Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

المجموع شرح المهذب
المجموع شرح المهذب
المجموع شرح المهذب
Ebook1,220 pages6 hours

المجموع شرح المهذب

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

شرح الإمام النووي المتن أولا بتبيين اللغات، ثم شرح الأحاديث الواردة مع بيان درجتها من حيث الصحةُ والضعفُ، ثم أتبعه بذكر المسائل الفقهية، وذِكْر الراجح منها عند الشافعية من وجوه وأقوال، ثم ترجم للصحابة والعلماء المذكورين في كلام الشيرازي
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateNov 6, 1901
ISBN9786333989793
المجموع شرح المهذب

Read more from النووي

Related to المجموع شرح المهذب

Related ebooks

Related categories

Reviews for المجموع شرح المهذب

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    المجموع شرح المهذب - النووي

    الغلاف

    المجموع شرح المهذب

    الجزء 8

    النووي

    676

    شرح الإمام النووي المتن أولا بتبيين اللغات، ثم شرح الأحاديث الواردة مع بيان درجتها من حيث الصحةُ والضعفُ، ثم أتبعه بذكر المسائل الفقهية، وذِكْر الراجح منها عند الشافعية من وجوه وأقوال، ثم ترجم للصحابة والعلماء المذكورين في كلام الشيرازي

    باب الكفن

    }

    * قال المصنف رحمه الله

    * {تكفين الميت فرض علي الكفاية لقوله صلي الله عليه وسلم في المحرم الذى خر من بعيره كفنوه في ثوبيه اللذين مات فيهما " ويجب ذلك في ماله للخبر ويقدم علي الدين كما تقدم كسوة المفلس علي ديون غرماءه فان قال بعض الورثة انا أكفنه من مالي وقال بعضهم بل يكفن من التركة كفن من التركة لان في تكفين بعض الورثة من ماله منة علي الباقين فلا يلزم قبولها وان كانت امرأة لها زوج ففيه وجهان قال أبو اسحق يجب علي الزوج لان من لزمه كسوتها في الحياة لزمه كفنها بعد الوفاة كالامة مع السيد وقال أبو على ابن ابي هريرة يجب في مالها لانها بالموت صارت اجنبية فلم يلزمه كفنها والاول اصح لان هذا يبطل بالامة فانها صارت بالموت أجنبية من مولاها ثم يجب عليه تكفينها فان لم يكن مال ولازوج فالكفن على من يلزمه نفقته اعتبارا بالكسوة في الحياة}

    * {الشَّرْحُ} حَدِيثُ الْمُحْرِمِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ رواية ابن عناس وَسَبَقَ فِي بَابِ غُسْلِ الْمَيِّتِ وَلَيْسَ فِي الصحيحين قوله اللَّذَيْنِ مَاتَ فِيهِمَا وَأَكْثَرُ رِوَايَاتِهِمَا ثَوْبَيْنِ وَفِي بَعْضِهَا ثَوْبَيْهِ وَالْكِسْوَةُ - بِكَسْرٍ الْكَافِ وَضَمِّهَا - لُغَتَانِ الْكَسْرُ أَفْصَحُ وَفِي الْفَصْلِ مَسَائِلُ (إحْدَاهَا) تَكْفِينُ الميت فرض كفاية بالنص والاجماع والا يُشْتَرَطُ وُقُوعُهُ مِنْ مُكَلَّفٍ حَتَّى لَوْ كَفَّنَهُ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ حَصَلَ التَّكْفِينُ لِوُجُودِ الْمَقْصُودِ (الثَّانِيَةُ) مَحِلُّ الْكَفَنِ تَرِكَةُ الْمَيِّتِ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَالْإِجْمَاعِ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ قُدِّمَ الْكَفَنُ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَاسْتَثْنَى أَصْحَابُنَا صُوَرًا يُقَدَّمُ فِيهَا الدَّيْنُ عَلَى الْكَفَنِ وَضَابِطُهَا أَنْ يَتَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ (فَمِنْ) الصُّوَرِ الْمُسْتَثْنَاةِ مَالٌ تَعَلَّقَتْ بِهِ زَكَاةٌ لِشَاةٍ بَقِيَتْ مِنْ اربعين والمرهون والعبد الجاني والبيع إذَا مَاتَ الْمُشْتَرِي مُفْلِسًا وَشَبَهُهَا فَيُقَدَّمُ صَاحِبُ الدَّيْنِ بِلَا خِلَافٍ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا الْجُرْجَانِيُّ فِي فَرَائِضِهِ وَالْبَغَوِيُّ فِي التَّهْذِيبِ والخيرى في الفرائض وَالرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَيْهِ قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَحَنُوطُ الْمَيِّتِ وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ كَالْغُسْلِ وَالْحَمْلِ وَالدَّفْنِ وَغَيْرِهَا لَهَا حُكْمُ الْكَفَنِ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ

    *

    (فَرْعٌ)

    تَكْفِينُ الْمَيِّتِ وَسَائِرُ مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ يُحْسَبُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ غَيْرَهُ هَذَا مَذْهَبُنَا وَبِهِ قَالَ الْفُقَهَاءُ كَافَّةً إلَّا مَا سَأَذْكُرُهُ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الْكَفَنُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ غَيْرَهُ هَذَا مَذْهَبُنَا وَبِهِ قَالَ الْفُقَهَاءُ كَافَّةً إلَّا مَا سَأَذْكُرُهُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِمَّنْ قَالَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ والشافعي واحمد واسحق وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَبِهِ نَقُولُ وَقَالَ خِلَاسُ بن عمر وبكسر الْخَاءِ مِنْ ثُلُثِ التَّرِكَةِ وَقَالَ طَاوُسٌ إنْ كَانَ الْمَالُ قَلِيلًا فَمِنْ الثُّلُثِ وَإِلَّا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ

    * دَلِيلُنَا حَدِيثُ الْمُحْرِمِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْأَلْ هَلْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ أَمْ لَا (الثَّالِثَةُ) إذَا طَلَبَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ تَكْفِينَهُ مِنْ مَالِهِ وَآخَرُ مِنْ التَّرِكَةِ كُفِّنَ مِنْ التَّرِكَةِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (الرَّابِعَةُ) إذَا مَاتَتْ مُزَوَّجَةٌ فَهَلْ يَلْزَمُ الزَّوْجَ كَفَنُهَا فِيهِ وَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا) عِنْدَ جُمْهُورِ الْأَصْحَابِ يَجِبُ عَلَى زَوْجِهَا مِمَّنْ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَفِي التَّنْبِيهِ وَالْمَحَامِلِيُّ فِي كِتَابَيْهِ الْمَجْمُوعِ وَالتَّجْرِيدِ وَالرَّافِعِيُّ وَقَطَعَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ فِي الْمُقْنِعِ وَصَحَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ فِي الْفُرُوقِ وَالْجُرْجَانِيُّ فِي التَّحْرِيرِ وُجُوبَهُ فِي مَالِهَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا وَفِي هذا النقل نظر لان الا كثرين انما نقلوه عن أبى علي ابن ابى هريرة ودليل الوجهين في الكتاب قال البندنيجي والعبد رى وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَسَائِرُ الْأَصْحَابِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الزَّوْجَةُ مُوسِرَةً أَوْ مُعْسِرَةً فَفِيهَا الْوَجْهَانِ وَأَمَّا تَقْيِيدُ الْغَزَالِيِّ فِي الْوَسِيطِ الْوَجْهَيْنِ بِمَا إذَا كَانَتْ مُعْسِرَةً فَأَنْكَرُوهُ عَلَيْهِ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ ذَكَرَ إحْدَى الصُّورَتَيْنِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمُوسِرَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَحُكْمُ مُؤْنَةِ غُسْلِهَا وَدَفْنِهَا وَسَائِرِ مُؤَنِ تَجْهِيزِهَا حُكْمُ الْكَفَنِ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي كِتَابَيْهِ التَّعْلِيقِ وَالْمُجَرَّدِ وَالدَّارِمِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ في المجموع وَالتَّجْرِيدِ وَالْمُقْنِعِ وَآخَرُونَ وَلَا خِلَافَ فِيهِ قَالَ الْمَحَامِلِيُّ فِي التَّجْرِيدِ وَالْمُقْنِعِ وَآخَرُونَ مِنْ الْأَصْحَابِ إنْ قُلْنَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَجَبَ فِي مَالِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَفِي بَيْتِ الْمَالِ (وَأَمَّا) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الْأَمَةِ إنَّهَا صَارَتْ أَجْنَبِيَّةً بِالْمَوْتِ فَقَدْ قَالَ مِثْلَهُ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَنْكَرَهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَقَالَ نَفَقَةُ الْأَمَةِ كَانَتْ لِسَبَبِ الْمِلْكِ وَلَا تَبْطُلُ أَحْكَامُهُ بِالْمَوْتِ وَلِهَذَا كَانَ السَّيِّدُ أَحَقَّ بِدَفْنِهَا وَتَوَلِّيَ تَجْهِيزِهَا (الْخَامِسَةُ) إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ وَلَا زَوْجٌ

