فتح الباري لابن حجر
()
About this ebook
فتح الباري بشرح صحيح البخاري ألفه الحافظ ابن حجر العسقلاني وهو من كتب تفسير الحديث وأجمعها في شرح صحيح البخاري
فتح الباري بشرح صحيح البخاري ألفه الحافظ ابن حجر العسقلاني وهو من كتب تفسير الحديث وأجمعها في شرح صحيح البخاري
فتح الباري بشرح صحيح البخاري ألفه الحافظ ابن حجر العسقلاني وهو من كتب تفسير الحديث وأجمعها في شرح صحيح البخاري
فتح الباري بشرح صحيح البخاري ألفه الحافظ ابن حجر العسقلاني وهو من كتب تفسير الحديث وأجمعها في شرح صحيح البخاري
Read more from ابن حجر العسقلاني
لسان الميزان Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsنظم اللآلي بالمائة العوالي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالأمالي المطلقة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsانتقاض الاعتراض في الرد على العيني في شرح البخاري Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsنخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالإمتاع بالأربعين المتباينة السماع Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsعوالي مسلم لابن حجر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمجمع المؤسس للمعجم المفهرس Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتقريب التهذيب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsرفع الإصر عن قضاة مصر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsنزهة الألباب في الألقاب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsإتحاف المهرة لابن حجر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالإصابة في تمييز الصحابة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتهذيب التهذيب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالأحاديث العشرة العشارية الاختيارية لابن حجر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالدراية في تخريج أحاديث الهداية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsموافقة الخبر الخبر في تخريج أحاديث المختصر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsلسان الميزان ت أبي غدة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالنكت على صحيح البخاري Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتغليق التعليق Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالقول المسدد في الذب عن مسند أحمد Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsبلوغ المرام من أدلة الأحكام Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتبصير المنتبه بتحرير المشتبه Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsإطراف المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمرحمة الغيثية بالترجمة الليثية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsنزهة النظر في توضيح نخبة الفكر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsعوالي مسلم لابن حجر: أربعون حديثا منتقاة من صحيح مسلم Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالعجاب في بيان الأسباب Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related to فتح الباري لابن حجر
Related ebooks
فتح الباري لابن حجر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsجامع العلوم والحكم Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالسيرة النبوية لابن كثير Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمختصر اختلاف العلماء Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsصحيح مسلم Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتلخيص الحبير Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار وعلماء الأقطار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالبداية والنهاية ط إحياء التراث Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsنيل الأوطار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالسنن الكبرى للبيهقي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالأربعون من عوالي المجيزين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمدخل إلى كتاب الإكليل Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsعون المعبود وحاشية ابن القيم Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالرد على ابن القطان في كتابه بيان الوهم والإيهام Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالصفات للدارقطني ت الفقيهي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتنوير الحوالك شرح موطأ مالك Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحاشية السندي على سنن ابن ماجه Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsصحيح البخاري Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتغليق التعليق Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsجلاء الأفهام Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمستدرك على الصحيحين للحاكم Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتفسير ابن كثير Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsسير أعلام النبلاء ط الحديث Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsغريب الحديث لابن الجوزي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمشيخة البغدادية للأموي ت بشار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالقول المسدد في الذب عن مسند أحمد Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related categories
Reviews for فتح الباري لابن حجر
0 ratings0 reviews
Book preview
فتح الباري لابن حجر - ابن حجر العسقلاني
فتح الباري لابن حجر
الجزء 36
ابن حجر العسقلانيي
852
فتح الباري بشرح صحيح البخاري ألفه الحافظ ابن حجر العسقلاني وهو من كتب تفسير الحديث وأجمعها في شرح صحيح البخاري
(كِتَابُ التَّوْحِيدِ)
كَذَا لِلنَّسَفِيِّ وَحَمَّادِ بْنِ شَاكِرٍ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْأَكْثَرُ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ وَزَادَ الْمُسْتَمْلِي الرَّدَّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَسَقَطَتِ الْبَسْمَلَةُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَوَقع لِابْنِ بطال وبن التِّينِ كِتَابُ رَدِّ الْجَهْمِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ التَّوْحِيدَ وَضَبَطُوا التَّوْحِيدَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَظَاهِرُهُ مُعْتَرَضٌ لِأَنَّ الْجَهْمِيَّةَ وَغَيْرَهُمْ مِنَ الْمُبْتَدِعَةِ لَمْ يَرُدُّوا التَّوْحِيدَ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِهِ وَحُجَجُ الْبَابِ ظَاهِرَةٌ فِي ذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَغَيْرِهِمْ الْقَدَرِيَّةُ وَأَمَّا الْخَوَارِجُ فَتَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِمْ فِي كِتَابِ الْفِتَنِ وَكَذَا الرَّافِضَةُ تَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِمْ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ وَهَؤُلَاءِ الْفرق الْأَرْبَع هم رُؤُوس الْبِدْعَةِ وَقَدْ سَمَّى الْمُعْتَزِلَةُ أَنْفُسَهُمْ أَهْلَ الْعَدْلِ وَالتَّوْحِيدِ وَعَنَوْا بِالتَّوْحِيدِ مَا اعْتَقَدُوهُ مِنْ نَفْيِ الصِّفَاتِ الْإِلَهِيَّةِ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ إِثْبَاتَهَا يَسْتَلْزِمُ التَّشْبِيهَ وَمَنْ شَبَّهَ اللَّهَ بِخَلْقِهِ أَشْرَكَ وَهُمْ فِي النَّفْيِ مُوَافِقُونَ لِلْجَهْمِيَّةِ وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَفَسَّرُوا التَّوْحِيدَ بِنَفْيِ التَّشْبِيهِ وَالتَّعْطِيلِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْجُنَيْدُ فِيمَا حَكَاهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ التَّوْحِيدُ إِفْرَادُ الْقَدِيمِ مِنَ الْمُحْدَثِ وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ التَّمِيمِيُّ فِي كِتَابِ الْحُجَّةِ التَّوْحِيدُ مَصْدَرُ وَحَّدَ يُوَحِّدُ وَمَعْنَى وَحَّدْتُ اللَّهَ اعْتَقَدْتُهُ مُنْفَرِدًا بِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ لَا نَظِيرَ لَهُ وَلَا شَبِيهَ وَقِيلَ مَعْنَى وَحَّدْتُهُ عَلِمْتُهُ وَاحِدًا وَقِيلَ سَلَبْتُ عَنْهُ الْكَيْفِيَّةَ وَالْكَمِّيَّةَ فَهُوَ وَاحِدٌ فِي ذَاتِهِ لَا انْقِسَامَ لَهُ وَفِي صِفَاتِهِ لَا شَبِيهَ لَهُ فِي إِلَهِيَّتِهِ وَمُلْكِهِ وَتَدْبِيرِهِ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا رَبَّ سِوَاهُ وَلَا خَالِقَ غَيْرُهُ وَقَالَ بن بَطَّالٍ تَضَمَّنَتْ تَرْجَمَةُ الْبَابِ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِجِسْمٍ لِأَنَّ الْجِسْمَ مُرَكَّبٌ مِنْ أَشْيَاءَ مُؤَلَّفَةٍ وَذَلِكَ يَرُدُّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ فِي زَعْمِهِمْ أَنَّهُ جِسْمٌ كَذَا وَجَدْتُ فِيهِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنْ يَقُولَ الْمُشَبِّهَةَ وَأَمَّا الْجَهْمِيَّةُ فَلَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ مِمَّنْ صَنَّفَ فِي الْمَقَالَاتِ أَنَّهُمْ يَنْفُونَ الصِّفَاتِ حَتَّى نُسِبُوا إِلَى التَّعْطِيلِ وَثَبَتَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ بَالَغَ جَهْمٌ فِي نَفْيِ التَّشْبِيهِ حَتَّى قَالَ إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ الْجَهْمِيَّةُ فِرْقَةٌ مِنَ الْمُبْتَدِعَةِ يَنْتَسِبُونَ إِلَى جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ مُقَدَّمِ الطَّائِفَةِ الْقَائِلَةِ أَنْ لَا قُدْرَةَ لِلْعَبْدِ أَصْلًا وَهُمُ الْجَبْرِيَّةُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَمَاتَ مَقْتُولًا فِي زَمَنِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ انْتَهَى وَلَيْسَ الَّذِي أَنْكَرُوهُ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ مَذْهَبُ الْجَبْرِ خَاصَّةً وَإِنَّمَا الَّذِي أَطْبَقَ السَّلَفَ عَلَى ذَمِّهِمْ بِسَبَبِهِ إِنْكَارُ الصِّفَاتِ حَتَّى قَالُوا إِنَّ الْقُرْآنَ لَيْسَ كَلَامَ اللَّهِ وَأَنَّهُ مَخْلُوقٌ وَقَدْ ذَكَرَ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورِ عَبْدُ الْقَاهِرِ بْنُ طَاهِرٍ التَّمِيمِيُّ الْبَغْدَادِيُّ فِي كِتَابِهِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْفِرَقِ أَنَّ رُؤُوس الْمُبْتَدِعَةِ أَرْبَعَةٌ إِلَى أَنْ قَالَ وَالْجَهْمِيَّةُ أَتْبَاعُ جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ الَّذِي قَالَ بِالْإِجْبَارِ وَالِاضْطِرَارِ إِلَى الْأَعْمَالِ وَقَالَ لَا فِعْلَ لِأَحَدٍ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا يُنْسَبُ الْفِعْلُ إِلَى الْعَبْدِ مَجَازًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا أَوْ مُسْتَطِيعًا لِشَيْءٍ وَزَعَمَ أَنَّ عِلْمَ اللَّهِ حَادِثٌ وَامْتَنَعَ مِنْ وَصْفِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ شَيْءٌ أَوْ حَيٌّ أَوْ عَالِمٌ أَوْ مُرِيدٌ حَتَّى قَالَ لَا أَصِفُهُ بِوَصْفٍ يَجُوزُ إِطْلَاقُهُ عَلَى غَيره قَالَ واصفه بِأَنَّهُ خَالق ومحي وَمُمِيتٌ وَمُوَحَّدٌ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ الثَّقِيلَةِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَوْصَافَ خَاصَّةٌ بِهِ وَزَعَمَ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ حَادِثٌ وَلَمْ يُسَمِّ اللَّهَ مُتَكَلِّمًا بِهِ قَالَ وَكَانَ جَهْمٌ يَحْمِلُ السِّلَاحَ وَيُقَاتِلُ وَخَرَجَ مَعَ الْحَارِثِ بْنِ سُرَيْجٍ وَهُوَ بِمُهْمَلَةٍ وَجِيمٍ مُصَغَّرٌ لَمَّا قَامَ عَلَى نَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ عَامِلِ بَنِي أُمَيَّةَ بِخُرَاسَانَ فَآلَ أَمْرُهُ إِلَى أَنْ قَتَلَهُ سَلْمُ بْنُ أَحَوْزَ وَهُوَ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَأَبُوهُ بِمُهْمَلَةٍ وَآخِرُهُ زَايٌ وَزْنُ أَعْوَرَ وَكَانَ صَاحِبَ شُرْطَةِ نَصْرٍ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ بَلَغَنِي أَنَّ جَهْمًا كَانَ يَأْخُذُ عَنِ الْجَعْدِ بْنِ دِرْهَمٍ وَكَانَ خَالِدٌ الْقَسْرِيُّ وَهُوَ أَمِيرُ الْعِرَاقِ خَطَبَ فَقَالَ إِنِّي مُضَحٍّ بِالْجَعْدِ بْنِ دِرْهَمٍ لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَّخِذْ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا وَلَمْ يُكَلِّمْ مُوسَى تَكْلِيمًا قُلْتُ وَكَانَ ذَلِكَ فِي خِلَافَةِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَكَأَنَّ الْكِرْمَانِيَّ انْتَقَلَ ذِهْنُهُ مِنَ الْجَعْدِ إِلَى الْجَهْمِ فَإِنَّ قَتْلَ جَهْمٍ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ بِمُدَّةٍ وَنَقَلَ الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَلَا أَقُول بِقَوْلِ الْجَهْمِ إِنَّ لَهُ قَوْلًا يُضَارِعُ قَوْلَ الشّرك أَحْيَانًا وَعَن بن الْمُبَارَكِ إِنَّا لَنَحْكِي كَلَامَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَنَسْتَعْظِمُ أَنْ نَحْكِيَ قَوْلَ جَهْمٍ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَوْذَبٍ قَالَ تَرَكَ جَهْمٌ الصَّلَاةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا على وَجه الشَّك وَأخرج بن أَبِي حَاتِمٍ فِي كِتَابِ الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ مِنْ طَرِيقِ خَلَفِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْبَلْخِيِّ قَالَ كَانَ جَهْمٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَكَانَ فَصِيحًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نَفَاذٌ فِي الْعِلْمِ فَلَقِيَهُ قَوْمٌ مِنَ الزَّنَادِقَةِ فَقَالُوا لَهُ صِفْ لَنَا رَبَّكَ الَّذِي تَعْبُدُهُ فَدَخَلَ الْبَيْتَ لَا يَخْرُجُ مُدَّةً ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ هُوَ هَذَا الْهَوَاءُ مَعَ كل شَيْء وَأخرج بن خُزَيْمَةَ فِي التَّوْحِيدِ وَمِنْ طَرِيقِهِ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا قُدَامَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ الْبَلْخِيَّ يَقُولُ كَانَ جَهْمٌ عَلَى مَعْبَرِ تِرْمِذَ وَكَانَ كُوفِيَّ الْأَصْلِ فَصِيحًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ وَلَا مُجَالَسَةُ أَهْلِ الْعِلْمِ فَقِيلَ لَهُ صِفْ لَنَا رَبَّكَ فَدَخَلَ الْبَيْتَ لَا يَخْرُجُ كَذَا ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ أَيَّامٍ فَقَالَ هُوَ هَذَا الْهَوَاءُ مَعَ كُلِّ شَيْءٍ وَفِي كُلِّ شَيْءٍ وَلَا يَخْلُو مِنْهُ شَيْءٌ وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ كَلَامُ جَهْمٍ صِفَةٌ بِلَا مَعْنًى وَبِنَاءٌ بِلَا أَسَاسٍ وَلَمْ يُعَدَّ قَطُّ فِي أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَقَالَ تَعْتَدُّ امْرَأَتُهُ وَأَوْرَدَ آثَارًا كَثِيرَةً عَنِ السَّلَفِ فِي تَكْفِيرِ جَهْمٍ وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ فِي تَارِيخِهِ فِي حَوَادِثِ سَنَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ سُرَيْجٍ خَرَجَ عَلَى نَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ عَامِلِ خُرَاسَانَ لِبَنِي أُمَيَّةَ وَحَارَبَهُ وَالْحَارِثُ حِينَئِذٍ يَدْعُو إِلَى الْعَمَلِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَكَانَ جَهْمٌ حِينَئِذٍ كَاتِبَهُ ثُمَّ تَرَاسَلَا فِي الصُّلْحِ وَتَرَاضَيَا بِحُكْمِ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ وَالْجَهْمِ فَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ يَكُونُ شُورَى حَتَّى يَتَرَاضَى أَهْلُ خُرَاسَانَ عَلَى أَمِيرٍ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِالْعَدْلِ فَلَمْ يَقْبَلْ نَصْرٌ ذَلِكَ وَاسْتَمَرَّ عَلَى مُحَارَبَةِ الْحَارِثِ إِلَى أَنْ قَتَلَ الْحَارِثَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ فِي خِلَافَةِ مَرْوَانَ الْحِمَارِ فَيُقَالُ إِنَّ الْجَهْمَ قُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ وَيُقَالُ بَلْ أُسِرَ فَأَمَرَ نَصْرُ بْنُ سَيَّارٍ سَلْمَ بْنَ أَحَوْزَ بِقَتْلِهِ فَادَّعَى جَهْمٌ الْأَمَانَ فَقَالَ لَهُ سَلْمٌ لَوْ كُنْتَ فِي بَطْني لشققته حَتَّى اقتلك فَقتله وَأخرج بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ قَالَ سَلْمٌ حِينَ أَخَذَهُ يَا جَهْمُ إِنِّي لَسْتُ أَقْتُلُكَ لِأَنَّكَ قَاتَلْتَنِي أَنْتَ عِنْدِي أَحْقَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنِّي سَمِعْتُكَ تَتَكَلَّمُ بِكَلَامٍ أَعْطَيْتُ اللَّهَ عَهْدًا أَنْ لَا أَمْلِكَكَ إِلَّا قَتَلْتُكَ فَقَتَلَهُ وَمِنْ طَرِيقِ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ خَلَّادٍ الطُّفَاوِيِّ بَلَغَ سَلْمَ بْنَ أَحَوْزَ وَكَانَ عَلَى شُرْطَةِ خُرَاسَانَ أَنَّ جَهْمَ بْنَ صَفْوَانَ يُنْكِرُ أَنَّ اللَّهَ كَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيمًا فَقَتَلَهُ وَمِنْ طَرِيقِ بُكَيْرِ بْنِ مَعْرُوفٍ قَالَ رَأَيْتُ سَلْمَ بْنَ أَحَوْزَ حِينَ ضَرَبَ عُنُقَ جَهْمٍ فَاسْوَدَّ وَجْهُ جَهْمٍ وَأَسْنَدَ أَبُو الْقَاسِمِ اللَّالَكَائِيُّ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ لَهُ أَنَّ قَتْلَ جَهْمٍ كَانَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ وَالْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ الطَّبَرِيُّ أَنَّهُ كَانَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَذَكَرَ بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ رَحْمَةَ صَاحِبِ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ أَنَّ قِصَّةَ جَهْمٍ كَانَتْ سَنَةَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ وَهَذَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى جَبْرِ الْكَسْرِ أَوْ عَلَى أَنَّ قَتْلَ جَهْمٍ تَرَاخَى عَنْ قَتْلِ الْحَارِثِ بْنِ سُرَيْجٍ وَأَمَّا قَوْلُ الْكِرْمَانِيِّ إِنَّ قَتْلَ جَهْمٍ كَانَ فِي خِلَافَةِ هِشَامٍ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَوَهْمٌ لِأَنَّ خُرُوجَ الْحَارِثِ بْنِ سُرَيْجٍ الَّذِي كَانَ جَهْمٌ كَاتِبَهُ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَعَلَّ مُسْتَنَدُ الْكرْمَانِي ماأخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ صَالِحِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ قَرَأْتُ فِي دَوَاوِينِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى نَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ عَامِلِ خُرَاسَانَ أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ نَجَمَ قِبَلَكَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ جَهْمٌ مِنَ الدَّهْرِيَّةِ فَإِنْ ظَفِرْتَ بِهِ فَاقْتُلْهُ وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ قَتْلُهُ وَقَعَ فِي زَمَنِ هِشَامٍ وَإِنْ كَانَ ظُهُورُ مَقَالَتِهِ وَقَعَ قَبْلَ ذَلِكَ حَتَّى كَاتَبَ فِيهِ هِشَامٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ بن حَزْمٍ فِي كِتَابِ الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ فِرَقُ الْمُقِرِّينَ بِمِلَّةِ الْإِسْلَامِ خَمْسٌ أَهْلُ السُّنَّةِ ثُمَّ الْمُعْتَزِلَةُ وَمِنْهُمُ الْقَدَرِيَّةُ ثُمَّ الْمُرْجِئَةُ وَمِنْهُمُ الْجَهْمِيَّةُ وَالْكَرَّامِيَّةُ ثُمَّ الرَّافِضَةُ وَمِنْهُمُ الشِّيعَةُ ثُمَّ الْخَوَارِجُ وَمِنْهُمُ الْأَزَارِقَةُ وَالْإِبَاضِيَّةُ ثُمَّ افْتَرَقُوا فِرَقًا كَثِيرَةً فَأَكْثَرُ افْتِرَاقِ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي الْفُرُوعِ وَأَمَّا فِي الِاعْتِقَادِ فَفِي نُبَذٍ يَسِيرَةٍ وَأَمَّا الْبَاقُونَ فَفِي مَقَالَاتِهِمْ مَا يُخَالِفُ أَهْلَ السُّنَّةِ الْخِلَافَ الْبَعِيدَ وَالْقَرِيبَ فَأَقْرَبُ فِرَقٍ الْمُرْجِئَةُ مَنْ قَالَ الْإِيمَانُ التَّصْدِيقُ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ فَقَطْ وَلَيْسَتِ الْعِبَادَةُ مِنَ الْإِيمَانِ وَأَبْعَدُهُمُ الْجَهْمِيَّةُ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْإِيمَانَ عَقْدٌ بِالْقَلْبِ فَقَطْ وَإِنْ أَظْهَرَ الْكُفْرَ وَالتَّثْلِيثَ بِلِسَانِهِ وَعَبَدَ الْوَثَنَ مِنْ غَيْرِ تَقِيَّةٍ وَالْكَرَّامِيَّةُ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ بِاللِّسَانِ فَقَطْ وَإِنِ اعْتَقَدَ الْكُفْرَ بِقَلْبِهِ وَسَاقَ الْكَلَامَ عَلَى بَقِيَّةِ الْفِرَقِ ثُمَّ قَالَ فَأَمَّا الْمُرْجِئَةُ فَعُمْدَتُهُمُ الْكَلَامُ فِي الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ فَمَنْ قَالَ إِنَّ الْعِبَادَةَ مِنَ الْإِيمَانِ وَإِنَّهُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَلَا يُكَفِّرُ مُؤْمِنًا بِذَنْبٍ وَلَا يَقُولُ إِنَّهُ يَخْلُدُ فِي النَّارِ فَلَيْسَ مُرْجِئًا وَلَوْ وَافَقَهُمْ فِي بَقِيَّةِ مَقَالَاتِهِمْ وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَعُمْدَتُهُمُ الْكَلَامُ فِي الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ وَالْقَدَرِ فَمَنْ قَالَ الْقُرْآنُ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ وَأَثْبَتَ الْقَدَرَ وَرُؤْيَةَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْقِيَامَةِ وَأَثْبَتَ صِفَاتِهِ الْوَارِدَةَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَنَّ صَاحِبَ الْكَبَائِرِ لَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنِ الْإِيمَانِ فَلَيْسَ بمعتزلي وان وافقهن فِي سَائِرِ مَقَالَاتِهِمْ وَسَاقَ بَقِيَّةَ ذَلِكَ إِلَى أَنْ قَالَ وَأَمَّا الْكَلَامُ فِيمَا يُوصَفُ اللَّهُ بِهِ فَمُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْفِرَقِ الْخَمْسَةِ مِنْ مُثْبِتٍ لَهَا وَنَافٍ فَرَأْسُ النُّفَاةِ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْجَهْمِيَّةُ فَقَدْ بَالَغُوا فِي ذَلِكَ حَتَّى كَادُوا يُعَطِّلُونَ وَرَأْسُ الْمُثْبِتَةِ مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنَ الرَّافِضَةِ وَالْكَرَّامِيَّةِ فَإِنَّهُمْ بَالَغُوا فِي ذَلِكَ حَتَّى شَبَّهُوا اللَّهَ تَعَالَى بِخَلْقِهِ تَعَالَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْ أَقْوَالِهِمْ عُلُوًّا كَبِيرًا وَنَظِيرُ هَذَا التَّبَايُنِ قَوْلُ الْجَهْمِيَّةِ إِنَّ الْعَبْدَ لَا قُدْرَةَ لَهُ أَصْلًا وَقَوْلُ الْقَدَرِيَّةِ إِنَّهُ يَخْلُقُ فِعْلَ نَفْسِهِ قُلْتُ وَقَدْ أَفْرَدَ الْبُخَارِيُّ خَلْقَ أَفْعَالِ الْعِبَادِ فِي تَصْنِيفٍ وَذَكَرَ مِنْهُ هُنَا أَشْيَاءَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بالجهمية
