Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية
الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية
الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية
Ebook696 pages5 hours

الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

عتبر كتاب الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية من الكتب القيمة لدى للباحثين والأساتذة في فروع علم الحديث الشريف؛ حيث يندرج كتاب الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية ضمن نطاق علوم الحديث الشريف والفروع قريبة الصلة من علوم فقهية وسيرة وغيرها من فروع الهدي النبوي
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJun 20, 1902
ISBN9786389739496
الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية

Read more from السخاوي

Related to الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية

Related ebooks

Related categories

Reviews for الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية - السخاوي

    الغلاف

    الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية

    الجزء 1

    السخاوي

    902

    عتبر كتاب الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية من الكتب القيمة لدى للباحثين والأساتذة في فروع علم الحديث الشريف؛ حيث يندرج كتاب الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية ضمن نطاق علوم الحديث الشريف والفروع قريبة الصلة من علوم فقهية وسيرة وغيرها من فروع الهدي النبوي

    الأسئلة أولاً فأولاً، وتعقبت كل سؤال بالجواب عنه مذيلا، لينتفع بذلك من سأله ممن حسن ظنه فيما أبديه وقبله، وبالله الكريم عوني، وإياه أسأل عن الخطأ صوني، إنه قريب مجيب.

    1 -

    حديث: النهي عن كسر سكة المسلمين.

    رواه أبو داود وابن ماجه والبيهقي في سنتهم، وأحمد في مسنده والحاكم في صحيحه كلهم من طريق محمد بن فضاء عن أبيه عن علقمة بن عبد الله وهو: ابن عمرو بن هلال، وقيل: ابن شرحبيل المزني عن أبيه رضي الله عنه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تكسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس.

    زاد الحاكم وغيره في روايته: أن يُكسر درهما فتجعل فضة أو يُكسر الدينار فتُجعل ذهباً. وقال الحاكم: صحيح الإسناد.

    قلت: وسكت عليه أبو داود فهو عنده صالح للاحتجاج وهو عجيب منهما، فالحديث ضعيف لا تقوم به حجة، لأن مداره على محمد بن فضاء، وقد قال البخاري: سمعت سليمان بن حرب يضعفه ويقول: كان يبيع الشراب، قال: وقال لي سليمان بن حرب: روى ابن فضا عن أبيه حديث نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن كسر سكة المسلمين، قال سليمان: ولم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم سكة إنما ضربها الحجاج بن يوسف أو نحوه. انتهى.

    وروينا في جزء من حديث أبي رفاعة عمارة بن وثيمة أنه قال: يا محمد: أول من ضرب الدنانير في الإسلام: عبد الملك بن مروان، وإنما كانت الدنانير تأتي من بلد الروم ويطلق لهم القراطيس وكانت في رؤوس الطوامير (لن يستنكف المسيح أن يكون عبدًا لله ولا الملائكة المقربون) إلى آخر الآية [النساء/ 172]، فلما نظر ملك الروم إلى الكتاب، قال: ما هذا؟ فقرئ عليه وقيل له: شتموا آلهتك التي تُعبد ـ يعنون عيسى ـ فغضب وكتب إلى عبد الملك يقول: والله لئن كتبت بعد هذا في الطوامير لأنقشن في الدنانير شتم نبيك، فاغتم عبد الملك فدخل عليه خالد بن يزيد بن معاوية، وكان ذاهبًا فأخبره، فقال له خالد: لا تغتم اجعل عندك دارًا للضرب، واضرب فيها وامنعه القراطيس، فإنه سيحتاج إليها فيأخذها على ما فيها شاء أو أبى، ففعل، فكان أول من ضربها في الإسلام عبد الملك بذلك.

    2 -

    حديث: المنبتُّ لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى.

    رواه البزار في مسنده وأبو نعيم في بعض تصانيفه والحاكم في علوم الحديث له، والبيهقي في سننه عنه وابن طاهر في صفوة التصوف من طريق الحاكم، كلهم من حديث خلاد بن يحيى عن أبي عقيل يحيى بن المتوكل عن محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق، ولا تبغض إلى نفسك عبادة الله، فإن المنبت لا أرضًا قطع ولا ظهرًا أبقى. وقال الحاكم عقب تخريجه: هذا حديث غريب المتن والإسناد، وكل ما روي فيه فهو من الخلاف على محمد بن سوقة، فأما ابن المنكدر عن جابر، فليس يرويه غير محمد بن سوقة، وعنه أبو عقيل، وعنه خلاد بن يحيى. انتهى. وقال البيهقي: هكذا رواه أبو عقيل، وقد قيل عن محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر عن عائشة ـ يعني من رواية عبيد الله بن عمرو الرقي عن محمد ـ وقيل عنه، عن محمد ابن المنكدر عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، هذه رواية عنبسة بن عبد الواحد عن محمد، وقيل: عند غير ذلك.