    وَجَبَ كَفَنُهُ وَسَائِرُ مُؤَنِ تَجْهِيزِهِ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْ وَالِدٍ وَوَلَدٍ وَسَيِّدٍ فَيَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ كَفَنُ عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ وَالْقِنِّ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ انْفَسَخَتْ بِالْمَوْتِ وَسَوَاءٌ فِي أَوْلَادِهِ الْبَالِغُ وَغَيْرُهُ وَالصَّحِيحُ وَالزَّمِنُ وَكَذَا الْوَالِدُونَ لِأَنَّهُمْ بِالْمَوْتِ صَارُوا عَاجِزِينَ عَنْ الْكَسْبِ وَنَفَقَةُ الْعَاجِزِ وَاجِبَةٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ من تلزمه نفقته وجبت مونة تَجْهِيزِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَنَفَقَتِهِ وَهَلْ يُكَفَّنُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِثَوْبٍ أَمْ بِثَلَاثَةٍ فِيهِ طَرِيقَانِ حَكَاهُمَا إمَامُ الْحَرَمَيْنِ

    (أَحَدُهُمَا)

    يُكَفَّنُ بِثَوْبٍ وَاحِدٍ قَالَ الْإِمَامُ وَبِهَذَا قَطَعَ الْأَئِمَّةُ (وَأَصَحُّهُمَا) وَأَشْهَرُهُمَا فِيهِ وَجْهَانِ وَمِمَّنْ حَكَاهُمَا صَاحِبُ التَّقْرِيبِ وَالْبَغَوِيُّ وَآخَرُونَ (أَصَحُّهُمَا) بِثَوْبٍ لِأَنَّهُ يَسْتَغْنِي عَمَّا سِوَاهُ وَبَيْتُ الْمَالِ لِلْمُحْتَاجِ فَإِنْ قُلْنَا بِثَوْبٍ فَتَرَكَ الْمَيِّتُ ثَوْبًا لَمْ يُزَدْ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ قُلْنَا ثَلَاثَةٌ فَهَلْ يُقْتَصَرُ عَلَيْهِ أَمْ يُكْمِلُ ثَلَاثَةً فِيهِ وَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا) يُكْمِلُ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَالٌ وَجَبَ كَفَنُهُ وَسَائِرُ مُؤَنِ تَجْهِيزِهِ عَلَى عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ كَنَفَقَتِهِ فِي مِثْلِ هَذَا الْحَالِ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَلَا يَجِبُ حِينَئِذٍ إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ يَسْتُرُ جَمِيعَ بَدَنِهِ لِأَنَّ أَمْوَالَ الْعَامَّةِ أَضْيَقُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا إلَّا الضَّرُورَةُ وَهَذَا كُلُّهُ مَشْهُورٌ فِي كُتُبِ الْأَصْحَابِ وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْكَفَنُ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ فَإِنَّ النَّفَقَةَ مُرَتَّبَةٌ هَكَذَا وَإِذَا كُفِّنَ مِنْ مَالِ قَرِيبِهِ الَّذِي عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ فَهَلْ يُكَفَّنُ بِثَوْبٍ أَمْ بِثَلَاثَةٍ فِيهِ وَجْهَانِ كَبَيْتِ الْمَالِ حَكَاهُمَا الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ (أَصَحُّهُمَا) بِثَوْبٍ

    * (فَرْعٌ)

    قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ فَإِنْ مَاتَ لَهُ أَقَارِبُ دفعة واحدة بهم أو غرق أو غيرهما قَدَّمَ فِي التَّكْفِينِ وَغَيْرِهِ مِنْ يَخَافُ فَسَادَهُ فَإِنْ اسْتَوَوْا فِيهِ قَدَّمَ الْأَبَ ثُمَّ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ فَإِنْ كَانَا أَخَوَيْنِ قَدَّمَ أَسَنَّهُمَا فَإِنْ كانا زوجين اقرع بينهما إذا أمر به

    * (فَرْعٌ)

    فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي كَفَنِ الزَّوْجَةِ

    * ذَكَرْنَا أَنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَنَا أَنَّهُ عَلَى الزَّوْجِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَأَحْمَدُ فِي مَالِهَا وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ

    * (فَرْعٌ)

    قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَغَيْرُهُ لَوْ مَاتَ إنْسَانٌ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَاكَ مَا يُكَفَّنُ به الاثوب مَعَ مَالِكٍ لَهُ غَيْرِ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لَزِمَهُ بَذْلُهُ بِقِيمَتِهِ كَالطَّعَامِ لِلْمُضْطَرِّ

    *

    * قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ الله

    * {وأقل ما يخرئ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ كَالْحَيِّ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ أَقَلُّهُ ثَوْبٌ يَعُمُّ الْبَدَنَ لِأَنَّ مَا دونه لا يمسي كَفَنًا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ}

    * {الشَّرْحُ} هَذَانِ الْوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ وَاخْتَلَفُوا فِي أَصَحِّهِمَا وَصَحَّحَ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَالْمَحَامِلِيُّ فِي الْمَجْمُوعِ وَصَاحِبَا الْمُسْتَظْهِرِيِّ وَالْبَيَانِ وَآخَرُونَ مِنْ العراقيين الا كتفاء بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرُونَ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ أَوْ أَكْثَرُهُمْ مِمَّنْ قَطَعَ بِهِ مِنْهُمْ الْمَاوَرْدِيُّ في الحاوى والقاضي أبو الطب فِي كِتَابَيْهِ التَّعْلِيقِ وَالْمُجَرَّدِ وَسُلَيْمٌ الرَّازِيّ فِي الْكِفَايَةِ وَالْمَحَامِلِيُّ فِي التَّجْرِيدِ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ وَقَطَعَ به من الخراسانيين الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ فَإِنَّهُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَا كُفِّنَ فِيهِ الْمَيِّتُ أَجْزَأَهُ وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَّنَ يَوْمَ أُحُدٍ بَعْضَ الْقَتْلَى بِنَمِرَةٍ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أنه ليس فيه حدلا يقصر عنه وعلى أنه يجزى ما وارئ الْعَوْرَةَ هَذَا لَفْظُ نَصِّهِ وَقَطَعَ جُمْهُورُ الْخُرَاسَانِيِّينَ بِأَنَّهُ يَجِبُ سَاتِرُ جَمِيعِ الْبَدَنِ مِمَّنْ قَطَعَ بِهِ مِنْهُمْ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالسَّرَخْسِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَصَحَّحَهُ مِنْهُمْ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ وَحَكَى الْبَنْدَنِيجِيُّ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ هَذَانِ الْوَجْهَانِ وَالثَّالِثُ يَجِبُ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ وَهَذَا شَاذٌّ مَرْدُودٌ وَالْأَصَحُّ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَعَنْ ظَاهِرِ نَصِّهِ وَهُوَ سَاتِرُ الْعَوْرَةِ لِحَدِيثِ مُصْعَبِ بْنِ عُمَيْرٍ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي اسْتِدْلَالِهِ وَهُوَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَفَّنَهُ يَوْمَ أُحُدٍ بِنَمِرَةٍ غَطَّى بِهَا رَأْسَهُ وَبَدَتْ رِجْلَاهُ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ الْإِذْخِرَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ (فَإِنْ) قِيلَ لَعَلَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَى النَّمِرَةِ (فَالْجَوَابُ) مِنْ وَجْهَيْنِ (أَحَدُهُمَا) أَنَّهُ يَبْعُدُ مِمَّنْ خَرَجَ لِلْقِتَالِ ان لا يكون معه غيرهما مِنْ سِلَاحٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُشْتَرَى بِهِ كَفَنٌ

