنس أنه صلى على امرأة بعد ما دُفنت، وهو محتمل للمسكينة وغيرها، وكذا ورد من حديث بريد عند البيهقي وسمّاها محجنة.

    (3) قوله: أربع تكبيرات، هو المأثور عن عمر والحسن والحسين وزيد ين ثابت وعبد الله بن أوفى وابن عمر وصهيب بن سنان وأبيّ بن كعب والبراء بن عازب وأبي هريرة وعقبة بن عامر، وهو مذهب محمد بن الحنفية والشَّعبيّ وعلقمة وعطاء بن أبي رباح وعمر بن عبد العزيز ومحمد بن علي بن حسين والثوري وأكثر أهل الكوفة ومالك وأكثر أهل الحجاز والأَوْزاعي وأكثر أهل الشام والشافعي وأحمد في المشهور عنه وإسحاق وغيرهم. وروي عن ابن مسعود وزيد بن أرقم وحذيفة خمس تكبيرات، وروي عن علي ست تكبيرات، ورُوي عن زرِّ بن حبيش سبع، وروي عن أنس وجابر ثلاث تكبيرات، كذا في الاعتبار للحازمي - رحمه الله -. وقد اختلفت الأخبار المرفوعة في ذلك والأمر واسع، لكن ثبت من طرق كثيرة أن آخر ما كبَّر على الجنازة كان أربعاً. ولهذا أخذ به أكثر الصحابة، وروى محمد في الآثار عن النخعي أن الناس كانوا يصلون على الجنائز خمساً وستاً وأربعاً حتى قُبض النبيّ، ثم كبَّروا كذلك في ولاية أبي بكر، ثم وُلِّي عمر فقال لهم: إنكم معشرَ أصحاب محمد متى تختلفون يختلف الناس بعدكم، والناس حديثو عهد قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ التَّكْبِيرُ عَلَى الْجِنَازَةِ أَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ وَلا يَنْبَغِي (1) أَنْ يصلِّي (2) عَلَى جنازة قد صلِّي عليها (3)، وليس (4) بالجاهلية فأجمع رأيهم أن ينظروا آخر جنازةٍ كبَّر عليها النبي صلّى الله عليه وسلّم فيأخذون به، ويرفضون ما سواه، فنظروا فوجدوا آخر ما كبر أربعاً (قال ابن عبد البر: انعقد الإِجماع بعد ذلك على أربع، أوجز المسالك 4/214) .

    (1) لأنَّ التنفُّل به غير مشروع.

    (2) أي أحد من آحاد الأمة.

    (3) قوله: قد صلِّي عليها، سواء كانت المرة الثانية على القبر أو خارجه. وقد اختلفوا في الصلاة على القبر، فقال بجوازها الجمهور، ومنهم الشافعي وأحمد وابن وهب وابن عبد الحكم ومالك في رواية شاذة. والمشهور عنه منعه، وبه قال أبو حنيفة والنخعي وجماعة، وعنهم إن دُفن قبل الصلاة شُرع وإلاَّ فلا، وأجابوا عن الحديث بأنه من خصائص النبي صلّى الله عليه وسلّم، وردّه ابن حبان بأنَّ تركَ إنكاره على من صلّى معه على القبر دليل على أنه ليس خاصاً به، وتُعُقِّب بأنَّ الذي يقع بالتبعيَّة لا ينهض دليلاً للأصالة، كذا قال ابن عبد البر والزرقاني والعيني وغيرهم، والكلام في هذه المسألة، وفي تكرار الصلاة على الجنازة، وفي الصلاة على الغائب موضع أنظار وأبحاث لا يتحمَّلها المقام.

    (4) قوله: وليس....إلى آخره، لمّا ورد على ما ذكره بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد صلّى على من صُلِّي عليه أجاب بما حاصله: أنه من خصوصيات النبي صلّى الله عليه وسلّم لأن صلاته على أمته بركة وطهور كما يفيده ما ورد في صحيح مسلم وابن حبان، فصلى على القبر ثم قال: إن هذه القبور مملوءةٌ ظلمة على أهلها وإنَّ الله ينوِّرها لهم بصلاتي عليهم. وفي حديث زيد، فإن صلاتي عليه رحمة. وهذا لا يتحقق في غيره كما أنه صلّى على النجاشي مع أنه قد صُلّي عليه في بلده ومع غيبوبة الجنازة. والكلام بعدُ موضع نظر فإن إثبات الاختصاص أمر عسير، واحتماله وإن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا كَغَيْرِهِ (1)، أَلا يُرى أَنَّهُ صَلَّى عَلَى النَّجَاشِيِّ بِالْمَدِينَةِ وَقَدْ مَاتَ (2) بِالْحَبَشَةِ. فَصَلاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرَكَةٌ (3) وَطَهُورٌ فَلَيْسَتْ كَغَيْرِهَا مِنَ الصَّلَوَاتِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ.

    11 -

    (بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ الْمَيِّتَ يعذَّب (4) بِبُكَاءِ الْحَيِّ)

    318 - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: لا تَبْكوا (5) عَلَى مَوْتَاكُمْ، فإنَّ الْمَيِّتَ يُعذَّب (6) بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ.

    319 - أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ (7)، عَنْ أَبِيهِ كان كافياً في مقام المنع، لكن لا ينفع في مقام تحقيق المذهب (انظر أوجز المسالك 4/223) .

    (1) بل له خصوصيات.

    (2) ولا شك أنه صُلِّي عليه هناك.

    (3) أي كثيرة الخير.

    (4) في القبر.

    (5) أي بطريق النياحة وإلاَّ فأصل

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1