Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

الأمثال العامية
الأمثال العامية
الأمثال العامية
Ebook1,112 pages7 hours

الأمثال العامية

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

بعد كتاب « الأمثال العاميّة: مشروحة ومرتبة حسب الحرف الأول من المثل» كتابًا في الأدب العربي الشّعبي، دوّن فيه الكاتب أحمد تيمور باشا، وهو أحد كبار رجالات النهضة العربيّة، أمثالًا شعبيّةً قيلت باللّهجة العاميّة، مشروحة ومرتبة حسب الحرف الأول من المثل، وفق الأبجديّة العربيّة. وتجسّد الأمثال الشعبيّة العاميّة إرثًا هامًا، وكنزًا من كنوز ميادين الأدب الشعبي، ويُعَدُّ هذا الكتاب قاموسًا مُعينًا على فهم مفردات الحياة الاجتماعيّة لدى النّاس، ومرجعًا هامًا للباحثين في النّواحي الاجتماعيّة والقيم المجتمعيّة وعلاقات الأفراد، وهم السبب وراء نشأة هذا النوع من الأمثال واستمراريّة تداوله من جيل إلى آخر. ما يميّز هذا المُؤَلَّف أنه عمد إلى ذِكْرُ المناسبات التي يقال فيها المثل، والمعنى المراد منه، واللحظات التي كانت أشبه بتنوير في ظهوره، ممّا يشير إلى جوهر المثل في الكشف عن البواعث الاجتماعية التي نقلته من حال الخصوصيّة على لسان صاحبه، إلى صيرورته عبارةً عامّة يتداولها كافّة أطياف المجتمع، رغم اختلاف الطّبقات والأجناس والأعراق، وديمومته مع تفاوت الأزمان.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJan 1, 2017
ISBN9786435925316
الأمثال العامية

Read more from أحمد تيمور باشا

Related to الأمثال العامية

Related ebooks

Reviews for الأمثال العامية

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    الأمثال العامية - أحمد تيمور باشا

    حرف الألف

    «آخُدِ ابْن عَمِّي وَاتْغَطَّى بْكُمِّي» يُضرَب في تفضيل تزوج المرأة بقريبها ولو كان فقيرًا؛ أي: أتزوج بابن عمي ولو كان لا يملك ما أتغطى به. وقالوا أيضًا في تفضيل القريب على الغريب: «نار القريب ولا جنة الغريب»، ويُرْوَى: «نار الأهل»، وسيأتي في حرف النون. وهذا عكس قولهم: «خد من الزرايب ولا تاخد من القرايب.» وقولهم: «الدخان القريب يعمي.» وقولهم: «إن كان لك قريب لا تشاركه ولا تناسبه.»

    «آخِرِ الحَيَاة الْمُوتْ» حكمة جرت مجرى الأمثال تقال للتذكير، وقد تُقال إظهارًا لعدم المبالاة بالتهديد. وانظر: «كلها عيشة وآخرها الموت.»

    «آخِرْ خِدْمِةْ الغُز عَلْقَةْ» الغز: يريدون بهم التُّرْك الذين كانوا يحكمون مصر. والعلقة: الوجبة من الضرب؛ أي: إنْ خَدَمْتَهم وأخلصْتَ لهم فإنهم يكافئونك في آخر خدمتك بالضرب. ويُرْوَى: «سكتر» بدل علقة، وهي كلمة تُقَال للطرد. يُضرَب لقبح المكافأة على العمل الحسن. وانظر قولهم: «آخر المعروف ينضرب بالكفوف.»

    «آخِرْ دَهْ يجِيبْ دَهْ» أي: آخر هذا يجيء بهذا، والمقصود: آخر الإقذاع بالكلام يؤدِّي إلى المضاربة والعراك، وبذلك ينتهي الإشكال وتنجع الشدة في فَضِّ الخِصَام.

    «آخِرِ الزَّمْر طِيطْ» يُضْرَب للأمر لا يُنتج نتيجة نافعة كالزَّمر؛ فإن آخره ذلك الصوت الذي يقول: «طيط» ويذهب في الريح. وللأديب الظريف السيد محمد عثمان جلال المُتوفَّى سنة ١٣١٥ه لما طبع كتابه «العيون اليواقظ» ولم يصادف رواجًا:

    راجي المُحال عبيطْ

    وآخر الزَّمْر طِيطْ

    والعلم من غير حظٍّ

    لا شكَّ جَهلٌ بسيطْ

    العبيط عند العامة: الأبله.

    «آخِرِ المَعْرُوفْ يِنْضِرِب بِالكُفُوفْ» يُضرب للمجازاة على الخير بالشر. وهم يقولون: «ضربه كف «أو قلم»: إذا لطمه على وجهه.» وانظر قولهم: «آخر خدمة الغُز علقة.»

    «آدِي السَّما وآدِي الْأَرْضْ» أي: ها هي ذي السماء، وها هي ذي الأرض، لا يمنعك مانع عن البحث فيهما عن بُغْيَتك، فابحث ونَقِّرْ كما تشاء فلست بواجدها لأنها لا توجد. يُضرَب لمن يطلب المستحيل، ويكثر ضربه عند فَقْد الأولاد؛ للتسلية والحث على الصبر.

    «آدِي وِشِّ الضِّيفْ» كناية عمن يرتحل عن قوم ولا ينوي العودة إليهم. يقولون: خرجت، وقلت لهم: آدي وش الضيف؛ أي: هذا وجه الضيف الذي تبغضونه قد ذهب عنكم ولن يعود.

    «آدِيني حَيَّهْ لمَّا أَشوفِ اللِّي جَيَّهْ» أشوف: أرى؛ أي: ها أنا ذي باقية في الحياة حتى أرى التي ستأتي وما ستمتاز به عليَّ كما تقولون. تقوله المرأة تهكمًا إذا عِيبَتْ أو رُمِيَتْ بتقصير في عملها فهُدِّدَت بضرَّة أو بامرأة أخرى تقوم بالعمل.

    «آفْتِي مِعْرِفْتِي رَاحْتِي ما اعْرَفْشْ» أي: آفَتِي ادِّعائي المعرفة؛ لأني قد أكلف بما لا أعرفه أو أسأل عنه فأُفْتَضَح، فالراحة العظمى في قولي: لا أعرف.

    «آمْنُوا عَلَى مْشَنَّةْ مَلْيَانَهْ عِيشْ ولَا تْآمْنُوا عَلَى بِيتْ مَلْيَانْ جِيشْ» المِشَنَّة (بكسر ففتح مع تشديد النون): طبق كبير للخبز يُتخذ من العيدان؛ أي: ائتمنوا على طبق مملوء خبزًا من أن يتناهَبَه الناس، ولا تأمنوا على دار مملوءة جندًا من الموت؛ فقد يصيبهم ما يُفنيهم عن آخرهم، ولا تُغني كثرتهم. والمراد: ليس شيء أقربَ من الموت.

    «آمْنُوا لِلبَدَاوِي ولَا تْآمْنُوا لِلدِّبْلَاوِي» البَدَاوي (بفتحتين): يريدون به الذئب؛ لأنه يسكن البادية؛ أي: الخلاء. والدِّبْلاوي يريدون به الإنسان؛ أي: الذي يلبس في إصبعه الدِّبْلة، وهي عندهم الخاتم الذي لا فَصَّ له، والمقصود: مَنْ يتزين بالتختم، كأنهم يقولون: ائمنوا للبدوي الجلف، ولا تأمنوا لهذا الحضريِّ الظريف، وهو مبالغة في عدم وفاء بني آدم وغدرهم. وانظر: «ربِّي قزُّون المال …» إلخ. و«ما تآمنش لابو راس سودة.»

    «آهي لِيلَهْ وِفْرَاقْهَا صُبْحْ» آ: كأنهم يريدون بها التنبيه. والمراد هي ليلة واحدة ستفارقنا في الصباح، فليكن فيها ما يكون؛ فالمدة وجيزة، ولها آخر معروف.

    «أَبْرَدْ مِنْ مَيِّةْ طُوبَهْ» لأن ماء شهر طوبة شديد البرد، فإذا قيل: فلان أبرد منه، فقد تناهى في ذلك.

    «أَبْرَدْ مِنْ يَخ» يُضرب للثقيل البارد. واليَخُّ (بفتح أوله وتشديد الخاء) يضربون به المثل في البرودة المعنوية ولا يعرفون ما هو. وهو لفظ فارسي معناه الثلج، وتذكُر معاجمهم أنه المعبَّر عنه في العربية بالجمر.

    «اِلإِبْرَةْ اِللِّي فِيهَا خِيطِينْ مَا تْخَيَّطْشْ» لأن الإبرة دقيقة لا تُدخل في الثوب إلا خيطًا واحدًا، والمراد الأمر المعلَّق على اثنين لا يتم؛ لأنهما قد يختلفان. وقريب منه قولهم: «المركب اللِّي لها ريسين تغرق.» وسيأتي في الميم.

    «أَبْرِيقْ اِنْكَسَرْ وَأَدِي بَزْبُوزُهْ» يُضرب للأمر الواضح الذي لا يحتاج في الكشف عنه إلى عناية، يريدون: لِمَ تسألون عمَّا كُسر وهذا صنبوره أو فمه الباقي دالٌّ على أنه إبريق. وانظر قولهم: «حمار وادي ديله.»