    قلت: كرواية شهاب بن خراش عن شيبان النحوي. ورواه عنه عن الحسن البصري مرسلاً، ورواية بعضهم عنه عن ابن المنكدر، وقال: قال عمر. أشار إلى ذلك الدارقطني في العلل وقال: ليس فيها حديث ثابت. انتهى. وقد قال البخاري في ترجمة محمد بن سوقة من تاريخه قال لي إسحاق: أخبرنا عيسى بن يونس حدثنا محمد بن سوقة حدثني ابن محمد بن المنكدر، قال النبي صلى الله عليه وسلم:إن محمد بن المنكدر، ورواه أبو عقيل يحيى عن ابن سوقة عن المنكدر عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم. والأول أصح. انتهى. وأبو عقيل ضعفه ابن المبارك، وعلى بن المديني والنسائي وغيرهم. وقال حرب: قلت لأبي عبد الله ـ يعني أحمد بن حنبل-: كي حديثه؟ فكان ضعفه، وقال أبو زرعة. لين، وقال ابن حبان: ينفرد بأشياء ليس لها أصول ولا يرتاب الممعن في الصناعة إنها معمولة، وقال ابن عدي: عامة حديثه غير محفوظة، وقال الساجي: منكر الحديث، وقال أبو أحمد الحاكم: ليس بالقوي عندهم، وقال ابن عبد البر: هو عند جميعهم ضعيف، ولحديثه شاهد: لكنه ضعيف أيضا. أخرجه البيهقي في سننه، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ـ هو الحاكم ـ أخبرنا محمد بن المؤمل بن الحسن بن عيسى حدثنا فضل بن محمد الشعراني، حدثنا أبو صالح ـ يعني عبد الله بن صالح كاتب الليث ـ حدثنا الليث هو ابن سعد عن ابن عجلان ـ يعني محمدًا ـ عن مولى لعمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربك [فإن المنبت] لا سقرًا قطع ولا ظهرًا أبقى، فاعمل عمل امرئٍ يظن أن لن يموت أبدًا، واحذر حذرًا يخشى أن يموت غدًا".

    والفضل بن محمد: قال أبو حاتم: تكلموا فيه، وقال الحاكم: كان أدبيًا فقيهًا عابدًا عارفًا بالرجال، وكان أرسل شعره فلقب بالشعراني، وهو ثقة، ولم يطعن فيه بحاجة، وقد سُئِلِ عنه الحسين بن محمد القباني فرماه بالكذب، وقال: سمع أبا عبد الله بن الأخرم يُسال عنه فقال: صدوق إلا أنه كان غاليًا في التشيع.

    المولى لم أقف على اسمه وما عرفته والله أعلم.

    وله طريقان في الأمثال للعسكري، وتكلم على معناه وهو من حديث جابر أيضًا عند القضاعي في مسند الشهاب، وله طريقة ثالثة لكنها مختصرة أخرجها عبد الله بن الإمام أحمد في مسند أبيه، قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده.

    حدثنا زيد بن الحباب أخبرني عمرو بن حمزة، حدثنا خلف أبو الربيع إمام مسجد سعيد بن أبي عروبة، حدثنا أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق.

    وخلف هذا غير خلف بن مهران العدوي الذي روى له النسائي حديث: من قتل عصفورًا عبثًا. وإن كان صنيع المزي في تهذيبه يقتضى أنهما واحد، فإن البخاري قد فرَّق بينهما، فجعل خلف بن مهران إمام مسجد بني عدي غير خلف أبي الربيع إمام مسجد سعيد بن أبي عروبة، وكذا قال أبو حاتم وذكر أن إمام مسجد سعيد يروي عن أنس، قال البخاري: وعنه عمرو بن حمزة القيسي لا يتابع في حديثه، وقال ابن خزيمة: لا أعرف خلفًا بعدالة ولا جرح، وكذا قال في الراوي عنه وتوقف في صحة حديثهما، وقال ابن عدي في الراوي عنه مقدار ما يرويه غير محفوظ، وقال الدارقطني: ضعيف.

