Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

النساء والجريمة: مُذنبات أم ضحايا؟
النساء والجريمة: مُذنبات أم ضحايا؟
النساء والجريمة: مُذنبات أم ضحايا؟
Ebook373 pages2 hours

النساء والجريمة: مُذنبات أم ضحايا؟

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

هل تساءلت يومًا لماذا يغيب حضور النساء في سرديات الجريمة؟ كيف تختلف دوافع الجريمة والأنماط السلوكية لديهن عن الرجال؟ وكيف تؤثر عليهن البنى الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تُكرس التمييز والتهميش؟
في هذا الكتاب ستجد الإجابات الشافية والصادمة، وستكتشف الأوجه الخفية لهذه الظاهرة، وتضعها تحت منظار ناقد وواعٍ لحياة وأفعال هؤلاء النسوة المعقدات.
لكن رحلتك لن تقف عند سرد الوقائع، بل ستغوص بعمق في أصل المشكلة. ستفهم كيف تتقاطع عوامل الجنس والطبقة والعرق لخلق مسارات تؤدي بالنساء إلى هاوية الجريمة. سترى دور التنشئة الاجتماعية المفرزة للأدوار، التمييز المؤسساتي الصامت، والحواجز الاقتصادية الخانقة التي تدفع بعض النسوة إلى خيارات يائسة.
فإذا كنت مُستعد لمواجهة الحقيقة المظلمة، والانطلاق في رحلة تفتح عينيك على عالم النساء والجريمة الخفي والمعقد؟ فلتفتح صفحات هذا الكتاب وتسير مع "كارول سمارت" على حواف الظل، حيث تلتقي الشجاعة بالحق والحقيقة بالعدالة للنظر إلى عالم الجريمة بعيون نقدية وواعية، وللتفكير مليًا في مجتمعات تخلق مُجرمات، ثم تعاقبهن وتنبذهن دون محاولة فهم الظروف التي دفعتهن إلى هاوية الظلام..
قراءة هذا الكتاب ستجعلك:
▪ترى عالم الجريمة بعيون جديدة.
▪تفهم الظروف الاجتماعية التي تدفع بعض النساء إلى الجريمة.
▪تقرأ قصص حقيقية ومثيرة عن نساء الجريمة من خلفيات مختلفة.
▪تتساءل عن دورنا في خلق مجتمعات أكثر عدالة وأمانًا للجميع.
▪تساهم في الحوار الهام حول إصلاح نظام العدالة الجنائية.
▪تشعر بالقوة والإلهام من قصص نساء تغلبن على الصعاب.
Languageالعربية
Release dateFeb 7, 2024
ISBN9789777816441
النساء والجريمة: مُذنبات أم ضحايا؟

Related to النساء والجريمة

Related ebooks

Reviews for النساء والجريمة

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    النساء والجريمة - كارول سمارت

    الفصل الأول

    طبيعة الإجرام الأنثوي

    (1)

    إن معرفتنا بطبيعة الإجرام الأنثوي لاتزال في مراحلها الأولى، فبالمقارنة بالتسجيل الشامل لكل جوانب الجنوح والإجرام الذكوري، فإن كمية العمل الذي تم في مجال النساء والجريمة يُعد محدودًا للغاية. إن قصور هذا الجانب من الدراسة يبدو أنه من توابع الاعتقاد في عدم أهمية الإجرام الأنثوي. هذا الاعتقاد في عدم أهمية أفعال النساء وافتراض أن النساء غير هامات، ولا يَملن للعنف، ليس مميزًا لمجال علم الإجرام أو دراسة الانحراف، بل على العكس يُمثل خاصية لكل جوانب علم الاجتماع والفكر الأكاديمي.

    إن حجب النساء يميز علم الاجتماع ويمتد من تقسيم جوانب الموضوع وتعريف النظريات إلى عناوين وطرق البحث الفعلي وإلى إقامة الأنساق والنظريات بصورة عامة.

    علم الإجرام ليس بالتالي متميزًا في تحيزه الذكوري ولكنه كعلم مرتبط بالسياسة الاجتماعية، قد ينظر إليه على أن له دلالات خاصة بالنساء تمتد لما وراء الحدود الضيقة للدراسات الأكاديمية إلى التعامل الفعلي مع النساء في المحاكم والمؤسسات العقابية.

