Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

أعلام وإعلام
أعلام وإعلام
أعلام وإعلام
Ebook381 pages2 hours

أعلام وإعلام

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

إنه الصحفي البارز الذي عاش يعمل في الصحافة الإماراتية لأكثر من ثلاث عقود، فرصد الظواهر في تلك المجتمعات الخليجية حيث الأسوار العالية والأبواب المغلقة استطاع كاتبنا أن يعبر عن أفكار وروؤى في الخليج عمومًا والإمارات تحديدًا.. مما يكشف لنا عن سعة اطلاعه ومعارفه، راصدًا لنا تجربته الطويلة في عالم الصحافة.
Languageالعربية
PublisherNahdet Misr
Release dateJan 1, 2015
ISBN9789771453109
أعلام وإعلام

Related to أعلام وإعلام

Related ebooks

Reviews for أعلام وإعلام

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    أعلام وإعلام - تاج الدين عبد الحق

    الغلاف

    تاج الدين عبدالحق

    أعلام وإعلام

    نشر الكتاب الإلكتروني 2017

    نشر بواسطة دار نهضة مصر للنشر

    حقوق التأليف والنشر محفوظة © لدار نهضة مصر للنشر

    حق النشر

    E3lam.png

    تاج الدين عبد الحق

    إشـراف عام: داليا محمد إبراهيم

    جميــع الحقــوق محفـوظــة © لدار نهضة مصر للنشر

    يحظـــــر طـبــــــع أو نـشـــــر أو تصــويــــر أو تخـزيــــن

    أي جــزء مــن هــذا الكتــاب بأيــة وسيلــة إلكترونية أو ميكانيكية

    أو بالتصويـــر أو خــلاف ذلك إلا بإذن كتابي صريــح من الناشـــر.

    الترقيم الدولي: 9-5310-14-977-978

    رقم الإيداع: 2015/17930

    طـبـعـة نـوفـمـبر 2015

    Arabic_DNM_logo_Color_fmt

    21 شارع أحمد عرابي - المهندسين - الجيزة

    تليفـــون: 33466434 - 33472864 02

    فاكـــــس: 33462576 02

    خدمة العملاء: 16766

    Website: www.nahdetmisr.com

    E-mail: publishing@nahdetmisr.com

    المقدمة

    صاحبةُ الفضلِ في هذا الكتابِ «عروب»، ابنتي الثانية، كما كنت أداعبها، والاسم الذي حفظت به رقمها الجوال. أما كيف كان ذلك، فتلك قصة تُروى.

    بدأت الحكايةُ في عيد ميلادي الذي لا أحتفل به في العادة إلا مُكرهًا، أو مجاملةً للأولاد الذين يُصرِّون على الاحتفال به تعبيرًا عن عاطفة صادقة، ومحبة آسرة.

    في ذلك اليوم الذي صادف إجازةً أسبوعية، كنتُ قد استيقظت كعادتي مبكرًا، فيما كان الجميع نيامًا كعادتهم أيام العطل الأسبوعية، والإجازات الرسمية. فوجئتُ بعروب تنزل من غرفتها مُغمضةَ العينين، وتدخل إلى المطبخ مباشرة، بعد أن ألقت عليَّ تحية صباحٍ عابرة.

    غابت بعض الوقت وعادت تحمل صينية عليها فنجان من القهوة، وكأس من الماء، وصحيفة. ومع أن الأمر كان غريبًا، ولم يسبق أن فعلت «عروب» ذلك من قبل، لكن المشهد بدا مألوفًا، وشبيهًا بمشهد سينمائي تقليدي، شاهدنا مثيلًا له مرات عديدة في الأفلام العربية.

    قبَّلتها شاكرًا مبادرتها اللطيفة، وتناولت الصحيفة التي كانت ملفوفة بطريقة تُخفي اسمها، تناولتها، وأنا أعتقد أنها إحدى الصحف المحلية اليومية.

    عندما فردت الصحيفة أُصبتُ بالذهول. كان اسمها «تاج اليوم»، صحيفة تصدر ليوم واحد بمناسبة عيد ميلادي. لم أعرف متى بدأت الدموع تنهمر من عيني إلا بعد أن شكلت غشاوة طمست معالم الكلمات والحروف. احتجتُ بعض الوقت كي أتماسك، وأستعيد توازني إزاء دفق المشاعر التي أحسست بها وأنا أقرأ حينًا، وأضم «عروب» إلى صدري حينًا آخر.

