Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

شرح سنن أبي داود لابن رسلان
شرح سنن أبي داود لابن رسلان
شرح سنن أبي داود لابن رسلان
Ebook722 pages5 hours

شرح سنن أبي داود لابن رسلان

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

يُعتبر شرح ابن رسلان الشافعي لسنن أبي داود، من أطول الشروح وأنفسها، وفيه فوائد كبيرة جدًّا، وهو محَقَّق في رسائل علمية. وأما بالنسبة لمعتقده ومنهجه الذي سار عليه في هذا الكتاب في العقيدة فهو كغيره من غالب الشراح؛ جرى على طريقة الأشاعرة في تأويل الصفات. وهو في مقابل ما ذكر من عقيدته يتصدى للمعتزلة بالرد؛ لأنَّه معروف أن بدعة الأشاعرة في كثيرٍ من أبواب الدين أخف من بدعة المعتزلة، فهو يتصدى للمعتزلة. شرح ابن رسلان حافل مشحون بالفوائد لا سيما ما يتعلق بالفقه وأصوله وقواعده، فهو شرح فيه شيء من التوسع، يُعنى مؤلفه ببيان اختلاف النسخ والروايات، حيث إن سنن أبي داود له روايات، كما أن للصحيحين روايات.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateApr 23, 1902
ISBN9786433238524
شرح سنن أبي داود لابن رسلان

Related to شرح سنن أبي داود لابن رسلان

Related ebooks

Related categories

Reviews for شرح سنن أبي داود لابن رسلان

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    شرح سنن أبي داود لابن رسلان - ابن رسلان

    الغلاف

    شرح سنن أبي داود لابن رسلان

    الجزء 19

    ابن رسلان المقدسي

    844

    يُعتبر شرح ابن رسلان الشافعي لسنن أبي داود، من أطول الشروح وأنفسها، وفيه فوائد كبيرة جدًّا، وهو محَقَّق في رسائل علمية. وأما بالنسبة لمعتقده ومنهجه الذي سار عليه في هذا الكتاب في العقيدة فهو كغيره من غالب الشراح؛ جرى على طريقة الأشاعرة في تأويل الصفات. وهو في مقابل ما ذكر من عقيدته يتصدى للمعتزلة بالرد؛ لأنَّه معروف أن بدعة الأشاعرة في كثيرٍ من أبواب الدين أخف من بدعة المعتزلة، فهو يتصدى للمعتزلة. شرح ابن رسلان حافل مشحون بالفوائد لا سيما ما يتعلق بالفقه وأصوله وقواعده، فهو شرح فيه شيء من التوسع، يُعنى مؤلفه ببيان اختلاف النسخ والروايات، حيث إن سنن أبي داود له روايات، كما أن للصحيحين روايات.

    باب في إخْراج اليَهُودِ مِنْ جَزِيرَة العَرب

    3029 - حدثنا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حدثنا سُفْيانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ سُلَيْمانَ الأحوَلِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابن عَبّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْصَى بِثَلاثَةٍ فَقالَ: أَخْرِجُوا المُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ العَرَبِ وَأَجِيزُوا الوَفْدَ بِنَحْوٍ مِمّا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ .. قالَ ابن عَبّاسٍ: وَسَكَتَ عَنِ الثّالِثَةِ، أَوْ قالَ: فَأُنْسِيتها. وقالَ الحُمَيْديُّ: عَنْ سُفْيانَ قالَ سُلَيْمان: لا أَدْري أذَكَرَ سَعِيدٌ الثّالِثَةَ فَنَسِيتُها أَوْ سَكَتَ عَنْها (1).

    3030 - حدثنا الحَسَن بْنُ عَليٍّ، حدثنا أَبُو عاصِم وَعَبْدُ الرَّزّاق قالا: أَخْبَرَنا ابن جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُوَل: أَخْبَرَني عُمَرُ بْن الخَطّابِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: لأُخْرِجَنَّ اليَهُودَ والنَّصارى مِنْ جَزِيرَةِ العَرَبِ فَلا أَتْرُكُ فِيها إِلَّا مُسْلِمًا (2).

    3031 - حدثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حدثنا أَبُو أَحْمَدَ محَمَّدُ بْن عَبْدِ اللهِ، حدثنا سُفْيانُ، عَنْ أَبي الزُّبَيْرِ، عَنْ جابِرٍ، عَنْ عُمَرَ قال: قال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بمَعْناهُ والأوَّلُ أَتَمُّ (3).

    3032 - حدثنا سُلَيْمان بْنُ داوُدَ العَتَكيُّ، حدثنا جَرِيرٌ، عَنْ قابُوسَ بْنِ أَبي ظَبْيانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابن عَبّاسٍ قال: قال رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: لا تَكُونُ قِبْلَتانِ في بَلَدٍ واحِدٍ (4).

    3032 - حدثنا مَحْمُودُ بْنُ خالِدٍ، حدثنا عُمَرُ -يَعْني: ابن عَبْدِ الواحِدِ - قال: قال سَعِيدٌ: -يَعْني: ابن عَبْدِ العَزِيزِ - جَزيرَةُ العَرَبِ ما بَيْنَ الوادي إِلَى أَقْصَى اليَمَنِ (1) رواه البخاري (3053، 3168، 4431)، ومسلم (1637).

    (2) رواه مسلم (1767).

    (3) السابق.

    (4) رواه الترمذي (633)، وأحمد 1/ 223.

    وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود (532).

    إِلَى تُخُومِ العِراقِ إِلَى البَحْرِ (1).