    عدم وجود اهتمام بالإناث المذنبات على المستوى الأكاديمي ينعكس في عدم الاهتمام المناظر لوزارة الداخلية وصناع القرار بها. فباستثناء إعادة بناء سجن هولوواي، لم تقع سوى تغيرات قليلة في التسهيلات المتاحة للمذنبات من النساء نزيلات المؤسسات العقابية. العدد القليل من المقار العقابية للنساء يعني أن المذنبات المدانات عليهن الرحيل لمسافات بعيدة عن مجتمعاتهن المحلية بما لذلك من آثار ضارة على العلاقات الأسرية لهن. كذلك فإنه نتيجة لنقص التسهيلات توضع للفتيات الصغار اللاتي تمت إدانتهن بالعنف، وفقًا لتلك السياسة المؤسفة، في سجن مثل هولوواي الذي لايزال يحتفظ بخصائصه كحصن ومكان لعاتيات المجرمات.

    قد لا يكون الجدل دقيقًا بأن العلوم الاجتماعية المرتبطة بالسياسات وصناع القرار تهمل جانب السلوك الإجرامي الخاص بالنساء لأن المذنبات مجرد نساء. لا تنقصنا على سبيل المثال المعلومات في هذا الجانب مثل تلك الخاصة بالحرمان من الأمومة أو الجنون أو الانهيار العقلي بين النساء. يبدو بالتالي أن النساء يستحققن البحث والدراسة في أحوال معينة وهي التي تكون فيها النساء يُشَكلن مشكلة اجتماعية. من المرجح بالتالي أن يكون الإهمال الشامل للإجرام الأنثوي يرتبط مباشرةً بالوضع المتدني للمذنبات من النساء كمشكلة اجتماعية حادة. في الماضي لم يشكل الإجرام الأنثوي تهديدًا جوهريًا للنظام الاجتماعي، لكن في الوقت الحالي ومع زيادة معدل الجرائم التي ترتكبها النساء، يتباطأ علماء الإجرام وصناع القرار في إعادة تقييم فكرة أن المذنبات من النساء لا يمثلن أكثر من مجرد متاعب جزئية في وجه الانسياب المريح للقانون والنظام.

    (2)

    تقليديًا، كان الجدل يقوم على أن محدودية البحث أو الاهتمام في مجال الإجرام الأنثوي يعود إلى أنه، إحصائيًا، عدد الإناث المذنبات يُعد شديد الضآلة وغير مؤثر. بالتأكيد الإحصائيات الرسمية تظهر دائمًا أن الإناث المذنبات لسن فقط أقل عددًا من الذكور المذنبين، وإنما أيضًا أن المذنبات في كل الحالات يمثلن أقلية صغيرة. تبع ذلك الإصرار على عدم وجود مادة كافية للموضوع تبرر إجراء البحوث عنه. ولكن المعلومات الإحصائية وحدها ليست كافية لشرح لماذا لا تعامل المذنبات كمشكلة اجتماعية. من الضروري النظر أيضًا إلى طرز الجرائم التي ترتكبها النساء والتي تبدو في عمومها مخالفات تافهة تشمل القليل جدًا من القيمة المالية أو الانتهاكات، أو ما تسمى بالجرائم الجنسية كالدعارة.

    باستثناء الدعارة يبدو أن مُعظم المذنبات من النساء اللاتي يظهرن في المحاكم هن مذنبات للمرة الأولى، وغالبًا ما يمتنعن عن ارتكاب جرائم أخرى بدرجة أكبر من الذكور. المذنبات من النساء والفتيات على عكس المذنبين الذكور، يشكلن حاليًا أقل من مجرد مضايقة للشرطة والمحاكم والنظام القضائي، وبالتالي كان الاهتمام الرسمي ضئيلًا والتأييد الرسمي للدراسات عن الإجرام الأنثوي محدودًا، ونتيجة الافتقار للاهتمام الرسمي فإن علم الإجرام الخاص بالتحكم في الجريمة والذي كان مضطلعًا بخدمة احتياجات صناع القرار قد أهمل تقريبًا وجود المذنبات من النساء.

