Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

رحلة في عالم الأمر .. من البشرية إلى الإنسانية
رحلة في عالم الأمر .. من البشرية إلى الإنسانية
رحلة في عالم الأمر .. من البشرية إلى الإنسانية
Ebook1,315 pages14 hours

رحلة في عالم الأمر .. من البشرية إلى الإنسانية

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

إذا علمت أنّ مهارة التصنيف .. هي من أهم المهارات المهمة و المكتسبة في عصرنا هذا .. و التي ذكرها القرآن الكريم بالقلم أو التقليم .. علّم بالقلم .. و في هذا الباب كتبتُ لك في طياته أمور .. صنفتها حسب سياقها التاريخي و العلمي .. و من ضمن السياق و الرواية تجد بحثيين مهمين عن الفرق بين النفس و الروح .. و ظاهرة التوحد و التلبس!! .. كما فصّلتُ في قصة البحر الميت .. و عذاب قوم لوط!!
وفصّلت في قصة أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام .. و ابنيه إسماعيل و إسحاق و حفيده يعقوب و ابن أخيه لوط ..
جمع كلمة عالَم = عوالِم أو عالَـمَـون أو عالـَمِـين
جمع كلمة عالِم = عالِـمون أو عالـِمِين

  • هل هناك عوالم مختلفة (الإنس، الجن، الملائكة) كما يوجد أبعاد مختلفة في عالم الخلق و عالم الأمر، و هل يأتي يوم  و يدخل إبليس إلى عالمنا ؟ و هل نعرف القرين ما هو ؟
  • ما هو ترتيب الريب/الوهم/الشك/الظن/اليقين بالأرقام ؟
  • في رسم القرآن الكريم نجد آلم و ألم / باسم و بسم / تبارك و تبرك / صاحب و صحب / نجيناكم و أنجيناكم / إبراهيم و ابراهم .. فكيف اختلاف الرسم يغير في المعنى ؟
  • لماذا كواكب المجموعة الشمسية في مستوى أفقي واحد ؟
  • هل يمكن أن نصنع قارورة من الفضة شفافة؟
  • ما هو كنه الطاقة ؟ و هل عرف نيوتن كيف سقطت التفاحة ؟    
  • لماذا يجير الناس كل ما يجهله في الطبيعة إلى عالم الجن ؟
  • كيف يملك الإنسان 44 حاسة ؟
  • هل النفس هي الروح ؟ كيف نجعل الفرق بينهم يحل قضية التوحد و التلبس ؟ و كيف غيّر النفخ البشر إلى إنسان ؟ و كيف هو الهبوط و جنة الاختبار؟ و كيف عرفنا الحلقة المفقودة في نظرية النشؤ و التطور عند داروين ؟
  • الف سنة و خمسين ألف سنة، مقياس لماذا ؟
  • الفرق بين البشر و الإنسان / الجسد و البدن / النفس و الروح / إسرائيل و يعقوب / إدريس و إلياس / الآل و الأهل ؟
  • هل للمادة الجامدة نفس مثل النبات و الحيوان (كيف تتحرك الكتروناتها)؟ 
  • ما هي سدرة المنتهى و ما علاقتها بالنوم و الرؤيا؟
  • كيف رعى و ربى و علّم اللهُ الإنسانية بالتدريج من آدم و نوح ثم هود وصالح إلى محمد صلى الله عليه و سلم ؟
  • لماذا كانت قصة إبراهيم عليه السلام أبو الأنبياء تمثل منعطف قوي في تعليم الإنسانية، حتى أن عذاب قوم لوط عليه السلام في عصرة كان بالمواد النووية؟
  • ماذا تعرف عن يأجوج و مأجوج و هاروت و ماروت و أصحب الكهف ؟
  • لماذا العلم ؟ علم اللهُ الإنسانية البيع و الشراء و الموازين عن طريق شعيب عليه السلام .. فكيف تفهم من قصة يوسف عليه السلام الانتقال من الاشتراكية إلى الشيوعية إلى الرأسمالية .. و التي بها عرض إعجازي للوضع المدني (الأبواب) و الاقتصادي (الدراهم و الدنانير) و اللغوي (هيت لك) و الإداري (دين الملك) و العادات (قطعن أيديهن) اعتذار و تحالف و العلمي (ريح يوسف) .. كيف تشعر و أنت تسمع أن أحد من الأنبياء كلّم الله و كذلك طلب أن يراه ؟ ابحث في قصة موسى عليه السلام كيف رعاه الله سبحانه و تعالى من و لادته حتى وفاته؟ و كيف علّمه ثلاث لغات و نشاء في بيئات مختلفة من شدة الفقر حتى الثراء الفاحش و حياة الرعي و الخلوة ؟ كيف انتج الفراعنة الطاقة باستخدام الأهرامات و بنوا المراصد الفلكية ؟ و كيف عمل هامان و قارون بالسلطة والمال ؟ و لماذا حكم اللهُ على بني إسرائيل بعد أن طهرهم من البقرة حتحور ثم عبدو العجل أبيس بالتيه 40 سنة ؟  كيف كان تجلي الخالق عز و جل لموسى عليه السلام و أين ؟ 

نعم .. هي رواية تجمع لك شتى العلوم في بوتقة واحدة .. الله أسأل أن يوفقك للاستفادة مما قدمته لك .. و أن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم .. فهو رب العرش العظيم.

Languageالعربية
Release dateJul 27, 2020
ISBN9786030308408
رحلة في عالم الأمر .. من البشرية إلى الإنسانية
Author

Ibrahim Alhadhoud

المؤهلات :  بكالوريوس جامعة الملك فهد للبترول و المعادن علوم / فيزياء عامة 1411هـ.  ماجستير جامعة الملك عبدالعزيز علوم / فيزياء جزيئية 1415هـ.  طالب دكتوراه جامعة الملك سعود علوم/ فيزياء نظرية 1426هـ- 1428هـ(أكملت جميع المقرات المطلوبة لبرنامج الدكتوراه و توقفت عند الرسالة). الخبرات الوظيفية:  متعاون مع جامعة الملك سعود كلية العلوم / قسم الفيزياء (سنتين) 1424هـ - 1425هـ..  مستشار غير متفرغ لمشروع الملك عبدالله تطوير التعليم في برنامج STEM.

Related to رحلة في عالم الأمر .. من البشرية إلى الإنسانية

Related ebooks

Reviews for رحلة في عالم الأمر .. من البشرية إلى الإنسانية

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    رحلة في عالم الأمر .. من البشرية إلى الإنسانية - Ibrahim Alhadhoud

    حقوق الملكية الفكرية

    جميع الحقوق محفوظة للمؤلف، ولا يجوز تبادل هذا الكتاب جزئياً أو كلياً بطريقة غير شرعية؛ سواء من خلال إتاحته للتحميل على مواقع الويب أو تبادله عبر رسائل البريد الإلكتروني، كما لا يجوز نسخ جزء من النص بدون إذن مسبق منه.

    الطبعة : الأولى  2019

    جدول المحتويات

    حقوق الملكية الفكرية

    إهداء

    اعتراف بالجميل

    تَـــوْطِــــئَــــــةٌ

    مُقَدِمَةٌ

    تَسَلْسُلُ الْقُرْآنِ الْكَرِيْمِ

    مُكَوِّنَاتُ اللُّغَةِ

    الصُّحْبَةُ

    مَدِينَةُ الْمَلِكِ عَبْداللَّه لِلطَّاقَةِ ( مِشْكَاةٌ )

    الْطَّاقَةُ

    العمد الممددة

    عاديات ضبحاً

    المسد

    رِحْلَةٌ إِلَى إسْطَنْبُوْلْ

    الْعَوَالِمُ

    عَالَمُ الْغَيْبِ

    المَلائِكَةُ

    جِبْرِيلُ

    مِيْكَالُ

    مَالِكٌ

    الْجِنُّ

    إِبْلِيسٌ

    عَالَمُ الأَمْرِ

    الرُّوحُ

    النَّفْسِ

    الجَسَدُ

    نَفْسُ الْحَيَوَانِ

    نَفْسُ النَّبَاتِ

    نَفْسُ الْجَمَادِ

    نَفْسُ الإِنْسانِ

    الْمَرَائِي النَّوْمِيَّةُ

    الْخَلاصَةُ

    إفطار في الهيلتون (البشر)

    السَّمَاواتِ و الأرْضَ

    مَرَاحِلُ الْخَلْقِ

    بِدَايَةُ الْخَلْقِ كَبَشَرِ

    آَدَمُ

    جَاعِلٌ

    خَلِيفَةٌ

    الْنَفْخُ

    الْنَبَأ

    الْهُبُوْطُ

    الْجَنّةُ

    الفِرْدوسُ

    عَدْنُ

    جَهَنَّمْ

    زَوْجٌ

    الاِصْطِفاءُ

    إفطار  في الهيلتون (الإنسان)

    الإِنْسانُ

    خَلْقُ الإِنْسَانِ

    القُرَنَاءَ

    الْهُبُوْطُ

    التَّوْبَةُ

    الاحتراق داخل الجسد

    الكروموسومات و البعوضة

    تَسَلْسُلُ حَيَاةِ الإِنْسانِ

    اللقاء الثالث (آخر يوم في إسطنبول)

    نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ

    الطريق إلى بورصة

    هُوْدٌ

    صَالِحٌ

    عَلَى بَحْرِ مَرْمَرَةٍ

    يُوْنُسُ

    حِسَابُ الْجُمَّلِ

    يَأجُوجُ وَ مَأجُوجُ

    أَصْحَابُ الْكَهْفِ

    هَارُوتُ وَ مَارُوتُ

    جلسة اللوبي

    إبْرِاهِيْمُ

    مَوْلِدُهُ و مُوَاجَهَةُ الْنُمْرُودِ

    ارْزُقْ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ

    مُوَاجَهَةُ عَبَدَةِ الْكَوَاكِبِ

    مُوَاجَهَةُ أَبِيهِ

    مُوَاجَهَةُ عَبَدَةِ الأَصْنَامِ

    كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى

    الآلُ وَ الأهْلُ

    إِسْمَاعِيلُ

    عَرَفَاتٌ

    لُوْطٌ.