    3033 - قالَ أبُو داوُدَ: قُرِئَ عَلَى الحارِثِ بْنِ مِسْكِينٍ وَأَنا شاهِدٌ أَخْبَرَكَ أَشْهَبُ بْن عَبْدِ العَزِيزِ قال: قال مالِكٌ: عُمَرُ أَجْلَى أَهْلَ نَجْرانَ وَلَمْ يُجْلَوْا مِنْ تَيْماءَ؛ لأنَّها لَيْسَتْ مِنْ بِلادِ العَرَبِ فَأَمّا الوادي فَإِنّي أَرى إِنَّما لَمْ يُجْلَ مَنْ فِيها مِنَ اليَهودِ أَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْها مِنْ أَرْضِ العَرَبِ (2).

    3034 - حدثنا ابن السَّرْحِ، حدثنا ابن وَهْب قال: قال مالِك: قَدْ أَجْلَى عُمَرُ رَحِمَة الله يَهُودَ نَجْرانَ وَفَدَكَ (3).

    * * *

    باب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب

    [3029] (ثنا سعيد بن منصور) الخراساني مصنف السنن بمكة، (أنبأنا سفيان بن عيينة، عن سليمان الأحول، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوصى) في حال مرضه، وهذا بعض حديث مطول في الصحيحين ذكره البخاري في الجهاد (4) والمغازي (5) والجزية (6)، ومسلم في الوصايا (7)، وقد عاش - صلى الله عليه وسلم - بعد هذا المرض (1) رواه البيهقي 9/ 208.

    قال الألباني في صحيح أبي داود (2678): مقطوع صحيح الإسناد.

    (2) رواه البيهقي 9/ 209.

    وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود (533).

    (3) ضعفه الألباني في ضعيف أبي داود (534).

    (4) (3053).

    (5) (4431).

    (6) (3168).

    (7) (4319).

    الذي ذكر فيه هذِه الوصية أيامًا وحفظوا عنه أشياء من لفظه فيحتمل أن يكون مجموعها ما أراد أن يكتبه لهم لم يضلوا بعده.

    (بثلاثة) (1) أشياء (فقال: أخرجوا المشركين) يعني: اليهود والنصارى وغيرهم (من جزيرة) سميت بذلك لإحاطة البحار بها. يعني: بحر الهند وبحر القلزم وبحر فارس والحبشة (2) (العرب) أضيف إلى العرب؛ لأنها كانت بأيديهم قبل الإسلام وبها أوطانهم ومنازلهم، لكن الذي يمنع المشركون من سكناه منها الحجاز خاصة، وهو مكة والمدينة واليمامة وما والاها لا فيما سوى ذلك مما يطلق عليه أسم العرب لاتفاق الجميع على أن اليمن لا يمنعون منها مع أنها من جزيرة العرب؛ هذا مذهب الجمهور، وعن الحنفية يجوز مطلقًا إلا المسجد، وعن مالك: يجوز دخولهم الحرم للتجارة (3).

    وقال الشافعي: لا يدخلون الحرم أصلًا إلا بإذن الإمام لمصلحة المسلمين خاصة.

    والصحيح عن مالك أن جزيرة العرب مكة والمدينة واليمامة واليمن، وقال (4) الأصمعي: هي ما بين أقصى عدن أبين إلى ريف العراق طولًا، ومن جدة وما والاها إلى أطراف الشام عرضًا، وخص الشافعي هذا الحكم ببعض جزيرة العرب وهو الحجاز لحديث مشهور (5). (1) ورد بعدها في الأصل: نسخة: بثلاث.

    (2) الروض المعطار 1/ 163، معجم البلدان 2/ 137.

    (3) في (ر): للنجاة.

    (4) في (ر): عن.

    (5) شرح مسلم للنووي 11/ 93، وبقية العبارة هكذا: في كتبه وكتب أصحابه. انتهى.

    (وأجيزوا الوفد) أي: أحسنوا معاملتهم وأعطوهم [لأن الجائزة هي] (1) العطية، ويقال: إن أصله أن ناسًا وفدوا على بعض الملوك وهو قائم على قنطرة، فقال: أجيزوهم فصاروا يعطون الرجل ويطلقونه فيجوز على القنطرة متوجهًا، فسميت عطية من يفد على الكبير جائزة، ويستعمل أيضًا في إعطاء الشاعر على مدحه ونحو ذلك (2) (بنحو مما كنت أجيزهم) أي: بقريب منه، وكانت جائزة الواحدة على عهده - صلى الله عليه وسلم - أوقية من فضة وهي: أربعون درهمًا.

    (قال ابن عباس: وسكت عن الثالثة أو قال: فأنسيتها) يحتمل أن يكون القائل ذلك هو سعيد بن جبير. قال شيخنا ابن حجر: ووجدت عند الإسماعيلي التصريح بأن قائل ذلك هو ابن عيينة، وفي مسند الحميدي: قال سفيان: قال سليمان -يعني: ابن أبي مسلم-: لا أدري أذكر سعيد بن جبير الثالثة فنسيتها أو سكت عنها، قال: وهذا هو الأرجح، قال الداودي: الثالثة الوصية بالقرآن، وبه جزم ابن التين.

    وقال المهلب: بل هي تجهيز جيش أسامة، وقال عياض: يحتمل أن يكون هي قوله: لا تتخذوا قبري وثنا؛ فإنها ثبتت في الموطأ مقرونة بالأمر بإخراج اليهود، ويحتمل أن يكون ما وقع في حديث أنس أنها قوله: الصلاة وما ملكت أيمانكم (3). =وانظر: المغني 10/ 603، التمهيد 1/ 170، شرح السنة للبغوي 11/ 180.

    (1) سقط من (ر).

    (2) عمدة القاري 26/ 348.

    (3) فتح الباري 8/ 135.

    [3030] (حدثنا الحسن بن علي) الجهضمي (حدثنا أبو عاصم) الضحاك بن مخلد النبيل (وعبد الرزاق قال: أنبأنا) عبد الملك (بن جريج، أنبأنا أبو الزبير) محمد بن مسلم (أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: أخبرني عمر بن الخطاب، أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول) والله (لأخرجن اليهود والنصارى) وجميع الكفار بدليل ما بعده (من جزيرة العرب) تقدم (1) (فلا أترك) مقيمًا (فيها إلا مسلمًا) قال العلماء: ولا يمنع الكفار من تردد المسافرين في الحجاز، ولا يمكثون من الإقامة فيه أكثر من ثلاثة أيام.

    قال الشافعي وموافقوه: إلا مكة وحرمها فلا يجوز تمكين كافر من دخولها؛ فإن دخل في خفية وجب إخراجه، فإن مات ودفن بها نبش وأخرج ما لم يتغير. هذا مذهب الشافعي وجماهير الفقهاء، لقوله تعالى: {فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا}.

    وجوز أبو حنيفة دخولهم الحرم كما تقدم (2).

    [3031] (حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله) ابن الزبير الأسدي الكوفي (حدثنا سفيان) الثوري (عن أبي الزبير) محمد ابن مسلم (عن جابر، عن عمر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمعناه) المذكور، (والأول أتم) من هذا.

    [3032] (حدثنا سليمان بن داود العتكي) البصري شيخ الشيخين (3)، (1) سقط من (ر).

    (2) شرح مسلم للنووي 11/ 94.

    (3) التقريب (2556).

    (حدثنا جرير) بن حازم الأزدي البصري، [عن قابوس بن أبي ظبيان -بفتح الظاء المعجمة وسكون الموحدة والمثناة تحت - الجنبي الكوفي] (1)، فيه لين (2) (عن [قابوس ابن أبي ظبيان عن] أبيه) أبي ظبيان حصين بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين الجنبي. الكوفي، وهو ابن جندب من مذحج (3) (عن ابن عباس) رضي الله عنهما (قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تكون) لفظ الترمذي: لا يصلح (قبلتان) فيه حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه تقديره: لا يصلح أن يجتمع أهل قبلتين، والمراد بالقبلتين الدينين، بدليل رواية مالك في الموطأ (4) مرسلًا: لا يجتمع دينان (5) في جزيرة العرب. وقد تقدم تفسيرها وسيأتي (في بلد واحد) ولفظ الترمذي (6): في أرض واحدة.

    ولفظ البلد والأرض في هاتين الروايتين مطلقين، وقيد إطلاقهما بجزيرة العرب بدليل رواية الموطأ المذكورة، فتكون رواية مالك مقيدة لرواية المصنف والترمذي، ويدل على هذا التقييد رواية الصحيحين: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وتبويب المصنف عليه: باب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب.

    [3033] (حدثنا محمود بن خالد) بن يزيد السلمي الدمشقي، قال أبو حاتم: ثقة رضا، ووثقه النسائي (7) (حدثنا عمر بن عبد الواحد) السلمي (1) سقط من (ر).

    (2) التقريب (5445).

    (3) التقريب (1366).

    (4) (1584) عن الزهري.

    (5) في (ر): دينين.

    (6) (633).

    (7) الجرح والتعديل 8/ 292، التقريب (6510).

    الدمشقي (1)، قرأ على يحيى الذماري وقرأ عليه هشام، (قال: قال سعيد بن عبد العزيز) بن يحيى التنوخي الدمشقي، فقيه أهل الشام ومفتيهم بعد الأوزاعي، قرأ القرآن على عبد الله بن عامر.

    حد (جزيرة العرب) هو (ما بين الوادي) قال المنذري: يشبه أن يريد وادي القرى بضم القاف وتخفيف الراء المفتوحة بين المدينة والشام، نزل فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذكر البخاري في تاريخه (2) قال: حدثنا أحمد بن سليمان، حدثنا حسن بن إسماعيل، حدثني درماس وعمرو، أبنا دجاجة، عن أبيهما: أنه خرج فأتى عثمان، فقال عثمان: لا يسكن قرى عربية دينان.

    قال عبد الملك بن حبيب في مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة سبع: خرج رسول الله إلى خيبر فحاصرهم بضعة (3) [وعشرين يومًا ثم ارتحل منها إلى قرى عربية وانصرف ولم يلق كيدًا (4).

    قال البكري: قرى عربية على الإضافة لا ينصرف، وعربية بفتح العين والراء وتشديد ياء النسب منسوب إلى العرب ومنه حديث الزهري: قال عمر في قوله تعالى: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} (5) هذِه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة قرى عربية وفدك وكدا وكداء وهي قرى بالحجاز معروفة وكتب (6) أبو عبيد الله كاتب المهدي: قرى (1) التقريب (4943).

    (2) 3/ 260.

    (3) من هنا سقط في (ر).

    (4) المحبر ص (115).

    (5) الحشر: 6.

    (6) في (ع): (وكان)، والمثبت من معجم ما استعجم 3/ 930.