    «اِلْأَبْرِيقِ الْمَلْيَانْ مَا يْلَقْلَقْشْ» أي: الإبريق المملوء بالماء لا يلقلق، والمراد: لا يُسْمَع صوت الماء فيه، وإنما يسمع صوته إذا كان قليلًا يتحرك بتحرك الإبريق؛ أي: لا يُجعجع بالدعوى إلا قليل البضاعة. وفي معناه قولهم: «البرميل الفارغ يرن.» وسيأتي في حرف الباء الموحدة. وقولهم: «ما يفرقعش إلا الصفيح الفاضي.» وسيأتي في الميم.

    «اِبْطِي ولا تِخْطِي» أي: خير لك أن تُبطئ وتصيب من أن تسرع وتُخطئ.

    «اِلأَب عَاشِقْ وِالأُم غَيْرَانَةْ وِالبِنْتْ حَيْرَانَةْ» أي: إذا كان الأَب عاشقًا والأم غيرى مشغولة به وبمعشوقته، وبنتهما في الدار حيرى بينهما؛ فهل تكون عاقبة أمرهم إلا البوار؟ يُضرَب في عدم سير الأمور على السَّنَن القويم.

    «أَبْقَى سَقَّا وتْرُش عَلَيَّ المَيَّهْ؟!» أبقى بمعنى أكون؛ أي: أكون سقاءً متعودًا على الماء ثم يفزعني رشك إياه عليَّ. والمراد أنك لم تفعل شيئًا فيما حاولت من الإضرار بي.

    «أَبْلِيسْ مَا يِخْرِبْشْ بِيتُهْ» الصواب في إبليس (كسر أوله) وهم يفتحونه. يُضرَب للخبيث المتعوِّد على الأذى يصاب بمصيبة يظن أنها القاضية عليه فيفلت منها. ومن أمثال المولَّدين في مجمع الأمثال للميدانيِّ: «الشيطان لا يُخرِّب كَرْمَه.»

    «اِبْنْ آدَمْ فِي التَّفْكِيرْ وِالرَّب في التَّدْبِيرْ» أي: بينما المرء يفكر في الأمر النازل به ولا يجد له مخرجًا منه يتولاه الله — عز وجل — بلطفه وتدبيره فيأتيه بالفرج من حيث لا يحتسب. يُضرَب لتهوين المصائب والتذكير بأنه — تعالى — لا ينسى عباده.

    «اِبْنِ الحَاكِم يَتِيمْ» يريدون بالابن الصنيعة؛ أي: من لم يعتمد على نفسه وكفايته فمصيره الضياع؛ لأن الحاكم مُعَرَّض للعزل، ومتى عُزل أصبح صنيعته الفاقد الكفاية في حكم طفل مات أبوه.

    «اِبْنِ الحَرَامْ مَا خَلَّاشْ لابْنِ الحَلَالْ حَاجَهْ» أي: لم يترك الطالح للصالح شيئًا يسعى له، ويريدون بابن الحرام من وُلِد لزَنيَة، ثم توسعوا فأطلقوه على كل شيطان رجيم.

    «اِبْن الحَرَامْ يِطْلَعْ يَا قَوَّاسْ يَا مَكَّاسْ» يطلع؛ أي: ينشأ ويكون. والقَوَّاس أصله حامل القوس، ولكنهم أطلقوه على فئة يكونون حُرَّاسًا وحُجَّابًا للحكام؛ أي: ابن الزَّنْيَة يصير إما قَوَّاسًا أو مَكَّاسًا و«يا» هنا بمعنى إمَّا عندهم. والمراد: أن أصله الرديء وما كَمُن في نفسه من الشر يحملانه على أن يشتغل بذلك، وكلتا المهنتين رديئة لا يخلو صاحبها من ظلم الناس وإعانة الظَّلَمَة عليهم.

    «اِبْنِ الدِّيبْ ما يِتْرَبَّاشْ» أي: ابن الذئب لا يُرَبَّى ولا يُقْتَنَى؛ لأن طباعه تغلِب عليه فيُؤذِي من رَبَّاه وأحسن إليه. والمراد ابنُ مَنْ تَعَوَّد الأذى؛ لأنه في الغالب ينشأ على خصال أبيه. ومما يُرْوَى عن أعرابيَّة رَبَّت جَرْوَ ذِئْب، فلما كبر قتل شاتها فقالت:

    بقرتَ شُوَيْهَتِي وفَجَعْتَ قَلْبِي

    وأنت لِشَاتِنَا وَلَدٌ رَبِيبُ

    غُذِيتَ بِدرِّها ورُبِيتَ فينا

    فمن أنباكَ أن أباك ذيبُ

    إذا كان الطباعُ طباعَ سوءٍ

    فلا أدبٌ يُفيدُ ولا أديبُ

    «اِبْنِ الرَّيِّسْ تُقْلْ عَلَى المَرْكِبْ وَفَنَا عَلَى الخُبْزَةْ» يريدون بالريس: ربَّان السفينة؛ أي: إن ولده لا فائدة منه؛ لأنه مدل بمكانة أبيه فلا يُعِين الملَّاحين بعمل، فهو زيادة ثِقْل على الأحمال وفناء للمئونة؛ لأنه يأكل منها، فهو في معنى: «ضِغْثٌ على إِبَّالة.»

    «ابْن السَّايِغْ اِشْتَهَى عَلَى ابُوهْ خَاتِمْ» السَّايِغ: صائغ الحَلْي. يُضرَب لمن يشتهي ما هو مُيَسَّر له. وفي معناه قولهم: «بنت السايغ اشتهت على أبوها مزنقة.» وسيأتي في الباء الموحدة.

    «اِبْن الكُبَّهْ طِلِعِ القُبَّهْ وابْنِ اسْمَ اللهْ خَدُهْ اللهْ» الكُبَّة: يريدون بها الورم الحادث من الطاعون؛ أي: لا عبرة إلا بالمكتوب والمقدر، فإن الذي تُهْمِلُ الاعتناء به وتعامله بالدُّعاء عليه بالطاعون والموت قد يبقى ويعلو شأنُه، ومن تحافظ عليه وتحوطه باسم الله قد يموت. ومنهم من يرويه: «ولاد الكبه طلعوا …» إلخ. وذُكِر في الواو، وهو مثل قولهم في مثل آخر: «ابن الهبلةْ يعيش اكْتَرْ.» وسيأتي.

    «اِبْنِ الهَبْلَهْ يعِيشَ اكْتَرْ» الهَبْلَة (بفتح فسكون) البَلْهَاء، وهي عادة لا تعتني بولدها فينشأ مُهْمَلًا في كل شيء، يريدون: مثله ربما عاش أكثر من الذي اعتُنِيَ به، فهو مثل قولهم في مثل آخر: «ابن الكبة طلع القبة …» إلخ. وقد تقدَّم.

    «اِبْنِ الوِز عَوَّامْ» أي: يكون كأبويه في السباحة، يُضرَب لمن يبرع فيما برع فيه آباؤه. وفي معناه عندهم: «بنت الفارة حفارة.» وذكر في الباء الموحدة. ومثله أو قريب منه قول العرب: «ومن يشابه أبه فما ظَلَم.» وفي «الرَّوضتين»١ عن «العماد الكاتب» أنه قال: «من جملة تسمج المعلمين في القول ما حكاه لنا شيخنا «أبو محمد بن الخشَّاب» قال: وصلتُ إلى تبريز فأحضرني يومًا رئيسُها في داره وأجْلَس ولده ليقرأ بعض ما تلقَّنَه عليَّ فقلت: «فرخ البط سابح»، فقال معلمه وكان حاضرًا: نعم، و«جرو الكلب نابح»، فخجلت من خطأ خطابه.»

    «اِبْنْ يُومِينْ مَا يْعِيشْ تَلَاتَةْ» أي: الآجال محدودة، فمن كُتِبَ له أن يعيش يومين لا يعيش الثالث.

    «اِبْنَك عَلَى مَا تْرَبِّيهْ» أي: ينشأ على ما عودته، إن خيرًا فخير وإن شرًّا فشر. وبعضهم يزيد فيه: «وحمارك على ما توخِّده.» أي: على ما تعوده. يقول: أخذ على كذا؛ أي: تعوده وأَلِفَه. وبعضهم يرويه بالخطاب للمؤنث فيقول: «ابْنِكْ على ما تْرَبِّيهْ وجُوزِكْ عَلَى مَا تْوَخِّدِيهْ.»

    «اِبْنُهْ عَلَى كِتْفُهْ ويْدَوَّرْ عَلِيهْ» أي: يحمل ابنه على كتفه ثم يبحث عنه. يُضرَب في الذهول عن الشيء وهو قريب ممن يبحث عنه. وللشيخ عبد الغني النابلسي من مواليا:

    للحُبِّ تطلب وأنتَ الحبُّ يا حائرْ

    أَمَا سمعْتَ الذي فيه المثلُ سائرْ

    حُبِّي مَعِي وعلى حُبِّي أَنَا دَائِرْ٢

    وفي مجمع الأمثال للميدانيِّ: من أمثال المولَّدين: «ابنه على كتفه وهو يطلبه.»

