جذور امرأة
By سعود سعد
()
About this ebook
سعود سعد
سعود سعد منصور الهديرس، سعودي الجنسية، وُلِد بحائل في السابع عشر مِن نوفمبر عام 1963. كاتب ومؤلِّف روائي، له العديد مِن النتاجات الأدبية التي بلغَت ستَّة إصدارات. وقد نُشِرَت أوَّل رواية له في عام 2015 تحت عنوان "بائعة الحمام" التي فازت بجائزة الأمير سعود بن عبد المحسن بن عبد العزيز آل سعود للرواية السعودية.
Related to جذور امرأة
Related ebooks
ابن الخليج Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأم الغربان Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحكاية وأساطير: كنز طيفور Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمقامرة علي شرف الليدي ميتسي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsندى ساروق الحديد Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالدجنة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsقد يُنبِت الصخر زهرة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفارس منبر الدفاع عن الأقصى Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحكايات شعبية من مصر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحواديت التراث الخيالية: الجزء الثاني Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأيام ميري الشركسية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالاستاذ الهادئ Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحي الدهشة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالقحط Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالوصي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsعلاء الدين في بلاد الصين: الجزء الخامس - ألف ليلة وليلة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالكلب الذي رأى قوس قزح Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsزنبقة الغور Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأحقاد رجل مرهوب الجانب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأسرار القصور: سياسية، تاريخية، غرامية، أدبية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالبِئْرُ الْمَهْجُورَة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsميثاق Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالحجاج بن يوسف Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsويـــــــــــــــدان العــــــــسكر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأبو السعود Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالسيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة - مجلدين - الطبعة التاسعة: السيرة النبوية كما جاءت في الأحاديث الصحيحة - مجلدين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsThe Boy at the End of the Alley: الفتى في آخر الزقاق Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsرؤيا العين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsقصص مختلفة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsرسالة من نور Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related categories
Reviews for جذور امرأة
0 ratings0 reviews
Book preview
جذور امرأة - سعود سعد
جذور امرأة
سعود سعد
Austin Macauley Publishers
جذور امرأة
نبذة عن الكاتب
حقوق النشر©
الفصل الأولنورة
الفصل الثانيالهجرة الأولى
الفصل الثالثالعودة الأولى إلى حائل
الفصل الرابعنورة في القرية ثانية
الفصل الخامسالعودة الثانية إلى حائل
الفصل السّادسالزّواج الأوّل لنورة
الفصل السابعالزواج الثاني
الفصل الثامنولادة متعسرة
الفصل التاسعاستراحة المحارب
نبذة عن الكاتب
سعود سعد منصور الهديرس، سعودي الجنسية، وُلِد بحائل في السابع عشر مِن نوفمبر عام 1963.
كاتب ومؤلِّف روائي، له العديد مِن النتاجات الأدبية التي بلغَت ستَّة إصدارات.
وقد نُشِرَت أوَّل رواية له في عام 2015 تحت عنوان بائعة الحمام
التي فازت بجائزة الأمير سعود بن عبد المحسن بن عبد العزيز آل سعود للرواية السعودية.
حقوق النشر©
سعود سعد 2022
يمتلك سعود سعد الحق كمؤلف لهذا العمل، وفقاً للقانون الاتحادي رقم (7) لدولة الإمارات العربية المتحدة، لسنة 2002 م، في شأن حقوق المؤلف والحقوق المجاورة.
جميع الحقوق محفوظة
لا يحق إعادة إنتاج أي جزء من هذا الكتاب، أو تخزينه، أو نقله، أو نسخه بأية وسيلة ممكنة؛ سواء كانت إلكترونية، أو ميكانيكية، أو نسخة تصويرية، أو تسجيلية، أو غير ذلك دون الحصول على إذن مسبق من الناشرين.
أي شخص يرتكب أي فعل غير مصرح به في سياق المذكور أعلاه، قد يكون عرضة للمقاضاة القانونية والمطالبات المدنية بالتعويض عن الأضرار.
