Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

المجموع شرح المهذب
المجموع شرح المهذب
المجموع شرح المهذب
Ebook1,183 pages5 hours

المجموع شرح المهذب

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

شرح الإمام النووي المتن أولا بتبيين اللغات، ثم شرح الأحاديث الواردة مع بيان درجتها من حيث الصحةُ والضعفُ، ثم أتبعه بذكر المسائل الفقهية، وذِكْر الراجح منها عند الشافعية من وجوه وأقوال، ثم ترجم للصحابة والعلماء المذكورين في كلام الشيرازي
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateNov 6, 1901
ISBN9786411757115
المجموع شرح المهذب

Read more from النووي

Related to المجموع شرح المهذب

Related ebooks

Related categories

Reviews for المجموع شرح المهذب

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    المجموع شرح المهذب - النووي

    الغلاف

    المجموع شرح المهذب

    الجزء 6

    النووي

    676

    شرح الإمام النووي المتن أولا بتبيين اللغات، ثم شرح الأحاديث الواردة مع بيان درجتها من حيث الصحةُ والضعفُ، ثم أتبعه بذكر المسائل الفقهية، وذِكْر الراجح منها عند الشافعية من وجوه وأقوال، ثم ترجم للصحابة والعلماء المذكورين في كلام الشيرازي

    مَسَائِلَ مُهِمَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِصَلَاةِ اللَّيْلِ

    (إحْدَاهَا) يُسَنُّ لِكُلِّ مَنْ اسْتَيْقَظَ فِي اللَّيْلِ أَنْ يَمْسَحَ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ وَأَنْ يَتَسَوَّكَ وَأَنْ يَنْظُرَ فِي السَّمَاءِ وَأَنْ يَقْرَأَ الْآيَاتِ الَّتِي فِي آخِرِ آلِ عِمْرَانَ إِنَّ فِي خَلْقِ السموات والارض الْآيَاتِ ثَبَتَ كُلُّ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الثَّانِيَةُ) السُّنَّةُ أَنْ يَفْتَتِحَ صَلَاةَ اللَّيْلِ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ يُصَلِّيَ بَعْدَهُمَا كَيْفَ شَاءَ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ لِيُصَلِّيَ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إذا قال أَحَدُكُمْ مِنْ اللَّيْلِ فَلْيَفْتَتِحْ صَلَاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (الثَّالِثَةُ) السُّنَّةُ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَسَنُوَضِّحُهُ قَرِيبًا بِدَلَائِلِهِ وَفُرُوعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (الرَّابِعَةُ) تَطْوِيلُ الْقِيَامِ عِنْدَنَا أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِ السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ وَغَيْرِهِمَا وَأَفْضَلُ مِنْ تَكْثِيرِ الرَّكَعَاتِ وَقَدْ سَبَقَتْ الْمَسْأَلَةُ بِدَلَائِلِهَا وَمَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِيهَا فِي أَوَّلِ بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ (الْخَامِسَةُ) هَلْ يُسْتَحَبُّ الْجَهْرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ أَمْ الْإِسْرَارُ أَمْ التَّوَسُّطُ بَيْنَهُمَا فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ سَبَقَتْ بِدَلَائِلِهَا فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَذَكَرْتُ هُنَاكَ جُمْلَةً مِنْ

    الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَهَذَا الْخِلَافُ فِيمَنْ لَا يتاذى؟ ؟؟ أَحَدٌ وَلَا يُخَافُ بِهِ رِيَاءٌ وَنَحْوُهُ فَإِنْ اخْتَلَّ أَحَدُ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ أَسَرَّ بِلَا خِلَافٍ وَالسُّنَّةُ تَرْتِيلُ قِرَاءَتِهِ وَتَدَبُّرُهَا وَلَا بَأْسَ بِتَرْدِيدِ الْآيَةِ لِلتَّدَبُّرِ وَإِنْ طَالَ تَرْدِيدُهَا (السَّادِسَةُ) إذَا نَعَسَ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتْرُكْهَا وَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ لِحَدِيثِ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ وَهُوَ نَاعِسٌ لعله يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ اللَّيْلِ فَاسْتَعْجَمَ الْقُرْآنُ عَلَى لِسَانِهِ فَلَمْ يَدْرِ مَا يَقُولُ فَلْيَضْطَجِعْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ وَحَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ سَارِيَتَيْنِ فَقَالَ ما هذا قالو الزينب تُصَلِّي فَإِذَا كَسِلَتْ أَوْ فَتَرَتْ أَمْسَكَتْ بِهِ فَقَالَ حُلُّوهُ لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ فَإِذَا كَسِلَ أَوْ فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِهَذَا الْمَعْنَى مَشْهُورَةٌ (السَّابِعَةُ) يُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ إذَا اسْتَيْقَظَ لِصَلَاةِ اللَّيْلِ أَنْ يُوقِظَ لَهَا امْرَأَتَهُ وَيُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ إذَا اسْتَيْقَظَتْ لَهَا أَنْ تُوقِظَ زَوْجَهَا لَهَا وَيُسْتَحَبُّ لِغَيْرِهِمَا أَيْضًا لِحَدِيثِ أم سلمة رضي اله عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَيْقَظَ لَيْلَةً فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنْ الْفِتْنَةِ مَاذَا أُنْزِلَ مِنْ الْخَزَائِنِ: مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجُرَاتِ يَا رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَّةٍ فِي الْآخِرَةِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ لَيْلَةً فَقَالَ أَلَا تُصَلِّيَانِ قَالَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّه فَإِذَا شَاءَ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا فَانْصَرَفَ حِينَ قُلْتُ ذَلِكَ ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُوَلٍّ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَهُوَ يَقُولُ وكان الانسان أكثر شئ جدلا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ جَمِيعًا قَالَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَيْقَظَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ مِنْ اللَّيْلِ فَصَلَّيَا أَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا كُتِبَ مِنْ الذَّاكِرِينَ وَالذَّاكِرَاتِ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ (الثَّامِنَةُ) يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَرَادَ قِيَامَ اللَّيْلِ أَنْ لَا يَعْتَادَ مِنْهُ إلَّا قَدْرًا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ بِقَرَائِنِ حَالِهِ أَنَّهُ يُمْكِنُهُ الدَّوَامُ عَلَيْهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ وَيُكْرَهُ بَعْدَ