    (وَالثَّانِي)

    لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا وَالسَّاتِرُ غَيْرُهَا لَوَجَبَ تَتْمِيمُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ فُقِدَ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

    *

    * قال المصنف رحمه الله

    * {والمستحب أَنْ يُكَفَّنَ الرَّجُلُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ إزَارٍ ولفافتين بيض لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ

    عَنْهَا قَالَتْ " كفن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثلاثة اثواب سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة) فان كفن في خمسة اثواب لم يكره لان ابن عمر رضى الله عنهما كان يكفن اهله في خمسة اثواب فيها قميص وعمامة ولان اكمل ثياب الحي خمسة قميصان وسراويل وعمامة ورداء ويكره الزيادة علي ذلك لانه سرف وان قال بعض الورثة يكفن بثوب وقال بعضهم بثلاثة ففيه وجهان (احدهما) يكفن بثوب لانه يعم ويستر

    (والثانى)

    يكفن بثلاثة لانه الكفن المعروف المسنون والافضل ان لا يكون فيها قميص ولا عمامة لحديث عائشة رضى الله عنها فان جعل فيها قميص وعمامة لم يكره لان النبي صلى الله عليه وسلم اعطى ابن عبد الله بن ابي بن سلول قميصا ليجعله في كفن ابيه وان كان في الكفن قميص وعمامة جعل ذلك تحت الثياب لان اظهاره زينة وليس الحال حال زينة}

    * {الشَّرْحُ} حَدِيثُ عَائِشَةَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ كَفَّنَ أَهْلَهُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ فَقَالَ رَوَيْنَا عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَاتَ فَكَفَّنَهُ ابْنُ عُمَرَ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ قَمِيصٍ وَعِمَامَةٍ وَثَلَاثِ لَفَائِفَ وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ فَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَجَابِرِ بْنِ عبد الله واسم ان عبد الله هَذَا عَبْدُ اللَّهِ أَيْضًا وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بن عبد الله ابن ابي بن سَلُولَ فَأُبَيٌّ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْبَاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَسَلُولُ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَبِلَامَيْنِ الْأُولَى مَضْمُومَةٌ وَهُوَ اسْمُ امْرَأَةٍ فَلَا يَنْصَرِفُ فَعَبْدُ اللَّهِ الْمَيِّتُ هُوَ ابْنُ أُبَيٍّ وَهُوَ ابْنُ سَلُولَ أَيْضًا فَأُبَيٌّ أَبُوهُ وَسَلُولُ أُمُّهُ وَسَلُولُ زَوْجَةُ أُبَيِّ قَالَ الْعُلَمَاءُ وَالصَّوَابُ فِي كِتَابَتِهِ وقرأته أَنْ تُنَوَّنَ أُبَيٌّ وَيُكْتَبُ ابْنُ سَلُولَ بِالْأَلِفِ فِي ابْنٍ وَلِهَذَا نَظَائِرُ كقولهم محمد بن على بن الحنفية واسماعيل بن ابراهيم بن علية وآخرين قد أفردتهم في جزء وأشرت الهيم فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ الْمَيِّتُ رَأْسَ الْمُنَافِقِينَ كَثِيرَ إسَاءَةِ الْأَدَبِ وَالْكَلَامِ الْقَبِيحِ وَأَمَّا ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ الَّذِي أَعْطَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَمِيصَ فَكَانَ مُسْلِمًا صَالِحًا فَاضِلًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْقَمِيصُ الَّذِي أَعْطَاهُ إيَّاهُ هُوَ قَمِيصُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ أَعْطَاهُ إيَّاهُ لِيُطَيِّبَ قَلْبَ ابْنِهِ وَقِيلَ لِأَنَّ

    الْمَيِّتَ الْمُنَافِقَ كَانَ كَسَا الْعَبَّاسَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبًا حِينَ أُسِرَ يَوْمَ بَدْرٍ فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبًا بَدَلَهُ لِئَلَّا يَبْقَى لِكَافِرٍ عِنْدَهُ يَدٌ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ وَلِهَذَا صَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُنْهَى عَنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ (فَإِنْ) قِيلَ لَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ لِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فَإِنَّهُ اسْتَدَلَّ عَلَى الْقَمِيصِ وَالْعِمَامَةِ وَلَيْسَ لِلْعِمَامَةِ ذِكْرٌ فِيهِ (فَجَوَابُهُ) أَنَّهُ إذَا ثبت احدهما ثبت الآخر إذ لافرق (وقولها) سُحُولِيَّةٌ رُوِيَ بِضَمِّ السِّينِ وَفَتْحِهَا وَالْفَتْحُ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِينَ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ هِيَ بِالْفَتْحِ مَدِينَةٌ فِي نَاحِيَةِ الْيَمَنِ مِنْهَا ثِيَابٌ يُقَالُ لَهَا سَحُولِيَّةٌ قَالَ وَأَمَّا السُّحُولِيَّةُ بِالضَّمِّ فَهِيَ الثِّيَابُ الْبِيضُ وَقَالَ غَيْرُ الْأَزْهَرِيِّ هِيَ بِالْفَتْحِ نِسْبَةٌ إلَى قَرْيَةٍ بِالْيَمَنِ وَبِالضَّمِّ ثِيَابُ الْقُطْنِ وَقِيلَ بِالضَّمِّ ثِيَابٌ نَقِيَّةٌ مِنْ الْقُطْنِ خَاصَّةً (قَوْلُهُ) وَلِأَنَّ أَكْمَلَ ثِيَابِ الْحَيِّ وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَكْمَلُ بِالْكَافِ وَفِي بَعْضِهَا أَجْمَلُ بِالْجِيمِ وَهُمَا صَحِيحَانِ وَالْكَافُ أَكْثَرُ وَأَحْسَنُ (قَوْلُهُ) لِأَنَّهُ سَرَفٌ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ السَّرَفُ مَا جَاوَزَ الْحَدَّ الْمَعْرُوفَ لِمِثْلِهِ

    * أَمَّا الْأَحْكَامُ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُكَفَّنَ الرَّجُلُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ إزَارٍ وَلِفَافَتَيْنِ وَالْمُرَادُ بِالْإِزَارِ الْمِئْزَرُ الَّذِي يُشَدُّ فِي الْوَسَطِ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا الْبَالِغُ وَالصَّبِيُّ فَيُسْتَحَبُّ تَكْفِينُ الصَّبِيِّ فِي ثَلَاثَةٍ كَالْبَالِغِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُكَفَّنُ الصَّبِيُّ فِي خِرْقَتَيْنِ

