Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

حرية العهد الجديد: التحرر من عبودية الذات وتحطيم عبودية الآخر
حرية العهد الجديد: التحرر من عبودية الذات وتحطيم عبودية الآخر
حرية العهد الجديد: التحرر من عبودية الذات وتحطيم عبودية الآخر
Ebook538 pages3 hours

حرية العهد الجديد: التحرر من عبودية الذات وتحطيم عبودية الآخر

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

تدور أحداث الرواية حولَ كِفاحِ امرأةٍ من الطبقة الكادحة، تناضل لأجل ترسيخ الفِكرِ الحُرِّ النيِّرِ وانتشال المجتمع من مستنقع العبودية التي خلَّفَتْها الحرب العبثية. فهل تستطيع أن تنقذ مجتمعها من براثن العبودية السوداء المتسلطة؟ وهل ستتمكن من مقاومةِ الفِكْرِ المستَبِدِّ بسلاح الفكر الناهض؟!
Languageالعربية
Release dateOct 28, 2021
ISBN9789948834830
حرية العهد الجديد: التحرر من عبودية الذات وتحطيم عبودية الآخر
Author

سلمى العبد المحسن

وُلِدَتْ سلمى العبد المحسن سنة ١٩٧١ في اليوم السادس مِن شهر أكتوبر في دولة الكويت الحبيبة، التحقتْ بروضة النيل، ثم أم القرى الابتدائية، ثم مدرسة الرميثية المتوسطة، ثم مدرسة أمامة بنت بشر الثانوية. وبعد الثانوية التحقتْ بكلية الآداب – تخصص علم نفس – مساند علم اجتماع في جامعة الكويت. عملتْ الكاتبة في إحدى مدارس الثانوية العامة كمرشدة تربوية، ثم تمَّ تغيير مسمَّاها الوظيفي إلى باحثة نفسية، وعملتْ في هذا المجال لمدة تسع سنوات، ثم استقالت مِن وزارة التربية، والتحقتْ بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وعملتْ كباحثة نفسية في إدارة رعاية المسنين لمدة ست سنوات، وقدمت في كل تلك السنوات التي عملت بها في كلتا الوزارتين، كتيبات متعددة في مجال علم النفس والحياة، وكذلك أثرت مسيرتها العملية ودعمتها بأعمال مفيدة وهادفة من خلال برامج الحاسوب. وبعد أن تقاعدت من عملها، تفرغت لكتابة الشعر والرواية والقصة القصيرة. استقتْ ثقافتها الأدبية وقراءاتها المتنوعة مِن خلال المجلات والقصص العربية أيام الزمن الجميل أهمها: أولًا: المجلات: مجلة العربي- اليقظة - النهضة -أسرتي - سيدتي، بالإضافة إلى مجلات الطفولة: مجلة ماجد - مجلة سعد - قصص المكتبة الخضراء. فكان لتلك المجلات الأدبية رغم بساطتها إلا إنها صقلت موهبتها وعززتها بالتمرين والرعاية الفكرية والثقافية، كما أثرت حصيلتها اللغوية والمعرفية، هذا بالإضافة إلى أنها استغلت الألعاب الذهنية المبنية على أسس علمية لتطوير مهاراتها العقلية والتي أحدثت نقلة نوعية بطريقتها النمطية التقليدية في التفكير، إلى طريقة تفكير مميزة فتحت لها آفاقا لا حدود لها في الكتابة والخيال والتحليل والنقد. وكان لكلٍّ مما سبق الأثر الأكبر في إظهار باكورة هذا العمل الأدبي الأول.

Related to حرية العهد الجديد

Related ebooks

Reviews for حرية العهد الجديد

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    حرية العهد الجديد - سلمى العبد المحسن

    حرية العهد الجديد

    التحرر من عبودية الذات وتحطيم عبودية الآخر

    سلمى العبد المحسن

    Austin Macauley Publishers

    حرية العهد الجديد

    سلمى العبد المحسن

    الإهداء

    حقوق النشر ©

    شكر وتقدير

    المقدمة

    المشهد الأولبُعِثوا مِن جديد.. ذكريات خالدة

    المشهد الثاني مواجهة مرتقبة.. تشويق وإثارة

    المشهد الثالث في بطن الأرض كنوز وحفر.. مَن يجرؤ؟

    المشهد الرابع رحلة الحياة تنتهي لتبدأ مِن جديد

    المشهد الخامس نتيجة الصبر والانتظار

    المشهد السادس كشف الأسرار وبداية التغيير

    المشهد السابع الاقتناع بوجود الأمل.. النوم مع الكنوز

    المشهد الثامن في الاتحاد قوة.. إنقاذ الأمل الوحيد

    المشهد التاسع حقوق وواجبات.. مفتاح الفرج

    المشهد العاشر من الظلمات الثلاث إلى زلزال النور

    المشهد الحادي عشر في أحضان حفرة الموت.. أين الشهود؟! أين الجثة؟!