    عربيةً، فنون (1) ولم يضف فقال له شبيب بن شيبة: إنما هي قرى عربية غير منونة، فقال أبو عبد الله لقتيبة النحوي الكوفي: ما تقول؟ فقال: إن كنت أردت القرى التي بالحجاز يقال لها قرى عربية فإنها لا تنصرف، وإن أردت قرى من السواد فهي تنصرف. فقال: إنما أردت التي بالحجاز. قال: هو كما قال شبيب (2).

    (إلى أقصى اليمن) أي: إلى آخر اليمن أنها من جزيرة العرب ولا يمنعون منها، وحكى البخاري عن المغيرة: هي مكة والمدينة واليمامة واليمن، وحكاه إسماعيل القاضي عن مالك ويتصل (إلى تخوم) بفتح التاء وضمها (العراق) والتخوم: المعالم والحدود، واحدها تخم بفتح التاء وسكون الخاء المعجمة، ومنه حديث: لعن الله من غيَّر تخوم الأرض (3) أي: معالمها وحدودها، والمراد المعالم التي يهتدى بها في الطرق، ويروى: تخوم الأرض بفتح التاء على الإفراد (4) (إلى) ساحل (البحر) بحر دجلة والفرات.

    (قال [أبو داود]) المصنف (قرئ) بضم القاف وكسر الراء مبني للمفعول (على الحارث) جار ومجرور، أي: قرأ قارئ على الحارث (ابن مسكين) (5) [وأنا شاهد] (6) فقال له (أخبرك أشهب بن عبد العزيز) (1) في (ع): بنون.

    (2) معجم ما استعجم 3/ 930.

    (3) أخرجه أحمد في مسنده 2/ 214، وابن حبان 10/ 265 (4417)، والحاكم 4/ 356 من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

    (4) النهاية 1/ 483.

    (5) تذكرة الحفاظ 2/ 514.

    (6) سقط من (ع). والمثبت من (ل) ومن السنن.

    بن داود العامري البصري الفقيه، أحد الأعلام (1). عن مالك (قال: قال مالك) بن أنس -رضي الله عنه - (عمر) بن الخطاب -رضي الله عنه - (أجلى) النصارى، أي: أخرج (أهل نجران) بفتح النون وإسكان الجيم، مدينة بالحجاز من شق اليمن معروفة بين مكة واليمن، سميت بنجران بن يشجب بن يعرب وكان أول من نزلها، وأطيب البلاد نجران من الحجاز وصنعاء من اليمن ودمشق من الشام، والري من خراسان (2). أجلاهم عمر في خلافته، ولم يجلهم أبو بكر لاشتغاله عنهم.

    (ولم يجلوا) بضم الياء واللام (3) (من تيماء) بفتح المثناة فوق ومد آخره، وهي بلدة قديمة عند وادي القرى (لأنها ليست من بلاد العرب، فأما الوادي فإني أرى أنما) بفتح الهمزة ويجوز الكسر على تقدير: أرى أنه إنما (لم يجل) بنصب اللام أي: لم يخرج (من فيها) من القرى (من اليهود أنهم لم يروها من أرض العرب) والإجلاء لا يكون إلا من أرض العرب.

    [3034] ([أخبرنا ابن السرح قال: أخبرنا ابن وهب] (4) قال: قال مالك: قد أجلى عمر رحمه الله يهود نجران وفدك) بفتح الفاء والدال كما تقدم. (1) تهذيب الكمال 3/ 256.

    (2) معجم ما استعجم 4/ 1298، 1299.

    (3) ورد بعدها في الأصل: نسخة: ولم يجل.

    (4) من المطبوع وسقط من الأصل.

    29 -

    باب في إِيقاف أرْضِ السَّواد وَأَرْضِ العَنْوَةِ

    3035 - حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، حدثنا زُهَيْرٌ، حدثنا سُهَيْل بْنُ أَبي صالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قال: قال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: مَنَعَتِ العِراقُ قَفِيزَها وَدِرْهَمَها وَمَنَعَتِ الشّامُ مُدْيَها وَدِينارَها وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّها وَدِينارَها ثُمَّ عُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ .. قالَها زهَيْرٌ ثَلاثَ مَرّاتٍ شَهِدَ عَلَى ذَلِكَ لْحَمُ أَبي هُرَيْرَةَ وَدَمُهُ (1).

    3036 - حدثنا أَحْمَدُ بْن حَنْبَلٍ، حدثنا عَبْدُ الرَّزّاق، حدثنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قال: هذا ما حدثنا بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وقالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَيُّما قَرْيَةٍ أَتَيْتُمُوها وَأَقَمْتُمْ فِيها فَسَهْمُكُمْ فِيها وَأَيُّما قَرْيَةٍ عَصَتِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ خُمُسَها لله وَللرَّسُولِ ثُمَّ هيَ لَكُمْ (2).

    * * *

    باب (3) إيقاف أرض السواد وأرض العنوة

    [3035] (حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس) اليربوعي (4) (حدثنا زهير، حدثنا سهيل بن أبي صالح، عن أبيه) أبي صالح ذكوان السمان، (عن أبي هريرة -رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:) إذا (منعت (1) رواه مسلم (2896).

    (2) رواه مسلم (1756).

    (3) قال الشيخ عوامة عند هذا الباب في السنن 3/ 486: جاء قبل الباب في حاشية (ك): آخر كتاب الفيء، أول كتاب الخراج.

    (4) اليربوعي: بفتح الياء المنقوطة بنقطتين من تحتها وسكون الراء وضم الباء المنقوطة بنقطة وفي آخرها العين المهملة، هذِه النسبة إلى بني يربوع، وهو بطن من بني تميم. الأنساب 5/ 686.

