الغرر البهية في شرح البهجة الوردية
()
About this ebook
Read more from زكريا الأنصاري
فتح الباقي بشرح ألفية العراقي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsغاية الوصول في شرح لب الأصول Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمقصد لتلخيص ما في المرشد في الوقف والابتداء Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsإعراب القرآن العظيم المنسوب لزكريا الانصارى Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمنفرجتان Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح العلام بشرح الإعلام بأحاديث الأحكام Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسنى المطالب في شرح روض الطالب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح الوهاب بشرح منهج الطلاب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالغرر البهية في شرح البهجة الوردية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمنحة الباري بشرح صحيح البخاري Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالحدود الأنيقة والتعريفات الدقيقة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمنهج الطلاب في فقه الإمام الشافعي رضي الله عنه Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related to الغرر البهية في شرح البهجة الوردية
Related ebooks
الغرر البهية في شرح البهجة الوردية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsسبل السلام شرح بلوغ المرام Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمجموع شرح المهذب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح الباري لابن حجر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأحكام القرآن لابن العربي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسنى المطالب في شرح روض الطالب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتحرير والتنوير Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsنيل الأوطار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحاشية السيوطي على سنن النسائي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمنتقى شرح الموطإ Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح معاني الآثار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمنتقى شرح الموطأ Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالفتاوى الكبرى لابن تيمية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالإنصاف لابن عبد البر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsكشاف القناع عن متن الإقناع Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحاشية السندي على سنن النسائي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح القدير للشوكاني Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsبستان الأحبار مختصر نيل الأوطار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحاشية السندي على سنن ابن ماجه Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsزاد المعاد في هدي خير العباد Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsدقائق المنهاج Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsكشف المشكل من حديث الصحيحين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمحلى بالآثار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالنشر في القراءات العشر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsآداب الفتوى والمفتي والمستفتي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsإحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمجموع الفتاوى Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related categories
Reviews for الغرر البهية في شرح البهجة الوردية
0 ratings0 reviews
Book preview
الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - زكريا الأنصاري
الغرر البهية في شرح البهجة الوردية
الجزء 5
زكريا الأنصاري
926
الغرر البهية في شرح منظومة البهجة الوردية للإمام الفقيه زكريا الأنصاري الشافعي كتاب موسوعي شامل في الفقه على المذهب الشافعي، وهو عبارة عن شرح لمنظومة البهجة الوردية لابن الوردي والتي نظم فيها كتاب الحاوي الصغير للقزويني.
حاشية العبادي
قَوْلُهُ: لَمْ تَحْرُمْ الصَّلَاةُ) وَيُحْتَمَلُ الْحُرْمَةُ أَيْضًا نَظَرًا لِلْمَظِنَّةِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ (قَوْلُهُ: أَمَّا التَّحِيَّةُ إلَخْ.) يُسْتَفَادُ مِنْ ذِكْرِ التَّحِيَّةِ امْتِنَاعُ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا عَلَى مَنْ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ قِيَامِ الْخَطِيبِ، وَعَلَى مَنْ دَخَلَ حَالَ الْخُطْبَةِ فِي غَيْر مَسْجِدٍ م ر (قَوْلُهُ: فَيُسَنُّ فِعْلُهَا) أَيْ: بِشَرْطِ الْإِحْرَامِ بِرَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ التَّحِيَّةُ تَحْصُلُ بِالْأَكْثَرِ، فَلَا يَجُوزُ الْإِحْرَامُ هُنَا، بِأَكْثَرَ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ «، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ»، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَالدَّاخِلُ لَا فِي آخِرِ الْخُطْبَةِ يُصَلِّي التَّحِيَّةَ مُخَفَّفَةً إنْ صَلَّى السُّنَّةَ، وَإِلَّا صَلَّاهَا كَذَلِكَ أَيْ: مُخَفَّفَةً، وَحَصَلَتْ التَّحِيَّةُ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَلَا يَزِيدُ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، بِكُلِّ حَالٍ. اهـ. ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّخْفِيفِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْوَاجِبَاتِ. اهـ.
، وَيُحْتَمَلُ اعْتِبَارُ الْعُرْفِ، وَعَلَيْهِ، فَهَلْ يَتْرُكُ سُجُودَيْ التِّلَاوَةِ وَالسَّهْوِ إذْ لَيْسَا مِنْ أَصْلِ الصَّلَاةِ بَلْ يَعْرِضَانِ فِيهَا فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: وَإِلَّا يَظُنَّ، فَوَاتَ التَّحْرِيمِ مَعَ الْإِمَامِ صَلَّاهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: بَلْ إطْلَاقُهُمْ إلَخْ.) لِلِانْتِقَالِ (قَوْلُهُ: لَوْ تَذَكَّرَ هُنَا فَرْضًا)، وَلَوْ فَوْرِيًّا
(قَوْلُهُ: أَمَسْ) مِنْ الْوُجُوب (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ إلَخْ.) عِلَّةٌ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِنْصَاتَ إلَخْ.) كَانَ يُمْكِنُ الْبِنَاءُ أَيْضًا عَلَى وُجُوبِ الْإِنْصَاتِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهُ لَا يُنَافِي جَوَازَ الْكَلَامِ لِعَارِضٍ مُهِمٍّ كَإِنْذَارِ غَافِلٍ عَمَّا يَضُرُّهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ الِابْتِدَاءُ مَعَ كَرَاهَتِهِ لَا يَكُونُ عَارِضًا مَهْمَا
حاشية الشربيني
التَّطْوِيلُ) أَيْ: عُرْفًا لِأَنَّهُ يَجِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْوَاجِبِ شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ، وَفِي ق ل التَّحْقِيقُ الْوَاجِبُ أَنْ لَا يَسْتَوْفِيَ الْأَكْمَلَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَقْعُدُ) لِئَلَّا يَجْلِسَ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ التَّحِيَّةِ. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بِجَامِعِ كَرَاهَةِ السَّلَامِ إلَخْ.) فَرَّقَ حَجَرٌ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ هُنَا لِأَمْرٍ عَارِضٍ لَا لِذَاتِهِ بِخِلَافِهِ عَلَى نَحْوِ قَاضِي الْحَاجَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ إلَخْ.)، وَمَعْنَاهُ بِهَا الدُّعَاءُ بِحِفْظِ الشَّوَامِتِ، وَهِيَ مَا بِهِ قِوَامُ الشَّيْءِ؛ لِأَنَّ الْعَاطِسَ يَنْحَلُّ مِنْهُ كُلُّ عُضْوٍ بِرَأْسِهِ، وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ الْعُنُقِ فَنَاسَبَ أَنْ يُدْعَى بِرَحْمَةٍ يَرْجِعُ بِهَا بَدَنُهُ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَيَسْتَمِرَّ دُونَ تَغَيُّرٍ، وَمَعْنَاهُ بِالْمُهْمَلَةِ الدُّعَاءُ بِأَنْ يَرْجِعَ كُلُّ عُضْوٍ إلَى سَمْتِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ كَذَا بِهَامِشِ نُسْخَةٍ مِنْ الشَّارِحِ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَحَمِدَ اللَّهَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ تَلْقِينُهُ الْحَمْدَ إذَا لَمْ يَحْمَدْ، وَفِي التُّحْفَةِ يُسَنُّ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ، وَالرَّدُّ عَلَيْهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْحَاضِرِينَ) أَيْ: عَلَى كُلِّ صَفٍّ مَرَّ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَرِيبِ مِنْ الْمِنْبَرِ، وَلَا تُطْلَبُ لَهُ التَّحِيَّةُ إنْ حَضَرَ، وَقْتَ الْخُطْبَةِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: بِالسَّلَامِ) أَيْ: الثَّانِي الْإِقْبَالُ عَلَيْهِمْ بِوَجْهِهِ (وَالتَّسْلِيمُ) عَلَيْهِمْ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الضِّيَاءُ الْمَقْدِسِيَّ وَغَيْرُهُ وَلِإِقْبَالِهِ عَلَيْهِمْ