    ذَلِكَ تَرْكُهُ وَالنَّقْصُ مِنْهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَدَلَائِلُ هَذَا كُلِّهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ مَشْهُورَةٌ مِنْهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذُوا مِنْ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ فَوَاَللَّهِ لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَمَعْنَاهُ لَا يُعَامِلُكُمْ مُعَامَلَةَ الْمَالِّ وَيَقْطَعُ عَنْكُمْ الثَّوَابَ حَتَّى تَمَلُّوا وَعَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ تَعَالَى قَالَ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَعَنْهَا قَالَتْ كَانَ عَمَلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِيمَةً رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَعَنْهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا عمل عملا انتبه وَكَانَ إذَا نَامَ مِنْ اللَّيْلِ أَوْ مَرِضَ صَلَّى مِنْ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً قَالَتْ وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ لَيْلَةً حَتَّى الصَّبَاحِ وَمَا صَامَ شَهْرًا مُتَتَابِعًا إلَّا رَمَضَانَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَبْدَ اللَّهِ لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَعَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَنْ أَبِيهِ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ قَالَ سَالِمٌ فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ ذَلِكَ لاينام من الليل إلا قليلا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ نَامَ حَتَّى أَصْبَحَ قَالَ ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ أَوْ قَالَ فِي أُذُنِهِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالْأَحَادِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِمَعْنَى مَا ذَكَرْتُهُ كَثِيرَةٌ (التَّاسِعَةُ) يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ نَوْمِهِ قِيَامَ اللَّيْلِ نِيَّةً جَازِمَةً لِيَحُوزَ مَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَتَى فِرَاشَهُ وَهُوَ يَنْوِي أَنْ يَقُومَ فَيُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ حَتَّى يُصْبِحَ كُتِبَ لَهُ مَا نَوَى وَكَانَ نَوْمُهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ (الْعَاشِرَةُ) يُسْتَحَبُّ اسْتِحْبَابًا مُتَأَكَّدًا أَنْ يُكْثِرَ مِنْ الدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ فِي سَاعَاتِ اللَّيْلِ كُلِّهَا وَآكَدُهُ النِّصْفُ الْآخِرُ وَأَفْضَلُهُ عِنْدَ الْأَسْحَارِ قَالَ الله تعالي (والمستغفرين بالاسحار) وقال تعالي (وبالاسحار هم يستغفرون) وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً لَا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

    أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كل ليلة حين يبقى من ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُو فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ وَشَبَهِهِ مِنْ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ وَآيَاتِهَا مَذْهَبَانِ مَشْهُورَانِ أَحَدُهُمَا تَأْوِيلُهُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِصِفَاتِ اللَّهِ سبحانه وتعالي وتنزيهه من الِانْتِقَالِ وَسَائِرِ صِفَاتِ الْمُحْدَثِ وَهَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ عن الْمُتَكَلِّمِينَ وَالثَّانِي الْإِمْسَاكُ عَنْ تَأْوِيلِهَا مَعَ اعْتِقَادِ تَنْزِيهِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ عَنْ صِفَاتِ الْمُحْدَثِ لِقَوْلِهِ تعالي ليس كمثله شئ وَهَذَا مَذْهَبُ السَّلَفِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ وَحَاصِلُهُ أَنْ يُقَالَ لَا نَعْلَمُ الْمُرَادَ بِهَذَا وَلَكِنْ نُؤْمِنُ بِهِ مَعَ اعْتِقَادِنَا أَنَّ ظَاهِرَهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَلَهُ مَعْنًى يَلِيقُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

    * (فَرْعٌ)

    الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ أَنَّ الْوِتْرَ يُسَمَّى تَهَجُّدًا وَفِيهِ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى تَهَجُّدًا بَلْ الْوِتْرُ غَيْرُ التَّهَجُّدِ

    * (فَرْعٌ)

    عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كتب مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ

    * (فَرْعٌ)

    عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اسْتَعِينُوا بِطَعَامِ السَّحَرِ عَلَى صِيَامِ النَّهَارِ وَبِالْقَيْلُولَةِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ " الْقَيْلُولَةُ فِي اللُّغَةِ النَّوْمُ نِصْفَ النَّهَارِ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ أَحَادِيثَ الْفَضَائِلِ يُعْمَلُ فِيهَا بِالضَّعِيفِ * قَالَ المصنف رحمه الله

    * (وَأَفْضَلُ التَّطَوُّعِ بِالنَّهَارِ مَا كَانَ فِي الْبَيْتِ لِمَا رَوَى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَفْضَلُ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ ) .* (الشَّرْحُ) حَدِيثُ زَيْدٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَرِوَايَةُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ ضَحَّاكِ بْنِ زيد الانصاري النجاى بِالنُّونِ وَالْجِيمِ كُنْيَتُهُ أَبُو سَعِيدٍ وَقِيلَ أَبُو خَارِجَةَ وَقِيلَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَكَانَ يَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ كَاتِبًا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ فِعْلُ مَا لَا تُسَنُّ لَهُ الْجَمَاعَةُ مِنْ التَّطَوُّعِ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ تَطَوُّعُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَسَوَاءٌ الرَّوَاتِبُ مَعَ الْفَرَائِضِ وَغَيْرِهَا وَعَجِيبٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ فِي تَخْصِيصِهِ بِتَطَوُّعِ النَّهَارِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَفِعْلُ التَّطَوُّعِ فِي الْبَيْتِ

    أَفْضَلُ كَمَا قَالَهُ فِي التَّنْبِيهِ وَكَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَسَائِرُ الْعُلَمَاءِ وَدَلِيلُهُ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ مَعَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ قَدَّمْتُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِدَلَائِلِهَا مِنْ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَفُرُوعَهَا وَكَلَامَ الْأَصْحَابِ فِيهَا فِي أَوَاخِرِ بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَمِنْ الْأَحَادِيثِ الْمُهِمَّةِ الَّتِي سَبَقَ هُنَاكَ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَثَلُ الْبَيْتِ الَّذِي يُذْكَرُ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ وَالْبَيْتِ الَّذِي لَا يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ مَثَلُ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ

    *

    * قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ الله (وَالسُّنَّةُ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا رَأَيْتَ أَنَّ الصُّبْحَ تُدْرِكُكَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ وَإِنْ جَمَعَ رَكَعَاتٍ بِتَسْلِيمَةٍ جَازَ لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلى ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَيُوتِرُ مِنْ ذَلِكَ بِخَمْسٍ يَجْلِسُ فِي الْآخِرَةِ وَيُسَلِّمُ وَأَنَّهُ أَوْتَرَ بِسَبْعٍ وبخمس لا يفصل بينهن بسلام وَإِنْ تَطَوَّعَ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ جَازَ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَرَّ بِالْمَسْجِدِ فَصَلَّى رَكْعَةً فَتَبِعَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّمَا صَلَّيْتَ رَكْعَةً فَقَالَ إنَّمَا هِيَ تَطَوُّعٌ فَمَنْ شَاءَ زَادَ وَمَنْ شَاءَ نَقَصَ ) (الشَّرْحُ) حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَلَفْظُهُ عِنْدَهُمَا صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأَوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ وَفِي رِوَايَةٍ فَإِذَا خفت وفى رواية أبي داود صلاة اليل وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى وَإِسْنَادُهُمَا صَحِيحٌ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ الْإِمَامِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَقَالَ هِيَ صَحِيحَةٌ وَلَوْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الرِّوَايَتَيْنِ كَانَ أَحْسَنَ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ صَحِيحٌ بَعْضُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَبَعْضُهُ فِي أَحَدِهِمَا بِمَعْنَاهُ فَفِي رِوَايَةٍ عَنْهَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً يُوتِرُ مِنْ ذَلِكَ بِخَمْسٍ لَا يجلس في شئ إلَّا فِي آخِرِهَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَةٍ كَانَ يُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لَا يَجْلِسُ فِيهَا إلَّا فِي الثَّامِنَةِ ثُمَّ يَنْهَضُ وَلَا يُسَلِّمُ فَيُصَلِّي التَّاسِعَةَ ثُمَّ يُسَلِّمُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَمَّا الْأَثَرُ الْمَذْكُورُ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رواه الشَّافِعِيُّ ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادَيْنِ ضَعِيفَيْنِ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ التَّطَوُّعَ يُسَنُّ كَوْنُهُ رَكْعَتَيْنِ وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ بَلْ مَنْ شَاءَ اسْتَوْفَى الْمَسْنُونَ وَمَنْ شَاءَ زَادَ عَلَيْهِ فَزَادَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ بِتَسْلِيمَةٍ

    وَمَنْ شَاءَ نَقَصَ مِنْهُ فَاقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَةٍ

    * اما حكم المسألة فقال اصحابنا التطوع الَّذِي لَا سَبَبَ لَهُ وَلَا حَصْرَ لَهُ وَلَا لِعَدَدِ رَكَعَاتِ الْوَاحِدَةِ مِنْهُ وَلَهُ أَنْ يَنْوِيَ عَدَدًا وَلَهُ أَنْ لَا يَنْوِيَهُ بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى نِيَّةِ الصَّلَاةِ فَإِذَا شَرَعَ فِي تَطَوُّعٍ وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا فَلَهُ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ رَكْعَةٍ وَلَهُ أَنْ يَزِيدَ فَيَجْعَلَهَا رَكْعَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ عَشْرًا أَوْ مِائَةً أَوْ أَلْفًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَلَوْ صَلَّى عَدَدًا لَا يَعْلَمُهُ ثُمَّ سَلَّمَ صَحَّ بِلَا خِلَافٍ اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْإِمْلَاءِ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ اباذر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَلَّى عَدَدًا كَثِيرًا فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ لَهُ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ هَلْ تَدْرِي انْصَرَفْتَ عَلَى شَفْعٍ أَمْ على وِتْرٍ قَالَ إلَّا أَكُنْ أَدْرِي فَإِنَّ اللَّهَ يَدْرِي إنِّي سَمِعْتُ خَلِيلِي أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ثُمَّ بَكَى ثُمَّ قَالَ إنِّي سَمِعْتُ خَلِيلِي أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَا مِنْ عَبْدٍ يسجد لله سجدة الا رفع اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً " وَرَوَاهُ الدَّارِمِيُّ فِي مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إلَّا رَجُلًا اخْتَلَفُوا فِي عَدَالَتِهِ وَحَكَى صَاحِبُ التَّتِمَّةِ وَجْهَيْنِ فِيمَنْ نَوَى التَّطَوُّعَ مُطْلَقًا يُكْرَهُ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى رَكْعَةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَوْ نذر صلاة هو يَكْفِيهِ رَكْعَةٌ أَمْ يَجِبُ رَكْعَتَانِ وَفِيهِ الْقَوْلَانِ الْمَشْهُورَانِ وَهَذَا الْوَجْهُ ضَعِيفٌ جِدًّا أَوْ غَلَطٌ وَأَمَّا إذَا نَوَى رَكْعَةً وَاحِدَةً وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا فَتَصِحُّ صَلَاتُهُ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ نَوَى عَدَدًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَإِنْ بَلَغَتْ كَثْرَتُهُ مَا بَلَغَتْ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَيَسْتَوْفِيهِ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ أَكْثَرُ الْمَنْقُولِ فِي الْوِتْرِ وَهَذَا الْوَجْهُ شَاذٌّ ضَعِيفٌ وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ جَوَازُ الزِّيَادَةِ مَا شَاءَ قَالَ أَصْحَابُنَا ثُمَّ إذَا نَوَى عَدَدًا فَلَهُ أَنْ يَزِيدَ وَلَهُ أَنْ يَنْقُصَ فَمَنْ أَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ أَوْ رَكْعَةٍ فَلَهُ جَعْلُهَا عَشْرًا وَمِائَةً وَمَنْ أَحْرَمَ بِعَشْرٍ أَوْ مِائَةٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ فَلَهُ جَعْلُهَا رَكْعَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا وَإِنَّمَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ بِشَرْطِ تَغْيِيرِ النِّيَّةِ قَبْلَ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ فَإِنْ زَادَ أَوْ نَقَصَ بِلَا تَغْيِيرِ النِّيَّةِ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِلَا خِلَافٍ مِثَالُهُ نَوَى رَكْعَتَيْنِ فَقَامَ إلَى ثَالِثَةٍ بِنِيَّةِ الزِّيَادَةِ جَازَ وَإِنْ قَامَ بِلَا نِيَّةٍ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ قَامَ نَاسِيًا لَمْ تَبْطُلْ لَكِنْ يَعُودُ إلَى الْقُعُودِ وَيَتَشَهَّدُ وَيَسْجُدُ للسهو فلو بداله فِي الْقِيَامِ وَأَرَادَ أَنْ يَزِيدَ فَهَلْ يُشْتَرَطُ الْعَوْدُ إلَى الْقُعُودِ ثُمَّ يَقُومُ مِنْهُ أَمْ لَهُ الْمُضِيُّ فِيهِ وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ (أَصَحُّهُمَا) الِاشْتِرَاطُ لِأَنَّ الْقِيَامَ إلَى الثَّالِثَةِ شَرْطٌ وَلَمْ يَقَعْ مُعْتَدًّا بِهِ ثُمَّ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ وَلَوْ نَوَى رَكْعَتَيْنِ فَصَلَّى أَرْبَعًا سَاهِيًا