    العراق) هو ما بين هيت إلى المسند، والصين إلى الري وخراسان (1) وأصبهان سرة العراق، سمي عراقًا لأنه على شاطئ دجلة والفرات (2).

    (قفيزها) في رواية: فقيرها بفتح الفاء وكسر القاف وبعد الياء راء أي: منعت إعطاء الفقراء قفيزها وهو المكيال تواضع الناس عليه وهو عند أهل العراق ثمانية مكاكيك، والمكوك صاع ونصف وهو خمس كيلجات (ودرهمها ومنعت الشام مديها) بضم الميم وسكون الدال على وزن فعول، وهو مكيال معروف لأهل الشام يسع خمسة عشر مكوكًا، وفي رواية: مديها بكسر الدال وتشديد الياء المفتوحة كأنه جمع مدى، وقيل: المدى مائة واثنان وتسعون مدًّا بمد النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ست ويبات بمصر، والويبة: أربعة أرباع.

    (ودينارها، ومنعت مصر إردبها) قال الأزهري وآخرون: يسع الأردب أربعة وعشرين صاعًا (3). وفي معنى منعت العراق وما بعده قولان مشهوران: أحدهما: لإسلامهم فتسقط عنهم الجزية وهذا قد وجد، والثاني وهو الأشهر أن معناه أن المعجم والروم يستولون على البلاد آخر الزمان فيمنعون حصول ذلك للمسلمين، وقد روى مسلم (4) عن جابر بعد هذا الحديث قال: يوشك أهل العراق أن لا يجيء إليهم قفيز ولا درهم، فلما [سئل] من أين ذلك؟ قال: من قبل المعجم؛ (1) في المعجم: وخراسان [إلى الديلم والجبال]. وقد سقطت هذِه الزيادة من الأصول وينبغي إثباتها لتمام الكلام.

    (2) معجم ما استعجم 3/ 929، الروض المعطار 1/ 410.

    (3) تهذيب اللغة مادة: ردب.

    (4) (2913).

    يمنعون ذلك. وقد وجد هذا في العراق، وقيل: لأنهم يرتدون في آخر الزمان فيمنعون ما لزمهم من الزكاة وغيرها، وقيل: إن الكفار الذين عليهم الجزية تقوى شوكتهم في آخر الزمان فيمتنعون مما كانوا يؤدونه (1) من الجزية والخراج وغير ذلك.

    (ودينارها (2) ثم عدتم من حيث بدأتم) (3) هذا بمعنى الحديث الآخر: بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبًا كما بدأ (4).

    وهذِه الأحاديث من أعلام النبوة في إخباره عما سيقع إلى غير ذلك من المعجزات الظاهرات.

    (قالها) أي: قال هذِه الكلمة (زهير) بن محمد التميمي (ثلاث مرات، شهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه) وهو تأكيد وتقوية لتحقيق ما سمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

    [3036] (حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا به أبو هريرة -رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيما) بالرفع (قرية) مجرور بالإضافة (أتيتموها) بقصر الهمزة أي: جئتموها بعد خروج الغزو منها فرارًا أو صولحتم عليها (وأقمتم) بعدهم (فيها، (1) جاء هنا في (ع): مما لزمهم من الزكاة وغيرها. وهي مقحمة ومكانها قبل ذلك.

    (2) ورد بعدها في الأصل: وفي نسخة: وتبرها.

    (3) على حاشية (ع): قال الخطابي: معنى هذا الحديث: أن ذلك كائن وأن هذِه البلاد تفتح للمسلمين ويوضع عليها الخراج ... مقدرا بالمكاييل والأوزان وأنه سيمنع في آخر الزمان. وعلق السيوطي على هامش هذِه النسخة عند هذا الموضع فقال: خرج الأمر على ما قاله - صلى الله عليه وسلم - في زمان عمر رضي الله تعالى عنه.

    (4) أخرجه مسلم (232).

    فسهمكم (1) فيها) من العطاء حاصل لكم. قال القرطبي: وليس المراد بالسهم هنا أنها تخمس فيقسم سهمانًا؛ لأن هذا هو حكم القسم الذي يأتي بعده حيث قال: (وأيما قرية عصت الله) تعالى أي: عصى أهلها الله (ورسوله؛ فإن خمسها لله) تعالى (وللرسول - صلى الله عليه وسلم - ثم هي) أي: الباقي (لكم) والمراد أنها تقسم أخماسًا فيكون الخمس لله ولرسوله كما قال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} (2) الآية، وأربعة أخماسها الباقية هي لكم تقسم بينكم يخاطب بها الغانمين (3). (1) ورد بعدها في الأصل: نسخة: فمسكم.

    (2) الأنفال: 41.

    (3) المفهم 10/ 80.

    30 -

    باب في أَخْذِ الجِزْيَةِ

    3037 - حدثنا العَبّاسُ بْن عَبْدِ العَظِيمِ، حدثنا سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا يَحْيَى بْن أَبي زائِدَةَ، عَنْ محَمَّدِ بْنِ إِسْحاقَ، عَنْ عاصِمِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ وَعَنْ عُثْمانَ بْنِ أَبي سُلَيْمانَ أَنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ خالِدَ بْنَ الوَلِيدِ إِلَى أُكُيْدِرِ دُومَةَ فَأُخِذَ فَأَتَوْهُ بِهِ فَحَقَنَ لَهُ دَمَهُ وَصالَحَة عَلَى الجِزْيَةِ (1).