الرقم الدولي الموحد للكتاب 9789948807643(غلاف ورقي)
الرقم الدولي الموحد للكتاب 9789948807926( كتاب إلكتروني)
رقم الطلب: MC-10-01-8544194
التصنيف العمري: E
تم تصنيف وتحديد الفئة العمرية التي تلائم محتوى الكتب وفقا لنظام التصنيف العمري الصادر عن وزارة الثقافة والشباب.
الطبعة الأولى 2022
أوستن ماكولي للنشر م. م. ح
مدينة الشارقة للنشر
صندوق بريد [519201]
الشارقة، الإمارات العربية المتحدة
www.austinmacauley.ae
202 95 655 971+
الفصل الأول
نورة
حَلّ الشتاء على مدينة حائل مبكرًا في ذلك العام، ونزل المطر غزيرًا مما اضطَــرَّ سلمى والمرأتين اللتين تقومان على خدمتها إلى العمل المتواصل لتقوية بيتها المصنوع من الطين خوفًا من أن ينهار بسبب ماء المطر ككل بيوت المدينة بدائية البناء. كانت تقوم بخلط الطين والتبن معًا، أو تجلب سعف النخيل بعد تجريده متحاملة على نفسها، حيث كانت حاملًا في شهرها الأخير، وكان ابنها الصغير عبد الله يحوم حولها ويحاول مساعدتها في أشياء بسيطة. كان زوجها عبد الرحمن خارجًا مع قوافل التجار التي تسافر نحو العراق والأردن وفلسطين لشراء البضائع المتنوعة من التِّمَّن (الأَرُز) والذّهب وبيعها في المدينة، وهي إحدى رحلاته التي كان يغيب خلالها أشهرًا عن البيت بعد أن يُؤمِّن زوجته وعائلته بما يحتاجونه من أغراض ومُؤَن ونقود، إذ كان عبد الرحمن من كبار التجار في حائل ومن أكرم الناس وأطيبهم نفسًا، وكان خيره أولًا لأهل بيته، وقد أوصى إخوته الذين يسكنون قريبًا منه بالعناية بسلمى حتى تضع مولودها بأمان، وأخبرها إن احتاجت أيَّ شيء أن تلجأ إليهم وتطلب العون منهم.
استمرت سلمى بالعمل حتى الغروب، وقد تعالت أصوات أدعية الناس وتهاليلهم وتكبيراتهم وتضرعاتهم إلى الله ليحميَ بيوتهم من ماء السماء. نظرت سلمى نحو الأفق وابتهل قلبها بالدّعاء: احمنا يا الله يا أرحم الراحمين
. ثم دلفت مع صغيرها والخادمتين إلى البيت وتناولت سراج الكاز من كوة في جدار الغرفة، وملأته بالوقود وأشعلته، كان النور الشحيح كافيًا ليضيء مساحة من الرؤية في الغرفة الطينية التي بدأت حبات المطر تخترق جزءًا من سقفها. سارعت الخادمتان إلى وضع القدور وبعض الصحون أسفل الأماكن التي يدلف منها السقف، بينما قالت سلمى بنبرة تحمل الأمل: غدًا إن شاء الله نكمل إصلاح ما بقي من ثقوب
.
اعترض الصغير: تعبنا اليوم كثيرًا، فلنكمل العمل الأسبوع المقبل
.
ابتسمت سلمى تلك الابتسامة الحنون الوادعة وقالت: سيكون حتى ذلك الوقت قد سقط البيت كلّه فوق رؤوسنا لا قدّر الله
.
- حسنًا، فلنكمل العمل غدًا
، قال باستسلام.
بدأت الخادمتان طهو الطعام وتجهيزه، وضعت إحداهُنّ الأرز في قدر واللحم في آخر، وتركتهما على نار الجمر الهادئة، كان البخار المتصاعد ينفث رائحة شهية في المكان، وعندما نضج الطعام تناول الجميع العشاء وخلد الصغير إلى فراشه. قال وهو يطالع السقف:
- احكِي لي حكاية. ثم أضاف مفكِّرًا: احكي لي حكاية خَضِيْر
.
