Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

من تراب
من تراب
من تراب
Ebook256 pages2 hours

من تراب

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

يتناول الكتاب تجربة شخصية لمذكرات امرأة انبعثت من الحطام، عاشت الترقب والانتظار لغد أفضل. في ظل يوميات مشؤومة منزوعة الرائحة والطعم، إلا من الظلم و الحقرة والإحتقار والترصد لكل صغيرة و كبيرة في حياتها. وتعيش حاليا حالة من الترقب المُضني، لغد مشرق بعد أن احتل المستقبل الواجهة مرة أخرى و بعد انجلاء ظلمة الظلم

Languageالعربية
PublisherAbla Medjahdi
Release dateSep 29, 2022
ISBN9798215134917
من تراب

Related to من تراب

Related ebooks

Related categories

Reviews for من تراب

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    من تراب - Abla Medjahdi

    إهداء

    ––––––––

    إلى روح أبي الطاهرة التي ترفرف بالمحاذاة وترسل العطف ولو من بعيد...

    إلى أمي الغالية التي وهبت حياتها لنا من أجل تربيتنا ورعايتنا...

    إلى روح جدتي الحنونة التي منحتنا الحب والحنان والأمان...

    الى جدتي لأمي أهديها الحب والود اللذان غمرتنا بهما...

    إلى أولادي الغوالي الذين منحوني عطفهم وحبهم وحنانهم، أريد أن أشارككم حياتكم، أفراحكم وأحزانكم، كي أعوض الوقت الذي غبتم فيه عني...

    إلى كل من ساهم من قريب او بعيد في هذه الوريقات...

    أهدي هذا العمل.

    مقدمة

    ننتقل في حياتنا من ضعف إلى قوة ومن قوة إلى ضعف، نستكين لأوضاعنا ويستمر الوضع، أكان جيدا أم سيئا، ولكن في بعض الأحيان تملؤنا قوة دافعة من أجل تغيير الأمور، نطمح للأفضل، للرقي، للأحسن، هذا التغيير تقابله وتعترضه عوائق، وفي هذا الخضم نخوض معارك الحياة. أردت من خلال هذه الوريقات أن أعطي أمثلة حية ومُعاشة عن مثل هذه الفترات وما يشوبها من معاناة ودروس وعبر، استلهمت أفكاري من مكتبة التنمية البشرية، فقد قرأت الكثير من الكتب والمقالات حول هذه المواضيع، وأعطيت لنفسي الحق في تصنيفها وإعادة غربلتها، كما استلهمت من كتب الحكم كالقرآن والسيرة والسير، لما كان لها من الأثر الكبير والجم على فهمي واستيعابي للأمور.

    أقدم تجربتي الشخصية كنموذج، حيث أغوص بكم في متاهاتي النفسية، حيث صارعت أربعة غيلان، غول الإدارة، غول المرض، غول المحيط وغول الانكسار أو غول الإنحدار. ثم كيف انتبهت قوايا التي تناسيتها، وفقدت توازني بسبب تحامل تلك الغيلان على حياتي وانقضاضها علي كفريسة سهلة الهضم والتدمير، و في آن واحد. 

    ملخص وفكرة الكتاب تأتي من واقع معيش، فنحن معرضون للأزمات في حياتنا بمختلف شداتها، كيف تعاطيت مع أزمتي في حينها وكيف وجب أن أتعاطى مع غيرها في سائر الأيام، دروس وعبر أوجدتهما قصتي وصراعاتي، أقتبسها من حياتي في قالب سردي مليء التشعبات.