    إسْحَاقُ

    الْحَفِيدُ يَعْقُوبُ

    الشَّجَرَةُ الْمَلْعُونَةُ

    رِحْلَةٌ إِلَى مِصْرِ

    شُعَيْبٌ

    أَوَّلَ أيَّامِ الْقَاهِرَةِ

    يُوسُفُ

    شَرَى وَ اشْتَرَىْ

    الْدَّرَاهِمُ  وَ الْدَنَانِيرُ

    مِصْرُ

    الأُخُوَةُ وَ الإِخْوَانُ

    أَبَوِابُ الْغُرْفَةِ

    أَبَوَابُ مِصْرَ

    الْصُوَاعُ وَ السِّقَايَةُ

    هَيْتَ وَ حَصْحَصَ وَ حَاشَ لِلَّهِ

    امْرَأَتُ الْعَزِيْزِ و سَيِّدَهَا

    قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ

    تَحْكِيمُ الشَّرِيعَةِ

    الْرِّيحُ و الْرِّيَاحُ

    الْخُلاَصَةُ

    قَانُوْنُ الْطَّلَبِ

    تَرْتِيلُ الْقُرْآنِ الكَرِيمِ

    زِيارَةُ مُتْحَفِ مِصْرَ

    عَوْدَةُ حُكْمِ الْفَرَاعِنَةِ

    وِلاَدَةُ مُوسَى

    مُوسَى

    مَرْحَلَةُ الإِعْدَادِ الأُولَى

    فَطَوَّرٌ فِي هِلْتُونْ رَمْسِيسَ

    مَرْحَلَةُ الإِعْدَادِ الثَّانِيَةُ

    مَرْحَلَةُ التَّنْفِيذِ الأُولَى

    هَارُونُ

    الآيَةُ و الآيَاتُ

    فِرْعَوْنُ

    هَامَانُ

    هَرَمُ خُوْفُوُ

    قَارُونُ

    مَدِينَةُ الْإعْلاَمِ

    حَتْحُوْرُ

    الْخِضْرُ

    مَرْحَلَةُ التَّنْفِيذِ الثانية

    الْخُرُوْجِ

    الْعُبُورُ

    الْزَمَنُ

    الْتَجَلِّيَ

    الْسَّامِرِيُّ

    التَّوْرَاةُ

    اليَهُودُ

    النَّادِي الصِّحِّيُّ

    أَيُّوبَ

    المَرَضُ وَ الشِّفَاءُ

    حزقيل

    فِي نَادِي الْفُرُوسِيَّةِ

    دَاوُودُ

    سُلَيْمَانَ

    أَوَّابٌ

    أَعمالُ الْجِنِّ

    الرِّيحُ

    مَنْطِقُ الطَّيْرِ و النَّمْلِ

    بَلْقَيْسُ

    الصَّرْحُ

    الْوَفَاةُ

    سَبَأُ

    نُزْهَةٌ بَحْرِيَّةٌ

    أَصْحَابُ السَّبْتِ

    عُزَيْرٌ

    فِي الطَّرِيقِ إِلَى الْقَاهِرَةِ

    صَاحِبُ الْجَنّتَيِنِ

    صَاحِبُ الْجَنّةِ

    إِلْيَاسُ  وَ إِدْرِيسُ

    زِيارَةُ الْكَنِيسَةِ

    وِلاَدَةُ مَرْيَمِ

    عِمْرَانُ

    لَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى

    مَرْيَمُ

    زَكَرِيَّا

    يَحْيَى

    الْمَسِيْحُ

    عِيسَى

    الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ

    يَا أُخْتَ هَارُونَ

    الإِنْجِيلُ

    الْحَوَارِيِّينَ

    الْنَصَارَى

    حَبِيْبُ النَّجَّارِ

    الْمَائِدَةُ

    لُقْمَانُ

    فِي طَرِيقِ الْعَوْدَةِ إِلَى أرْضِ الْوَطَنِ

    بَرْصِيصَا

    أَصْحَابُ الْفِيلِ

    أَحْمَدُ و مُحَمَّدٌ  صلى الله عليه و سلم

    أُمَّ الْقُرَى

    الْمَدِينَةُ

    اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَ كَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا

    مَضَى

    حَمِيمٌ

    بَيْنَ الْيَقِينِ و الظَّنِّ و الرَّيْبِ

    عَالَمُ الأَمْرِ

    الخاتمة

    إهداء

    إلى زوجتي  ...

    إلى أبنائي و بناتي  ...

    إلى كل زميل صادق  ...

    إليك أنت عزيزي المعلم ...

    إلى كل طالب و طالبة من هذا الجيل ...

    إلى كل قارئي متوقد الذهن ...

    أهدي إليكم جميعاً هذا العمل ...

    اعتراف بالجميل

    لا يسعني في هذا الموقف إلاّ أن اعترف بفضل كثيرٍ من الناس .. الذين وقفوا معي في كتابة هذا الكتاب .. فقد كانت صياغته مع صاغة الذهب .. علماء جهابذة في تخصصهم .. نباريس في طريق الهدى .. هم علماء تُضاء بهم الظلمات .. و تنقشع بآرائهم الشبهات .. اغترفتُ منها آناء الليل و أطراف النهار .. عبر الكتب و المقالات و الصوتيات و المرئيات .. ثم جعلتها في بوتقة واحدة .. فخلطتُها و صفيتُها و ربطتُ بين علوم الدين و الدنيا .. و خبرة التربية و التجربة .. و أوقات الحزن و الفرح .. ثم أغدقتُ عليها من التقنية ما يكفيها .. و من الفن ما يُحلّيها .. و من الاستشارات ما يُزكيها .. و ألبستُها من الرونقِ ما يُبرزها بين أندادها و يسمو بها عن غيرها .. و وجهتُ هذا كله لطبقة القراء المستبصرين  .. و مَن خلفهم مِن الطلاب و الطالبات .. الذين قضيت  عمري معهم و بينهم.

    فالله أسأل أن يسدد في طلبي لهم أهدافهم ؛؛؛

    تَـــوْطِــــئَــــــةٌ

    مُقَدِمَةٌ

    الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَ عَلَى آلِه وَ صَحْبِهِ أَجَمْعَيْنِ.. قَالَ اللهُ {... أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} الأعراف : ٥٤   فَالخَلْقُ هُو كُلِّ شَيْءٍ {إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} النمل : ٩١ وَ {فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} الشورى : ١١ و {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} الملك: ١.. بَيْنَما الأَمَرُ مُخْتَلِفٌ فَهُو لَيْسَ بِشَيْءٍ .. {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} السجدة : ٥ و هُوَ بِسُرْعَةِ الضَّوْءِ كَمَا سَتَرَى حِسَابِيّاً.. {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} الشورى : ٥٢ و هُنَا الأَمْرُ هُوَ الْقُرْآنُ الْكَرِيمِ .. أيْ إِنّ الْقُرْآنَ الْكَرِيمِ مِنْ عَالَمِ الأَمْرِ .. وَ {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} النحل : ٤٠ .. فَمِن كَلِمَاتِ الله تُوجَدُ الأَشْيَاءَ .. فَعَطَاءَهُ كَلاَمٌ و خَلْقُهُ كَلاَمٌ {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ...} البقرة : ١٢٤ .. فَالشَّمْسُ و الْقَمَرُ و الْكَوَاكِبُ مِنْ كَلِمَاتِ الله .. وَ {إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ} آل عمران: ٤٥ و هَكَذَا كَانَ خَلْقُ الإِنْسانِ {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} آل عمران : ٥٩ .. كَمَا أَنَّ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ هُوَ كَلاَمُ اللَّهِ .. فَلَيْسَ بِمَخْلُوقٍ و هُوَ مِنْ عَالَمِ الأَمْرِ .. و الأَرْواحُ الَّتِي فِي أَجْسَادِنَا هِي مِنْ عَالَمِ الأَمْرِ أيضاً .. وَ هِي لَيْسَتْ أَشْيَاءُ.