    كانت بادرة «عروب» عملًا باهرًا، لا من حيث الفكرة، بل من حيث التنفيذ أيضًا. أكدت «عروب» من خلاله صدق مقولة: «ابن الوز» - أو «بنت الوز» - عوام، إن جاز المثل.

    على مدى شهرين اتصلت «عروب» سرًّا، ودون إشعار أحد بما تحضِّر له، بأقارب وأصدقاء، من داخل العائلة، وخارجها، ومن الوسط الإعلامي وأطرافه لجمع شهادات وانطباعات منهم. وهي شهادات بقدر ما عكست تنوعًا، غمرتني بصادق العاطفة وكريم المشاعر.

    عندما شرحت لي «عروب» تفاصيل ما قامت به وحجم المعاناة التي تكبدتها في الوصول إلى أرشيفي المُبعثَر من الصور والمقالات، عاد إليَّ بإلحاح تفكير طالما راودني وأجَّلت تنفيذه سنوات، كانت «عروب» كمن يعلق الجرس لتنفيذ نية ترددتُ طويلًا في تجسيدها واقعًا، وهي جمع بعض الموضوعات والمواد الصحافية التي ما زلت أحتفظ بشيء منها في كتاب.

    عندما بدأتُ التنفيذ وجدت أن المهمة شاقة لا لكثرة ما لديَّ من أوراق فقط، بل لتنوع الموضوعات التي تناولتها خلال هذه المسيرة الطويلة، ولتشعُّب الاهتمامات التي تطرقتُ لها طوال تلك الفترة.

    كان الاختيار صعبًا والتصنيف مرهقًا، وتخلصًا من متاعب الاختيار ومصاعب التصنيف انتهيت إلى اختيار تشكيلة عشوائية من الموضوعات والحوارات التي لا تعكس وحدةً في الموضوع بقدر ما تعكس وحدة في التجربة.

    فرغم تنوع المواد التي يحتويها هذا الكتاب فإنها تُلخِّص إلى حد كبير مسيرةً امتدت لأكثر من أربعين عامًا في بلاط الصحافة العربية، يوم كانت حروفها تكتب وتجمع من الرصاص المذاب في عملية طويلة ومعقدة، إلى أن أصبحت تُقرأ عبر الإنترنت بعد لحظات من كتابة الحرف الأخير.

    تـاج       

    حبيبتي عروب

    شكرًا .. لساعات أحاول استعادة توازني من المفاجأة التي هزتني من الأعماق. وجعلتني أعيش إحساسًا يمتزج فيه الحب بأقصى تجلياته والفخر والاعتزاز بأسمى صوره. قالوا: إن العرق دساس. لكنني لم أكن أدرك أنه كذلك إلى هذا الحد، فما فعلتِه تجاوز حلمي البعيد يوم بدأتِ رحلة البحث عن المتاعب طالبةً في الجامعة، ويوم كنتُ أشفق عليكِ من تلك الرحلة اليومية التي تحملك من أبوظبي لدبي لمتابعة قصة هنا وخبر هناك. مبادرتك في ذكرى ميلادي ملأتني بالاطمئنان إلى أنك على الطريق الصحيح، وأنك تملكين تلك الموهبة التي أنا على يقين أنها ستزهر وتثمر؛ لتكشف عن صحافية لامعة أفتخر بها، بقدر محبتي لها.

    Pages%20from%20Book-2.jpg

    (يا بنتي الثانية)

    مبادرتك أعطتني إحساسًا غامرًا بالسعادة وبعثت في نفسي شعورًا بالرضا والاطمئنان، لكن ما هو أهم من ذلك كله أنها علمتني أن محبة المحيطين بي هي أغلى من كل شيء، وأثمن من أي عطاء.

    لا أستطيع أن أعبر عن مدى امتناني ومحبتي لك. لقد كنتِ دائمًا وستظلين أنتِ وإخوتك «أكثر من اللي كنا نحلم به أنا ووالدتك».