    قلت: وزعم الهيثمي أن رجاله موثقون وأن خلفًا لم يدرك أنسًا، وتعقب عليه بما تقدم، وعلى كل حال فالحديث ضعيف إلا أن هذه الطريق على اختصارها أجود من اللتين قبلها. وبالله التوفيق.

    وقرأت بخط بعض أصحابنا: المتين: الصلب الشديد، والموغل المبالغ.

    والمنبت: بالمثناة الذي انقطع ظهره وأصل البت: القطع، فالمراد - والله أعلم - إن هذا الدين مع كونه سهلاً يسيرًا صلب شديد، فبالغوا فيه في العبادة، لكن اجعلوا تلك المبالغة مع رفق فإن الذي يبالغ فيه بغير رفق فيتكلف من العبادة فوق طاقته يوشك أن يمل حتى ينقطع عن الواجبات، فيكون مثله مثل الذي يعسف الركاب ويحملها على السير على ما لا يطيق رجاء الإسراء، فينقطع ظهره فلا هو قطع الأرض التي أراد ولا هو أبقى ظهره سالمًا ينتفع به بعد ذلك، وهذا كالحديث الآخر: «إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه» أخرجه البخاري وغيره عن أبي هريرة.

    قلت: وفي الأمر بالرفق أحاديث كثيرة مخرجة في الستة وغيرها من حديث جمع من الصحابة رضي الله عنهم - والله أعلم.

    3 -

    حديث: من آذى ذميًا فأنا خصمه.

    رواه أبو داود بنحوه في كتاب الخراج من سنته عن سلميان بن داود بن مهران عن ابن وهب عن أبي صخر المدني عن صفوان بن سليم عن عدة من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن آبائهم وفيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إلا من ظلم معاهدًا، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس فأنا خصمه يوم القيامة وإسناده لا بأس به، ولا يضر جهالة من لم يُسم من أبناء الصحابة، فإنهم عدد كثير ينجبر به جهالتهم، وقد سكت عليه أبو داود فهو عنده صالح. ورواه البيهقي في سنته من طريق ابن وهب كما أخرجناه، لكنه قال: عن ثلاثين من أبناء أصحاب رسول الله عن آبائهم دنية، فكذره بلفظ: ألا من ظلم معاهدًا، أو انتقصه، أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئًا بغير طيب نفس منه، فأنا حجيجه يوم القيامة وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصبعه إلى صدره: "ألا ومن قتل معاهدًا له ذمة الله وذمة رسول الله، حرم الله عليه ربح الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفا.

    قلت: وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، وجابر، وأبي بكرة، وأبي هريرة، وعبد الله بن جراد وغيرهم.

    أما حديث عبد الله بن عمرو، فرواه البخاري في الصحيح ولفظه، ومن لم يُسم: من قتل معاهدًا بغير حق، لم يرح رائحة الجنة، وإنه ليوجد ريحها من مسيرة أربعين عامًا.

    وأما حديث جابر، فرويناه من حديث العباس بن أحمد المذكر، قال: حدَّثنا داود بن علي بن خلف، حدَّثنا إسحاق بن إبراهيم، حدَّثنا عيسى بن يونس، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من آذى ذميًا فأنا خصمه، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة وهكذا أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات وقال: قال الخطيب: هذا الحديث منكر بهذا الإسناد، والحمل فيه عندي على المذكر، وكان غير ثقة.

    قلت: والراوي عنه متهم بالاختلاق.

    وأما حديث أبي بكرة، فرواه أبو داود والنسائي في سننهما والإمام أحمد والدرامي في مسنديهما والحاكم وابن حبان في صحيحهما، والبيهقي في سننه ولفظه: ومن قتل نفسًا معاهدة بغير حلها، فقد حرم الله عليه الجنة أن يشم ريحها.

    وأما حديث أبي هريرة، فأخرجه الحاكم في صحيحه، وقال: على شرط مسلم، والترمذي في جامعه وقال: حسن صحيح، وابن ماجه في سننه كلهم من حديث محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا: من قتل نفسًا معاهدة، له ذمة الله وذمة رسوله، فقد أخفر بذمة الله، فلا يرح رائحته الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفا وهو عند الطبراني من وجه آخر بلفظ: من مسيرة مائة عام.

    قلت: وفي تصحيح الحاكم له مقال، ليس هذا محله.

    وأما حديث عبد الله بن جراد، فأخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة ومن طريقه أبو منصور الديلمي في الفردوس بلفظ: من ظلم ذميًا مؤديًا لجزيته موفيًا لعهده فأنا خصمه يوم القيامة. وفي سنده من اتهم بالوضع.