    3038 - حدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ محَمَّدٍ النُّفَيْليُّ، حدثنا أبُو مُعاوِيَةَ، عَنِ الأعْمَشِ، عَنْ أَبي وائِلٍ، عَنْ مُعاذٍ أَنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لما وَجَّهَهُ إِلَى اليَمَنِ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخذَ مِنْ كلِّ حالمٍ -يَعْني: مُحْتَلِمًا - دِينارًا أَوْ عِدْلَهُ مِنَ المَعافِريِّ ثِيابٌ تَكُون بِاليَمَنِ (2).

    3039 - حدثنا النُّفَيْليُّ، حدثنا أبُو مُعاوِيَةَ، حدثنا الأعمَشُ، عَنْ إِبْراهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ مُعاذٍ، عَنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - مثْلَهُ (3).

    3040 - حدثنا العَبّاسُ بْنُ عَبْدِ العَظِيمِ، حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْن هانِئٍ أبُو نُعَيْمٍ النَّخَعيُّ، أَخْبَرَنا شَرِيكٌ، عَنْ إِبْراهِيمَ بْنِ مُهاجِرٍ، عَنْ زِيادِ بْنِ حُدَيْرٍ قال: قال عَليٌّ: لَئِنْ بَقِيتُ لِنَصارى بَني تَغْلِبَ لأقتلَنَّ المُقاتِلَةَ وَلأسْبِيَنَّ الذُّرِّيَّةَ فَإِنّي كَتَبْتُ الكِتابَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أَنْ لا يُنَصِّرُوا أَبْناءَهُمْ. قالَ أَبُو داوُدَ: هذا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ بَلَغَني، عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كانَ يُنْكِرُ هذا الحَدِيثَ إِنْكارًا شَدِيدًا وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِ النّاسِ شِبْهُ المَتْرُوكِ وَأَنْكرُوا هذا الحَدِيثَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هانِئٍ قالَ أَبُو عَليٍّ: وَلَمْ يَقْرَأْهُ أَبُو داوُدَ في العَرْضَةِ الثّانِيَةِ (4). (1) رواه البيهقي 9/ 186. وحسنه ابن الملقن في البدر المنير 9/ 185، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (2681).

    (2) تقدم برقم (1576)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (2682).

    (3) تقدم برقم (1576).

    (4) رواه العقيلي في الضعفاء الكبير 2/ 349، وأبو نعيم في حلية الأولياء 4/ 198، والبيهقي 9/ 217. وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود (535).

    3041 - حدثنا مصَرِّفُ بْن عَمْرٍو الياميُّ، حدثنا يُونُسُ -يَعْني: ابن بُكَيْرٍ - حدثنا أَسْباطُ بْن نَصْرٍ الهَمْدانيُّ، عَنْ إِسْماعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُرَشيِّ، عَنِ ابن عَبّاسٍ قال: صالَحَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَهْلَ نَجْرانَ عَلَى أَلْفَى حُلَّةٍ النِّصْفُ في صَفَرٍ والبَقِيَّةُ في رَجَبٍ يُؤَدُّونَها إِلَى المُسْلِمِينَ وَعارِيَةِ ثَلاثِينَ دِرْعًا وَثَلاثِينَ فَرَسًا وَثَلاثِينَ بَعِيرًا وَثَلاثِينَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنْ أَصْنافِ السِّلاحِ يَغْزُونَ بِها والُمسْلِمُونَ ضامِنُونَ لَها حَتَّى يَرُدُّوها عَلَيْهِمْ إِنْ كانَ بِاليَمَنِ كَيْدٌ أَوْ غَدْرَةٌ عَلَى أَنْ لا تُهْدَمَ لَهُمْ بَيْعَة وَلا يُخْرَجُ لَهُمْ قَسٌّ وَلا يُفْتَنُوا، عَنْ دِينِهِمْ ما لَمْ يُحْدِثُوا حَدَثًا أَوْ يَأْكُلُوا الرِّبا. قالَ إِسْماعِيل: فَقَدْ أَكَلُوا الرِّبا.

    قالَ أَبُو داوُدَ: إِذا نَقَضُوا بَعْضَ ما اشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ فَقَدْ أَحْدَثُوا (1).

    * * *

    باب في أخذ الجزية

    [3037] (حدثنا العباس بن عبد العظيم) بن إسماعيل بن توبة العنبري شيخ مسلم (2) (حدثنا سهل بن محمد) بن الزبير العسكري، قال أبو حاتم: صدوق ثقة (3) (حدثنا يحيى) بن زكريا (بن أبي زائدة، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر) بن قتادة الأنصاري (عن أنس بن مالك، وعن عثمان بن أبي سليمان) بن جبير بن مطعم، قاضي مكة، احتج به (1) رواه أبو الشيخ الأصبهاني في طبقات المحدثين بأصبهان 1/ 334، والبيهقي 9/ 187، 195، 202.

    وأعله المنذري في المختصر 4/ 251، وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود (536).

    (2) تهذيب التهذيب 5/ 107.

    (3) الجرح والتعديل 4/ 204.

    مسلم، الظاهر أن (وعن عثمان) معطوف على (محمد بن إسحاق) متابعة تامة.

    (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر) بضم الهمزة وفتح الكاف مصغر (1)، زاد البيهقي (2): ابن عبد الملك رجل من كندة، كان ملكًا على (دومة) بضم الدال وفتحها (3)، وقال له: يا خالد، إنك ستجده يصيد البقر، فأتاه خالد ليلًا وقرب من حصنه فأرسل الله بقر الوحش فكانت تحك حائط القصر بقرونها (4) فنشط أكيدر ليصيدها وخرج في الليل، وكانت ليلة مقمرة هو وأخوه حسان فشدت عليه خيل خالد وكانوا أربعمائة وعشرين فاستأسروا أكيدر وامتنع حسان وقاتل فقتل، وأجار خالد أكيدر من القتل حتى يأتي به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن يفتح له دومة الجندل، وكان أكيدر نصرانيًّا، فلما قاضاه خالد خلى سبيله ففتح الحصن ودخلها خالد وأخذ ما صالح عليه.