(وَ) سُنَّ لَهُ إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِمْ (الْقُعُودُ عَلَى الْمَوْضِعِ الْمُسَمَّى بِالْمُسْتَرَاحِ) لِيَسْتَرِيحَ مِنْ تَعَبِ الصُّعُودِ (لِيَفْرُغَ) أَيْ إلَى أَنْ يَفْرُغَ (الْأَذَانَ شَخْصٌ) بَيْنَ يَدَيْهِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْبُخَارِيِّ «كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ حِينَ يَجْلِسُ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَلَمَّا كَثُرَ النَّاسُ فِي عَهْدِ عُثْمَانَ أَمَرَهُمْ بِأَذَانٍ آخَرَ عَلَى الزَّوْرَاءِ» وَقَالَ عَطَاءٌ: إنَّمَا أَحْدَثَهُ مُعَاوِيَةُ قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَأَيُّهُمَا كَانَ، فَالْأَمْرُ الَّذِي عَلَى عَهْدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَبُّ إلَيَّ وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ وَاحِدًا كَمَا أَفَادَهُ تَعْبِيرُ النَّظْمِ بِشَخْصٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِالْمُؤَذِّنِ وَنَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَيْهِ وَعَلَى كَرَاهَةِ التَّأْذِينِ جَمَاعَةً وَيُنْدَبُ أَنْ يَقِفَ الْخَطِيبُ بِالدَّرَجَةِ الَّتِي تَلِي الْمُسْتَرَاحَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، فَإِنْ طَالَ الْمِنْبَرُ، فَبِالسَّابِعَةِ
(وَقَعَدْ) نَدْبًا (بَيْنَهُمَا) أَيْ: بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ (كَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] أَيْ: بِقَدْرِ مَا يَسَعُهَا لِاتِّبَاعِ السَّلَفِ، وَالْخَلَفِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَفِي ابْنِ حِبَّانَ «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ فِي قُعُودِهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ»
(وَكَوْنُ خُطْبَةٍ) أَيْ: وَسُنَّ كَوْنُ الْخُطْبَةِ (قَرِيبَةً إلَى فَهْمٍ) أَيْ: فَهْمِ الْحَاضِرِينَ أَيْ: خَالِيَةً عَنْ الْأَلْفَاظِ الْغَرِيبَةِ إذْ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا أَكْثَرُ النَّاسِ، وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عَلِيٍّ حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ وَدَعُوا مَا يُنْكِرُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَرَوَاهُ فِي الْبَحْرِ مَرْفُوعًا قَالَ الْمُتَوَلِّي وَتُكْرَهُ الْكَلِمَاتُ الْمُشْتَرَكَةُ، وَالْبَعِيدَةُ عَنْ الْفَهْمِ (بَلِيغَةً) أَيْ: خَالِيَةً عَنْ الْأَلْفَاظِ الْمُبْتَذَلَةِ إذْ لَا تَصْدَعُ فِي الْقَلْبِ (بِقَصْدٍ) أَيْ: مَعَ تَوَسُّطٍ بَيْنَ الطُّولِ، وَالْقِصَرِ لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ «كَانَتْ صَلَاةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَصْدًا وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا»، وَلَا يُعَارِضُهُ مَا رَوَاهُ أَيْضًا «طُولُ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَقِصَرُ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ» أَيْ: عَلَامَةٌ عَلَيْهِ، فَأَطِيلُوا الصَّلَاةَ وَأَقْصِرُوا الْخُطْبَةَ؛ لِأَنَّ الْقِصَرَ، وَالطُّولَ مِنْ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ، فَالْمُرَادُ بِإِقْصَارِ الْخُطْبَةِ إقْصَارُهَا عَنْ الصَّلَاةِ وَبِإِطَالَةِ الصَّلَاةِ إطَالَتُهَا عَلَى الْخُطْبَةِ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا قِيلَ: إنَّ إقْصَارَ الْخُطْبَةِ يُشْكِلُ بِقَوْلِهِمْ يُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى ق لِثُبُوتِهَا فِي مُسْلِمٍ وَاشْتِمَالِهَا عَلَى أَنْوَاعِ الْمَوَاعِظِ، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ أَجَابَ عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَهَا أَحْيَانَا لِاقْتِضَاءِ الْحَالِ ذَلِكَ، أَوْ لِعِلْمِهِ بِرِضَا الْحَاضِرِينَ وَيُنْدَبُ رَفْعُ صَوْتِهِ فِي الْخُطْبَةِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ
(شَغَلَا) أَيْ الْخَطِيبَ نَدْبًا (يَدًا) وَهِيَ الْيُسْرَى (بِنَحْوِ سَيْفٍ) كَعَصًا وَقَوْسٍ وَعَنَزَةٍ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى قَوْسٍ وَعَصًا» وَحِكْمَتُهُ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ هَذَا الدِّينَ قَامَ بِالسِّلَاحِ وَلِهَذَا قَبَضَهُ بِالْيُسْرَى كَعَادَةِ مَنْ يُرِيدُ الْجِهَادَ بِهِ (وَ) الْيَدَ (الْأُخْرَى) أَيْ الْيُمْنَى (شَغَلْ) نَدْبًا (بِمِنْبَرٍ) أَيْ: قَبَضَ بِهَا حَرْفَهُ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ سَيْفًا، أَوْ نَحْوَهُ جَعَلَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، أَوْ أَرْسَلَهُمَا، وَالْغَرَضُ أَنْ يَخْشَعَ، وَلَا يَعْبَثَ بِهِمَا (مُسْتَدْبِرًا) فِي الْخُطْبَتَيْنِ لِلْقِبْلَةِ نَدْبًا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْمَقْدِسِيَّ فِي خَبَرِهِ السَّابِقِ وَلِأَنَّهُ لَوْ اسْتَقْبَلَهَا، فَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِمْ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُمْ مَعَ اسْتِقْبَالِهِمْ لَهَا قَبُحَ ذَلِكَ وَخَرَجَ عَنْ عُرْفِ الْمُخَاطَبَاتِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُمْ مَعَ اسْتِدْبَارِهِمْ لَهَا لَزِمَ اسْتِدْبَارُ الْجَمِّ الْغَفِيرِ لَهَا وَاسْتِدْبَارُ وَاحِدٍ أَهْوَنُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيُكْرَهُ الْتِفَاتُهُ وَإِشَارَتُهُ بِيَدِهِ، وَالدَّقُّ عَلَى دَرَجِ الْمِنْبَرِ فِي صُعُودِهِ، وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْإِسْرَاعِ فِي الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ قَالَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرُهُ وَالدُّعَاءُ لِلسُّلْطَانِ، وَالِاخْتِيَارُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ إنْ لَمْ يُجَازِفْ فِي وَصْفِهِ اهـ
حاشية العبادي
قَوْلُهُ: وَعَلَى كَرَاهَةِ التَّأْذِينِ جَمَاعَةً) زَادَ الْعِرَاقِيُّ فِي هَذَا الْوَقْتِ بِرّ
(قَوْلُهُ: كَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] قَالَ فِي الْعُبَابِ:، وَأَنْ يَقْرَأَهَا فِيهِ أَيْ: الْجُلُوسِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِنَدْبِهَا بِخُصُوصِهَا فِيهِ وَيُوَجَّهُ، بِأَنَّ السُّنَّةَ قِرَاءَةُ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ فِيهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ ابْنِ حِبَّانَ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأَ فِي جُلُوسِهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ»، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ السُّنَّةَ ذَلِكَ، فَهِيَ، أَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا لِمَزِيدِ ثَوَابِهَا، وَفَضَائِلهَا، وَخُصُوصِيَّاتِهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ أَجَابَ إلَخْ.) ذَكَرَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الرَّوْضِ، وَيُسْتَحَبُّ قِرَاءَةُ قِ فِي الْخُطْبَةِ الْأُولَى مَا يَرُدُّ مَا نَقَلَهُ هُنَا عَنْ الْأَذْرَعِيِّ حَيْثُ قَالَ: قَالَ: يَعْنِي: الْأَذْرَعِيَّ، وَفِي اسْتِحْبَابِ الْمُوَاظَبَةِ عَلَى قِرَاءَةِ ق شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا قَرَأَهَا أَحْيَانًا لِاقْتِضَاءِ الْحَالِ ذَلِكَ، أَوْ لِعِلْمِهِ، بِرِضَا الْحَاضِرِينَ، أَوْ لِعَدَمِ اشْتِغَالِهِمْ، وَأَجَابَ الزَّرْكَشِيُّ، بِأَنَّ فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَؤُهَا فِي خُطْبَةِ كُلِّ جُمُعَةٍ قَالَ النَّوَوِيُّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ قِرَاءَةِ قِ، أَوْ بَعْضِهَا فِي خُطْبَةِ كُلِّ جُمُعَةٍ، وَأَمَّا اشْتِرَاطُ رِضَا الْحَاضِرِينَ، فَلَا، وَجْهَ لَهُ كَمَا لَمْ يَشْتَرِطُوهُ فِي قِرَاءَةِ الْجُمُعَةِ، وَالْمُنَافِقِينَ فِي الصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَتْ السُّنَّةُ التَّخْفِيفَ. اهـ
(قَوْلُهُ: جَعَلَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى إلَخْ.) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ شَغْلُ الْيَمِينِ، بِالْمِنْبَرِ لَكِنْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَقَّبَ مِثْلَ مَا هُنَا مَا نَصُّهُ، فَلَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَشْغَلَ الْيَمِينَ بِحَرْفِ الْمِنْبَرِ، وَيُرْسِلَ الْأُخْرَى لَمْ يَبْعُدْ. اهـ.