    وأما حديث من لم يسم: فهو عند أحمد في سمنده من حديث هلال بن يساف عنه مرفوعًا: سيكون قوم لهم عهد فمن قتل رجلاً منهم لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين عاما.

    تنبيه: ذكر ابن الجوزي في الموضوعات نقلاً عن خط القاضي أبي يعلي محمد بن الحسين بن الفراء، عن خط ابي حفص البرمكي، قال: سمعت أبا بكر أحمد بن محمد الصيدلاني يقول: سمعت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل يقول: أربعة أحاديث تدور في الأسواق ليس لها أصل، فذكر منها: (ومن آذى ذميًا فأنا خصمه يوم القيامة".

    قلت: وحكاه ابن الصلاح عن أحمد في نوع المشهور ذكره مثالاً، وتعقب غير واحد ابن الصلاح بأن هذا لا يصح، فقد أخرج أحمد في مسنده أحدهما ورد بأن هذا فيه نظر، فكم من حديث قال فيه أحمد: لا يصح وخرجه في مسنده، ومن نظر كتب العلل لابنه عبد الله، والأثرم، والخلال، عرف صحة هذا، وفيه نظر أيضًا، فإنه لم يقل: لم تصح، وإنما قال: لا أصل لها، نعم يحتمل أن يكون مراده لا أصل لها، أي صحيح، لكنه بعيد من السياق. وبالله التوفيق.

    فائدة: ترجم ابن حبان في صحيحه: إيجاب دخول النار لمن أسمع أهل الكتاب ما يكرهونه، وساق فيه حديثًا عن أبي موسى الأشعري بلفظ: من سمع يهوديًا أو نصرانيًا دخل النار.

    وهذا فيه غلط كبير، وذلك أن لفظ الحديث: من سمع بي من أمتي أو يهودي أو نصراني فلم يؤمن بي دخل النار، هكذا رواه أبو بكر بن أبي شيبة والإمام أحمد في مسنديهما من الطريق التي أخرجه ابن حبان منها، وحينئذ فلا يصح أن يكون شاهدًا لهذا الحديث وإنما ذكرته للتنبيه على ما وقع فيه لئلا يغتر به والعلم عند الله تعالى.

    4 -

    حديث: لحوم البقر داء وسمنها ولبنها دواء

    ليس هو في الكتب المشهورة لا الصحيحين، ولا السنن، ولا مسند الإمام أحمد، نعم أخرجه أبو داود في المراسيل عن النفيلي هو أبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل عن زهير بن معاوية الجعفي أحد الحفاظ قال: حدثتني امرأة من أهلي عن لميكة بنت عمرو أنها وصفت لها سمن بقر من وجع لحقها، وقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألبانها شفاء، وسمنها دواء ولحومها داء ورجاله ثقات.

    وهكذا أخره الطبراني في المعجم الكبير من طريق زهير، لكن من رواية أبي النضر هاشم بن القاسم وهو ثقة أيضًا عنه، ولفظه عن مليكة: قالت: اشتكيت وجعًا في حلقي فأتيتها فوصفت لي سمن بقر، وقالت: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ألبانها شفاء وسمنها دواء ولحمها داء.

    ومن هذا الوجه أخرجه ابن منده في معرفة (معرفة الصحابة) ولفظه: أن ألبانها ـ أو لبنها ـ شفاء وسمنها دواء، ولحمها داء يعني البقر. وأخرجه أبو نعيم في كتاب الطب النبوي له من طريق علي بن الجعد عن زهير، فقال عن امرأته ـ وذكر أنها صدوقة ـ أنها سمعت من مليكة بنت عمرو، وذكرت أنها ردت الغنم على أهلها في إمرة عمر بن الخطاب أنها وصفت لها من وجع بها سمن بقر، وقالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألبانها شفاء، وسمنها دواء، ولحمها داء.

    قلت: وليس في سنده من ينظر في حاله، إلا المرأة التي لم تسم، فيضعف الحديث بسببها، لا سيما وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عن نسائه بالبقر وهو لا يتقرب بالداء، ثم إن لعل أبا داود لم يثبت عنده صحبة ملكية، حيث ذكر حديثها في المراسيل، وصنيع المزي في الأطراف يقتضي ذلك، فإنه قال: يقال: لها صحبة، لكن قد ذكرها ابن منده وابن عبد البر وجماعة في الصحابة بلا تردد. والعلم عند الله تعالى.