ابتسمت سلمى للطلب، وأخذت تسرد الحكاية وهي تراقب ضوء يخفت الذي بدأ يشحب شيئًا فشيئًا، رغم ما تعانيه العائلة في فصل الشتاء، إلّا أنّ له وقعًا خاصًّا في نفس سلمى التي أحبت الحكايات وكانت تحكيها لطفلها، ولا تتوقف عن سرد الحكاية إلا بعد أن يغطّ الصغير بالنوم، نفخت على السراج وأطفأته، ثم تمددت في الفراش وقد شعرت ببرودة شديدة تتسرب إلى جسدها، شدّت الغطاء المصنوع من الصوف فوق كتفيها، ولم يمضِ وقت حتى شعرت بسخونة تجتاح جسدها فرفعت عنها الغطاء. وضعت يدها على بطنها وقد شعرت بحركة تلك الحياة التي تنمو في أحشائها. ابتسمت بودّ لطفلها القادم، وبدأت تدعو وتُـهَلِّل وتُكبِّر حتى غفت عيناها.
قبيل الفجر أخرجت سلمى الأغنام من الحظيرة، وكان الناس معتادين على إخراج الأغنام وتركها تلحق وحدها بالراعي، تنضمّ معًا في سرب متناسق، وحال عودتها من المراعي تعرف كلّ مجموعة من الأغنام مكانها وتعود إليه، وإذا لم تجد أهل البيت تقف بالباب وتنتظر عودتهم.
أكملت سلمى إصلاح البيت بمساعدة الخادمتين، وقامت بما تقوم به من أعمال يومية، وفي المساء شعرت بمغص يمزق أحشاءها، قالت لابنها وهي تمسك بطنها:
- لا بد أنّه المخاض.. اذهب إلى أعمامك وأخبرهم أن يُحضِروا المضنية (الدّاية) آمنة.
ركض الصّغير نحو بيوت أعمامه، بينما ساعدت الخادمتان سلمى على الاستلقاء. كان العرق يُغرِق جسدها، والطلقات المتتالية تنحر أحشاءها، بينما هي تكتم الصرخات والألم وتعضّ على قطعة من القماش. لم يمض وقت طويل حتى جاءت المضنية آمنة ودلفت إلى الغرفة وعاينت سلمى، ثم طلبت من الخادمة أن تغلي الماء، وتجهز أقمطة بيضاء وتبقي المكان دافئًا حتى تنتهي عملية الوضع بأمان.
طلبت المضنية من سلمى:
- عليكِ أن تدفعي للأسفل.. ساعدي نفسك لتنهي الأمر بسرعة!
صرخت سلمى:
- لا أستطيع التحمل!
- هيّا تشجعي!
- لا يمكنني!
- هيّا يا بْنتي.. بقي القليل فتماسكي!
توالى صياح سلمى وتحوّل جسدها إلى كتلة من الجمر، كانت تئن من شدة الأوجاع، وتحاول أن تدفع طفلها للحياة. ومع آخر صرخاتها وأقواها خرج الطفل وبدأ بالبكاء، قطعت الدّاية الحبل السري بآلة حادة ولفّت المكان بخيط، وهي تردد: تبارك الله.. بنت مثل القمر
. ثم غسلت الطفلة ولفتها بقماط أبيض ووضعتها في حضن سلمى التي ضمتها إلى جسدها وتأملت وجهها الملائكي، ثم استرخت في فراشها ولم تعد تشعر بخلايا جسدها التي أصابها الإجهاد التّام.
نامت آمنة في بيت سلمى حتى تعينها على إرضاع الطفلة وتطمئن أن صحتها بخير، أشعلت النار ليبقى المكان دافئًا، قالت وهي تضع فروة من الصوف فوق جسد الصغيرة: برد عقرب الدسم.. يلسع مثل العقرب.. يا لطيف الطف بنا!