حاشية الشربيني
قَوْلُهُ: فَبِالسَّابِعَةِ) كَأَنَّهُ لِفِعْلِ سَيِّدِنَا مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَهُ؛ لِأَنَّ «مِنْبَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ ثَلَاثَ دَرَجَاتٍ غَيْرَ الْمُسْتَرَاحِ» فَلَمَّا خَطَبَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ نَزَلَ دَرَجَةً، ثُمَّ عُمَرُ دَرَجَةً، ثُمَّ عَلِيٌّ دَرَجَةً فَلَمَّا تَوَلَّى مُعَاوِيَةُ لَمْ يَجِدْ دَرَجَةً يَنْزِلُ إلَيْهَا فَزَادَ سِتَّ دَرَجَاتٍ مِنْ أَسْفَلِهِ كَذَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ نَزَلَ دَرَجَةً فَلْيُحَرَّرْ
(قَوْلُهُ: كَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] هَذَا هُوَ الْمَنْدُوبُ، أَمَّا الْجُلُوسُ مَعَ الطُّمَأْنِينَةِ فَوَاجِبٌ كَمَا مَرَّ
(قَوْلُهُ: وَاقْصُرُوا) رَوَاهُ الْمَحَلِّيُّ، وَاقْصُرُوا بِضَمِّ الصَّادِ مِنْ قَصَرَ، وَهُوَ الْكَثِيرُ، وَأَمَّا أَقْصَرَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فَلُغَةٌ قَلِيلَةٌ، وَمَصْدَرُهَا الْإِقْصَارُ كَمَا قَالَ بَعْدُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: مُسْتَدْبِرًا لِلْقِبْلَةِ) أَيْ: وَمُسْتَقْبِلًا لِلْحَاضِرِينَ، وَيُنْدَبُ لَهُ اسْتِقْبَالُهُمْ مِنْ جِهَةِ يَمِينِهِ قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِغَيْرِهِ، وَاعْتَمَدَهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَلَعَلَّ هَذَا حِكْمَةُ وَضْعِ الْمَنَابِرِ فِي بَعْضِ الْمَسَاجِدِ مُنْحَرِفَةً. اهـ. (قَوْلُهُ: قَالَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ إلَخْ.) وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ فِيهِ عَدَمُ اسْتِحْبَابِهِ إلَّا أَنَّهُ عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ مُحْدَثٌ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ فِي شَرْحِهِ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ بِدْعَةٌ إمَّا مَكْرُوهٌ، أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى قَالَ: وَهَذَا إذَا دَعَا لَهُ بِعَيْنِهِ، أَمَّا الدُّعَاءُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَوُلَاةِ أُمُورِهِمْ بِالصَّلَاحِ، وَالْإِعَانَةِ عَلَى الْحَقِّ وَنَحْوِهِمَا، فَمُسْتَحَبٌّ بِالِاتِّفَاقِ
(ثُمَّ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْخُطْبَةِ (نَزَلْ عَنْ مِنْبَرٍ مُبْتَدِرًا مَقَامَهْ) أَيْ: الْمِحْرَابَ بِحَيْثُ يَكُونُ (بَالِغَهُ مَعَ آخِرِ الْإِقَامَهْ) لِلصَّلَاةِ مُبَالَغَةً فِي رِعَايَةِ الْوَلَاءِ وَتَخْفِيفًا عَلَى الْقَوْمِ وَيُنْدَبُ أَنْ يَخْتِمَ الْخُطْبَةَ بِالِاسْتِغْفَارِ
(وَ) يُنْدَبُ لَهُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ (سُورَةُ الْجُمُعَةِ) أَيْ: قِرَاءَتُهَا (فِي) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى) وَسُورَةُ الْمُنَافِقِينَ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى هُوَ أَيْضًا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ بِ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ} [الأعلى: 1] وَ {هَلْ أَتَاكَ} [الغاشية: 1]» قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَانَ يَقْرَأُ هَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ وَهَاتَيْنِ فِي وَقْتٍ، فَالصَّوَابُ أَنَّهُمَا سُنَّتَانِ قَالَ: وَقَدْ قَالَ الرَّبِيعُ: سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: إنَّهُ يَخْتَارُ الْجُمُعَةَ، وَالْمُنَافِقِينَ، وَلَوْ قَرَأَ بِ {سَبِّحِ} [الأعلى: 1] وَ {هَلْ أَتَاكَ} [الغاشية: 1] كَانَ حَسَنًا (وَإِنْ يَتْرُكْ) سُورَةَ الْجُمُعَةِ فِي الْأُولَى (فَبِالْمُنَافِقِينَ تَقْتَرِنْ ثَانِيَةً) أَيْ: فَيَأْتِي بِهَا مَقْرُونَةً مَعَ الْمُنَافِقِينَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ كَيْ لَا تَخْلُوَ صَلَاتُهُ عَنْهُمَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ:.
وَلَا يُعَارَضُ بِتَطْوِيلِهَا، فَإِنَّ تَرْكَهُ أَدَبًا لَا يُقَاوِمُ فَضْلَهُمَا انْتَهَى عَلَى أَنَّ تَرْكَ التَّطْوِيلِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِخِلَافِهِ وَهُنَا وَرَدَ بِخِلَافِهِ إذْ السُّنَّةُ قِرَاءَةُ الْجُمُعَةِ فِي الْأُولَى، وَالْمُنَافِقِينَ فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ {سَبِّحِ} [الأعلى: 1] فِي الْأُولَى وَ {هَلْ أَتَاكَ} [الغاشية: 1] فِي الثَّانِيَةِ مَعَ أَنَّ فِيهِ تَطْوِيلَهَا عَلَى الْأُولَى قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ قَرَأَ الْمُنَافِقِينَ فِي الْأُولَى قَرَأَ الْجُمُعَةَ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَا يُعِيدُ الْمُنَافِقِينَ وَتَعْبِيرُ النَّظْمِ بِالتَّرْكِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي كَالرَّافِعِيِّ بِالنِّسْيَانِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ النِّسْيَانِ وَغَيْرِهِ كَمَا بَيَّنَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَيُنْدَبُ قِرَاءَةُ الْكَهْفِ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا وَإِكْثَارُ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذَلِكَ وَإِكْثَارُ الدُّعَاءِ يَوْمَهَا رَجَاءَ أَنْ يُصَادِفَ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ، فَفِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ بَعْدَ ذِكْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ «فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُقَلِّلُهَا»، وَفِي رِوَايَةِ لِمُسْلِمٍ «وَهِيَ سَاعَةٌ خَفِيفَةٌ» وَوَرَدَ تَعْيِينُهَا، فَفِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «يَوْمُ الْجُمُعَةِ ثَنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوجَدُ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ»، وَفِي خَبَرِ مُسْلِمٍ «هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ» أَيْ: عَلَى الْمِنْبَرِ «إلَى أَنْ يَقْضِيَ الصَّلَاةَ» أَيْ: يَفْرُغَ مِنْهَا وَصَوَّبَ هَذَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ.