    بابا      

    «بنتك الثانية»

    اعذرني لأنني لم أستطع بالفعل أن أعطيك النسخة الأولى من صحيفتك في اليوم الأول الحقيقي لميلادك، وإن كنت ألوم المواعيد العربية التي حاولت أن أعالجها شهرًا كاملًا لإنجاز هذه الهدية في وقتها المحدد.

    وعلى أيّة حال لم أتوقع أن تنتهي هذه المهمة لأجمع كلامًا صادقًا ورائعًا عن أكثر الأشخاص قربًا إلى قلبي وعقلي وحياتي.

    وأنا في وسط التحضير لهذه الصحيفة سألتني ماما: «وأنت عروب شو بدك تكتبي؟». بعد لحظة تفكير أجبتها: «ما رح أكتب عشان ما في إشي رح أكتبو، رح يعبر عن شعوري تجاه بابا»، ابتسمت وقالت: «هاي في شي تكتبي».

    كم من الصعب الكتابة عن شخص لا أعدُّه والدًا فقط! بل معلمًا وصديقًا وملاكًا، أتقن أن يشعرني بالأمان في حياتي الشخصية والعملية، فرغم «جكرك» الدائم لي مازحًا، ومنذ صغري عن أفضلية الأولاد على البنات، صدقًا يا بابا إن هذا «الجكر» رسم شخصية وإن كنت أنت من منتقديها أحيانًا لكني أحببتها فيما بعد في نفسي.

    شعرتُ بتأثيرك في حياتي لدرجة أنني وعند دخولي في حديث ما كنت أجد نفسي، ومن دون وعي، أعود لأتخيل كيف سيكون انطباعك إن كنت تشاركنا النقاش، بل أعدُّ كل من كان لا يحمل وجهة نظرك مخطئًا و«أهبل» لا يفقه شيئًا.

    أنضم إلى رنا وإبراهيم وخالد عندما أشكرك يا «بابا» على قضائك ساعات وأيامًا على طاولة السفرة تكتب بقلمك الأبيض، الذي أصبح مرتبطًا بك منذ صغرنا، وأنت تتأكد، وبكل إخلاص، أننا فهمنا كل كلمة وكل درس، ليس لمجرد أن نحقق «العلامة الكاملة» في الامتحان، بل لأننا قد نستفيد من هذا الدرس وذاك في حياتنا المستقبلية.

    أبتسم عندما يقول لي أحدهم بأني أشبهك شكلًا، ولكنني، وبكل صدق، فرحت أكثر عندما سمعت البعض من أصدقائك ممن كلمتهم للمشاركة في هذه الصحيفة بأنني «طالعة لأبوي»، بل أكبر فرحة كانت عندما أعجبت، وبالمصادفة بأغنية «عيون القلب»، لأكتشف أنها أغنيتك المفضلة، وأشعر بالثقة في ذوقي عندما نتفق على أن شرب القهوة «في كاسة شفافة» يعكر مذاق القهوة، وأن شرب الشاي في فنجان يجعلك تتمنى أنك لم تطلب الشاي أصلًا، وأن المياه الفاترة لا تروي، والكأس التي نصفها فارغ تشعرك بأن مقدمها «بحاول يجاكرك»، وأن الطعام إذا أصبح باردًا يفقدك الحماس للطعام والشهية للأكل.

    أعلم، وإن مرت السنون، أنني لن أصل إلى عُشر براعتك واحترافيتك وثقتك بنفسك، ولكنني محظوظة وفخورة بكونك والدي ومرجعي ومصدر إلهامي، وأريدك أن تعلم يا «بابا» أنني من أشد المعجبين بك وبحياتك، «الله يخليلي اياك»، وكل عام أنت بخير.

    عروب تاج الدين عبدالحق         

    صديقي تاج الباكستاني

    في الخليج يندر أن تعثر على صحافي عربي يملك خصالًا ثلاثًا: أن يكون صبورًا، ووفيًّا، وبالطبع مطَّلعًا، هذا الشخص النادر هو صديقنا وزميلنا «تاج"، الذي أصبح علامة مسجلة في أبوظبي، والإمارات العربية المتحدة.