    ثُمَّ نَوَى إكْمَالَ صَلَاتِهِ أَرْبَعًا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ آخرتين ولا يحسب ما سهي بِهِ وَلَوْ نَوَى أَرْبَعًا ثُمَّ نَوَى الِاقْتِصَارَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ جَازَ وَسَلَّمَ مِنْهُمَا فَلَوْ سَلَّمَ قبل تغيير النِّيَّةِ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ سَلَّمَ سَهْوًا أَتَمَّ أَرْبَعًا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ فَلَوْ أَرَادَ بَعْدَ سَلَامِهِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ جَازَ فَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَيُسَلِّمُ ثَانِيًا لِأَنَّ سَلَامَهُ الْأَوَّلَ وَقَعَ سَهْوًا فَهُوَ غَيْرُ مَحْسُوبٍ ثُمَّ إنْ تَطَوَّعَ بركعة فلابد مِنْ التَّشَهُّدِ عَقِبَهَا وَيَجْلِسُ مُتَوَرِّكًا كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ فِي بَابِهِ وَإِنْ زَادَ عَلَى رَكْعَةٍ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى تَشَهُّدٍ وَاحِدٍ فِي آخر صلاته وهذا التشهد ركن لابد مِنْهُ وَلَهُ أَنْ يَتَشَهَّدَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ كَمَا فِي الْفَرَائِضِ الرُّبَاعِيَّةِ فَإِنْ كَانَ الْعَدَدُ وترا فلابد من التشهد في الآخرة أيضا هذا إذَا كَانَتْ صَلَاتُهُ أَرْبَعًا فَإِنْ كَانَتْ سِتًّا أَوْ عَشْرًا أَوْ عِشْرِينَ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ شَفْعًا كَانَتْ أَوْ وِتْرًا فَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ (الصَّحِيحُ) الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَآخَرُونَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَشَهَّدَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ كَثُرَتْ التَّشَهُّدَاتُ وَيَتَشَهَّدُ فِي الْآخِرَةِ وَلَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى تَشَهُّدٍ فِي الْآخِرَةِ وَلَهُ أَنْ يَتَشَهَّدَ فِي كُلِّ أَرْبَعٍ أَوْ ثَلَاثٍ أَوْ سِتٍّ وَغَيْرُ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَشَهَّدَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لِأَنَّهُ اخْتِرَاعُ صُورَةٍ فِي الصَّلَاةِ لَا عَهْدَ بِهَا

    (وَالثَّانِي) لَا يَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى تَشَهُّدَيْنِ بِحَالٍ مِنْ الصَّلَاةِ الْوَاحِدَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ التَّشَهُّدَيْنِ أَكْثَرُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ إنْ كَانَ الْعَدَدُ شَفْعًا فَإِنْ كَانَ وِتْرًا لَمْ يَجُزْ بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ رَكْعَةٍ وَبِهَذَا الْوَجْهِ قَطَعَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَصَاحِبَا التَّتِمَّةِ وَالتَّهْذِيبِ وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ قَوِيٌّ وَظَاهِرُ السُّنَّةِ يَقْتَضِيهِ (وَالثَّالِثُ) أَنَّهُ لَا يَجْلِسُ إلَّا فِي الْآخِرَةِ حَكَاهُ صَاحِبَا الْإِبَانَةِ وَالْبَيَانِ وَهُوَ غَلَطٌ (وَالرَّابِعُ) يَجُوزُ التَّشَهُّدُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَفِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَاخْتَارَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ أَوْ بَاطِلٌ قَالَ الرَّافِعِيُّ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا غَيْرُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ قَالَ وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الِاقْتِصَارِ عَلَى تَشَهُّدٍ فِي آخِر الصَّلَاةِ قَالَ وَالْمَذْهَبُ جَوَازُ التَّشَهُّدِ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ قَالَ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى تَشَهُّدٍ قَرَأَ السُّورَةَ فِي كُلِّ الرَّكَعَاتِ وَإِنْ صَلَّى بِتَشَهُّدَيْنِ فَفِي اسْتِحْبَابِ قِرَاءَةِ السُّورَةِ فِيمَا بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ الْقَوْلَانِ الْمَعْرُوفَانِ فِي الْفَرَائِضِ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي فَصْلِ الْقِرَاءَةِ مِنْ بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فِي نَوَافِلِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَقَدْ تَكَرَّرَ بَيَانُ هَذَا فِي مَوَاضِعَ سَبَقَتْ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ

    * (فَرْعٌ)

    فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَنَا أَنْ يَجْمَعَ رَكَعَاتٍ كَثِيرَةً مِنْ النَّوَافِلِ