    ولهذا الحديث طريق أخرى أخرجها الحاكم من طريق سيف بن مسكين، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي عن الحسن بن سعد عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عليكم بألبان البقر وسمنائها وإياكم ولحومها فإن ألبانها وسمنائها دواء وشفاء ولحومها داء. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

    قلت: بل سنده ضعيف، والمسعودي اختلط والحديث منقطع، ومن هذا الوجه أخرجه أبو نعيم في الطب بلفظ: عليكم بألبان البقر فإنها دواء وأسمائها شفاء وإياكم ولحومها فإن لحومها داء.

    وله طريق ثالثة أو هي من الأولتين، أخرجه ابن عدي في الكامل من طريق محمد بن زياد الطحان عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سمن البقر وألبانها شفاء ولحومها داء والطحان متهم بالكذب. وله طريق رابعة: أخرجها أبو نعيم في موضعين من الطب من طريق دفاع بن دغفل السدوسي عن عبد الحميد بن صيفي بن صهيب عن أبيه عن جده صهيب الخير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكم بألبان البقر فإنها شفاء وسمنها دواء.

    ودفاع وثقه ابن حبان، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، ومن دونه، فيه من لم أعرفه لكن قال ابن القيم: إسناده لا يثبت.

    وأصل هذا الحديث قد أخرجه النسائي والطحاوي وصححه ابن حبان والحاكم من رواية طارق عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء فعليكم بألبان البقر فإنها ترم من كل الشجر، ورجاله ثقات، وهكذا أخرجه أبو نعيم في الطب وفي بعض طرقه عنده أيضًا: تداووا بألبان البقر فإني أرجو أن يجعل الله فيه شفاء، أو بركة، فإنها تأكل من كل الشجر. انتهى.

    وفي شعب الإيمان للحليمي أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال في البقر: لحومها داء ليس الحجاز، ويبوسة لحم البقر منه، ورطوبة ألبانها وسمنها، واستحسن هذا التأويل، والله الموفق.

    5 - حديث: ينزل الله تبارك وتعالى كل يوم مائة رحمة ... الحديث.

    رواه البيهقي في شعب الإيمان، والخطيب في تاريخه، والصابوني في الجزء الثاني من المائتين له من طريق محمد بن معاوية النيسابوري، قال: حدثنا محمد بن صفوان عن ابن جُريج عن عطاء ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله ينزل في كل يوم مائة رحمة، ستين منها على الطائفين بالبيت، وعشرين على أهل مكة، وعشرين على سائر الناس وقال الصابوني عقب تخريجه: غريب من حديث ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس.

    قلت: وحسنه المنذري في ترغيبة، والعراقي في تخريج الإحياء، وفيه نظر، فإن ابن معاوية واهٍ جدًا، قال فيه مسلم والنسائي: متروك، وكذبه ابن معين والدارقطني ورُمي بالوضع، وقال أبو زرعة: كان شيخًا صالحًا، إلا أنه كان كلما لقن تلقن، وفي ترجمته رواه ابن عدي في كامله وقال: هذا حديث منكر انتهى.

    والظاهر أنهما حسناه لشواهده، فقد رواه الحارث بن أسامة في مسنده قال: حدثنا أحمد بن يزيد أبو عبد الله من أهل كرمان، حدثنا سعيد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ينزل الله كل يوم مائة رحمة، ستون منها للطائفين وعشرون منها لأهل مكة وعشرون منها لسائر الناس وأحمد لا أعرفه، وأما سعيد، فهو ابن سالم القداح، فاختلف فيه فقال ابن حبان: إنه كان يرى الإرجاء وبهم في الأخبار حتى يجئ بها مقلوبة حتى خرج عن حد الاحتجاج به، ثم روي بسنده إلى ابن معين أنه قال فيه: ليس بشيء. انتهى. ولا يصح هذا التضعيف عن ابن معين، لأن في الطريق إليه جعفر بن أبان، وقد ذكره ابن حبان في الضعفاء وقال: كان كذابًا، والمعروف عن ابن معين توثيقه فقال مرة: ليس به باس، رواه ابن أبي حاتم عن عباس الدوري عنه، وقال مرة: ثقة. نقله ابن عدي في الكامل عنه ووثقه أيضًا جماعة، قال أبو داود: صدوق، وقال أبو حاتم: محله الصدق وقال أبو زرعة: هو عندي إلى الصدق ما هو، وقال ابن عدي: هو عندي صدوق مقبول الحديث. انتهى.