    سَوْفَ آخُذُكُمْ فِي رِحْلَةٍ فِي عَالَمِ الأَمْرِ هَذَا .. كَلاَمُ اللَّهِ .. و سَوْفَ يَكُونُ بِصُحْبَتِكُمْ مَجْمُوعَةٍ مُمَيَّزَةٍ .. قَلَّ مَا تَجِدُ مِثْلُهَا و هُمْ عَبْدالعَزِيزُ ، اِبْتِهَالٌ ، الهَنُوفُ ، نُجُودٌ و خَلِيلٌ .. فِي الْحَقِيقَةِ هُمْ عَائِلَتُي و الَّتِي مَتّعَنِي اللهُ سبحانه و تعالى بِهِمْ فِي حَيَاتِي الدُّنْيا هَذِهِ .. و لأَحْمِلُ لَهُمْ مَعَانِي عَالَمِ الأَمْرِ دُونَ تَشْتِيتٍ .. و أُوَفِّرُ لِهُمْ بَحْثَ السِّنِيْنِ الَّتِي قَضَيْتُهَا بَيْنَ الْكُتُبِ .. صَحِبْتِهُمْ فِي هَذِهِ الرِّحْلَةِ .. ثُمَّ اِنْقَلَبَ السِّحْرُ عَلَى السَّاحِرِ .. حَيْثُ أَصَرُّوا أَنْ اَنْقُلْ هَذِهِ الأَسْرَارَ للآخَرِينَ .. و كُلُّ فَائِدَةٍ نَقَلْتُهَا لَهُمْ .. و أَنْ أُسْجِّلَ أَحْدَاثَ هَذِهِ الرِّوايَةِ بِالْقَلَمِ و الصُّورَةِ لِجَمِيعِ مَنْ يُحِبُّونَ .. فَتَوَكَّلْتُ عَلَى اللهِ .. و وَضَعَتُ أَصابِعَي عَلَى لَوْحِهِ الْمَفَاتِيحِ .. و هُمْ جَمِيعَاً مَعَي .. اَحْتَفَظُوا أَثْناءَ الرِّحْلَةِ بِكُلِّ صَغِيرَةٍ و كَبِيرَةٍ .. و كُلِّ شَارِدَةٍ و وَارِدَةٍ .. و أَنَا أَضَعُ بَيْنَ أَيْدِيِكُمْ جُهْدَ السِّنَّيْنَ و جَهْدَ الْمَجْمُوعَةِ .. سَائِلاً اللهَ عزّ و جل التَّوْفِيقَ و السَّدَادَ.

    عِلْمَاً بِأَنَّي لاَحَظْتُ خِلاَلَ اِطِّلاعِي عَلَى الْمَرَاجِعِ الْكَثِيرَةِ اِعْتِمادُ مُعْظَمِهَا عَلَى رِوَايَاتٍ إسْرَائيلِيةٍ .. حَاوَلَ فِيهَا بَعْضُ الرُّوَاةِ خَلْطُ الْقُرَانِ الْكَرِيمِ بِمَا وَرَدْ مِنْ رِواياتِ بَنِي إسْرَائيلَ .. و الَّتِي تُخْرِجَ الْمَعْنَى الظّاهِرِ الْبَيِّنِ الْحَقِيقِيّ الْمَعْقُولِ إِلَى عَالَمٍ غَيْرَ مَعْقُولٍ .. و لاَ يَمُتُّ لِلْحَقِيقَةِ بَصَلَةٍ .. مِنْ نَاحِيَةٍ .. و قَدْ يُشَوِّهُ الْمَعْنَى الظّاهِرَ لِعَالَمِ الأَمْرِ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى فِي عُيُونِ النَّاشِئَةِ .. لِهَذَا أَرْجُو مِنْ الْقَارِئِ الْعَزِيزِ .. كَمَا أَرْجُوَ مِنْ أَبْنَائِي .. التَّجَرُّدُ مِنَ الْمَفَاهِيمِ غَيْرَ الْمَنْطِقِيَّةِ فِيمَا وَرَدَ عَنْ بَنِي إسْرَائيل مِنْ تَحْرِيفَاتٍ و تَشْوِيهَاتٍ .. و لَقَدْ وَضَعْتُ الرِّوايَةَ فِي كِتَابٍ قَدْ تَتَضَمَّنَ بَعْضُ الصَّفْحَاتِ الْمَقْطَعَ الْقُرْآنِيِ كَامِلاً عِنْدَ الْحاجَةِ إِلَيهِ .. ثَمَّ التَّفْصِيلِ و الصُّورِ و الرّوابِطِ و الْمَعَانِي و مَقَاطِعِ الآيَاتِ الْكَرِيمَةِ مُتَّصِلَةٌ بِالسِّياقِ.

    فِــهْمُ الْسَّلَفِ لِمَعَانِيْ الْقُرْآَنِ الْكَرِيِمِ وَ أَسْرَارِهِ كَانَ بِنَاءً عَلَىَ مُعْطَيَاتِ عَصْرِهِمْ، لا يُعْفِيَ الْخَلْفُ مِنْ مَسْؤُولِيَّاتِهِمُ تُجَاهَ هَذَا الْكِتَابِ الْعَزِيْزِ الْقُرْآَنِ الْكَرِيِمِ ، وَ مَعْ تَزَايَدُ الْمَادَّةِ الْعِلْمِيَّةِ فِيْ هَذَا الْعَصْرِ وَ سُهُوْلَةِ الْوُصُوْلِ إِلَيْهَا وَ جَمْعِهَا وَ تَحْقِيْقِهَا، فَسَنَنْظُرُ مَعَاً نَظْرَةَ مَنْ يُؤْمِنُ بِأَنَّ أَعْظَمَ الْخَلْقِ فِهْمَاً مِنْ الْسَّلَفِ وَ الْخَلَفِ لا يُحِيْطُ بِشَيْءٍ مِنْ الْعِلْمِ إَلاَّ بِمَا شَاءَ الله {...وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ...}البقرة : ٢٥٥ ، وَ مَنْ يَتَصَفَّحُ الْقُرْآَنَ الْكَرِيْمَ يُلاحِظُ أَنَّ اكْتِشَافَ تَسَلْسُلِ وَ تَرَابُطِ الأَفْكَارِ خِلالَهِ يَحْتَاجُ إِلَىَ تَفَكُّرٍ وَ تَدَبُّرٍ فِيْ دِقَّةِ كُلِّ حَرْفٍ وَ كِلْمَةٍ مِنْهُ، وَ فِيْ الْحَقِيقَةِ أَنَّ الْقُرْآَنَ الْكَرِيْمَ يُرَبِّيَ الْنَّاسَ تَرْبِيَةً شَامِلَةً، وَ مِنْ ذَلِكَ تَرْبِيَتِهِمْ عَلَىَ مَنْهَجِيَّةِ الْتَّفْكِيْرِ.

    تَسَلْسُلُ الْقُرْآنِ الْكَرِيْمِ

    لِلْقُرْآنِ الْكَرِيْمِ تَسَلْسُلٌ فِيْ الْنُّزُوْلِ وَ تَسَلْسُلٌ فِيْ الْسَّوْرِ، بِالْنَّظَرِ إِلَىَ تَسَلْسُلِ نُزُوْلِهِ نَجِدُ أَنَّ أَوّلَ كَلِمَةٍ نَزَلَتْ مِنْ الْقُرْآَنِ هِيَ اقْرَأْ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} العلق: 1، وَ هَذَا دَلِيْلٌ عَلَىَ أَنَّ الإِسْلامَ هُوَ دِيْنُ الْعِلْمِ، أَمَّا آَخِرُ كَلِمَةٍ نَزَلَتْ مِنْهُ فَهِيَ لا يُظْلَمُونَ {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}البقرة: 281 ، وَ فِيْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ إِشْارَةٌ إِلَىَ الْعَدْلِ، وَ نَعْلَمُ أَنَّ أَيِّ حَضَارَةٍ إِنْسَانِيَّةٍ لا تَسْتَمِرُ إِلاَّ إِذَا تَحَقَّقَ الْعِلْمُ وَ الْعَدْلُ فِيْهَا، وَ هَذَا مَا جَاءَ بِهِ كِتَابُ الله سبحانه و تعالى.

    وَ كَانَ فِيْ تَرْتِيْبِ نُزُوْلِ سُوَرِ الْقُرْآَنِ الْكَرِيْمِ تَرْبِيَةً رَبَّانِيَةً مِنْ الْرَّبِّ سبحانه و تعالى لِنَبِيِّهِ مُحَمّدٍ صلى الله عليه و سلم كَمَا يَلِيَ:

    ● نَزَلتْ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١) خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (٢) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ (٣) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤) عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ...} العلق: ١ - ٥، وَ هِيَ دَعْوَةٌ لِلْرَّسُولِ صلى الله عليه و سلم وَ أُمَّتِهِ لِلْتَّعَلُّمِ، فَذَكَرَ اقْرَأْ مَرَّتَانِ وَ عَلـّـمَ مَرَّتَانِ وَ أَدَاةَ الْتَّعَلُّمِ الْقَلَمِ و هِي مَهَارَةُ التَّصْنِيفِ كَقَوْلِنَا الأقَالِيمِ السَّبْعَةِ، مَرَّةً وَاحِدَةً.