    طبيعة علم الإجرام كتخصص، واهتماماته الضيقة بالأمور التي تُحدد رسميًا على أنها مشكلات اجتماعية ومحاولته إيجاد المسببات والحلول لتلك المشكلات هو المسئول عن الوضع المؤسف للمعرفة الحالية والعمل الموجه للإجرام الأنثوي، إضافة إلى أن الدراسات الموجودة فعلًا، باستثناءات قليلة للغاية، فشلت في التقدم لما وراء الأعمال غير الدقيقة والمرتبطة بالأيديولوچيات والتي جرت خلال الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي. وكما قرر وارد في تقريره إلى اللجنة القومية للجريمة والعنف بالولايات المتحدة إن معرفتنا بطبيعة ومسببات الإجرام الأنثوي لاتزال في نفس المرحلة من التطور التي كانت تميز معرفتنا بالإجرام الذكوري منذ ثلاثين عامًا أو أكثر.

    (3)

    من التوابع الهامة لهذا الافتقار للتطور، ذلك الإهمال التام لأي تحليل دقيق لإدراك الحس العام للدراسات الكلاسيكية (لومبروزو وفيريرو 1895) والدراسات المعاصرة (كونو بكا 1969، كووي وآخرون 1968) عن الإجرام الأنثوي. وبالتالي فإن العديد من الفروض المرتبطة بالثقافة والخاصة بالطبيعة الحقيقية للنساء والتي هي ماثلة في تفهم الحس المشترك أصبحت تشكل أساسًا لمحاولات علماء الإجرام لأن يتفهموا علميا طبيعة الجريمة الأنثوية. ليس من المدهش بالتالي أن الكثير من الأساطير، بدءًا من الاعتقاد الديني في شر وضعف المرأة أخلاقيًا، إلى الاعتقاد الأبوي في رقة المرأة ولطفها لاتزال فاعلة فيما يخص الإجرام الأنثوي.

    عدم الاهتمام بالإجرام الأنثوي الذي تجلى في علم الإجرام الأصولي، كان له أثره في جعل الأمر أقل أهمية في المدارس الفكرية المعاصرة داخل التخصص، حيث يبدو أنه لم تكن هناك حاجة لمعارضة التقليد المحافظ بمفهوم أكثر تحررًا، أو أن يحل محل التقليد المتحرر تحليلًا دقيقا وجذريًا، حيث أن الإجرام الأنثوي لم يكن ذا أهمية في علم الإجرام القديم. نتيجة لكل تلك الاعتبارات، أصبحت الدراسات غير الكافية والمتأثرة بالأيديولوچيات هي المصدر الأساسي للمرجعية في هذا المجال وبدون وجود كمٍّ مؤثر من النقد لكي يوضح محدوديتها. وعلى النقيض، فإنه في حالة دراسة الإجرام الذكوري، يمكن ملاحظة تقدمًا معينا من المدرسة الكلاسيكية للعالم بيكاريا إلى انبثاق الإيجابية التي تعتنق فكرة التحديد البيولوچي أو السيكولوچي، ثم إلى نظريات الثقافة والتفاعل، وأخيرًا الأعمال التي تشوبها الآثار الماركسية. بالنسبة لدراسة الإجرام الأنثوي توقف هذا التطور قبل أن يصل للمرحلة الإيجابية مما ترتب عليه أن فهمنا الحالي للانحراف الأنثوي يعتمد بشكل أساسي على الدوافع البيولوچية أو السيكولوچية وعلى البواعث التي تُعد خاصة بتركيب الأنثى أو عقلها. الاستثناء من هذا التوقف للتطور في علم الإجرام دراسة التفاعلية للدعارة والانحراف الجنسي المفترض للداعرات والمناسبة تمامًا لنظرية الانحراف التي ظهرت في الستينيات من القرن الماضي، والتي كانت مهتمة بشكل خاص بالجرائم التي ليس لها ضحايا. ولكن ظل الغالب الأعم من نظريات الإجرام الأنثوي في أيدي الإيجابيين، ونتج عن ذلك نظريات خاصة بالإجرام الأنثوي أكثر من تلك الخاصة بالإجرام الذكوري مما يدعم ويبرر الطرق السائدة للمعاملة والأيديولوچية الخاصة بالضبط الاجتماعي المتعلقة بالمشرفين على السياسات التشريعية والعقابية. هذه العلاقة بين الإيجابية والضبط الاجتماعي مسجلة تسجيلًا جيدًا بالرغم من أن تأثيراتها فيما يتصل بالمذنبات من النساء قد تم تجاوزها. على سبيل المثال، قرر تايلور وآخرون:

    بالنسبة للسياسي والمخطط، توفر الإيجابية نموذجًا للطبيعة الإنسانية، هي في جانبها الشعوري تترك العالم على ما هو عليه من دون تساؤلات، وفي الجانب المحدد للفعل الإنساني تقدم إمكانية للتخطيط الراشد وللضبط.