    * دَلِيلُنَا أَنَّهُ ذَكَرٌ فَأَشْبَهَ الْبَالِغَ وَإِنْ كُفِّنَ الرَّجُلُ فِي أَرْبَعَةٍ أَوْ خَمْسَةٍ لَمْ يُكْرَهْ وَلَمْ يُسْتَحَبَّ وَإِنْ كُفِّنَ فِي زِيَادَةٍ عَلَى خَمْسَةٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ يُكْرَهُ لِأَنَّهُ سَرَفٌ وَلَمْ يَقُولُوا إنَّ الزِّيَادَةَ حَرَامٌ مَعَ أَنَّهَا إضَاعَةُ مَالٍ غَيْرِ مَأْذُونٍ فِيهِ وَلَوْ قَالَ بِهِ قَائِلٌ لَمْ يَبْعُدْ وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْكَفَنِ قَمِيصٌ وَلَا عِمَامَةٌ فَإِنْ كَانَا لَمْ يُكْرَهْ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَطَعَ الْأَصْحَابُ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِهِ عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي الْخِلَافِ يُكْرَهُ التَّكْفِينُ فِي الْقَمِيصِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مَعَ أَنَّهُ شَاذٌّ فِي الْمَذْهَبِ ضَعِيفٌ بَلْ بَاطِلٌ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ مَا ثَبَتَ فِيهِ نَهْيٌ مَقْصُودٌ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي هذا شئ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ قَالَ أَصْحَابُنَا فَإِنْ كَانَ قَمِيصٌ وَعِمَامَةٌ اُسْتُحِبَّ جَعْلُهَا تَحْتَ الثِّيَابِ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ يُكَفَّنُ فِي ثَوْبٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي ثَلَاثَةٍ فَوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ دَلِيلَهُمَا وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّ الْأَصَحَّ هُنَا تَكْفِينُهُ فِي ثَلَاثَةٍ وَفِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقٌ آخَرُ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ وَهُوَ الْقَطْعُ بِثَلَاثَةٍ نَقَلَهُ عَنْ مُعْظَمِ الْأَصْحَابِ وَلَوْ قَالَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ ثَوْبٌ يَسْتُرُ جَمِيعَ الْبَدَنِ أَوْ ثَلَاثَةٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ سَاتِرُ الْعَوْرَةِ فَقَطْ وَقُلْنَا بِجَوَازِهِ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ يُكَفَّنُ فِي ثَوْبٍ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَحَكَى صَاحِبُ البيان وجها أنه يكفن بساتر العورة هو غلط صريح ولو اتفقت الورثة على ثَوْبٌ وَاحِدٌ فَطَرِيقَانِ قَطَعَ الْبَغَوِيّ بِأَنَّهُ يُكَفَّنُ في ثوب وطرد النولى فِيهِ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ الْأَقْيَسُ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَقَالَتْ الْوَرَثَةُ نُكَفِّنُهُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ وَقَالَ الْغُرَمَاءُ فِي ثَوْبٍ فَوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ (أَصَحُّهُمَا) عِنْدَ الْأَصْحَابِ تَكْفِينُهُ بِثَوْبٍ لِأَنَّ تَخْلِيصَ ذِمَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ أَنْفَعُ لَهُ مِنْ إكْمَالِ الْكَفَنِ

    (وَالثَّانِي)

    يُكَفَّنُ بِثَلَاثَةٍ كَالْمُفْلِسِ فَإِنَّهُ يُتْرَكُ لَهُ الثِّيَابُ اللَّائِقَةُ بِهِ وَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ فَرَّقَ بِأَنَّ ذِمَّةَ الْمُفْلِسِ عَامِرَةٌ فَهُوَ بِصَدَدِ الْوَفَاءِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ وَلَوْ قَالَتْ الْغُرَمَاءُ يُكَفَّنُ بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ بِثَوْبٍ سَاتِرٍ جَمِيعَ الْبَدَنِ نَقَلَ صَاحِبُ الْحَاوِي وَغَيْرُهُ الِاتِّفَاقَ عَلَى سَاتِرِ جَمِيعِ الْبَدَنِ وَلَوْ اتَّفَقَتْ الْوَرَثَةُ وَالْغُرَمَاءُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ جَازَ بِلَا خِلَافٍ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَآخَرُونَ وَإِنَّمَا ذَكَرُوهُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَشَكَّكَ فِيهِ إنْسَانٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ ذِمَّتَهُ تَبْقَى مُرْتَهَنَةً بِالدَّيْنِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ قَالَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ لَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِأَنْ يُكَفَّنَ فِي ثَوْبٍ لَا غير كنفى ثَوْبٌ سَابِغٌ لِلْبَدَنِ لِأَنَّ الْكَفَنَ حَقُّهُ وَقَدْ رَضِيَ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ مِنْ الزِّيَادَةِ قَالَ وَلَوْ قَالَ رَضِيت بِسَاتِرِ الْعَوْرَةِ لَمْ تَصِحَّ وَصِيَّتُهُ وَيَجِبُ تَكْفِينُهُ فِي سَاتِرٍ لِجَمِيعِ بَدَنِهِ قَالَ الامام وهذا الذى ذكره فِي نِهَايَةِ الْحُسْنِ وَكَذَا جَزَمَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وغيره قال اصحابنا الثوب الواحد حق له تَعَالَى لَا تَنْفُذُ وَصِيَّةُ الْمَيِّتِ فِي إسْقَاطِهِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثُ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ تَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ بِإِسْقَاطِهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي الْمُجَرَّدِ وَإِذَا اخْتَلَفُوا فِي جِنْسِ الْكَفَنِ قَالَ أَصْحَابُنَا إنْ كان الميت موسرا كفن با علي الْأَجْنَاسِ وَإِنْ كَانَ مُتَوَسِّطًا فَبِالْأَوْسَطِ وَبِالْأَدْوَنِ إنْ كَانَ فَقِيرًا

    * (فَرْعٌ)

    إنْ قِيلَ ذَكَرْتُمْ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ تَكْفِينُ الرَّجُلِ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ وَهَذَا يُخَالِفُ حَدِيثَ الْمُحْرِمِ الَّذِي سَقَطَ عَنْ بَعِيرِهِ فَإِنَّهُ كُفِّنَ فِي ثَوْبَيْنِ وَجَوَابُهُ مَا أَجَابَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمَا وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ الثَّلَاثَةُ ليتمكن منها

    *

    * قال المصنف رحمه الله

    * والمستحب أن يكون الكفن بيضاء لحديث عائشة رضى الله عنها والمستحب أن يكون حسنا لِمَا رَوَى جَابِرٍ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه وتكره المغالاة فيه لِمَا رَوَى عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تغالوا في الكفن فانه يسلب سريعا والمستحب ان يبخر الكفن لِمَا رَوَى جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إذَا جمرتم الميت فجمروه ثلاثا "}

    * {الشَّرْحُ} حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا سَبَقَ بَيَانُهُ أَنَّهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَحَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَلَمْ يُضَعِّفْهُ وَحَدِيثُ جَابِرٍ الْأَوَّلُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وحديثه الاخر رواه احمد ابن حَنْبَلٍ فِي مُسْنَدِهِ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَالْبَيْهَقِيُّ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ قَالَ الْحَاكِمُ هُوَ صَحِيحٌ عَلَى شرط مسلم ولكن روى البيهقى باسناده عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ لَمْ يرفعه الايحيى بْنُ آدَمَ قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَلَا أظنه الاغلطا قُلْت كَأَنَّ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ فَرَّعَهُ عَلَى قَاعِدَةِ أَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ أَنَّ الْحَدِيثَ إذَا رُوِيَ مَرْفُوعًا وَمَوْقُوفًا حُكِمَ بِالْوَقْفِ وَالصَّحِيحُ الَّذِي قَالَهُ الفقهاء واصحاب الاصول ومحققوا الْمُحَدِّثِينَ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِالرَّفْعِ لِأَنَّهَا زِيَادَةُ ثِقَةٍ وَلَفْظُ رِوَايَةِ الْحَاكِمِ وَالْبَيْهَقِيِّ إذَا أَجْمَرْتُمْ الْمَيِّتَ فَأَوْتِرُوا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَرَوَى جَمِّرُوا كَفَنَ الْمَيِّتِ ثَلَاثًا وَلَفْظُ رِوَايَةِ أَحْمَدَ إذَا أَجْمَرْتُمْ الْمَيِّتَ فاجمروه ثلاثا (وقوله) يكون الكفن بيضاء أي ثيابا بيضاء وَالْإِجْمَارُ التَّبَخُّرُ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ - هُوَ بِفَتْحِ الْفَاءِ - كَذَا ضَبَطَهُ الْجُمْهُورُ وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ إسْكَانَ الْفَاءِ أَيْ فَعَلَ التَّكْفِينَ مِنْ الْإِشْبَاعِ وَالْعُمُومِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحُ أَيْ يَكُونُ الْكَفَنُ حَسَنًا وَسَأَذْكُرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَرِيبًا مَعْنَى تَحْسِينِهِ

    * أَمَّا الْأَحْكَامُ فَفِيهَا مَسَائِلُ (إحْدَاهَا) يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْكَفَنُ أَبْيَضَ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ وَالْحَدِيثَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي بَابِ هَيْئَةِ الْجُمُعَةِ (الثَّانِيَةُ) يُسْتَحَبُّ تَحْسِينُ الكفن قال أصحابنا والمراد بتحسينه بياضه ونظاقته وَسَوْغُهُ وَكَثَافَتُهُ لَا كَوْنُهُ ثَمِينًا لِحَدِيثِ النَّهْيِ