    «أَبُو أَلْفْ حَسَدْ أَبُو مِيَّهْ» أي: من العجيب أن يحسد صاحبُ الألف صاحبَ المائة وما عنده أكثر. ومثله: «أَبُو مِيَّةْ يحسد أبو تْنِيَّه.» وسيأتي. يضربان في المُكْثِر يحسد المقلَّ طمعًا وَشَرَهًا.

    «أَبُو بَالِينْ كَدَّابْ» انظر: «صاحب بالين كدَّاب» في الصاد المهملة.

    «أَبُو الْبَنَاتْ مَرْزُوقْ» أي: من رزقه الله بالإناث رزقه ما ينفق به عليهن. يُضرَب للتَّسْلِيَة.

    «أَبُو جُعْرَانْ فِي بِيتُهْ سُلْطَانْ» أبو جُعْران (بضم الجيم وسكون العين المهملة) كنية الجُعَل عندهم. ويُرْوَى: «في نفسه» بدل «في بيته»، والمعنى واحد؛ لأن المراد أن الوضيع مهما يكن محتَقَرًا في نظر غيره فإن له عزة في نفسه وداره يُحِسُّ بها. وانظر في الكاف: «الكلب في بيته سبع.» وقريب منهما قولهم: «كل ديك على مزبلته صيَّاح.»

    «أَبُو جُوخَةْ وَأَبُو فَلَّةْ فِي الْقَبْرْ بِيِدَّلَّى» الفَلَّة (بفتح الفاء واللام المشددة) نوع غليظ من نسيج الكتان يرتدي به الفقراء؛ أي: إن الموت يساوي بين الغنيِّ والفقير؛ فصاحب الجبة عنده كغيره مصيرهما إلى التراب.

    «أَبُوكْ الْبَصَلْ وأُمَّكْ التُّومْ منِينْ لَكْ الرِّيحَهْ الطَّيِّبَهْ يَا مْشُومْ» أي: إذا كان هذان أصلَيْك وهما كريها الرائحة فمن أين تطيب رائحتك؟ يُضرَب للوضيع الأصل ينشأ كأبويه في الضِّعة والسَّفالة.

    «أَبُوكْ خَلِّفْ لَكْ إِيهْ؟ قَالْ: جِدْيْ وِمَاتْ» أي قيل: ما الذي ورثته من أبيك؟ فقال: جَدْيٌ واحد وقد مات. يُضرَب فيمن يصيب القليل ثم يذهب منه؛ فيكون كمن لم يُصِبْ شيئًا.

    «أَبُوكْ مَا خَلِّفْ لَكْ، عَمَّكْ مَا يِدِّيكْ» يِدِّيكْ؛ أي: يعطيك؛ محرف عن يؤدِّي لك. والمعنى: إذا لم يُخَلِّفْ لك أبوك ما تعتمد عليه في عيشك فلا تطمع في نوال عمك. يُضرَب في عدم الاعتماد على صلة الأقارب.

    «أَبُوكْ مَا هُو أَبُوكْ، أَخُوكْ مَا هُو أَخُوكْ» يُضرب للجمع الكثير يختلط فيهم الحابل بالنابل حتى لا يعرف المرء أباه ولا أخاه.

    «أَبُو مِيَّةْ يِحْسِدْ أَبُو تْنِيَّهْ» أي: صاحب مائة من الغنم يحسد صاحب شاة واحدة. ومعنى التِّنِيَّةْ (بكسرتين) عندهم التي أتى عليها سنتان. والعرب تقول: ثَنِيَّة (بفتح فكسر) للشاة في الثالثة. يُضرَب في المُكْثِر يحسد المُقِلَّ طمعًا وشرهًا. ومثله: «أبو ألف حسد أبو مية.» وقد تَقَدَّمَ.

    «أَبُويَا وَطَّانِي وِجُوزِي عَلَّانِي» الجُوز: الزوج. يُضرَب للوضيعة الأصل يتزوجها مَنْ يرفع شأنها وينبه ذكْرَها.

    «اِلْأَبْيَضْ فِي الْكِلَابْ نجِسْ» أي: كلهم في النجاسة سواء حتى الأبيض منهم، فلا يَغُرَّنَّك حُسن لونه. ويُرْوَى: «زي الكلاب: الأبيض فيهم نجس.» وقريب منه قول القائل:

    وَلَيْسَ فيهم من فَتًى مُطِيع

    فَلَعْنَةُ الله عَلَى الجَميعِ

    وقال آخر:

    ما ازْدَدْتَ حينَ ولِيت إلا خسةً

    كالكلب أنجسَ ما يكونُ إذا اغْتَسَلْ٣

    «أَتَابِيكْ يَا ضِيفْ مَا انْتَشْ صَاحِبْ مَحَل» أتابيك؛ أي: إذا بك، وهو مُحَرَّف عنه، والمعنى: كنا نظنك يا ضيف كصاحب الدار كما كان يقول ويؤكد، فإذا بك لم تزل ضيفًا؛ أي: غريبًا عن الدار وأهلها، وظهر ما كانوا يكذبون به عليك ويتملقونك به. يُضرَب في أن الضيف غريب فلا ينبغي له الاغترار بالترحيب والتأهيل.

    «اِتْبَع الْبُومْ يُوَدِّيكْ الْخَرَابْ» لأن المكان الخرب مأواه ومسكنه، فإنْ تبعتَه ذهب بك إليه. وقولهم: يوديك أصله يؤدِّي بك. يُضرَب لمن يقتدي بالمشئوم الفاسد الرأي، وهو مَثَل قديم أورده الراغب الأصفهاني في محاضراته في أمثال عامة زمنه برواية: «من كان دليله البوم كان مأواه الخراب.»٤ وفي معناه قول القائل:

    وَمَنْ يَكُنِ الغُرَابُ لَهُ دَليلًا

    يَمُرُّ به على جيفِ الكِلابِ

    وانظر قولهم: «اركب الدِّيك وانظر فين يُوَدِّيك.» وسيأتي.

    «اِتْبَع الْكَدَّابْ لَحَد بَابِ الدَّارْ» أي: لا تكذبه حتى يكذبَه الواقعُ؛ لأنك إذا كذبته في حديثه جادلك وعجزت عن إقناعه.

    ويُرْوَى: «تَنَّكْ ورا الكدَّاب …» إلخ. وسيأتي في حرف التاء المثناة الفوقية.

    ويُرْوَى: «سَدَّق الكدَّاب …» إلخ؛ أي: صَدِّق. وسيأتي في السين المهملة.

    «اِتْحَدِّتْ فِي الْمَجْلِسْ وِاللِّي يِكْرَهَكْ يِبَانْ» أي: إذا كنت في مجلس قوم، وأردت أن تعرف من يُبْغضك منهم تَحَدَّثْ بينهم بحديث يظهر لك من الإقبال والإعراض ما تُكِنُّه قلوبهم من حُبٍّ وبُغْض.

    «اِتْعِبْ جِسْمَكْ وَلَا تِتْعِبْ قَلْبَكْ» مَعْنَاهُ ظاهر.

    «اِتْعَلِّمْ الْبَيْطَرَهْ فِي حْمِيرِ الْأَكْرَادْ» يُضرب للجاهل الذي لم يتقن عملًا؛ لأن القوم الرُّحَّل كالأكراد ونحوهم لا ينعلون دوابهم؛ فإذا تعلم شخص البيطرية فيها فكأنه لم يتعلم شيئًا.

    «اِتْعَلِّم الحِجَامَة فِي رُوسِ الْيَتَامَى» أي: تعلم هذه الصناعة في رءوس الأيتام؛ لأنهم محتاجون لمن يحجمهم بلا أجر، فهو آمن فيهم ممن يعترض عليه إذا أخطأ. يُضرَب لمن يجعل الضعيف وسيلة لنفعه ولو بالإضرار به. وقد نَظَمَه ابن أبي حجلة بقوله، ومن ديوانه نقلتُه:

    وذي بُخْل يَرُومُ المدحَ مِنِّي

    ولا كرم لديه ولا كرامةْ

    أُكَارِمُه بدُرِّ بحور شعري

    وأغرق منه في بحر اللآمةْ

    وكَمْ جرَّبْتُ شعري في أُناسٍ

    أَحَلُّوا منه ما عرفوا حرامهْ

    كأنهمُ اليتامى حيث شعري

    تَعَلَّمَ في رقابهم الحجامةْ

    وعلى هذا فالمثل كان معروفًا حوالي القرن الثامن.