    ● ثُمَّ نَزَلَتْ {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا (٤) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا} المزمل : ١ - ٥، وَ هِيَ دَعْوَةٌ لِلْرَّسُولِ صلى الله عليه و سلم وَ أُمَّتِهِ بِأَنْ يَبْدَأَ الإِنْسَانُ بِنَفْسِهِ أَوَّلاً.

    ● ثُمَّ نَزَلَتْ {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥) وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (٦) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ }  المدثر : ١ - ٧، وَ هِيَ دَعْوَةٌ لِلْرَّسُولِ صلى الله عليه و سلم وَ أُمَّتِهِ بِأَنْ يُبَاشِرَ الإِنْسَانُ الْدَّعْوَةَ حَالَمَا يَنْتَهِيَ مِنْ إِصْلاحِ نَفْسِهِ قُمْ فَأَنْذِرْ، و الْاِهْتِمَامُ بِطَهَارَةِ الظّاهِرِ مِنَ الثِّيابِ و الْجَسَدِ و طَهَارَةُ الْباطِنِ.

    ● ثُمَّ نَزَلَتْ {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (١) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (٢) وَإِنَّ لَكَ لأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (٣) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ...} القلم : 1 - ٥، وَ هِيَ دَعْوَةٌ لِلْرَّسُولِ صلى الله عليه و سلم وَ أُمَّتِهِ بِالْتَّحَلِّي بِالْخُلِقِ الْكَرِيْمِ فِيْ الْدَعْوَةِ خُلُقٍ عَظِيْمٍ، بِالإِضَافَةِ إِلَىَ الْعِلِمِ الَّذِيْ يَتَكَوَّنَ مِنْ حُرُوْفٍ دَلَّ عَلَيْهَا حَرْفُ ن وَ لَهُ أَدَاةٌ هِيَ الْقَلَمُ وَ بِهِ الْكِتَابَةُ وَ مَا يَسْطُرُوْنَ.

    ● ثُمَّ نَزَلَتْ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (٢) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ...}الفاتحة : ١ - ٣، وَ فِيْهَا إِعْلانُ .. الْحَمْدُ لِلَّهِ .. وَ الاسْتِعَانَةُ بِهِ وَ مَا إِلَىَ ذَلِكَ مِنْ مَضَامِيْنٍ عَظِيْمَةٍ حَوَتْهَا هَذِهِ الْسَّوْرَةِ.

    ● ثُمَّ نَزَلَتْ {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ ...}المسد : ١ - ٣، وَ فِيْهَا إِعْلانٌ بِأَنَّ لا أَحَدَ يَقِفُ أَمَامَ دَعْوَةِ الْحَقِّ كَائِنَاً مَنْ كَانْ.

    ● ثُمَّ نَزَلَتْ {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١) وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ (٢) وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ (٣) وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (٤) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (٥) وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (٦) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (٧) وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (٩) وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (١٠) وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ (١١) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (١٢) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (١٣) عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ}التكوير : ١- ١٤، وَ فِيْهَا دَعْوَةٌ لِلإِنْسَانِ لِيَنْظُرَ إِلَىَ نِهَايَةِ هَذِهِ الْحَيَاةِ الْدُنْيَا وَ أَنْ يَجْعَلَ الْنِّهَايَةَ نُصْبَ عَيْنِيْهِ وَ هُوَ فِيْ طَرِيْقِهِ إِلَىَ الْحَيَاةِ الآَخِرَةِ، وَ يَتَّضِحُ هَذَا مِنْ خِلالِ اثنتي عَشْرَةَ مَرَّةٍ (إِذَا).

    ● ثُمَّ نَزَلَتْ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (٤) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ...} الأعلى : ١ - ٥ ، وَ فِيْهَا تَأْكِيدٌ أَنَّهُ وَ مَعْ وَضْعُ الْنِّهَايَةَ نُصْبَ عَيْنَيْكَ إِلاَّ أَنَّه يَجِبُ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ هُنَاكَ سَيَكُوْنُ الْلِّقَاءِ مَعَ الأَعْلَىَ الَّذِيْ قَدَّرَ فَهَدَىَ سبحانه و تعالى.

    ● وَ فِيْ طَرِيْقِكَ إِلَىَ الله تَجِدُ أَنَّ الْمُتَغَيِّرَ هُوَ عَامِلُ الْزَّمَنِ .. فَنَزَلَتْ سُوْرَةُ الْلَّيْلِ ثُمَّ الْفَجْرِ ثُمَّ الْضُحَىْ.

    ●  ثُمَّ نَزَلَتْ {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ (٤) فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٦) فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}  الشرح : ١ - ٨، وَ هِيَ دَعْوَةٌ لِلْرِّضَا بِمَا قَدَّرَ الله  وَ الاجْتِهَادُ فِيْ عِبَادَتِهِ وَ الرَّغْبَةِ إِلَيْهِ، ثُمَّ تَلَتْهَا سُوْرَةُ الْعَصْرِ.

    وَ بِهَذَا الْتَسَلْسُلِ فِيْ أَوَّلِ ثَلاثَ عَشَرَةَ سُوْرَةٍ تَتَّضِحُ مَعَالِمُ الأُسْلُوبِ الَّذِيْ رَبَّىَ بِهِ الْحَقُّ جلّ جلاله نَبِيَّهُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و سلم، ثُمَّ اسْتَمَرَّ نُزُوْلِ الْقُرْآَنِ الْكَرِيْمِ مُنَجَّمَاً حَسَبَ الأَحْدَاثِ، وَ اسْتَخْدَمَ الْحَقُّ جلّ جلاله الْلِّسَانَ الْعَرَبِّيَ {...وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ}الأحقاف : ١٢ ، فَالَّلسَانُ أَلْفَاظٌ يُصْطَلَحُ عَلَىَ مَعَانِيْهَا بِحَيْثُ إِذَا أُطْلِقَ الْلَّفْظُ فُهِمْ الْمَعْنَىْ، وَ الْلُّغَةُ الَّتِيْ نَتَكَلَّمُ بِهَا لا تَخْرُجُ عَنْ اسْمٍ وَ فِعْلٍ وَ حَرْفٍ.

    مُكَوِّنَاتُ اللُّغَةِ

    الاسمُ: كَلِمَةٌ وَ هُوَ مَا دَلَّ عَلَىَ مَعْنًى مُسْتَقِلٌّ بِالْفَهْمِ وَ لَيْسَ الْزَمَنَ جَزْءاً مِنْهُ، فَإِذَا قُلْتُ: مُحَمَّداً فَهِمْتُ أَنَّ الْشَخْصَ الَّذِيْ سُمِّىَ بِهَذَا الاسْمِ صَارَ لَهُ مَعْنَاً مُسْتَقِلاً وَ لا يَحْتَاجُ إِلَىَ زَمَنٍ، وَ عَلامَةُ الاسْمِ أَنَّهُ لا يُضَافُ إِلَيْهِ تَاءُ الْفَاعِلِ.

    الفِعلُ: كَلِمَةٌ وَ هُوَ مَا دَلَّ عَلَىَ مَعْنًى مُسْتَقِلٌ بِالْفَهْمِ وَ الْزَمَنُ جُزْءاً مِنْهُ، فَإِذَا قُلْتُ: كَتَبَ فَهِمْتُ أَنَّهُ قَدْ جُمِعَتْ الْحُرُوْفَ لِتُقْرَأَ عَلَىَ هَيْئَةِ كِتَابَةٍ وَ هَذَا يَحْتَاجُ إِلَىَ زَمَنٍ، وَ عَلامَةُ الْفِعْلِ أَنَّكَ تَسْتَطِيْعُ أَنْ تُسْنِدَ إِلَيْهِ تَاءُ الْفَاعِلِ، أَيْ تَقُوْلُ: كَتَبْتُ وَ الْفَاعِلُ هُنَا هُوَ الْمُتَكَلِّمُ.

    الحرفُ: كَلِمَةٌ وَ هُوَ مَا دَلَّ عَلَىَ مَعْنًى غَيْرِ مُسْتَقِلٍّ، فَإِذَا قُلْتُ: مَاذَا وَ هِيَ حَرْفٌ فَلَيْسَ هُنَاكَ مَعْنَىً مُسْتَقِلاًّ، وَ إِذَا قُلْتُ: فِيْ دَلَّتْ عَلَىَ الْظَّرْفِيَّةِ وَ لَكِنَّهَا لَمْ تَدُلُّ عَلَىَ مَعْنًى مُسْتَقِلٍّ إِلاَّ أَنْ تَقُوْلَ: الْمَاءُ فِيْ الْكُوْبِ أَوْ فُلانٌ عَلَىَ الْفَرَسِ، فَلِغَيرِ مُسْتَقِلٍّ لا يَظْهَرُ مَعْنَاهُ إِلاَّ بِضَمِّ شَيْءٍ لَهُ.