    (4)

    في الوضع الذي يتم فيه حتى في الأفكار الكلاسيكية للتحديد الذاتي إنكار ذلك بالنسبة للنساء (قدراتهن العقلية والأخلاقية تم تشبيهها بتلك الخاصة بالأطفال والمجانين). فإن تقدم الإيجابية في تأصيل الإدراك الخاص بالحس المشترك عن النساء بصفة عامة والمذنبات بصفة خاصة – وهو أنهن ضحايا لتكوينهن البيولوچي والسيكولوچي.

    من المؤكد أن العديد من الأمور الغامضة يشيع في الدراسات عن المذنبات من النساء، ولكن قبل أن يمكن التخلص منها من الضروري مناقشة طبيعة الإجرام الأنثوي كما تظهر للمنظرين الذين حاولوا تقديم مسببات وتفسيرات. فلكي يمكن فهم أساس العديد من النظريات الخاصة بالإجرام الأنثوي، من الضروري معرفة ما هي الجرائم التي ترتكبها النساء وإلى أي مدى ينغمسن في اتخاذ مهنة إجرامية. وكما أن الافتراضات والآراء الموجودة في دراسات الإجرام الأنثوي هي معتمدة بصفة عامة على، أو مشتقة من، طراز من الأدلة الإحصائية التي هي عادة مستخلصة من الإحصائيات الرسمية للجريمة، فإن الصورة الإحصائية للجريمة الأنثوية تكتسب أهمية إضافية في أي تحليل للنظريات والتطبيقات الخاصة بالإجرام الأنثوي.

    الأسس الإحصائية لإدراك الحس المشترك للإجرام الأنثوي:

    تلاحظ أن أكثر الخصائص المسجلة للإجرام الأنثوي والمشتقة من المعلومات الإحصائية المتاحة هي تدني أعداد النساء المرتكبات لما يمكن أن يحدد قانونيًا بأنه جريمة. ورغم ذلك، فأن النسبة من النساء المنغمسات في الجريمة تتباين بشدة وفقًا لطبيعة الجريمة. على سبيل المثال، في حالة السرقة خلسة من المحال التجارية فإن الإحصائيات الرسمية تظهر أنه فيما عدا عام 1979، كانت أعداد الإناث المرتكبات للسرقة خلسة من المتاجر تفوق أعداد الذكور بينما في جرائم سرقة السيارات كانت المرتكبات من النساء لا يمثلن سوى نسبة صغيرة من أعداد الذكور (مثلًا، في عام 1973 كانت النساء المدانات بهذه الجريمة 737 بالمقارنة مع 31222 رجلًا أدينوا بهذه الجريمة). عمومًا، نادرًا ما يتجاوز عدد النساء المذنبات أعداد الذكور، ولكن بعض الجرائم التي تشتمل عليها الإحصائيات الرسمية تستبعد بالفعل أعضاء أحد الجنسين وفقًا للتعريف القانوني، مما يجعل جرائم معينة تصنف على أنها أنثوية أو ذكورية، حصريًا. سوف أشير إلى هذا الطراز من الجرائم بالتعبير خاصة بالجنس وسوف أميز بينها وبين غيرها من الجرائم التي قد يرتكبها أي من الجنسين، ولكنها في الواقع تكون أكثر شيوعًا لأحد الجنسين عن الآخر. هذه المجموعة من الجرائم سأشير إليها على أنها على علاقة بالجنس".