    «اِتْعَلِّمْ السِّحْرْ ولا تِعْمِلْ بُوشْ» الشين في الأواخر من علامات النفي عندهم أو تأكيد له، وهي مقتضبة من لفظ «شيء»، فمعنى بوش «به شيء»؛ أي: لا تعمل به شيئًا. والمراد: تعلم السحر ولا تعمل به؛ لأنك ما دمت لا تَضُرُّ به أحدًا فعلمك به نافع لك في اتقاء ضرره ودفعه عنك، وهم يقصدون كل شر لا السحر بخصوصه. وفي كتاب الآداب لجعفر بن شمس الخلافة: «من لم يعرف الشر كان أجدر أن يقع فيه.»٥ وأنشد «لأبي فراس الحمداني»:

    عَرَفْتُ الشرَّ لا للشَّر لكنْ لتوقِّيهِ

    ومن لم يعرفِ الشَّرَّ من النَّاس يَقَعْ فيهِ٦

    «اِتْغَدَّى بُهْ قَبْلْ مَا يِتْعَشَّى بَكْ» أي: افترسه قبل أن يفترسك. وأصله من قول العرب في أمثالها: «تغد بالجُدِّيِّ قبل أن يتعشى بِك.» يُضرَب في أخذ الأمر بالحزم. ومن أمثال المولَّدين الواردة في مجمع الأمثال قولهم في هذا المعنى: «خُذ اللِّصَّ قبل أن يَأخذك.» وأنشد «ابن أبي حجلة» في ديوان الصبابة لبعضهم في نظم هذا المثل:

    عتبتَ عليَّ ولا ذنب لي

    بما الذَّنبُ فيه ولا شك لكْ

    وحاذرتَ لومي فبادَرْتَنِي

    إلى اللَّوم من قبل أن أبدركْ

    فكُنَّا كما قيل فيما مضى

    خُذ اللِّصَّ من قبل أن يأخذكْ٧

    «اِتْغَرَّبِي وِاكْدِبِي» أي: إذا أردت أن تكذبي على الناس وتنسبي لنفسك ما ليس فيك، فليكن ذلك في غربتك بين أناس لا يعرفونك؛ فإنك لا تستطيعين ذلك في بلدك وبين من يعرفك. يُضرَب للمفتخر بما ليس فيه أمام من يعرفه.

    «اِتْغَنْدَرِي وْقُولِي مقَدَّري» الغندرة عندهم ترادف فجور المرأة وتبرجها وسلوكها المنهج الرديء؛ أي: إنك تفعلين ذلك فإذا لامك لائم أحلْتِ على القدر وقلت: ليس بيدي، بل هو مقدر عليَّ. يُضرَب لمن يفعل القبيح مرتكنًا على مثل هذا العذر.

    «اِتْلَمِّت الْحَبَايِبْ مَا بَقَاشْ حَد غَايِبْ» انظر: «تمت الحبايب …» إلخ.

    «اِتْلَم زَأْرُودْ عَلَى ظَرِيفَهْ» زأرود أو زقرود اسمٌ مُخْتَرَع. وقولهم: اتلم؛ أي: اجتمع شملهما. والمراد: «وَافَقَ شَنٌّ طَبَقَةَ.» وهو من أمثال العرب. وانظر أيضًا: «جوِّزوا زقزوق لظريفة» في حرف الجيم فهو في معناه. وانظر أيضًا: «جوِّزوا مشكاح لريمة …» إلخ.

    «اِتْمَسْكِنْ لَمَّا تِتْمَكِّنْ» أي: أَظْهِر المسكنة والتذلل حتى تتمكن من الأمر وتملك ناصيته، فافعل بعد ذلك ما تريد، فليس من الحزم أن تظهر القوة والعنف والأمر بَعْدُ في يد غيرك.

    «اِجْتَمَعَ المَتْعُوسْ عَلَى خَايِبِ الرَّجَا» يُضْرَب للمتشابهين في التعاسة وسوء الحظ يجتمعان.

    «أَجْرَبْ وانْفَتَحْ لُهْ مَطْلَبْ» المطلب: المال المدفون. يُضرَب لمن يصيب خيرًا لا يستحقه؛ أي: لا يتوقف الغنى على قيمة الشخص. وبعضهم يرويه «كلب أجرب …» إلخ.

    «أَجْرَبْ وِيْسَلِّمْ بِالْأَحْضَانْ» أي: هو أجرب ويعانق الناس عند السلام عليهم. يُضرَب لمن يأتي بما يُشْمَأَزُّ منه.

    «اِلْأَجْرْ مُوشْ قَدِّ المَشَقَّهْ» قد: يريدون به قَدْر. يُضرَب للأمر لا يوازي نتيجه مشقة عمله أو السعي فيه.

    «أُجْرِة الخَيَّاطْ تَحْتْ إِيدُهْ» أي: أجرة خياط الثياب في يده لا يخشى عليها؛ لأن من أعطاه ثوبًا ليخيط له منه ملبوسًا كان كالمرهون عنده له ألا يسلمه إلا بعد نقد الأجرة. يُضرَب للحق المحوط بأسباب تحفظه. ولأبي الفضل أحمد بن محمد السكري المروزي من أرجوزة ترجم فيها أمثالًا فارسية، وأوردها «البهاء العاملي» في الكشكول:

    من مثل الفُرس ذوي الأبصارْ

    الثوب رهن في يد القصارْ٨

    «اِجْرِي ومِد، دَ شِيءْ يِهِد» هو مخاطبة بين اثنين يقول أحدهما: اجْرِ وَأَسْرِع ومُدَّ خطاك، فيقول الآخر: هذا شيء يهد القوى. والمراد: ليس من الصواب أن تكلفني بما لا طاقة لي به.

    «اِجْرِي يَا مِشْكَاحْ لِلِّي قَاعِدْ مِرْتَاحْ» المِشْكَاح (بكسر فسكون) يريدون به كثير السعي والحركة؛ أي: اسعَ وانصَبْ يا مَن هذه صفته للذي قعد وارتاح من السعي. يُضرَب لمن يأتيه رزقُه من سعي غيره بلا طلب منه، فهو في معنى: «رُبَّ ساعٍ لِقَاعِدٍ.» وهو من أمثال العرب، يقال: إن أول مَن قاله النَّابغة الذُّبْيَاني، وكان وفد إلى النُّعْمَان بن المنذر وفودٌ من العرب فيهم رجل من بني عبس يُقَال له شقيق فمات عنده، فلما حبا النعمان الوفود بعث إلى أهل شقيق بمثل حباء الوفد، فقال النابغة حين بلغه ذلك: «رُبَّ ساع لقاعدٍ.» وقال للنعمان:

    أَبْقَيْتَ للعبسيِّ فضلًا ونعمةً

    ومحمدةً من باقيات المحامدِ

    حِبَاء شقيق فوق أعظم قبرِهِ

    وما كان يُحْبَى قَبْله قَبْرُ وافدِ

    أَتَى أهلَه منه حباءٌ ونعمةٌ

    وَرُبَّ امرئٍ يَسْعَى لآخَرَ قَاعِدِ

    ومن أمثال العرب في هذا المعنى أيضًا: «خيرُ المال عينٌ سَاهرةٌ لِعَيْنٍ نائمة.»

    «أَجْوَدْ مِنَ الدَّهَبْ مَنْ يَجُودْ بِالدَّهَبْ» أي: أحسن من الذهب من يجود به، وقد أرادوا التجنيس بين أجود ويجود. ومن أمثال العرب في ذلك قولهم: «إِنَّ خيرًا من الخير فاعلُه.» وأورده ابن عبد ربِّه في العقد الفريد.٩

    «أَحِبَّكْ يَا سَوَارِي زَي زنْدِي لأْ» الأكثر استعمالهم لفظ «الإسورة» بدل السوار؛ أي: إني أحبك يا سواري، ولكني أحب زندي أكثر منك. ويريدون ب «لأ» بالهمزة: لا. يُضرَب في أن الحب يتفاوت وأعظمه محبةُ المرء لنفسه. وأورده الأبشيهي في أمثال النساء بالمستطرف برواية: «أحبك يا سواري مثل معصمي.»١٠ والمعنى: يختلف بحذف «لا» من آخر المثل.

    «اِحْتَاجُوا الْيَهُودِي، قَال: الْيُومْ عِيدِي» يُضْرَب لتعسر الأمور وقيام الموانع. والمعنى: أنهم مستغنون عن اليهود، ولكن لما احتاجوا للاستعانة بأحدهم اعتذر بأنه في عيده؛ أي: لا يشتغل فيه. والمثل قديم في العامية أورده الراغب الأصفهاني في محاضراته في أمثال عوام زمنه برواية: «أحوج ما تكون إلى اليهودي يقول: اليوم السبت.»١١

    «اِحْتَرْتْ يَا بَخْرَا أَبُوسِكْ مِنِينْ» أي: حرت يا بخراء في أي موضع أُقَبِّلُك. يُضرَب للأمر تكتنفه الموانع فلا يُعْرَف من أين يُتَوَصَّل إليه.

    «اِحْسِبْ حِسَابِ الْمِرِيسِي وَإِنْ جَاكْ طِيَابْ مِنَ الله» المريسي نسبة للمريس: بلدة جنوبي القطر المصري، وهي بفتح الأول والعامة تكسره، وتريد به الريح الجنوبية؛ لأنها تعطل سير السفن وهي مصعدة. والطياب عندهم بعكسها؛ أي: كن حازمًا في تسيير أمورك واستعد للطوارئ، فإنْ يسَّر الله وسهل فلا يَضُرُّك تَيَقُّظُك.