    اسمٌ على فِعلٍ: إِذَا رَأَيْتَ شَيْئاً يَدُلُّ عَلَىَ الْفِعْلِ، أَيْ يَحْتَاجُ إِلَىَ زَمَنٍ وَ لَكِنَّهُ لا يَقْبَلَ تَاءِ الْفَاعِلِ فَإِنَّهُ يَكُوْنُ اسْمٌ عَلَىَ فِعْلٍ، كَلِمَةُ آَهٍ إِنَّهَا اسْمٌ لِفِعْلٍ بِمَعْنَى أَتَوَجَّعُ، وَ كَلِمَةُ أُفٍ اسْمٌ عَلَىَ فِعْلٍ بِمَعْنَى أَتَضَجَّرُ، وَ آَمِيْنَ  هِيَ مِنْ هَذَا الْنَّوْعِ، لَيْسَتْ فِعْلاً فَهِيَ اسْمٌ مَدْلُوْلَهُ مَدْلُوْلِ الْفِعْلِ وَ مَعْنَاهُ اسْتَجِبْ، وَ آَمِيْنْ تَقُوُلُهَا مَّرَّةً وَ أَنْتَ الْقَارِئُ أَيْ: أَنَا دَعَوْتُ يَا رَبِّ فَاسْتَجِبْ دُعَائِي، وَ لِشِدَّةِ تَعَلُّقِكِ بِمَا دَعَوْتَ مِنْ الْهِدَايَةِ فَإِنَّكَ لا تَكْتَفِيْ بِقَوْلِ: اهْدِنَا، وَ لَكِنْ تَطْلُبُ مِنْ الله الاسْتِجَابَةِ، وَ تَقُوُلَهَا وَ أَنْتَ الْسَّامِعُ فَالَّذِي دَعَا هُوَ الإِمَامُ وَ أَنْتَ قُلْتَ آَمِيْنَ فَأَنْتَ شَرِيْكٌ فِيْ الْدُعَاءِ، فَعِنْدَمَا دَعَا مُوْسَىْ عليه السلام {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَ اشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ} يونس : ٨٨، وَ بَعْدَ أَنْ كَانَ الْقَبُوْلُ مِنْ الله سبحانه و تعالى {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}يونس : ٨٩، أَيْ أَنَّ الْخِطَابَ مِنْ الله سبحانه و تعالى مُوَّجِهٌ إِلَىَ مُوْسَىْ وَ هَارُوْنَ، فَالَّذِي دَعَا مُوْسَىْ عليه السلام، وَ هَارُوْنُ عليه السلام أَمَّنَّ عَلَىَ دَعْوَةِ مُوْسَىْ فَأَصْبَحَ مُشَارِكَاً فِيْ الْدُّعَاءِ، و نَجْدُ فِيْ الْقُرْآَنِ الْكَرِيْمِ حُرُوْفاً مُقَطَّعَةً مِثْلَ {آلم} البقرة : ١، وَ الْحُرُوْفُ الْمُقَطَّعَةِ تَعْنِيْ أَنَّ كُلِّ حَرْفٍ يُنْطَقُ بِمُفْرَدِهِ وَ بِاسْمِهِ، فَالَحُرُوْفُ لَهَا أَسْمَاءٌ وَ مُسَمَّيَاتٌ، وَ الْنَّاسُ حِيْنَ يَتَكَلَّمُوْنَ يَنْطِقُوْنَ بِمُسَمَّى الْحَرْفِ، فَعِنْدَمَا تَقُوْلُ كَتَبَ تَنْطِقُ بِمُسَمَّيَاتِ الْحُرُوْفِ، أَمَّا الْنُّطْقُ بِأَسْمَائِهَا أَنْ تَقُوْلَ كَافْ وَ تَاءْ وَ بَاءْ، وَ لا يُمْكِنْ أَنْ يَنْطِقُ بِأَسْمَاءِ الْحُرُوْفِ إِلاَّ مَنْ تَعَلَّمَ وَ دَرَسَ، فَرَسُوْلُ الله صلى الله عليه و سلم كَانَ (قَبْلَ الْوَحْي) لا يَقْرَأُ وَ لا يَكْتُبُ (و لَيْسَ هَذَا الْمَقْصُودُ بأمِيّاً ) وَ لِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ شَيْئاً عَنْ أَسْمَاءِ الْحُرُوْفِ، فَنْطْقِهِ بِأَسْمَاءِ الْحُرُوْفِ إِعْجَازَاً مِنْ الله سبحانه و تعالى بِأَنَّ هَذَا الْقُرْآَنُ مُوَحَىً إِلَىَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و سلم، وَ تَجِدُ الْكَلِمَةَ نَفْسَهُا فِيْ آَيَةٍ أُخْرَىَ تُنْطَقُ بمُسَميَاتِهَا، فـ (أَلَمْ) فِيْ أَوَّلِ سُوْرَةِ الْبَقَرَةِ نَطَقْتَهُا بِأَسْمَاءِ الْحُرُوْفِ أَلِفْ لامْ مِيْمْ، بَيْنَمَا تَنْطُقُها بِمُسَمَيَّاتِ الْحُرُوْفِ فِيْ {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} الشرح : ١، {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} الفيل : ١، فَلابُدَّ أَنَّ رَسُوْلُ الله صلى الله عليه و سلم سَمِعَهَا مِنْ الله كَمَا نَقَلَهَا جِبْرِيْلُ عليه السلام إِلَيْهِ، فَالْقُرْآَنُ أَصْلُهُ الْسَّمَاعُ فَلا يَجُوْزُ أَنْ يُقْرَأَ إِلاَّ بعْدَ أَنْ يُسْمَعَ، لِمَعْرِفَةِ أَنَّ هَذِهِ تُقْرَأُ (أَلِفْ لامْ مِيْمْ) وَ الْثَّانِيَةَ تُقْرَأَ (أَلَمْ)، مَعَ أَنَّ الْكِتَابَةَ وَاحَدةً فِيْ الْحَالْتَينِ، إِذَاً الْقُرْآَنُ الْكَرِيْمُ لَيْسَ كَأَيِّ كِتَابٍ يُقْرَأ.

    وَ الْقُرْآَنُ مَبْنِيٌ عَلَىَ الْوَصْلِ دَائِمَّاً وَ لَيْسَ عَلَىَ الْوَقْفِ، فَإِذَا قَرأَتَ فِيْ آَخِرِ سُوْرَةِ يُونُسَ مَثَلاً: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} يونس : ١٠٩، لا تَجِدُ الْنُّوْنَ عَلَيْهَا سُكُوْنْ بَلْ تَجِدُ عَلَيْهَا فَتْحَةً مَوْصُوْلَةٌ بِقَوْلِ الله  سبحانه و تعالى بِسْمِ الله الْرَّحْمَنِ الْرَّحِيْمِ، وَ لَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَوْصُوْلَةٍ لَكَانَ عَلَيْهَا سُكُوْنَاً، وَ كَذَلِكَ فِيْ آَخِرِ سُوْرَةِ الإِخْلاصِ {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}الإخلاص : ٤، إِذَنْ فَكُلُّ آَيَاتِ الْقُرْآَنِ الْكَرِيْمِ مَّبْنِيَّةٌ عَلَىَ الْوَصْلِ، مَا عَدَا فَوَاتِحُ الْسَّوْرْ المُكُونَةً مِنْ حُرُوْفٍ فَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَىَ الْوَقْفِ، تُقْرَأَ {آلْمْ} البقرة : ١ أَلِفَاً عَلَيْهَا سُكُوْناً وَ لامَاً عَلَيْهَا سُكُوْناً وَ مِيْمِاً عَلَيْهَا سُكُوْناً، فَكُلِّ حَرْفٍ مُنْفَرِدٍ بِوَقْفٍ، مَعَ أَنَّ الْوَقْفَ لا يُوْجَدُ فِيْ خِتَامِ الْسَّوْرِ وَ لا فِيْ الْقُرْآَنِ الْكَرِيْمِ كُلِّهِ.

    وَ مِنْ حَيْثُ الرَّسْمِ تَجِدُ أنّ (بِسْمِ) الله  الْرَّحْمَنِ الْرَّحِيْمِ كُتِبَتْ بِسْمِ بِدُوْنِ أَلْفٍ بَيْنَ الْبَاءِ وَ الْسَّيْنِ، وَ مَكْتُوْبَةٌ بِالأَلِفِ فِيْ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} العلق : ١، وَ كَلِمَةُ تَبَارَكَ مَرَّتَانِ تُكْتَبُ بِغَيْرِ الأَلِفِ {تَبَرَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} الملك : ١، {تَبَرَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ}الرحمن : ٧٨، وَ ٧ مَرَّاتٍ تُكْتَبُ بِالأَلِفِ:

    ● {...أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} الأعراف : ٥٤،

    ● {...ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} المؤمنون : ١٤،

    ● {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} الفرقان : ١،

    ● {تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُورًا} الفرقان : ١٠،

    ● {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا} الفرقان : ٦١،

    ● {وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}الزخرف : ٨٥،

    ● {...ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} غافر : ٦٤،

    وَ لَوْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ رَتَابَةً فِيْ كِتَابَةِ الْقُرْآَنِ لَجَاءَتْ كُلَهَا عَلَىَ نِظَامٍ وَاحِدٍ، وَ لَكِنَّهَا جَاءَتْ بِهَذِهِ الْطَّرِيْقَةِ لِتَكُوْنَ كِتَابَةُ الْقُرْآَنِ مُعْجِزَةً وَ أَلْفَاظُهُ مُعْجِزَةً أَيْضاً، و اَخْتَرْتُ لَكَ كَلِمَةً أُخْرَى لِلدِّرَاسَةِ.