    (5)

    الجرائم الخاصة بالجنس:

    يوجد في النظام القانوني الإنجليزي القليل جدًا من الجرائم الخاصة بالجنس، حيث أن القانون كمبدأ ينطبق بالتساوي على الجميع دون اعتبار للجنس أو السلالة أو الطبقة أو غيرها من التمييزات. أحد هذه الاستثناءات هي جريمة قتل الأطفال حديثي الولادة حيث أنها جريمة لا يستطيع القيام بها سوى النساء. في الواقع، قتل الأطفال حديثي الولادة هو تمييز قانوني للاكتئاب اللاحق للولادة في النساء، وهي جريمة لا تقع إلا عندما يختل الاتزان العقلي للمرأة نتيجة عدم تخلصها تمامًا من آثار ولادة الطفل

    يشكل قتل الأطفال نسبة ضئيلة جدًا، ولكن المثال الأكثر أهمية للجرائم الخاصة بالجنس هي الدعارة. يقرر القانون الإنجليزي أن كلا من الرجال والنساء قد يمارسون الدعارة، ومنذ صدور قانون الجرائم الجنسية لعام 1967، أصبحت جريمة للرجل أو المرأة العيش على الكسب من ممارسة الدعارة. وعلى الرغم من تمييز الذكور (الذين يمارسون الدعارة) فإن الجزء الخاص بالجرائم المتعلقة بالدعارة في الإحصائيات الرسمية يتعلق بالنساء فقط ولا تتهم الرجال بها ولكنها تشير فقط إلى الإغواء وتسهيل الدعارة. القراءة السطحية للإحصائيات بالتالي تعطي الانطباع بأن الإناث فقط يمارسن الدعارة وليس هذا تابع عرضي لموقف رجال الإدارة الذين يشعرون بأن هناك مبررًا لجعل الإغواء جريمة للمرأة بينما إغواء الرجال للنساء يظل أمرًا غير مُجرّم. وعلى النقيض من قتل الأطفال حديثي الولادة لا يوجد عامل بيولوچي معقد يمكن القول بأنه يبرر استبعاد أحد الجنسين من القسم الذي يسمى قانونيًا بالدعارة، فعلى العكس، عدم إدخال الجرائم التي يرتكبها الذكور والتي لها الطبيعة الخاصة بالدعارة يمثل قرارًا قانونيًا واجتماعيًا. عندما تظهر دعارة الذكور في الإحصائيات فإنها تكون مندرجة تحت جرائم المثلية الجنسية غير الداعرة مثل الإلحاح بواسطة الذكور أو الفجور بين الذكور، وبالتالي يصبح من المستحيل إحصائيا حصر الذكور الذين يمارسون المثلية الجنسية بين الذكور.

    الموقف بالنسبة للدعارة في الولايات المتحدة يكاد يكون مطابقًا حيث أن التعريف القانوني للدعارة والذي يختلف من ولاية لأخرى يصف الدعارة بأنها ممارسة الأنثى لتقديم جسدها للمواقعة الجنسية غير المميزة مقابل أجر. يستبعد ذلك الذكور من إمكانية اتهامهم بممارسة الدعارة. استبعاد أحد الجنسين من العقوبة القانونية أو تطبيق قواعد قانونية مختلفة وفقًا للجنس بينما الفعل المؤثم هو نفسه، يعني التمييز الجنسي والذي يمكن مقارنته بالقوانين العنصرية التي تجعل من غير القانوني لسلالات معينة (كالسود والملونين) أن يمارسوا أفعالًا معينة تعد قانونية تمامًا لغيرهم من السلالات (كالبيض مثلًا)، ورغم وضوح عدم عدالة ذلك فلم يتقرر إلى الآن عدم عدالة التمييز وفقًا للجنس.

    قضية الجرائم الخاصة بالجنس (سواء كانت ذكورية أو أنثوية حصريًا) تثير السؤال فيما إذا كان يجب على علماء الجريمة أن يرضوا بالعمل وفقًا للإطار القانوني الذي ينتج الإحصائيات الرسمية عن الجريمة. معظم الدراسات عن الدعارة تبنت الصورة الإحصائية للدعارة على أنها جريمة أنثوية حصريًا. كذلك تميل تلك الدراسات إلى قبول الدعارة أو على الأقل الإغواء كجريمة، ولكنها في نفس الوقت تقبل عدم توجيه الاتهام لزبائن الداعرات. وفقًا لذلك تتضح ازدواجية المعايير بالنسبة للسلوك المقبول للرجال والنساء. وكما قرر جارفنكيل وآخرون عام 1971 القوانين هي تقنين رسمي للمواقف تجاه النساء التي تتغلغل في ثقافتنا، وبالتالي فالعمل من دون تمييز داخل الإطار القانوني يعني قبول إدراك الحس المشترك القديم والحالي لطبيعة المرأة (والرجل) وهو ما يصوغ القوانين.