    على أنني قد وجدت لكل من أحمد وسعيد متاعًا فرواه أبو الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن محمد بن والوليد والأزرقي في تاريخ مكة قال: حدثني جدي عن سعيد بن سالم، وسليم بن مسلم، عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ينزل الله تعالى على هذا البيت كل يوم وليلة وعشرين ومائة رحمة، ستون منه للطائفين، وأربعون للمصلين، وعشرون للناظرين. لكن سُليم ضعفه أحمد، وابن معين، والنسائي، وأورده ابن حبان في تاريخ الضعفاء من طريق سعيد، وسُليم معًا.

    وجاء أيضًا من طريق إبراهيم بن يزيد الخوزي، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس أخرجه التيمي في الترغيب والترهيب له لكن إبراهيم ضعفه أحمد وابن معين والنسائي.

    قلت: ودعوى الصابوني: أنه غريب من حديث ابن جريج، ليس بجيد، فقد قال البيهقي عقب تخريجه: رواه يوسف بن السفر وهو ضعيف عن الأوزاعي عن عطاء عن ابن عباس. انتهى. أخرجه كذلك الطبراني في المعجم الكبير قال: حدثنا أحمد بن القاسم بن مساور الجوهري، حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان، حدثنا يوسف بن السفر عن الأزراعي عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله ينزل في كل يوم وليلة عشرين ومائة رحمة، ينزل على هذا البيت ستون للطائفين، وأربعون للمصلين، وعشرون للناظرين لكن يوسف ضعيف جدًا، قال فيه البيهقي هو في عداد من يضع الحديث، وقد ذكر هذا الحديث من هذا الوجه ابن أبي حاتم في العلل، وقال: سألت أبي عنه فقال: هذا حديث منكر، ويوس ضعيف الحديث شبه المتروك. انتهى.

    وقال أبو زرعة والنسائي: متروك. وكذا قال الدارقطني، وزاد: يكذب. وأورده ابن عدي مع أحاديث في ترجمته من الكامل وقال: موضوعة.

    قلت: وسماه بعضهم عبد الرحمن، أخرجه الطبراني في معجميه الأوسط والصغير قال: حدثنا محمد بن علي الصائغ حدثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني حدثنا عبد الرحمن بن السفر الدمشقي حدثنا الأوزاعي عن عطاء حدثني ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ينزل على هذا المسجد مسجد مكة كل يوم عشرون ومائة رحمة، ستين منها للطائفين، وأربعين للمصلين وعشرين منها للنظارين وقال عقبه: لم يروه عن الأوزاعي إلا ابن السفر ـ انتهى.

    قال ابن عساكر: وهم شعبة فيه ـ يعني في تسمية عبد الرحمن ـ والصواب يوسف ابن السر عن الأوزاعي.

    قلت: واحتمال كونه أخا يوسف قائم، إذ لا مانع أن يرويا معًا الحديث المذكور، وهما ضعيفان وقد رويناه في مجلس ابن بالويه قال: أخبرنا المغيرة بن عمرو بن الوليد بمكة حدثنا أبو سعيد المفضل محمد بن الجندي، حدثنا أبو القاسم العابدي عبد الله بن عمرو، حدثنا يوسف بن الفيض، عن الأوزاعي عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تبارك وتعالى في كل يوم وليلة عشرون ومائة رحمة ينزل على هذا البيت، ستون للطائفين، وأربعون للمصلين وعشرون للناظرين وهكذا أخرجه ابن صاعد عن العابدي، وقال: إن يوسف هو ابن السفر بن الفيض أبو الفيض ـ يعني أن الفيض اسم جده ـ فمن قال يوسف ابن الفيض أصاب، ونسبه إلى جده، ولم يصحف كنيته.

    ولهذا الحديث طريق أخرى عن ابن عباس، أخرجه الطبراني في الكبير قال: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، حدثنا خالد بن يزيد العمري، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبدي بن عمير الليثي عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ينزل الله كل يوم عشرين ومائة رحمة ستون منها للطائفين وأربعون للعاكفين حول البيت وعشرون للناظرين إلى البت والليثي ضعفه ابن معين، قال أبو داود والنسائي: ليس بثقة وقال البخاري: منكر الحديث وقال النسائي والدارقطني: متروك، وقال ابن عدي: هو مع ضعفه يكتب حديثه. انتهى. وأقرب طرق هذا الحديث إلى الصحة طريق سعيد بن سالم. والعالم عند الله تعالى.

    6 -

    حديث: إذا انتصف شعبان فلا صوم حتى رمضان

    رواه روح بن القاسم، وزهير بن محمد التميمي، وسفيان بن عيينة وشبل ابن العلاء أبو المفضل، وعبد الرحمن بن إبراهيم الحنفي القاص، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وأبو العميس عتبة بن عبد الله، ومحمد بن الوليد الزبيدي، ومسلم بن خالد الزنجي، وغيرهم، عن العلاء.