    الصُّحْبَةُ

    فَفِي رَسْمِ المُصْحَفِ العُثْمَانِيِّ تُحْذَفُ الأَلْفُ فِي كَلِمَةِ صَاحِبٍ وَ تُكْتَبُ (صَحِبِ) بعلامة المد الخنجرية فِي حَالِ تَسَاوِى دِينِ الصَّاحِبَيْنِ وَ الأَصْحَابِ، وَ تُوضَعُ هَذِهِ الأَلِفَ فِي حَالِ اِخْتِلافِ دِينِ الأَصْحَابِ وَ الـ (صَاحِبِ) كما يتضح من الآيات الآتية:

    {... كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَبٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}لأنعام : ٧١،

    {وَنَادَى أَصْحَبُ الْجَنَّةِ أَصْحَبَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا...} الأعراف : ٤٤،

    {فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَبِ الْيَمِينِ}لواقعة : ٩١،

    {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ} الأعراف : ١٨٤.

    أَمَّا الصَّاحِبُ فَقَدْ يَكُونُ صَدِيقًا أَوْ عَدُوًّا، وَ لَكِنَّهُ فِي الحَالَتَيْنِ يَصْحَبُكَ فِي الزَّمَانِ وَ المَكَانِ:

    ● صُحْبَةٌ مُؤَقَّتَةُ بَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم وَ أَحَدِ أَصْحَابِهِ: وَ يَقُولُ عَنْ صَاحِبِهِ أبُوبَكْرٍ الصَّدِيقُ رضي الله عنه فِي الغَارِ {إِلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا...} التوبة : ٤٠.

    ● صُحْبَةٌ مُؤَقَّتَةٌ بَيْنَ نَبِيٍّ وَ نَبِيٍّ أو مُسْلِمٍ: كَمَا فِي صُحْبَةِ مُوسِْى عليه السلام وَ الخِضَرُ العَبْدُ الصَّالِحُ {قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا} الكهف : ٧٦.

    ● صُحْبَةٌ مُؤَقَّتَةٌ بَيْنَ نَبِيٍّ وَ أَصْحَابِهِ: فَاللّهُ سبحانه و تعالى يَقُولُ عَنْ مَنْ آمَنَ مِنْ قَوْمِ مُوسْى عليه السلام {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَبُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} الشعراء : ٦١، فَلَمَّا عَبَرَ بِهِمْ مُوسَى عليه السلام البَحْرَ عَبَدُوا العِجْلَ.

    ● صُحْبَةٌ مُؤَقَّتَةٌ بَيْنَ مُسْلِمِينِ: كَمَا فِي قِصَّةِ الرّجُلَيْنِ فِي سُورَةِ الكَهْفِ كَانَا مُسْلِمِينَ فَقَالَ صَاحِبُ الحَدِيقَةِ أَوْ الجَنَّةِ {وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَرًا} الكهف : ٣٤.

    ● صُحْبَةٌ مُؤَقَّتَةٌ بَيْنَ نَبِيٍّ وَ كَافِرٍ قَدْ يُسْلِمُ: مِثْلَ يُوسُفَ عليه السلام مَعَ صَاحِبَيْهِ فِي السِّجْنِ {يَا صَحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} يوسف : ٣٩.

    ● صُحْبَةٌ مُؤَقَّتَةٌ بَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و سلم وَ الكُفَّارُ: يَقُولُ سبحانه و تعالى عَنْ خَاتِمِ النَّبِيَيْنِ صلى الله عليه و سلم يُخَاطَبُ كُفَّارَ مَكَّةَ {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} النجم  : 2، أَيْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم صَاحِبًا لَهُمْ فِي الزَّمَانِ وَ المَكَانِ وَ لَكِنْ لَيْسَ فِي الاِعْتِقَادِ وَ الإِيمَانِ، لِهَذَا وُضِعْتْ الألْفَ.

    ● صُحْبَةٌ مُؤَقَّتَةٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَ كَافِرٍ: وَ بَعْدَ كُفْرِ صَاحِبِ الجَنَّةِ أَنْعَمَ رَبُّهْ قَالَ لَهُ صَاحِبَهُ المُسْلِمِ {قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً} الكهف  : 37 لِهَذَا وُضِعْتْ الألْفَ.

    ● صُحْبَةٌ مُؤَبَّدَةٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَ وَالِدَيْهِ المشركَيْن: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} لقمان  : 15.

    ● صُحْبَةٌ مُؤَبَّدَةٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ: وَ مِثْلَ الزَّوْجَةِ الدَّائِمَةِ وَ يَصِفُهَا القُرْآنُ بِأَنَّهَا صَاحِبَةً، لأَنَّهَا تَصْحَبُ الزَّوْجَ طِيلَةَ عُمْرِهِ، وَ قَدْ تَكَونُ صَدِيقَةً حَبِيبَةً مُسْلِمَةً وَ قَدْ تَكَونُ شَرًّا مُسْتَطِيرًا كَافِرَةً، وَ هِيَ فِي الحَالَتَيْنِ صَاحِبَةً لَهُ، وَ إِذَا كَانَ الزَّوْجُ فِي الدُّنْيَا يَحْمِي زَوْجَتَهُ صَاحِبَتَهُ فَإِنَّهُ يَهْرُبُ مِنْهَا وَ لا يُنْقِذُهَا يَوْمُ القِيَامَةِ {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (٣٤) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (٣٥) وَصَحِبَتِهِ وَبَنِيهِ} عبس : ٣٤ - ٣٦، بَلْ يَتَمَنَّى المُجْرِمُ أَنْ يَفْتَدِيَ نَفْسَهُ بِهِمْ }يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (١١) وَصَحِبَتِهِ وَأَخِيهِ} المعارج :١١ - ١٢، وَ مِنْ الطَّبِيعِيِّ أَنَّ تِلْكَ الزَّوْجَةُ الصَّاحِبَةُ عَاشَتْ مَعَ صَاحِبِهَا الزَّوْجَ إِلَى أَنْ مَاتَ عَنْهَا أَوْ مَاتَتْ عَنْهُ، أَيْ اِسْتَمَرَّتْ صُحْبَتُهُمَا فِي حَيَاتِهِمَا الدُّنْيَا فقط.

    ● صُحْبَةٌ مُؤَقَّتَةٌ بَيْنَ جَارٍ وَجَارِهِ: لَهُ حَقٌّ و إنْ اِخْتَلَفُوا فِي الدِّينِ {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا} النساء : ٣٦.

    معرض مشكاة التفاعلي

    مَدِينَةُ الْمَلِكِ عَبْداللَّه لِلطَّاقَةِ ( مِشْكَاةٌ )

    الْطَّاقَةُ

    في هذه الزيارة لمدينة الملك عبدالله للطاقة (مشكاة) أورد كلٌّ مِن عبدالعزيز /ابتهال /الهنوف / نجود /خليل .. ما لديهم مِن عِلم .. و كانت هي بداية هذا الكتاب .. كان سؤال خليل ..

    خليل: ما هي الطاقة و ما هي المادة و ما لفرق بينهما؟ .. و قد أجبته ..

    بابا: إنّ العالَمُ عالمَان، عالَمُ خلقٍ و عالَمُ أمرٍ .. و نحن الآن في عالَم الخلق .. و الذي نشأ من العدم .. و فيه نظرية الانفجار العظيم Big Bang Theory .. و كانت الأرض و السماوات سديم .. فناداها الخالق {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} فصلت : ١١.. و هذا يعطينا مفهوم أنّ للمادةِ إرادة {فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا}لكهف : ٧٧ .. {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ} الدخان : ٢٩ .. و لقد أخذ جائزة نوبل هيجز Higgs على هذا الأساس و الذي اكتشف Boson أسماهُ بوزون الخالِق .. فَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه و سلم: إِنِّي لأَعْرِفُ حَجَرًا بِمَكَّةَ كَانَ يُسَلِّمُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ أُبعث إِني لأَعْرِفَهُ الآنَ رَوَاهُ مُسلم ، و عَنِ ابْنِ عُمَرَ م، كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم يَخْطُبُ إِلَى جِذْعٍ، فَلَمَّا اتَّخَذَ المِنْبَرَ تَحَوَّلَ إِلَيْهِ فَحَنَّ الجِذْعُ فَأَتَاهُ فَمَسَحَ صورة ذات صلة

    يَدَهُ عَلَيْهِ" صحيح البخاري.

    و أخذتْ الفلسفة الطبيعية على عاتقها تصوير ذرات المادة على شكل كُراتٍ كلّ كُرةٍ عبارة عن نواة و تدور حولها إلكترونات في عدد من المدرات .. أقصاها سبع مدارات بشكل مشابِه للكون الكبير .. حيث النجوم و الكواكب ثم السماوات السبع .. و الذي يتمدد باستمرار و يتوسع {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} الذاريات : ٤٧ .. و هذه السماوات مكرّسة .. أيْ مضغوطة بشكل كبير .. وصفها الرسول صلى الله عليه و سلم في رحلة المعراج كحلقة في ترس  .. و كأنّه يعطينا مقطع للقبة السّماوية .. و هذا ما سمّاه القرآن الكريم (الكرسي) .. {.. وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَ الأَرْضَ ...}البقرة : ٢٥٥ .. و يتضح هذا من الحديث الشريف .. ما السماوات السبع والأرضون في الكرسي إلا كدراهم في ترس، وما الكرسي في العرش إلا كحلقة في فلاة.