ثُمَّ قَالَ فِيهِ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا مُنْتَقِلَةٌ تَكُونُ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ فِي وَقْتٍ، وَفِي بَعْضِهَا فِي آخَرَ كَمَا هُوَ الْمُخْتَارُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَقَالَ فِيهِ بَعْدَ ذِكْرِ أَقْوَالِ التَّعْيِينِ فِيمَا ذُكِرَ وَغَيْرِهِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ، وَلَيْسَ مَعْنَى الْأَقْوَالِ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ وَقْتٌ لِهَذِهِ السَّاعَةِ، بَلْ الْمَعْنَى أَنَّهَا تَكُونُ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ الْوَقْتِ لِقَوْلِهِ: وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا قَالَ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ صَحِيحٌ وَذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ بَلَغَهُ أَنَّهُ يُسْتَجَابُ الدُّعَاءُ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ وَأَنَّهُ اسْتَحَبَّ الدُّعَاءَ فِيهَا
(وَتَحْضُرُ الْعَجُوزُ) إنْ أَذِنَ لَهَا زَوْجُهَا إنْ كَانَ وَلَمْ تَتَزَيَّنْ وَلَمْ تَتَطَيَّبْ كَمَا زَادَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: (قُلْت بِإِذْنِ زَوْجِهَا يَجُوزُ) أَيْ حُضُورُهَا (وَإِنْ يَكُنْ لِبَاسُهَا مَشْهُورَا، أَوْ صَحِبَتْ طِيبًا، فَلَا حُضُورَا) أَيْ يُكْرَهُ لَهَا الْحُضُورُ، وَإِنْ أَذِنَ لَهَا زَوْجُهَا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا شَهِدَتْ إحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ، فَلَا تَمَسَّ طِيبًا» وَخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «لَا تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ وَلَكِنْ لِيَخْرُجْنَ وَهُنَّ تَفِلَاتٌ» بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ تَارِكَاتٌ لِلطِّيبِ وَلِخَوْفِ الْمَفْسَدَةِ، أَمَّا إذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ وَلَمْ يَأْذَنْ لَهَا، فَيَحْرُمُ
حاشية العبادي
قَوْلُهُ: فَبِالْمُنَافِقِينَ تَقْتَرِنْ) لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ الْوَقْتِ إلَّا مَا يَسَعُ إحْدَاهُمَا، فَيُتَّجَهُ قِرَاءَةُ الْمُنَافِقِينَ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَهَا بِالْأَصَالَةِ، فَهِيَ أَحَقُّ بِهَا. اهـ.، فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: الْجُمُعَةَ فِي الْأُولَى إلَخْ.) (فَرْعٌ)
لَوْ قَرَأَ الْجُمُعَةَ فِي الْأُولَى وَ {هَلْ أَتَاكَ} [الغاشية: 1] فِي الثَّانِيَةِ، أَوْ الْجُمُعَةَ، وَالْمُنَافِقِينَ فِي الْأُولَى وَ {سَبِّحِ} [الأعلى: 1] وَ {هَلْ أَتَاكَ} [الغاشية: 1] فِي الثَّانِيَةِ حَصَلَ أَصْلُ السُّنَّةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَا يُقَالُ: لَمْ يَرِدْ ذَلِكَ، فَلَا يَحْصُلُ بِهِ أَصْلُ السُّنَّةِ؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْمُنَافِقِينَ فِي الْأُولَى، وَالْجُمُعَةِ فِي الثَّانِيَةِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الثَّانِيَةِ يَحْصُلُ بِهِ أَصْلُ السُّنَّةِ مَعَ عَدَمِ وُرُودِهِ (قَوْلُهُ: قَرَأَ الْجُمُعَةَ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ: وَلَا نَظَرَ إلَى لُزُومِ مُخَالَفَةِ تَرْتِيبِ السُّوَرِ هُنَا لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ الْمَطْلُوبِ فِي هَذِهِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: يَوْمَهَا، وَلَيْلَتَهَا)، وَقِرَاءَتُهَا يَوْمَهَا أَفْضَلُ (قَوْلُهُ: أَوْ إكْثَارُ الصَّلَاةِ) الْوَجْهُ أَنَّ قِرَاءَةَ الْكَهْفِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا تَسَاوَيَا فِي الْقَدْرِ؛ لِأَنَّ الْكَهْفَ مَطْلُوبَةٌ، بِخُصُوصِهَا فِي هَذَا الزَّمَنِ مَعَ أَنَّ الْقُرْآنَ فِي نَفْسِهِ أَكْثَرُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ قِرَاءَةَ الْكَهْفِ مَعَ التَّدَبُّرِ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَتِهَا بِدُونِهِ خِلَافًا لِمَا تُوُهِّمَ مِنْ تَسَاوِيهِمَا تَمَسُّكًا، بِمَا هُوَ وَهْمٌ مَحْضٌ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى النَّاظِرِ فِيهِ
(قَوْلُهُ: وَتَحْضُرُ الْعَجُوزُ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ اقْتَضَتْ عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ كَأَصْلِهِ الْإِبَاحَةَ، وَهِيَ لَا تُنَافِي أَنْ يَكُونَ الْأَوْلَى لَهُنَّ التَّرْكُ لِعُمُومِ حَدِيثِ «، وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ» قَالَ: وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ صَرِيحَةٌ فِي اسْتِحْبَابِ حُضُورِ الْجَمَاعَةِ لَهُنًّ، وَفِي الرَّوْضَةِ لَا بَأْسَ عَلَى الْعَجُوزِ فِي الْحُضُورِ، وَفِي بَابِ الْعِيدِ يُسْتَحَبُّ لَهُنَّ الْخُرُوجُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَالْمُدْرَكُ فِي الْجَمِيعِ وَاحِدٌ قَالَ الْجَوْجَرِيُّ، وَإِذَا نَظَرْت إلَى عُمُومِ الطَّلَبِ، وَأَنَّهُ مُخْتَلِفٌ فِي هَذِهِ الْأَبْوَابِ مَنَعْت قَوْلَهُ: وَالْمُدْرَكُ وَاحِدٌ كَذَا، بِخَطِّ شَيْخِنَا، وَلَعَلَّ الْوَجْهَ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: يَجُوزُ)
حاشية الشربيني
مِنْ كَلَامِ الرَّوْضَةِ، وَقَوْلُهُ: وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ إلَخْ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ إلَخْ.) بِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِالْمَحْصُورِينَ الرَّاضِينَ بِالتَّطْوِيلِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا) أَيْ: فِي، وَقْتِ الْإِجَابَةِ مِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ
(قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ لَهُمَا الْحُضُورُ) أَيْ: مَعَ الرِّجَالِ، أَمَّا حُضُورُهُمَا مُنْفَرِدَتَيْنِ فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ لَكِنَّهُ خِلَافُ حُضُورُهَا، وَإِنْ خَلَتْ عَنْ الزِّينَةِ، وَالطِّيبِ.
وَفِي مَعْنَى الزَّوْجِ السَّيِّدُ وَخَرَجَ بِالْعَجُوزِ أَيْ: غَيْرُ الْمُشْتَهَاةِ الشَّابَّةُ، وَالْمُشْتَهَاةُ، فَيُكْرَهُ لَهُمَا الْحُضُورُ كَمَا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْخُنْثَى فِي ذَلِكَ كَالْأُنْثَى
(وَوَاجِدُ الْفُرْجَةِ) إذَا لَمْ يَبْلُغْهَا إلَّا بِتَخَطٍّ، وَإِنْ وَجَدَ غَيْرَهَا (وَالْإِمَامُ) إذَا لَمْ يَبْلُغْ الْمِنْبَرَ أَوْ الْمِحْرَابَ إلَّا بِهِ (إذَا تَخَطَّى) كُلٌّ مِنْهُمَا (النَّاسَ) فِي ذَهَابِهِ إلَى ذَلِكَ (لَا يُلَامُ) عَلَيْهِ لِتَقْصِيرِ الْقَوْمِ بِإِخْلَاءِ الْفُرْجَةِ وَاضْطِرَارِ الْإِمَامِ إلَى ذَلِكَ وَشُرِطَ ذَلِكَ فِي الْمَأْمُورِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ أَنْ لَا يَتَخَطَّى إلَّا رَجُلًا أَوْ رَجُلَيْنِ لِأَنَّهُ يَسِيرٌ، فَلَا يَكْثُرُ بِهِ الْأَذَى بِخِلَافِ مَا فَوْقَ ذَلِكَ يُكْرَهُ فِيهِ التَّخَطِّي وَاحْتَجُّوا لَهُ بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَأَى رَجُلًا يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ، فَقَالَ لَهُ: اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْت وَآنَيْت» أَيْ تَأَخَّرْت رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَقَيَّدَ الْأَصْحَابُ الْكَرَاهَةَ بِمَا إذَا رَجَا أَنْ يَتَقَدَّمُوا إذَا قَامُوا إلَى الصَّلَاةِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْكَرَاهَةِ، فَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ يَقْتَضِي أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ.
وَنَقَلَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ وَاخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي الشَّهَادَاتِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ كَالْخَبَرِ السَّابِقِ وَتُفَارِقُ إبَاحَةَ التَّخَطِّي حَيْثُ قُيِّدَتْ بِرَجُلٍ أَوْ رَجُلَيْنِ إبَاحَةَ خَرْقِ الصُّفُوفِ حَيْثُ لَمْ تُقَيَّدْ بِذَلِكَ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ فِي تَرْكِ خَرْقِهَا إدْخَالًا لِلنَّقْصِ عَلَى صَلَاتِهِ وَصَلَاتِهِمْ بِخِلَافِ تَرْكِ تَخَطِّي الرِّقَابِ، فَإِنَّهُ إذَا صَبَرَ تَقَدَّمُوا عِنْدَ إقَامَةِ الصُّفُوفِ وَتَسْوِيَتِهَا لِلصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْمُرَ بِتَسْوِيَتِهَا كَمَا فَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي التَّوْشِيحِ:، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْهَمَ مِنْ قَوْلِهِمْ: رَجُلًا، أَوْ رَجُلَيْنِ صَفًّا، أَوْ صَفَّيْنِ، بَلْ اثْنَيْنِ مُطْلَقًا، فَقَدْ يَحْصُلُ تَخَطِّي اثْنَيْنِ مِنْ صَفٍّ وَاحِدٍ لِازْدِحَامٍ وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْبَيْعِ وَقْتَ النِّدَاءِ فِي بَابِهِ
. (بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ) أَيْ: كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ عِنْدَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُحْتَمَلُ فِيهَا عِنْدَهُ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِيهَا عِنْدَ غَيْرِهِ وَقَدْ جَاءَتْ فِي الْأَخْبَارِ عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ نَوْعًا اخْتَارَ الشَّافِعِيُّ مِنْهَا الْأَنْوَاعَ الْآتِيَةَ فِي النَّظْمِ، وَالْأَصْلُ فِيهَا قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ} [النساء: 102] الْآيَةَ
حاشية العبادي
قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُنَّ أَيْ: لِلْعَجَائِزِ ذَلِكَ. اهـ
(قَوْلُهُ: وَوَاجِدِ الْفُرْجَةِ) هَذَا الْحُكْمُ عَامٌّ فِي سَائِرِ الْمَجَالِسِ، وَلَوْ لِغَيْرِ صَلَاةٍ عَلَى الصَّحِيحِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْجَوْجَرِيُّ بِرّ (قَوْلُهُ: الْإِمَامُ) صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ، بِأَنَّ مَحَلَّ تَخَطِّيهِ إذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا قَالَ الْجَوْجَرِيُّ، وَهُوَ مُرَادُ الشَّارِحِ بِرّ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا فَوْقَ ذَلِكَ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ، فَإِنْ زَادَ فِي التَّخَطِّي عَلَيْهِمَا، وَرَجَا أَنْ يَتَقَدَّمُوا إلَى الْفُرْجَةِ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ كُرِهَ لِكَثْرَةِ الْأَذَى. اهـ. وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بَيَانُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إدْخَالًا لِلنَّقْصِ إلَخْ.) وَأَيْضًا، فَلِتَحَقُّقِ التَّقْصِيرِ مِنْهُمْ بِرّ
(بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ)
(قَوْلُهُ: الْأَنْوَاعُ الْآتِيَةُ) فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى الْقَوْلِ، بِجَوَازِهَا دُونَ بَقِيَّةِ السِّتَّةَ عَشَرَ
حاشية الشربيني
الْأَفْضَلِ هَذَا مُقْتَضَى شَرْحِ الرَّوْضِ فِي بَابِ الْجَمَاعَةِ. اهـ
(قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَتَخَطَّى إلَخْ.) إلَّا إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا، أَوْ لَمْ يَرْجُ أَنَّهُمْ يَسُدُّونَهَا عِنْدَ الْقِيَامِ. اهـ. تُحْفَةٌ، وَلَوْ، وَجَدَ فُرْجَةً يَتَخَطَّى إلَيْهَا رَجُلًا، وَأُخْرَى يَتَخَطَّى إلَيْهَا رَجُلَيْنِ فَالْوَجْهُ عَدَمُ كَرَاهَةِ التَّخَطِّي لِلثَّانِيَةِ لِأَنَّ تَخَطِّيَ الصَّفَّيْنِ مَأْذُونٌ فِيهِ، وَالْوُصُولُ إلَيْهَا أَكْمَلُ سم
[بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ]
(بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ) (قَوْلُهُ: يُحْتَمَلُ فِيهَا) أَيْ: فِي الْفَرَائِضِ الْمُؤَدَّاةِ أَوْ الْفَائِتَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ، وَكَذَا النَّفَلُ الْمُؤَقَّتُ كَالْعِيدِ، وَالضُّحَى، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْمَنْهَجِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَمَّا الْفَائِتَةُ بِعُذْرٍ فَلَا تُشْرَعُ فِيهَا إلَّا إذَا خِيفَ فَوْتُهَا بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ: مَا لَا يُحْتَمَلُ إلَخْ.) كَتَطْوِيلِ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ، وَهُوَ الِاعْتِدَالُ فِي صَلَاةِ عُسْفَانَ، وَفُحْشِ الْمُخَالَفَةِ فِي صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ لِلْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ إذْ هِيَ مُقْتَدِيَةٌ بِالْإِمَامِ حُكْمًا، وَإِنْ انْفَرَدَتْ حِسًّا، وَاقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ فِي صَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ، وَالْأَفْعَالُ الْكَثِيرَةُ الْمُتَوَالِيَةُ لِحَاجَةِ الْقِتَالِ، وَتَرْكِ الِاسْتِقْبَالِ، وَالتَّقَدُّمِ عَلَى الْإِمَامِ فِي جِهَتِهِ، وَالِاقْتِدَاءِ مَعَ بَعْضِ الْمَسَافَةِ بَيْنَ الْإِمَامِ، وَالْمَأْمُومِ فِي صَلَاةِ شِدَّةِ الْخَوْفِ. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: اخْتَارَ الشَّافِعِيُّ إلَخْ.) أَيْ: مَعَ جَوَازِ غَيْرِهَا أَيْضًا عِنْدَهُ لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ بِهَا، وَقَدْ قَالَ إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي، وَمَحَلُّهُ إذَا تَرَدَّدَ، وَقْتَ الِاسْتِنْبَاطِ، وَلَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدَهُ شَيْءٌ لَا أَنَّ كُلَّ حَدِيثٍ صَحِيحٌ يَكُونُ مَذْهَبًا لَهُ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ أَحَادِيثَ صَحِيحَةً لَمْ يَأْخُذْ بِهَا لِكَوْنِ غَيْرِهَا أَصَحَّ مِنْهَا عِنْدَهُ، وَإِنَّمَا اخْتَارَ هَذِهِ الْأَنْوَاعَ لِسُهُولَتِهَا، وَكَثْرَةِ مُخَرِّجِيهَا، وَقِلَّةِ الْأَفْعَالِ فِيهَا. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ.
وَمَا قَالَهُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِنَصِّ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ، وَالرَّوْضِ، وَهَذَا الشَّارِحُ عَلَى جَوَازِ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَاتِ الرِّقَاعِ، وَهِيَ أَنْ تَذْهَبَ الْأُولَى بَعْدَ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ سَاكِتَةً تَقِفُ فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ، وَتَجِيءَ الثَّانِيَةُ تُصَلِّي رَكْعَةً وَتَذْهَبَ سَاكِتَةً بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ، ثُمَّ يُتِمُّونَ عَلَى التَّرْتِيبِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ عِنْدَ كَوْنِ الْعَدُوِّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ، وَثَمَّ سَاتِرٌ لَا إنْ كَانَ فِي غَيْرِهَا. اهـ. مَرْصَفِيٌّ (قَوْلُهُ: اخْتَارَ الشَّافِعِيُّ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ السِّتَّةَ عَشَرَ الَّتِي جَاءَتْ فِي الْأَخْبَارِ هَذَا مَعْنَى عِبَارَتِهِ، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اخْتَارَ الثَّلَاثَةَ الْأُولَى مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ نَوْعًا، وَرَدَتْ فِي الْأَحَادِيثِ، وَاخْتَارَ الرَّابِعَ مِنْ الْقُرْآنِ، وَلَمْ تَرِدْ بِهِ السُّنَّةُ خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِيهَا) أَيْ: مَا عَدَا شِدَّةَ ، وَالْأَخْبَارُ الْآتِيَةُ مَعَ خَبَرِ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» وَاسْتَمَرَّتْ الصَّحَابَةُ عَلَى فِعْلِهَا بَعْدَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَادَّعَى الْمُزَنِيّ نَسْخَهَا لِتَرْكِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأَجَابُوا عَنْهُ بِتَأَخُّرِ نُزُولِهَا عَنْهُ؛ لِأَنَّهَا نَزَلَتْ سَنَةَ سِتٍّ، وَالْخَنْدَقُ كَانَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَقِيلَ: خَمْسٍ وَتَجُوزُ فِي الْحَضَرِ خِلَافًا لِمَالِكٍ
وَلِلْخَوْفِ حَالَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى حَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ أَحَدٌ مِنْ تَرْكِ الْقِتَالِ وَسَيَأْتِي وَثَانِيَتُهُمَا أَنْ لَا يَنْتَهِيَ إلَى ذَلِكَ وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ أَحَدُهَا فِيمَا إذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ، وَالْآخَرُ فِيمَا إذَا كَانَ فِي غَيْرِهَا وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِ الْأَوَّلِ، فَقَالَ: (إنْ أَمْكَنَ الْكَفُّ عَنْ الْمُقَاتَلَهْ لِبَعْضِ مَنْ يُحَارَبُونَ) أَيْ: إنْ أَمْكَنَ بَعْضَ مَنْ يُحَارِبُ مِنَّا كَفُّهُ عَنْ مُقَاتَلَةِ عَدُوِّهِ (كَانَ لَهْ) أَيْ: مَنْ يُحَارِبُ (صَلَاةُ عُسْفَانَ) أَيْ: أَنْ يُصَلِّيَ مِثْلَ «صَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعُسْفَانَ» كَمَا رَوَاهَا مُسْلِمٌ، وَلَوْ جُمُعَةً وَهِيَ بِضَمِّ الْعَيْنِ قَرْيَةٌ بِقُرْبِ خُلَيْصٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ سُمِّيَتْ بِهِ لِعَسْفِ السُّيُولِ فِيهَا (بِأَنْ يُصَلِّي إمَامُنَا أَوْ نَائِبٌ) لَهُ (بِالْكُلِّ) أَيْ: بِكُلِّ الْمُحَارِبِينَ مِنَّا فَتَعْبِيرُهُ بِالْكُلِّ أَوْلَى مِنْ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِ الْحَاوِي: إنْ أَمْكَنَ تَرْكُ الْقِتَالِ لِبَعْضٍ صَلَّى بِهِمْ لِسَلَامَتِهِ مِنْ إيهَامِ عَوْدِ الضَّمِيرِ لِبَعْضِ الْمُحَارِبِينَ (ثُمَّ إذَا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى سَجَدْ تَحْرُسُ فِرْقَةٌ) مِنَّا (عَلَيْهَا مُعْتَمَدْ) فِي الْحِرَاسَةِ وَتَسْجُدُ مَعَهُ الْفِرْقَةُ الْأُخْرَى وَإِنَّمَا لَمْ تُطْلَبْ الْحِرَاسَةُ فِي الرُّكُوعِ لِتَمَكُّنِ الرَّاكِعِ فِيهِ مِنْهَا (وَبِالْفَرَاغِ مِنْ سُجُودٍ لَابِسَهْ) أَيْ: تَلَبَّسَ بِهِ (إمَامُهُمْ تَسْجُدُ تِلْكَ) الْفِرْقَةُ (الْحَارِسَهْ، وَالْتَحَقَتْ بِهِ) فِي الْقِيَامِ (عَلَى) قَدْرِ (الْإِمْكَانِ) مِنْ سُجُودِهَا وَفَرَاغِهَا مِنْهُ وَوَافَقَتْهُ إلَى اعْتِدَالِ الثَّانِيَةِ (وَحِينَ يَسْجُدُ الْإِمَامُ ثَانِي) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ أَيْ ثَانِيًا أَيْ: فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ (يَحْرُسُهُمْ) فِيهَا (مَنْ كَانَ حَارِسًا فِي أَوَّلَةٍ) أَيْ: الْحَارِسُونَ فِي الْأَوْلَى (أَوْ غَيْرُهُمْ مِنْ صَفِّ، أَوْ ضِعْفِهِ)، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْحَارِسُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فِرْقَةً وَاحِدَةً وَفِرْقَتَيْنِ مِنْ صَفٍّ أَوْ صَفَّيْنِ عَلَى الْمُنَاوَبَةِ بَلْ وَصَفَّيْنِ، فَأَكْثَرَ مِنْ صُفُوفٍ كَثِيرَةٍ كَذَلِكَ لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِكُلِّ ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ الْعُذْرِ.