    المشهد الثاني عشر غرام واعتراف

    المشهد الثالث عشر ولادة هموم.. زيادة ضغوط

    المشهد الرابع عشر ورقة السعادة.. فلسفة القدر

    المشهد الخامس عشر شخص مِن الماضي.. موعد مع الغرام

    المشهد السادس عشر حب.. شِعر.. جمال

    المشهد السابع عشر مِن الأخطاء نتعلم.. نفشل وسننجح

    المشهد الثامن عشر أخبار سارة.. أفراح قادمة

    المشهد التاسع عشر رجوع الطيور المسافرة.. نجمة الحفل

    المشهد العشرون علم وعمل.. التحرُّر مِن قيود

    المشهد الثاني الوصية وانكشاف الأقنعةوالعشرون

    المشهد الثالث والعشرون موعد مع الفراق.. اقتران الجمال بالعلم.. حب الوطن

    سلمى العبد المحسن

    وُلِدَتْ سلمى العبد المحسن سنة ١٩٧١ في اليوم السادس مِن شهر أكتوبر في دولة الكويت الحبيبة، التحقتْ بروضة النيل، ثم أم القرى الابتدائية، ثم مدرسة الرميثية المتوسطة، ثم مدرسة أمامة بنت بشر الثانوية.

    وبعد الثانوية التحقتْ بكلية الآداب – تخصص علم نفس – مساند علم اجتماع في جامعة الكويت.

    عملتْ الكاتبة في إحدى مدارس الثانوية العامة كمرشدة تربوية، ثم تمَّ تغيير مسمَّاها الوظيفي إلى باحثة نفسية، وعملتْ في هذا المجال لمدة تسع سنوات، ثم استقالت مِن وزارة التربية، والتحقتْ بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وعملتْ كباحثة نفسية في إدارة رعاية المسنين لمدة ست سنوات، وقدمت في كل تلك السنوات التي عملت بها في كلتا الوزارتين، كتيبات متعددة في مجال علم النفس والحياة، وكذلك أثرت مسيرتها العملية ودعمتها بأعمال مفيدة وهادفة من خلال برامج الحاسوب. وبعد أن تقاعدت من عملها، تفرغت لكتابة الشعر والرواية والقصة القصيرة.

    استقتْ ثقافتها الأدبية وقراءاتها المتنوعة مِن خلال المجلات والقصص العربية أيام الزمن الجميل أهمها:

    أولًا: المجلات:

    مجلة العربي- اليقظة - النهضة -أسرتي - سيدتي، بالإضافة إلى مجلات الطفولة: مجلة ماجد - مجلة سعد - قصص المكتبة الخضراء.

    فكان لتلك المجلات الأدبية رغم بساطتها إلا إنها صقلت موهبتها وعززتها بالتمرين والرعاية الفكرية والثقافية، كما أثرت حصيلتها اللغوية والمعرفية، هذا بالإضافة إلى أنها استغلت الألعاب الذهنية المبنية على أسس علمية لتطوير مهاراتها العقلية والتي أحدثت نقلة نوعية بطريقتها النمطية التقليدية في التفكير، إلى طريقة تفكير مميزة فتحت لها آفاقا لا حدود لها في الكتابة والخيال والتحليل والنقد. وكان لكلٍّ مما سبق الأثر الأكبر في إظهار باكورة هذا العمل الأدبي الأول.

    الإهداء

    إلى الصغيرة التي تربَّتْ على يدي، وانتظرتُها إلى أن تكبر لكي تكشف تراب اللحد عن بقايا أملي، وترفع النقاب عن خجل قلمي، حتى تعزِّز ثقتي بموهبتي، وتوقظ أفكاري النائمة، لتكحل عيونها بعد أن نفضتْ غبار جفونها، ولتجليها كعروس تظهر بكامل زينتها، ثم تسقيها مِن ماء ودادها لتتفتح أزهارها حتى تضع أقدامها على أعلى بوابات عالم الكتابة.

    إلى مَن:

    آمنتْ بقدراتي فشجَّعَتْني

    وثقتْ بخطواتي فساندَتْني

    أيقنتْ بنجاحي فأيَّدَتْني

    تأثَّرتْ بروحي فألهمَتْني

    أقالت عثرتي وأرشدَتْني

    درستْ أفكاري وعلَّمَتْني

    شكرا من القلب ..