    ابتهال: بابا .. تظل الفيزياء .. مادة صعبة و قد تتعارض مع بعض مفاهيمنا أحياناً.

    صورة ذات صلة

    بابا: نعم حبيبتي .. خُذِي مثال .. إذا استخدامنا البندول البسيط، و علّقنا عليه جسم كتلته ١ كيلو غرام (الوزن هو مقياس قوة جذب الأرض للجسم و وحدته النيوتن.. بينما الكتلة هي مقدار ما يحتويه الجسم من مادة و وحدته الكيلوغرام)، و تركناه ينطلق .. بحيث يبتعد الجسم عنّا ثم يعود لنا .. نطلق على هذا الزمن لهذه الدورة (ذهاب + إياب) بالزمن الدوري .. السؤال هو .. عند تغيير الكتلة إلى ١٠ كيلو غرام .. أيْ وزن أكبر .. فهل يزيد الزمن الدوري أم يقصر ؟ ..

    الهنوف: يزيد .. لأن الوزن أصبح أكبر .. فسيكون أسرع !!

    بابا: أها .. إذا سقط حجرين من فوق مبنى .. الأول ١ كيلو جرام و الثاني ١٠ كيلوغرام .. أيهما يصل إلى الأرض أولاً .. ؟

    C:\Users\ialha\AppData\Local\Microsoft\Windows\INetCache\Content.MSO\8676B213.tmp

    الهنوف: الـ  ١٠ كيلوجرام طبعاً .. لأنها أثقل !!

    بابا:  لا حبيبتي .. سيصلان إلى الأرض سوياً .. فلا علاقة بين الوزن (F=mg) الذي هو قوة جذب الأرض للجسم و سرعة سقوط  الجسم  v.. حيث إنّ تسارع الجاذبية الأرضية ثابت .. g=٩.٨m/s٢  .. فالطاقة الكامنة للجسم U=mgh تتحول إلى حركية K=½mv٢ ومنها mgh=½mv٢ أيْ أنّ (باختصار و حذف m من الطرفين ينتج) gh=½v٢ .. أيْ لا تتغير السرعة بتغيّر الكتلة .. و كذلك بالنسبة للبندول سنجد رياضياً أنّ الزمن الدوري T لحركة البندول البسيط   لا يتأثر بكتلة الجسم .. مِن خلال هذا المفهوم البسيط نستنتج أنّه لو وضعنا كرتين .. واحدة من النحاس و أخرى من بلاستيك في حلقة دائرية .. و أدرناها بسرعة .. من سيرتفع أكثر؟

    صورة ذات صلةصورة ذات صلة

    ابتهال: أها .. هذه نعمل عليها في المختبرات .. عندنا جهاز الطرد المركزي .. حيث نجد أنّ جميع العبوات الفارغة و المليئة ترتفع بنفس الزاوية.!

    بابا: رائع هذا ما يسمى قانون حفظ كمية الحركة الزاويّة .. و هو الذي يجعل جميع الكواكب تدور حول الشمس في مستوى أفقي واحد .. فتصبح المجموعة الشمسية كأنها حلقة (مجموعة دوائر حول الشمس) .. كما وصفها الرسول صلى الله عليه و سلم.

    عبدالعزيز: يعني نقدر نقول إنّ المادة إذا أعطيناها أمر و لها إرادة .. ستنفذه .. كما في برمجة الحاسب الآلي ؟

    نتيجة بحث الصور عن الجدول الدوري

    بابا: نعم بالطبع {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولا} الأحزاب : ٧٢ .. و الأمانة هنا مطلق الحرية ..  و قد أخذ الإنسانُ هذه الحرية ليبني .. فعندما صنّف مندليف الجدول الدوري للعناصر، كان عنصر السيليكون S و الجرمانيوم G لهما ميزة خاصة .. أنّه في المدار الأخير لكلٍ منهما خمسة إلكترونات .. فيتساويان تقريباً في السالبية الكهربائية .. و هي القدرة على كسب أو فقد إلكترون من الذرة .. فعند وصل قطعة S  مع قطعة G  يتكون عندنا الصمام الثنائي (الدايود  diode) .. و الذي تسبب في ثورة تقنية .. نتج عنها العالم التقني الكبير .. الزمن الذي نعيشه من جوالات و أجهزة و الكترونيات .. فقط هذه المعلومة نشأت منها دوائر كهربائية و ترانسيستور  و الذي يمكن أن نشبه عمله بالضغط على طرف أنبوب ماء .. فالماء يتدفق بسلاسة من الأنبوب، لكن عند الضغط على طرف الأنبوب تقل كمية الماء المتدفق و بالمقابل تزيد قوة اندفاع الماء من فوهة الأنبوب، و هذا ما يقابل شدة التيار و فرق الجهد في عمل الترانسيستور .. ثم صنعنا الدوائر المتكاملة IC.. ثم معالجات الحاسوب CPU.

    خليل: كل ما قلته بابا .. كان في عالَم المادة .. و نحن الآن في مشكاة و هي مختصّة بالطاقة .. فأين عالم الطاقة؟

    بابا: حسناً حبيبي .. فقط أُحِب أن أُضيف أنّ بعض العناصر مثل الحديد ذكره الله في عالم الأمر فقال  {... وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَ مَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَ رُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} الحديد : ٢٥ .. و الوزن الذري للحديد ٥٩  .. و الغريب أنّ الطاقة الأرضية لا تستطيع أنْ تكوّن عنصر بهذه القوة .. فقوة الربط النووية بين مكونات النواة (البروتونات و النيوترونات) أكبر ما تكون بين مكونات نواة ذرة الحديد Fe كما يظهر من الرسم البياني .. لهذا نتوقع أنّه خُلِق و تكون في مكانٍ ما .. ثم وُضع على مكونات الأرض.

    نتيجة بحث الصور عن ‪pn junction‬‏

    إنّ أبسط المكونات الرئيسية للمادة هي الهيدروجين .. بروتون واحد يدور حوله إلكترون واحد .. و بذرتين من الهيدروجين مع ذرة أكسجين نصنع إنجازاً .. إنّه الماء .. و الذي قام عالم ياباني بدراسته فوجده يتأثر بالكلام .. حيث إنّه و عند مدْحِه يعطي أشكال بلورات جميلة ..  و أمّا عند شتمه .. يعطي أشكال بلورات غير جميلة .. و ماء زمزم يعطي عند الأذان و النداء للصلاة أشكال أقرب ما تكون إلى الصفوف .. و أضف إلى هذا أنّ ذرات الكربون ١٢ إذا اجتمعت بشكل عشوائي أعطت الفحم الأسود .. و أمّا إذا اصطفت بشكل بلوري منسّق أعطت الألماس .. و ألحظ كذلك الفضة إذا تجمعت ذراتها بشكل عشوائي تعطى لون فضي معتم .. لماذا؟  .. أمّا إذا اجتمعت مرتّبه فإنها تصبح شفافة .. و لهذا ذكرها القرآن الكريم في سورة الإنسان بالقوارير {وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا}الإنسان : ١٥ - ١٧.

    صورة ذات صلة

    ابتهال: و أنا أحب أنْ أُضيف أنّ الكروموسومات وهي الصِبغة الإنسانية {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ} البقرة : ١٣٨ .. هي سلسلة من الذرات المختلفة .. أهمها الكربون و الفسفور و النيتروجين .. و هذا الشريط يحمل صفات الإنسان كاملة.

    نجود: أنا أرى أنّ الماء أطاع موسى عليه السلام عندما ضرَبَهُ بالعصا .. فانشق البحر .. و ألاَن الحديد في يدي داود عليه السلام .. و أسال النحاس (عين القطر) لسليمان عليه السلام .. كلها من ظواهر تفاعل المادة بالأمر.

    بابا: إذاً نستطيع أنْ نقول أنّ الله سبحانه و تعالى واجد الوجود من العدم .. أنشأ سديماً  منه تكونت السماوات و الأرض في ستة أيام .. و اليوم هنا هو الدورة الكاملة .. و بعد أنْ نشأت الأرضُ انفصل منها جزء .. و هو القمر الذي يمثّل ثلث حجم الأرض .. و لقد كان سطح الأرض كلَّه مغطّى بالماء، و أوّل ما ظهرت من اليابسة مكة (معلومة لا أجزم بها) .. فدحاها الله عزّ و جل متكونةً منها رُبع سطح الكرة يابسة .. ثم تكسّرت هذه القطعة و ظهر منها سبع قارات كما هي الآن .. ثم نشأ الغلاف الجوي .. كما تكونت الشمس السراج الوهّاج من خلال التفاعلات النووية بين دمج ذرتين من الهيدروجين إلى ذرة هيليوم.. و ينتج عن هذا الاندماج النووي طاقة .. ثم يصعد الهيليوم إلى سطح الشمس .. و هناك يحصل له انشطار نووي ينتج عنه هيدروجين و طاقة نووية أيضاً .. و الهيدروجين يعود لباطن الشمس مرة أخرى و تستمر الشمس بالتوهج {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَ النَّوَى ..} الأنعام : ٩٥، حيث الانشطار النووي و إنتاج الطاقة من هذه الدورة.