    «اِحْضَرْ أَرْدَبَّكْ يِزِيدْ» الإِرْدَبُّ (بكسر فسكون ففتح مع تشديد الموحدة): مكيال معروف بمصر، والعامة تفتح أوله. يُضرَب للحث على مباشرة المرء أموره بنفسه، فهو كقول القائل:

    ما حَكَّ جلدَكَ مِثْلُ ظُفْرِكْ

    فَتَوَلَّ أَنْتَ جميعَ أَمْرِكْ

    وقولهم: «يزيد» مبالغة في الحث على ذلك؛ أي: إنك إذا حضرت كيل إردبك، فإنك لا تأمن عليه من السرقة فقط، بل إنه يزيد بحضورك، فهو كقولهم في مثل آخر: «اللِّي ولِّد معزته جابت اتنين …» إلخ. وسيأتي في الميم: «ما يهرش لك إلا إيدك.» والعرب تقول في أمثالها: «ما حَكَّ ظهرِي مِثْلُ يَدِي.» يُضرَب في ترك الاتِّكَال على الناس.

    «اِلْأَحْمَقْ يِنْصَحْ فِي الْوَقْتِ الدَّيَّقْ» معناه ظاهر، وهو دليل كافٍ على الحماقة ووضع الشيء في غير موضعه. والدَّيَّق يريدون به: الضَّيِّق.

    «إِحْنَا اتْنِينْ وِالتَّالِتْ جَانَا مِنِينْ» أي: نحن اثنان؛ فمن أين جاءنا هذا الثالث؟! يُضرَب للداخل بين شخصين في أمر لا يعنيه.

    «إِحْنَا بِنِقْرَا فِي سُورِةْ عَبَسْ» أي: هل نحن نقرأ في سورة عبس؟ يريدون: إننا نخاطبك في شيء معلوم، ونكرره عليك فلا تتنبه لما نقوله ونطلبه منك، كأننا نقرأ عليك سورة، فأنت مستمع لها لا تتكلم أو تَصْرِف كلامنا لغير وجهه. يُضرَب لمَن لا يفهم ما يُقال له بعد تطويل الكلام معه.

    «اِحْيِينِي النَّهَارْدَهْ وَمِيتْنِي بُكْرَهْ» يُضْرَب لمن لا ينظر لغده ولا يفكر في العواقب؛ أي: إنما لي الساعة التي أنا فيها، فإن كنت تنوي قتلي فليكن غدًا، ودعني ليومي هذا.

    «أُخْتُهْ فِي الخَمَّارَهْ وَعَامِلْ أَمَارَهْ» الخَمَّارَة (بفتح الأول وتشديد الثاني): بائعة الخمر، والعامة تريد بها موضع بيعها؛ أي: الحانة، وعامل؛ أي: جاعل نفسه. والأَمَارة (بفتح الأول) جمع أمير عندهم؛ أي: تكون أخته في هذه السفالة ويظهر هو نفسه بمظهر الكرام الماجدين. يُضرَب للنذل المتعالي.

    «اِلْأَخْد حِلْوْ، وِالْعَطَا مُر» معناه ظاهر. ويريدون به في الغالب الاستدانة واستطابة الأخذ فيها وكراهة الوفاء. وفي معناه قولهم: «عند العطا أحباب، وعند الطلب أعداء.» وسيأتي في العين المهملة.

    «أَخْرَسْ وَعَامِلْ قَاضِي» يُضْرَبُ للعَاجِز يَتصَدَّر لِمَا لا يستطيعه من الأعمال؛ لأن الأخرس لا يستطيع سؤال الخصوم.

    «أَخِّرْهَا وَرَا، آخِرِ النَّهَارْ تِجِيبَكْ قُدَّامْ» أي: أَرِحْ دابَّتَك في أول السير واجعلها آخر الدواب؛ فإنها تسبق في آخر الأمر؛ لراحتها وتعب ما تقدمها بالعَدْوِ.

    «اُخْطُبْ لِبِنْتَكْ قَبْل مَا تُخْطُبْ لِابْنَكْ» العادة أن تُخْطَبَ المرأة للرجل لا العكس. والمراد من المثل: اهْتَمَّ باختيار الزوج لبنتك طلبًا لراحتها فهي أولى بعنايتك من ابنك؛ لأن أمر زوجته سيكون بيده، متى شاء طلقها بخلاف البنت.

    «اِخْلِصِ النِّيَّهْ وبَاتْ فِي البَريَّهْ» أي: إذا أخلصت في نيتك فَنَمْ في البرية ولا تَخْشَ شيئًا. يُضرَب في الحث على الإخلاص.

    «أَخُوكْ لَا يِحِبَّكْ غَنِي عَنُّهْ ولا تْمُوتْ» أي: إن أخاك لا يود أن يراك أغنى منه كما أنه لا يحب موتك؛ أي: مهما يحبك المرء ويود حياتك فإنه لا يود أن تعلوَ عليه.

    «أَخَيَّطْ بِسِلَّايَهْ وَلَا المِعَلِّمَهْ تُقُولْ: هَاتِي كِرَايَهْ» السِّلَّاية: (بكسر الأول): الشوكة من النخل وغيره، وصوابها سُلَّاءَة ﮐ «رُمَّانَة». والمعلمة (بكسر الأول والصواب ضمه): مَنْ تُعَلِّمُ الخياطة والتطريز خاصة؛ أي: خير لي أن أخيط ثوبي ولو بسُلَّاءة، وأدبِّر أمري بقدر ما أستطيع من أن أنفق فيما لا داعي فيه إلى الإنفاق، والمراد بالمعلمة هنا: من تخيط الثياب للناس. يُضرَب في الحث على الاقتصاد وحسن التدبير.

    «اِدَّايِنْ وِازْرَعْ وَلَا تِدَّايِنْ وِتِبْلَعْ» أي: إذا تداينت فليكن دَيْنُك للإنفاق على زرعك؛ لأنه ينتج فتقضيه منه، وأما إذا تداينت لنفقتك وطعامك، ذهب المال ولم تجد ما تُوَفِّي به الدَّيْنَ، وليس هذا من الحزم في شيء.

    «اِدَّلَّعِي يَا عُوجَهْ فِي السَّنَهْ السُّودَهْ» أي: تدللي يا مُعْوَجَّةَ القامة كما تشائين في السنة السَّوْدَاء التي لم تُبْقِ على المِلاح، فهو في معنى قولهم: «سنة الكُبَّة يدَّلَّع الأَمْخَط.» وسيأتي في السين المهملة. وقريب من قولهم: «سنة شوطة الجمال جابوا الأعور قَيِّدَهْ.»

    «أَدْعِي عَلَى وَلَدِي وَأَكْرَهْ مَنْ يِقُولْ: أَمِينْ» يُضرَب في الشفقة على الأولاد، وأن الدعاء عليهم باللسان دون القلب.

    «اِدِّي ابْنَكْ لِلِّي لُهْ أَوْلَادْ» اِدِّي؛ أي: أَعْطِ، يريدون: إذا وهبت ابنك لأحد أو جعلته في حياطته، فلا تعطه إلا لِمَنْ يكون له أولاد؛ لأنه يعرف شفقة الآباء على أبنائه. والمراد: لا تُوكِلِ الأمرَ إلا للعارف به.

    «ادِّي سِرَّكْ لِلِّي يْصُونُهْ» ادِّي؛ أي: أَعْطِ. والمعنى: لا تُفْشِ سِرَّك إلا لمن يَصُونُه.

    «اِدِّي الْعِيشْ لِخَبَّازِينُهْ وَلَوْ يَاكْلُوا نُصُّهْ» ادي بمعنى: أَعْطِ؛ أي: اخْبِزْ خُبْزَك عند من يجيدون الخَبْز، ولو سرقوا نصفه وأكلوه؛ لأن الباقي منه يُنْتَفَع به لجودة خبزه، أما إذا خبزتَه عند أمين جاهل أفسده وضاع عليك كلُّه، وهو قريب من: «أَعْطِ القَوْسَ بَارِيها.» ولكن فيه زيادة في المعنى.

    «ادِّينِي رِغِيفْ وِيْكُونْ نِضِيفْ» أي: أعطني رغيفًا، ولكن بشرط أن يكون نظيفًا. يُضرَب لمن يستجدي ويتخير الصدقة فيقترح ويشترط.

    «ادِّينِي عُمْرْ وِارْمِينِي الْبَحْرْ» أي: إذا كانت السلامة مكتوبة لي ولم يَزَلْ في عمري بقية، فإن إلقائي باليمِّ لا يَضُرُّنِي. يُضرَب لمن ينجو من خطر لا تُظَنُّ النجاة منه. والعرب تقول في أمثالها: «أحرز امرأ أجله» قاله الإمام عليُّ بن أبي طالب — عليه السلام — حين قيل له: أتلقى عدوك حاسرَ الرأس؟ قال الميداني: يُقَال هذا أصدقُ مَثَلٍ ضربته العربُ. ومن الأمثال التي تُرْوَى عنه في هذا المعنى: «نعم المجن أجل مستأخر.»

    «ادِّينِي الْيُومْ صُوفْ، وِخُدْ بُكْرَهْ خَرُوفْ» اديني بمعنى: أعطني، وأصلُه أَدِّ لِي، يريدون: أَعْطِني اليوم صوفًا فإني راضٍ به على أن أُعْطِيَكَ غَدًا خروفًا؛ لأني أُفَضِّل العاجلَ على الآجل وإن كان دونه. فهو في معنى المثل الآخر: «بيضة النهارده أحسن من فرخة بكرةْ.» وسيأتي في الباء الموحدة.