    عن المغالاة وتكره المغالاة فيه للحديت قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْبَغَوِيُّ الثَّوْبُ الْغَسِيلُ أَفْضَلُ مِنْ الْجَدِيدِ وَدَلِيلُهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ قَالَتْ نَظَرَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلَى ثَوْبٍ كَانَ يُمَرَّضُ فِيهِ فَقَالَ اغْسِلُوا هَذَا وَزِيدُوا عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ وَكَفِّنُونِي فِيهَا قُلْت إنَّ هَذَا خَلَقٌ قَالَ الْحَيُّ أَحَقُّ بِالْجَدِيدِ مِنْ الْمَيِّتِ إنَّمَا هُوَ لِلْمُهْلَةِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ - وَالْمُهْلَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَفَتْحِهَا - هِيَ دَمُ الْمَيِّتِ وَصَدِيدُهُ وَنَحْوُهُ قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَيَجُوزُ تَكْفِينُ كُلِّ إنْسَانٍ فِيمَا يَجُوزُ لَهُ لُبْسُهُ فِي الْحَيَاةِ فَيَجُوزُ مِنْ الْقُطْنِ وَالصُّوفِ وَالْكَتَّانِ وَالشَّعْرِ وَالْوَبَرِ وَغَيْرِهَا وَأَمَّا الْحَرِيرُ فَيَحْرُمُ تَكْفِينُ الرَّجُلِ فِيهِ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَالْمَشْهُورُ الْقَطْعُ بِجَوَازِ تَكْفِينِهَا فِيهِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهَا لُبْسُهُ فِي الْحَيَاةِ لَكِنْ يُكْرَهُ تَكْفِينُهَا فِيهِ لِأَنَّ فِيهِ سَرَفًا وَيُشْبِهُ إضَاعَةَ الْمَالِ بِخِلَافِ اللُّبْسِ فِي الْحَيَاةِ فَإِنَّهُ تَجَمُّلٌ لِلزَّوْجِ وَحَكَى صَاحِبِ الْبَيَانِ فِي زِيَادَاتِ الْمُهَذَّبِ وَجْهًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَأَمَّا الْمُعَصْفَرُ وَالْمُزَعْفَرُ فَلَا يَحْرُمُ تَكْفِينُهَا فِيهِ بِلَا خِلَافٍ وَلَكِنْ يُكْرَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ وَحَكَى صَاحِبَا الْعُدَّةِ وَالْبَيَانِ وَجْهَيْنِ ثَانِيهمَا لَا يُكْرَهُ قَالَا وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ أَصْحَابُنَا وَيُعْتَبَرُ فِي الْكَفَنِ الْمُبَاحِ حَالُ الْمَيِّتِ فَإِنْ كَانَ مُكْثِرًا مِنْ الْمَالِ فَمِنْ جِيَادِ الثِّيَابِ وَإِنْ كَانَ مُتَوَسِّطًا فَأَوْسَطُهَا وَإِنْ كَانَ مُقِلًّا فَخَشِنُهَا هَذِهِ عِبَارَةُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَغَيْرِهِمَا (الثَّالِثَةُ) يُسْتَحَبُّ تَبْخِيرُ الْكَفَنِ إلَّا فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ وَالْمُحْرِمَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا صِفَةُ ذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَ الْكَفَنَ عَلَى عُودٍ وَغَيْرِهِ ثُمَّ يُبَخَّرُ كَمَا يُبَخَّرُ ثِيَابُ الْحَيِّ حَتَّى تَعْبَقَ بِهَا رَائِحَةُ الطِّيبِ قَالَ أَصْحَابُنَا ويستحب أن يكون الطيب عوداو كون الْعُودُ غَيْرَ مُطَيَّبٍ بِالْمِسْكِ فَإِنْ كَانَ مُطَيَّبًا به جاز ويستحب تطييبه ثلاثا للحديث قال المصنف رحمه الله

    * {ويستحب أن يبسط أحسنها وأوسعها ثم الثاني الذى يلي الميت اعتبارا بالحي فانه يجعل أحسن ثيابه وأوسعها فوق الثياب وكلما فرش ثوبا نثر فيه الحنوط ثم يحمل الميت الي الا كفان مستورا ويترك علي الكفن مستلقيا على ظهره ويؤخذ قُطْنٍ مَنْزُوعِ الْحَبِّ فَيَجْعَلُ فِيهِ الْحَنُوطَ والكافور ويجعل بين اليتيه ويشد عليه كما يشد التبان ويستحب أن يؤخذ القطن ويجعل عليه الحنوط والكافور ويترك على الفم والمنخرين والعينين والاذنين وعلي خراج نافذ إن كان عليه

    ليخفى ما يظهر من رائحته ويجعل الحنوط والكافور علي قطن ويترك علي مواضع السجود لما روى عن عبد الله بن مسعود أنه قال يتتبع بالطيب مساجده ولان هذه المواضع شرفت بالسجود فخصت بالطيب قال وأحب أن يطيب جميع بدنه بالكافور لان ذلك يقوى البدن ويشده وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُحَنَّطَ رَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ بِالْكَافُورِ كَمَا يفعل الحى إذا تطيب قال في البويطي فان حنط بالمسك فلا بأس لما روى أبو سَعِيدٍ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ المسك من أطيب الطيب وَهَلْ يَجِبُ الْحَنُوطُ وَالْكَافُورُ أَمْ لَا فِيهِ قولان وقيل فيه وجهان احدهما يجب لانه جرت به العادة في الميت فكان واجبا كالكفن والثاني انه لا يجب كما لا يجب الطيب في حق المفلس وان وجبت الكسوة}

    * {الشرح} حديت أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمِسْكُ أَطْيَبُ الطِّيبِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ هَكَذَا وَوَقَعَ فِي الْمُهَذَّبِ مِنْ أَطْيَبِ الطِّيبِ بِزِيَادَةِ مِنْ وَالْأَثَرُ المذكور عن ابن مسعود يتبع الطيب مَسَاجِدَهُ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالْحَنُوطُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَضَمِّ النُّونِ - هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَيُقَالُ الْحِنَاطُ بِكَسْرٍ وَهُوَ أَنْوَاعٌ مِنْ الطِّيبِ يُخْلَطُ لِلْمَيِّتِ خَاصَّةً لَا يُقَالُ فِي غَيْرِ طِيبِ الْمَيِّتِ حَنُوطٌ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ يَدْخُلُ فِي الْحَنُوطِ الْكَافُورُ وَذَرِيرَةُ القصب والصندل الاحمر والابيض (وقوله) كما يستدل التُّبَّانُ هُوَ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ وهو سراويل قصيرة صغيرة بلاتكة (قَوْلُهُ) وَعَلَى خُرَاجٍ نَافِذٍ هُوَ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَهُوَ الْقُرْحَةُ فِي الْجَسَدِ