    الْمُطْلَقَةِ بِتَسْلِيمَةٍ وَأَنَّ الْأَفْضَلَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَدَاوُد وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَحُكِيَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ التَّسْلِيمُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعٍ فِي صَلَاةِ النَّهَارِ سَوَاءٌ فِي الْفَضِيلَةِ وَلَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ وَصَلَاةُ اللَّيْلِ رَكْعَتَانِ وَأَرْبَعٌ وَسِتٌّ وَثَمَانٍ بِتَسْلِيمَةٍ وَلَا يَزِيدُ عَلَى ثَمَانٍ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يصلى بالنهار أربعا واختاره اسحاق

    *

    * قال المصنف رحمه الله

    * (ويستحب لمن دخل المسجد أن يصلي ركعتين تحية المسجد لِمَا رَوَى أَبُو قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فليصل سجدتين من قبل أن يجلس فان دخل وقد حضرت الجماعة لم يصل التحية لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فلا صلاة الا المكتوبة ولانه يحصل به التحية كما يحصل حق الدخول الي الحرم بحجة الفرض)

    * (الشَّرْحُ) حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ صَحِيحٌ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ مِنْ طُرُقٍ مِنْهَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إذا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَالْمُرَادُ بِالسَّجْدَتَيْنِ فِي رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ رَكْعَتَانِ وَقَدْ تَكَرَّرَتْ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَأَمَّا حَدِيثُ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ فَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

    * أَمَّا حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ فَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَجْلِسَ مِنْ غَيْرِ تَحِيَّةٍ بِلَا عُذْرٍ لِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ الْمُصَرِّحِ بِالنَّهْيِ وَسَوَاءٌ عِنْدَنَا دَخَلَ فِي وَقْتِ النَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ أَمْ فِي غَيْرِهِ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ بِدَلِيلِهِ فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ أَصْحَابُنَا وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ رَكْعَتَانِ لِلْحَدِيثِ فَإِنْ صَلَّى أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ جَازَ وَكَانَتْ كُلُّهَا تَحِيَّةً لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ وَلَوْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ أَوْ سَجَدَ لِتِلَاوَةٍ أَوْ شُكْرٍ أَوْ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً لَمْ تَحْصُلْ التَّحِيَّةُ لِصَرِيحِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ وَجْهًا أَنَّهَا تَحْصُلُ لِحُصُولِ عِبَادَةٍ وَإِكْرَامِ الْمَسْجِدِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ وَإِذَا جَلَسَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ كَانَ مُرْتَكِبًا لِلنَّهْيِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَنْوِيَ بِالرَّكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ بَلْ إذَا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بِنِيَّةِ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا أَوْ نَوَى رَكْعَتَيْنِ نَافِلَةً رَاتِبَةً أَوْ غَيْرَ رَاتِبَةٍ أَوْ صَلَاةَ فَرِيضَةٍ مُؤَدَّاةٍ أَوْ مَقْضِيَّةٍ أَوْ مَنْذُورَةٍ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ وَحَصَلَ لَهُ مَا نَوَى وَحَصَلَتْ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ ضِمْنًا وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا قَالَ أَصْحَابُنَا وَكَذَا

    لَوْ نَوَى الْفَرِيضَةَ وَتَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ أَوْ الرَّاتِبَةَ وَتَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ حَصَلَا جَمِيعًا بِلَا خِلَافٍ وَأَمَّا قَوْلُ الرَّافِعِيِّ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَطَّرِدَ فِيهِ الْخِلَافُ فيمن نوى بِغُسْلِهِ الْجَنَابَةَ هَلْ تَحْصُلُ الْجُمُعَةُ وَقَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي عَمْرِو بْنِ الصَّلَاحِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَطَّرِدَ فِيهَا الْخِلَافُ فِيمَنْ نَوَى بِغُسْلِهِ الْجَنَابَةَ وَالْجُمُعَةَ فَلَيْسَ كَمَا قَالَا وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِنَا هَذَا الَّذِي ذَكَرَاهُ بَلْ كُلُّهُمْ مُصَرِّحُونَ بِحُصُولِ الصَّلَاةِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَحُصُولِ التَّحِيَّةِ فِيهِمَا وَبِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَيُفَارِقُ مَسْأَلَةَ غُسْلِ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ مَقْصُودَةٌ وَأَمَّا التَّحِيَّةُ فَالْمُرَادُ بِهَا أَنْ لَا يَنْتَهِكَ الْمَسْجِدَ بِالْجُلُوسِ بِغَيْرِ صَلَاةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

    * (فَرْعٌ)

    لَوْ تَكَرَّرَ دُخُولُهُ فِي الْمَسْجِدِ فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ مِرَارًا قَالَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ تُسْتَحَبُّ التَّحِيَّةُ لِكُلِّ مَرَّةٍ وَقَالَ الْمَحَامِلِيُّ فِي اللُّبَابِ أَرْجُو أَنْ تُجْزِيَهُ التَّحِيَّةُ مَرَّةً وَاحِدَةً وَالْأَوَّلُ أَقْوَى وَأَقْرَبُ إلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ (فَرْعٌ)

    قَالَ أَصْحَابُنَا تُكْرَهُ التَّحِيَّةُ فِي حَالَتَيْنِ (إحْدَاهُمَا) إذَا دَخَلَ وَالْإِمَامُ فِي الْمَكْتُوبَةِ أَوْ وَقَدْ شَرَعَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ (الثَّانِي) إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ فَلَا يَشْتَغِلُ بِهَا عَنْ الطَّوَافِ وَأَمَّا إذَا دَخَلَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ غَيْرَهُ فَلَا يَجْلِسُ حَتَّى يُصَلِّيَ التَّحِيَّةَ وَيُخَفِّفَهَا وَسَنُوَضِّحُهَا بِدَلَائِلِهَا حَيْثُ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

    * (فَرْعٌ)