    (فأخذ فأتوه) أي: أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - (به) يعني: بأكيدر (فحقن له) النبي - صلى الله عليه وسلم - (دمه) ودم أخيه معاذ (وصالحه على) أخذ (الجزية) منه.

    قال ابن الأثير: بلغت جزيتهم ثلاثمائة دينار، وأهدى للنبي - صلى الله عليه وسلم - بغلة وخلى سبيله وسبيل أخيه وكتب لهما كتاب أمانهما وختمه يومئذٍ بظفره (5).

    قال شيخنا ابن حجر: فإن ثبت أن أكيدر كان كنديًّا ففيه دليل على أن (1) تهذيب الأسماء 1/ 170.

    (2) في السنن الكبرى 9/ 187.

    (3) تهذيب الأسماء واللغات ص (1108)، المفهم 20/ 116.

    (4) على حاشية (ع) ورمز لها: صح.

    (5) أسد الغابة 1/ 159، 6/ 311.

    الجزية لا تختص بالعجم من أهل الكتاب لأن أكيدر كان عربيًّا (1).

    [3038] (حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، حدثنا أبو معاوية) محمد ابن خازم الضرير (عن الأعمش، عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (عن معاذ) بن جبل -رضي الله عنه - (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما وجَّهه إلى اليمن) ووجَّه أبا موسى داعيين إلى الإسلام، وكان بعث معاذًا في شهر ربيع الأول سنة عشر، وفي البخاري (2) كان بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا موسى ومعاذًا إلى اليمن قبل حجة الوداع (أمره أن يأخذ من كل حالم، يعني: محتلفا، دينارًا) وهذا أقل الجزية في كل سنة، ويستحب للإمام مماكسته حتى يأخذ من متوسط دينارين، ومن غني أربعة دنانير (أو) يأخذ عدله، ولا يجوز عند الشافعي أن يؤخذ أقل من دينار كما قدَّره الشارع.

    وقال مالك: لا يتقدر أقلها ولا أكثرها، وهي موكولة إلى الإمام في الطرفين (3).

    قال الماوردي: وإذا اجتهد رأي الإمام في عقد الجزية معهم على مراضاة أولي الأمر منهم صارت لازمة لجميعهم، ولاعتبارهم (4) قرنًا بعد قرن، ولا يجوز لوالٍ بعده تغييره ولا نقص ولا زيادة.

    وظاهر الحديث في تقييده في المحتلم أنها لا تؤخذ من النساء والصبيان وإن أخذت الزكاة منهما. (1) التلخيص الحبير 4/ 123، وراجع البدر المنير 9/ 186.

    (2) بَاب بَعْثُ أَبِي مُوسَى وَمُعَاذٍ إِلَى اليَمَنِ قَبْلَ حَجَّةِ الوَدَاعِ 5/ 161.

    (3) الحاوي 14/ 299، التمهيد 2/ 199، شرح السنة 11/ 173، وشرح صحيح البخاري لابن بطال 5/ 322.

    (4) في (ل) كلمة غير واضحة.

    (أو) أن يأخذ منهم (عدله) قال في النهاية: العَدل والعِدل بالكسر والفتح في الحديث هما بمعنى المثل، وقيل: هو بالفتح: ما عادله من جنسه، وبالكسر: ما ليس من جنسه. وقيل بالعكس، والمشهور هنا فتح العين وإن كان من عين جنسه (1).

    (من المعافري) بفتح الميم والمهملة وهي برود من (ثياب تكون باليمن) منسوبة إلى معافر قبيلة باليمن والميم زائدة كما تقدم.

    [3039] (حدثنا النفيلي، حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم (حدثنا الأعمش، عن إبراهيم) التيمي (عن مسروق، عن معاذ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله) في المعنى.

    وهذا الحديث رواه الأربعة وأحمد، وقال الترمذي: حديثٌ حسنٌ. وذكر بعضهم رواه مرسلًا، وأنه أصح (2). وأعلَّه ابن حزم بالانقطاع (3)؛ لأن مسروقًا لم يسمع من معاذ، وفيه نظر؛ فقد قال ابن المديني: صلى مسروق خلف أبي بكر، ولقي عمر وعليّا وذكر جماعة من الصحابة؛ فقد أمكن لقيه على رأي مسلم وغيره، لا جرم أن الحاكم أخرجه في مستدركه وقال: صحيح على شرط الشيخين (4)، وكذا ابن حبان في صحيحه (5) (6). (1) النهاية لابن الأثير 3/ 418.

    (2) أخرجه النسائي (2407، 2408، 2409)، والترمذي (623)، وابن ماجه (1818)، وأحمد 36/ 338.

    (3) المحلى 6/ 12، 7/ 348.

    (4) 1/ 555.

    (5) 11/ 244 (4886).

    (6) البدر المنير 5/ 434.