    لمن أشعلت شمعة أمل لا تنطفئ في حياتي

    لمن صنعت الابتسامة على بجدارة على شفاهي

    لمن آزرتني في هذا العمل الروائي الأول

    شكرا ابنتي العزيزة .. زهراء

    كما أهدي عملي الأول هذا إلى كل من لامست كلماتي أسقف مشاعره المجروحة، وظللت بظلالها على الأنفس المكروبة، وبرَّدَت بأحاسيسها الصادقة حرارة ظلم دفين في أعماق القلوب الموجوعة.

    حقوق النشر ©

    سلمى العبد المحسن 2021

    تمتلك سلمى العبد المحسن الحق كمؤلفة لهذا العمل، وفقًا للقانون الاتحادي رقم (7) لدولة الإمارات العربية المتحدة، لسنة 2002 م، في شأن حقوق المؤلف والحقوق المجاورة.

    جميع الحقوق محفوظة

    لا يحق إعادة إنتاج أي جزء من هذا الكتاب، أو تخزينه، أو نقله، أو نسخه بأي وسيلة ممكنة؛ سواء كانت إلكترونية، أو ميكانيكية، أو نسخة تصويرية، أو تسجيلية، أو غير ذلك دون الحصول على إذن مسبق من الناشرين.

    أي شخص يرتكب أي فعل غير مصرح به في سياق المذكور أعلاه، قد يكون عرضة للمقاضاة القانونية والمطالبات المدنية بالتعويض عن الأضرار.

    الرقم الدولي الموحد للكتاب 9789948834847 (غلاف ورقي)

    الرقم الدولي الموحد للكتاب 9789948834830 (كتاب إلكتروني)

    رقم الطلب:MC-10-01-8573552

    التصنيف العمري: E

    تم تصنيف وتحديد الفئة العمرية التي تلائم محتوى الكتب وفقًا لنظام التصنيف العمري الصادر عن المجلس الوطني للإعلام.

    الطبعة الأولى 2021

    أوستن ماكولي للنشر م. م. ح

    مدينة الشارقة للنشر

    صندوق بريد [519201]

    الشارقة، الإمارات العربية المتحدة

    www.austinmacauley.ae

    202 95 655 971+

    شكر وتقدير

    الشكر والتقدير لله البديع خالق الإبداع على جميع نعمه وفضله وإحسانه وديمومة ألطافه السرمدية.

    شكراً لجهود الحروف العربية

    فلولاها لم أكن كاتبة أو روائية

    فهي من ترجمت أحاسيسي بلغة تعبيرية

    وهي التي علَّمت لساني تمارين رياضية

    وألهمت روحي روحاً أبجدية

    حينما حملتُ على ظهري جبلاً من المسؤولية

    وحين سمعتُ أصوات الحروف الطفولية

    لما كانت أجنة قابعة في البحور الحبرية

    قررت بأن أُعَجِّل بولادتها على القواعد الورقية

    فأخرجتها من ثغور الأقلام الظلامية

    فكانت تشع ضياءً كنجوم نورانية

    ورأيتها لما تساقطت كحبات ثلج في فجر ليلة شتوية

    ولما اكتملت أعلنت ولادة عهد جديد للحرية.

    المقدمة

    أحمد الله الواحد الأحد الكبير المتعال، وأصلي وأسلم على الرسول محمد وعلى الآل.. وأثني عليه وأشكر فضله في الأيام والليال.

    وأشكر فضله أن لَم يجعلني عبدًا لعبيده ولا للمال، إنها الملحمة الكبرى للتحرر مِن عبودية الذات وتحطيم عبودية الآخر.

    عزيزي القارئ.. علينا أن نراجع مذكرات أنفسنا، ونرى ماذا سجَّلنا في صفحة أعمارنا، وهل كانت لنا بصمة مؤثرة في حياتنا؟!

    أعني هل كانت لك في يوم مِن الأيام نية في إحداث تغيير ما لإحداث ثورة إيجابية في مجال مِن مجالات الحياة المختلفة؟

    هل شعرتَ يومًا بأنك محارب فقط لأنك مبدع ومتميز عن الآخرين؟

    هل وجدتَ مَن وأدَ فكرتك المبدعة مِن قَبل ولادتها، ومسحها مِن دفتر عقلك، ونسفها مِن عالم خيالك، وخنقها بسيف تسلُّطه في مهدها، وكسر بنيانها بفأس حقده، وأحرقها بحرارة حسده، وهدَّ أركانها بظلام جهله، وقيَّدها بأغلال أنانيته، وربطها بحبال مكره، ثم أوهمك بأنها خطيرة على نفسك وأسرتك ومجتمعك؟!