    وقبل الحديث عن مناقبه المهنية، أذكر أنني أخفقت في رسم صورة للزميل الذي أعجبت به، فقد حسبته لفترة طويلة أحد الإعلاميين الباكستانيين المقيمين في الإمارات. تاج الدين عبدالحق، لا بدَّ أن يكون صاحب هذا الاسم باكستانيًّا واستثنائيًّا في اللغة العربية، التي يتفوق بها على نظرائه العرب، حملت هذا التصور فترةً من الزمن في عملي في لندن حتى نبهني أحد الزملاء، «تاج مش باكستاني يا أستاذ». هو أردني من قدامى الإعلاميين في العاصمة الإماراتية. وعندما لاحظ أنّني لم أستوعب التصحيح، قال لي: أبوظبي هي مركز تجمع كبير للصحافيين العرب منذ أوائل السبعينيات، وصحيح أن تاج الدين اسم غير مألوف عربيًّا، لكن تاجًا هذا هو« أخو بدر عبدالحق»، نائب رئيس رابطة الأدباء والكتاب الأردنيين. أطلقت «آه» طويلة.. أخو بدر!! أخيرًا فهمت القصة. ومنذ ذلك اليوم وأنا أصرّ على تسميته المختصرة بتاج فقط، طبعًا مع حفظ الألقاب، فهو أقدم مني في المهنة، ومن أكثر الإعلاميين العرب دأبًا وعملًا.

    ولا بد أن أقول إن في مهنتنا الكثير من المندسين والمتحولين، وبسبب هذه الفوضى المستمرة، قد لا يحظى أكثر الصحافيين مهنيةً على ما يستحقونه من تقدير، وأنا لا أعتقد أن هناك صحافيًّا لاحق الأخبار ورصد الظواهر وعبَّر عن أفكار ورؤى في الخليج عمومًا والإمارات تحديدًا مثل زميلنا تاج الذي يعمل فيها منذ أكثر من ثلاثة عقود، وكل من اشتغل في المنطقة يعرف أنه من السهل أن تكون صحافيًّا لامعًا في بيروت أو القاهرة، حيث تشرع لكل إعلامي الأبواب ويشارك في أدق الأسرار، أما في الخليج فالأسوار عالية والأبواب مغلقة.

    ومع هذا، بقي تاج لسنين طويلة مصدرنا؛ فقد كتب سلسلة مميزة عن اللاجئين السياسيين في الإمارات، وأعتقد أنها اختصرت لسبب لا أعرفه، وكتب عن مواجهات مشرف مع بيناظير بوتو ونواز شريف هنا، وكشف عن عزم الإمارات دخول النادي النووي العالمي، وأوضاع العمالة والإضرابات والتحقيقات التي جرت مع جمعيات حقوق الإنسان، وقضية حرية الصحافة.

    كان المصدر الأول لأخبار كل التشكيلات الحكومية الإماراتية قبل إعلانها، وأنباء الخلافات والمصالحات الخليجية، وكذلك التوترات مع إيران.

    ورغم سعة اطلاعه ومعارفه وتجربته الطويلة، وتخصصه في الشأن الخليجي والإماراتي تحديدًا، فإنه لم يخذل مصدرًا ولم يخن أمانةً، وهذه من الخصال النادرة في غابة الصحافيين والصحافة.

    وبالطبع، فالصديق تاج ليس نبيًّا مُنزَّهًا، وله عيوبه، حيث يستحيل أن أئتمنه على سيارتي وأكره أن أقبل دعوته للذهاب معه إلى أي مشوار؛ فهو أسوأ سائق سيارة في الإمارات العربية المتحدة، إن لم يكن في العالم، وإن كنت لا أستطيع إلا أن أعترف بأنه أفضل صحافي فيها. عيد ميلاد سعيد أيها الصديق.

    عبدالرحمن الراشد        

    أعلام

    ذاكرة الصحافة

    هذا العام، أكمل أربعين سنة في بلاط صاحبة الجلالة، كما يصفها الحاسدون، ومهنة البحث عن المتاعب كما يصفها المُشفقون. في هذه السنوات مررت بتجارب وعلاقات يُشكل الحديث عنها إطلالة على زمن وتاريخ لم يعد منه إلا بعض العناوين والأسماء التي تختزنها الذاكرة، ومن مخزون هذه الذاكرة تقفز أسماء كان لها حضور ومكانة في تاريخ المهنة بشكل عام، وتاريخ الصحافة في الخليج والمنطقة بشكل خاص.