(ثُمَّ إذَا مَا فَرَغَا سُجُودَهُ) بِالنَّصْبِ وَبِالرَّفْعِ أَيْ: ثُمَّ إذَا فَرَغَ الْإِمَامُ سُجُودَهُ، أَوْ فَرَغَ سُجُودُ الْإِمَامِ فِي الثَّانِيَةِ (تَسْجُدُ حُرَّاسُ الْوَغَى) أَيْ الْحَرْبِ سُمِّيَتْ بِهِ لِمَا فِيهَا مِنْ الصَّوْتِ، وَالْجَلَبَةِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ (وَلَحِقَتْ) أَيْ: الْحُرَّاسُ (تَشَهُّدَ الْإِمَامِ وَسَلَّمَ الْإِمَامُ بِالْأَقْوَامِ) الْمُقْتَدِينَ بِهِ كُلِّهِمْ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ: وَحِينَ يَسْجُدُ إلَى هُنَا مَعَ الْإِعْلَامِ بِتَسْمِيَةِ مَا ذُكِرَ بِصَلَاةِ عُسْفَانَ مِنْ زِيَادَتِهِ، هَذَا كُلُّهُ
حاشية العبادي
مَعَ مَجِيءِ الْجَمِيعِ مَا لَا يَخْفَى مِنْ الْإِشْكَالِ إنْ أَرَادَ بِاخْتِيَارِهَا امْتِنَاعَ غَيْرِهَا كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ
(قَوْلُهُ: لِبَعْضِ إلَخْ.) مُتَعَلِّقٌ بِأَمْكَنَ (قَوْلُهُ: أَيْ: مَنْ يُحَارَبُ) أَيْ: لَا الْبَعْضِ (قَوْلُهُ: لِسَلَامَتِهِ مِنْ إيهَامِ عَوْدٍ إلَخْ.)، وَلَا يُنَافِيهِ جَمْعُ الضَّمِيرِ؛ لِأَنَّهُ، بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ: ثَانِيَ) ؛لِأَنَّ ثَانَوِيَّةَ السُّجُودِ، بِاعْتِبَارِ النَّوْعِ؛ لِأَنَّهُ فِي رَكْعَةٍ أُخْرَى، وَإِنْ تَعَدَّدَ كُلٌّ مِنْ الْأُولَى، وَالثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ: فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ لَا تَفْسِيرٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُنَاوَبَةِ)، أَوْ عَلَيْهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ: عَلَى الْمُنَاوَبَةِ، أَوْ لَا عَلَيْهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: بِالنَّصْبِ) عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ، وَالْفَاعِلُ ضَمِيرُ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَبِالرَّفْعِ) عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ
حاشية الشربيني
الْخَوْفِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَإِذَا سَجَدُوا إنْ حُمِلَ عَلَى فَرَغُوا مِنْ السُّجُودِ مِنْ تَمَامِ رَكْعَتِهِمْ كَانَتْ صَلَاةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى فَرَغُوا مِنْ صَلَاتِهِمْ كَانَتْ بَطْنَ نَخْلٍ، وَإِنْ حُمِلَ قَوْلُهُ: لَمْ يُصَلُّوا عَلَى لَمْ يَسْجُدُوا مَعَك فَلْيُصَلُّوا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ إطْلَاقِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ، وَيَكُونُ مَعْنَى، وَلِتَأْتِ أَيْ: مِنْ سُجُودِ رَكْعَتِهِمْ الْأُولَى الَّذِي انْفَرَدُوا بِهِ عَنْ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ كَانَتْ صَلَاةَ عُسْفَانَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: نَسْخَهَا) أَيْ: صَلَاةِ الْخَوْفِ مِنْ أَصْلِهَا لَكِنَّ فِي تَعْلِيلِ النَّسْخِ بِالتَّرْكِ نَظَرًا إذْ لَيْسَتْ وَاجِبَةً إلَّا أَنَّ هُنَاكَ تَغْرِيرًا بِالْمُسْلِمِينَ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَأَجَابُوا إلَخْ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ شُرِعَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فِيمَا بَيْنَ سَنَةِ أَرْبَعٍ، وَخَمْسٍ، وَلَمْ يَقَعْ فِيهَا قِتَالٌ بَلْ خَوْفٌ، وَغَنِيمَةٌ، وَكَانَتْ قَبْلَ غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ، وَلَمْ تُفْعَلْ فِيهِ لِفَقْدِ شَرْطِهَا قَالَ شَيْخُنَا وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ مُوَزَّعَةٌ عَلَى أَحْوَالِ الْعَدُوِّ فَلَا يَجُوزُ فِعْلُ نَوْعٍ مِنْهَا فِي غَيْرِ حَالَتِهِ
(قَوْلُهُ: عَلَيْهَا مُعْتَمَدٌ) نَصَّ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَلَى جَوَازِ كَوْنِ الْحَارِسِ وَاحِدًا لَكِنَّهُ يُكْرَهُ غَيْرُ الْجَمْعِ، وَخَالَفَ م ر كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: عَلَيْهَا مُعْتَمَدٌ) بِأَنْ تَكُونَ مُقَاوَمَةً لِلْكُفَّارِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْحَارِسُ وَاحِدًا اُشْتُرِطَ أَنْ لَا يَزِيدَ الْكُفَّارُ عَلَى اثْنَيْنِ. اهـ. م ر، وَقَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الْمَرْصَفِيِّ فِيمَا كَتَبَهُ عَلَى حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ الَّذِي تَحَرَّرَ فِي دَرْسِ شَيْخِنَا الْقُوَيْسِنِيِّ أَنَّ الْمُقَاوَمَةَ شَرْطٌ فِي عُسْفَانَ، وَكَذَا ذَاتُ الرِّقَاعِ، وَأَنَّهَا أَيْ الْمُقَاوَمَةَ فِيمَا زَادَ شَرْطٌ لِلسُّنِّيَّةِ فِي بَطْنِ نَخْلٍ فَبِدُونِهَا تَصِحُّ لَكِنْ لَا تُسَنُّ. اهـ.