.. وشرعت تحضر طبق الحنيني
، نزعت النّوى من التمر، وأضافت له الحليب والماء المغلي وبدأت الخلط.. وضعت القدر على الجمر وظلت تحرك حتى الغليان، ثم أضافت السمن والـبُرَّ المطحون. قالت كأنما تحدث نفسها: ما فيه أحنّ من الحنيني.. يقوي الجسد ويرد عافيته
.
وقبل بزوغ الفجر طرق عبد الرحمن الباب الخشبي بحماسة، ثم دلف مبتهجًا بسلامة زوجته، وحمل الطفلة بين يديه وقال: سأسمّيها نورة.. تنير مثل شمس هذا الفجر
.
ابتسمت سلمى وقالت:
- نورة بنت عبد الرحمن.
- مثل أمّها في الجمال، وإن شاء الله تكون مثلها بالأدب والأخلاق.
حظيت نورة بعناية بالغة من والديها، ولم يكن والدها رجلًا عاديًّا في حائل بل تاجرًا معروفًا، وإنسانًا كريمًا وشهمًا، كان يضرب في الأرض ليعزِّز تجارته ويُوَسِّع مداها، وجبينه الأسمر كان مصبوغًا بالتعب والكدّ، في ظل أرض مرهونة لكرم الطقس الذي قد يمنح الناس موسمًا طيّبًا أو يجعلهم يتقشفون في معيشتهم، وفي صحراء بضاعتها الرمال، وتدور فيها حكايات كثيرة تُخَلِّد بطولة سكانها أو شقاءهم بين الطعوس في رمال النفوذ الكبرى التي تحركها الرياح فتبدو كبحر متلاطم الموج.
كان عبد الرحمن يخرج مع الرجال لقضاء تجارته، بينما تبقى قلوب أهله في البيوت المسقوفة بالأثل وسعف النّخل المجرّد معلقة بالرجاء بعودته سالـمًا غانمًا. وحين كان يعود تدق نواقيس قلوبهم، فتخرج سلمى ومن معها لاستقباله مع النساء الأخريات اللاتي كُنّ يخرجنَ أيضًا لاستقبال رجالهِنّ العائدين، تقف النساء على مشارف القرى وينتظرن القافلة التي تخُبّ من البعيد. كان عبد الرحمن يتقي بشماغه الشاحب من شمس الرحلة، ويرقب بعينيه اللتان تشبهان عين الصقر المدينة من بعيد، وفور اقتراب القافلة كانت نورة تركض نحوه فيضمّها بين ذراعيه بقوة، ويرفعها في الهواء، وهو يردّد: هلا بنورة الغالية
.
طلبت منه نورة مرةً أن يشتري لها الحجول
المصنوعة من الحديد التي توضع حول القدم، والتي رأت جارتها مريم تلبس مثلها، فما كان منه إلا أن أحضر لها حجولًا
مصنوعة من الذهب وهو يقول: نورة لا يليق بها إلا الذَّهب
.
لم تكدْ نورة تكمل عامها الثالث حتى حلّ مرض الطاعون وخيّم بظلاله السوداء على حائل، بدأ المرض ينتشر بين الناس، منهم من حجَر نفسه في بيته لا يخرج أبدًا، ومنهم من غادر حائل ولجأ إلى أقارب له في مدن وواحات قريبة، ومنهم من بقي يمارس حياته اليومية غير آبهٍ بالأمر. وفي خضمّ هذه الأحداث وافتقار المدينة إلى المرافق الصحية وأماكن العلاج، قرر عبد الرحمن عدم الخروج مع قوافل التجار والبقاء في المدينة للعناية بأهله، وخصوصًا أنّ سلمى بدأت تظهر عليها أعراض الإصابة بالمرض.
عادت سلمى في ذلك اليوم وهي تحمل قربة الماء بصعوبة، حيث ارتـجّت القربة عند عتبة الباب وهوت هي والقربة على الأرض. رمت إحدى الخادمات ضمّة الحطب من يديها وسارعت لسند نورة