    فأما حديث روح، فقال ابن حبان في صحيحه: أنا الحسن بن محمد بن مصعب، حدثنا يحيى بن حكيم، حدثنا الحسن بن حبيب بن ندبة حدثنا روح بن القاسم عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان النصف من شعبان فأفطروا حتى يجيء رمضان.

    وهكذا أخرجه أبو عوانة في صحيحه قال: حدثني عثمان بن خرزاذ حدثنا مالك بن عبد الواحد أبو غسان حدثنا الحسن بن حبيب به ولفظه: إذا كان النصف من شعبان فأمسكوا عن الصوم حتى يدخل رمضان، إلا أن يكون عليه صوم فليسرد ولا يقطع.

    وأما حديث زهير، فرواه ابن حبان أيضًا قال: أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي، حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا أبو عامر العقدي، حدثنا زهير بن محمد، عن العلاء، عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا صوم بعد النصف من شعبان حتى يجيء شهر رمضان.

    وأما حديث ابن عيينة، فرواه بلفظ: إذا كان النصف من شعبان فأفطروا.

    وأما حديث شبل، فرويناه في فوائد الخلعي من طريق إبراهيم بن المنذر الحزامي حدثنا ابن أبي فديك ـ يعني إسماعيل ـ عن أبي المفضل ـ هو شبل بن العلاء ـ عن أبيه عن جده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا صوم بعد النصف من شعبان حتى رمضان.

    وأما حديث عبد الرحمن، فرواه الدرامي في جامعة المسمى بالمسند، قال: أخبرنا عبد الصمد ـ يعني ابن عبد الوارث ـ أخبرنا عبد الرحمن الحنفي، عن العلاء، عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان النصف من شعبان فأمسكوا عن الصوم وهكذا رواه أبو عوانة في صحيحه: حدثني جعفر بن محمد الطيالسي، حدثنا يحيى بن معين، عن عفان، عن عبد الرحمن به ولفظه: إذا كان النصف من شعبان فلا تصوموا، ومن كان عليه صوم من رمضان فليسرد الصوم ولا يقطعه وأخرجه الدارقطني في سننه: حدثنا أبو عبيد القاسم بن إسماعيل المحاملي، حدثنا علي بن مسلم الطوسي، حدثنا حبان بن هلال، حدثنا عبد الرحمن فذكره بلفظ: لا صوم من نصف شعبان حتى رمضان، فمن كان عليه صوم رمضان فليسرده ولا يقطعه". وهكذا أخرجه تمام في فوائده والديلمي في مسند الفردوس كلاهما من طريق الطوسي.

    وأما حديث عبد العزيز، فقال أبو داود: حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز بن محمد قال: قدم علينا عباد بن كثير المدينة فمال إلى مجلس العلاء فأخذ بيده فأقامه، ثم قال: اللهم إن هذا يحدث عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا انتصف شعبان فلا تصوموا فقال العلاء: اللهم إن أبي حدثني عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك.

    وأخرجه أبو عوانة في صحيحه عن أبي داود هكذا، ورواه البيهقي في سننه قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ سمعت أبا النضر الفقيه يقول: سمعت محمد بن إبراهيم بن قتيبة الطوسي يقول: سمعت قتيبة بن سعيد فذكره، وقال الترمذي: حدثنا قتيبة به بلفظ: [إذا بقي نصف من شعبان فلا تصوموا].

    ورواه البيهقي أيضًا من طريق أبي مسلم، حدثنا سليمان بن داود، حدثنا عدب العزيز بن محمد، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مضى النصف من شعبان فأمسكوا عن الصيام حتى يدخل رمضان.

    وأخرجه ابن ماجه قال: حدثنا أحمد بن عبدة حدثنا عبد العزيز به.

    ورواه الدارمي قال: أخبرنا الحكم بن المبارك أخبرنا عبد العزيز به ولفظه.

    وأما حديث عتبة، فقال أحمد: حدثنا وكيع، حدثنا عتبة عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا انتصف شعبان فكفوا عن الصوم حتى يجئ رمضان وهكذا أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه عن وكيع، ورواه النسائي وهو في فوائد المحاملي الأصبهانية: حدثنا محمد بن حسان، حدثنا محمد بن ربيعة، حدثنا أبو العميس به بدون: حتى يجيء رمضان وساقه أبو عوانة قال: حدثنا علي بن إشكاب حدثنا محمد بن ربيعة به بلفظ: إذا انتصف شعبان فلا صوم حتى يأتي رمضان.

