الغرر البهية في شرح البهجة الوردية
()
About this ebook
Read more from زكريا الأنصاري
المقصد لتلخيص ما في المرشد في الوقف والابتداء Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsغاية الوصول في شرح لب الأصول Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالحدود الأنيقة والتعريفات الدقيقة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسنى المطالب في شرح روض الطالب Rating: 5 out of 5 stars5/5إعراب القرآن العظيم المنسوب لزكريا الانصارى Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح العلام بشرح الإعلام بأحاديث الأحكام Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمنفرجتان Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالغرر البهية في شرح البهجة الوردية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح الباقي بشرح ألفية العراقي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمنهج الطلاب في فقه الإمام الشافعي رضي الله عنه Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمنحة الباري بشرح صحيح البخاري Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح الوهاب بشرح منهج الطلاب Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related to الغرر البهية في شرح البهجة الوردية
Related ebooks
الغرر البهية في شرح البهجة الوردية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسنى المطالب في شرح روض الطالب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمنتقى شرح الموطإ Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمغني لابن قدامة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsكشاف القناع عن متن الإقناع Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsزاد المعاد في هدي خير العباد Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsبداية المجتهد ونهاية المقتصد Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمحلى بالآثار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsبيان المختصر شرح مختصر ابن الحاجب - الجزء الثالث Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتحرير والتنوير Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالفتاوى الكبرى لابن تيمية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمجموع الفتاوى Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsجَلِفَر فِي الْجَزِيرَةِ الطَّيَّارَةِ الرحلة الثالثة: كامل كيلاني Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالإتقان في علوم القرآن Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsإرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsلسان العرب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح القدير للشوكاني Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالقواعد لابن رجب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمجموع شرح المهذب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمدونة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالرسالة العرشية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمدارج السالكين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح العمدة لابن تيمية - كتاب الحج Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsصحيح مسلم: نسحة كاملة Rating: 5 out of 5 stars5/5فتح الباري لابن حجر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحجة الوداع لابن حزم Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related categories
Reviews for الغرر البهية في شرح البهجة الوردية
0 ratings0 reviews
Book preview
الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - زكريا الأنصاري
الغرر البهية في شرح البهجة الوردية
الجزء 15
زكريا الأنصاري
926
الغرر البهية في شرح منظومة البهجة الوردية للإمام الفقيه زكريا الأنصاري الشافعي كتاب موسوعي شامل في الفقه على المذهب الشافعي، وهو عبارة عن شرح لمنظومة البهجة الوردية لابن الوردي والتي نظم فيها كتاب الحاوي الصغير للقزويني.
حاشية العبادي
نَظِيرِهِ مِنْ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ النَّفْيُ عَلَى الرَّاجِحِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ كَمَا سَلَفَ وَالْفَرْقُ ضَعْفُ الْفِرَاشِ وَلَوْ أَنْكَرَتْ الْأَمَةُ، فَلَا بُدَّ فِي نَفْيِهِ مِنْ الْيَمِينِ وَلَوْ اسْتَبْرَأَهَا ثُمَّ مَاتَ وَأَعْتَقَهَا وَلَمْ تَكُنْ أُمُّ وَلَدٍ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لَمْ يَلْحَقْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَبْرَأَ أُمُّ الْوَلَدِ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَاحِقًا لَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الِاسْتِبْرَاءِ وَمِنْهُ نَسْتَفِيدُ أَنَّ إخْبَارَهُ فِي الْأَمَةِ بِالِاسْتِبْرَاءِ كَافٍ فِي عَدَمِ اللُّحُوقِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى نَفْيِ الْوَلَدِ بُرُلُّسِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ: كَفِي (قَوْلُهُ: أَوْ الشُّبْهَةِ)، وَمِنْهَا النِّكَاحُ الْفَاسِدُ، وَإِنْ قَابَلَهَا بِهِ فِيمَا سَبَقَ فَكَأَنَّهُ تَفَنُّنٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ) يُفِيدُ حُصُولَ النَّفْيِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُجْرِ الْعَادَةَ بِأَنْ يَجْتَمِعَ.. إلَخْ) أَقُولُ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ فِي بَابِ الْعِدَدِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِالْوِلَادَةِ فَوَلَدَتْ ثَلَاثَةً مَا نَصُّهُ وَاللَّفْظُ لِلرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَبَيْنَ الثَّانِي وَالْأَوَّلِ دُونَهَا لَحِقَاهُ دُونَ الثَّالِثِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّانِي دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّانِي. اهـ. فَقَدْ صَرَّحُوا فِي هَذَا الْكَلَامِ كَمَا تَرَى بِأَنَّ الثَّالِثَ وَالثَّانِيَ حَمْلَانِ ضَرُورَةَ لُحُوقِ الثَّانِي دُونَ الثَّالِثِ مَعَ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الرَّحِمِ ضَرُورَةَ أَنَّ بَيْنَهُمَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّ جَرَيَانَ الْعَادَةِ بِذَلِكَ لَا يُنَافِي وُقُوعَ خِلَافِهِ خَرْقًا لَهَا وَحِينَئِذٍ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ تَوَجَّهَ حِينَئِذٍ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يَجُوزَ نَفْيُ أَحَدِ التَّوْأَمَيْنِ لِإِمْكَانِ خَرْقِ الْعَادَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ لَا يُقَالُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِمَا حَمْلَيْنِ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي مِنْ غَيْرِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الثَّالِثُ لَهُ أَيْضًا لَكِنَّهُ حَمْلٌ ثَانٍ فَلَمْ يَجْتَمِعْ فِي الرَّحِمِ وَلَدَانِ أَحَدُهُمَا مِنْ مَاءِ رَجُلٍ وَالْآخَرُ مِنْ مَاءِ آخَرَ لِأَنَّا نَقُولُ لَهُمْ لَحِقَاهُ دُونَ الثَّالِثِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الثَّالِثَ مِنْ غَيْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
(قَوْلُهُ: فَسَكَتَ عَنْ نَفْيِهِ) وَبِالْأَوْلَى إذَا اسْتَلْحَقَهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ عِبَارَةِ الرَّوْضِ وَعِبَارَةِ الرَّوْضِ فَإِنْ لَمْ يُبَادِرْ لِنَفْيِهِ بِاللِّعَانِ لَحِقَهُ الْأَوَّلُ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ نَفْيُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ بِلِعَانٍ فَقَوْلُهُمْ بِاللِّعَانِ لَيْسَ بِقَيْدٍ. اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ، وَمَنْ لَاعَنَ لِنَفْيِ حَمْلٍ انْتَفَى كُلُّ مَنْسُوبٍ إلَى ذَلِكَ الْحَمْلِ أَيْ: بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ وِلَادَةِ الْأَوَّلِ وَمَا عَدَاهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَمَا عَدَاهُ أَيْ: الْمَنْسُوبَ إلَى ذَلِكَ الْحَمْلِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةٌ فَأَكْثَرَ يَنْتَفِي بِلَا لِعَانٍ. اهـ. فَعُلِمَ الْفَرْقُ بَيْنَ نَفْيِ أَحَدِ التَّوْأَمَيْنِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ وَنَفْيِ الْحَمْلِ فَفِي الْأَوَّلِ لَا يُغْنِي نَفْيُ الْأَوَّلِ عَنْ نَفْيِ مَا عَدَاهُ، وَفِي الثَّانِي يَكُونُ نَفْيُ الْحَمْلِ لِلْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ اسْمٌ لِجَمِيعِ مَا فِي الْبَطْنِ وَالْإِشَارَةُ إلَيْهِ إشَارَةٌ إلَيْهِمَا جَمِيعًا.
(قَوْلُهُ لَحِقَهُ الْأَوَّلُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَحُدَّ لِقَذْفِهَا إنْ لَحِقَهُ أَيْ: الثَّانِي بِالِاسْتِلْحَاقِ لَا بِسُكُوتٍ إلَّا إنْ كَانَ الْقَذْفُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ. اهـ. أَيْ: فَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا
حاشية الشربيني
فَاسِدٍ أَوْ ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ لَمْ يُلَاعِنْ كَالْأَجْنَبِيِّ وَلِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى الْقَذْفِ هُنَا فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ مُنْفَصِلٌ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ كَذَا إنْ كَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ لِأَنَّهُ نَسَبٌ لَاحِقٌ لَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَكَانَ لَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ كَمَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ حَدُّ الْقَذْفِ تَبَعًا؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ حُجَّةٌ يَثْبُتُ بِهَا الزِّنَا فَكَيْفَ نَقْبَلُهَا فِي نَفْيِ النَّسَبِ وَنُوجِبُ الْحَدَّ مَعَهُ. اهـ. فَقَوْلُهُمْ كَالْمُصَنِّفِ فِيمَا سَبَقَ إنَّمَا يُبَاحُ لِلزَّوْجِ مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ فِي وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَأَجَابَ الْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْهَاجِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالزَّوْجِ مَنْ لَهُ عُلْقَةُ النِّكَاحِ فَيَشْمَلُ ذَلِكَ وَيَشْمَلُ لِعَانَ الْمُطَلِّقِ طَلَاقًا بَائِنًا لِنَفْيِ الْوَلَدِ.