    كل اللحظات مهمة في حياتنا منها ما نستلهم منها الدروس والعبر ومنها ما يمثل لنا ذكريات جميلة وسعيدة، فيصبح بذلك ماضينا نبراسا لنا، فقد يأتي زمان علينا، فيه تكب كل ذكرياتنا فوق رؤوسنا، فنستعين بها كي نصنع منها ذخرا تعليميا وضيئا وتجارب، علينا استيعاب الحكمة منها، فقد يأتي ذلك الزمان من أجل أن نفتش عن معالم شخصيتنا، طبيعتنا، تبحث عن نفسك فتجدها في ذاكرتك، نفسك التي بين جنباتك، يمكنها أن تضيع منك، بين الناس وبين أضلعك، قد تفقد الأرضية الخصبة التي آوتك وجعلت منك إنسانا مدركا، قد تفقد وتضيع منك نفسك وتتوه في الزحام، في الضوضاء، هناك فرص لاستعادة ما فقدته. سأبحث في هذا المجال، في كيفية استئناف حياتك واسترجاع خطك وطبيعتك وأهدافك في هذه الحياة، كيف تستطيع أن تقف على رجليك من جديد بعد انتكاسة أو أزمة، كيف تعود من بعيد، كيف تسترسل في حياتك إذا جابهت عائقا ما، كيف تستعيد نشاطك وكأنك تبدأ من جديد، كيف هي الأزمة، ما هو هذا الوقت العصيب الذي من الممكن أن تمر به، كيف تجتازه، وكيف تعيشه.

    ما أسهل الكلام والتنميق فيه، ولكن الواقع صعب. ولكن سأحاول أن أصدقكم، وأنقل لكم تجربتي بكل أمانة، إن الكلام والعبارات مهما برعت في تنميقها ستعجز لامحالة في التعبير ونقل الواقع، ان القلم ليعجز عن استرجاع المشاعر والأحاسيس، فإنه يقال لا يحس بالجمرة إلا من اكتوى بها، فكذلك القلم لا يستطيع أن يصدر لك الأحاسيس والمشاعر المبعثرة والمتراكمة والمتناقضة. فكل منا له تجربته الشخصية مع المرض والهموم والنوازل.

    قل للقلم ينوب عني ويترجم فكري وعقلي، قل له يسترسل في ذكر الأشياء الجميلة التي أرسلها الله إلي، قل له يبث في حزني وألمي، ويصف ضحكتي العميقة التي تنفذ من قلبي المتخم بالجراح، قل للقلم لا يكتم عني فإنني مثل البشر، لست بخارق للسماء ولا للأرض، فأنا مجرد إنسان قد يسخر الله له أسباب الشقاء كما هو قادر على يسخر له أسباب السعادة، قل للقلم يرسم شهقاتي وأنيني حين البكاء، حين أضعف ولا أجد حيلة، قل له يبعث في الأمل ويرغبني في الحياة، فإنها أصبحت كئيبة مملوءة بالكروب، إنني إن استصرخت أصبح ذلك عديم الفائدة، وإن تكلمت عن وجعي فأنا مثل باقي البشر، لا يزيد في طول ولا عرض، أنا مثلكم.

    أبين من خلال هذه الوريقات وأصف لكم، مثالا من الأمثلة التي يمكننا مشاهدتها أو ملاقاتها، إن نظرتي هذه لا أفرضها على أحد وإنما لكل منا فهمه ونظرته ورؤيته، وفي جميع الأحوال علينا أن لا نفرض منطقا معينا وإنما علينا أن نجعل صدورنا رحبة إلى الحد المحمول والمستطاع. علينا أن نستوثق من فهم ما، نستشير من نثق به، علينا أن نوطن أنفسنا من أي رأي أو خبر. إليكم الحكاية...

    الفصل الأول

    كنا صغارا

    نعيش في بلد ترابه بكل لون، فيه الغزلان تمرح، جباله بهية، بحره ساحر يسرق المشاعر، نريد أن نستمتع فيه بكل دقيقة من حياتنا نتشارك الفرحة والبهجة، يملأ قلبنا الحبور، لا تنفذ منا البراءة، ونقتسم تعابير الود، لكن الحياة تحمل المشقة والعناء، فيود الواحد منا تجاوز ذلك، نلهو ولا يستمر ذلك، هناك نسق لهذه الحياة عجيب، نبحث عن الهدوء فنجد الضجر، نبحث عن المرح، فنجد الإزعاج، في جملة هذا الضباب تنطلق ضحكة من القلب تفرح للحظات، ثم تستتر فجأة لترى قسوة المشاعر.

    أظن أن البشر خلقوا ليزعجوا بعضهم بعضا، أو ليفرحوا بعضهم بعضا، أو ليحزنوا بعضهم بعضا، أو ليظلموا بعضهم بعضا. أين أنا من ذلك كله، أين أنت، أختار موضعي، أنا لست شيطانا، أنا إنسان.