    هل أحسستَ بقرب الأمل ثم وجدتَه سرابًا؟

    هل تربَّيتَ في سجن عبوديتها دون أن تعلم لسنوات؟

    هل اكتويتَ بنار ظلمها وظلامها؟

    هل شربتَ مِن معتقدها المنحرف عن أصول الفطرة السليمة والفلسفة الحكيمة التي خلقنا الله بها؟

    إن مرَّ عليك كل ما سبق فلا تغتم ولا تحزن، فالحل بيد الله سبحانه حين جعل التغيير ملاذًا لتعديل سلوكياتنا، وسبيلًا لتقاطر ألطافه الإلهية علينا.

    ومِن ذلك المنطلق عليك أولًا أن تثق بربك الأعلى، بأننا سنتحرر مِن التسلُّط السلبي للآخرين على عقولنا، وسنعيد برمجتها لنقضي على تسلُّط غرور الأنا العليا.

    عزيزي.. إنَّ التغيير الذي تنشده ستكون آثاره ممتدة على جميع مَن حولك، تنمية ذاتك تعني تنمية للعالم الذي أنت أحد أهم أركانه، تجرَّأ وخذ قرارك، فالتأخير ليس بمصلحتك.

    إن كنتَ مهتمًّا بتطوير ذاتك، وتسعى للتغيير الإيجابي فانطلِق معي، وخذ مني تلك الرسائل الشفافة التي اكتسبتها مِن الأخوات الثلاث وهنَّ: القسوة، والصعوبة، والعثرة، والتي تعرَّفتُ عليهنَّ مِن خلال مسيرتي الدنيوية عندما وقفتُ على دروب المواقف المختلفة، وأرصفة التجارب المتنوعة، ومِن ثم قرِّر أين تضع نفسك.

    الرسالة الأولى للمبدع التابع الذي يخاف مِن القيادة ظنًّا منه بأنَّ الجاهل الذي يقوده هو أفضل منه، ربما بماله كان أقوى وليس بفكره، فعلى المبدع أن يدرك بأن المال وسيلة وليس غاية، وعلينا ألا نسمح بتحكم أصحاب المال بالعبث بالفكر المبدع، وذلك حتى لا يكون المبدع نسخة مستنسخة عنهم، ومِن ثم تتمُّ السيطرة على أنوار إبداعه بسهولة ويسر، وأقول لك:

    احذر أخي المبدع مِن تسميم أفكارك، واحذر مِن جهال زمانك، لا ترفع لهم راية استسلامك، ولا تجعلهم يحطِّمون آمالك، فإن استحوذوا بجهلهم عليك سيتوقف نمو أحلامك،

    وستُأسَر إرادتك، وسيكون بيدهم قرارك، وستذبل غصون أوراقك، وسيُشَلُّ لسنوات إبداعك، وسَيَسوء حالك، وستهشَّم مِرآتك، وإن رأيتَ وسمعتَ كلَّ ذلك فاعلم بأنك في عالم النجاح قد ثبَّتَّ أقدامك.

    الرسالة الثانية للمبدع الكسول الذي ينوي التحرر مِن الأفكار التي عطَّلتْه وأسرته في مستنقع الوهم لسنوات طويلة، وكل يوم يمرُّ عليه يتمنَّى أن يُحْدِثَ تغييرًا بحياته دون أن تكون لديه رغبة صادقة في التغيير، فنصيحتي لك إن أردتَ الخروج مِن الأَسْر عليك أن تخرج من القوقعة التي حبست نفسك فيها، وأن تجمع باقة مِن السنوات لتقتنع بالتغيير أولًا، وإن اقتنعتَ ستحتاج أن تجمع سنوات أخرى للخروج النهائي منها، وأقول لك:

    أسرع بغربلة أفكارك، ولا تتكاسل ولا تنَم؛ فإبداعك ينتظر مِن سنوات أن يحقق لك ذلك الحلم.

    هيا نظِّف وعاء عقلك مِن الصدأ؛ لتنمو أفكارك، وتلحق بركب المعرفة والعلم، ولتسمح لإبداعك أن ينطلق بهمَّة عالية وبلا همٍّ ولا غمٍّ.

    بلوِر أفكارك حالًا، وتقبَّل التغيير، وقل له نعم، وأنعِش فكرك دومًا حتى لا تبقى في حسرة وندم.