    وعندما أسترجع الأسماء والحوادث يبرز للمقدمة محمد حامد (محفوظ)، وهو اسم يعرفه كل من عاصر بدايات الصحافة الإماراتية الحديثة، إذ لا تُذكر البدايات إن لم يُذكر محفوظ، فهو مؤسس لثلاث صحف يومية لا تزال تصدر في الإمارات حتى الآن.

    عرفت محمد حامد قبل أن أصل إلى أبوظبي بتاريخ 27/ 12/ 1973 بأربعة أشهر تقريبًا، فقد كنت من بين الذين يكتبون عن بُعد في الصحيفة، التي كان قد بدأ بتأسيسها في أبوظبي، وهي صحيفة الوحدة اليومية، والتي كانت أول صحيفة خاصة بدولة الإمارات بعد قيام الاتحاد، وقد أسسها ورأس تحريرها رجل الأعمال والبرلماني الإماراتي المعروف راشد بن عويضة، الذي لم يكن له عندما أسس الصحيفة خبرة سابقة، ولا أظن أنه كان معنيًّا بمثل هذه الخبرة بعد ذلك. كانت له - فيما أظن، ومن خلال معرفتي الشخصية به - طموحات سياسية حقَّق جانبًا منها عندما أصبح، بعد سنوات قليلة، نائبًا لرئيس المجلس الوطني الاتحادي بدولة الإمارات، وهو منصب رفيع من الناحية المعنوية، فتح له أبواب شبكة واسعة من العلاقات داخل دولة الإمارات وخارجها.

    أما محمد حامد الذي يطلق عليه الصحافيون الذين عملوا معه اسم «محفوظ»، فقد جاء للإمارات من الكويت التي كانت محطته الأولى في الخليج بعد خروجه من مصر، وكان له حضور طاغ عند الصحافيين نظرًا لتعدد مواهبه. فهو- إلى جانب كونه صحافيًّا من الطراز الأول- قاصٌّ، ومخرج ورسام كاريكاتير، لا يقل عن رسامي الكاريكاتير المعروفين في ذلك الزمان، لكن عدم تفرغه للرسم وانشغاله بالإدارة والكتابة، أبعداه عن الصف الأول الذي كان جديرًا به، ولا شك. وككاتب قصة، اتسمت لغته بالحرارة التي تذكِّر بلغة نجيب محفوظ، للدرجة التي جعلت زملاءه ومحبيه يطلقون عليه اسم محفوظ. كان رغم مواهبه تلك متواضعًا بشكل يثير الإعجاب. وقد رأيته لأول مرة وهو يعتلي «بيك أب» أمام مكاتب الصحيفة، حيث كان يساعد في إنزال قوالب الرصاص التي كانت تستخدم في المطابع في ذلك الوقت، وتتشكل منها، بعد صهرها، الحروف التي يتم رصفها يدويًّا في عملية شاقة، حتى عند رواية تفاصيلها وشرح آلية عملها.

    كانت مكاتب الصحيفة في ذلك الوقت تحتل مدخل عمارة أو بيت درج كما يقولون، حيث كانت أزمة المساكن في أبوظبي على أشدها، ولم تكن هناك أماكن للسكن، ناهيك عن المكاتب، وكان أثاث مكاتب الصحيفة متواضعًا جدًّا، حيث كان يتألف من طاولة سفرة قديمة، حولها مجموعة من الكراسي الخشبية، فيما تتناثر في المكان بضعة مكاتب حديدية يحتلها الموظفون والمحررون الرئيسيون. يوم وصولي، تم تعييني بمجرد دخولي المكان، حيث دعيت للمشاركة في اجتماع للتحرير، كان البحث يتركز فيه على إصدار مجلة سياسية أسبوعية اسمها الظفرة، وكلفت يومها، كخريج علوم سياسية، أن أكتب تحقيقًا عن احتمالات عقد مؤتمر جينيف للسلام بين العرب وإسرائيل.

    كان محفوظ، يومها، محسوبًا على المعارضين للرئيس المصري الراحل أنور السادات، وكان يتحين أي فرصة لإظهار موقفه السياسي. وجاءته هذه الفرصة، فرسم كاريكاتيرًا فاضحًا للموضوع المتعلق بمؤتمر جينيف، أثار حفيظة السفير المصري في الإمارات، في ذلك الوقت، وهو السفير سعد الدين

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1