(قَوْلُهُ: قَالُوا لِأَنَّ اللِّعَانَ.. إلَخْ) لَعَلَّ وَجْهَ التَّبَرِّي أَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ وَلَا ضَرُورَةَ كَمَا فِي حَالِ عَدَمِ الْوَلَدِ وَكَمَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ بِالزِّنَا وَعَلَّلَ الْخَطِيبُ بِأَنَّ اللِّعَانَ مِنْ خَوَاصِّ النِّكَاحِ كَالطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ قَالَ وَلَوْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ وَطِئَهَا وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ وَاحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنْ النِّكَاحِ فَقَطْ فَلَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ كَمَا لَهُ نَفْيُهُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ بِالطَّلَاقِ أَوْ اُحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنْ الْمِلْكِ فَقَطْ فَلَا يَنْفِيهِ بِاللِّعَانِ لِأَنَّهُ يَنْفِي عَنْهُ بِغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ وَكَذَا لَوْ اُحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنْهُمَا فَلَا يَنْفِيهِ بِاللِّعَانِ أَيْضًا لِإِمْكَانِ نَفْيِهِ بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِلُحُوقِ الْوَلَدِ بِهِ بِوَطْئِهِ فِي الْمِلْكِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِمَّا قَبْلَهُ. اهـ. فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: وَلَا لِنَفْيِهِ.. إلَخْ) أَيْ بَلْ يَنْفِي بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ كَمَا فِي الْهَامِشِ عَنْ خ ط
(قَوْلُهُ: لَحِقَ الْآخَرَ) وَيُحَدُّ بِقَذْفِهَا لِمُنَاقَضَةِ كَلَامِهِ. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: لَحِقَهُ الْأَوَّلُ) وَلَا يُحَدُّ بِقَذْفِهَا فِي حَمْلَانِ يَصِحُّ نَفْيُ أَحَدِهِمَا
(وَعِقَابِ مَنْ قَذَفْ) أَيْ: يُلَاعِنُ لِنَفْيِ النَّسَبِ كَمَا مَرَّ وَلِنَفْيِ عُقُوبَةِ زَوْجٍ قَذَفَ (مَنْ لَمْ تَبِنْ) أَيْ: غَيْرِ الْبَائِنَةِ (مِنْهُ) وَإِنْ لَاعَنَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ؛ لِأَنَّ الْقَذْفَ وُجِدَ فِي النِّكَاحِ وَبِهِ حَاجَةٌ إلَى إظْهَارِ صِدْقِهِ وَانْتِقَامِهِ لِتَلْطِيخِ فِرَاشِهِ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْعُقُوبَةُ حَدًّا أَمْ تَعْزِيرًا وَدَخَلَ فِي كَلَامِهِ الرَّجْعِيَّةُ وَخَرَجَ مِنْهُ الْأَجْنَبِيَّةُ وَالْبَائِنُ، فَلَا لِعَانَ لِنَفْيِ عُقُوبَةِ قَاذِفِهِمَا إذْ لَا حَاجَةَ بِهِ إلَى قَذْفِهَا وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا لِعَانَ حَيْثُ لَا وَلَدَ وَلَا عُقُوبَةَ كَأَنْ عَفَتْ عَنْهَا، أَوْ لَمْ تُطَالِبْ بِهَا، فَلَا يُلَاعِنُ لِغَرَضِ قَطْعِ النِّكَاحِ، أَوْ تَأَبُّدِ الْفُرْقَةِ، أَوْ دَفْعِ الْعَارِ أَوْ الِانْتِقَامِ مِنْهَا بِإِيجَابِ الْحَدِّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ، وَإِنْ كَانَتْ ثَمَرَاتٌ لِلِّعَانِ وَمَطْلُوبَةٌ لِلْمُلَاعِنِ إلَّا أَنَّ اللِّعَانَ حُجَّةٌ ضَرُورِيَّةٌ إنَّمَا يُصَارُ إلَيْهِ لِغَرَضٍ مُهِمٍّ وَهَذِهِ أَغْرَاضٌ ضَعِيفَةٌ وَأَهَمُّهَا قَطْعُ النِّكَاحِ وَدَفْعُ الْعَارِ، وَذَلِكَ مُتَيَسِّرٌ بِالطَّلَاقِ
وَيُعْتَبَرُ فِي اللِّعَانِ كَوْنُ الْقَذْفِ (بِوَطْءٍ اتَّصَفْ بِغَيْرِ حِلٍّ وَ) بِغَيْرِ (اشْتِبَاهٍ شُرِطَا) كَوْنِهِ (مِنْ جَانِبَيْنِ) أَيْ: جَانِبَيْ الْوَاطِئِ وَالْمَوْطُوءَةِ (بِاعْتِرَافِ مَنْ يَطَا) أَيْ مَعَ اعْتِرَافِ الْوَاطِئ بِوَطْئِهِ
(وَمَعَ إمْكَانِ لُحُوقِهِ) أَيْ: أَنْ يَلْحَقَهُ (الْوَلَدْ) وَذَلِكَ بِأَنْ لَا تَكُونَ شُبْهَةٌ أَوْ تَكُونُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، أَوْ مِنْهُمَا لَكِنْ بِغَيْرِ اعْتِرَافِ الْوَاطِئِ بِأَنْ لَا يُعِينَهُ الزَّوْجُ، أَوْ يُعِينُهُ وَيُنْكِرُ، أَوْ مَعَ اعْتِرَافِهِ لَكِنْ لَا مَعَ إمْكَانِ لُحُوقِ الْوَلَدِ بِهِ فَيُلَاعِنُ الزَّوْجُ لِنَفْيِ الْوَلَدِ وَالْعُقُوبَةِ مِنْ حَدٍّ، أَوْ تَعْزِيرٍ وَقَوْلُهُ: كَأَصْلِهِ بِغَيْرِ اشْتِبَاهٍ إلَى آخِرِهِ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِمَا بِغَيْرِ حِلٍّ وَقَدْ يُقَالُ: فَائِدَتُهُ إخْرَاجُ مَا لَوْ قَذَفَهَا بِوَطْءِ زَوْجٍ آخَرَ قَبْلَهُ فِي نِكَاحِهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَطِئَ بِغَيْرِ اشْتِبَاهٍ إلَى آخِرِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُلَاعِنُ فِيهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا خَرَجَ بِالْقَذْفِ، أَمَّا إذَا كَانَتْ الشُّبْهَةُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَاعْتَرَفَ الْوَاطِئُ بِالْوَطْءِ وَأَمْكَنَ لُحُوقُ الْوَلَدِ بِهِ أَيْ: وَادَّعَى نَسَبَهُ لِيُعْرَضَ عَلَى الْقَائِفِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي بَابِ دَعْوَى النَّسَبِ وَأُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْوَطْءِ فَلَا لِعَانَ لِنَفْيِ الْوَلَدِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ إذْ الْقَائِفُ فِيهِ الْمُعْتَمَدْ) أَيْ: قُلْت فَلَا لِعَانَ لِنَفْيِ الْوَلَدِ إذَا الْمُعْتَمَدُ فِيهِ إلْحَاقُ الْقَائِفِ فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِالْوَاطِئِ لَحِقَهُ وَلَا لِعَانَ، أَوْ بِالزَّوْجِ فَكَذَلِكَ
حاشية العبادي
حُدَّ لِقَذْفِهَا إنْ لَحِقَهُ الثَّانِي بِالسُّكُوتِ وَمِنْ ذَلِكَ يُعْلَمُ الْحُكْمُ فِي الْوَلَدِ الْوَاحِدِ وَأَنَّهُ إذَا اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ نَفْيِهِ حُدَّ لِلْقَذْفِ
(قَوْلُهُ: بِاعْتِرَافٍ.. إلَخْ) فِي خَبَرِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ بِغَيْرِ اشْتِبَاهٍ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ.. إلَخْ) أَيْ الْوَطْءُ الْمُتَّصِفُ بِغَيْرِ الْحِلِّ وَالِاشْتِبَاهِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: فَيُلَاعِنُ الزَّوْجُ) هَذَا فِي صُورَةِ الشُّبْهَةِ مِنْهَا وَحْدَهَا صَرِيحُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِغَيْرِ اشْتِبَاهٍ شَرْطًا.. إلَخْ فَقَوْلُ الْعِرَاقِيِّ وَمُقْتَضَى كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلُهُ أَنَّ الشُّبْهَةَ إذَا كَانَتْ مِنْهَا، فَلَا لِعَانَ لِدَفْعِ التَّعْزِيرِ وَمُقْتَضَى اا د الرَّافِعِيِّ خِلَافُهُ. اهـ. فِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ.. إلَخْ) فَلَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ أَيْضًا بِغَيْرِ الْحِلِّ لِإِخْرَاجِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا خَرَجَ بِالْقَذْفِ، فَلَا حَاجَةَ فِي إخْرَاجِهِ بِهَذَا الْقَيْدِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ.. إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ اعْتِرَافِهِ وَالْبَيِّنَةِ وَأَنَّهُ لَا تَكْفِي الْبَيِّنَةُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَأُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْوَطْءِ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي الْعَرْضِ عَلَى الْقَائِفِ اعْتِرَافُ الزَّوْجِ وَالْوَاطِئِ؛ لِأَنَّ لِلْمَوْلُودِ حَقًّا فِي النَّسَبِ، فَلَا يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ بِمُجَرَّدِ تَوَافُقِهِمَا قَالَ الشَّيْخَانِ فَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ الْمُدَّعَى نَسَبُهُ بَالِغًا وَاعْتَرَفَ بِجَرَيَانِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَجَبَ أَنْ يُغْنِيَ عَنْ الْبَيِّنَةِ هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِهِمَا فِي بَابِ دَعْوَى النَّسَبِ، وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ وَغَيْرُهُ وَاَلَّذِي ذَكَرَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ الِاكْتِفَاءُ بِاعْتِرَافِ الْوَاطِئِ، وَهُوَ مَا فِي النَّظْمِ وَأَصْلِهِ بِرّ (قَوْلُهُ فَلَا لِعَانَ لِنَفْيِ الْوَلَدِ) إلَى أَنْ قَالَ: أَمَّا لِعَانُهُ لِنَفْيِ التَّعْزِيرِ فَجَائِرٌ هَذَا مَعَ فَرْضِ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ يَقْتَضِي أَنَّ إقَامَتَهَا لَا تَمْنَعُ الْعُقُوبَةَ.
وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ لِعَانَ الزَّوْجِ، وَإِنْ قَذَفَ بِالزِّنَا يُسْقِطُ الْعُقُوبَةَ مُطْلَقًا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِالْقَذْفِ وَلَا تَعْزِيرَ لِلْإِيذَاءِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ شَرَعَ لَهُ اللِّعَانَ لِلِانْتِقَامِ مِمَّنْ لَطَّخَتْ فِرَاشَهُ وَلَمْ يُشْرَعْ لَهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ لِإِثْبَاتِ زِنَاهَا فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ وَلَاعَنَهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ مَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِزِنَاهَا يُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ وَكَذَا إنْ رَمَاهَا بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ هَكَذَا ظَهَرَ وَبَحَثْت بِهِ مَعَ م ر فَوَافَقَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِنَفْيِ الْوَلَدِ) بِخِلَافِ اللِّعَانِ لِنَفْيِ التَّعْزِيرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ، أَمَّا لِعَانُهُ لِنَفْيِ التَّعْزِيرِ فَجَائِزٌ هَذَا صَرِيحٌ فِي تَوَجُّهِ التَّعْزِيرِ عَلَيْهِ بِرَمْيِهَا بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ مِنْهُمَا مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ الْوَطْءِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ لَوْ رَمَاهَا بِالزِّنَا ثُمَّ ثَبَتَ زِنَاهَا، فَلَا حَدَّ وَلَا تَعْزِيرَ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَنَّ الْعُقُوبَةَ تَسْقُطُ حِينَئِذٍ وَبَيْنَ أَنَّ الْعُقُوبَةَ شَامِلَةٌ لِلتَّعْزِيرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِسُقُوطِ التَّعْزِيرِ لِأَجْلِ الْقَذْفِ بِأَنْ يَكُونَ الْمَقْذُوفُ غَيْرُ مُحْصَنٍ وَلَكِنْ يُعَزَّرُ مَنْعًا لَهُ مِنْ الْإِيذَاءِ كَمَا لَوْ تَأَخَّرَ الْقَذْفُ عَنْ ثُبُوتِ الزِّنَا كَمَا يُسْتَفَادُ مِمَّا يَأْتِي فِي شَرْحٍ وَمِنْهُ إلَخْ وَإِلَّا أَشْكَلَ الْفَرْقُ فَلْيُحَرَّرْ.
(قَوْلُهُ: كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ لَهُ.. إلَخْ) فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى بَيَانِ حُكْمِ الْمَفْهُومِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِالْوَاطِئِ لَحِقَهُ وَلَا لِعَانَ)
حاشية الشربيني
هَذِهِ لِأَنَّهُ بِحُكْمِ الشَّرْعِ. اهـ. ق ل
(قَوْلُهُ: فَلَا لِعَانَ) بَلْ يُحَدُّ أَوْ يُعَزَّرُ إذْ لَا حَاجَةَ.. إلَخْ
(قَوْلُهُ: يُغْنِي) لِأَنَّ مَا يُغَيِّرُ الِاشْتِبَاهَ الْمَذْكُورَ إنْ لَمْ تَكُنْ شُبْهَةٌ مِنْهُمَا فَهُوَ غَيْرُ حِلٍّ وَكَذَا إنْ لَمْ تَكُنْ شُبْهَةٌ مِنْ الْوَاطِئِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْمَوْطُوءَةِ لِأَنَّهُ زَانٍ فَإِنْ كَانَتْ الشُّبْهَةُ مِنْ الْوَاطِئِ فَهُوَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَرَامًا لَا يُوصَفُ بِالْحِلِّ وَإِنَّمَا لَمْ يُلَاعِنْ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ لِنَفْيِهِ وَهُوَ أَنْ يُلْحِقَهُ الْقَائِفُ بِالْوَاطِئِ فَتَعَيَّنَ وَلِهَذَا لَا يُلَاعِنُ لِنَفْيِ وَلَدِ الْأَمَةِ لِإِمْكَانِ نَفْيِهِ بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ، أَوْ كَانَ وَتَحَيَّرَ، أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا، أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا تُرِكَ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ فَيُنْتَسَبُ لَكِنْ لَوْ انْتَسَبَ لِلزَّوْجِ لَاعَنَ لِتَعَيُّنِهِ الْآنَ طَرِيقًا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَالْفَرْقُ مُشْكِلٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ لَا جَرَمَ جَزَمَ صَاحِبُ الْمُهَذِّبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُمْ بِأَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُلَاعِنَ إذَا أَلْحَقَهُ بِهِ الْقَائِفُ وَصَوَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ، بَلْ لَهُ اللِّعَانُ كَمَا جَزَمَ بِهِ جَمْعٌ مِنْ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْقَائِفِ إنَّمَا جُعِلَ حُجَّةً لِأَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ لَا أَنَّهُ يُثْبِتُ نَسَبًا لَازِمًا عَلَى مُنْكِرٍ. اهـ. وَيُجَابُ بِأَنَّ إلْحَاقَ الْقَائِفِ أَقْوَى مِنْ الِانْتِسَابِ.
أَمَّا لِعَانُهُ لِنَفْيِ التَّعْزِيرِ فَجَائِزٌ وَحَيْثُ لَاعَنَ الْمُكَلَّفُ إنَّمَا يُلَاعِنُ (إنْ كَانَ) الْوَطْءُ الْمَقْذُوفُ بِهِ (فِي النِّكَاحِ) فَلَوْ قَذَفَ فِيهِ بِزِنًا أَضَافَهُ إلَى مَا قَبْلَهُ وَلَا وَلَدَ لَمْ يُلَاعِنْ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى الْقَذْفِ حِينَئِذٍ، وَإِنْ كَانَ وَلَدٌ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ كَذَلِكَ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ أَقْوَى لِتَقْصِيرِهِ بِالتَّارِيخِ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُطْلِقَ الْقَذْفَ لَكِنْ لَهُ إنْشَاءُ قَذْفٍ مُطْلَقٍ وَيُلَاعِنُ فَإِنْ لَمْ يُنِشِ حُدَّ وَثَانِيهِمَا وَنَقَلَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّهُ يُلَاعِنُ لِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ الْوَلَدَ مِنْ ذَلِكَ الزِّنَا فَيَنْفِيهِ بِاللِّعَانِ وَعَلَيْهِ لَا يَجِبُ بِلِعَانِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ حَدُّ الزِّنَا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُلَطِّخْ فِرَاشَهُ حَتَّى يَنْتَقِمَ مِنْهَا بِاللِّعَانِ وَإِنَّمَا يُلَاعِنُ لِنَفْيِ الْعِقَابِ (إنْ تَسْأَلْ) أَيْ: الْمَرْأَةُ (فِي هَذَا) أَيْ: الْعِقَابِ فَلَوْ عَفَتْ عَنْهُ أَوْ سَكَتَتْ، أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُكَلَّفَةٍ لَمْ يُلَاعِنْ إذْ الْعُقُوبَةُ لَا تُسْتَوْفَى إلَّا بِطَلَبِهَا بِخِلَافِ اللِّعَانَ لِنَفْيِ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِهَا (وَلَوْ بِسَبْقِ) أَيْ: مَعَ سَبْقِ (جَحْدِ الْقَذْفِ) بِأَنْ جَحَدَهُ ثُمَّ ثَبَتَ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةِ فِعْلِهِ اللِّعَانُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ تَأْوِيلًا لِاحْتِمَالِ أَنَّ لَهُ تَأْوِيلَانِ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَجْحَدْ.