    الرسالة الثالثة للمبدع الذي تمسَّكَ بأفكار كانت سببًا لتعطيل إبداعه، ونارًا أحرقتْ مستودع أمنياته، وما كانت تناسب زمانه وأيامه، فحين تمكَّنتْ منك أمرتْك بأن تشحذ همَّتك، وتبلغ أقصى جهدك لتزرعها في زمن وأيام غير مناسبة لك ولا لمن حولك، وروَّجتَ لأباطيلها، ونشرتَ فكرها المظلم، فاستعبدتْكَ بأوهامها، واستصغرَتْ عقلك، واستخفَّتْ بإمكاناتك الربانية، وأرعبتْك بأساطير العذاب والتنكيل إن تعدَّيتَ الخط الأحمر الذي فرضتْه عليك بمجرد تفكيرك بتغييرها والتحرر مِن قيودها.

    وأقول لك:

    حرِّك المياه الراكدة بين تجاويف عقلك، ولا تطفئ بيدك أبدًا شعلة فكرك النير، لقد ملَّ الناس واستاءوا مِن جمود أفكارك، فكانت كمسمار صدئ أصابت عدواها كل فكر خير.

    لا تجعل مِن نفسك أضحوكة زمانك، يسخر منك الدنيُّ وتبقى متحيِّرًا.

    لا تبقَ ضائعًا في متاهات الفكر المتحجر، طلِّقه طلاقًا لا رجعة فيه، وحتمًا ستتغير.

    الرسالة الرابعة لك عزيزي المبدع الذي تأخر عن ركْب المبدعين بسبب شغفه لجمع المال.

    أقول لك:

    فحرصك على جمع مال لا يعزك، ولا يضيء لك قبرًا، ولا يشفيك مِن مرض، ولا يزيل عنك هَمًّا، وسيجافيك النوم إن نقصتْ نقودك درهمًا.

    سخَّرتَ طاقة عقلك الجبارة في جمعه عامًا بعد عامٍ، ولَم يستفد منه إلا مَن ينتظر موتك الذي جمعتَه لهم بعد الممات.

    الرسالة الخامسة: يا مَن تسمع لغة القراءة بعينيك، أتمنَّى أن تستشعرها بجوارحك، وتصل معها لقمة الوعي والإدراك بما ترشدك العقول النيرة به، أنقِذ نفسك قبل فوات الأوان، وحرِّر عقلك مِن بعض الخرافات الموروثة والعادات المشبوهة والتقاليد المقلوبة والتي كنتَ تظنُّها موزونة، وتدافع عنها بشراسة، وترفض التغيير، فكنتَ رهينًا بين فكَّيِ الأفكار المشبوهة.

    وأقول لك:

    خذ مِن العلم السليم المعلومة، ودع عنك المشعوذ والساحرة الملعونة، وبسيف التغيير حطِّم تماثيل الجهل المسكونة في بؤرة عقلك، وكن عونًا لنفسك المظلومة، ولا تدع اليأس يتسرب بين ثغراتك المفتوحة، وثِق بالله القادر معدِّل الأحوال المقلوبة.

    الرسالة السادسة لك أيها المنتحل لصفة المبدعين، والإبداع منك بريء، فهو الذي يحارب التغيير، ويعيش مع أفكار الموتى، ويورثها للأجيال بمؤلفاته البالية التي يستقيها مِن تحت تراب لحودهم إلى آخر لحظة في حياته، ويعيد صياغتها بأساليب مختلفة تحت فكرة واحدة لا يحيد عنها أبدًا؛ ليوهِم القُرَّاء بأنها أفكاره التي يؤمن بها.

    وأقول لك:

    أيها السارق.. لقد انكشف أمرك، وافتضح عنوان سرك، وقد رأينا كيف عشَّشتِ العناكب في أم رأسك، وحجبتْ بشباكها نور فكرك.

    وأي إبداع لسارق مثلك؟! سطوتَ على أفكار الموتى ونسبتَها لنفسك.. جمدتَ قدرات عقلك، وأطلقتَ عنانها لخداع الناس بلا خوف ولا حياء مِن ربك، فأنت الفضولي المتطفل في عالم الإبداع، لَم نرَ مثلك، وحتمًا ستأتي الحقيقة لتعري كذبك، وتفضح خبايا مكرك.

    عزيزي القارئ.. في جعبتي الكثير مِن الرسائل، أختصرها لك حتى لا يعتريك الملل، فذَوو الألباب يدركون بفهمهم لما بين السطور، ويقرؤون ما أخفتْه صدور معاني الكلمات، فالهدف منها هو أن يكون خير الكلام ما قلَّ ودل، والهدف الآخر هو أن تصل فكرتي بحذافيرها إلى مسامع قلبك، ويتسع مداها إلى مدارك عقلك.

