استشهاد الرسول بولس

By Massimo Serretti

This essay narrates the martyrdom of the apostle Paul and is unfolded in the interlacement of two threads: the one is historical-narrative and the other is theological-meditative. The narration approaches the argument with the imagination and the affection to the simple but involving concreteness, to the places, to the people, to the stories that Paul met in his journey. This also makes his biography and what the Lord has wanted to operate through the apostle colorful and tasteful. The theological meditation that he gives us in his epistolary and that we draw from the writings of Luca gives sense and order to every concrete detail.
To do this the Author refers to a base of recent specialized studies and resources, but the result is linear and accessible to everybody.

• Language: العربية
• Publisher: Massimo Serretti
• Release date: Dec 13, 2017
• ISBN: 9788827533345

Book preview

بولس

١ -  اسطفانوس وشاول

"دم الشهداء، بذور مسيحيين"

(ترتوليانوس، المدافعة 50، 13)

بينما نستعد لنخطّ في الذاكرة وفي الروح آخِر خطوات حياة وشهادة بولس في روما، نريد أن نعود إلى أولى خطواته في أورشليم وبصورة خاصّة إلى الحدث الذي يراه شاهدًا من الصفّ الأوّل للشهادة ليسوع المسيح التي قدّمها الشماس اسطفانوس، أولُ شهيد في الكنيسة.

إن هذا الحدث الذي ينقله الينا لوقا في الفصل السابع من أعمال الرسل، يربط استشهاد اسطفانوس رجمًا بالحجارة في اورشليم على يد اليهود باستشهاد بولس في روما قطعًا للرأس على يد الرومان. وإذا رأينا في مشهد اورشليم الذي يفتتح سلسلة اضطهادات كبيرة ضد المسيحيّين المضطَّهِد والمضطَهَد معًا، فلا بدّ أن نرى أيضًا الاستشهاد في اورشليم مرتبطًا بالاستشهاد الذي وقع في روما.

وكان شاول – يكتب لوقا – موافقًا على قتل اسطفانوس (أع 8: 1).

إن شاول نفسه أخبر في الخطاب الذي ألقاه في هيكل أورشليم والذي كان يخبر فيه عن حماسته في اضطهاد المسيحيين، قائلاً كما لو انه يتكلم امام الربّ نفسه: كنتُ في كل مجمع أسجن المؤمنين بك، وأضربهم بالعصي، وإني كنتُ حاضرًا حين سُفك دم شهيدك اسطفانوس، وكنتُ موافقًا على قتله، وكنت محافظًا على ثياب قاتليه (أع ٢٢: ١٩-٢٠). لم يكن شاول بالمنفذ الفعليّ لرجم اسطفانوس، ولكنّه كان يصدّق عليه¹، وقد صوّت لصالح إعدام اولئك الذين يشهدون للمسيح (اع ٢٦: ١٠).

وكان ذلك حتى السخط (أع ٢٦: ١١)،  على حدّ قوله. وفي ذلك الإعدام السريع التنفيذ نتيجة روح عدائية ضد العلامات التي كان يقوم بها اسطفانوس وضد البهاء المجيد الذي كان يشع من شهادته والتي كانت تقنع الكثيرين بحسب رأي رؤساء الشعب، كان دوره كفتى الحفاظَ على ثياب شهود الزور الذين، وبحسب الشريعة، كان عليهم البدء برمي الحجارة الأولى خلال عمليّة الرجم.

لم يُشكّل رجم اسطفانوس دافعَ ندم لشاول، بل على العكس انفجر غضبه بحدّة أعظم (أع ٨: ٣). ورغم ذلك يبقى قول ترتوليانوس صحيحًا للغاية: دم الشهداء هو بذور مسيحيين، وفي هذه الحالة بالذّات، كان أول استشهاد كذلك بالفعل. فإن كان قد ظهر في بادئ الأمر أن شاول قد تغلّب على اسطفانوس، فإن هذا الأخير، الذي اسمه يعني إكليل، هو نفسه الذي حمل إلى شاول إكليل النصر؛ أمّا شاول فعاد وَلَحِقَ به حتى شابَهَه في طريقة بلوغه إكليل الشهادة.

إنه لسر عجيب وجليٌّ الرؤية في آن، يربط شهيدين للمسيح من الحقبة الرسوليّة