    [3040] (حدثنا العباس بن عبد العظيم) بن إسماعيل العنبري شيخ مسلم (حدثنا عبد الرحمن بن هانئ أبو نعيم النخعي) الكوفي مختلف في توثيقه (1) (أخبرنا شريك) بن عبد الله النخعي، روى له البخاري في رفع اليدين في الصلاة وغيره، وروى له مسلم في المتابعات (2). (عن إبراهيم بن مهاجر) أبي إسحاق البجلي الكوفي، احتج به مسلم (3) (عن زياد بن حدير) بضم الحاء المهملة مصغر الكوفي ثقة عابد (4) (قال: قال علي) بن أبي طالب -رضي الله عنه - في خلافته (لئن بقيت) بكسر القاف لغة القرآن أي: لئن بقيت مدة حياتي (لنصارى) بكسر لام الجر (بني تغلب) بفتح التاء المثناة وسكون الغين المعجمة وكسر اللام ثم باء موحدة وهي قبيلة معروفة وهي تغلب بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى (5).

    (لأقتلن المقاتلة) بكسر المثناة الفوقانية يعني: الرجال الذين يقاتلون (ولأسبين) بفتح الهمزة وتشديد نون التوكيد آخره (الذرية) منهم والسبي: النهب وأخذ الناس عبيدًا وإماءً، ثم ذكر سبب العزم على قتلهم وسبيهم (فإني كتبت الكتاب بينهم وبين النبي - صلى الله عليه وسلم -) واشترط فيه (على أن لا ينصِّروا أبناءهم) بتشديد الصاد المكسورة أي: لا يصبغوا أبناءهم الصغار كما (1) قال ابن حجر: صدوق له أوهام أفرط ابن معين فكذبه وقال البخاري: هو في الأصل صدوق. وانظر: تهذيب التهذيب 9/ 259، التقريب (4032).

    (2) تهذيب التهذيب 4/ 293.

    (3) التقريب (254).

    (4) التقريب (2064).

    (5) انظر: الأنساب للسمعاني 1/ 469.

    [3040] (حدثنا العباس بن عبد العظيم) بن إسماعيل العنبري شيخ مسلم (حدثنا عبد الرحمن بن هانئ أبو نعيم النخعي) الكوفي مختلف في توثيقه (1) (أخبرنا شريك) بن عبد الله النخعي، روى له البخاري في رفع اليدين في الصلاة وغيره، وروى له مسلم في المتابعات (2). (عن إبراهيم بن مهاجر) أبي إسحاق البجلي الكوفي، احتج به مسلم (3) (عن زياد بن حدير) بضم الحاء المهملة مصغر الكوفي ثقة عابد (4) (قال: قال علي) بن أبي طالب -رضي الله عنه - في خلافته (لئن بقيت) بكسر القاف لغة القرآن أي: لئن بقيت مدة حياتي (لنصارى) بكسر لام الجر (بني تغلب) بفتح التاء المثناة وسكون الغين المعجمة وكسر اللام ثم باء موحدة وهي قبيلة معروفة وهي تغلب بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى (5).

    (لأقتلن المقاتلة) بكسر المثناة الفوقانية يعني: الرجال الذين يقاتلون (ولأسبين) بفتح الهمزة وتشديد نون التوكيد آخره (الذرية) منهم والسبي: النهب وأخذ الناس عبيدًا وإماءً، ثم ذكر سبب العزم على قتلهم وسبيهم (فإني كتبت الكتاب بينهم وبين النبي - صلى الله عليه وسلم -) واشترط فيه (على أن لا ينصِّروا أبناءهم) بتشديد الصاد المكسورة أي: لا يصبغوا أبناءهم الصغار كما (1) قال ابن حجر: صدوق له أوهام أفرط ابن معين فكذبه وقال البخاري: هو في الأصل صدوق. وانظر: تهذيب التهذيب 9/ 259، التقريب (4032).

    (2) تهذيب التهذيب 4/ 293.

    (3) التقريب (254).

    (4) التقريب (2064).

    (5) انظر: الأنساب للسمعاني 1/ 469.

    وروى شيبان عن قتادة: أن اليهود تصبغ أبناءهم يهود، وأن النصارى تصبغ أبناءهم نصارى، وأن صبغة الله الإسلام (1).

    وعن قتادة: الصبغ الدين، وأصل ذلك أن النصارى كانوا يصبغون أولادهم في الماء وهو الذي يسمونه المعمودية.

    قال ابن عباس: هو أن النصارى كانوا إذا ولد لهم ولد فأتى عليه سبعة أيام غمسوه في ماء لهم يقال له: ماء المعمودية وصبغوه بذلك ليطهروه مكان الختان، فإذا فعلوا ذلك قالوا: صار الآن نصرانيًّا (2).

    قال ابن الأثير: وروي عن عمر أنه دعا قبائل من العرب انقلبت إلى (3) النصرانية وهم تنوخ وبهراء وبنو تغلب إلى إعطاء الجزية فقالوا: نحن عرب لا نؤدي الجزية فخذ منا الصدقة كما تأخذ من المسلمين، فأبى، فلحق بعضهم بالروم، فقال النعمان بن عروة: يا أمير المؤمنين، إن القوم لهم بأس وشدة فلا تعن عدوك بهم، فبعث عمر في طلبهم وردهم وضرب عليهم الصدقة فأخذ من كل خمس من الإبل شاتين، وأخذ مكان العشر: الخمس، ومكان نصف العشر: العشر، ولم يخالفه من الصحابة فليس لأحد بعد ذلك نقضه؛ لأن عقد الذمة يكون على التأبيد. قال: فأرى للإمام أن يأخذ منهم الجزية؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذها من النصارى من العرب، فأما ذبائحهم فلا أحب أكلها خبرًا عن عمر وعلي، وكذلك لا يحل لنا نكاح نسائهم؛ (1) أخرجه

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1