    «إِذَا اشْتَدَّ الْكَرْبْ هَانْ» هو في معنى مطلع المنفرجة لابن النحويِّ:

    اشْتَدِّي أَزْمَةُ تَنْفَرِجِي

    قَدْ آذَنَ لَيْلُكِ بِالبَلَجِ

    وأنشد جعفر بن شمس الخلافة في كتاب «الآداب» لإبراهيم بن العبَّاس الصُّوليِّ:١٢

    وَلَرُبَّ نَازلةٍ يَضِيقُ بها الفَتَى

    ذَرْعًا وعنْدَ الله مِنْهَا المَخْرَجُ

    ضَاقَتْ فَلَمَّا اسْتَحْكَمَتْ حَلَقَاتُهَا

    فُرِجَتْ وَكَانَ يَظُنُّهَا لَا تُفْرَجُ

    وأنشدَ لآخر:

    ضَاقَتْ وَلَوْ لَمْ تَضِقْ لَمَا انْفَرَجَتْ

    وَالعُسْرُ مِفْتَاحُ كُلِّ مَيْسُورِ١٣

    ولآخرَ:

    وَأَضْيَقُ الأمرِ أَدْنَاه إلى الفَرَجِ١٤

    «إِذَا حَضَرَتِ الْمَلَائِكَةْ غَابَتْ الشَّيَاطِينْ» أي: لا يجتمع الصالح والطَّالح.

    «إِذَا كَانْ فِيه خِيرْ مَا كَانْشْ رَمَاه الطِّيرْ» انظر: «لو كان فيه الخير …» إلخ في اللام.

    «إِذَا كِتْرِتِ الْأَلْوَانْ، اِعْرَفْ إِنَّهَا مِنْ بُيُوتِ الْجِيرَانْ» أي: إذا ظهر شخص بغير ما في طاقته فاعلم أنه معانٌ فيه من غيره، والمراد بالألوان أصناف الطعام.

    «اُرْبُط الحُمَارْ جَنْب رفِيقُهْ إِنْ مَا تعَلِّمْ مِنْ شِهِيقُهْ يِتْعَلِّمْ مِنْ نِهِيقُهْ» أي: إن الطباع تُعدي، ولا بد للصاحب أن يتخلق ببعض أخلاق صاحبه إن لم يكن بها كلِّها. فهو في معنى قول القائل:

    وَكُلُّ قَرِينٍ بِالمُقَارَنِ يَقْتَدِي

    وانظر قولهم: «إن كان بِدَّك تعرف ابنك وتسيسه اعرفه من جليسه.» وسيأتي. وقولهم: «من عاشر السعيد يسعد، ومن عاشر المَتْلُوم يتلم.» وسيأتي في الميم.

    «اُرْبُطِ الحُمَارْ مَطْرَحْ مَا يْقُولْ لَكْ صَاحْبُهْ» يريدون بالمطرح الموضع؛ أي: اربطه في الموضع الذي يرشدك إليه صاحبه؛ لأنه ربما ضاع أو سُرق فلا يكون اللَّومُ عليك. يُضرَب في عدم التصرف في الشيء إلا برأي صاحبه؛ لأنه أسلمُ للعواقب.

    «أَرْدَب مَا هُو لَكْ مَا تِحْضَرْ كِيلُهْ؛ تِتْغَبَّرْ دَقْنَكْ وِتِتْعَبْ فِي شِيلُهْ» الإِرْدَبُّ (بكسر فسكون ففتح مع تشديد الموحدة): مكيال معروف بمصر (والعامة تفتح أوله)، ويُرْوى: «تتعفَّر» بدل تتغبَّر وهو بمعناه. ورواه الموسوي في «نُزهة الجليس»:١٥ «أردب ما لك فيه حصَّة لا تحضر …» إلخ. وذكره في أمثال نساء العامة، والمعنى: الإردب الذي ليس لك لا تحضر كيْلَهُ؛ فإنك لا تجني منه غير التعب في حمله وتَغْبِير لحيتك بغباره؛ أي: ليس وراء التعرض لما لا يعني إلا ما يسوء. يُضرَب للتحذير من التعرض لما لا يعني. وفي معناه: «من تعرض لما لا يعنيه سمع ما لا يرضيه.» ومن الحكم النبوية: «مِنْ حُسْنِ إسلام المرء تركُه ما لا يَعْنِيه.» قال الميدانيُّ: هذا المثل يُروى عن النبيِّ ﷺ. وقالت العامة أيضًا: «اللِّي ما لك فيه، إيش لك بيه.» وقالت: «اللِّي ما لك فيه، ما تنحشرش فيه.» وسيأتيان. وقريب من هذا المعنى قولُهم: «الشهر اللِّي ما لَكْش فيه ما تعِدِّش أيامه.»

    «اِرْشُوا تِشْفُوا» أي: عليكم بالرِّشْوَة تُبَلِّغُكُمْ ما تريدون، والمراد الإخبار بالواقع لا الحث على الرشوة. ومن أمثال العرب: «عُرَاضَةٌ تُوري الزِّنَادَ الكَائِلَ.» والعُرَاضَة: الهَدِيَّةُ. والكائل: الكابي، يُضرَب في تأثير الرشا عند انغلاق المراد، وانظر في الباء الموحدة «البرطيل شيخ كبير.»

    «اِلْأَرْضْ تِضْرَبْ وَيَّا اصْحَابْهَا» وَيَّا بمعنى: مع، وأصله من نحو قولهم: راح ويَّاه؛ أي: ذهب وإيَّاه، يريدون معه، والمقصود أن الإنسان في مكانه عزيز فإذا تعارك فيه أعانته أرضه ودافعت عنه؛ أي: فيها من يعينه. وانظر: «اوعى تقاتل مطرح ما تكره.»

    «اِلْأَرْضْ مُوشْ شَهَاوِي، دِي ضَرْب عَ الكلَاوِي» الكلاوي هي الكُلى؛ أي: ليست الزراعة بالشهوة إلى الزرع فحسب، وإنما زرع الأرض لا يكون إلا بالجهد الجهيد والتعب المشبَّه بالضرب على الكُلى.

    «اُرْقُصْ لِلْقِرْدْ فِي دَوْلِتُهْ» ويُرْوَى: «في زمانه»؛ أي: جَارِ الزَّمانَ فيه ما دام مقبلًا عليه، وارقص له؛ لأن الرقص يَسُرُّ القرود، والمراد افعل ما يوافق صاحب الدولة ما دمت مضطرًّا إليه. والمثل قديم، يروى: أن شخصًا دخل على وزير يهنئهُ بالوزارة فصفق ورقص لإظهار سروره، فأمر الوزير بطرده وقال: إنما أراد الإشارة إلى هذا المثل. وقد نظمه «عليُّ بن كثير» من شعراء ريحانة الخفاجي فقال:

    صَحِبْتُ الأَنَامَ فَأَلْفَيْتُهُمْ

    وَكُلٌّ يَمِيلُ إِلَى شَهْوَتِهْ

    وَكُلٌّ يُرِيدُ رضا نفْسِهِ

    ويَجْلِبُ نَارًا إلى برْمَتِهْ

    فَللَّه دَرُّ فَتًى عارفٍ

    يُدارِي الزَّمَانَ على فِطْنَتِهْ

    يُجَازِي الصَّديقَ بِإِحْسَانِهِ

    وَيُبْقِي العدوَّ إلى قُدْرَتِهْ

    ويلبسُ للدَّهْرِ أثوابَهُ

    ويرقُصُ للقرد في دَوْلَتِهْ

    قال الخفاجي: وفي معنى قوله: «ويرقص للقرد …» إلخ قول الأهوازي:

    قُل لِمَنْ لَامَ لَا تَلُمْنِي

    كُلُّ امْرِئٍ عَالِمٌ بِشَأْنِهْ

    لا ذَنْبَ فِيمَا فَعَلْتُ إِنِّي

    رَقَصْتُ للقِرْدِ في زَمَانِهْ

    مِنْ كَرَمِ النَّفْسِ أَنْ تَرَاهَا

    تَحْتَمِلُ الذُّلَّ في أوانِهْ

    ولأبي تمام:

    لا بُدَّ يَا نَفْسُ مِنْ سُجُود

    في زَمَنِ القِرْدِ لِلْقُرُودِ١٦

    انتهى.

    قلنا: وأنشد صاحب قطف الأزهار في المعنى لبعضهم:

    إذا رأيتَ امرأً وضيعًا

    قد رَفَع الدَّهْرُ من مَكَانِهْ

    فَكُنْ سَمِيعًا له مُطِيعًا

    مُعَظِّمًا مِنْ عَظِيمِ شَانِهْ

    فَقَدْ سَمِعْنَا بِأَنَّ كِسْرَى

    قَدْ قَال يَومًا لِتُرْجُمَانِهْ:

    إذا زَمَانُ الأُسُودِ وَلَّى

    فَارْقُصْ مَعَ القِرْدِ في زَمَانِهْ١٧

    ومما يدل على قِدَمِ المثل ما أنشده صاحب لسان العرب في مادة «قرا» عن ثعلب في القيروان بمعنى الجيش:

    فَإِنْ تَلَقَّاكَ بِقَيْرُوَانِهْ

    أو خِفْتَ بَعْضَ الجورِ من سُلْطَانِهْ

    فاسجُدْ لِقِرْدِ السُّوءِ في زَمَانِهْ

    وفي كتاب «الآداب» لجعفر بن شمس الخلافة:

    اسْجُدْ لِقِرْدِ السوءِ في زَمَانِهِ

    وَدَارِهِ ما دُمْتَ في سُلْطَانِهِ١٨

    «اِرْكَبْ حُمَارْةِ الْعَازِبْ وِحَدِّتُهْ» أي: اركب حمارة الرجل العَزَبِ وَحَدِّثْهُ في أمر زواجه؛ فإنه يرتاح لحديثك ويبلغُك عليها مكانك. والمراد: عَالِجْ كُلَّ شخص بما يوافقه ويميل إليه تَبْلُغْ مقصدَك منه.