    لَوْ جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ التَّحِيَّةِ وَطَالَ الْفَصْلُ فَاتَتْ وَلَا يُشْرَعُ قَضَاؤُهَا بِالِاتِّفَاقِ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ فَإِنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ فَاَلَّذِي قَالَهُ الْأَصْحَابُ إنَّهَا تَفُوتُ بِالْجُلُوسِ فَلَا يَفْعَلُهَا بَعْدَهُ وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ فِي مَسْأَلَةِ الْإِحْرَامِ لِدُخُولِ الْحَرَمِ وَقَاسُوا عَلَيْهَا أَنَّ مَنْ دَخَلَهُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ لَا يَقْضِيهِ بَلْ فَاتَهُ بِمُجَرَّدِ الدُّخُولِ كَمَا تَفُوتُ التَّحِيَّةُ بِالْجُلُوسِ وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَبُو الْفَضْلِ ابن عَبْدَانَ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي كِتَابِهِ الْمُصَنَّفِ فِي الْعِبَادَاتِ أَنَّهُ لَوْ نَسِيَ التَّحِيَّةَ وَجَلَسَ ثُمَّ ذَكَرَهَا بَعْدَ سَاعَةٍ صَلَّاهَا وَهَذَا غَرِيبٌ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ جَاءَ سُلَيْكٌ الْغَطَفَانِيُّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَعَدَ سُلَيْكٌ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَكَعْتَ رَكْعَتَيْنِ قَالَ لَا قَالَ قُمْ فَارْكَعْهُمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِهَذَا اللَّفْظِ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا بِمَعْنَاهُ فَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ

    هَذَا الْحَدِيثُ أَنَّهُ إذَا تَرَكَ التَّحِيَّةَ جَهْلًا بِهَا أَوْ سَهْوًا يُشْرَعُ لَهُ فِعْلُهَا مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدَانَ وَيُحْمَلُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ عَلَى مَا إذَا طَالَ الْفَصْلُ لِئَلَّا يُصَادِمَ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ وَهَذَا الَّذِي اخْتَارَهُ مُتَعَيَّنٌ لِمَا فِيهِ مِنْ مُوَافَقَةِ الْحَدِيثِ وَالْجَمْعِ بَيْنَ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَابْنِ عَبْدَانَ وَالْحَدِيثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

    *

    (فَصْلٌ)

    فِي

    مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِبَابِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ

    (إحْدَاهَا) يُسْتَحَبُّ رَكْعَتَانِ عَقِبَ الْوُضُوءِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِيهَا وَقَدْ أَوْضَحْتُ الْمَسْأَلَةَ بِدَلَائِلِهَا في آخر الباب صِفَةِ الْوُضُوءِ وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ أُرِيدَ قَتْلُهُ بِقِصَاصٍ أَوْ فِي حَدٍّ أَوْ غَيْرِهِمَا أَنْ يُصَلِّيَ قُبَيْلَهُ إنْ أَمْكَنَهُ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ حبيب ابن عَدِيٍّ الصَّحَابِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ أَخْرَجَهُ الْكُفَّارُ لِيَقْتُلُوهُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال دعوني أصلى رَكْعَتَيْنِ فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْقَتْلِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ (الثَّانِيَةُ) مِنْ السُّنَنِ رَكْعَتَا الْإِحْرَامِ وَكَذَا رَكْعَتَا الطَّوَافِ إذَا قُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّهُمَا لَا يَجِبَانِ (الثَّالِثَةُ) السُّنَّةُ لِمَنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ أَوَّلَ قُدُومِهِ لِحَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَرَكَعَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ رَوَاهُ البخاري ومسلم وَاحْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ فِي الْمَسْأَلَةِ (الرَّابِعَةُ) صَلَاةُ الاستخارة سنة وهى أن من أراد مِنْ الْأُمُورِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بِنِيَّةِ صَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ ثم دعى بِمَا سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ لِحَدِيثِ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ يقول اذاهم أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الغيوب الله إنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ - فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي - أَوْ قَالَ في عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ - فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ ارْضِنِي بِهِ وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي مَوَاضِعَ مِنْ صَحِيحِهِ

    وَفِي بَعْضِهَا ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى بعد الفاتحة قل يا ايها الكافرون وَفِي الثَّانِيَةِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثُمَّ يَنْهَضُ بَعْدَ الِاسْتِخَارَةِ لِمَا يَنْشَرِحُ لَهُ صَدْرُهُ (الْخَامِسَةُ) قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَصَاحِبَا التَّهْذِيبِ وَالتَّتِمَّةِ وَالرُّويَانِيُّ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْجَنَائِزِ مِنْ كِتَابِهِ الْبَحْرِ يُسْتَحَبُّ صَلَاةُ التَّسْبِيحِ لِلْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِيهَا وَفِي هَذَا الِاسْتِحْبَابِ نَظَرٌ لِأَنَّ حَدِيثَهَا ضَعِيفٌ وَفِيهَا تَغْيِيرٌ لِنَظْمِ الصَّلَاةِ الْمَعْرُوفِ فَيَنْبَغِي أَلَا يُفْعَلَ بِغَيْرِ حَدِيثٍ وَلَيْسَ حَدِيثُهَا بِثَابِتٍ وَهُوَ مَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَا عَبَّاسُ يَا عَمَّاهُ أَلَا أُعْطِيكَ أَلَا أَمْنَحُكَ أَلَا أَحْبُوكَ أَلَا أَفْعَلُ بِك عَشْرَ خِصَالٍ إذَا أَنْتَ فَعَلْتَ ذَلِكَ غَفَرَ اللَّهُ لَك ذَنْبَكَ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ قَدِيمَهُ وَحَدِيثَهُ خَطَأَهُ وَعَمْدَهُ صَغِيرَهُ وَكَبِيرَهُ سِرَّهُ وَعَلَانِيَتَهُ أَنْ تُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ تَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي أَوَّلِ رَكْعَةٍ وَأَنْتَ قَائِمٌ قُلْت سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا الله والله أكبر خمس عشر مَرَّةً ثُمَّ تَرْكَعُ وَتَقُولُهَا وَأَنْتَ رَاكِعٌ عَشْرًا أو ترفع رَأْسَكَ مِنْ الرُّكُوعِ فَتَقُولُهَا عَشْرًا ثُمَّ تَهْوِي سَاجِدًا فَتَقُولُهَا وَأَنْتَ سَاجِدٌ عَشْرًا ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ مِنْ السُّجُودِ فَتَقُولُهَا عَشْرًا ثُمَّ تَسْجُدُ فَتَقُولُهَا عَشْرًا ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ فَتَقُولُهَا عَشْرًا فَذَلِكَ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ تَفْعَلُ ذَلِكَ فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ إنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تُصَلِّيَهَا كُلَّ يَوْمٍ فَافْعَلْ فَإِنْ لَمْ تَفْعَل فَفِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّةً فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَفِي كُلِّ عُمُرِكَ مَرَّةً رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَغَيْرُهُمْ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي رَافِعٍ بِمَعْنَاهُ قال التِّرْمِذِيُّ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ التَّسْبِيحِ غَيْرُ حَدِيثٍ قَالَ ولا يصح منه كبير شئ قال وقد رأى ابن المبارك غير وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ صَلَاةَ التَّسْبِيحِ وَذَكَرُوا لفضل فيه وكذا قَالَ الْعُقَيْلِيُّ لَيْسَ فِي صَلَاةِ التَّسْبِيحِ حَدِيثٌ يَثْبُتُ وَكَذَا ذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ وآخرون أنه ليس فيها حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَلَا حَسَنٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (السَّادِسَةُ) في صلاة الحاجة عن ابن أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَوْ أَحَدٍ مِنْ بَنِي آدَمَ فَلْيَتَوَضَّأْ فَلْيُحْسِنْ الْوُضُوءَ ثُمَّ ليصل ركعتين ثم ليثنى عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صل اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