    * واما الْأَحْكَامُ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْسُطَ أَوْسَعَ اللَّفَائِفِ وَأَحْسَنَهَا وَيُذَرُّ عَلَيْهَا حَنُوطٌ ثُمَّ يبسط الثانية عليها ويذز عَلَيْهَا حَنُوطٌ وَكَافُورٌ وَإِنْ كُفِّنَ الرَّجُلُ أَوْ الْمَرْأَةُ فِي لِفَافَةٍ ثَالِثَةٍ أَوْ رَابِعَةٍ كَانَتْ كَالثَّانِيَةِ فِي أَنَّهَا دُونَ الَّتِي قَبْلَهَا وَفِي ذَرِّ الْحَنُوطِ وَالْكَافُورِ وَاتَّفَقَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْحَنُوطِ كَمَا ذَكَرْنَا قَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي رحمه الله هذا شئ لم يذكره غير الشافعي من الفقهاء وانا اختاره الشافعي ليلا يسرع بلي الا كفان وَلِيَقِيَهَا مِنْ بَلَلٍ يُصِيبُهَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ ثُمَّ يُحْمَلُ الْمَيِّتُ مَسْتُورًا فَيُوضَعُ فَوْقَهَا مُسْتَلْقِيًا وَاحْتَجُّوا لِبَسْطِ أَحْسَنِ اللَّفَائِفِ وَأَوْسَعِهَا أَوَّلًا بِالْقِيَاسِ عَلَى الْحَيِّ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ أَجْمَلَ ثِيَابِهِ فَوْقَهَا ثُمَّ يُؤْخَذُ قُطْنٌ مَنْزُوعُ الْحَبِّ فَيُجْعَلُ عَلَيْهِ حَنُوطٌ وَكَافُورٌ ويدس بين اليته حَتَّى يَتَّصِلَ بِحَلْقَةِ الدُّبُرِ فَيَسُدَّهَا لِيَرُدَّ شَيْئًا يتعرض للخرج قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَا يُدْخِلُهُ إلَى دَاخِلِ الْحَلْقَةِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ جَمَاهِيرُ الاصحاب في الطريقين وذكر البغوي وجهين (أحدها) يُكْرَهُ الْإِدْخَالُ (وَالثَّانِي) يُدْخَلُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُدْخَلْ لَا يَمْنَعُ الْخُرُوجَ قَالَ وَإِنَّمَا فُعِلَ ذَلِكَ لِلْمَصْلَحَةِ وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي تَعْلِيقِهِ قَالَ الْقَفَّالُ رَأَيْتُ لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الجماع الكبير ادخاله وهذا نقل غريب وحكم ضيف وَالصَّوَابُ مَا سَبَقَ وَسَبَبُ الْخِلَافِ أَنَّ الْمُزَنِيَّ نَقَلَ فِي الْمُخْتَصَرِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ قُطْنٍ مَنْزُوعِ الْحَبِّ فَيَجْعَلُ فيه الحنوط والكافور ثم يدخل بين اليته إدْخَالًا بَلِيغًا وَيُكْثِرُ مِنْهُ لِيَرُدَّ شَيْئًا إنْ جَاءَ مِنْهُ عِنْدَ تَحْرِيكِهِ وَيَشُدُّ عَلَيْهِ خِرْقَةٌ مَشْقُوقَةُ الطَّرْفِ يَأْخُذُ أَلْيَتَهُ وَعَانَتَهُ ثُمَّ يُشَدُّ عَلَيْهِ كَمَا يُشَدُّ التُّبَّانُ الْوَاسِعُ قَالَ الْمُزَنِيّ لا احب ما قال من إبلاع الحشو ولكن يجعل كالوزة من القطن بين اليته ويجعل من تحتها قطن يضم إلى بين أَلْيَتَيْهِ وَالشِّدَادُ مِنْ فَوْقِ ذَلِكَ كَالتُّبَّانِ يُشَدُّ عليه فان جاء منه شئ بَعْدَ ذَلِكَ مَنَعَهُ ذَلِكَ أَنْ يَظْهَرَ فَهَذَا؟ ان فِي كَرَامَتِهِ مِنْ انْتِهَاكِ حُرْمَتِهِ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْمُزَنِيِّ قَالَ أَصْحَابُنَا تَوَهَّمَ الْمُزَنِيّ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ هَذَا أَنَّهُ أَرَادَ إدْخَالَ الْقُطْنِ فِي الدُّبُرِ قَالُوا وَأَخْطَأَ فِي توهمه وانا أَرَادَ الشَّافِعِيُّ أَنْ يُبَالَغَ فِي حَشْوِ الْقُطْنِ بين اليته حَتَّى يَبْلُغَ الدُّبُرَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلَهُ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ فِي الْأُمِّ فَقَالَ حَتَّى يَبْلُغَ الْحَلْقَةَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَمِمَّا يَدُلُّ علي وهم المزني قول الشافعي لرد شئ ان خرج ولو كان مراده انه يُدْخَلَ إلَى دَاخِلِ الدُّبُرِ لَقَالَ يَمْنَعُ مِنْ خروج شئ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ ثم يشد الياه وَيُسْتَوْثَقُ فِي ذَلِكَ بِأَنْ يَأْخُذَ خِرْقَةً وَيَشُقُّ رَأْسَهَا وَيَجْعَلُ وَسَطَهَا عِنْدَ أَلْيَتِهِ وَعَانَتِهِ وَيَشُدُّ فَوْقَ السُّرَّةِ بِأَنْ يَرُدَّ مَا يَلِي ظَهْرَهُ إلَى سُرَّتِهِ وَيُعْطَفُ الشِّقَّانِ الْآخَرَانِ عَلَيْهِ وَلَوْ شدشق من كل رأس علي هذا الفخذو مثله عَلَى الْفَخْذِ الْآخِرِ جَازَ وَقِيلَ يُشَدُّ عَلَيْهِ بِخَيْطٍ وَلَا يُشَقُّ طَرَفُهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الشافعي والمنصف وَالْأَصْحَابُ ثُمَّ يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ الْقُطْنِ وَيَضَعُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ الْحَنُوطِ وَالْكَافُورِ وَيَجْعَلُ عَلَى مَنَافِذِ الْبَدَنِ مِنْ الْأُذُنَيْنِ

    وَالْعَيْنَيْنِ وَالْمَنْخِرَيْنِ وَالْفَمِ وَالْجِرَاحَاتِ النَّافِذَةِ دَفْعًا لِلْهَوَامِّ وَيُجْعَلُ عَلَى قُطْنٍ وَكَافُورٍ وَتُرِكَ عَلَى مَوَاضِعِ السُّجُودِ وَهِيَ الْجَبْهَةُ وَالْأَنْفُ وَبَطْنُ الْكَفَّيْنِ وَالرُّكْبَتَانِ وَالْقَدَمَانِ هَكَذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْجُمْهُورُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشافعي في المختصر وفيه وجه حكاه (1) والرافعي أَنَّهُ يَجْعَلُ الْحَنُوطَ وَالْكَافُورَ عَلَى نَفْسِ هَذِهِ المساجد بلا قطن وهو ضعيف غريب قَالَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ واستحب أن يطيب جميع بدنه بالكافور لانه يقويه ويشده قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ وَالْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُحَنَّطَ رَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ بِالْكَافُورِ كَمَا يَفْعَلُ الحي إذا تطيب قال الشافعي في البويطي وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ وَلَوْ حُنِّطَ بِالْمِسْكِ فَلَا بَأْسَ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ السَّابِقِ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ مِسْكٌ فَأَوْصَى أَنْ يُحَنَّطَ وَقَالَ هُوَ مِنْ فَضْلِ حَنُوطِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَى فِي ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهَلْ يَجِبُ الْحَنُوطُ وَالْكَافُورُ أَمْ لافيه قَوْلَانِ وَقِيلَ وَجْهَانِ (أَحَدُهُمَا) يَجِبُ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ فَوَجَبَ كَالْكَفَنِ (وَالثَّانِي) يُسْتَحَبُّ وَلَا يَجِبُ كَمَا لَا يَجِبُ الطِّيبُ لِلْمُفْلِسِ وَإِنْ وَجَبَتْ كِسْوَتُهُ (وَقَوْلُهُ) قَوْلَانِ وَقِيلَ وَجْهَانِ هَذَا مِنْ وَرَعِهِ وَإِتْقَانِهِ وَاعْتِنَائِهِ فَلَمْ يَجْزِمْ بِقَوْلَيْنِ وَلَا وَجْهَيْنِ وَسَبَبُ تَرَدُّدِ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمَحَامِلِيَّ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ وَاجِبٌ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى قَوْلَيْنِ قَالَ أَصْحَابُنَا يَحْكُونَ فِيهَا وَجْهَيْنِ وَقَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْقَدِيمِ كَفَنُ الْمَيِّتِ وَحَنُوطُهُ وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ لَيْسَ لِغُرَمَائِهِ وَلَا لِوَرَثَتِهِ مَنْعُ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ هَذَا بِسَطْرَيْنِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ حَنُوطٌ وَلَا كَافُورٌ رَجَوْت ان يجزئ قال البندنيجي رحمة الله عليه وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الطِّيبِ وَالْحَنُوطِ عَلَى وَجْهَيْنِ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ هَذَا كَلَامُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ صَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ امام الحرمين رحمه الله ويجب القطع (1) بياض بالاصل فليحرر بِهَذَا وَقَطَعَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّ الْكَافُورَ لَا يَجِبُ وَإِنَّمَا الْوَجْهَانِ فِي الْحَنُوطِ وَمِمَّنْ خَصَّ الْوَجْهَيْنِ بِالْحَنُوطِ

    الْمَحَامِلِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَمِمَّنْ وَافَقَ الْمُصَنِّفَ فِي نَقْلِ الْوَجْهَيْنِ فِي الْحَنُوطِ وَالْكَافُورِ جَمِيعًا صاحبا المستظهرى والبيان وسبقهم به البند نيجى كما ذكرناه

    *

    * قال المصنف رحمه الله

    * {ثم يلف في الكفن ويجعل ما بلى الرأس اكثر كالحي ما علي رأسه اكثر قال الشافعي رحمه الله وتثني صنفة الثوب الذى يلي الميت فيبدأ بالايسر علي الايمن وبالايمن على الايسر وقال في موضع يبدأ بالايمن على الايسر ثم الا يسر علي الايمن فمن اصحابنا من جعلهما قولين احدهما يبدأ بالايسر علي الايمن والثاني يبدأ بالايمن علي الايسر ومنهم من قال هي علي قول واحد انه تثنى صنفة الثوب الايسر علي جانبه الايمن وصنفة الثوب الايمن علي جانبه الايسر كما يفعل الحي بالساج يعنى الطيلسان وهذا هو الاصح لان في الطيلسان ما علي الجانب الايسر هو الظاهر ثم يفعل ذلك في بقية الاكفان وما يفضل من عند الرأس بشئ على وجهه وصدره فان احتيج الي شد الا كفان شدت ثم يحل عنه عند الدفن لانه يكره أن يكون معه في القبر شئ معقود فان لم يكن له الا ثوب واحد قصير لا يعم البدن غطي رأسه وترك الرجل لما روى أَنَّ مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قتل يوم احد ولم يكن له الا نمرة فكان إذا غطي بها رأسه بدت رجلاه وإذا غطى بها رجلاه بدار رأسه فقال النبي صلي الله عليه وسلم " غطوا بها رأسه واجعلوا على رجليه شيأمن الاذخر}

    * {الشَّرْحُ} حَدِيثُ مُصْعَبٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ رواية خباب بن الارت وقوله تثنى صنيفة هو بفتح أول تثني والصنيفة - بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ النُّونِ - وَبَعْدَ النُّونِ ياء والمشهور في كتب اللغة صنفة بلاياء قَالَ الْأَزْهَرِيُّ هِيَ زَاوِيَةُ الثَّوْبِ وَكُلُّ ثَوْبٍ مُرَبَّعٍ لَهُ أَرْبَعُ صَنِفَاتٍ قَالَ وَقِيلَ صَنِفَتُهُ طَرَفُهُ وَالسَّاجُ بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ وَجِيمٍ مُخَفَّفَة - وَجَمْعُهُ سيجان قال الازهرى هو الطيلسان المقور نسبج كَذَلِكَ وَالْإِذْخِرُ - بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْخَاءِ - حَشِيشٌ مَعْرُوفٌ وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ مِنْ فُضَلَاءِ الصَّحَابَةِ وَالسَّابِقِينَ إلَى الْإِسْلَامِ وَيَوْمُ أُحُدٍ كَانَ يَوْمَ السَّبْتِ لا حدى عَشَرَةَ خَلَتْ مِنْ شَوَّالٍ سَنَةَ ثَلَاثٍ مِنْ الْهِجْرَةِ وَالنَّمِرَةُ - بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمِيمِ - وَهِيَ ضَرْبٌ مِنْ الْأَكْسِيَةِ وَقِيلَ شَمْلَةٌ مُخَطَّطَةٌ مِنْ

    صُوفٍ وَقِيلَ فِيهَا أَمْثَالُ الْأَهِلَّةِ

    * أَمَّا الْأَحْكَامُ ففى الكيفية المستحبة في لف الا كفان الطَّرِيقَانِ اللَّذَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَهُمَا مَشْهُورَانِ (أَصَحُّهُمَا) عند الا كثرين يَبْدَأُ فَيَثْنِي الثَّوْبَ الَّذِي يَلِي بَدَنَ الْمَيِّتِ شِقِّهِ الْأَيْسَرِ عَلَى شِقِّ الْمَيِّتِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْمَنُ عَلَى الْأَيْسَرِ كَمَا يَفْعَلُ الْحَيُّ بِالْقَبَاءِ ثُمَّ يُلَفُّ الثَّوْبُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ كَذَلِكَ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي عَلَى قَوْلَيْنِ

    (أَحَدُهُمَا)

    هَذَا

    (وَالثَّانِي)

    يَثْنِي أَوَّلًا الشِّقَّ الْأَيْمَنَ ثُمَّ الْأَيْسَرَ قَالَ الشَّافِعِيُّ في المختصر والمنصف والاصحاب رحمهم الله وَإِذَا لَفَّ الْكَفَنَ عَلَيْهِ جَمَعَ الْفَاضِلَ عِنْدَ رَأْسِهِ جَمْعَ الْعِمَامَةِ وَرَدَّهُ عَلَى وَجْهِهِ وَصَدْرِهِ إلَى حَيْثُ يَنْتَهِي وَمَا فَضَلَ عِنْدَ رِجْلَيْهِ يُجْعَلُ عَلَى الْقَدَمَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَيُسْتَحَبُّ أن يوضع الميت على الا كفان بِحَيْثُ إذَا لُفَّ عَلَيْهِ كَانَ الْفَاضِلُ عِنْدَ رَأْسِهِ أَكْثَرَ لِحَدِيثِ مُصْعَبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وان لم يكن الاثوب لَا يَعُمُّ كُلَّ الْبَدَنِ سُتِرَ وَتُرِكَتْ الرِّجْلَانِ وَجُعِلَ عَلَيْهِمَا حَشِيشٌ وَنَحْوُهُ لِحَدِيثِ مُصْعَبٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ وَالْأَصْحَابُ فَإِنْ خِيفَ انْتِشَارُ الا كفان عِنْدَ الْحَمْلِ شُدَّتْ بِشِدَادٍ يُعْقَدُ عَلَيْهَا فَإِذَا أَدْخَلُوهُ الْقَبْرَ حَلُّوهُ هَذَا لَفْظُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَجَمَاعَةٌ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ في القبر شئ معقود

    *

    * قال المصنف رحمه الله

    * {وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنَّهَا تُكَفَّنُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ إزَارٍ وَخِمَارٍ وَثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ وَهَلْ يَكُونُ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ دِرْعًا فِيهِ قَوْلَانِ

    (أَحَدُهُمَا)

    أَنَّ أَحَدَهَا دِرْعٌ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " نَاوَلَ أُمَّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها في كفن ابنته ام كلثوم أزار أو درعا وخمارا وثوبين ملآءا

    (وَالثَّانِي)

    أَنَّهُ لَا يَكُونُ فِيهَا دِرْعٌ لِأَنَّ الْقَمِيصَ إنَّمَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَرْأَةُ لِتَسْتَتِرَ بِهِ فِي تَصَرُّفِهَا وَالْمَيِّتُ لَا يَتَصَرَّفُ فَإِنْ قُلْنَا لا درع فيها أزرت بازار وَخُمِّرَتْ بِخِمَارٍ وَتُدْرَجُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ وَإِذَا قُلْنَا فِيهَا دِرْعٌ أُزِّرَتْ بِإِزَارٍ وَتُلَبَّسُ الدِّرْعَ وَتُخَمَّرُ بِخِمَارٍ وَتُدْرَجُ فِي ثَوْبَيْنِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيُشَدُّ عَلَى صَدْرِهَا ثَوْبٌ لِيَضُمَّ ثِيَابَهَا فَلَا تَنْتَشِرُ وَهَلْ يُحَلُّ عَنْهَا الثَّوْبُ عِنْدَ الدَّفْنِ فِيهِ وَجْهَانِ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ يدخل مَعَهَا وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ يُشَدُّ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ يُحَلُّ وَقَالَ أبو إسحق يُنَحَّى عَنْهَا فِي الْقَبْرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ لِأَنَّهُ ليس من جملة الكفن}