    «اِرْكَبِ الدِّيكْ وِانْظُرْ فِينْ يِوَدِّيكْ» وَدَّى معناه: ذهب به وأوصله؛ أي: إذا كان الدِّيك مما يُرْكَبُ وركبته فانظر أين يذهب بك. والمراد أنه لا محالة ذاهب بك إلى خُمِّ الدَّجاج. يُضرَب في أن لكل شخص حالة ألفها وغاية يَسعى إليها، فإذا استرشدت فانظر بمن تسترشد، وتَخَيَّرْ من يهديك إلى سواء السبيل. وانظر قولهم: «اتبع البوم يوديك الخراب.»

    «اِرْكَبْ يَا ابُو الرِّيشْ قَالْ: بَسِّ إِنْ فِضِلْ كَدِيشْ» يُضْرَب للتكليف بأمر لا توجد له وسيلة. ولفظ بَس (بفتح الموحدة وتشديد السين المهملة الساكنة) اسم فعل عندهم معناه: كفى، ويأتون بها في مثل هذا التعبير مقرونة ب «إِن» بمعنى: لو أن، كأنهم يريدون: يكفي الكلام فقد أطعت لو أن لي ما أركب؛ فقد ركب الناس ولم يبقوا لي كديشًا؛ أي: برذونًا. وأبو الريش كنية أتوا بها للسجع لا يقصدون بها معينًا.

    «اِرْمِيهِ الْبَحْرْ يِطْلَعْ وفي بُقُّهْ سَمَكَهْ» البُقُّ (بضم الموحدة وتشيد القاف) بمعنى: الفم. يُضرَب للحريص المستفيد من كل حالة.

    «اِرْمِيهْ فِي السُّطُوحْ وَإِنْ كَانْ لَكْ فِيهْ قِسْمَهْ مَا يْرُوحْ» أي: ما هو لك لا يكون لسواك ولو تهاونت في حفظه؛ لأنه مقسوم لك، والمراد بالسطوح مفرده؛ أي: السطح. وبعضهم يرويه: «ارْمِي جُوزِكْ» بالخطاب للمؤنثة؛ أي: زوجَكِ. وبعضهم يروي: «نصيب» بدل قسمة، يريد النَّصِيب بفتح أوله.

    «اِزْرَع ابْنِ آدَمْ يِقْلَعَكْ» ويُرْوَى: «ازرع الزرع تقلعه وازرع ابن آدم يقلعك.» يُضرَب في إنكار بني آدم للجميل ومقابلته بضده. ويرويه بعضهم: «كل شيء تزرعه تقلعه إلا أبو راس سوده تزرعه يقلعك.» وسيأتي في الكاف. ونظم هذا المثل الشيخ حسن البدري الحجازي الأزهري المتوفَّى سنة ١١٣١ه فقال من قصيدة أوردها له الجبرتي في ترجمته:

    لَا شَيْءَ تَزْرَعُهُ إلَّا قَلَعْتَ سِوَى

    بني آدم مَنْ يَزْرَعْه يَقْلَعْهُ١٩

    «اِزْرَعْ كُل يُومْ تَاكُلْ كُل يُومْ» أي: وَالِ العمل يتوالَ لك الكسب.

    «اِسْأَلْ قَبْلْ مَا تْنَاسِبْ يِبَانْ لَكْ الرَّدِي وِالمِنَاسِبْ» أي: اسأل واستخبر قبل أن تُصاهر، يظهر لك من يناسبك ومن لا يناسبك. يُضرَب في المصاهرة وغيرها من ضروب المعاشرة.

    «اِسْأَلْ مِجَرَّبْ وَلَا تِسْأَلْ طَبِيبْ» يُراد به المبالغة في تفضيل المُجَرِّب على الطبيب. وبعضهم يصحح روايته بقوله: «اسأل مجرب ولا تَنْسَ الطبيب.» والأول هو المسموع من أفواه العامة. ورواه الأبشيهي في المستطرف: «سَلِ المُجَرِّبْ ولا تَنْسَ الطبيب.»٢٠

    «أَسْأَلُهْ عَنْ أَبُوهْ يِقُولْ لِي: خَالِي شعِيبْ» يُضْرب للمخلِّط يجيب عن غير المسئول عنه. وقد وجدنا هذا المثل منظومًا في بعض المجاميع في هذين البيتين:

    لِيَ صَاحِبٌ لَيْسَ فيه

    سِوى البلادةِ عيبُ

    سألتُه عن أَبِيهِ

    فقالَ: خَالِي شُعَيْبُ

    وورد في المستطرف في أمثال النساء برواية: «سألوها عن أبيها قالت: جدي شعيب.»٢١ ومن أمثال العرب في ذلك: «قيل للبغل: مَنْ أَبُوكَ؟ قال: الفرسُ خالي.» يُضرب للمخلِّط. وقريب منه قول الشاعر:

    وَمَتَى أَدْعُها بِكَأْسٍ مِنَ المَا

    ءِ أَتَتْنِي بِصَحْفَةٍ مِنْ زَبِيبِ٢٢

    «اِسْأَلِي عَلَى مَا تِفْعَلِي» على هنا بمعنى: عن، يستعملونها كذلك مع سأل؛ أي: اسألي عَمَّا تفعلين وتشتغلين به، ولا تسألي عما لا يعنيك.

    «اِسْتَوِدُّوا تِسْتَحِبُّوا» أي: الوِدَادُ يَجْلبُ الوداد ويستدعيه، كما قال الشاعر:

    تَحَبَّبْ فَإِنَّ الحُبَّ دَاعِيَةُ الحُبِّ

    وَكَمْ من بعيدِ الدَّارِ مُسْتَوْجِب القُرْبِ

    «اِسْمَعْ ظُرَاطُهْ وَلَا تسْمَعْ عِيَاطُهْ» أي: إذا لم يكن بُدٌّ من تَحَمُّل أذاه فاختر أخف الضررين، واصبر على سماع ظراطه، فإنه أهون عليك من سماعك بكاءه أو صياحه.

    «اِسْمَعْ مِنْ هِنَا وسَيِّبْ مِنْ هِنَا» أي: اسمع بهذه الأذن وأَخْرِجْ ما سمعته من الأخرى. يُضرَب عند الاضطرار إلى سماع ما لا يفيد، أو لحث شخص على اطِّرَاح ما يُقَال وترك المعارضة فيه.

    «اِسْمَكْ إِيهْ؟ قَالْ: اِسْمِي عَنْبَرْ، وصَنْعِتَكْ إِيهْ؟ قَالْ: سَرَبَاتِي، قَالُوا: خَسَّرْت الْإِسْم بِالصَّنْعَةْ» السرباتي مقصور عن السراباتي نسبة للسرابات جمع سَراب (بفتح الأول)، وهو عندهم ما اجتمع في الأحشاش، يطلقون ذلك على الكَنَّاف الذي ينقل ما في الكُنُف؛ أي: ليته لم يشتغل بذلك وله هذا الاسم؛ لأنه أتلفه بصنعته. يُضرَب لمن يجمع بين الحسن والقبيح في صفاته. وانظر أيضًا في حرف السين المهملة: «سرباتي واسمه عنبر.» وانظر في الضاد المعجمة: «ضيع الاسم بالصنعة.» فإن بعضهم يقتصر عليه في إيراد المثل. وهذا المثل قديم في العامية أورده الأبشيهي في المستطرف برواية: «واحد سموه عنبر وصنعته سرباتي، قال: الذي كسبه في الاسم خسره في الصنعة.»

    «اِلْإِسْمِ لطُوبَةْ وِالْفِعْل لأَمْشِيرْ» يُضرَب لمن يشتهر بشيء والعمل لغيره؛ لأنه قد تأتي في شهر طوبة — وهو شديد البرد — أيام صحو كأيام أمشير.

    «أَسْيَادِي وأَسْيَادْ أَجْدَادِي اِللِّي يْعُولُوا هَمِّي وَهمِّ أَوْلَادِي» أي: الذين يحملون همي وهم أولادي ويواسوننا ويعطفون علينا فهم سادتي وسادة جدودي.

    «اِشْتَرَى بِدَرْهِمْ بَلَحْ بَقَى لُهْ فِي الحَيِّ نَخْلْ» أي: اشترى بِدرهم تمرًا فادعى بذلك أن له في الحي نخلًا. يُضرَب لمن يحوز القليل فيتذرَّع به إلى ادِّعاء الكثير.