    عدم التعامل مع القانون على أنه موضوع قابل للتحليل يعني أن يظل علماء الإجرام غير مدركين أن وضع المرأة تجاه القانون قد يكون مختلفًا جوهريًا عن ذلك الخاص بأي مجموعة أخرى في المجتمع.

    لم يتم الاعتراف بأن القوانين الجنائية، كالقوانين المدنية، صنعها الإنسان من أجل صالح الإنسان ومتوافقة مع الموقف الأبوي تجاه النساء. وبالتالي فرغم أنه أحيانا في التطبيق وحتى في التنظير تكون النساء في وضع غير منصف، فإن علماء الإجرام الذين قبلوا العمل وفقًا لثوابت التعريف القانوني للجريمة ظلوا غير واعين وبالتالي غير مهتمين بأساليب المعاملة التمييزية القائمة.

    (6)

    الجرائم المتعلقة بالجنس:

    وهي تلك الجرائم التي قد يرتكبها أي من الجنسين ولكنها في الجانب الفعلي تظهر وكأن أحد الجنسين يرتكبها أكثر من الجنس الآخر. ونتيجة لقلة عدد المذنبات بصفة عامة فليس من المستغرب أن تكون معظم الجرائم رجولية، أي أنها عادةً ما ترتكب بواسطة الذكور. هناك استثناءات لذلك. مثلًا، الدعارة يمكن تصنيفها على أنها جريمة متعلقة بالجنس (وأيضًا على أنها جريمة خاصة بالجنس) لأنه في المملكة المتحدة يمكن للرجل أن يكون (داعرًا) رغم أنه من الصعب تبين ذلك في الإحصائيات الرسمية. في الأطر القانونية فقط التي لا تميز الرجل (الداعر) تظهر الدعارة على أنها جريمة خاصة بالإناث. السرقة خلسة من المحال التجارية تُعد جريمة تُرتَكب وفقًا للإحصائيات الرسمية بدرجة أكبر بواسطة النساء عن الرجال. وبالرغم من الأعداد الكبيرة من الرجال الذين أدينوا بالسرقة من المحلات التجارية، فإنها تظل جريمة يعتقد أنها تتسيدها النساء، هذا بالرغم من حقيقة أن النسبة من الرجال الذين أدينوا بالسرقة خلسة من المحلات التجارية كانت أكبر من النساء منذ عام 1972. افتراض أن السرقة خلسة من المحلات التجارية يُعد نشاطًا أنثويًا يعود بلا شك إلى حقيقة أن أعداد النساء اللاتي تم تسجيلهن لهذه الجريمة يفوق كثيرًا أعداد النساء اللاتي يقمن بارتكاب أي نوع آخر من الجرائم، مما يجعل السرقة خلسة من المحلات التجارية مميزة لجرائم النساء.

    الذكور والنساء الذين يقومون بالسرقة خلسة من المحلات التجارية رغم عدم اختلافهما في أهميتهما الإحصائية إلا أنهما يتباينان في أنواع الأشياء التي يسرقانها. فوفق لچيبنز وبرنس (1962) اللذان قاما بدراسة هذا الموضوع خلال الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي تبين أن النساء يسرقن أساسًا الغذاء منخفض السعر، والملابس، بينما يميل الرجال لسرقة الكتب وأشياء أخرى غير الغذاء والملابس غالبًا ما تكون عالية القيمة. يظهر نفس الاتجاه في الولايات المتحدة حيث أن نسبة كبيرة من الاتهامات بالسرقة الموجهة للنساء عبارة عن السرقة خلسة من المحلات التجارية لأشياء قيمتها المادية ضئيلة.

    انغماس النساء والفتيات في السرقة خلسة من المحال التجارية واختيارهن للأشياء المسروقة يبدو أنه على علاقة وثيقة بالدور الجنسي للنساء في المجتمعات الصناعية مثل مجتمع المملكة المتحدة وأمريكا. النساء هن المتسيدات للشراء من المحلات التجارية للأغراض المنزلية وللغذاء، وأساليب السرقة خلسة تختلف عن الأساليب الخاصة بالمخالفات الأخرى كسرقة السيارات أو السطو، لأن البضائع متاحة

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1