    مع أمثالك من القلوب المزقزقة، لا تبحث عن شيء محدد سوى العبث، رغبة في الجري، هنا وهناك، المرح لا ينتهي، لا تحمل بين جنباتك أثقالا، لا تفقه شيئا حتى، أجواء الصفاء تجدها في حمام الحي، عندما يغمرك الماء، تحملق في عروس غارقة في طقوس وزينة، تفرك جدتك جسمك، لمة عائلية لا فزع ولا جزع، تلك أيام حلوة بين بساتين العنب والبرتقال والزيتون، لا تذكر أكلت أم لا، لا تقلق فطعام الجدة لا يقاوم.

    قلبك يهتز كطائر تسمعه يدق بشدة، لهفة، الحبور يملأه، فرحة بلقاء جميل، أحاسيس بريئة لا تعرف الحسد ولا الحقد، والكراهية عندما تحزن، تسيل عيناك بالدموع، ليمحوه عنك قلبك الصغير، تلعب وتلهو وتمرح، الفرحة، ثم الفضول لا يفارقك.

    كيف نستعيد الفرحة والبسمة والهناء. فلتعش لنفسك، عش لأحبائك والمقربين منك، عش لحظتك واسعد، عش هنيئا ولا تصعب الأمور على نفسك ولا على أحبائك، عندما تريد تسهيل الأمور تعلم أن لا تعقدها، ولا أن تدخل فيها الشياطين التي تزعجك، وتريد أن تجعل منك إما درويشا أو شيطانا في جسم إنسان، ابحث عن إنسانيتك وطينتك. ستجدها مرنة سهلة التشكل والتجمل والتمثل.

    يا ليت أبقى الزمان لنا صفات من الطفولة والشباب، كالسعادة والمرح، ليضفي جمالا وبهاءا على حياتنا، في عوض ماهي كئيبة وعاتمة ولا طعم ولا لون لها، إن متعة الحياة عليها أن تكون صافية وسهلة وطرية كطراوة عود الصبا، وفرحتها وبهوها وزهوها، يملأ أركان بيوتنا، في عوض الرتابة والذبول الذي يخيم عليها.

    لقد كنا في أوج نشاطنا وفرحتنا، ننعم براحة البال فننام القيلولة، نوم الملائكة، وبعد العصر نلتقي بالأطفال، كي نمرح ونلعب ونلهو في براءة متناهية الجمال والبهاء، وكنا ندرس ونستمتع بيومنا، فلا نشبع من اللهو واللعب ما دمنا صغارا، لا يقلقنا شيء ولا يشوب تفكيرنا كدر ولا ضجر، كان الجميع يعيش في تحاب وألفة بشكل جماعي، الضحكة، الابتسامة تعلوان كل محيا، المزاح والطرفة في كل جانب ومكان. في هذا الوقت تمر الأوقات بطيئة وثقيلة، في حين كانت تمر سريعة وخفيفة، كما الأرواح خفيفة الظل.

    وكان أكثر شيء مبهج يسعدني هو الأفراح والأعراس، فقد كنت أذهب إليها مع العائلة وخاصة جدتي الني كانت تصطحبني في كل خرجة لها. أما في القرية فقد كان الأطفال يجتمعون في دار العرس ويجمعهم الكبار خارج المنزل ويضعون حراسة مشددة على دار العرس وإلا كانت فوضى عارمة. وحين يجتمع الأطفال يلعبون ويلهون ويدخلون ويخرجون ويمرحون ويعطون نكهة خاصة لذلك العرس تملؤ المكان فرحة وزهوا وجمالا. أول ما يمكنني الحديث عنه هو حادثة كان لها وقع كبير على نشأتي وتكويني وهي سقوطي في صغري من كومة تبن أدت إلى تمزيق فمي ومن ثم تخييطه، لقد أسقطني الأطفال الذين كنت ألعب معهم وعمري أنذاك ثلاث سنوات. وكانت أول صدمة لي أدت إلى تأخري عن النطق والكلام ومن ثم التعبير بطلاقة مما يختلج في صدري أو الحديث بصفة طبيعية كأقراني فأنا أتذكر أن طول حياتي كل ما يدور في رأسي يبقى مكبوتا داخله. وهذه الحادثة هي السبب الأكبر لعدم مقدرتي على الكلام والتعبير الشفهي بسهولة حيث أنني لا أستطيع مجاراة الآخرين في كلامهم وتعابيرهم حيث يخونني لساني في البوح بما أريد قوله في كل مرة، ويتلعثم لساني عند كل حديث، وألجأ في كثير من الأحيان إلى مداراة ما يجول في خاطري من مشاعر وأحاسيس وذلك رغما عني.

    فأصبحت ميالة للتفكير والتأمل أكثر من أي شيء آخر، يمكن أن يكون لذلك أثر إيجابي ولكن الأثر السلبي الأخر أنه أصبحت عقدة في لساني، لا تترك لي مجالا لمشاركة الآخرين أحاديثهم وانطباعاتهم العادية والمغامراتية، وصنعت لنفسي عالما ذاتيا منفصلا في كثير من الأحيان عن واقعي، كان ملاذي الآمن الذي أختبئ فيه وأنطوي وأرحل بمخيلتي وبأفكاري عن أي شيء منغص أو مكدر لصفو حياتي، فليست لدي سلاسة في الحديث والانطلاقة في الكلام الشفهي خاصة. فتلك الصدمة جاءت وتصادفت مع وقت الكلام، وأخذ الجرح جزءا كبيرا من الوقت كي يبرأ، وبذلك فقد تأخرت بشوط كبير في الكلام، وهذا ما جعلني أحمل في قلبي غصة عندما لا أجد الجواب والكلام الشافي. وكنت كثيرة العجب والإعجاب بأولئك الذين يقصون قصصهم بكل سلاسة وبكل عفوية وأحاول مجاراتهم لكن دون جدوى. فقد قطع لساني في المهد، كانت تلك صدمة أفقدتني القدرة على الحديث وجعلتني أتأخر عن الكلام وأجد صعوبة فيه. لم تكن لدي القدرة على الكلام إلى غاية خمس سنوات. ولا أتذكر ظروف تلك الحادثة ولم يبق لي منها سوى صورتين الاولى لعبي مع الأطفال على كومة التبن ثم إسقاطي والصورة الثانية هي وأنا ملقاة بين يدي والدي والدماء تسيل من فمي في المدينة قبل الوصول إلى المستشفى.

    وتأتي حادثة أخرى وهي مرضي بمرض الحصبة، حيث أدى بي المرض إلى توقفي عن النطق وشلل مؤقت. ما أدى بالطبيب إلى لوم أبي عن التأخر في جلبي للإسعاف وبعد العلاج تماثلت للشفاء. وفي أثناء مرضي جلب لي أبي تلفازا ملونا، وقد ظل أبي يعتبرني صغيرته المدللة. كان دائم التجوال بنا. كنا نرافقه دائما في تبضعه في جولاته إلى البحر والى المدينة وحتى في أعماله. رحمك الله يا أبي بما أفرحتنا في صغرنا وكبرنا. لقد كان له الأثر الأكبر في عيشنا حياة هنيئة. الفرحة تسكن دارنا واللهو واللعب لا يفارقنا، غمرنا بعطفه وحنانه ونشأنا بين أحضانه نسافر معه ونتمتع بصحبته وقد كانت له مهابة في نفسي، فلقد كان بمجرد أن ينهاني عن أمر ما، يظل ذلك النهي عالقا ببالي فلا أعارضه، فكلامه كان بمثابة القانون الذي أمشي عليه، وكلام أمي كذلك، فقد كنت مطيعة لهما في كل صغيرة وكبيرة، ولا أمشي خطوة إلا بمشورتهما، وقد كانت أمي تضربني إذا خالفت عن قوانينها التي وضعتها لنا.

    وقد كنا صغارا نلهو ونلعب ولا نمل من ذلك. كان لدي أصدقاء أينما ذهبت، كنت سهلة المعشر محبة وودودة مع أقراني ومع الكبار، فقد كنت أحترم الكبير قبل الصغير وأحنو على الصغير. وأعتبر كبار السن كوالدي. وقد كان لجدتي أثر كبير على حياتي فعطفها وحنانها

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1