نَعَمْ إنْ جَحَدَ مَعَ ذَلِكَ الزِّنَا بِأَنْ قَالَ مَا قَذَفْتُك وَمَا زَنَيْت ثُمَّ ثَبَتَ قَذْفُهُ حُدَّ وَلَا لِعَانَ لِأَنَّهُ شَهِدَ بِعِفَّتِهَا فَكَيْفَ يُحَقَّقُ زِنَاهَا إلَّا إذَا أَنْشَأَ قَذْفًا وَمَضَى إمْكَانُ الزِّنَا بَعْدَ الدَّعْوَى وَالْجَوَابُ عَلَيْهِ حَمْلُ إطْلَاقِ الْقَاضِي جَوَازَ اللِّعَانِ (أَوْ) مَعَ سَبْقِ (امْتِنَاعٍ) مِنْهُ، أَوْ مِنْهَا عَنْ اللِّعَانِ قَبْلَ الْحَدِّ، أَوْ فِي أَثْنَائِهِ فَلِلْمُمْتَنِعِ اللِّعَانُ وَتَسْقُطُ بِهِ الْعُقُوبَةُ، أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهَا كَمَا فِي الْبَيِّنَةِ وَأَلْحَقَ اللِّعَانَ بِهَا فِي هَذَا، وَإِنْ كَانَ يَمِينًا لِمُشَابَهَتِهِ لَهَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الزَّوْجَ يَأْتِي بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ وَيُؤَثِّرَ فِي إثْبَاتِ الْحَدِّ عَلَيْهَا كَالْبَيِّنَةِ وَلَمْ يَلْحَقْ بِالْيَمِينِ فِي امْتِنَاعِ الْعَوْدِ إلَيْهَا بَعْدَ النُّكُولِ؛ لِأَنَّهَا بِالنُّكُولِ تَنْتَقِلُ إلَى الْمُدَّعِي فَفِي تَمْكِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الِانْتِقَالِ إبْطَالُ حَقِّهِ وَاللِّعَانُ بِالِامْتِنَاعِ عَنْهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْغَيْرِ
(عَدَّهُنَّ)
حاشية العبادي
يَنْبَغِي حِينَئِذٍ أَنْ يُنْظَرَ مَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمَتْنِ وَهُوَ لِنَفْيِ الِانْتِسَابِ الْمُمْكِنِ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ، أَوْ وَاطِئًا بِشُبْهَةٍ فَإِنْ كَانَ شَامِلًا لِمَا لَوْ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ مُزَوَّجَةً فَقَدْ يُقَالُ: يَنْبَغِي أَنْ نَقُولَ هُنَا وَإِنَّمَا لَمْ يُلَاعِنْ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ لِنَفْيِهِ، وَهُوَ أَنْ يَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِالزَّوْجِ كَمَا قَالَ فِي قَوْلِهِ، أَوْ بِالزَّوْجِ فَكَذَلِكَ.. إلَخْ وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ) أَيْ بَيْنَ اللِّعَانِ وَعَدَمِهِ إذَا أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِالزَّوْجِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ: مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ كَانَ هُنَا طَرِيقٌ آخَرُ لِنَفْيِهِ، وَهُوَ أَنْ يَنْتَسِبَ لِغَيْرِ الزَّوْجِ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا لِعَانُهُ لِنَفْيِ التَّعْزِيرِ إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ التَّعْزِيرِ فِي الرَّمْيِ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ بِهِ فَفِي الرَّمْيِ بِالزِّنَا مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ بِهِ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَقْوَى إيذَاءً فَمَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ مِنْ نَفْيِ التَّعْزِيرِ عِنْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى التَّعْزِيرِ لِلْقَذْفِ كَمَا فِي قَذْفِ غَيْرِ الْمُحْصَنِ لَا عَلَى التَّعْزِيرِ لِلْإِيذَاءِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ وَسَيَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَنَعَ حَيْثُ بِصِدْقِهِ أَوْ الْكَذِبِ قَطَعَ مَا يُفِيدُ وُجُوبَ التَّعْزِيرِ فِي الرَّمْيِ بِالزِّنَا مَعَ ثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: فَجَائِزٌ)، وَذَلِكَ لِمَا سَلَفَ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا وَطِئَكِ شَخْصٌ بِشُبْهَةٍ مِنْك وَمِنْهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ لِلْإِيذَاءِ بِرّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَفَتْ عَنْهُ.. إلَخْ) فِي الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ فَلَوْ ثَبَتَ زِنَاهَا بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ، أَوْ عَفَتْ عَنْ الْعُقُوبَةِ، أَوْ لَمْ تَطْلُبْ أَيْ: الْعُقُوبَةَ، أَوْ جَنَتْ بَعْدَ قَذْفِهِ وَلَا وَلَدَ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ، فَلَا لِعَانَ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ لِانْتِفَاءِ طَلَبِ الْعُقُوبَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَسُقُوطِهَا فِي الْبَقِيَّةِ وَتَعْبِيرِي هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي بِالْعُقُوبَةِ الشَّامِلَةِ لِلتَّعْزِيرِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْحَدِّ. اهـ. فَانْظُرْ مَا صَرَّحَ بِهِ هَذَا الْكَلَامُ مِنْ سُقُوطِ التَّعْزِيرِ إذَا ثَبَتَ الزِّنَا بَعْدَ الْقَذْفِ هَلْ الْمُرَادُ بِهِ سُقُوطُ التَّعْزِيرِ الَّذِي وَجَبَ لِلْقَذْفِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ قَذْفٌ لِكَوْنِ الْمَقْذُوفِ غَيْرُ مُحْصَنٍ، أَمَّا التَّعْزِيرُ لِلْمَنْعِ مِنْ الْإِيذَاءِ فَلَا يَسْقُطُ كَمَا فِي عَكْسِ ذَلِكَ بِأَنْ قَذَفَ مَنْ ثَبَتَ زِنَاهُ فَإِنَّهُ لَا لِعَانَ وَيُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُمْ وَاللَّفْظُ لِلرَّوْضِ وَلَا تُلَاعِنُ لِتَعْزِيرٍ وَجَبَ لِلتَّأْدِيبِ لِلْعِلْمِ بِكَذِبِهِ، أَوْ ظُهُورِ صِدْقِهِ كَقَذْفِ صَغِيرَةٍ لَا تُوطَأُ وَكَبِيرَةٍ ثَبَتَ زِنَاهَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ. اهـ. بِجَامِعِ الْإِيذَاءِ مَعَ ثُبُوتِ الزِّنَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَتَقَدَّمَ الْقَذْفُ عَلَى الثُّبُوتِ فِي الْأَوَّلِ وَعَكْسُهُ فِي الثَّانِي لَا أَثَرَ لَهُ، أَوْ الْمُرَادُ بِهِ سُقُوطُ التَّعْزِيرِ مُطْلَقًا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ مَعْنَى الْأَوَّلِ فَلْيُحَرَّرْ النَّقْلُ (قَوْلُهُ: أَوْ امْتِنَاعٍ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ
(فَرْعٌ) امْتَنَعَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مِنْ اللِّعَانِ ثُمَّ طَلَبَهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ أَيْ: أَوْ قَبْلَهُ مُكِّنَ مِنْهُ لَا بَعْدُ إلَّا إنْ كَانَ ثَمَّ وَلَدٌ أَيْ: وَالطَّالِبُ الزَّوْجُ اهـ لَا الزَّوْجَةُ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ) كَانَ الْمُرَادُ بِطَلَبِهِ مِنْهُ طَلَبَ خَصْمِهِ لَا مُطْلَقًا، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ لَا بُدَّ
حاشية الشربيني
قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ.. إلَخْ) وَلِثُبُوتِ صِدْقِ الزَّوْجِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ مُشْكِلٌ) يَرُدُّ الْإِشْكَالَ أَيْ: يُلَاعِنُ بِعَدَدِ النِّسْوَةِ إذَا قَذَفَهُنَّ، وَلَوْ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لِمَا مَرَّ فِي تَعَدُّدِ الْحَدِّ بِتَعَدُّدِ الْمَقْذُوفِ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَمَاهَا بِأَجْنَبِيٍّ يَكْفِيهِ لِعَانٌ وَاحِدٌ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ فِعْلَهَا لَازِمٌ لِفِعْلِهِ بِخِلَافِ فِعْلِهَا مَعَ فِعْلِ غَيْرِ الزَّانِي بِهَا.