    وأما حديث الزبيدي، فرواه أبو عوانة قال: ثنا أبو إسماعيل الترمذي، ثنا محمد بن وهب بن عطية ثنا بقية عن الزبيدي عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا انتصف شعبان فلا صيام حتى يجيء رمضان.

    وأما حديث مسلم، فرواه ابن ماجه قال حدثنا هشام بن عمار، حدثنا مسلم بن خالد، حدثنا العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان النصف من شعبان فلا صوم حتى يجئ رمضان. ورواه أبو بكر الشافعي في فوائده المعروفة بالغيلانيات قال: حدثنا محمد بن غالب، حدثنا عبد الصمد بن النعمان، حدثنا مسلم فذكره بلفظ: إذ كان النصف من شعبان فلا تصوموا.

    قلت: ومدار هذا الحديث على العلاء، فقد قال النسائي عقب تخريجه: لا أعلم رواه إلا العلاء بن عبد الرحمن، وقال الترمذي: حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وكذا قال غير واحد، منهم: الخليلي حيث قال في العلاء: إنه مختلف فيه، لأنه ينفرد بأحاديث لا يتابع عليها، كحديث: إذا كان النصف من شعبان وقد أخرج مسلم من حديث المشاهير دون الشواذ. انتهى، وقال أبو داود: أنكروا على العلاء صيام شعبان، وعنى هذا الحديث.

    ولما أورده في السنن نقلاً عن أحد أنه قال: هذا حديث منكر، وكان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث عنه لكن أورده غيره قول أحمد بلفظ: هو غير محفوظ، وكان ابن مهدي يتوقاه وقال أبو عوانة: قال جعفر الطيالسي: قال يحيى بن معين: هذا حديث منكر انتهى. فما أدري لأي معنى خرجه مع حكاية هذا لا سيما ومسلم لم يخرجه، ويحتمل أن يكون حمل المنكر هنا على الفرد المطلق فإن ذلك يقع كثيرًا في كلامهم ولا يقتضي ذلك ضعفا، ويحصل التوفيق بين كلامهم، كما قاله شيخنا بحمل المنكر على هذا، وأن من حَسَّنه نظر إلى حال العلاء فإنه صدوق، لكنه ليس في درجة المتقنين، وقد أخرج له مسلم كثيرًا من حديث، مما له فيه متابع، أو شاهد، ولم يخرج له هذا، ومن صححه غير الترمذي جرى على طريقه من لا يفرق بين الصحيح والحسن. وأما الترمذي، فإنما صححه لما اعتقد من تأويله، فإنه قال: معنى هذا الحديث أن يكون الرجل مفطرًا، فإذا جاء نصف شعبان صام، لأجل رمضان، وهو كالحديث الآخر: لا تقدموا رمضان بصيام انتهى.

    والمشهور في هذا الحديث الثاني التقييد بيوم أو بيومين فلا يصلح شاهدًا لحديث العلاء لأن الغرابة في حديثه إنما جاءت من جهة التقييد بنصف الشهر، وقد أغرب ابن حزم، فخص النهي بصوم اليوم السادس عشر، فجرى على ظاهر الرواية التي وقعت له وهي من طريق عبد الرازق عن ابن عيينة عن العلاء بلفظ: إذا كان النصف من شعبان فأفطروا، وكأنه لم يقع الرواية الأخرى التي تقتضي استمرار هذا الحكم إلى أن يدخل رمضان انتهى ما قاله شيخنا.

    وقد وقفت على طريق لهذا الحديث من جهة غير العلاء، رواها الطبراني في الأوسط قال: حدثنا [أحمد بن محمد بن نافع، قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الله المنكدري قال: حدثني أبي عن أبيه عن] جده، عن عبد الرحمن بن يعقوب [المرقي عن أبي هريرة بلفظ: إذا انتصف شعبان فأفطروا].

    هكذا أخرجه البيهقي في الخلافيات قال: حدثنا أبو حازم عمر بن أحمد العبدوي الحافظ إملاء، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن حبيب النسوي، حدثنا زكريا بن يحيى بن الحارث، حدثنا نصر بن علي الجهضمي، حدثنا حسين بن محمد، عن المنكدر بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن مولى الخرقة وهو عبد الرحمن بن يعقوب أبو العلاء، عن أبي هريرة قال: إن النبي صلى الله

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1