    ثُمَّ لِيَقُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الْحَلِيمُ الْكَرِيمُ سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إثْمٍ لَا تَدَعْ لِي ذَنْبًا إلَّا غَفَرْتَهُ وَلَا هَمًّا إلَّا فرجته ولا حاجة هي لك رضاء إلَّا قَضَيْتَهَا يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَضَعَّفَهُ (السَّابِعَةُ) يُكْرَهُ تَخْصِيصُ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ بِصَلَاةٍ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لا تَخْتَصُّوا لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ (الثَّامِنَةُ) قَدْ سَبَقَ أَنَّ النَّوَافِلَ لَا تُشْرَعُ الْجَمَاعَةُ فِيهَا إلَّا فِي الْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَكَذَا التَّرَاوِيحُ وَالْوِتْرُ بَعْدَهَا إذَا قُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّ الْجَمَاعَةَ فِيهَا أَفْضَلُ وَأَمَّا بَاقِي النَّوَافِلِ كَالسُّنَنِ الرَّاتِبَةِ مَعَ الْفَرَائِضِ وَالضُّحَى وَالنَّوَافِلِ الْمُطْلَقَةِ فَلَا تُشْرَعُ فِيهَا الْجَمَاعَةُ أَيْ لَا تُسْتَحَبُّ لَكِنْ لَوْ صَلَّاهَا جَمَاعَةً جَازَ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ مَكْرُوهٌ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مُخْتَصَرَيْ الْبُوَيْطِيِّ وَالرَّبِيعِ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْجَمَاعَةِ فِي النَّافِلَةِ وَدَلِيلُ جَوَازِهَا جَمَاعَةُ أَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ فِي الصَّحِيحِ مِنْهَا حديث عتبان ابن مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم جاءه في بيته بعد ما اشْتَدَّ النَّهَارُ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّيَ مِنْ بَيْتِكَ فَأَشَرْتُ إلَى الْمَكَانِ الَّذِي أُحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ فَقَامَ وَصَفَّنَا خَلْفَهُ ثُمَّ سَلَّمَ وَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَثَبَتَتْ الْجَمَاعَةُ فِي النَّافِلَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأَحَادِيثُهُمْ كُلُّهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ إلَّا حَدِيثَ حُذَيْفَةَ فَفِي مُسْلِمٍ فَقَطْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (التَّاسِعَةُ) يَنْبَغِي لِكُلِّ أَحَدٍ الْمُحَافَظَةُ عَلَى النَّوَافِلِ وَالْإِكْثَارِ مِنْهَا عَلَى حَسَبِ مَا سَبَقَ بَيَانُهُ فِي الْبَابِ وقد سبقت دلائله ومن أَهَمِّهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خاب وخسر فان انتقص من فريضته شيئا قَالَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اُذْكُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَتُكَمَّلَ بِهِ مَا انْتَقَصَ مِنْ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَآخَرُونَ قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَكَذَا ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ رِوَايَةِ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ بِمَعْنَاهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ

    (الْعَاشِرَةُ) الصَّلَاةُ الْمَعْرُوفَةُ بصلاة الرغائب وهي ثنتى عَشْرَةَ رَكْعَةً تُصَلَّى بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ لَيْلَةَ أَوَّلِ جُمُعَةٍ فِي رَجَبٍ وَصَلَاةُ لَيْلَةِ نِصْفِ شَعْبَانَ مِائَةُ رَكْعَةٍ وَهَاتَانِ الصَّلَاتَانِ بِدْعَتَانِ وَمُنْكَرَانِ قَبِيحَتَانِ وَلَا يُغْتَرُّ بِذَكَرِهِمَا فِي كِتَابِ قُوتِ الْقُلُوبِ وَإِحْيَاءِ عُلُومِ الدِّينِ وَلَا بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِيهِمَا فَإِنَّ كُلَّ ذَلِكَ بَاطِلٌ وَلَا يُغْتَرُّ بِبَعْضِ مَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ حُكْمُهُمَا مِنْ الْأَئِمَّةِ فَصَنَّفَ وَرَقَاتٍ فِي اسْتِحْبَابِهِمَا فَإِنَّهُ غَالِطٌ فِي ذَلِكَ وَقَدْ صَنَّفَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عبد الرحمن بن اسمعيل الْمَقْدِسِيُّ كِتَابًا نَفِيسًا فِي إبْطَالِهِمَا فَأَحْسَنَ فِيهِ وَأَجَادَ رَحِمَهُ اللَّهُ

    * (فَرْعٌ)

    فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي كَيْفِيَّةِ رَكَعَاتِ التَّطَوُّعِ: قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مذهبنا أنه يجوز في النفل المطلق الْمُطْلَقِ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ رَكْعَةٍ وَرَكْعَتَيْنِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ رَكَعَاتٍ كَثِيرَةٍ سَوَاءٌ كَانَ بِاللَّيْلِ أَمْ بِالنَّهَارِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى رَكْعَةٍ فِي صَلَاةٍ أَبَدًا قَالَ وَيَجُوزُ نَوَافِلُ النَّهَارِ رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعًا وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهَا وَنَوَافِلُ اللَّيْلِ رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعًا وَسِتًّا وَثَمَانِيًا وَلَا يَزِيدُ وَقَدْ سَبَقَتْ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِي فَصْلِ الْوِتْرِ الْمُصَرِّحَةُ بِدَلَائِلِ مَذْهَبِنَا

    * (فَرْعٌ)

    مَذْهَبُنَا أَنَّ الْأَفْضَلَ فِي نَفْلِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ واسحق بْنِ رَاهْوَيْهِ أَنَّ الْأَفْضَلَ فِي النَّهَارِ أَرْبَعًا: وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى وَصَلَاةُ النَّهَارِ إنْ شَاءَ أَرْبَعًا وَإِنْ شَاءَ رَكْعَتَيْنِ دَلِيلُنَا الْحَدِيثُ السَّابِقُ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى وَهُوَ صَحِيحٌ كَمَا بَيَّنَّاهُ قَرِيبًا وَقَدْ ثَبَتَ فِي كَوْنِ صَلَاةِ النَّهَارِ رَكْعَتَيْنِ مَا لَا يُحْصَى مِنْ الْأَحَادِيثِ وَهِيَ مَشْهُورَةٌ فِي الصَّحِيحِ كَحَدِيثِ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهُ وَكَذَا قَبْلَ الْعَصْرِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَحَدِيثِ رَكْعَتَيْ الضُّحَى وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَرَكْعَتَيْ الِاسْتِخَارَةِ وَرَكْعَتَيْنِ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوُضُوءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَرْفَعُهُ أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ لَا تَسْلِيمَ فِيهِنَّ يُفْتَحُ لَهُنَّ أَبْوَابُ السَّمَاءِ فَضَعِيفٌ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ وَمِمَّنْ ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَأَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ ومداره علي عبيدة ابن مُعَتِّبٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

    * (فَرْعٌ)

    مَذْهَبُنَا أَنَّهُ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ كُرِهَ أَنْ يَشْتَغِلَ بنافلة سواه تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ وَسُنَّةُ الصُّبْحِ

    وَغَيْرُهَا وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِهِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وابن سِيرِينَ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمَسْرُوقٍ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمَكْحُولٍ وَمُجَاهِدٍ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِصَلَاةِ سُنَّةِ الصُّبْحِ وَالْإِمَامُ فِي الْفَرِيضَةِ قَالَ وَقَالَ مَالِكٌ إنْ لَمْ يَخَفْ أَنْ يَفُوتَهُ الْإِمَامُ بِالرَّكْعَةِ فَلِيُصَلِّ خَارِجًا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الرَّكْعَةِ فَلْيَرْكَعْ مَعَ الْإِمَامِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَبُو حنيفة اركعها فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ مَا دُمْتَ تَتَيَقَّنُ أَنَّكَ تُدْرِكُ الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ فَإِنْ خَشِيتَ فَوْتَ الْأَخِيرَةِ فَادْخُلْ مَعَ الْإِمَامِ دَلِيلُنَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَعَنْ ابْنِ بُحَيْنَةَ أَنَّ رَسُولَ الله صلي الله عليه وسم مَرَّ بِرَجُلٍ وَقَدْ أُقِيمَتْ صَلَاةُ الصُّبْحِ فَكَلَّمَهُ بشئ لَا نَدْرِي مَا هُوَ فَلَمَّا انْصَرَفْنَا أَحَطْنَا بِهِ نَقُولُ مَا قَالَ لَك رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ: يُوشِكُ أَحَدُكُمْ أَنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ أَرْبَعًا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَهَذَا لَفْظُهُ وَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى رجل يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَقَدْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ الصُّبْحُ أَرْبَعًا وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سرخس قَالَ دَخَلَ رَجُلٌ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ ثُمَّ دَخَلَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا فُلَانُ بِأَيِّ الصَّلَاتَيْنِ اعْتَدَدْتَ بِصَلَاتِكَ وَحْدَكَ أَمْ بِصَلَاتِكَ مَعَنَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ

    * (فَرْعٌ)

    تَصِحُّ النَّوَافِلُ وَتُقْبَلُ وَإِنْ كَانَتْ الْفَرَائِضُ نَاقِصَةً لِحَدِيثَيْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَتَمِيمٍ الدَّارِيِّ السَّابِقَيْنِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ التَّاسِعَةِ وَالْعَاشِرَةِ: وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم مَثَلُ الْمُصَلِّي مَثَلُ التَّاجِرِ لَا يَخْلُصُ لَهُ رِبْحُهُ حَتَّى يَخْلُصَ رَأْسُ مَالِهِ كَذَلِكَ الْمُصَلِّي لَا تُقْبَلُ نَافِلَتُهُ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْفَرِيضَةَ فَحَدِيثٌ ضَعِيفٌ بَيَّنَ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ ضَعْفَهُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَلَوْ صَحَّ لَحُمِلَ عَلَى نَافِلَةٍ تَكُونُ صِحَّتُهَا مُتَوَقِّفَةً عَلَى صِحَّةِ الْفَرِيضَةِ كَسُنَّةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ والظهر بَعْدَهَا لِيَجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثَيْ أَبِي هُرَيْرَةَ وتميم والله أعلم

    * (

    باب سجود التلاوة

    )

    * قال المصنف رحمه الله

    * (سجود التلاوة مشروع للقارى والمستمع لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يقرأ علينا القرآن فإذا مر بسجدة كبر وسجد وسجدنا فان ترك القارى سجد المستمع لانه توجه عليهما فلا يتركه أحدهما بترك الآخر وأما من سمع القارئ وهو غير مستمع إليه فقال الشافعي لا أؤكد عليه كما أؤكد على المستمع لما روي عن عثمان وعمران ابن الحصين رضي الله عنهم

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1