(وَمُنِعْ حَيْثُ بِصِدْقِهِ أَوْ الْكِذْبِ قُطِعْ) أَيْ: وَمُنِعَ اللِّعَانُ لِنَفْيِ الْعُقُوبَةِ حَيْثُ قُطِعَ ظَاهِرًا بِصِدْقِهِ بِأَنْ ثَبَتَ زِنَاهَا بِإِقْرَارِهَا، أَوْ بِبَيِّنَةٍ وَحَيْثُ قُطِعَ بِكَذِبِهِ كَأَنْ قَذَفَ صَغِيرَةً لَا تُوطَأُ، أَوْ رَتْقَاءَ وَقَرْنَاءَ، أَوْ نَسَبَهَا إلَى الزِّنَا بِمَمْسُوحٍ، أَوْ صَبِيٍّ ابْنِ شَهْرٍ مَثَلًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعُقُوبَةَ نَوْعَانِ حَدٌّ وَتَعْزِيرٌ كَمَا شَمَلَهُمَا قَوْلُهُ عِقَابٌ فَالْحَدُّ يُلَاعِنُ لِنَفْيِهِ وَالتَّعْزِيرُ نَوْعَانِ تَعْزِيرُ تَكْذِيبٍ، وَهُوَ مَا شُرِعَ فِي حَقِّ الْقَاذِفِ الْكَاذِبِ ظَاهِرًا بِأَنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ غَيْرَ الْمُحْصَنَةِ كَذِمِّيَّةِ وَرَقِيقَةٍ وَصَغِيرَةٍ يُوطَأُ مِثْلُهَا فَلَهُ اللِّعَانُ لِنَفْيِ ذَلِكَ وَتَعْزِيرُ تَأْدِيبٍ، وَهُوَ أَنْ يَقْطَعَ بِصِدْقِهِ ظَاهِرًا، أَوْ بِكَذِبِهِ كَمَا مَرَّ، فَلَا لِعَانَ فِيهِمَا، أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ اللِّعَانَ لِإِظْهَارِ الصِّدْقِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، فَلَا مَعْنَى لَهُ وَلِأَنَّ التَّعْزِيرَ فِيهِ لِلسَّبِّ وَالْإِيذَاءِ فَأَشْبَهَ التَّعْزِيرَ بِقَذْفِ صَغِيرَةٍ لَا تُوطَأُ، وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِتَيَقُّنِ كَذِبِهِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْحَلِفِ عَلَى أَنَّهُ صَادِقٌ فَيُعَزَّرُ لَا لِلْقَذْفِ لِأَنَّهُ كَاذِبٌ فِيهِ قَطْعًا فَلَمْ يُلْحِقْ بِهَا عَارًا، بَلْ مَنْعًا لَهُ مِنْ الْإِيذَاءِ وَالْخَوْضِ فِي الْبَاطِلِ.
وَلَوْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ وَحُدَّ لِلْقَذْفِ ثُمَّ قَذَفَهَا ثَانِيًا لَا يُلَاعِنُ لِنَفْيِ التَّعْزِيرِ لِظُهُورِ كَذِبِهِ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ وَهَذِهِ وَارِدَةٌ عَلَى كَلَامِهِ، وَيُمْكِنُ إدْرَاجُهَا فِي الْقَطْعِ بِالْكَذِبِ بِحَمْلِهِ عَلَى الْقَطْعِ بِهِ ظَاهِرًا
ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ ثَمَرَاتِ اللِّعَانِ فَقَالَ (وَبِلِعَانِ الزَّوْجِ) لِنَفْيِ نَسَبٍ، أَوْ عُقُوبَةٍ (حُرْمَةُ الْأَبَدْ تَثْبُتُ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَقْذُوفَةِ، وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا وَوَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ لَوْ كَانَتْ أَمَةً فَمَلَكَهَا لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ: «الْمُتَلَاعِنَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا» لَكِنَّ ظَاهِرَ الْخَبَرِ يَقْتَضِي تَوَقُّفَ الْفُرْقَةِ عَلَى تَلَاعُنِهِمَا مَعًا، وَلَيْسَ مُرَادًا كَالْفُرْقَةِ بِغَيْرِ اللِّعَانِ فَإِنَّهَا تَحْصُلُ بِوُجُودِ سَبَبٍ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَالتَّأْبِيدُ هُنَا صِفَةٌ تَابِعَةٌ وَهِيَ فُرْقَةُ فَسْخٍ لَا طَلَاقٍ كَالرَّضَاعِ لِحُصُولِهَا بِغَيْرِ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهَا وَتَحْصُلُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا وَلَا مَدْخَلَ لِلطَّلَاقِ فِيهَا وَمَا رُوِيَ: «أَنَّ عُوَيْمِرَ أَطْلَقَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ اللِّعَانِ فَلِأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ اللِّعَانَ لَا يُحَرِّمُهَا فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا»
أَيْ: لَا مِلْكَ، فَلَا يَقَعُ طَلَاقُك قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَعَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُعْلِمَهُمَا بِالْفُرْقَةِ إنْ كَانَا جَاهِلَيْنِ كَمَا أَعْلَمَهُمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ: (لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا) وَاحْتَرَزَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (عِنْدَنَا) عَنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّ الْحُرْمَةَ لَا تَتَأَبَّدُ وَإِنَّهَا لَا تَثْبُتُ بِاللِّعَانِ، بَلْ
حاشية العبادي
مِنْ أَمْرِ الْحَاكِمِ بِهِ وَتَلْقِينِهِ كَمَا تَقَدَّمَ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَبِاعْتِقَالٍ
(قَوْلُهُ: يَكْفِي لِعَانٌ وَاحِدٌ) أَيْ، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَقْذُوفُ هُنَا أَيْضًا، وَهُوَ هِيَ وَالْأَجْنَبِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِبَيِّنَةٍ) أَيْ: ثُمَّ قَذَفَهَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، أَوْ لِعَانٌ مِنْهُ مَعَ امْتِنَاعِهَا مِنْهُ. اهـ. أَيْ: فَلَا يُلَاعِنُ لِقَذْفِهِ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ اللِّعَانِ وَلَا حَدَّ بِذَلِكَ الْقَذْفِ، بَلْ يُعَزَّرُ فَقَطْ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ مَا قَذَفَ بِهِ ثَانِيًا غَيْرَ مَا ثَبَتَ بِلِعَانِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَسَيَأْتِي جَمِيعُ ذَلِكَ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ التَّعْزِيرَ.. إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ وُجُوبَ التَّعْزِيرِ مَعَ ثُبُوتِ الزِّنَا.
(قَوْلُهُ: وَحُدَّ لِلْقَذْفِ) أَيْ: لِكَوْنِهِ لَمْ يُلَاعِنْ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ قَذَفَهَا ثَانِيًا، سَوَاءٌ كَانَ بِذَلِكَ الزِّنَا أَوْ بِغَيْرِهِ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الرَّوْضِ فِي الثَّانِي وَجْهَيْنِ فِي أَنَّهُ يُحَدُّ، أَوْ يُعَزَّرُ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ يُعَزَّرُ وَتَقَدَّمَ بِهَامِشِ قَوْلِهِ وَلَوْ بِتَكْرَارٍ فِيمَا لَوْ قَذَفَ أَجْنَبِيًّا وَحُدَّ ثُمَّ قَذَفَهُ ثَانِيًا، وَلَوْ بِغَيْرِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يُعَزَّرُ فَقَطْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِلَافٌ فَانْظُرْ الْفَرْقَ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ وَارِدَةٌ) قَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَمُنِعَ حَيْثُ لَيْسَ فِيهِ حَصْرُ الْمَنْعِ فِيمَا ذُكِرَ
(قَوْلُهُ: وَبِلِعَانِ الزَّوْجِ حُرْمَةُ الْأَبَدِ) وَكَذَا بِلِعَانِ الْأَجْنَبِيَّةِ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ حَيْثُ جَازَ بِأَنْ كَانَ ثَمَّ وَلَدٌ كَمَا يَأْتِي وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَلَوْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ أَبَانَهَا تَلَاعَنَا لِنَفْيِ الْوَلَدِ أَوْ الْعُقُوبَةِ وَتَتَأَبَّدُ حُرْمَتُهَا بِلِعَانِهِ، وَلَوْ أَبَانَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا، أَوْ قَذَفَ مَوْطُوءَتَهُ بِشُبْهَةٍ لَمْ يُلَاعِنْ لِدَفْعِ الْحَدِّ كَالْأَجْنَبِيِّ بَلْ لِنَفْيِ وَلَدٍ، أَوْ حَمْلٍ فَيَنْدَفِعُ بِهِ النَّسَبُ وَالْعُقُوبَةُ وَتَتَأَبَّدُ الْحُرْمَةُ وَلَا يَلْزَمُهَا حَدُّ الزِّنَا وَلَا تُلَاعِنُ نَعَمْ إنْ قَالَ زَنَيْت فِي نِكَاحِي حُدَّتْ وَلَاعَنَتْ لِلدَّفْعِ وَإِذَا لَاعَنَ لِنَفْيِ الْحَمْلِ فَبَانَ عَدَمُهُ فَسَدَ لِعَانُهُ وَحُدَّ وَكَذَا لَوْ لَاعَنَ زَوْجٌ وَلَا وَلَدَ ثُمَّ بَانَ فَسَادُ نِكَاحِهِ. اهـ.
وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ الْفَسَادُ لَا تَتَأَبَّدُ الْحُرْمَةُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَفِي الرَّوْضِ فَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ أَيْ: الزَّوْجُ وَحُدَّ لِقَذْفِهَا فَطَالَبَهُ الرَّجُلُ أَيْ: الْمَقْذُوفُ بِهِ أَيْ: بِالْحَدِّ وَقُلْنَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَدَّانِ فَلَهُ اللِّعَانُ وَهَلْ تَتَأَبَّدُ الْحُرْمَةُ بِاللِّعَانِ لِأَجْلِهِ فَقَطْ وَجْهَانِ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ عِبَارَةُ الْأَصْلِ قَالَ الْبَغَوِيّ قِيلَ يَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَنْقُولَ تَأَبُّدُ الْحُرْمَةِ. اهـ. وَسَيَأْتِي تَأَبُّدُ الْحُرْمَةِ بِلِعَانِ الْوَاطِئِ بِشُبْهَةٍ فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: حُرْمَةُ الْأَبَدِ) أَيْ: حَتَّى فِي الْجَنَّةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ
حاشية الشربيني
تَعْلِيلُ الْبَغَوِيّ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا الْأُولَى بِأَنَّ لَهُ طَرِيقًا إلَخْ وَالثَّانِيَةُ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ طَرِيقٌ سِوَى اللِّعَانِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ قَالَ وَهُوَ أَوْضَحُ مِنْ فَرْقِ الشَّيْخِ بِأَنَّ إلْحَاقَ الْقَائِفِ أَقْوَى. اهـ. لَكِنَّ الْمُحَشِّيَ أَشَارَ لِدَفْعِ مَا قَالَهُ حَجَرٌ بِأَنَّهُ أَيْضًا فِي الِانْتِسَابِ كَانَ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ لِنَفْيِهِ وَهُوَ أَنْ يَنْتَسِبَ لِغَيْرِ الزَّوْجِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَبِلِعَانِ الزَّوْجِ.. إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَذَبَ أَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ. اهـ. شَرْحُ م ر وَفِيمَا إذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ يَعُودُ عَلَيْهِ الْحَدُّ كَمَا فِي شَرْحِ م ر أَيْضًا وَخَالَفَ فِي الْمَطْلَبِ فَقَالَ بِسُقُوطِ الْحَدِّ عَنْهُ وَوَافَقَهُ خ ط. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: أَوْ عُقُوبَةٍ) كَتَبَ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ عَلَى قَوْلِ الْمِنْهَاجِ لَهُ اللِّعَانُ لِدَفْعِ التَّعْزِيرِ مَا نَصُّهُ الظَّاهِرُ أَنَّ الْفُرْقَةَ تَثْبُتُ بِهَذَا اللِّعَانِ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ الْعُقُوبَةَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ) وَيَجِبُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ الْحَدُّ شَرْحُ م ر وَنَقَلَ ق ل عَنْ الْمَطْلَبِ وَوَافَقَهُ خ ط سُقُوطُ الْحَدِّ عَنْهُ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ إنْ كَانَ ثَمَّ وَلَدٌ وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ عَلَيْهَا وَلَا تَسْقُطُ حَصَانَتُهَا. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: صِفَةٌ تَابِعَةٌ) أَيْ: لَا تَصْلُحُ فَارِقًا بَيْنَ فُرْقَةِ اللِّعَانِ وَفُرْقَةِ غَيْرِهِ
(قَوْلُهُ: بِهِ مَعَ تَفْرِيقِ الْحَاكِمِ بَيْنَهُمَا بَعْدَهُ لِظَاهِرِ خَبَرِ: (لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا) لَنَا الْخَبَرُ السَّابِقُ وَقَوْلُهُ: لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا كَانَ إفْتَاءً لَا حُكْمًا
(كَذَا) يَثْبُتُ بِلِعَانِهِ (سُقُوطُ حَدْ) قَذْفٍ وَجَبَ عَلَيْهِ (لِزَوْجَةٍ) لَهُ لِآيَةِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] إذْ ظَاهِرُهَا أَنَّ لِعَانَهُ كَشَهَادَةِ الشُّهُودِ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ بِهِ (وَالْأَجْنَبِيّ) أَيْ: يَثْبُتُ بِلِعَانِ الزَّوْجِ سُقُوطُ حَدِّ قَذْفِهِ لِلزَّوْجَةِ وَلِلْأَجْنَبِيِّ الْمُعَيَّنِ الَّذِي قَذَفَهَا بِهِ (بِنُطْقِهِ بِهِ) أَيْ: مَعَ نُطْقِهِ بِذِكْرِ الْأَجْنَبِيِّ فِي لِعَانِهِ كَأَنْ يَقُولَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا بِفُلَانٍ، سَوَاءٌ وَجَبَ حَدٌّ أَمْ حَدَّانِ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَةَ وَاحِدَةٌ وَقَدْ قَامَتْ فِيهَا حُجَّةٌ مُصَدَّقَةٌ فَانْتَهَضَتْ شُبْهَةٌ دَارِئَةٌ لِلْحَدِّ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ حَدُّ قَذْفِهِ لَهُ كَمَا فِي الزَّوْجَةِ لَوْ تَرَكَ ذِكْرَهَا طَرِيقُهُ أَنْ يُعِيدَ اللِّعَانَ وَيَذْكُرُهُ وَالتَّعْزِيرُ كَالْحَدِّ فِيمَا ذَكَرَ وَلَوْ امْتَنَعَ الزَّوْجُ مِنْ اللِّعَانِ وَلَا بَيِّنَةَ فَحُدَّ بِطَلَبِهَا فَجَاءَ الْأَجْنَبِيُّ يَطْلُبُ الْحَدَّ اُسْتُوْفِيَ مِنْهُ حَدٌّ آخَرُ وَلَهُ إسْقَاطُهُ بِاللِّعَانِ، وَلَوْ ابْتَدَأَ الْأَجْنَبِيُّ بِطَلَبِ حَقِّهِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ لَهُ وَجْهَانِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَقَدْ يَنْبَنِيَانِ عَلَى أَنَّ حَقَّهُ يَثْبُتُ أَصْلًا أَوْ تَبَعًا لِحَقِّهَا، وَلَوْ عَفَا أَحَدُهُمَا عَنْ حَقِّهِ فَلِلْآخَرِ الْمُطَالَبَةُ وَلِلزَّوْجِ إسْقَاطُهُ بِاللِّعَانِ (كَذَا) يَثْبُتُ بِلِعَانِهِ سُقُوطُ (إحْصَانُهَا فِي حَقِّهِ) فَلَوْ قَذَفَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ بِتِلْكَ الزَّنْيَةِ، أَوْ أَطْلَقَ لَمْ يُحَدَّ لِأَنَّا صَدَّقْنَاهُ فِيهَا لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ لِنَفْيِهِ لِأَنَّهُ قَذَفَ بَائِنًا وَلَا وَلَدَ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَاعَنَتْ لِلِعَانِهِ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ فِي حَقِّهِ كَالْبَيِّنَةِ وَإِلَّا فَيُحَدُّ كَمَا يُحَدُّ لِلْأَجْنَبِيَّةِ وَقِيلَ يَسْقُطُ مُطْلَقًا وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ، أَمَّا فِي حَقِّ غَيْرِهِ، فَلَا يَسْقُطُ فَلَوْ قَذَفَهَا أَجْنَبِيٌّ وَلَوْ بِتِلْكَ الزَّنْيَةِ لَزِمَهُ الْحَدُّ لَاعَنَتْ، أَوْ لَمْ تُلَاعِنْ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ مُخْتَصٌّ بِالزَّوْجِ فَيَقْتَصِرُ أَثَرُهُ عَلَيْهِ (وَيَلْزَمُ الْعِرْسَ) أَيْ: الزَّوْجَةَ (بِهِ) أَيْ بِلِعَانِ الزَّوْجِ (حَدُّ الزِّنَا) لِثُبُوتِ الْحُجَّةِ عَلَيْهَا وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} [النور: 8] الْآيَةَ هَذَا إنْ قَذَفَهَا بِزِنًا أَضَافَهُ إلَى النِّكَاحِ أَوْ أَطْلَقَهُ فَإِنْ أَضَافَهُ إلَى مَا قَبْلَهُ وَلَاعَنَ لِنَفْيِ النَّسَبِ عَلَى مَا مَرَّ فَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا لَا تُلَاعِنَ وَيَسْتَوِي فِي لُزُومِ الْحَدِّ عَلَيْهَا بِلِعَانِهِ الْمُسْلِمَةَ وَالذِّمِّيَّةَ إنْ رَضِيَتْ بِحُكْمِنَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ
(إنْ رَضِيَتْ ذِمِّيَّةٌ بِحُكْمِنَا) لِانْقِطَاعِ خُصُومَةِ الزَّوْجِ مَعَهَا بِلِعَانِهِ وَالْبَاقِي بَعْدَهُ حَدُّ الزِّنَا، وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَالذِّمِّيُّ لَا يُجْبَرُ عَلَى حَدِّهِ تَعَالَى فَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِحُكْمِنَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا لِعَدَمِ اللِّعَانِ حِينَئِذٍ وَهَذَا حَكَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ النَّصِّ لَكِنَّهُمَا ضَعَّفَاهُ ثُمَّ صَحَّحَا أَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الذِّمِّيَّيْنِ إذَا تَرَافَعَا إلَيْنَا هَلْ يَجِبُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا وَحَمَلَ الرَّافِعِيُّ كَالْجُمْهُورِ النَّصَّ عَلَى أَنَّهُ جَوَابٌ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ، وَلَوْ قَذَفَهَا زَوْجُهَا الذِّمِّيُّ وَتَرَافَعَا إلَيْنَا وَلَمْ يَرْضَ هُوَ بِحُكْمِنَا وَطَلَبَتْهُ هِيَ فَهَلْ يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى اللِّعَانِ وَيُعَزَّرُ إنْ لَمْ يُلَاعِنْ أَوْ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى رِضَاهُ فِيهِ الْقَوْلَانِ فِي وُجُوبِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ وَبَقِيَ مِنْ ثَمَرَاتِ اللِّعَانِ انْتِفَاءُ النَّسَبِ وَإِنَّمَا تَرَكَهُ هُنَا لِعِلْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ، وَهُوَ لِنَفْيِ الِانْتِسَابِ، وَأَمَّا تَشْطِيرُ الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَحِلُّ نِكَاحِ أُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا فِي عِدَّتِهَا فَلَيْسَتْ مِنْ ثَمَرَاتِ اللِّعَانِ، بَلْ مِنْ ثَمَرَاتٍ لَازِمَةٍ أَعْنِي الْبَيْنُونَةَ الْمَعْلُومَةَ مِنْ حُرْمَةِ الْأَبَدِ مَعَ أَنَّهَا مَذْكُورَةٌ فِي مَحَالِّهَا
(وَلَمْ يَجِبْ) حَدُّ الزِّنَا عَلَى الزَّوْجَةِ يَعْنِي: يَسْقُطَ عَنْهَا (إنْ لَاعَنَتْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} [النور: 8] الْآيَةَ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِلِعَانِهَا إلَّا هَذَا الْحُكْمُ، وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِزِنَاهَا، أَوْ بِإِقْرَارِهَا لَمْ يُمْكِنْهَا دَفْعُ الْحَدِّ بِاللِّعَانِ لِأَنَّهُ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ لَا تُقَاوِمُ الْبَيِّنَةَ وَخَرَجَ بِتَقْيِيدِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَوَّلًا بِالزَّوْجَةِ الْأَجْنَبِيَّةُ حَتَّى لَوْ وَطِئَ امْرَأَةً بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ شُبْهَةٍ -
حاشية العبادي
لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ أَبَدًا وَأَفْتَى أَيْضًا بِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي قَوْلِهِ فِي الْجَنَّةِ لِانْتِفَاءِ السَّبَبِ الْمَانِعِ مِنْ الْجَمْعِ فِي الْجَنَّةِ. اهـ. م ر
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ وَجَبَ حَدٌّ أَوْ حَدَّانِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ هَلْ يَجِبُ بِقَذْفِهِ لَهَا بِمُعَيَّنٍ عَلَيْهِ حَدٌّ، أَوْ حَدَّانِ وَقَدْ أَشَارَ صَاحِبُ الرَّوْضِ إلَى هَذَا الْخِلَافِ فَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ وَحُدَّ لِقَذْفِهَا فَطَالَبَهُ الرَّجُلُ وَقُلْنَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَدَّانِ أَيْ: حَدٌّ لَهَا وَحَدٌّ لِلرَّجُلِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا أَفْصَحَ بِذَلِكَ فِي شَرْحِهِ فَلَهُ اللِّعَانُ. اهـ. وَأَمَّا مَا أَشَارَ إلَيْهِ شَيْخُنَا مِمَّا كَتَبْنَاهُ عَلَى قَوْلِهِ أَمْ حَدَّانِ، فَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ الْحُكْمَ بِسُقُوطِ حَدِّ قَذْفِ الزَّوْجَةِ وَالرَّجُلِ أَيْ: سُقُوطِ حَدِّ قَذْفِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا هُوَ حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا لَا يَخْفَى إذْ مَعَ الشُّبْهَةِ لِأَحَدِهِمَا لَا حَدَّ لِأَجْلِهِ إنْ لَمْ يَرْمِهِ بِالزِّنَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَمْ حَدَّانِ) أَيْ: كَأَنْ تَنْتَفِيَ الشُّبْهَةُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِرّ (قَوْلُهُ: أَيْ: بِلِعَانِ الزَّوْجِ) خَرَجَ غَيْرُ الزَّوْجِ فَلَا يَلْزَمُهَا بِلِعَانِهِ حَدُّ الزِّنَا وَتَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي عِبَارَةِ الْعُبَاب بِالْهَامِشِ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَطْلَقَهُ) مَحَلُّهُ فِي الْإِطْلَاقِ إذَا قَذَفَهَا وَالْعِصْمَةُ بَاقِيَةٌ بِرّ (قَوْلُهُ: إنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ. إلَخْ) قَدْ يَكُونُ الزَّوْجُ مُسْلِمًا فَهَلَّا جَعَلَا حِينَئِذٍ مِنْ قَبِيلِ تَرَافُعِ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا) عِبَارَةُ الرَّوْضِ
(فَرْعٌ) قَذَفَ زَوْجَتَهُ الذِّمِّيَّةَ وَتَرَافَعَا إلَيْنَا وَلَاعَنَ دُونَهَا حُدَّتْ، وَلَوْ كَانَ ذِمِّيًّا، وَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْهَا عُزِّرَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِبْ إنْ لَاعَنَتْ) صَرَّحَ الشَّيْخُ عَزُّ الدِّينِ فِي الْقَوَاعِدِ بِوُجُوبِ لِعَانِهَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ كَاذِبًا لِئَلَّا تُجْلَدَ أَوْ تُرْجَمَ وَيَفْتَضِحَ أَهْلُهَا بِرّ حَجَرٌ
حاشية الشربيني
يَثْبُتُ أَصْلًا) هُوَ الْأَوْجَهُ. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: كَمَا يُحَدُّ لِلْأَجْنَبِيَّةِ) لَوْ قَذَفَهَا بِزِنًا وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَقَذَفَهَا بِالزِّنَا الْأَوَّلِ وَجَبَ حَدٌّ وَاحِدٌ وَلَا لِعَانَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَذَفَهَا بَعْدَ الزَّوْجِيَّةِ بِزِنًا آخَرَ فَيَتَعَدَّدُ الْحَدُّ لِاخْتِلَافِ مُوجِبِ الْقَذْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ يَسْقُطُ بِاللِّعَانِ دُونَ الْأَوَّلِ. اهـ. سم عَلَى حَجَرٍ (قَوْلُهُ: لَا حَدَّ عَلَيْهَا) ؛لِأَنَّهَا لَمْ تُلَطِّخْ فِرَاشَهُ حَتَّى يَنْتَقِمَ مِنْهَا بِاللِّعَانِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: إنْ رَضِيَتْ.. إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَإِنْ لَمْ تَرْضَ هِيَ بِحُكْمِنَا. اهـ. وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى ضَعْفِ مَا هُنَا بِقَوْلِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ وَبِمَا نَقَلَهُ بَعْدُ
(قَوْلُهُ: وَقَذَفَهَا وَكَانَ ثُمَّ وَلَدٌ وَلَاعَنَ لِنَفْيِهِ كَمَا مَرَّ لَمْ تَسْقُطْ حَصَانَتُهَا فِي حَقِّهِ وَلَمْ يَلْزَمْهَا حَدُّ الزِّنَا لَكِنْ يَسْقُطُ عَنْهُ حَدُّ الْقَذْفِ وَتَتَأَبَّدُ الْحُرْمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فَتَقْيِيدُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَوَّلًا بِالزَّوْجِ لِإِخْرَاجِ الْأَجْنَبِيِّ عَنْ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ جَمِيعُ الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ، فَلَا يُنَافِي أَنْ يَثْبُتَ لَهُ بَعْضُهَا، وَلَوْ قَذَفَ فِي نِكَاحٍ يَعْتَقِدُ صِحَّتَهُ وَلَاعَنَ ثُمَّ بَانَ فَسَادُهُ وَلَا وَلَدَ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْحَدُّ عَلَى الْأَصَحِّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ
(فَرْعٌ) التَّرْجَمَةُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ لَوْ (قَذَفَ) زَوْجَةً لَهُ (بِكْرًا) ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ (فَزُوِّجَتْ بِثَانٍ وَاتَّصَفْ بِالْوَطْءِ ثُمَّ قَذْفِهَا) أَيْ: وَاتَّصَفَ الثَّانِي بِوَطْئِهَا ثُمَّ بِقَذْفِهَا (وَلَاعَنَا) أَيْ: الزَّوْجَانِ الْمَقْذُوفَةَ (وَلَمْ تُلَاعِنْ) هِيَ (جُلِدَتْ حَدَّ الزِّنَا لِأَوَّلٍ) أَيْ: لِلِعَانِ الْأَوَّلِ (وَرُجِمَتْ لِمَا تَلَا) أَيْ لِلِعَانِ الثَّانِي لِحَصَانَتِهَا عِنْدَ قَذْفِهِ وَلَا تَدَاخُلَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ الِاتِّفَاقِ فِي الْجِنْسِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ بِكْرًا فِي الْقَذْفَيْنِ تَدَاخَلَا وَحُدَّتْ حَدًّا وَاحِدًا كَمَا لَوْ ثَبَتَ زِنَاءَانِ أَحَدُهُمَا بِبَيِّنَةٍ وَالْآخَرُ بِإِقْرَارٍ، أَوْ كِلَاهُمَا بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ وَقِيلَ يَكْتَفِي بِالرَّجْمِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْحَاوِي فِي بَابِ الزِّنَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ وَ) قَالَ الْحَاوِي (فِي بَابِ الزِّنَا تَدَاخَلَا) لِأَنَّ شَأْنَ الْحُدُودِ التَّدَاخُلُ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ زَنَى عَبْدٌ ثُمَّ عَتَقَ فَزَنَى قَبْلَ إحْصَانِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ يُجْلَدُ خَمْسِينَ وَمِائَةً لِاخْتِلَافِ الْحَدَّيْنِ نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخَانِ ثُمَّ قَالَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُجْلَدُ إلَّا مِائَةً وَيَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْقَدْرِ قَالَا وَعَلَى هَذَا لَوْ زَنَى الْحُرُّ الْبِكْرُ فَجُلِدَ خَمْسِينَ وَتُرِكَ لِعُذْرٍ فَزَنَى ثَانِيَةً جُلِدَ مِائَةً وَدَخَلَ فِيهَا الْخَمْسُونَ الْبَاقِيَةُ (تَنْبِيهٌ) تَصْوِيرُهُ ذَلِكَ بِوَطْءِ الثَّانِي مِثَالٌ فَلَوْ وَطِئَ الْأَوَّلُ بَعْدَ قَذْفِهِ وَقَبْلَ فِرَاقِهِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ
(خَاتِمَةٌ) إذَا كَذَبَ أَحَدُ الْمُتَلَاعِنَيْنِ فِي لِعَانِهِ لَزِمَهُ الْكَفَّارَةُ وَهَلْ تَكْفِيهِ وَاحِدَةٌ، أَوْ تَتَعَدَّدُ قَالَ فِي الْبَحْرِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ إذَا قَصَدَ بِإِعَادَتِهَا التَّكْرَارَ فَالْوَاجِبُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ وَهَكَذَا أَيْمَانُ الْقَسَامَةِ إذَا كَانَتْ كَذِبًا يَكْفِي فِيهَا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِذَلِكَ وَمَا ذَكَرَهُ احْتِمَالًا مِنْ لُزُومِ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ هُوَ الْأَوْجَهُ
(بَابُ الْعِدَدِ) جَمْعُ عِدَّةٍ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْعَدَدِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَيْهِ غَالِبًا وَهِيَ مُدَّةٌ تَتَرَبَّصُ فِيهَا الْمَرْأَةُ لِمَعْرِفَةِ بَرَاءَةِ رَحِمَهَا، أَوْ لِلتَّعَبُّدِ، أَوْ لِتَفَجُّعِهَا عَلَى زَوْجٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْأَقْرَاءِ وَبِالْأَشْهُرِ وَبِالْوِلَادَةِ كَمَا سَيَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْآيَاتُ وَالْأَخْبَارُ الْآتِيَةُ وَالْعِدَّةُ ضَرْبَانِ الْأَوَّلُ يَتَعَلَّقُ بِفُرْقَةِ حَيٍّ بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ وَالثَّانِي يَتَعَلَّقُ بِفُرْقَةِ وَفَاةٍ وَقَدْ بَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ (تَعْتَدُّ حُرَّةٌ) ذَاتُ أَقْرَاءٍ غَيْرُ حَامِلٍ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] (وَلَوْ كَانَتْ) حُرَّةً (بِظَنْ وَاطٍ) لَهَا كَأَنْ غُرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ فَوَطِئَهَا جَاهِلًا، أَوْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ فَتَعْتَدُّ بِذَلِكَ نَظَرًا إلَى ظَنِّهِ فَإِنَّ الْعِدَّةَ إنَّمَا تَجِبُ لِحَقِّهِ وَلِأَنَّ أَصْلَ الظَّنِّ يُؤَثِّرُ فِي أَصْلِ الْعِدَّةِ فَجَازَ أَنْ يُؤَثِّرَ خُصُوصُهُ فِي خُصُوصِهَا، وَلَوْ وَطِئَ حُرَّةً ظَنَّهَا أَمَتَهُ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ؛ لِأَنَّ الظَّنَّ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الِاحْتِيَاطِ لَا فِي التَّخْفِيفِ.
وَإِنْ كَانَ الْأَشْبَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَيْ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ وُجُوبُ قُرْءٍ وَاحِدٍ نَظَرًا إلَى ظَنِّهِ، أَوْ زَوْجَتِهِ الْقِنَّةِ فَبِثَلَاثَةٍ عَلَى مُقْتَضَى الْمَنْقُولِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا، وَإِنْ كَانَ الْأَشْبَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَيْضًا وُجُوبَ قُرْأَيْنِ فَقَطْ وَالتَّصْرِيحُ بِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِظَنِّ الْوَاطِئِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ
(وَلَوْ) صَارَتْ حُرَّةً (فِي عِدَّةٍ) فَتَعْتَدُّ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ (إنْ لَمْ تَبِنْ) مِنْهُ بِأَنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً فَإِنَّهَا كَالْمَنْكُوحَةِ بِخِلَافِ الْبَائِنِ كَمَا أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ إذَا مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ بِخِلَافِ الْبَائِنِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْصِيلِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ اقْتَضَاهُ
حاشية العبادي
قَوْلُهُ: هُوَ الْأَوْجَهُ) الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ التَّعَدُّدُ هُنَا، وَفِي الْقَسَامَةِ فَيَجِبُ أَرْبَعٌ هُنَا وَخَمْسُونَ هُنَاكَ
(بَابُ الْعِدَدِ) (قَوْلُهُ، أَوْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ إلَخْ) لَعَلَّ إدْخَالَ مِثْلِ هَذِهِ هُنَا لِزِيَادَةِ الْفَائِدَةِ وَإِلَّا فَالْكَلَامُ فِي الزَّوْجَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي بِفُرْقَةِ حَيَاةِ زَوْجٍ وَيَجُوزُ تَصْوِيرُ هَذَا بِمَا لَوْ كَانَ مُتَزَوِّجًا بِأَمَةٍ وَحُرَّةٍ فَوَطِئَ الْأَمَةَ يَظُنُّهَا الْحُرَّةَ فَإِنَّ الْعِبَارَةَ لَا تُنَافِي الْحَمْلَ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ زَوْجَتِهِ الْقِنَّةِ) أَيْ: أَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ.. إلَخْ
حاشية الشربيني
قَبْلَ الْوَطْءِ) أَيْ: أَوْ بَعْدَهُ لَكِنْ وَقَعَ بَعْدَ الْقَذْفِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ جُلِدَتْ حَدَّ الزِّنَا) وَلَا تُغَرَّبُ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ) ضَعِيفٌ وَجَرَى صَاحِبُ الرَّوْضِ عَلَى الْأَوَّلِ
بَابُ الْعِدَدِ
(بَابُ الْعِدَدِ) (قَوْلُهُ: تَتَرَبَّصُ) أَيْ: تَصْبِرُ وَتَنْتَظِرُ (قَوْلُهُ: لِلتَّعَبُّدِ) كَمَا فِي الصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِتَفَجُّعِهَا) أَوْ هُنَا مَانِعَةُ خُلُوٍّ كَأَنْ مَاتَ زَوْجُ صَغِيرَةٍ أَوْ آيِسَةٍ عَنْهَا (قَوْلُهُ: بِفُرْقَةِ حَيٍّ) مِنْهَا مَسْخُهُ حَيَوَانًا وَأَمْوَالُهُ لِلْإِمَامِ لَا الْوَرَثَةِ وَلَا تَعُودُ لَهُ زَوْجَتُهُ وَأَمْوَالُهُ بِعَوْدِهِ بِخِلَافِ زَوْجَةِ الْمَفْقُودِ وَأَمْوَالِهِ لَوْ حُكِمَ بِمَوْتِهِ وَعَادَ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا الْبَرَّاوِيُّ أَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي