..اثنتا عشرة حياة: محاكاة الإنسان والجمال فينا

By يوسف البعيني

يضع هذا الكتاب أمام القارئ ما يشبه خارطة طريقٍ لحياةٍ متوازنةٍ له، لعلّه يتعرّف بواسطتها إلى بداية سيره نحو الهناء والسّكينة والتّصالح مع الذّات أكثر! فنحن مهما اختلفت ثقافاتنا ومواقعنا الاجتماعيّة والمهنيّة، ومَن كان منّا مرتاحًا وسعيدًا في حياته، ومَن أصبح القلق أو الملل رفيقه الدّائم، كلّنا بحاجةٍ أكثر إلى فهم حقيقة وأسباب وجودنا في هذه الحياة، وإلى التّفتيش الدّائم عن روح السّعادة الحقيقيّة فيها. لذلك، فالكتاب يحاكي كلّ شخصٍ مهما كانت ظروفه، لينير أمامه طريق الأمل الدّائم، ويساعده على زرع الطّمأنينة في قلبه والثّقة بنفسه، ودفعه إلى تحقيق أهدافه برؤيةٍ أوضح. كما أنّه يذيقه الجمال ويصحبه إلى مواقعه، ويذيقه سحر الطّبيعة والحبّ وأسرار الصّفاء. الكتاب يدلّ القارىء إلى قدراته وكيفيّة جعلها في خدمة تطوّره ونجاحه وتميّزه. كما يساعده على تجديد حياته بشكلٍ دائم، بإضافة مواصفاتٍ جديدةٍ على شخصيّته لتقويتها، وعلى زيادة النّضوج في تفكيره، وعلى تبديل سلوكه مع ذاته ومع الآخرين إلى الأكثر إيجابيّة، وعلى تبلور فهمه الحقيقي للحياة.

• Language: العربية
• Publisher: Austin Macauley Publishers
• Release date: Sep 30, 2022
• ISBN: 9789948044680

Book preview

اثنتا عشرة حياة..

محاكاة الإنسان والجمال فينا

يوسف البعيني

Austin Macauley Publishers

اثنتا عشرة حياة..

يوسف البعيني

الإهداء

حقوق النشر©

شكر وتقدير

هذا الكتاب

هذه الحياة

قبل الولادة

التَّجديد الأوَّل في حياتنا

كلُّ يومٍ في حياتنا هو بدايةٌ لها

إعادة تكوين الذَّات

مكامن القوَّة والضَّعف

اصطياد البسمة

حياةٌ هانئةٌ كالطَّبيعة

الأحاسيس الرَّقيقة حياةٌ متجدِّدةٌ

التَّجديد الثَّاني في حياتنا

كلُّ لحظةٍ في حياتنا جاهزةٌ لاستقبال الضَّوء

الرُّؤيا الأكثر وضوحًا

حالات مَرَضيَّة

تحصين الذَّات

حياةٌ مشعَّةٌ كالشَّمس

الشَّغف حياةٌ متجدِّدةٌ

التَّجديد الثَّالث في حياتنا

كلُّ آهٍ في حياتنا هيللإعجاب لا للوجع والتشكِّي

لا مكان للنَّدم

مفاعيل التَّفكير الإيجابي

دور الإيمان

حياةٌ ناشطةٌ كالشِّتاء

المرأة حياةٌ متجدِّدةٌ

التَّجديد الرَّابع في حياتنا

كلُّ تردُّدٍ في حياتنا يزيدنا ضعفًا وفشلًا

التَّجارب والمعرفة

التعلُّم مِن أيّ شيء

العمل والعمل والعمل

حياةٌ ثابتةٌ كالأشجار

الاستقرار العاطفي حياةٌ متجدِّدةٌ

التَّجديد الخامس في حياتنا

كلُّ غربةٍ عن حياتنا تُميتنا كلَّ لحظة

المحبَّة توءم الحياة المُريحة

للإنسان المميَّز عنوان

القاتل الصَّامت

الارتقاء أسلوب حياة

حياةٌ أنيسةٌ كالفراشة والنَّحلة

لغة العيون حياةٌ متجدِّدةٌ

التَّجديد السَّادس في حياتنا

كلُّ أنا في حياتنا تحرمنا الرَّاحة والابتسامة

العطاء في حياتنا

هُم بشرٌ أيضًا

حياة معطاء كالصَّباح والرَّبيع

الحُبُّ حياةٌ متجدِّدةٌ

التَّجديد السَّابع في حياتنا

كلُّ خطوةٍ في حياتنا ترسم درب العُمر للآخَرين

استسهال الأمور تدميرٌ للشخصيَّة

التَّفتيش عن الطُّفولة والتَّربية البيتيَّة

تحمُّل المسؤوليَّة جوهر التَّربية

زرع الثِّقة في نفوس أطفالنا

أولادكم ليسوا لكم

حياةٌ متفتِّحةٌ كالأزهار والورد

الأُمومة حياةٌ متجدِّدةٌ

التَّجديد الثَّامن في حياتنا

كلُّ شعورٍ بالنَّقص في حياتنا يُنقصمِن آمالنا فيها

الحرب الأخطر داخل النَّفس

هذا بشريٌّ وذاك بشريٌّ

حياةٌ متميِّزةٌ كالغروب

العشق حياةٌ متجدِّدةٌ

التَّجديد التَّاسع في حياتنا

كلُّ تفكيرٍ ناضجٍ في حياتنا يزيدنا رقيًّا ومكانة

ميزان العاطفة

قيمة الإنسان بمبادئه

تزويد النَّفس بما يليق بها

حياةٌ متحرِّرةٌ كالعصافير

توءمةُ القلب واللِّسان حياةٌ متجدِّدةٌ

التَّجديد العاشر في حياتنا

كلُّ وقفةٍ مع الحقِّ في حياتنا تنتشلنا مِن غريزتنا

شجاعةُ موقف

الانسجام مع قناعاتنا

حياةٌ مُبهِرةٌ كالنَّباتات البريَّة والفاكهة

الشَّوق حياةٌ متجدِّدةٌ

التَّجديد الحادي عشر في حياتنا

كلُّ احتفاظٍ بأوهام وآلام الماضي في حياتنا

يُبقينا خارج المستقبل

وهمُ الأمجاد

طريق العُقَد

حَمَلة شهاداتٍ لا أكثر

حياةٌ مُحبَّبةٌ كالقمر واللَّيل

الحنين حياةٌ متجدِّدةٌ

التَّجديد الثَّاني عشر في حياتنا

كلُّ فرحٍ في حياتنا يُلحِقنا بأعمارنا الرَّاكضة أمامنا

اقتناصُ لحظات

صناعة الفرح

حياةٌ مُبتهِجةٌ كالصَّيف

الابتسامة الدَّائمة حياةٌ متجدِّدةٌ

قبل الانطلاق إلى التَّجديد الثَّالث عشر في حياتنا

يوسف البعيني

عندما قرَّر يوسف البعيني تأليف هذا الكتاب – وهو الذي يعيش حياةً بسيطةً هانئة، ولا يفارقه التَّفكير الإيجابي – أراد أن يضع تجربته ومشاهداته في الحياة أمام الذين أصبحوا أسرى القلق والرَّكض وراء وَهْمِ السَّعادة، وابتعدوا عن الإنسان والجمال في دواخلهم وحولهم وعن حقيقة وجودهم، آملًا أن يساهم في زرع الأمل فيهم، وإعادة التَّوازن إلى حياتهم.

هو كاتبٌ وروائيٌّ، عمِلَ في قطاعي التَّربية والإعلام، ومرَّ كباقي النَّاس بأحداثٍ كثيرةٍ في حياته، لكن ما الذي علَّمته هذه الحياة؛ كي يعيشها ببساطة وتوازن وإيجابيَّة وهناءة، وتجعله قريبًا من الإنسان والجمال في داخله وحوله؟

هذا ما سنتعرَّف إليه في هذا الكتاب؛ خارطة الطَّريق نحو السَّعادة الحقيقيَّة.

Author

لبناني الجنسيَّة مِن مواليد العام 1957.

عضو اتِّحاد الكُتَّاب اللبنانيِّين.

حاصل على إجازة (بكالوريوس) في علم الاجتماع – كليَّة العلوم الاجتماعيّة - الجامعة اللبنانيَّة - 2002، وعلى إجازة في الصّحافة – كليَّة الإعلام والتَّوثيق - الجامعة اللبنانيَّة - 1988.

مؤلَّفاته:

الأغصان الهشَّة، رواية، الدَّار التقدميَّة، لبنان، 2006.

خيمة صداقة، قصَّة للنَّاشئة، سكول برس، لبنان، 2006.

سلسلة: الحارس أوزون،الغيمة الرماديَّة، الشَّاطئ الرَّملي، والعصفور التَّائه. قصص للأطفال (ما فوق تسع سنوات) ذات طابع بيئي، دار مكتبة المعارف - ناشرون، لبنان، 2011.

القرية الضَّاحكة: 41 قصَّة للأطفال (ما فوق تسع سنوات) في جزأين، دار مكتبة المعارف - ناشرون، لبنان، 2013.

الغرفة السفليَّة، رواية، دار النَّهار للنَّشر، لبنان، 2014.

حقل بلا طيور، قصَّة للنَّاشئة مِن ضمن سلسلة قراءاتي المفيدة، سكول برس، لبنان، 2014.

كاي، رواية في الخيال العلمي، دار مكتبة المعارف - ناشرون، لبنان، 2014.

المليون الأوَّل، متحف النُّقود، أعجبني الثَّوب، لوحة المزاد أربع قِصص في كتابين ضمن سلسلة رحلة في عالم الاقتصاد لليافعين، دار نيولاين للطِّباعة والنَّشر، لبنان، 2015.

فرعون 9.0، رواية في الخيال العلمي، دار روايات مِن مجموعة كلمات، الإمارات العربيَّة المتَّحدة، 2015.

أحلام تحقَّقَت، قصَّة لليافعين، دار مكتبة المعارف – ناشرون، لبنان، 2016.

أمير النَّظافة، قصَّة للنَّاشئة مِن ضمن سلسلة قراءاتي المفيدة، سكول برس، لبنان، 2019.

الإهداء

إلى مَن نَسوا أنَّ الضَّوء يأتي حتمًا بعد الظَّلام، ونسُوا أنَّ أجمل الأوقات هي تلك التي يفكِّرون فيها بأوقاتٍ جميلةٍ تنتظرهم.

إلى مَن يتمنَّون أن يعوِّدوا عيونهم على رؤية الجمال فقط، وأن يغمضوها عن كلِّ شيءٍ غير جميل.

إلى مَن ينشدون حياةً هادئةً سعيدة أينما وكيفما وُجِدوا على هذه الأرض.

حقوق النشر©

يوسف البعيني 2022

يمتلك يوسف البعيني الحق كمؤلف لهذا العمل، وفقًا للقانون الاتحادي رقم (7) لدولة الإمارات العربية المتحدة، لسنة 2002 م، في شأن حقوق المؤلف والحقوق المجاورة.

جميع الحقوق محفوظة

لا يحق إعادة إنتاج أي جزء من هذا الكتاب، أو تخزينه، أو نقله، أو نسخه بأي وسيلة ممكنة؛ سواء كانت إلكترونية، أو ميكانيكية، أو نسخة تصويرية، أو تسجيلية، أو غير ذلك دون الحصول على إذن مسبق من الناشرين.

أي شخص يرتكب أي فعل غير مصرح به في سياق المذكور أعلاه، قد يكون عرضة للمقاضاة القانونية والمطالبات المدنية بالتعويض عن الأضرار.

الرقم الدولي الموحد للكتاب 9789948044673 (غلاف ورقي)

الرقم الدولي الموحد للكتاب 9789948044680 (كتاب إلكتروني)

رقم الطلب: MC-10-01-3773868

التصنيف العمري: E

تم تصنيف وتحديد الفئة العمرية التي تلائم محتوى الكتب وفقًا لنظام التصنيف العمري الصادر عن وزارة الثقافة والشباب.

الطبعة الأولى 2022

أوستن ماكولي للنشر م. م. ح

مدينة الشارقة للنشر

صندوق بريد [519201]

الشارقة، الإمارات العربية المتحدة

www.austinmacauley.ae

202 95 655 971+

شكر وتقدير

لكلِّ شخصٍ التقيتُ به أو تعرَّفتُ إليه في مسيرة عُمري، في أيِّ موقعٍ أو عُمرٍ أو مكانٍ كان، لأنَّني تعلَّمتُ منه أمرًا أفادني في حياتي، مهما كان حجم أو صفة هذا الأمر.

لابني وصديقي (رواد) الذي علَّمني أُمورًا لا يُمكن تعلُّمها بسهولة في الحياة، منذ أن كان طفلًا، فهو علَّمني المعنى الحقيقي للعائلة، والمفهوم المنطقي للتَّربية، وأثبتَ لي أكثر أنَّ الإنسان في أيِّ عُمرٍ كان، قادرٌ على تجاوز العقبات، إذا صمَّمَ على تجاوزها، وجعلَ أمله بغدٍ أفضل عنوانًا دائمًا له.

هذا الكتاب

يرسم الحروف بريشة الأمل الدَّائم بغدٍ أفضل، وبألوان النُّصوص الأدبيَّة المتذوِّقة للجمال.

يدلُّ القارئ إلى أبسط الأشياء مِن حوله التي لا يشعر بأنَّها تُسعده، ويضع أمامه دروسًا لا يستطيع تعلُّمها أينما كان.

يحاول أن يعكس في نفس القارئ صورة الإنسان الحقيقيَّة بعيدًا عن ضجيج الحياة، ويذكِّره بالطَّبيعة وطبيعته التي تشبهها، وبقيمته ومكامن قوَّته.

هو كتابٌ يشبه الوردة التي تحتاج إلى الارتواء مِن شغف القارئ؛ كي لا يذبل ورد حياته.

هذه الحياة

تجرحنا ولا تعتذر، تشيح وجهها عنَّا ولا تكترث، تريدنا أن نعشقها جميعنا، وهي تعشق مَن تريد منَّا، تفرض شروطها القاسية علينا، فتتعبنا وترهقنا وتذيقنا كلَّ ألوان الدُّموع والألم والأصوات المخنوقة، وقد ترفض أيَّ طلبٍ نطلبه منها، وعندما يتراءى لأحدنا أنَّها ستهجره يصيبه الجنون، ويتذكَّر إغراءَها وابتسامتها السَّاحرة السَّاخرة، وذلك الغرور الذي يتدفَّق مِن وجهها، وهي تهمس إليه قائلة: أنا حبيبتك شئتَ أم أبيتَ، ولا يستطيع إلَّا أن يتذكَّر أيضًا ذلك الدَّلال الذي تمارسه على الهواء الذي يتنشَّقه وهي تردِّد على مسمعه: لا تنسَ أنَّ اسمي الحياة.

هي الحياة التي يجب أن نحبَّها مهما قسَت علينا، وأحسسنا بأنَّها تظلمنا أحيانًا كثيرة.

هي الحياة التي يجب أن نتمسَّك بها حتَّى الرَّمق الأخير، ونسعى كي نسعد معها.

هي الحياة التي لا تفتح قلبها لنا بسهولة، ولكن إذا عرفنا كيف نأسره تفتح لنا أبواب الفرح والهناء.

يكفي ألَّا نتعلَّق بها مِن دون أمل، وألَّا نعيشها مِن دون هدف؛ كي نأسرَ قلبها وتحبَّنا كما نحبُّها.

أيَّتها الحياة، يا حبيبتنا.. شئنا أم أبَينا، لن نسمح لكِ بأن تصدمينا أو تُوقِفينا أو تحطِّمينا أو تظلمينا، سنردُّ على لكماتك المؤذية بالمزيد مِن تصميمنا على السَّير إلى الأمام نحو قلبك.

سنردُّ على عبوس وجهك بابتساماتٍ دائمة على وجوهنا مفعمةٍ بالأمل، سنُثبت لكِ كما عرفتِنا دائمًا أنَّنا جديرون بكِ وبحبِّكِ أيَّتها الحلوة اللَّئيمة.. أيَّتها الحياة.

*****

قبل الولادة

خلال رحلة العمر، وبغضِّ النَّظر عمَّا قد يصل إليه الإنسان ويحقِّقه فيها على مختلف الأصعدة، فإنَّنا جميعنا نمرُّ بمتغيِّراتٍ متعدِّدةٍ تطال مفهومنا للحياة، ومواصفات شخصيَّاتنا، ونضوج تفكيرنا، ونمط سلوكنا مع ذواتنا ومع غيرنا، هي متغيِّراتٌ تجعلنا نتبنَّى نهجًا خاصًّا بنا للاستمرار في هذه الحياة.

البعض خلال هذه الرِّحلة يتعلَّم الكثير لتطوير ذاته وحياته، والبعض الآخَر لا يتعلَّم إلَّا القليل، وفي الحالتين تبقى العِبرة فيما نتعلَّمه.

يجهد الجميع في هذه الحياة لتحقيق الكثير فيها؛ الوصول إلى منصب، الشُّهرة، الثَّروة، العِلم، الإبداع، العائلة، وغيرها، ولكن يبقى السُّؤال الأهمُّ: هل نحقِّق أو حقَّقنا السَّعادة في رحلة العمر؟

كثيرون لا يشعرون بأنَّهم سعداء في حياتهم لأسبابٍ متعدِّدة، وآخرون يعتبرون أنفسهم سعداء لأنَّهم مرتاحون في معيشتهم ومع عائلاتهم، ويحقِّقون أحلامهم وأهدافهم، إلى ما هنالك، ولا شكَّ بأنَّ شعور المرء بالسَّعادة نتيجة نجاحٍ ما أو تحقيق هدف أو غيره هو أمر جيِّد، ولكن هل هذا الشُّعور يرافقه دائمًا؟ أم أنَّه مؤقَّت فقط؟ هل عندما يشعر إنسانٌ ما مثلًا بأنَّه ينال مِن السَّعادة الشَّيء الوفير وهو يركض لاهثًا وراء مالٍ أو منصبٍ أو شهرةٍ أو مظاهر، وتصبح هذه الطَّريقة نهجًا في حياته لتحقيق هدفه أو طموحه، يكون قد نال روح السَّعادة الحقيقيَّة؟ أم أنَّه يعيش وهم السَّعادة؟

نحن على اختلاف ثقافاتنا ومواقعنا الاجتماعيَّة والمهنيَّة، ومَن هو مرتاح منَّا في حياته، أو مَن أصبح القلق أو الملل رفيقه الدَّائم، ومَن منَّا يشعر بالسَّعادة دائمًا أو أحيانًا، كلُّنا بحاجة أكثر إلى فهم حقيقة وأسباب وجودنا في هذه الحياة، وإلى التَّفتيش الدَّائم عن روح السَّعادة الحقيقيَّة.

نحن في زمنٍ عنوانه الضَّجيج والضَّغط، ومعظمنا ارتضاهما باقتناع أو مرغمًا، ضجيجٌ في مناطق سكننا، ضجيجٌ على الطُّرقات وفي الأماكن العامَّة، ضجيجٌ في أحاديثنا وتطلُّعاتنا ونمط حياتنا، ضغط الوقت، ضغط متطلّبات المعيشة... إلخ، فمعظمنا بات تحت تأثير القلق والاضطراب، وقلَّةٌ منَّا اختارت البساطة والهدوء والسَّكينة في حياتها والتي تشكِّل أساسيَّات روح السَّعادة الحقيقيَّة.

قد يسأل سائل: كيف للإنسان أن يختار البساطة والهدوء والسَّكينة في هذا الزَّمن الذي يسابقنا وفي هذه الحياة التي كثرَت متطلّباتها؟! هل ينعزل عن النَّاس ليحقِّق ذلك؟!

ليس بالضَّرورة أن نعزل أنفسنا عن الآخرين كي نشعر بروح السَّعادة الحقيقيَّة فينا، ولعلَّ هذا الكتاب يجيب عن السُّؤالَين، فما كُتِبَ فيه ليس نظريَّات علميَّة أو فلسفيَّة تساعد على تغيير سلوك النَّاس ونظرتهم إلى الحياة، أو وضع قواعد جديدة لها، ولا دعوة إلى التصوُّف أو التزهُّد، لكنَّ الكثيرين ممَّن لديهم الرَّغبة في تحصين حياتهم أكثر، أو أولئك الرَّاغبين في إعادة التَّوازن إليها، قد يجدون في هذا الكتاب مفتاحًا مِن مفاتيح هذا التَّحصين، وإعادة هذا التَّوازن.

ما ستقرؤونه في الصَّفحات التَّالية هو نتاج تجربةٍ خاصَّةٍ مضافة إلى تجارب آخرين، وما قد يتعلَّم منها الإنسان، وهو بمثابة رغيف الخبز المعجون بطحين الإحساس والعقل والقلب والرُّوح، وبخميرة أحداثٍ، ونجاحٍ وفشلٍ، وضحكاتٍ ودموعٍ، وإنجازاتٍ وإخفاقاتٍ وإحباطٍ، وعلاقاتٍ عاطفيَّةٍ، وتعلُّمٍ وعملٍ، وغيرها الكثير الكثير مِن الأمور التي تواكب الحياة.

ستطَّلعون مِن خلال ما ستقرؤونه على ما يشبه خارطة طريق لحياةٍ متوازنةٍ إلى حدٍّ معقول، فربَّما تتعرَّفون بواسطتها إلى بداية السَّير نحو الهناء والسَّكينة والتَّصالح مع الذَّات أكثر، واكتشاف روح السَّعادة الحقيقيّة.

ليس بالسُّهولة على أيٍّ منَّا أن يبدِّل ما فيه بيومٍ أو اثنين؛ بل نحن بحاجةٍ إلى بعض الوقت كي نعتاد على نمطٍ مختلفٍ في تفكيرنا ونهجنا في الحياة، فهذا بالنِّسبة إلينا يشكِّل ولادةً جديدةً لا يمكننا التَّأقلم معها ببساطة إلَّا إذا وُجِدَ القرار والإرادة، وعلى هذا الأساس فإنَّ عنوان الكتاب اثنتا عشرة حياة هو عنوانٌ رمزيٌّ مستمَدٌّ مِن واقع وجود اثنَي عشر شهرًا في كلِّ عام مِن أعمارنا، للإشارة مِن خلاله إلى قدرتنا على عيش اثنتَي عشرة حياةً مختلفة في العام الواحد، أي التَّجديد في حياتنا كلَّ شهرٍ على الأقلِّ، وبذلك يمكننا أن نعيش باقي أعوامنا على هذا النَّمط أيضًا للسَّير نحو الأفضل.

وينطلق هذا التَّجديد الشَّهري – إن صحَّ التَّعبير – في حياتنا مِن ضرورة التطوُّر الدَّائم في الإنسان كلَّما تقدَّم قليلًا في العمر، وهذا يكون مِن خلال إضافة مواصفاتٍ جديدة على شخصيَّته تساعده على تطويرها وتقويتها، وزيادة النُّضوج في تفكيره، والتبدُّل الإيجابي الواضح في سلوكه مع ذاته ومع الآخرين، وبلورة فهمه الحقيقي للحياة.

وعليه.. وانطلاقًا مِن رمزيَّة عنوانه، تمَّ تقسيم مضمون الكتاب إلى اثنَي عشر بابًا، حمل كلُّ واحدٍ منها عنوان التَّجديد، ونجد وراء كلِّ باب ثلاث نوافذ تُفتَح على أمورٍ بسيطة تحيط بنا في كلِّ يوم مِن أيَّام حياتنا، فتجعلنا إذا أخذنا أقلَّه بقسمٍ منها، نشعر بالتجدُّد الدَّائم فيها، وبالعيش اثنتَي عشرة حياة في العام الواحد؛ لأنَّه لن تكون حياتنا حينها رتيبة، ولا سطحيَّة، ولا مُحاطة بالعُقَد، ولا غارقة في القلق والتردُّد والضَّعف؛ بل متطوِّرة