    *

    {الشرح} الحديث المذ كور رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِهِ عَنْ لَيْلَى بِنْتِ قَانِفٍ - بِالنُّونِ الْمَكْسُورَةِ وَبَعْدَهَا فَاءٌ - الثَّقَفِيَّةِ الصَّحَابِيَّة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كُنْتُ فِيمَنْ غَسَّلَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ أَوَّلُ مَا أَعْطَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم الحقا ثُمَّ الدِّرْعَ ثُمَّ الْخِمَارَ ثُمَّ الْمِلْحَفَةَ ثُمَّ أُدْرِجَتْ بَعْدُ فِي الثَّوْبِ الْآخِرِ قَالَتْ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ عِنْدَ الْبَابِ مَعَهُ كَفَنُهَا يُنَاوِلُنَا ثَوْبًا ثَوْبًا إسْنَادُهُ حسن الا رجلا لا اتحقق حاله وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَلَمْ يُضَعِّفْهُ وَقَوْلُهُ ثوبين ملآءا - بِضَمِّ الْمِيمِ وَبِالْمَدِّ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ - وَالْحِقَا - بِكَسْرِ الْحَاءِ وَتَخْفِيفِ الْقَافِ - يُقَالُ لَهُ الْحِقْوُ وَالْحَقْوُ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِهَا وَالْحِقَا وَالْإِزَارُ وَالْمِئْزَرُ (وَأَمَّا قَوْلُهُ) الْمِلْحَفَةُ وَالثَّوْبُ إنْ أُدْرِجَتْ فِيهِ فَهُمَا المراد بقوله ثوبين ملآأى غَيْرَ مُلَفَّقَيْنِ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِطْعَةٌ وَاحِدَةٌ وَاتَّفَقَتْ نُصُوصُ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَكْفِينُ الْمَرْأَةِ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ وَأَنَّ الرَّجُلَ يُكَفَّنُ فِي ثَلَاثَةٍ وَلَا يُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ وَيَجُوزُ إلَى خَمْسَةٍ بِلَا كَرَاهَةٍ وَيُكْرَهُ مُجَاوَزَةُ الْخَمْسَةِ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَيْسَ اسْتِحْبَابُ الْخَمْسَةِ فِي حَقِّهَا مُتَأَكَّدًا كَتَأَكُّدِ الثَّلَاثَةِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ قَالَ الْإِمَامُ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ هَذَا حُكْمُ كَفَنِهَا الْمُسْتَحَبُّ (وَأَمَّا) الْوَاجِبُ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ

    (أَحَدُهُمَا)

    ثَوْبٌ سَاتِرٌ لِجَمِيعِ الْبَدَنِ (وَأَصَحُّهُمَا) سَاتِرُ الْعَوْرَةِ وَهِيَ جَمِيعُ بَدَنِ الْحُرَّةِ إلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا وَبِهَذَا قَطَعَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي كَفَنِ الْمَرْأَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَإِذَا كُفِّنَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي ثَلَاثَةٍ فَهِيَ لَفَائِفُ وَإِنْ كُفِّنَ الرَّجُلُ فِي خَمْسَةٍ فَثَلَاثُ لَفَائِفَ وَقَمِيصٌ وَعِمَامَةٌ وَيُجْعَلَانِ تَحْتَ اللَّفَائِفِ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هَذَا وَإِنْ كُفِّنَتْ فِي خَمْسَةٍ فَقَوْلَانِ (أَحَدُهُمَا) إزَارٌ وَخِمَارٌ وَثَلَاثُ لَفَائِفَ

    (وَالثَّانِي)

    إزَارٌ وَخِمَارٌ وَدِرْعٌ وَهُوَ الْقَمِيصُ وَلِفَافَتَانِ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ مَشْهُورَانِ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا الْمُزَنِيّ فِي الْمُخْتَصَرِ فقال احب ان يكون احدا لخمسة دِرْعًا لِمَا رَأَيْتُ فِيهِ مِنْ فِعْلِ الْعُلَمَاءِ وَقَدْ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ مَرَّةً ثُمَّ خَطَّ عَلَيْهِ هَذَا كَلَامُ الْمُزَنِيِّ رحمه الله فاشار الي القولين وسماهما جَمَاعَةٌ مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ قَدِيمًا وَجَدِيدًا فَجَعَلُوا الْقَدِيمَ اسْتِحْبَابَ الدِّرْعِ وَالْجَدِيدَ عَدَمَهُ قَالُوا وَالْقَدِيمُ هُنَا هُوَ الْأَصَحُّ وَهِيَ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي يُفْتَى فِيهَا عَلَى الْقَدِيمِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ وَالْمَحَامِلِيُّ فِي التَّجْرِيدِ الْمَعْرُوفُ لِلشَّافِعِيِّ فِي عَامَّةِ كُتُبِهِ أَنَّ فِيهَا دِرْعًا وَهُوَ الْقَمِيصُ قَالَا وَذَكَرَ الْمُزَنِيّ

    أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ كَانَ يَذْهَبُ إلَى الْقَدِيمِ ثُمَّ خَطَّ عَلَيْهِ قَالَ الْمَحَامِلِيُّ وَلَا تُعْرَفُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ إلَّا مِنْ الْمُزَنِيِّ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى قَوْلَيْنِ (أَصَحِّهِمَا) أَنَّ فِيهَا دِرْعًا هَذَا كَلَامُ الْمَحَامِلِيِّ وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِيهَا الدِّرْعُ وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ وَأَمَّا مَنْ قَالَ إنَّ هَذَا مِمَّا يُفْتَى بِهِ عَلَى الْقَدِيمِ فَغَيْرُ مَقْبُولٍ لِأَنَّ هَذَا الْقَدِيمَ يُوَافِقُهُ مُعْظَمُ الْجَدِيدِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَمَنْ قَالَ لَا دِرْعَ يَحْتَاجُ إلَى جَوَابٍ عَنْ الْحَدِيثِ وَلَعَلَّهُ يَحْمِلُهُ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ وَيَكُونُ اعْتِمَادُهُ عَلَى الْقِيَاسِ عَلَى الرَّجُلِ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ الْقَمِيصُ بِلَا خِلَافٍ إذَا كَانَ ثَلَاثَةً وَالْخَمْسَةُ فِي الْمَرْأَةِ كَالثَّلَاثَةِ فِي الرَّجُلِ وَإِذَا كُفِّنَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي ثَلَاثِ لَفَائِفَ فَوَجْهَانِ

    (أَحَدُهُمَا)

    يُسْتَحَبُّ كَوْنُهَا مُتَفَاوِتَةً فَالسُّفْلَى تَأْخُذُ سُرَّتَهُ وَرُكْبَتَهُ وَمَا بَيْنَهُمَا (وَالثَّانِيَةُ) مِنْ عُنُقِهِ إلَى كَعْبِهِ (وَالثَّالِثَةُ) تَسْتُرُ جَمِيعَ الْبَدَنِ (وَالثَّانِي) وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَطَعَ بِهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَجَمَاعَةٌ تَكُونُ مُتَسَاوِيَةً فِي الطُّولِ وَالْعَرْضِ يَسْتَوْعِبُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا جَمِيعَ الْبَدَنِ قَالُوا وَلَا فرق فِي التَّكْفِينِ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِي الْخَمْسَةِ كَمَا سَبَقَ وَإِذَا كُفِّنَتْ الْمَرْأَةُ فِي خَمْسَةٍ قَالَ الشَّافِعِيُّ يُشَدُّ عَلَى صَدْرِهَا ثَوْبٌ لِيَضُمَّ أَكْفَانَهَا فَلَا تَنْتَشِرُ وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ به فقال أبو اسحق الْمَرْوَزِيُّ هُوَ ثَوْبٌ سَادِسٌ وَيُحَلُّ عَنْهَا إذَا وُضِعَتْ فِي الْقَبْرِ قَالَ وَالْمُرَادُ بِالثَّوْبِ خِرْقَةٌ تُرْبَطُ لِتَجْمَعَ الْأَكْفَانَ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ هُوَ أَحَدُ الْأَثْوَابِ الْخَمْسَةِ وَتُرِكَ عَلَيْهَا فِي الْقَبْرِ كَبَاقِي الْخَمْسَةِ وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى ان قول ابى اسحق هُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا ذَكَرُوا صُورَةَ الْوَجْهَيْنِ وَخِلَافَ ابى العباس وابى اسحق وَمِمَّنْ ذَكَرَهُ هَكَذَا شَيْخُ الْأَصْحَابِ أَبُو حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَأَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَحَامِلِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْبَاقُونَ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي هَذَا فَتُتَأَوَّلُ عَلَيْهِ قَالَ أَصْحَابُنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ وَأَمَّا

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1