    نجود: إذاً هكذا نشأت الأرض و الشمس و القمر في المجموعة الشمسية .. فهل يوجد أرض غير أرضنا هذه.

    بابا: يقول الله سبحانه و تعالى {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَ مِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} الطلاق : ١٢ .. الأراضين السبع .. فلا نعلم هل هي طبقات الأرض أو كواكب أخرى .. حيث إنّ القبة السماوية التي نحن بداخلها هي أحد المخلوقات التي على العرش .. و هذا العرش الكريم العظيم محمول على ثمانية من الملائكة {وَ الْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} الحاقة : ١٧.. و حجم هذا العرش مقارنةً بالسماوات و الأرض كصحراء مقارنة بتِرس ملقى فيها .. كما وصفه الرسول صلى الله عليه و سلم .. و داخل القبة السماوية هذه (الكرسي) توجد ثقوب سوداء تكنس ما بين الأرض و السماء {الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} التكوير : ١٦ .. و توجد كميات كبيرة من النحاس في هذا الحجم الفاصل بيننا و بين السماء {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنْتَصِرَانِ} الرحمن : ٣٥ .. و قد اكتشفت ناسا أنّ المراكب المُرسلة إلى خارج الغلاف الجوي رجعت و عليها ذرات من النحاس .. و قد أعطانا الحق سبحانه و تعالى المقدرة على الخروج من أقطار السماوات و الأرض .. حيث إنّ القطر هو الخط الواصل بين سطح الكرة و مركزها.

    ابتهال: بابا تأخرنا على الدخول إلى المركز .. فالوقت يمر سريعاً.

    بابا: إذا كان وقت نشوء الأرض قد استغرق حوالي ١٤.٧ مليار سنة .. و أنت تريدين أنْ آخذ هذه القضية كلها في دقيقتين.

    خليل: هذه إجابة نصف السؤال الأول المادة .. و الآن ما هي الطاقة؟

    بابا:  لندخل المركز و ننظر و نبحث عن الطاقة.

    عند بوابه المركز ....

    خليل: هذه اللمبة .. المصباح الكهربائي كيف تصدر طاقة الضوء؟.

    نتيجة بحث الصور عن انتقال الإلكترون من مدار إلى مدار

    بابا: هذه اللمبة تُسمّى مصباح النيون .. النيون غاز خامل .. الغازات الخاملة هي العمود الثامن من الجدول الدوري .. و نتيجةً لوضع هذا الغاز بين فرق جهد ٢٢٠ فولت  .. تتسارع الإلكترونات من القطب السالب إلى القطب الموجب .. و في هذه الأثناء تصطدم الإلكترونات بذرات غاز النيون التي تتهيج بارتفاع الإلكترونات إلى مدار أعلى من المدار الأصلي .. و لكن لا يلبث أن تعود إلى مدارها فاقدةً الطاقة التي اكتسبتها على هيئه فوتون ضوء.. و هنا نضع بودرة ملونة تلوّن اللمبة حسب الطلب.

    نتيجة بحث الصور عن ‪neon lamp work‬‏

    عبدالعزيز: نعم أنا أعرف أنّ أصل الطاقة هو الاحتراق أو الاشتعال الذي يأتي من البترول!

    بابا: أفلحت .. الاشتعال هو أهم مصدر للطاقة اليوم .. و بالاحتراق تنطلق المحركات و السيارات و غيرها .. و تتحول هذه الطاقة إلى طاقة كهربائية في محطات توليد الكهرباء .. لكن تعال .. هل حاولت أنْ تغرِف النار مِن حطب يشتغل ؟

    عبدالعزيز: لا يمكن هذا، فالنار لطيفة .. و لا يمكن الإمساك بها !!

    نتيجة بحث الصور عن الأشعة السينية

    بابا: هنا الاشتعال حوّل الطاقة إلى طاقة حرارية، نستخدمها في التسخين، في الطبخ و جزء تحول إلى طاقة ضوئية.. فالنار تضئ المكان الذي تشتعل فيه .. و اللون الصادر من المادة المشتعلة يختلف باختلاف المادة .. حيث إنّ أقل الترددات المرئية هو الأحمر .. فنقول أشعة تحت الحمراء .. و أعلاها البنفسجي .. فنقول للتردد العالي فوق البنفسجي .. و عيوننا فقط تفرز التردد بين الأحمر و البنفسجي .. فعن أبي هُريرةَ رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه و سلم قالَ: أُوقِدَ على النَّارِ ألْفَ سَنَةٍ حتَّى احْمَرَّتْ، ثُمَّ أُوقِدَ عَلَيها ألْفَ سَنَةٍ حتَّى ابيَضَّتْ، ثُمَّ أُوقِدَ علَيها ألْفَ سَنَةٍ حتَّى اسْوَدَّتْ، فهيَ سَوداءُ مُظْلِمَةٌ .. حيث الاحمرار هو أقل الترددات ثم البياض و هو اجتماع جميع الترددات و ألوان الطيف السبعة إلى البنفسجي .. ثم السواد حيث الترددات العالية التي لا ترى بالعين المجردة .. فهناك ترددات أعلى من البنفسجية لكن لا نراه بأعيننا مثل الأشعة السينية التي تخترق جسم الإنسان .. و نستخدمها في الطب .. و هي ناتجة من تصادم الإلكترونات المُسرّعَة بذرة النحاس تحت فرق الجهد يتراوح بين ١٠ إلى ٣٠ كيلو فولت.

    نتيجة بحث الصور عن طيف الضوء

    أمّا الأشعة ذات الترددات العالية جداً فهي أشعة جاما γ، التي تصدر من داخل أنوية الذرات .. و تكون لها طاقة عالية تقتل الحياة في الكائن الحيّ ..  و هذا مشاهد في معامل تعقيم الإبر الطبية .. ففي مصنع الإبر الطبية في الدمام كان لي و أنا طالب زيارة إلى المصنع .. و هناك قمنا بحساب الزمن الذي يمكن لِقِطّةٍ (بس) أنْ تعيشه أمام أشعة جاما، فوجدناه أقل من ٠.١ ثانية .. هنا يموت الحيوان دون أن تتأثر أجزاء جسده بشيء، و لهذا يوجد حدّ معين للجرعة الإشعاعية للعاملين في مجال الأشعة و المفاعلات النووية، يجب عليهم ألاّ يتجاوزونها.

    ابتهال: يعني هذه الأشعة تتعامل مع النفس البشرية (الحقل)؟

    بابا: نعم.

    عبدالعزيز: و الليزر أليس شعاع و طاقة كذلك؟

    بابا: نعم هو شعاع ينتج من هبوط الإلكترونات من مدار إلى مدار .. لكن يكون هذا الهبوط في وقت واحد Coherent.. فينتج شعاع قوي متعاضد و متضامن و متزامن .. و يتميز شعاع الليزر بأنّه لا يتشتت مثل شعاع المصباح .. و لتضامنه قد يحرِق و يخرِق .. و ورد ذكره في عالم الأمر كما سنرى باسم الطيف Spectrum في قوله تعالى {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ} القلم : ١٩، أيْ شعاعٌ حرق المزرعةَ دون أنْ يشعر أهل المدينة بالحريق أو يشاهدوه .. كما يحرق شعاع الليزر الآن أساس الشّعَرْ عند الإنسان و بلمحة .. دون أن يشعر بقوة الشعاع.

    العمد الممددة

    ابتهال: هل ذُكِرت أشعة أخرى غير الليزر في عالم الأمر.؟

    بابا: نعم، في قوله تعالى {يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (٣) كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (٤) وَ مَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (٥) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (٦) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ (٧) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ } الهمزة : ٣ - ٩.. نفهم من هذه الآيات التي تصف النار بأنّها

    صورة ذات صلة

    مكان مغلق مؤصد .. كما هو الحال في المفاعل النووي الذي يجب أنْ يكون مغلق و مؤصد .. و يعمل المفاعل بإدخال أعمدة مِن مادة اليورانيوم المخصّب .. و في هذا التفاعل يحصل انشطار للأنوية {إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} الأنعام: ٩٥ .. و انشطار النوى ينتج عنه أشعة جاما التي تطّلع على الأفئدة .. و هي حقل النفس (كما سيأتي شرحه) .. فيكون هذا النوع من العذاب شديد جداً جداً على النفس.

    و قد وجدنا في هذا العصر إن أقوى درجة حرارة نصل لها تكون في داخل المفاعلات النووية .. و المفاعل النووي يعمل من خلال قضبان على شكل أعمدة طويلة .. تصل إلى داخل المفاعل و يتم إدخالها بالتدريج داخل المفاعل ليتم الاحتراق و إنتاج الطاقة .. لهذا يجب أن يكون قلب المفاعل مغلق و بشكل قويّ .. و لم أجد وصف لهذه الحالة إلا قوله تعالى }إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9){ الهمزة : 8 - 9 .. و فيه وصف الحطمة و المفاعل النووي المغلق و قضبان الاشتعال

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1