(قَوْلُهُ بَابُ مَا جَاءَ فِي دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ إِلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ
تَعَالَى)
الْمُرَادُ بِتَوْحِيدِ اللَّهِ تَعَالَى الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَهَذَا الَّذِي يُسَمِّيهِ بَعْضُ غُلَاةِ الصُّوفِيَّةِ تَوْحِيدَ الْعَامَّةِ وَقَدِ ادَّعَى طَائِفَتَانِ فِي تَفْسِيرِ التَّوْحِيدِ أَمْرَيْنِ اخْتَرَعُوهُمَا أَحَدُهُمَا تَفْسِيرُ الْمُعْتَزِلَةِ كَمَا تَقَدَّمَ ثَانِيهُمَا غُلَاةُ الصُّوفِيَّةِ فَإِنَّ أَكَابِرَهُمْ لَمَّا تَكَلَّمُوا فِي مَسْأَلَةِ الْمَحْوِ وَالْفَنَاءِ وَكَانَ مُرَادُهُمْ بِذَلِكَ الْمُبَالَغَةَ فِي الرِّضَا وَالتَّسْلِيمِ وَتَفْوِيضِ الْأَمْرِ بَالَغَ بَعْضُهُمْ حَتَّى ضَاهَى الْمُرْجِئَةَ فِي نَفْيِ نِسْبَةِ الْفِعْلِ إِلَى الْعَبْدِ وَجَرَّ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ إِلَى مَعْذِرَةِ الْعُصَاةِ ثُمَّ غَلَا بَعْضُهُمْ فَعَذَرَ الْكُفَّارَ ثُمَّ غَلَا بَعْضُهُمْ فَزَعَمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّوْحِيدِ اعْتِقَادُ وِحْدَةِ الْوُجُودِ وَعَظُمَ الْخَطْبُ حَتَّى سَاءَ ظَنُّ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِمُتَقَدِّمِيهِمْ وَحَاشَاهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ قَدَّمْتُ كَلَامَ شَيْخِ الطَّائِفَةِ الْجُنَيْدِ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَالْإِيجَازِ وَقَدْ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْضُ مَنْ قَالَ بِالْوَحْدَةِ الْمُطْلَقَةِ فَقَالَ وَهَلْ مِنْ غَيْرٍ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ كَلَامٌ طَوِيلٌ يَنْبُو عَنْهُ سَمْعُ كُلِّ مَنْ كَانَ عَلَى فِطْرَةِ الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَذَكَرَ فِي الْبَابِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ حَدِيثُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ فِي بَعْثِهِ إِلَى الْيَمَنِ أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ الْأُولَى أَعْلَى مِنَ الثَّانِيَةِ وَقَدْ أَوْرَدَ الطَّرِيقَ الْعَالِيَةَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ وَسَاقَهَا هُنَاكَ عَلَى لَفْظِ أَبِي عَاصِمٍ رَاوِيهَا وَذَكَرَهُ هُنَاكَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ بِنُزُولٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ شَيْخه فِي هَذَا الْبَاب هُوَ بن مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ يُنْسَبُ إِلَى جَدِّهِ واسْمه حميد بن الْأسود وَالْفضل بْنُ الْعَلَاءِ يُكْنَى أَبَا الْعَلَاءِ وَيُقَالُ أَبُو الْعَبَّاسِ وَهُوَ كُوفِيٌّ نَزَلَ الْبَصْرَةَ وَثَّقَهُ عَلِيُّ بن الْمَدِينِيِّ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ شَيْخٌ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَقَالَ النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ كثير الْوَهم قلت وَمَاله فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَدْ قَرَنَهُ بِغَيْرِهِ وَلَكِنَّهُ سَاقَ الْمَتْنَ هُنَا عَلَى لَفْظِهِ
[7371] قَوْلُهُ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ كَذَا لِلْجَمِيعِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَهُوَ تَصْحِيفٌ وَكَأَنَّ الْمِيمَ انْفَتَحَتْ فَصَارَتْ تُشْبِهُ السِّينَ قَوْلُهُ سَمِعْتُ بن عَبَّاسٍ لَمَّا بَعَثَ كَذَا فِيهِ بِحَذْفٍ قَالَ أَوْ يَقُولُ وَقَدْ جَرَتِ الْعَادَةُ بِحَذْفِهِ خَطًّا وَيُقَالُ يُشْتَرَطُ النُّطْقُ بِهِ قَوْلُهُ لَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى نَحْوِ أَهْلِ الْيَمَنِ أَيْ إِلَى جِهَةِ أَهْلِ الْيَمَنِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تُقَيِّدُ الرِّوَايَةَ الْمُطْلَقَةَ بِلَفْظِ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ فَبَيَّنَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَنَّ لَفْظَ الْيَمَنِ مِنْ بَابِ حَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ مَقَامَهُ أَوْ مِنْ إِطْلَاقِ الْعَامِّ وَإِرَادَةِ الْخَاصِّ أَوْ لِكَوْنِ اسْمِ الْجِنْسِ يُطْلَقُ عَلَى بَعْضِهِ كَمَا يُطْلَقُ عَلَى كُلِّهِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ مِنْ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ كَمَا صَرَّحَتْ بِهِ هَذِهِ الرِّوَايَةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ بَعْثِ أَبِي مُوسَى وَمُعَاذٍ إِلَى الْيَمَنِ فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي مِنْ رِوَايَةِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى وَبَعَثَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مِخْلَافٍ قَالَ وَالْيَمَنُ مِخْلَافَانِ وَتَقَدَّمَ ضَبْطُ الْمِخْلَافِ وَشَرْحُهُ هُنَاكَ ثُمَّ قَوْلُهُ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ إِطْلَاقِ الْكُلَّ وَإِرَادَةِ الْبَعْضَ لِأَنَّهُ إِنَّمَا بَعَثَهُ إِلَى بَعْضِهِمْ لَا إِلَى جَمِيعِهِمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ عَلَى عُمُومِهِ فِي الدَّعْوَى إِلَى الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنْ كَانَتْ إِمْرَةُ مُعَاذٍ إِنَّمَا كَانَتْ عَلَى جِهَةٍ مِنَ الْيَمَنِ مَخْصُوصَةٍ قَوْلُهُ إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ هُمُ الْيَهُودُ وَكَانَ ابْتِدَاءُ دُخُولِ الْيَهُودِيَّةِ الْيَمَنَ فِي زَمَنِ أَسْعَدَ ذِي كَرِبَ وَهُوَ تُبَّعٌ الْأَصْغَرُ كَمَا ذكره بن إِسْحَاقَ مُطَوَّلًا فِي السِّيرَةِ فَقَامَ الْإِسْلَامُ وَبَعْضُ أَهْلِ الْيَمَنِ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ وَدَخَلَ دِينُ النَّصْرَانِيَّةِ إِلَى الْيَمَنِ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَّا غَلَبَتِ الْحَبَشَةُ عَلَى الْيَمَنِ وَكَانَ مِنْهُمْ إِبْرَهَةُ صَاحِبُ الْفِيلَ الَّذِي غَزَا مَكَّةَ وَأَرَادَ هَدْمَ الْكَعْبَةِ حَتَّى أَجْلَاهُمْ عَنْهَا سَيْفُ بْنُ ذِي يَزَنَ كَمَا ذكره بن إِسْحَاقَ مَبْسُوطًا أَيْضًا وَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْيَمَنِ أَحَدٌ مِنَ النَّصَارَى أَصْلًا إِلَّا بِنَجْرَانَ وَهِيَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْيَمَنِ وَبَقِيَ بِبَعْضِ بِلَادِهَا قَلِيلٌ مِنَ الْيَهُودِ قَوْلُهُ فَلْيَكُنْ أَوَّلُ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ فَإِذَا عَرَفُوا ذَلِكَ مَضَى فِي وَسَطِ الزَّكَاةِ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِلَفْظِ فَلْيَكُنْ أَوَّلُ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللَّهِ فَإِذَا عَرَفُوا اللَّهَ وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنِ الشَّيْخِ الَّذِي أَخْرَجَهُ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهِ مَنْ قَالَ أَوَّلُ وَاجِبٍ الْمَعْرِفَةُ كَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَاسْتَدَلَّ بِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى الْإِتْيَانُ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَأْمُورَاتِ عَلَى قَصْدِ الِامْتِثَالِ وَلَا الِانْكِفَافُ عَنْ شَيْءٍ مِنَ الْمَنْهِيَّاتِ عَلَى قَصْدِ الِانْزِجَارِ إِلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْآمِرِ وَالنَّاهِي وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ لَا تَتَأَتَّى إِلَّا بِالنَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ وَهُوَ مُقَدِّمَةُ الْوَاجِبِ فَيَجِبُ فَيَكُونُ أَوَّلُ وَاجِبٍ النَّظَرُ وَذَهَبَ إِلَى هَذَا طَائِفَةٌ كَابْنِ فَوْرَكٍ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ النَّظَرَ ذُو أَجْزَاءٍ يَتَرَتَّبُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فَيَكُونُ أَوَّلُ وَاجِبٍ جزأ مِنَ النَّظَرِ وَهُوَ مَحْكِيٌّ عَنِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرِ بْنِ الطَّيِّبِ وَعَنِ الْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ الاسفرايني أَوَّلُ وَاجِبٍ الْقَصْدُ إِلَى النَّظَرِ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ بِأَنَّ مَنْ قَالَ أَوَّلُ وَاجِبٍ الْمَعْرِفَةُ أَرَادَ طَلَبًا وَتَكْلِيفًا وَمَنْ قَالَ النَّظَرُ أَوِ الْقَصْدُ أَرَادَ امْتِثَالًا لِأَنَّهُ يُسَلَّمُ أَنَّهُ وَسِيلَةٌ إِلَى تَحْصِيلِ الْمَعْرِفَةِ فَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى سَبْقِ وُجُوبِ الْمَعْرِفَةِ وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ هَذَا مِنْ أَصْلِهِ وَتَمَسَّكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا وَحَدِيثُ كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَإِنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ حَاصِلَةٌ بِأَصْلِ الْفِطْرَةِ وَأَنَّ الْخُرُوجَ عَنْ ذَلِكَ يَطْرَأُ عَلَى الشَّخْصِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَقَدْ وَافَقَ أَبُو جَعْفَرٍ السِّمْنَانِيُّ وَهُوَ من رُؤُوس الْأَشَاعِرَةِ عَلَى هَذَا وَقَالَ إِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بَقِيَتْ فِي مَقَالَةِ الْأَشْعَرِيِّ مِنْ مَسَائِلِ الْمُعْتَزِلَةِ وَتَفَرَّعَ عَلَيْهَا أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ مَعْرِفَةُ اللَّهِ بِالْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَا يَكْفِي التَّقْلِيدُ فِي ذَلِكَ انْتَهَى وَقَرَأْتُ فِي جُزْءٍ مِنْ كَلَامِ شَيْخِ شَيْخِنَا الْحَافِظِ صَلَاحِ الدِّينِ الْعَلَائِيِّ مَا مُلَخَّصُهُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِمَّا تَنَاقَضَتْ فِيهَا الْمَذَاهِبُ وَتَبَايَنَتْ بَيْنَ مُفْرِطٍ وَمُفَرِّطٍ وَمُتَوَسِّطٍ فَالطَّرَفُ الْأَوَّلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ يَكْفِي التَّقْلِيدُ الْمَحْضُ فِي إِثْبَاتِ وُجُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَفْيِ الشَّرِيكِ عَنْهُ وَمِمَّنْ نُسِبَ إِلَيْهِ إِطْلَاقُ ذَلِكَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْحَنَابِلَةِ وَالظَّاهِرِيَّةِ وَمِنْهُمْ مَنْ بَالَغَ فَحَرَّمَ النَّظَرَ فِي الْأَدِلَّةِ وَاسْتَنَدَ إِلَى مَا ثَبَتَ عَنِ الْأَئِمَّةِ الْكِبَارِ مِنْ ذَمِّ الْكَلَامِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَالطَّرَفُ الثَّانِي قَوْلُ مَنْ وَقَفَ صِحَّةَ إِيمَانِ كُلِّ أَحَدٍ عَلَى مَعْرِفَةِ الْأَدِلَّةِ مِنْ عِلْمِ الْكَلَامِ وَنُسِبَ ذَلِكَ لِأَبِي إِسْحَاق الأسفرايني وَقَالَ الْغَزَالِيُّ أَسْرَفَتْ طَائِفَةٌ فَكَفَّرُوا عَوَامَّ الْمُسْلِمِينَ وَزَعَمُوا أَنَّ مَنْ لَمْ يَعْرِفِ الْعَقَائِدَ الشَّرْعِيَّةَ بِالْأَدِلَّةِ الَّتِي حَرَّرُوهَا فَهُوَ كَافِرٌ فَضَيَّقُوا رَحْمَةَ اللَّهِ الْوَاسِعَةَ وَجَعَلُوا الْجَنَّةَ مُخْتَصَّةً بِشِرْذِمَةٍ يَسِيرَةٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَذَكَرَ نَحْوَهُ أَبُو الْمُظَفَّرِ بْنُ السَّمْعَانِيِّ وَأَطَالَ فِي الرَّدِّ عَلَى قَائِلِهِ وَنَقَلَ عَنْ أَكْثَرِ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى أَنَّهُمْ قَالُوا لَا يَجُوزُ أَنْ تُكَلِّفَ الْعَوَامَّ اعْتِقَادَ الْأُصُولِ بِدَلَائِلِهَا لِأَنَّ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَشَقَّةِ أَشَدَّ مِنَ الْمَشَقَّةِ فِي تَعَلُّمِ الْفُرُوعِ الْفِقْهِيَّةِ وَأَمَّا الْمَذْهَبُ الْمُتَوَسِّطُ فَذَكَرَهُ وَسَأَذْكُرُهُ مُلَخَّصًا بَعْدَ هَذَا وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ فِي شَرْحِ حَدِيثِ أَبْغَضُ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ الَّذِي تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَثْنَاءِ كِتَابِ الْأَحْكَامِ وَهُوَ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْعِلْمِ مِنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ هَذَا الشَّخْصُ الَّذِي يَبْغَضُهُ اللَّهُ هُوَ الَّذِي يَقْصِدُ بِخُصُومَتِهِ مُدَافَعَةَ الْحَقِّ وَرَدَّهُ بِالْأَوْجُهِ الْفَاسِدَةِ وَالشُّبَهِ الْمُوهِمَةِ وَأَشَدُّ ذَلِكَ الْخُصُومَةُ فِي أُصُولِ الدِّينِ كَمَا يَقَعُ لِأَكْثَرِ الْمُتَكَلِّمِينَ الْمُعْرِضِينَ عَنِ الطُّرُقِ الَّتِي أَرْشَدَ إِلَيْهَا كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلَفُ أُمَّتِهِ إِلَى طُرُقٍ مُبْتَدَعَةٍ وَاصْطِلَاحَاتٍ مُخْتَرَعَةٍ وَقَوَانِينَ جَدَلِيَّةٍ وَأُمُورٍ صِنَاعِيَّةٍ مَدَارُ أَكْثَرِهَا عَلَى آرَاءٍ سُوفِسْطَائِيَّةٍ أَوْ مُنَاقَضَاتٍ لَفْظِيَّةٍ يَنْشَأُ بِسَبَبِهَا عَلَى الْآخِذِ فِيهَا شُبَهٌ رُبَّمَا يَعْجِزُ عَنْهَا وَشُكُوكٌ يَذْهَبُ الْإِيمَانُ مَعَهَا وَأَحْسَنُهُمُ انْفِصَالًا عَنْهَا أَجَدْلُهُمْ لَا أَعْلَمُهُمْ فَكَمْ مِنْ عَالِمٍ بِفَسَادِ الشُّبْهَةِ لَا يَقْوَى عَلَى حَلِّهَا وَكَمْ مِنْ مُنْفَصِلٍ عَنْهَا لَا يُدْرِكُ حَقِيقَةَ عِلْمِهَا ثُمَّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَدِ ارْتَكَبُوا أَنْوَاعًا مِنَ الْمُحَالِ لَا يَرْتَضِيهَا الْبُلْهُ وَلَا الْأَطْفَالُ لَمَّا بَحَثُوا عَنْ تَحَيُّزِ الْجَوَاهِرِ وَالْأَلْوَانِ وَالْأَحْوَالِ فَأَخَذُوا فِيمَا أَمْسَكَ عَنْهُ السَّلَفُ الصَّالِحُ مِنْ كَيْفِيَّاتِ تَعَلُّقَاتِ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَعْدِيدِهَا وَاتِّحَادِهَا فِي نَفْسِهَا وَهَلْ هِيَ الذَّاتُ أَوْ غَيْرُهَا وَفِي الْكَلَامِ هَلْ هُوَ مُتَّحِدٌ أَوْ مُنْقَسِمٌ وَعَلَى الثَّانِي هَلْ يَنْقَسِمُ بِالنَّوْعِ أَوِ الْوَصْفِ وَكَيْفَ تَعَلَّقَ فِي الْأَزَلِ بِالْمَأْمُورِ مَعَ كَوْنِهِ حَادِثًا ثُمَّ إِذَا انْعَدَمَ الْمَأْمُورُ هَلْ يَبْقَى التَّعَلُّقُ وَهَلِ الْأَمْرُ لِزَيْدٍ بِالصَّلَاةِ مَثَلًا هُوَ نَفْسُ الْأَمْرِ لِعَمْرٍو بِالزَّكَاةِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا ابْتَدَعُوهُ مِمَّا لَمْ يَأْمُرْ بِهِ الشَّارِعُ وَسَكَتَ عَنْهُ الصَّحَابَةُ وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلَهُمْ بَلْ نَهَوْا عَنِ الْخَوْضِ فِيهَا لَعَلَّهُم بِأَنَّهُ بَحْثٌ عَنْ كَيْفِيَّةِ مَا لَا تُعْلَمُ كَيْفِيَّتُهُ بِالْعَقْلِ لِكَوْنِ الْعُقُولِ لَهَا حَدٌّ تَقِفُ عِنْدَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَحْثِ عَنْ كَيْفِيَّةِ الذَّاتِ وَكَيْفِيَّةِ الصِّفَاتِ وَمَنْ تَوَقَّفَ فِي هَذَا فَلْيَعْلَمْ أَنَّهُ إِذَا كَانَ حُجِبَ عَنْ كَيْفِيَّةِ نَفْسِهِ مَعَ وُجُودِهَا وَعَنْ كَيْفِيَّةِ إِدْرَاكِ مَا يُدْرِكُ بِهِ فَهُوَ عَنْ إِدْرَاكِ غَيْرِهِ أَعْجَزُ وَغَايَةُ عِلْمِ الْعَالِمِ أَنْ يَقْطَعَ بِوُجُودِ فَاعِلٍ لِهَذِهِ الْمَصْنُوعَاتِ مُنَزَّهٍ عَنِ الشَّبِيهِ مُقَدَّسٍ عَنِ النَّظِيرِ مُتَّصِفٍ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ ثُمَّ مَتَى ثَبَتَ النَّقْلُ عَنْهُ بِشَيْءٍ مِنْ أَوْصَافِهِ وَأَسْمَائِهِ قَبِلْنَاهُ وَاعْتَقَدْنَاهُ وَسَكَتْنَا عَمَّا عَدَاهُ كَمَا هُوَ طَرِيقُ السَّلَفِ وَمَا عَدَاهُ لَا يَأْمَنُ صَاحِبُهُ مِنَ الزَّلَلِ وَيَكْفِي فِي الرَّدْعِ عَنِ الْخَوْضِ فِي طُرُقِ الْمُتَكَلِّمِينَ مَا ثَبَتَ عَنِ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ كَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَالشَّافِعِيِّ وَقَدْ قَطَعَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَخُوضُوا فِي الْجَوْهَرِ وَالْعَرَضِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ مَبَاحِثِ الْمُتَكَلِّمِينَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ طَرِيقِهِمْ فَكَفَاهُ ضَلَالًا قَالَ وَأَفْضَى الْكَلَامُ بِكَثِيرٍ مِنْ أَهْلِهِ إِلَى الشَّكِّ وَبِبَعْضِهِمْ إِلَى الْإِلْحَادِ وَبِبَعْضِهِمْ إِلَى التَّهَاوُنِ بِوَظَائِفِ الْعِبَادَاتِ وَسَبَبُ ذَلِكَ إِعْرَاضُهُمْ عَنْ نُصُوصِ الشَّارِعِ وَتَطَلُّبُهُمْ حَقَائِقَ الْأُمُورِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ فِي قُوَّةِ الْعَقْلِ مَا يُدْرِكُ مَا فِي نُصُوصِ الشَّارِعِ مِنَ الْحِكَمِ الَّتِي اسْتَأْثَرَ بِهَا وَقَدْ رَجَعَ كَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّتِهِمْ عَنْ طَرِيقِهِمْ حَتَّى جَاءَ عَنْ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ أَنَّهُ قَالَ رَكِبْتُ الْبَحْرَ الْأَعْظَمَ وَغُصْتُ فِي كُلِّ شَيْءٍ نَهَى عَنْهُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي طَلَبِ الْحَقِّ فِرَارًا مِنَ التَّقْلِيدِ وَالْآنَ فَقَدْ رَجَعْتُ وَاعْتَقَدْتُ مَذْهَبَ السَّلَفِ هَذَا كَلَامُهُ أَوْ مَعْنَاهُ وَعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ يَا أَصْحَابَنَا لَا تَشْتَغِلُوا بِالْكَلَامِ فَلَوْ عَرَفْتُ أَنَّهُ يَبْلُغُ بِي مَا بَلَغْتُ مَا تَشَاغَلْتُ بِهِ إِلَى أَنْ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَلَوْ لَمْ يكن فِي الْكَلَام الا مسئلتان هُمَا مِنْ مَبَادِئِهِ لَكَانَ حَقِيقًا بِالذَّمِّ إِحْدَاهُمَا قَوْلُ بَعْضِهِمْ إِنَّ أَوَّلَ وَاجِبٍ الشَّكُّ إِذْ هُوَ اللَّازِمُ عَنْ وُجُوبِ النَّظَرِ أَوِ الْقَصْدِ إِلَى النَّظَرِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْإِمَامُ بِقَوْلِهِ رَكِبْتُ الْبَحْرَ ثَانِيَتُهُمَا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ إِنَّ مَنْ لَمْ يَعْرِفِ اللَّهَ بِالطُّرُقِ الَّتِي رَتَّبُوهَا وَالْأَبْحَاثِ الَّتِي حَرَّرُوهَا لَمْ يَصِحَّ إِيمَانُهُ حَتَّى لَقَدْ أَوْرَدَ عَلَى بَعْضِهِمْ أَنَّ هَذَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَكْفِيرُ أَبِيكَ وَأَسْلَافَكَ وَجِيرَانَكَ فَقَالَ لَا تُشَنِّعُ عَلَيَّ بِكَثْرَةِ أَهْلِ النَّارِ قَالَ وَقَدْ رَدَّ بَعْضُ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِهِمَا عَلَى مَنْ قَالَ بِهِمَا بِطَرِيقٍ مِنَ الرَّدِّ النَّظَرِيِّ وَهُوَ خطا مِنْهُ فان الْقَائِل بالمسئلتين كَافِرٌ شَرْعًا لِجَعْلِهِ الشَّكَّ فِي اللَّهِ وَاجِبًا وَمُعْظَمُ الْمُسْلِمِينَ كُفَّارًا حَتَّى يَدْخُلَ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَهَذَا مَعْلُومُ الْفَسَادِ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَإِلَّا فَلَا يُوجَدُ فِي الشَّرْعِيَّاتِ ضَرُورِيٌّ وَخَتَمَ الْقُرْطُبِيُّ كَلَامَهُ بِالِاعْتِذَارِ عَنْ إِطَالَةِ النَّفَسِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ لِمَا شَاعَ بَيْنَ النَّاسِ مِنْ هَذِهِ الْبِدْعَةِ حَتَّى اغْتَرَّ بِهَا كَثِيرٌ مِنَ الْأَغْمَارِ فَوَجَبَ بَذْلُ النَّصِيحَةِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ انْتَهَى وَقَالَ الْآمِدِيُّ فِي أَبْكَارِ الْأَفْكَارِ ذَهَبَ أَبُو هَاشِمٍ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ إِلَى أَنَّ مَنْ لَا يَعْرِفُ اللَّهَ بِالدَّلِيلِ فَهُوَ كَافِرٌ لِأَنَّ ضِدَّ الْمعرفَة النكرَة وَالنَّكِرَةُ كُفْرٌ قَالَ وَأَصْحَابُنَا مُجْمِعُونَ عَلَى خِلَافِهِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا كَانَ الِاعْتِقَادُ مُوَافِقًا لَكِنْ عَنْ غَيْرِ دَلِيلٍ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّ صَاحِبَهُ مُؤْمِنٌ عَاصٍ بِتَرْكِ النَّظَرِ الْوَاجِبِ وَمِنْهُمْ مَنِ اكْتَفَى بِمُجَرَّدِ الِاعْتِقَادِ الْمُوَافِقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَنْ دَلِيلٍ وَسَمَّاهُ عِلْمًا وَعَلَى هَذَا فَلَا يَلْزَمُ مِنْ حُصُولِ الْمَعْرِفَةِ بِهَذَا الطَّرِيقِ وُجُوبُ النَّظَرِ وَقَالَ غَيْرُهُ مَنْ مَنَعَ التَّقْلِيدَ وَأَوْجَبَ الِاسْتِدْلَالَ لَمْ يُرِدِ التَّعَمُّقَ فِي طرق الْمُتَكَلِّمِينَ بَلِ اكْتَفَى بِمَا لَا يَخْلُو عَنْهُ مَنْ نَشَأَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ بِالْمَصْنُوعِ عَلَى الصَّانِعِ وَغَايَتُهُ أَنَّهُ يَحْصُلُ فِي الذِّهْنِ مُقَدِّمَاتٌ ضَرُورِيَّةٌ تَتَأَلَّفُ تَأَلُّفًا صَحِيحًا وَتُنْتِجُ الْعِلْمَ لَكِنَّهُ لَوْ سُئِلَ كَيْفَ حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ مَا اهْتَدَى لِلتَّعْبِيرِ بِهِ وَقِيلَ الْأَصْلُ فِي هَذَا كُلِّهِ الْمَنْعُ مِنَ التَّقْلِيدِ فِي أُصُولِ الدِّينِ وَقَدِ انْفَصَلَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّقْلِيدِ أَخْذُ قَوْلِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَمَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ حُجَّةٌ بِثُبُوتِ النُّبُوَّةِ حَتَّى حَصَلَ لَهُ الْقَطْعُ بِهَا فَمَهْمَا سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مَقْطُوعًا عِنْدَهُ بِصِدْقِهِ فَإِذَا اعْتَقَدَهُ لَمْ يَكُنْ مُقَلِّدًا لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ بِقَوْلِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَهَذَا مُسْتَنَدُ السَّلَفِ قَاطِبَةً فِي الْأَخْذِ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُمْ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ وَأَحَادِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْبَابِ فَآمَنُوا بِالْمُحْكَمِ مِنْ ذَلِكَ وَفَوَّضُوا أَمْرَ الْمُتَشَابِهِ مِنْهُ إِلَى رَبِّهِمْ وَإِنَّمَا قَالَ مَنْ قَالَ إِنَّ مَذْهَبَ الْخَلَفِ أَحْكَمُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ لَمْ يُثْبِتِ النُّبُوَّةَ فَيَحْتَاجُ مَنْ يُرِيدُ رُجُوعَهُ إِلَى الْحَقِّ أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهِ الْأَدِلَّةَ إِلَى أَنْ يُذْعِنَ فَيُسَلِّمَ أَوْ يُعَانِدَ فَيَهْلِكَ بِخِلَافِ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي أَصْلِ إِيمَانِهِ إِلَى ذَلِكَ وَلَيْسَ سَبَبُ الْأَوَّلِ إِلَّا جَعْلُ الْأَصْلِ عَدَمَ الْإِيمَانِ فَلَزِمَ إِيجَابُ النَّظَرِ الْمُؤَدِّي إِلَى الْمَعْرِفَةِ وَإِلَّا فَطَرِيقُ السَّلَفِ أَسْهَلُ مِنْ هَذَا كَمَا تَقَدَّمَ إِيضَاحُهُ مِنَ الرُّجُوعِ إِلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ النُّصُوصُ حَتَّى يَحْتَاجَ إِلَى مَا ذَكَرَ مِنْ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَى مَنْ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ فَاخْتَلَطَ الْأَمْرُ عَلَى مَنِ اشْتَرَطَ ذَلِكَ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ أَوْجَبَ الِاسْتِدْلَالَ بِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى ذَمِّ التَّقْلِيدِ وَذَكَرُوا الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي ذَمِّ التَّقْلِيدِ وَبِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ قَبْلَ الِاسْتِدْلَالِ لَا يَدْرِي أَيُّ الْأَمْرَيْنِ هُوَ الْهَدْيُ وَبِأَنَّ كُلَّ مَا لَا يَصِحُّ إِلَّا بِالدَّلِيلِ فَهُوَ دَعْوَى لَا يُعْمَلُ بِهَا وَبِأَنَّ الْعِلْمَ اعْتِقَادُ الشَّيْءِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ ضَرُورَةٍ أَوِ اسْتِدْلَالٍ وَكُلَّ مَا لَمْ يَكُنْ عِلْمًا فَهُوَ جَهْلٌ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا فَهُوَ ضَالٌّ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَذْمُومَ مِنَ التَّقْلِيدِ أَخْذُ قَوْلِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَهَذَا لَيْسَ مِنْهُ حُكْمِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ اتِّبَاعَهُ فِي كُلِّ مَا يَقُولُ وَلَيْسَ الْعَمَلُ فِيمَا أَمَرَ بِهِ أَوْ نَهَى عَنْهُ دَاخِلًا تَحْتَ التَّقْلِيدِ الْمَذْمُومِ اتِّفَاقًا وَأَمَّا مَنْ دُونِهِ مِمَّنِ اتَّبَعَهُ فِي قَوْلٍ قَالَهُ وَاعْتَقَدَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْهُ لَمْ يَقُلْ هُوَ بِهِ فَهُوَ الْمُقَلِّدُ الْمَذْمُومُ بِخِلَافِ مَا لَوِ اعْتَقَدَ ذَلِكَ فِي خَبَرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَمْدُوحًا وَأَمَّا احْتِجَاجُهُمْ بِأَنَّ أَحَدًا لَا يَدْرِي قَبْلَ الِاسْتِدْلَالِ أَيَّ الْأَمْرَيْنِ هُوَ الْهُدَى فَلَيْسَ بِمُسَلَّمٍ بَلْ مِنَ النَّاسِ مَنْ تَطْمَئِنُّ نَفْسُهُ وَيَنْشَرِحُ صَدْرُهُ لِلْإِسْلَامِ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَوَقَّفُ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ فَالَّذِي ذَكَرُوهُ هُمْ أَهْلُ الشِّقِّ الثَّانِي فَيَجِبُ عَلَيْهِ النَّظَرُ لِيَقِيَ نَفْسَهُ النَّارَ لقَوْله تَعَالَى قوا أَنفسكُم وأهليكم نَارا وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنِ اسْتَرْشَدَهُ أَنْ يُرْشِدَهُ وَيُبَرْهِنَ لَهُ الْحَقَّ وَعَلَى هَذَا مَضَى السَّلَفُ الصَّالِحُ مِنْ عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْدَهُ وَأَمَّا مَنِ اسْتَقَرَّتْ نَفْسُهُ إِلَى تَصْدِيقِ الرَّسُولِ وَلَمْ تُنَازِعْهُ نَفْسُهُ إِلَى طَلَبِ دَلِيلٍ تَوْفِيقًا مِنَ اللَّهِ وَتَيْسِيرًا فَهُمُ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِي حَقِّهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ اليكم الْإِيمَان وزينه فِي قُلُوبكُمْ الْآيَةَ وَقَالَ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يشْرَح صَدره لِلْإِسْلَامِ الْآيَةَ وَلَيْسَ هَؤُلَاءِ مُقَلِّدِينَ لِآبَائِهِمْ وَلَا لِرُؤَسَائِهِمْ لِأَنَّهُمْ لَوْ كَفَرَ آبَاؤُهُمْ أَوْ رُؤَسَاؤُهُمْ لَمْ يُتَابِعُوهُمْ بَلْ يَجِدُونَ النُّفْرَةَ عَنْ كُلِّ مَنْ سَمِعُوا عَنْهُ مَا يُخَالِفُ الشَّرِيعَةَ وَأَمَّا الْآيَاتُ وَالْأَحَادِيثُ فَإِنَّمَا وَرَدَتْ فِي حَقِّ الْكُفَّارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوا مَنْ نُهُوا عَنِ اتِّبَاعِهِ وَتَرَكُوا اتِّبَاعَ مَنْ أُمِرُوا بِاتِّبَاعِهِ وَإِنَّمَا كَلَّفَهُمُ اللَّهُ الْإِتْيَانَ بِبُرْهَانٍ عَلَى دَعْوَاهُمْ بِخِلَافِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمْ يَرِدْ قَطُّ أَنَّهُ أَسْقَطَ اتِّبَاعَهُمْ حَتَّى يَأْتُوا بِالْبُرْهَانِ وَكُلُّ مَنْ خَالَفَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَلَا بُرْهَانَ لَهُ أَصْلًا وَإِنَّمَا كُلِّفَ الْإِتْيَانُ بِالْبُرْهَانِ تَبْكِيتًا وَتَعْجِيزًا وَأَمَّا مَنِ اتَّبَعَ الرَّسُولَ فِيمَا جَاءَ بِهِ فَقَدِ اتَّبَعَ الْحَقَّ الَّذِي أُمِرَ بِهِ وَقَامَتِ الْبَرَاهِينُ عَلَى صِحَّتِهِ سَوَاءٌ عَلِمَ هُوَ بِتَوْجِيهِ ذَلِكَ الْبُرْهَانِ أَمْ لَا وَقَوْلُ مَنْ قَالَ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ ذَكَرَ الِاسْتِدْلَالَ وَأَمَرَ بِهِ مُسَلَّمٌ لَكِنْ هُوَ فِعْلٌ حَسَنٌ مَنْدُوبٌ لِكُلِّ مَنْ أَطَاقَهُ وَوَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مَنْ لَمْ تَسْكُنْ نَفْسُهُ إِلَى التَّصْدِيقِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَالَ غَيْرُهُ قَوْلُ مَنْ قَالَ طَرِيقَةُ السَّلَفِ أَسْلَمُ وَطَرِيقَةُ الْخَلَفِ أَحْكَمُ لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ لِأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ طَرِيقَةَ السَّلَفِ مُجَرَّدُ الْإِيمَانِ بِأَلْفَاظِ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ فِقْهٍ فِي ذَلِكَ وَأَنَّ طَرِيقَةَ الْخَلَفِ هِيَ اسْتِخْرَاجُ مَعَانِي النُّصُوصِ الْمَصْرُوفَةِ عَنْ حَقَائِقِهَا بِأَنْوَاعِ الْمَجَازَاتِ فَجَمَعَ هَذَا الْقَائِلُ بَيْنَ الْجَهْلِ بِطَرِيقَةِ السَّلَفِ وَالدَّعْوَى فِي طَرِيقَةِ الْخَلَفِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا ظَنَّ بَلِ السَّلَفُ فِي غَايَةِ الْمَعْرِفَةِ بِمَا يَلِيقُ بِاللَّهِ تَعَالَى وَفِي غَايَةِ التَّعْظِيمِ لَهُ وَالْخُضُوعِ لِأَمْرِهِ وَالتَّسْلِيمِ لِمُرَادِهِ وَلَيْسَ مَنْ سَلَكَ طَرِيقَ الْخَلَفِ وَاثِقًا بِأَنَّ الَّذِي يَتَأَوَّلُهُ هُوَ الْمُرَادُ وَلَا يُمْكِنُهُ الْقَطْعُ بِصِحَّةِ تَأْوِيلِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي الْعِلْمِ فَزَادُوا فِي التَّعْرِيفِ عَنْ ضَرُورَةٍ أَوِ اسْتِدْلَالٍ وَتَعْرِيفُ الْعِلْمِ انْتَهَى عِنْدَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ أَبَوْا إِلَّا الزِّيَادَةَ فَلْيَزْدَادُوا عَنْ تَيْسِيرِ اللَّهِ لَهُ ذَلِكَ وَخَلْقِهِ ذَلِكَ الْمُعْتَقِدِ فِي قَلْبِهِ وَإِلَّا فَالَّذِي زَادُوهُ هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَالَ أَبُو الْمُظَفَّرِ بْنُ السَّمْعَانِيِّ تَعَقَّبَ بَعْضُ أَهْلِ الْكَلَامِ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّ السَّلَفَ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَمْ يَعْتَنُوا بِإِيرَادِ دَلَائِلِ الْعَقْلِ فِي التَّوْحِيدِ بِأَنَّهُمْ لَمْ يَشْتَغِلُوا بِالتَّعْرِيفَاتِ فِي أَحْكَامِ الْحَوَادِثِ وَقَدْ قَبِلَ الْفُقَهَاءُ ذَلِكَ وَاسْتَحْسَنُوهُ فَدَوَّنُوهُ فِي كُتُبِهِمْ فَكَذَلِكَ عِلْمُ الْكَلَامِ وَيَمْتَازُ عِلْمُ الْكَلَامِ بِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ الرَّدَّ عَلَى الْمُلْحِدِينَ وَأَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَبِهِ تَزُولُ الشُّبْهَةُ عَنْ أَهْلِ الزَّيْغِ وَيَثْبُتُ الْيَقِينُ لِأَهْلِ الْحَقِّ وَقَدْ عَلِمَ الْكُلُّ أَنَّ الْكِتَابَ لَمْ تعلم حقيته وَالنَّبِيُّ لَمْ يَثْبُتْ صِدْقُهُ إِلَّا بِأَدِلَّةِ الْعَقْلِ وَأَجَابَ أَمَّا أَوَّلًا فَإِنَّ الشَّارِعَ وَالسَّلَفَ الصَّالِحَ نَهَوْا عَنِ الِابْتِدَاعِ وَأَمَرُوا بِالِاتِّبَاعِ وَصَحَّ عَنِ السَّلَفِ أَنَّهُمْ نَهَوْا عَنْ عِلْمِ الْكَلَامِ وَعَدُّوهُ ذَرِيعَةً لِلشَّكِّ وَالِارْتِيَابِ وَأَمَّا الْفُرُوعُ فَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمُ النَّهْيُ عَنْهَا إِلَّا مَنْ تَرَكَ النَّصَّ الصَّحِيحَ وَقَدَّمَ عَلَيْهِ الْقِيَاسَ وَأَمَّا مَنِ اتَّبَعَ النَّصَّ وَقَاسَ عَلَيْهِ فَلَا يُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ إِنْكَارُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْحَوَادِثَ فِي الْمُعَامَلَاتِ لَا تَنْقَضِي وَبِالنَّاسِ حَاجَةٌ إِلَى مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ فَمِنْ ثَمَّ تَوَارَدُوا عَلَى اسْتِحْبَابِ الِاشْتِغَالِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ عِلْمِ الْكَلَامِ وَأَمَّا ثَانِيًا فَإِنَّ الدِّينَ كَمُلَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى الْيَوْم اكملت لكم دينكُمْ فَإِذَا كَانَ أَكْمَلَهُ وَأَتَمَّهُ وَتَلَقَّاهُ الصَّحَابَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاعْتَقَدَهُ مَنْ تَلَقَّى عَنْهُمْ وَاطْمَأَنَّتْ بِهِ نُفُوسُهُمْ فَأَيُّ حَاجَةٍ بِهِمْ إِلَى تَحْكِيمِ الْعُقُولِ وَالرُّجُوعِ إِلَى قَضَايَاهَا وَجَعْلِهَا أَصْلًا وَالنُّصُوصُ الصَّحِيحَةُ الصَّرِيحَةُ تُعْرَضُ عَلَيْهَا فَتَارَةً يُعْمَلُ بِمَضْمُونِهَا وَتَارَةً تُحَرَّفُ عَنْ مَوَاضِعِهَا لِتُوَافِقُ الْعُقُولَ وَإِذَا كَانَ الدِّينُ قَدْ كَمُلَ فَلَا تَكُونُ الزِّيَادَةُ فِيهِ إِلَّا نُقْصَانًا فِي الْمَعْنَى مِثْلَ زِيَادَةِ أُصْبُعٍ فِي الْيَدِ فَإِنَّهَا تُنْقِصُ قِيمَةَ الْعَبْدِ الَّذِي يَقَعُ بِهِ ذَلِكَ وَقَدْ تَوَسَّطَ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ فَقَالَ لَا يَكْفِي التَّقْلِيدُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ يَنْشَرِحُ بِهِ الصَّدْرُ وَتَحْصُلُ بِهِ الطُّمَأْنِينَةُ الْعِلْمِيَّةُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بِطَرِيقِ الصِّنَاعَةِ الْكَلَامِيَّةِ بَلْ يَكْفِي فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ بِحَسَبِ مَا يَقْتَضِيهِ فَهْمُهُ انْتَهَى وَالَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ تَقْلِيدِ النُّصُوصِ كَافٍ فِي هَذَا الْقَدْرِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْمَطْلُوبُ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ التَّصْدِيقُ الْجَزْمِيُّ الَّذِي لَا رَيْبَ مَعَهُ بِوُجُودِ اللَّهِ تَعَالَى والايمان برسله وَبِمَا جاؤوا بِهِ كَيْفَمَا حَصَلَ وَبِأَيِّ طَرِيقٍ إِلَيْهِ يُوَصِّلُ وَلَوْ كَانَ عَنْ تَقْلِيدٍ مَحْضٍ إِذَا سَلِمَ مِنَ التَّزَلْزُلِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْفَتْوَى وَمَنْ قَبْلَهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْقَوْلِ فِي أَصْلِ الْفِطْرَةِ وَبِمَا تَوَاتَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ الصَّحَابَة انهم حَكَمُوا بِإِسْلَامِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ جُفَاةِ الْعَرَبِ مِمَّنْ كَانَ يَعْبُدُ الْأَوْثَانَ فَقَبِلُوا مِنْهُمُ الْإِقْرَارَ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَالْتِزَامَ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ مِنْ غَيْرِ إِلْزَامٍ بِتَعَلُّمِ الْأَدِلَّةِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ إِنَّمَا أَسْلَمَ لِوُجُودِ دَلِيلٍ مَا فَأَسْلَمَ بِسَبَبِ وُضُوحِهِ لَهُ فَالْكَثِيرُ مِنْهُمْ قَدْ أَسْلَمُوا طَوْعًا مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ اسْتِدْلَالٍ بَلْ بِمُجَرَّدِ مَا كَانَ عِنْدَهُمْ مِنْ أَخْبَارِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِأَنَّ نَبِيًّا سَيُبْعَثُ وَيَنْتَصِرُ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ فَلَمَّا ظَهَرَتْ لَهُمُ الْعَلَامَاتُ فِي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَادَرُوا إِلَى الْإِسْلَام وَصَدقُوهُ فِي كل شَيْءٍ قَالَهُ وَدَعَاهُمْ إِلَيْهِ مِنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَغَيْرِهِمَا وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ كَانَ يُؤْذَنُ لَهُ فِي الرُّجُوعِ إِلَى مَعَاشِهِ مِنْ رِعَايَةِ الْغَنَمِ وَغَيْرِهَا وَكَانَتْ أَنْوَارُ النُّبُوَّةِ وَبَرَكَاتُهَا تَشْمَلُهُمْ فَلَا يَزَالُونَ يَزْدَادُونَ إِيمَانًا وَيَقِينًا وَقَالَ أَبُو الْمُظَفَّرِ بْنُ السَّمْعَانِيِّ أَيْضًا مَا مُلَخَّصِهِ إِنَّ الْعَقْلَ لَا يُوجِبُ شَيْئًا وَلَا يُحَرِّمُ شَيْئًا وَلَا حَظَّ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَرِدِ الشَّرْعُ بِحُكْمٍ مَا وَجَبَ عَلَى أَحَدٍ شَيْءٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا وَقَوْلِهِ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بعد الرُّسُل وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ فَمَنْ زَعَمَ أَنَّ دَعْوَةَ رُسُلِ اللَّهِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِنَّمَا كَانَتْ لِبَيَانِ الْفُرُوعِ لَزِمَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْعَقْلَ هُوَ الدَّاعِي إِلَى اللَّهِ دُونَ الرَّسُولِ وَيَلْزَمُهُ أَنَّ وُجُودَ الرَّسُولِ وَعَدَمَهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الدُّعَاءِ إِلَى اللَّهِ سَوَاءٌ وَكَفَى بِهَذَا ضَلَالًا وَنَحْنُ لَا نُنْكِرُ أَنَّ الْعَقْلَ يُرْشِدُ إِلَى التَّوْحِيدِ وَإِنَّمَا نُنْكِرُ أَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِإِيجَابِ ذَلِكَ حَتَّى لَا يَصِحَّ إِسْلَامٌ إِلَّا بِطَرِيقِهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنِ السَّمْعِيَّاتِ لِكَوْنِ ذَلِكَ خِلَافَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ آيَاتُ الْكِتَابِ وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الَّتِي تَوَاتَرَتْ وَلَو بِالطَّرِيقِ المعنوى وَلَو كَانَ كَمَا يَقُولُ أُولَئِكَ لَبَطَلَتِ السَّمْعِيَّاتُ الَّتِي لَا مَجَالَ لِلْعَقْلِ فِيهَا أَوْ أَكْثَرِهَا بَلْ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِمَا ثَبَتَ مِنَ السَّمْعِيَّاتِ فَإِنْ عَقَلْنَاهُ فَبِتَوْفِيقِ الله والا اكتفينا باعتقاد حقيته عَلَى وَفْقِ مُرَادِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى انْتَهَى وَيُؤَيِّدُ كَلَامَهُ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنِ بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْشُدُكَ اللَّهَ آللَّهُ أَرْسَلَكَ أَنْ نَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنْ نَدَعَ اللَّاتَ وَالْعُزَّى قَالَ نَعَمْ فَأَسْلَمَ