وَقَوْلُهُ: تَصِحُّ أَيْ: وَتَجُوزُ أَيْضًا إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَغْرِيرٌ، وَإِلَّا حَرُمَتْ. اهـ. وَنُقِلَ عَنْ ع ش أَنَّ الْمُقَاوَمَةَ شَرْطٌ لِلسُّنِّيَّةِ إذَا جَازَ فِعْلُهَا فِي الْأَمْنِ كَالْفِرْقَةِ الْأُولَى فِي صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ، أَمَّا مَا لَا يَجُوزُ كَالْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ فَالْمُقَاوَمَةُ شَرْطٌ فِيهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يَجُوزُ فِي الْأَمْنِ كَصَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ فَالْمُقَاوَمَةُ فِيهِ سُنَّةٌ، وَمَا لَا يَجُوزُ فِيهِ كَصَلَاةِ عُسْفَانَ، وَصَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ لِلْفُرْقَةِ الثَّانِيَةِ فَهِيَ فِيهِ شَرْطٌ لِلْجَوَازِ، وَالصِّحَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فِي الْقِيَامِ) فَلَوْ وَجَدُوهُ رَاكِعًا رَكَعُوا مَعَهُ، وَسَقَطَتْ عَنْهُمْ الْفَاتِحَةُ فَإِنْ لَمْ (إنْ يَكُنِ الْعَدُوُّ وَجْهَ الْقِبْلَةِ) لِيَتَمَكَّنَ الْحَارِسُونَ مِنْ رُؤْيَتِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِمْ الْعَدُوَّ لِيَأْمَنُوا كَيْدَهُ وَمِنْ كَثْرَتِهِمْ لِتَسْجُدَ طَائِفَةٌ وَتَحْرُسَ أُخْرَى كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا فِي قَوْلِهِ: (قُلْت:) مَحَلُّهُ إذَا كَانُوا (بِأَرْضٍ اسْتَوَتْ، أَوْ قُلَّهْ) أَيْ، أَوْ قُلَّةِ جَبَلٍ بِضَمِّ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ رَأْسُهُ (وَمَا لَهُمْ عَنْ الْعُيُونِ سُتْرَهْ) تَمْنَعُ رُؤْيَتَهُمْ الْعَدُوَّ (وَقَدْ رَأَى) أَيْ الْإِمَامُ (فِي الْمُسْلِمِينَ كَثْرَهْ) وَقَوْلُهُ: وَمَا لَهُمْ عَنْ الْعُيُونِ سَتْرُهُ يُغْنِي عَمَّا قَبْلَهُ وَعِبَارَتُهُ فِي هَذَا النَّوْعِ صَادِقَةٌ بِأَنْ يَسْجُدَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ فِي الرَّكْعَةِ، وَالثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِيهَا بِمَكَانِهِ أَوْ تَحَوَّلَ مَكَانَ الْآخَرِ وَبِعَكْسِ ذَلِكَ، فَهِيَ أَرْبَعُ كَيْفِيَّاتٍ، بَلْ إنْ ثَنَّيْت ضَمِيرَ فِيهَا السَّابِقَ، فَقُلْت فِيهِمَا كَانَتْ ثَمَانِيًا وَكُلُّهَا جَائِزَةٌ إذَا لَمْ تَكْثُرْ أَفْعَالُهُمْ فِي التَّحَوُّلِ، لَكِنَّ الْأَصْحَابَ لَمْ يُصَرِّحُوا إلَّا بِالْأَرْبَعِ فَلْنُوَافِقْهُمْ فِي التَّقْرِيرِ اخْتِصَارًا، فَنَقُولُ كُلُّ الْأَرْبَعِ جَائِزَةٌ لَكِنَّ الثَّانِيَةَ مِنْهَا أَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا الثَّابِتَةُ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ وَلِجَمْعِهَا بَيْنَ تَقَدُّمِ الْأَفْضَلِ، وَهُوَ الْأَوَّلُ بِسُجُودِهِ مَعَ الْإِمَامِ وَجُبِرَ الثَّانِي بِتَحَوُّلِهِ مَكَانَ الْأَوَّلِ وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ الْأَخِيرَتَيْنِ مَعَ الْإِشَارَةِ
حاشية العبادي
قَوْلُهُ: بِأَنْ يَسْجُدَ الصَّفُّ إلَخْ.) أَيْ: أَوَّلًا (قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِيهَا) أَيْ: فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: بِمَكَانِهِ) كَيْفِيَّةُ أَوْلَى (قَوْلُهُ: أَوْ تَحَوَّلَ مَكَانٌ) كَيْفِيَّةٌ ثَانِيَةٌ، وَالْمُرَادُ فِيهَا أَنَّ الثَّانِيَ يَتَقَدَّمُ، وَيَسْجُدُ أَوَّلًا، وَذَلِكَ هُوَ الْوَارِدُ فِي مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: أَوْ تَحَوَّلَ مَكَانَ الْآخَرِ) الظَّاهِرُ أَنَّ التَّحَوُّلَ فِي الِاعْتِدَالِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْحَاجَةِ لَكِنْ فِي شَرْحِ الْكَمَالِ الْمَقْدِسِيَّ عَلَى الْإِرْشَادِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي قِيَامِ الثَّانِيَةِ بِرّ (قَوْلُهُ: أَوْ تَحَوَّلَ مَكَانَ الْآخَرِ) أَيْ: تَحَوَّلَ، وَسَجَدَ فِي الثَّانِيَةِ أَوَّلًا، فَيَكُونُ السَّاجِدُ مَعَ الْإِمَامِ أَوَّلًا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ هُوَ الصَّفُّ الْمُقَدَّمُ حِسًّا، وَالْحَارِسُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ هُوَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ حِسًّا هَذَا مُرَادُهُ، وَهُوَ الْوَارِدُ فِي مُسْلِمٍ كَمَا يَجِيءُ، فَافْهَمْهُ، فَإِنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِهِ: وَالثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ أَنَّ الَّذِي يَسْجُدُ مَعَ الْإِمَامِ فِي الثَّانِيَةِ أَوَّلًا هُوَ الْمُؤَخَّرُ فِي الْحِسِّ، وَيَكُونُ مَعْنَى تَحَوُّلِ الثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ أَنْ يَتَحَوَّلَ لِيَحْرُسَ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُرَادِ الشَّارِحِ قَطْعًا، فَاحْذَرْهُ، فَإِنَّ الْوَارِدَ فِي مُسْلِمٍ هُوَ الَّذِي قَرَّرْته كَمَا فِي شَرْحِ الْكَمَالِ الْمَقْدِسِيَّ وَغَيْرِهِ.
وَيُعْلَمُ ذَلِكَ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي: لَكِنَّ الثَّانِيَةَ مِنْهَا، أَوْلَى إلَى آخِرِ مَا قَرَّرَهُ بَلْ، وَكَلَامُهُ هُنَا صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِرّ (قَوْلُهُ: وَبِعَكْسِ ذَلِكَ) هُوَ كَيْفِيَّتَانِ (قَوْلُهُ: إذَا ثَبَتَ ضَمِيرُ فِيهَا السَّابِقُ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ: وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِيهِمَا، بِمَكَانِهِ (قَوْلُهُ: كَانَتْ ثَمَانِيَا) بَيَانُ ذَلِكَ أَنْ يُفْرَضَ، بِسُجُودِ الْأُولَى فِي الْأُولَى، وَالثَّانِيَةِ فِي الثَّانِيَةِ مَعَ فَرْضِ تَقَدُّمٍ، وَتَأَخُّرٍ فِي الْأُولَى، وَعَدَمِهِ، وَمَعَ فَرْضِ تَقَدُّمٍ، وَتَأَخُّرٍ فِي الثَّانِيَةِ، وَعَدَمِهِ، فَهَذِهِ أَرْبَعُ كَيْفِيَّاتٍ، وَأَنْ يُفْرَضَ حِرَاسَةُ الْأُولَى فِي الْأُولَى، وَالثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ، وَعَدَمِهِ، فَهَذِهِ أَيْضًا أَرْبَعٌ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى سُجُودُ الْأَوَّلِ فِي الْأُولَى، وَالثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ، وَعَكْسِهِ مَعَ فَرْضِ تَقَدُّمٍ، وَتَأَخُّرٍ، وَعَدَمِهِ فِي كُلٍّ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ اثْنَانِ فِي أَرْبَعٍ، بِثَمَانِيَةٍ كَذَا، بِخَطِّ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الثَّانِيَةَ إلَخْ.)، وَهِيَ سُجُودُ الْأَوَّلِ فِي الْأُولَى، وَالثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ مَعَ التَّحَوُّلِ فِيهَا، وَالْمُرَادُ أَنَّ تَحَوُّلَ الثَّانِي لِيَسْجُدَ فِيهَا أَوَّلًا (قَوْلُهُ: مَعَ الْإِمَامِ) أَيْ: فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى
حاشية الشربيني
يَرْكَعُوا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ إنْ هَوَى لِلسُّجُودِ. اهـ. ح ل وَح ف