    «اِشْترِي الْجَارْ قَبْلِ الدَّارْ» وبعضهم يزيد فيه: «والرفيق قبل الطريق.» والعرب تقول في أمثالها: «الجَارَ ثم الدار.» قال الميداني: «هذا كقولهم: الرفيق قبل الطريق، وكلاهما يُرْوَى عن النبي ﷺ. قال أبو عبيد: كان بعض فقهاء أهل الشام يُحَدِّثُ بهذا الحديث ويقول: معناه إذا أردت شراء دار فَسَلْ عن جوارها قبل شرائها.» وفي أخبار أبي الأسود الدُّؤَلِيِّ من كتاب «الأغاني»٢٣ أنه كان له جار من رهطه فأُولِعَ برمي أبي الأسود بالحجارة كلما أمسى ولمْ يُفِدْ فيه اللَّوْمُ، فباع أبو الأسود داره واشترى دارًا في هُذَيْل، فقيل له: أبعت دارك؟ قال: «لم أبع داري ولكن بعت جاري.» فأرسلها مثلًا. وانظر في الخاء قولهم: «خد الرفيق قبل الطريق.»

    «اِشْتِرِي مَا تْبِعْشْ» معناه ظاهر، والمراد: اكْتُم سرَّك وما تريده عن محدِّثك، والتقط من حديثه ما تحتاج إلى الوقوف عليه، فالحزم في ذلك.

    «اِشْحَالْ ضَعِيفْكُمْ؟ قَالُوا: قَوِيِّنَا مَاتْ» اشْحَالْ: كلمة منحوتة عندهم من أَيِّ شيء حال؟ أي: ليس الموت بالضعف ولا الحياة بالقوة، وإنما لكل أجل كتاب. وبعضهم يرويه: «اِشحال عَيَّانكم.» أي: مريضكم. وأنشد جعفر بن شمس الخلافة في كتاب الآداب لبعضهم في المعنى:

    وصحيحٍ أَضْحَى يَعُودُ سَقِيمًا

    وهو أَدْنَى للمَوت مِمَّنْ يَعُودُ٢٤

    «اِشَّرَّفُوا عَنْدِ اللِّي مَا يِعْرَفُوا» أي: إذا أردتم ادِّعَاء الشرف فادَّعُوه أمام من لا يعرفكم يصدِّقْكُم لجهله بكم. ومثله قولهم: «قال: يا أبويا شرفني، قال: لما يموت اللِّي يعرفني.»

    «أَشْكِي لِمِينْ وِكُلِّ النَّاسْ مَجَارِيحْ» أي: لمن أشكو جرحي وكل الناس مجروحون مثلي. والمراد لا يخلو أحد من الهَمِّ في الدنيا. ومن أمثال العرب: «إِنْ يَدُمْ أَظَلُّك فقد نَقِبَ خفي.» ومعنى الأظل: ما تحت منسم البعير، يضربه المشكو إليه للشَّاكي؛ أي: أنا منه في مثل ما تشكوه.٢٥

    «اِشْكِي لِي وَأَنَا ابْكِي لَكْ» أي: اشْكُ لي أُعِنْكَ بِبُكَائِي؛ لأني أشكو مثل ما بك، فكلانا في البلوى سواء.

    «اِشْهَدْ لِي بِكَحْكَةْ أَشْهَدْ لَكْ بِرْغِيفْ» أي: من أعان شخصًا في شيء حقَّ على الآخر أن يعينه فيما هو أعظم منه. والمراد بالكحكة: الكَعْكَة.

    «اِصْبَاحْ الْخِيرْ يَا اعْوَرْ، قَالْ: دَا شَر بَايِتْ» أي: إذا كان صَبَّحَهُ بذكر عيوبه فهو دليل على تحفزه لمخاصمته ومنازعته، ولا يكون ذلك إلا عن شرٍّ أضمره له من الليل، وهو مثل قديم عند العامة أورده الأبشيهي في المستطرف بروايته: «صباحك يا أعور، قال: دي خناقة بايتة.»٢٦ وقريب منه قول العرب في أمثالها: «بَكَرَتْ شَبْوَةُ تَزْبَئِر.» وشبوة: اسم للعقرب لا تدخلها الألف واللام. وتزبئر: تنفش. يُضرَب لمن يتشمر للشر. وتقول العرب لما يبدو من أوائل الشر: «بَدَتْ جَنَادِعُه.» والجنادع: دواب كأنها الجنادب.

    «اِصْبَاحِ الْخِيرْ يَا جَارِي، إِنْتَ فِي دَارَكْ وَأَنَا فِي دَارِي» أي: فلنكن كذلك نقتصر على السلام ولا نختلط فيتجنب كلانا الآخر بلا خصومة، فذلك أبعد للشقاق وأدعى للراحة؛ أي: لا صداقة ولا عداوة. وقد أورده الأبشيهي في المستطرف بروايته: «صباح الخير يا جاري أنت في دارك وأنا في داري.»٢٧

    «اُصْبُرْ عَلَى الْجَارْ السُّوءْ يَا يِرْحَلْ يَا تْجِي لُهْ دَاهْيَهْ» أي: لا تقلق من مثل هذا الجار، بل اصبر على أذاه ولا تُغَيِّرْ دارك؛ فقد يرحل هو عن جوارك، أو تصيبه داهية تُرْدِيه وتريحك منه. ولفظ «يا» هنا يستعملونها بمعنى: إما. وقد قالوا في الخلاص من الحالة المكروهة بالفرج أو بموت الشخص الواقع فيها: «يا يموت العبد يا يعتقه سيده.» وسيأتي في الياء آخر الحروف.

    «اُصْبُرِي يَا ستِيتْ لَمَّا يِخْلَى لِك الْبِيتْ» ستيت، ويريدون به: سُتَيْتَة، تصغير سِت؛ أي: سيدة، وهو من أعلام النساء عندهم، وجاءوا به هنا مُرَخَّمًا للسجع؛ أي: تربَّصي قليلًا ولا تتعجَّلي حتى يخلو لك الجو فبيضي واصفري كما تشائين. يُضرَب للمتعجل في أمر لم يحن وقته.

    «أَصْحَابِ العرْس مِشْتِهِيِّينِ الْمَرَقْ» أي: إذا كان أصحاب العرس كذلك يَشْتَهُون المَرَق لفقرهم وعوزهم فماذا يُنْتَظَر من عرسهم؟!

    «أَصْحَابُ الْعُقُول في رَاحَةْ» يُضْرَب للأحمق يجهد نفسه فيما لا يفيد. أما قولهم: «العاقل تعبان.» فسيأتي الكلام عليه في موضعه.

    «اِصْرِفْ مَا فِي الْجِيبْ يِئْتِيكْ مَا فِي الْغِيبْ» يُضْرَب للحثِّ على الإنفاق؛ أي: أَنْفِقْ وَجُدْ واللهُ يُخْلِفُه عليك من حيث لا تحتسب. ومعنى الجيب: كيس يصنع في الثياب تحمل فيه النقود وغيرها.

    «اِلْأَصْلِ الرَّدِي يِرْدِي عَلَى صَاحْبُهْ» يردي؛ أي: يرجع ويمُتُّ ويظهر، فمن كان رديء الأصل لم تُغْنِ عنه خِلاله الطيبة، بل لا بد للعِرْق أن يمتد يومًا ما ويظهر ما ستر بهذه الخلال.

    «أَصْلِ الرَّقْصْ تَحَنْجِيلْ» التحنجيل عندهم: الحَجْل، وهو مُحَرَّف عنه؛ أي: أصل الشيء العظيم من الشيء الحقير، فإذا رأيت إنسانًا أُولِع بالحجل فاعلم أنه سيؤدي به إلى الرقص ويوقعه فيه، فهو قريب من قول بعضهم: «أَوَّلُ النَّارِ مِنْ مُسْتَصْغَرِ الشَّرَرِ.»

    «أَصْل الشَّر فِعْلِ الخِيرْ» أي: قد يكون ذلك؛ فقد تُحْسِن إلى شخص فيكون إحسانك إليه سببًا لإساءته لك. وقالوا أيضًا: «خير ما عملنا والشر جانا منين؟» وسيأتي. وانظر قولهم: «خيرٍ تِعْمِلْ شرٍّ تلقى.» ومن أمثال العرب: «عارية أَكْسَبَتْ أَهْلَهَا ذَمًّا.» يُضرَب للرجل يحسن إليه فيذم المحسن.

    «اِضْحَكْ وِالضِّحْكْ رِخِيصْ قَبْلِ مَا يِغْلَى ويِبْقَى بتَلَالِيسْ» أي: اغتنم من الزمان ما جاد لك به من الصفو والسرور قبل أن يقلب لك ظهر المِجَنِّ وَيَغْلُو ثمن الضحك فلا تجده ولو بذلت فيه تلاليس من المال. وقد جمعوا فيه بين الصاد والسين في السجع.

    «اِضْرَبْ اِبْنَكْ واِحْسِنْ أَدَبُهْ مَا يْمُوتْ إِلَّا لَمَّا يِفْرَغْ أَجَلُهْ» يُضرَب في الحث على تأديب الأولاد، وفيه الإتيان بالباء مع اللام في السجع، وهو قبيح. وانظر في معناه: «اكسر للعيِّل ضلع …» إلخ. والمراد ليس من الشفقة عدم تأديب ولدك وتقويمه. ولله در العرب في قولها: «أَشْفِقْ على وَلَدِكَ من إشفاقك

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1