    إنَّ هذه الرواية لَم توثِّقها يد التاريخ بأرقام بداية ونهاية، فهي مِن نسج الخيال المحض، وإنْ تطابقتْ أغلب أحداثها مع الواقع فرؤيتي ككاتبة تستند على أهمية أن تكون فكرة الرواية دائمة وليست وقتية، وأن تناسب كل زمن يعيش فيه الإنسان.

    فأنا لم أقيد تلك الفكرة بتواريخَ؛ حتى لا تفنى بفناء السنوات، ولا تموت مع التغييرات، ولا تندثر مع بقايا الأطلال أو تنمحي من ذاكرة الزمان.

    فأردت أن يبقى صداها حيًّا ينبض بذهنِ القارئ، وليعلم بأن فكرة هذه الرواية قديمةٌ أزلية، ليس لها في التاريخ بداية ولا نهاية.

    فالقارئ هو الذي يضع الفكرة التي بُنِيَت على أساسها الرواية، في الزمان والمكان اللذين يراهما مناسبين، في عالمِ خيالِه المطلق.

    وصيتي لمن يقرأ روايتي الأولى:

    إن روايتي هذه كوليد خرج للتوِّ مِن رحم الموهبة، فأتمنَّى منكم أن ترأفوا به وتحتضنوه، وتمسحوا على رأسه حتى يألفكم ولا يشعر بغربةٍ بينكم.

    وإن استأسد على روايتي بعض القُرَّاء، وزئِروا بوجهها، وأبرحوها نقدًا يُدمي مشاعرها أو يجرح مدامعها، سأقول لكم شكرًا جزيلًا، فهذا أكبر اعتراف منكم بأنني أبدعتُ في إثارتكم، فتجريحكم إطراء بالنسبة لي وليس نقدًا، وهذه أولى درجات التحليق في سماء النجاح.

    عذرًا إنْ جرحتُكم بحدَّة كلماتي، فمِن حقي أن أدافع عن ممتلكاتي.

    أتمنَّى لكم قراءة ممتعة ومفيدة.

    المشهد الأول

    بُعِثوا مِن جديد.. ذكريات خالدة

    تعانقتْ خيوط الصباح الأولى مع إشراقة أمل جديد في نبض الحياة، وفي عام الصحوة، ومع قدوم فصل الاستنهاض طُوِيَتْ صفحة مِن عذابات النفس البشرية والآلام النفسية، وبُعِثَتِ الروح في أجساد الأحلام المغيبة والأمنيات المعطَّلة، صمتَ العالَم، وبقيتْ آثار الحرب جاثمة على القلوب المتورمة بهموم لا حصر لها، فالفقر والجوع والمرض هو الحصاد الأكبر لأي حرب عبثية، وهي ما تتمنَّاه الأنفُس التي تقدح شرًّا في غياهب الليل الأدهم حتى تسيطر على مقدَّرات وثروات الشعوب.

    وبعد أن ألجمتِ الحرب زمام عواصفها، وأطفأتْ آخر بارود لها، ململمةً أذيالها متقهقرة مهزومة خائبة لَم تجنِ ثمار أمنياتها، ولَم تزرع بذور أحلامها.

    وعندئذٍ هدأتْ أسماع الناس مِن أصوات دويِّ المدافع والآلات، ولما جاءتهم بشائر السلام استيقظوا مِن كهوفهم يهرعون، ومِن حصونهم ينطلقون كرجوع الطيور المهاجرة إلى أوكارها.

    وهُم بهذه الهيئة يصطدمون ببعضهم البعض متدافعين متهافتين، متسارعةً خطواتهم خفَّاقة قلوبهم، يتنفَّسون هواء الحرية وكأنهم وُلِدوا مِن جديد.

    يجوبون شوارع المدينة المنكوبة التي غيَّرتِ الحرب ملامح طرقاتها، وأعدمتِ الحياة في شرايينها.

    فهذه منازلهم مهدَّمة، وحوانيتهم قد خسفتْ بالأرض، وبساتين الفاكهة وحقول القمح قد أُحرِقَت عن بَكرة أبيها.

    انتشر الباعة المتجولون في سوق يسمَّى سوق البناء، حيث تواجدوا بكثرة بين الناس وفي الطرقات وعند مداخل المدينة، وقد عبَّر كل منهم عن فرحته بالتحرير، وكانت تلك فرصتهم الثمينة لترويج بضائعهم المكدسة، فهذا إيان بائع الصحف اليومية ممسكًا بحزمة الصحف بيد، ويده الأخرى مرفوعة، ويسير بين الناس ينادي مبتهجًا بأعلى صوته:

    يا أبناء المدينة، لقد تحررنا، نعم إنها الحرية، ولا شيء سِوَاها، حمدًا لله على سلامتكم، ويكرر هذا النداء.

    وهذا فابيان بائع المناديل رافعًا منديلًا بيده وينادي: أبارك لكم هذا اليوم العظيم يا أبناء مدينتي، مَن يريد أن يبكي مِن الفرحة فليبكِ، وبمناديلي هذه فليمسح دموعه دون مقابل.

    وهذا السيد إيثان بائع القبعات له نداء مميز:

    أيها الأحرار، اخلعوا قبعات العبودية، وارتدوا قبعات الحرية، إنها بنصف الثمن، فلتحيا مدينة العهد، هيَّا سارعوا، أقبلوا.

    وهذه السيدة أماندا بائعة الدمى، وهي في العقد السادس مِن العمر، تحمل سلة كبيرة على ظهرها، وتمسك أخرى بيدها، وتنادي بصوت مرتجف:

    أين أحباب الله؟ أين أطفال المدينة؟ هلمُّوا إليَّ، فلديَّ الكثير مِن الدمى الجديدة لكم، تعالوا خذوا ما تريدون، إنها زهيدة الثمن، أحباب الله.. هيَّا تعالَوا.

    أما جومرد بائع الخردوات ذو المشاعر الرقيقة، كلما رأى أحدًا بجانبه كان ينادي بهدوء تامٍّ رافعًا القبعة لهم:

    تهانينا لكَ سيدي، تهانينا لكِ سيدتي، تفضَّلوا خذوا احتياجاتكم مِن بضاعتي، إنِ اشتريتم قطعة واحدة فالأخرى دون مقابل، أهلًا بكم بهذا اليوم السعيد.

    وهناك مَن يبيع الفاكهة والحبوب، ومنهم مَن يبيع البيض، وآخر يبيع الجبن والعسل، وهذا يبيع السمن والزبد.

    كما افترش الكثير مِن الباعة الأرض، ووضعوا بضائعهم عليها، وقد غص المكان بالناس، وكانوا في شوق لممارسة حياتهم اليومية السابقة.

    هكذا كان حال السوق مع بداية أول أيام التحرير المجيدة، لقد بدأت تعود الحياة تدريجيًا لطبيعتها، وبدأ الناس يتبضعون مِن هنا وهناك، وكانت مِن ضمن المتبضِّعين السيدة ليزا.

    إنها في العقد الرابع مِن العمر، حسناء الوجه، صفراء البشرة، حوراء العين، عسلية اللون، لها شعر طويل أشقر بندقي تتخلَّله شعيرات بيضاء سميكة تتخفَّى بين تموُّجاته، لها قوام ممشوق، فارعة الطول، ممتلئة تميل إلى السمنة، ثقيلة العجز، متخصرة ذات أرداف.

    يضاف إلى حُسنِها البهي روحها الجميلة، وكأنها زهرة متفتحة تجذب الأرواح بزهوة ألوانها وبزكاوة عطرها الفواح، تجتاز العقبات بمفاتيح خبراتها السابقة وبفطرتها الصائبة.

    نعم هي صمام الأمان إن كشَّرتِ الدنيا عن أنيابها، وهي التي سارت على شوك الآلام بصمت أفزع صمت أهل القبور.

    إنها قصة كفاح امرأة تجرَّعتْ أنواع الظلم والعذاب في ظل ظروف أجبرتْها أن تتعايش معها بصبر وصلابة، إنَّ لها مِن العزيمة والإرادة ما إن مشت على الصخر الجلمود فلقتْه، وهذا لقوة بأسها ورباطة جأشها.

    إنها تلك الروح الاستثنائية التي نسفتْ بفكرها الحر أبراج العبودية، وتركتْ بصمتها على جبين الحرية، وسقتْ بأفكارها النيرة العقول القاحلة، وأنارتْ بشعاعها مصابيح القلوب المنطفئة.

    كانت السيدة ليزا وعائلتها تسكن في ملحق صغير مع زوجها وأبنائها الأربعة، وكان ذلك الملحق جزءًا مِن منزل السيد ألكسندر وعائلته الصغيرة، حيث كانت تعيش معه في المنزل زوجته كلارا وابناه بايدن وتوماس، وكانت ليزا تعمل لدى تلك الأسرة كمدبرة منزل، وقد ساعدتِ السيدة كلارا بتربية أبنائها حين كانت تتركهم لديها وتذهب للدراسة في معهد الفنون الجميلة.

    وكان زوجها يعمل كسائق للأسرة، أسقط السيد عنهما الأجرة نظير العمل لديهم في المنزل، فأقاموا عندهم ما يقارب عشر سنوات.

    كذلك كانت السيدة كلارا طيبة، وتحب ليزا وأبناءَها، ورفضتْ أن تخرج مِن المنزل بعد وفاة زوجها، وأصرَّت أن تبقى معهم إلى أن تتحسَّن ظروفهم، ولكنَّ رياح القدر تغيِّر الأمور بلمح البصر، فما كان ثابتًا في النهار صار متزعزعًا في جوف الليل، ومع بدء الحرب المشؤومة على المدينة قرَّرتْ أسرة السيد ألكسندر أن تسافر إلى خارج المدينة هربًا مِن جحيم لا يُعرَف مداه، ولا مِن زمن يتوقع نهاية آخر مشهد لهذه الحرب، فمِن السهل إشعال الحروب، ولكن مِن الصعب إطفاؤها.

    ولَم يكن لزوج السيدة ليزا منزلٌ يملكه، تزوَّجتْه فقيرًا معدمًا لا يملك شيئًا، مع العلم أن أجداده كانوا مِن سكان هذه المدينة القدماء الذين عاشوا مِن قبل ثلاثمائة قرنٍ مِن الزمن!

    ترمَّلتْ ليزا وهي حُبلى بأصغر أبنائها وهو لير الذي لَم يرَ والده مطلقًا، فقرَّرتْ ألا تتزوج مِن بعد وفاته، وأن تهب نفسها لتربية أبنائها الأربعة وخدمتهم، وهم المشاكس لين، والبطل ليو، والمتألقة لورا، ثم الصغير لير.

    وبعد أن خرجتْ مِن منزل السيد ألكسندر، لجأتْ ليزا إلى أحد أقربائها مع بدء الحرب؛ لتستأذنهم في الإقامة المؤقتة لديهم مع أبنائها، ولكن طلبها قوبل بالرفض لأسباب لا تعلمها.

    كما ذهبت إلى أحد أصدقاء زوجها ممن كانت له علاقة طيبة معه، وطرقت بابه ليسمح لها ولأسرتها بالمكوث، وقوبل طلبها بالرفض مرة أخرى.

    رأت ليزا كيف أن الحرب قد كشفت عن معادن النفوس القبيحة، وأخرجت حقيقتهم المستذئبة من صوامع أرواحهم الشقيَّة، ومزَّقت أقنعة البراءَةِ المزيفة من على وجوههم المشوهة بالأنانية وحب الذات. شعرت ليزا بالوحدة السوداوية تطاردها من كل حدب وصوب، وحدة تتربص بها أينما سارت واتجهت، الناس تغلق أبوابها بوجهها، تنبذها، تنهرها، تحتقرها، وكأن القريب والغريب اتفقوا على محاربتها، حرمانها، ومهاجمتها، وجعلوها تواجه مصيرها لوحدها حاملة أربعة أثقال على عاتقها.

    وبعد فترة قصيرة من البحث والسير هنا وهناك، وقبل أن يشتدَّ ساعِد الحرب، توجَّهت ليزا إلى مصنع صغير في المدينة لدبغ الجلود، وقابلت صاحب المصنع وطلبت منه أن يبقيها وأبناءها بداخله لسبعة أيام، حتى يتسنَّى لها البحث عن مكان آخر.

    وافق صاحب المصنع على طلبها، واشتَرَط عليها أن تعمل في دباغة الجلود مع أبنائها، فجميع الآلات قد تم إيقافها عن العمل وعليهم أن يعملوا بأيديهم.

    وافقت ليزا على طلبه وعملت هي وأبناؤها في تلك الوظيفة الشاقَّة، أما لين فقد استنكف عن هذا العمل، وأبى أن يعمل دبَّاغًا دون أن يتقاضى أجرة مجزية تنسيه روائحها النتنة، وتخفف عنه حِدَّة الجهد والعناء. فكان ينام بالنهار ويتسكَّع بأرجاء المصنع ليلاً، يرى والدته وإخوته وهم يتكبدون النَّصَب والإجهاد بسبب ذلك العمل المرهق.

    قرر لين أن ينهي معاناة الأسرة، ففكر بفكرة لا تخطر على بال إنس ولا جان، فبعد مرور أربعة أيام من مكوثهم داخل المصنع، قام لين بتنفيذ ما خطَّط له، فاجتمع مع أسرته وقام بإيهامهم بأنه وجد مأوى جديدًا مناسبًا لهم، وطلب منهم بأن يحملوا أمتعتهم ويسيروا معه. فرحت ليزا ولم تستطع أن تسأله كثيرًا عن مكان الإقامة الجديد؛ بسبب الضعف البدني والنفسي الذي تعاني منه، وكذلك ليو ولورا، فالجميع كان متلهفًا لسماع خبر

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1