(قَوْلُهُ: إنْ يَكُنْ الْعَدُوُّ إلَخْ.) هَذِهِ شُرُوطٌ لِلْجَوَازِ، وَالصِّحَّةِ فَمَتَى اخْتَلَّ شَرْطٌ لَا تَصِحُّ. اهـ. بج وَع ش.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَسْجُدَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى) أَيْ: وَيَحْرُسَ ثَانٍ فَإِذَا قَامَ الْإِمَامُ، وَالسَّاجِدُونَ سَجَدَ مَنْ حَرَس، وَلَحِقَهُ، وَسَجَدَ مَعَهُ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَالثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ. فَإِذَا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ سَجَدَ مَنْ حَرَسَ، وَتَشَهَّدَ، وَسَلَّمَ بِالْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِيهَا بِمَكَانِهِ)، أَوْ تَحَوَّلَ مَكَانَ الْآخَرِ قَالَ الْمَحَلِّيُّ هُمَا الْوَارِدَانِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ قَالَ ق ل، وَأَمَّا الْعَكْسُ، وَهُوَ سُجُودُ الصَّفِّ الثَّانِي فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَهُوَ فِي مَكَانِهِ، أَوْ بَعْدَ التَّقَدُّمِ، وَالتَّأَخُّرِ فَغَيْرُ وَارِدٍ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْعَكْسِ يَعُودُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ إلَى مَكَانِهِ، وَيَسْجُدُ، وَيَتَأَخَّرُ الصَّفُّ الثَّانِي إلَى مَكَانِهِ لِيَحْرُسَ. اهـ. فَعَلَى كَلَامِهِ التَّقَدُّمُ، وَالتَّأَخُّرُ فِي الْأُولَى لِيُتِمَّ الْعَكْسَ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَبِعَكْسِ ذَلِكَ) أَيْ سُجُودِ الثَّانِي فِي الْأُولَى، وَالْأَوَّلِ فِي الثَّانِيَةِ كُلٌّ فِي مَكَانِهِ، أَوْ مَعَ تَقَدُّمٍ، وَتَأَخُّرٍ قِيَاسًا عَلَى الْوَارِدِ، وَهُوَ سُجُودُ الْأَوَّلِ فِي الْأُولَى، وَالثَّانِي فِي الثَّانِيَةِ مَعَ تَقَدُّمِ الثَّانِي فِيهَا لِلسُّجُودِ، وَتَأَخُّرِ الْأَوَّلِ فِيهَا لِلْحِرَاسَةِ قَالَهُ حَجَرٌ فِي التُّحْفَةِ لَكِنْ صَرَّحَ فِي الْعُبَابِ بِخِلَافِهِ فَقَالَ فَعَلَى الصِّفَةِ الْأُولَى أَيْ: سُجُودِ الثَّانِي فِي الْأُولَى، وَالْأَوَّلِ فِي الثَّانِيَةِ مُلَازَمَةُ كُلِّ صَفٍّ مَكَانَهُ أَفْضَلُ قَالَ فِي شَرْحِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ قَالَ، وَفِي لَفْظِ الشَّافِعِيِّ إشَارَةٌ إلَيْهِ. اهـ. ثُمَّ أَيَّدَهُ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ، وَلَا يُخَالِفُ مَا كَتَبْنَاهُ عَنْ ق ل لِأَنَّ اسْتِظْهَارَهُ فِيمَا إذَا فَعَلَ التَّقَدُّمَ، وَالتَّأَخُّرَ عَلَى خِلَافِ الْأَفْضَلِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَبِعَكْسِ ذَلِكَ) الْعَكْسُ بِالنَّسَّةِ لِلْأَوَّلِ، وَالثَّانِي، وَهُوَ الْمُقَيَّدُ بِدُونِ الْقَيْدِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ بِمَكَانِهِ، أَوْ مَعَ التَّحَوُّلِ؛ لِأَنَّ هَذَا مَوْجُودٌ فِي الْعَكْسِ بِعَيْنِهِ إلَّا أَنَّهُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى تَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: كَانَتْ ثَمَانِيَا)، وَإِنْ اُعْتُبِرَ فِرْقَةٌ مِنْ صَفٍّ أَوْ فِرْقَتَيْنِ مِنْ صَفٍّ، أَوْ صَفَّيْنِ مَعَ تَقَدُّمٍ، وَتَأَخُّرٍ، أَوْ لَا فِي الْأُولَى، أَوْ الثَّانِيَةِ زَادَتْ الصُّورَةُ.
(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تَكْثُرْ إلَخْ.) بِأَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ التَّقَدُّمِ، وَالتَّأَخُّرِ بِخُطْوَتَيْنِ يَنْفُذُ كُلُّ وَاحِدٍ فِي التَّقَدُّمِ بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَلَا يُشْكِلُ اشْتِرَاطُ عَدَمِ كَثْرَةِ الْأَفْعَالِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي رَوَاهَا ابْنُ عُمَرَ فِي صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَإِنَّهُ اُغْتُفِرَ فِيهَا الْأَفْعَالُ الْكَثِيرَةُ الْمُتَوَالِيَةُ كَمَا يُعْلَمُ بِتَصَوُّرِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ مَنْعُ الْأَفْعَالِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا مَا أَذِنَ فِيهِ الشَّارِعُ، وَلَمْ يَثْبُتْ الْإِذْنُ هُنَا بِخِلَافِ هُنَاكَ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ بج (قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ الْأَخِيرَتَيْنِ) أَيْ: فِي الْمُخْتَصَرِ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا نَحْوُ «صَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعُسْفَانَ» فَأَخَذَ كَثِيرُونَ لَهُ، وَقَالُوا: إنَّهُ وَرَدَ فِي رِوَايَةٍ، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ إلَخْ. وَرَدَّهُ أَبُو حَامِدٍ، وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْحَدِيثِ بِأَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ أَفْضَلُ فَقَدَّمَهُمْ بِالسُّجُودِ، وَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا جَمَاعَةً قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَرَجَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَتَبِعَهُ فِي الْمِنْهَاجِ، وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَغَيْرِهَا فَقَالَ هُوَ مُرَادُ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ إلَى الْأُولَيَيْنِ قَالُوا: وَاخْتَارَ الْأَخِيرَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَقْرَبُ إلَى الْعَدُوِّ، فَهُوَ أَمْكَنُ حُرَّاسِهِ وَلِأَنَّهُ إذَا حَرَسَ كَانَ جُنَّةً لِمَنْ خَلْفَهُ وَلِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْعَدُوَّ مَعْرِفَةَ حَالِ الْمُسْلِمِينَ وَهَذِهِ التَّوْجِيهَاتُ حَسَنَةٌ لَكِنَّهَا لَا تَصْدُقُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْكَيْفِيَّةِ الثَّالِثَةِ، وَالْأَمْرُ سَهْلٌ ثَمَّ عَلَى مَا اخْتَارَهُ هَلْ الْأَوْلَى الثَّالِثَةُ، أَوْ الرَّابِعَةُ قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَآخَرُونَ: بِالثَّانِي، وَالْعِرَاقِيُّونَ: بِالْأُولَى وَلَفْظُ الشَّافِعِيِّ لَهُ أَدَلُّ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ
ثُمَّ أَخَذَ النَّاظِمُ فِي بَيَانِ النَّوْعَيْنِ الْآخَرَيْنِ، فَقَالَ: (وَحَيْثُ لَا) يَكُونُ الْعَدُوُّ (فِي وَجْهِهَا) أَيْ: الْقِبْلَةِ، أَوْ فُقِدَ شَرْطٌ مِمَّا مَرَّ (يُصَلِّي) أَيْ الْإِمَامُ (صَلَاةَ هَادِينَا) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (بِبَطْنِ نَخْلِ) كَمَا رَوَاهَا الشَّيْخَانِ (بِفِرْقَتَيْنِ مَرَّتَيْنِ) كُلَّ مَرَّةٍ بِفِرْقَةٍ، وَيَنْحَازُ بِهَا إلَى حَيْثُ لَا يَبْلُغُهَا سِهَامُ الْعَدُوِّ وَتَكُونُ الْأُخْرَى فِي وَجْهِ الْعَدُوِّ سَوَاءٌ كَانَتْ رَكْعَتَيْنِ أَمْ ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا (جُعِلَا لَهُ) أَيْ: لِلْإِمَامِ (الصَّلَاةُ) أَيْ: صَلَاتُهُ (ثَانِيًا) مَعَ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ (تَنَفُّلَا) لِسُقُوطِ فَرْضِهِ بِالْأُولَى وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهَذِهِ الصَّلَاةُ، وَإِنْ جَازَتْ فِي غَيْرِ الْخَوْفِ نُدِبَ إلَيْهَا فِيهِ عِنْدَ كَثْرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَقِلَّةِ عَدَدِهِمْ وَخَوْفِ هُجُومِهِ عَلَيْهِمْ فِي الصَّلَاةِ (لَكِنْ صَلَاةُ ذِي) أَيْ: ذَاتِ (الرِّقَاعِ) وَهِيَ صَلَاتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَا كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (أَوْلَى مِنْ) صَلَاةِ (بَطْنِ نَخْلٍ) لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ صَلَاةِ الْمُفْتَرِضِ خَلْفَ الْمُتَنَفِّلِ وَلِأَنَّهَا أَخَفُّ وَأَعْدَلُ بَيْنَ الْفِرْقَتَيْنِ (وَهِيَ) أَيْ: صَلَاةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ (أَنْ يُصَلَّى) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (بِكُلِّ فِرْقَةٍ لَهُمْ فِي رَكْعَهْ) وَكَانَ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ كَالْحَاوِي: