Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

خريدة القصر وجريدة العصر
خريدة القصر وجريدة العصر
خريدة القصر وجريدة العصر
Ebook825 pages5 hours

خريدة القصر وجريدة العصر

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

خريدة القصر وجريدة العصر هو كتاب أدبي يقع في 21 مجلدًا، ترجم فيه مؤلفه عماد الدين الأصفهاني لشعراء عدة في القرنين الخامس والسادس الهجريين
خريدة القصر وجريدة العصر هو كتاب أدبي يقع في 21 مجلدًا، ترجم فيه مؤلفه عماد الدين الأصفهاني لشعراء عدة في القرنين الخامس والسادس الهجريين
خريدة القصر وجريدة العصر هو كتاب أدبي يقع في 21 مجلدًا، ترجم فيه مؤلفه عماد الدين الأصفهاني لشعراء عدة في القرنين الخامس والسادس الهجريين
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateAug 19, 1901
ISBN9786335485927
خريدة القصر وجريدة العصر

Related to خريدة القصر وجريدة العصر

Related ebooks

Related categories

Reviews for خريدة القصر وجريدة العصر

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    خريدة القصر وجريدة العصر - العماد الأصبهاني

    الغلاف

    خريدة القصر وجريدة العصر

    الجزء 2

    العماد الأصبهاني

    597

    خريدة القصر وجريدة العصر هو كتاب أدبي يقع في 21 مجلدًا، ترجم فيه مؤلفه عماد الدين الأصفهاني لشعراء عدة في القرنين الخامس والسادس الهجريين

    القائد أبو عبد الله محمد بن خليفة السنبسي

    سمعت أنه كان من شعراء سيف الدولة، صدقة، بن منصور، بن دبيس، وكان يحسن إليه. فلما قتل صدقة، مدح دبيساً ولده، فلم يحسن إليه .فوافى بغداد في الأيام المسترشدية، ومدح الوزير جلال الدين، أبا علي، بن صدقة، فأحسن إليه، وأجزل له العطاء .ومات ب بغداد .وكان مسبوك النقد، جيد الشعر، سديد البديهة، شديد العارضة. تتفق له أبيات نادرة، ما يوجد مثلها .فمنها، من قصيدة بيتان، وهما :

    فرُحْنا ، وقد رَوَّى السَّلامُ قلوبَنا ........ ولم يَجْرِ مِنّا في خُروق المَسامعِ

    ولم يعلَمِ الواشونَ ما كان بينَنا ........ من السِّرّ لولا ضَجرةٌ في المدامعِ

    وهذان البيتان البديعان، من كلمة له في سيف الدولة، صدقة، بن منصور، المزيدي، الأسدي، وأولها:

    لِمَنْ طَلَلٌ بين النَّقا فالأَجارعِ ........ مُحيِل ، كسَحْق اليَمْنَة المُتَتايعِ ؟

    ومنها:

    وعهدي به والحَيُّ لم يتَحمَّلُوا ........ أو انسَ غِيدٍ كالنُّجوم الطَّوالعِ

    من اللاءِ لم يعرِفن ، مُذْ كُنَّ صِبْيَةً ........ مع الليل ، فَتْلاً غيرَ فَتْل المَقانعِ

    ومنها:

    نَبَذْت لهنَّ الصَّوتَ منّي ، وقد جرى كَرَى النَّوْمِ ما بينَ الجُفون الهواجعِ

    فأقبلن ، يسحَبْنَ الذُّيولَ على الوَجَى ، ........ إِلَيَّ ، كأمثال الهِجان النَّوازعِ

    يُزَجِيّنَ مِكسالاً ، يكادُ حديثُها ........ يَزِلُّ بحِلْم الزّاهد المتواضعِ

    مليحة ما تحتَ الثِيّاب ، كأنَّها ........ صَفيحةُ نَصْل في حَرِيرَة بائعِ

    إذا خطَرت بين النِّساء ، تأوَّدت ........ برِدْف كدِعْص الأجرع المُتَتابعِ

    فَأبْثَثْتُها شوقي وما كنت واجداً ........ فراحت وسِرّي عندَها غيرُ شائعِ

    ومَنْ يَنْسَ لا أنسَى عِشيّةَ بَيْنِنا ........ ونحن عِجال بين غادٍ وراجعِ

    وقد سلَّمت بالطَّرْف منها ، ولم يكن ........ من النُّطق إِلاّ رَجْعُنا بالأصابعِ

    وبعدها البيتان:

    فرحُنْا ، وقد رَوَّى السَّلام قلوبنا ........ ولم يَجْرِ مِنّا في خُروق المسامعِ

    ولم يعلَمِ الواشونَ ما كان بينَنا ........ من السِّرّ لولا ضَجْرَةٌ في المدامعِ

    انظر، هل ترى مثل هذين البيتين في القصيدة، بل في جمع شعره ؟وقوله: 'لولا ضجرة في المدامع'، ما سبق إليه. وهو في غاية الحسن واللطافة .ومنها:

    فإنْ تَكُ بانَتْ بَيْنَ لا مُتَعَتِّبٍ ........ فيرضَى ، ولا ذو الوُدّ منها بطامعِ ،

    فإِنّي لأَهْواها ، وإِنْ حالَ دونَها ........ سَوادُ رَغامٍ البَرْزَخ المتاوقعِ

    وأُقسِم لولا سيفُ دولة هاشمٍ ........ ونشري لِما أولاه بينَ المجامعِ ،

    لَقَرَّبُت رَحْلي عامداً فأتيتُها ........ وإِن كان إِلمامي بها غيرَ نافعِ

    ومنها في المدح، وقد أحسن أيضاً:

    إذا جئتَه ، لم تلقَ من دون بابِه ........ حجاباً ، ولم تدخُلْ إليه بشافعِ

    كماء الفُرات الجَمّ ، أعرض وِردُه ........ لكلّ أُناس ، فَهْوَ سهلُ الشّرائعِ

    إذا سار في أرض العدوّ ، تباشرت ........ بأرجائها غُبْرُ الضِّباع الخوامعِ

    فتتبَعُه من كلّ فَجّ ، فتهتدي ........ طوائفها بالخافقات اللوامعِ

    فيُرمِلُ نِسواناً ، ويُيْتِمُ صِبْيَةً ، ........ ويجنُبُ في الأَغلال مَنْ لم يُطاوعِ

    على أَنّه في السَّلْم عندَ سؤاله ........ أَغَضُّ وأحيا من ذوات البَراقعِ

    ومنها:

    فما نِيلُ مِصر ، والفُراتُ ، ونِيلُهُ ........ ودَجْلَةُ في نَيْسانَ ذاتُ الرَّواضعِ ،

    تَرُدُّ لها الزّابانِ من كلّ مَنْطَفٍ ........ ذَوائبَ أعناقِ السُّيُول الدَّوافعِ ،

    _ بأسرعَ من يُمْناه فضلَ أَناملٍ ........ وأجرى نَدىً من سيله المتدافعِ

    إِليك ابنَ منصور تخطّت بنا الفَلا ........ سفائنُ بَرٍّ غيرُ ذات بَضائعِ

    سِوى الحمدِ . إِنَّ الحمدَ أبقى على الفتى ........ من المال ، والأموالُ مثلُ الودائعِ

    وله من قصيدة في عميد الدولة، ابن جهير وزير الإمام المستظهر بالله، أولها:

    أمَنازلَ الأحباب بينَ مَنازلِ ........ فالرَّبْوَتَيْنِ إلى الشَّرَى من كافلِ

    ومنها:

    ولقد جزِعت من الفراق وبَيْنِهِ ........ جَزَعَ العليلِ من السَّقام القاتلِ

    تتلو ، وتتبَعُها ، الحُداة ، كأنّها ........ قَزَعٌ تقطَّعَ من جَهامٍ حافلِ

    فوقفت أنظُرها ، وقد رُفِعت لنا ، ........ نظرَ الغريقِ إلى سواد السّاحلِ

    وتعرَّضت ، لِتَشُوقَنا ، مَعنيَّة ........ كالظَّبْي أفلت من شِراك الحابلِ

    هيفاء . . ألْحَفَها الشَّباب رِداءَه ........ كالغصن ذي الورقِ الرَّطيبِ المائلِ

    تهتزُّ بين قلائد وخَلاخل ........ وتَميس بين مَجاسد وغَلائلِ

    وتقول : إنّ لقاءنا في قابلٍ ، ........ والنَّفسُ مولعة بحبّ العاجلِ

    ومضت ، فأضمرها البِعادُ ، فلم تكن ........ خُطُواتُها إِلا كَفْيءٍ زائلِ

    ومنها في المخلص:

    يشكو معاندةَ الخطوبِ ، ويرتجي ........ عدلَ الزَّمانِ من الوزير العادلِ

    وله من قصيدة في مهذب الدولة، السعيد، بن أبي الجبر ملك البطيحة يطلب فيها شبارة:

    خَلِّياني من شقوة الادلاجِ ........ وأصْبَحانِي قبل اصطخابِ الدَّجاجِ

    من كُمَيْت ، ذابت ، فلم يبقَ منها ........ غيرُ نُور مستوقَدٍ كالسِّراجِ

    عتَّقتْها المَجُوس من عهد شِيثٍ ........ بُرهةً بينَ مِخْدَعٍ وسِياجِ

    فبدت من حِجالها ، وَهْيَ تسمو ........ كالمصابيح في بطون الزُّجاجِ

    واقْتُلاها عنّي بمَزْج ، فإِنّي ........ لا أرى شُربَها بغير مِزاجِ

    يتهادَى بها إِلَيَّ غَضيضُ ال _ طَّرْف ما بينَ خُرَّد كالنِّعاجِ

    من بنات القصور ، يَمشين رَهْواً ........ بين وَشْي الحرير والدِّيباجِ

    وذَراني من النُّهوض مع الرُّكْ _ بانِ والعَوْدِ بالقِلاص النَّواجي

    ووقوفي على مَعاهدَ غُبْرٍ ........ ليس فيها لِعائج من مَعاجِ

    إِنَّما بِغْيَتِي مصاحبة الصَّهْ _ باءِ مَعْ كلِّ أبلجٍ فَرّاجِ

    ومنها في المخلص:

    كامل في الصِّفات مثل كمال ال _ دِّينِ غَوْثِ الورى ولَيْثِ الهِياجِ

    ومنها:

    أيُّها الخاطبُ الَّذي بعَث المَهْ _ رَ إلينا ، والنَّقْدَ ، قبلَ الزَّواجِ

    قد زَفَفْنا إليك بِكراً لَقُوحاً ........ غيرَ ما فارِكٍ ، ولا مِخْداجِ

    حُرَّةً ، لم تلِدْ جَنيناً ، ولم تَنْ _ مُ قديماً من نُطفة أَمشاجِ

    غيرَ أَنّي إِخالُها ، وَهْيَ حَمْلٌ ، ........ لَقِحَتْ من نَداك قبلَ النَّتاجِ

    فاشْرِ منها النِّكاحَ طِلْقاً ، فإنّي ........ بِعتُه منك بيعةَ المحتاجِ

    بَسُبوحٍ دَهْماءَ ، مُسْحنَةِ البط _ نِ ، خَرُوجٍ من كَبَّة الأمواجِ

    كالظَّلِيم المُغِّذِ ، في الماء تبدو ........ من لباس الظَّلْماء في دُوّاجِ

    شَخْتَة القَدِّ ، من خِفاف الشَّبابِي _ ر المَقاصير ، أو طِوال الوراجي

    الوراجي: جمع أرجية، وهي من سفن البطائح.

    بارزات أضلاعها فَهْيَ كُثْرٌ ........ مُدْمَجاتٌ في قوَّة واعوجاجِ

    سيرُها دائباً على الظَّهر ، لا يشْ _ كو قَراها من كدحة وانشجاجِ

    يلتقي جَرْيَةَ الفُراتِ فيُردي ........ سيرُها كلَّ مُقْرِب هِمْلاجِ

    بلِسان مثلِ السِّنان طويلٍ ........ طاعنٍ من حَشاه في الأَثباجِ

    ورِقاقٍ عُقْفٍ ، كأجنحة الطِّيْ _ ر إِذا رفرفتْ على الأَبراجِ

    داجياتٍ ، حُدْب الظُّهور ، فإِنّي ........ أبداً في هواك غير مُداجِ

    فتراها تمُرُّ في الماء كالسَّهْ _ مِ إِذا قصَّرَتْ نِقالُ الرَّماجِ

    ومنها:

    واغتنمْ فُرصة الزَّمان بنفعي ........ فالليالي سريعة الاِنْدِراجِ

    وَلْيَكُنْ ذاك عن قريب ، فإِنّي ........ كلَّ يوم في رجفة وانزعاجِ

    وله في صفة الراح:

    وكأسٍ كمثل فَتِيق الضِّرام ........ تُميِت الهموم ، وتُحيي السُّرورا

    تُشَبُّ لِشَرْبٍ على مَرْقَب ........ فتُعشي النَّديمَ ، وتُغْشِي المديرا

    إذا شابَها شاربٌ مُعْتِمٌ ........ ظننت بيُمْناه نجماً منيرا

    أنشدنيها ب البصرة زين الدين، ابن الأزرق .وله يصف روضاً، من قصيدة، أولها:

    يا راقداً ، قد نفَى عن جَفْنه الأَرَقا ، ........ قُمْ للصَّبُوح ، فهذا الصُّبح قد طَفِقا

    واشرَبْ على روضة ، جازَ النَّسيمُ بها ........ ليلاً ، فأصبح من أَنفاسها عَبِقا

    فما يَمُرّ ، إذا ما مَرَّ مبتكِراً ، ........ إِلا وأَرَّج من أنفاسه الطُّرُقا

    كأنّما نشَر العطّارُ عَيْبَتَهُ ........ فيها سُحَيْراً مع الإِصباحِ إِذْ فُتِقا

    كأنّما السُّحْبُ تَهْواها ، فقد نظَمت ........ من لؤلؤ الطَّلّ في أوراقها حَلَقا

    ووكلت حولَها من نورها حرساً ........ يظَلُ يرقُبُها ، لا تَطْرِفُ الحَدَقا

    صُفْرُ الحماليق ، لا تنفكّ ناظرةً ........ وليس تنطقُ إِنْ ذو ناظر نطَقا

    كأنّما الكَرْمُ في أرجائها خِيَمٌ ........ من سُنْدُس ، ضُرِبت مسطورةً نَسَقا

    تبدي لنا من حواشيها ، إذا كشَطت ........ هُوجُ العواصِف عن قُضبانها الوَرَقا

    مثل التَّنابيلِ من حام قد اتَّخَذُوا ........ خوفاً من السَّبْي في أيديِهِمُ دَرَقا

    وأنشدني أيضاً للسنبسي في صفة الخمر، وقد أحسن:

    فكأنّها والكأسُ تحت سُلافِها ........ شَرَرٌ ، على نار ، على حُرّاقِ

    وكأنَّ أفواهَ الزُّجاج ، وقد بدا ........ منها المُدامُ ، مدامعُ العشّاقِ

    ومنها في صفة الإبريق:

    جُليت علينا في مراكزِ محكَمٍ ........ بغَلائلٍ مُلْسِ المُتُونِ رِقاق

    أنشدنيها أبو المعالي الذهبي، رحمه الله تعالى .ومنها، وهو أول الأبيات على الترتيب:

    ولَرُبَّ ديرٍ ، قد قصَدنا نحوَهُ ........ في فِتْيَة ، ناءٍ عن الأسواقِ

    فطرَقْت بابَهُمُ ، فقال كبيرهُمْ : ........ أهلاً بزائرنا وبالطُّرّاقِ

    ومضى بمغِوَلِه ، فغاب هُنَيْهَةً ........ في مُخْدَع ناءٍ وَرا أَغلاقِ

    وأتى بها بِكراً ، تخالُ حَبابَها ........ فوقَ الدِّنان نواظرَ الأحداقِ

    حمراءَ ، تَخْضِب في الظَّلام إذا بدت ........ في كفّ شاربها ، يمينَ السّاقي

    لم تُغْلَ في قِدر ، فيَكْمَدَ لونُها ، ........ قبلَ انتهاكِ العصر ، بالإِحراقِ

    فكأنَها ، والكأس تحتَ سُلافها ........ شَرَرٌ ، على نار ، على حُرّاق

    ومنها في صفة الأباريق:

    جُليت علينا في مراكز محكَم ........ بغَلائلٍ مُلْسِ المُتون رِقاقِ

    وكأنّ أفواه الزُّجاج ، وقد بدا ........ منها المُدامُ ، مدامعُ العشّاقِ

    فكأنَّها بين الحضور حمائمٌ ........ حُمرُ الصُّدور لوامع الأَطواقِ

    قلت : اسْقِني منها بكأسٍ قَرْقَفاً ........ صهباءَ لاحقةَ الشّعاع ، دِهاقِ

    وخُذِ الَّذي نعطيك غيرَ مُماكسٍ ........ يا عمُّ من ذهب ومن أَعْلاقِ

    فأبى عَليَّ ، وقال : كلاّ ، والّذي ........ أهوى عبادَه مع الخَلاّقِ

    لا شَمَّ مَفْرِقَ رأسِهما ذو مَعْطِسٍ ........ إلا بكَثرةِ رغبةٍ وصَداقِ

    ومنها في صفة الخمار، وسومه:

    فتعالت الأصوات فيما بينَنا ........ حتّى أخَذْنا في مِرا وشِقاقِ

    أدنو ، فيبعد في الكلام بسَوْمِهِ ........ عنّي ، فما ألقاه عندَ وِفاقي

    فكأنّما درَسَ الخِلافَ وحكمَهُ ........ للشّافِعيّ على أبي إسحاقِ

    وله في المديح:

    فواللهِ ما حدَّثتُ نفسي بمدحة ........ لذِي كرم ، إلا خطَرت بباليا

    ولا سِرْتُ في وجه ، لأِسأل حاجة ........ أُسَرُّ بها ، إلا جعَلْتك فاليا

    وإِنّي لَراجٍ أن أنالَ بك العلى ........ وأبلُغَ من دهري ومنك الأمانيا

    وأنشدت له في الخمر:

    أقول لصاحب ، نبَّهْتُ وَهْناً ، ........ ونومُ العين أكثرُه غِرارُ :

    لَعلَّك أَنْ تعلِّلَنا بخمرٍ ، ........ فأيّامُ الشُّرور بها قِصارُ

    فقامَ يذودُ باقي النَّوم عنه ، ........ وفي أجفانِ مُقْلَتِه انكسارُ

    وعاد بها ، كماء التِّبْر ، صِرفاً ........ على أَرجائها زَبَدٌ صِغارُ

    فلم أرَ قبلَ منظرِه لُجَيْناً ........ رقيقَ السَّبْكِ ، أخلصه النُّضارُ

    فما أدري ، وقد فكّرتُ فيها ، ........ أنارٌ في الزُّجاجة ؟ أَمْ عُقارُ ؟

    لِكُلّهِما ضياءٌ واشتعالٌ ........ تطايرَ عن جوانبه الشَّرار

    سِوى أَنّي وجدت لها نسيماً ........ كنَشْر الرَّوض ، باكرَه القِطارُ

    وله:

    ولمّا تنادَى الحيُّ بالبَيْن غُدوةً ، ........ أقام فَريقٌ ، واستقلَّ فَريقُ

    تَلفَّتُّ إِثْرَ الظُّعْنِ حتّى جهِلته ........ فإِنسانُ عيني بالدُّموع غريقُ

    فيا مَنْ لِعَيْنٍ لا تَزالُ كأنَّما ........ عليها غِشاء للدُّموع رقيقُ

    إذا البَيْنُ أدماها بأيدي سِفاره ........ تحدَّر منها لؤلؤ وعَقيقُ

    وله:

    فَسِيحُ نواحي الصَّدر ، ثَبْتٌ جَنانُه ........ إذا الخيلُ من وقع الرِّماح اقشعرَّتِ

    جميل المُحَيّا والفِعَال ، كأنّما ........ تمنَّتْه أُمُّ المجد لمّا تَمَنَّتِ

    وأنشدني شيخنا عبد الرحيم بن الأخوة قال: أنشدني القائد أبو عبد الله، محمد، بن خليفة، السنبسي لنفسه:

    وخمّارةٍ من بنات ........ المَجُ _ سِ لا تطعَمُ النّومَ إلاّ غِرارا

    طرَقْت على عجل ، والنُّجو _ مُ في الجوّ معترضاتٌ حَيارَى

    وقد برد الليل ، فاستخرجت ........ لنا في الظَّلام من الدَّنّ نارا

    وله:

    لم أنسَ ، يومَ رحيلِ الحيّ ، موقِفَنا ........ ب ذي الأراك وذيلُ الدّمعِ مجرورُ

    وقد لها كلُّ ذي حاجٍ بحاجته ........ عنّا ، فمُنْتَزِجٌ ناءٍ ، ومنظورُ

    كم قد عزَمت على تَركي محبَّتكم ........ يا أُمَّ عَمْروٍ ، فتأباه المقاديرُ

    وله في النسيب:

    يَعشي العُيونَ ضياءُ بهجتِها ........ تحتَ الظَّلامِ ، ودُونَها السِّتْرُ

    وإذا تكلّمنا ، ترى بَرَداً ........ شَنَباً ، تَرقرقُ فوقَه خمرُ

    قَصُرتْ عن الأَبواع خطوتها ........ عندَ القيامِ ، فقَدْرُها فِترُ

    وإذا مشت ، مالت روادفُها ........ بقَوامها ، وتململ الخَصْرُ

    فجبينُها بدرٌ ، ومَبْسِمُها ........ فجرٌ ، وحشوُ جُفونِها سحرُ

    فكأنّما كُسيت تَرائبُها ........ زَهَراً ، تَوَقَّد بينَه جمرُ

    قامت تودِّعُني ، وما علِمت ........ أَنَّ الوَداع لمِيتتي قَدْرُ

    وأنشدني مجد الدولة، أبو غالب، عبد الواحد، بن الحصين قال: أنشدني والدي مسعود، بن عبد الواحد، رحمه الله تعالى، للسنبسي من قصيدة في سيف الدولة، صدقة، أولها:

    قم فاسقنيها على صوت النَّواعيرِ ........ حمراءَ ، تُشرق في ظلماءِ دَيْجُورِ

    كانت سِراجَ أناسٍ ، يهتدون بها ........ في أوَّل الدَّهر قبلَ النّارِ والنُّورِ

    فأصبحت ، بعدَما أفنى ذُبالتَها ........ مَرُّ النَّسيمِ وتَكرارُ الأعاصيرِ ،

    في الكأس تُرْعَدُ من ضُعف ومن كِبَر ........ كأنَّها قَبَسٌ في كفّ مقرورِ

    فالظِّلُّ منتشرٌ ، والطَّلُّ منتثِرٌ ........ ما بينَ آسٍ ورَيْحانٍ ومنثورِ

    ونَرجِس خَضِل ، تحكي نواظرُه ........ أحداقَ تِبْر على أجفان كافورِ

    ما بينَ نَيْلَوْفَرٍ ، تحكي تَمائمهُ ........ زُرقَ الأَسِنَّة في لون وتقديرِ

    مغرورق ، كرُؤوس البطّ مُتْلِعَةً ........ أعناقَها ، وهُمُ مِيلُ المناقيرِ

    كأنّما نَشْرُها في كلّ باكرةٍ ........ مِسكٌ تضوَّعَ ، أو ذِكرُ ابنِ منصورِ

    أبو عبد الله أحمد بن عمار الحسيني الكوفي

    مجد الشرف .كتب لي ولده شمس الشرف، عمار نسب والده، وهو: أبو عبد الله، أحمد، بن عمار، بن أحمد، بن عمار، بن المسلم، بن أبي محمد، بن أبي الحسن محمد، بن عبيد الله، بن علي، بن عبيد الله، بن علي، ابن عبيد الله، بن الحسين، بن علي، بن الحسين، بن علي، بن أبي طالب - عليهم السلام .وذكر: أنه توفي ب بغداد سنة سبع وعشرين وخمس مئة، وعمره اثنتان وخمسون سنة .علوي، نجم سعده في النظم علوي. وشريف شرى في سوق الأدب، فضله بكد النفس والنصب. شرفت همته، وظرفت شيمته، ولطف لنظم رقيق الشعر ذهنه، ولم يملك في مضمار القريض رهنه .مجد الشرف، مجيد لإنشاء الطرف. موفي كافٍ، خاطره صافٍ، ولفظه شافٍ، وفضله غير خافٍ. في حظه قانع، وفي شعره صانع، ومن الخطأ في نظمه مانع، فكأن كلامه ثمر يانع .كل شعره مجنس، لا كشعر غيره بالركة والعجمة مدنس. فهو بصنعته وقوة معناه مقدس، بنيانه على الفضل ممهد مؤسس .ف ابن عمار، لمودات القلوب بانٍ ومعمار. نبتت في أفنان أدبه أثمار، وتطلعت من مشرق فضله لقصائده أقمار، وستنقضي - إلى أن يسمح الدهر بمثله - حقب وأعمار .أغر، له الكلم الغر. حر، له النظم الحر، السهل الممتنع الحلو المر، كأنه الياقوت والدر .أنشدني الشيخ المؤدب المقرئ أبو إسحاق، إبراهيم، بن المبارك، البغدادي بها، في جمادى الأولى سنة إحدى وخمسين وخمس مئة - وكان راوية الشعراء، يتوب عنهم في الإنشاد بين يدي الكبراء - ل ابن عمار قصيدةً ألفيةً، أبياتها تشبه طلساً رومية. وكنت نظمت على روي الألف، وسمته أن ينشدها عني عند بعض ذوي الشرف، فتذكر ابن عمار وقال: ورد بغداد في الأيام المسترشدية، ومدح جلال الدين بن صدقة بتلك القصيدة المعنوية، ورويتها عنه إنشاداً بحضرة الوزير :وهي :

    خَلِّه ، تُنْضِ ليلَهُ الأَنْضاءُ ........ فعَساه يَشفي جَواه الخُوَاءُ

    ويُبِيد البَيْداء والعِيسَ . إِنّي ........ مُشفقٌ أَنْ تُبيدَه البَيْداءُ

    فقد استنجدتْ حَياه رُبا نَجْ _ د ، وشامت بُروقه شَيْماء

    وثَنَت نحوَه الثَّنِيَّةُ قلباً ........ قُلَّباً ، تستخفُّهُ الأَهواءُ

    عاطفاتٍ إليه أَعطافَها ، شَوْ _ قاً ، كما تَلْفِتُ الطُّلَى الأَطلاءُ

    دِمَنٌ دامَ لي بها اللهوُ حِيناً ........ وصَفا لي فيها الهوى والهواءُ

    وأَسرْت السَّرّاءَ فيها بقلب ........ أَسَرَتْه من بَعدِها الضَّراءُ

    فسقت عهدَها العِهادُ ، ورَوَّت ........ منه تلك النَّواديَ الأَنداءُ

    وأَربَّتْ على الرُّبا من ثَراها ........ ثَرَّةٌ ، للرِّياض منها ثَراءُ

    يستجمُّ الجُمام منها إذا ما ........ نَزَح المُقْلَةَ البَكِيَّ البكاءُ

    زمنٌ ، كان لي عن الهَمّ هَمّ ........ بالتَّصابي ، وبالغَواني غَناءُ

    ناضرٌ . كُلَّما تعطَّفتِ الأَع _ طافُ منه ، تثنَّتِ الأَثْناءُ

    وإِذا هَزَّت الكَعابُ كِعابَ ال _ خَطِّ ، سَلَّتْ ظُبَى السَّيوفِ الظِّباءُ

    في رياض ، راضت خِلالَ جَلالَ ال _ دِّينِ أرواحهنَّ والصَّهْباءُ

    شِيَمٌ ، شامَها النَّسيمُ ، فرَقَّت ........ وجَفَتْ عن سموّها الأسماءُ

    شابَ بالعُرْف عَرْفَهُنَّ ، وقِدْماً ........ خامر الخمرَ في الزُّجاجة ماءُ

    ملك ، خاطبَ الخُطوب برمز ........ خَطُبَتْ من شِياته الفصحاءُ

    وأمالَ الآمالَ عن كلّ حَيّ ........ بعدَ أَنْ لم يكن لحَيّ رجاءُ

    أَلْمَعِيٌّ ، لو شامَ لامعَ أمر ........ لأَرَتْه غروبَه الآراءُ

    مُعرض العِرض عن عتاب ، إِذا لم ........ يَرُعِ الأروعَ الهِجانَ الهِجاءُ

    لك من وجهه وكفَّيْه ماءا _ نِ : فهذا حَياً ، وهذا حَياءُ

    روَّض الأرضَ والنَّدِيَّ نَداه ........ واعتفته الأَحياءُ والأَحياءُ

    بِيَدٍ ، أيّدت من الدَّهر ما انآ _ دَ ، وكانت له اليدُ البيضاءُ

    ويَراع ، راعَ الذَّوابلَ بأساً ........ ورعى المجدَ حين قلَّ الرِّعاءُ

    كلَّما صلَّ ، صالَ منه بِصّلٍ ........ لا يُرَى للرُّقَى إليه ارتقاءُ

    وإذا ماجَ ثُمَّ مَجَّ لُعاباً ........ كان منه الشِّفاءُ والاشقاءُ

    فعليه للسّائلين صِلاتٌ ........ وعليه للصّائلينَ صِلاءُ

    قد أصابوا لَدَيْه صَوْباً وصاباً ........ فيهما راحةٌ لهم وعناءُ

    ورَّثَته هَدْيَ الجدودِ جدودٌ ........ ورَّثَتها آباءَها الآباءُ

    معشرٌ ، عاشروا الزَّمانَ ووَلَّوْا ........ وعليه رِيٌّ بهم ورُواءُ

    لو يُجارونَ جاريَ الغيثِ في الجو _ د ، لمَا ناوَأَتْهُمُ الأَنواءُ

    أنت صُنت العِراق إِذْ عَرَقَتْهُ ........ بيَدَيْها مُلِمَّةٌ دَهْياءُ

    وأَمامَ الإِمامِ قِدْماً تقدَّمْ _ تَ وأقدمتَ حينَ حانَ اللِقاءُ

    بجِنانٍ ، ما حَلَّ جَنْبَيْ جَبانٍ ، ........ واعتزامٍ ، للموت فيه اعتزاءُ

    أعربت عنه يَعْرُب و قُرَيْش ........ واصطفته الملوكُ والخُلَفاءُ

    باسطاً في ذرّا البسيطة جيشاً ........ جاشَ منه صدرُ الفَضاءِ الفَضاءُ

    نقع الجوَّ من جَواه بنَقْع ........ نافسته على السًّموّ السَّماءُ

    لم يَرِمْ عاريَ العَراء إلى أن ........ نُشِرت منه في مَلاهُ المُلاءُ

    كاد مَنْ كاده يَصُوب بِصَوْبٍ ........ قَطْرُ أقطارِ دِيِمَتَيْه الدِّماءُ

    يا أخا الجودِ والسَّماحِ ، نِداءً ........ فوقَ سَمْعِيهِ من نَداك نِداءُ

    رائقاً ، لا يُرِيقُ فيكم دمَ الأَمْ _ والِ ، حتّى تحيا به العَليْاءُ

    كلَّما هزَّه السَّماحُ ، تثنَّى ........ بين أثنائه عليه الثَّناءُ

    مِن فتىً ، فاتَ أقوم القوم بالقَوْ _ لِ ، ودانت لفضله الفضلاءُ

    حاز صَفْوَ الصّفات ، فالعِلمُ منه ........ عَلَمٌ ، والذَّكاء فيه ذُكاءُ

    لكُمُ منه ذِمَّة اللهِ . إِنَّ ال _ حمدَ والذَّمَّ من سِواه سَواءُ

    مستقلٌّ للمال ، لا يَجْتَدِيه ........ إِنَّما همَّةُ العليِّ العَلاءُ

    همّةٌ نالَها ، الثُّرَيّا علوّاً ........ واستوى عندَه الثَّرى والثَّراءُ

    لم يَطُلْها طَوْلُ السَّحاب ، ولا جا _ زَتْ بمجرى أفلاكِها الجَوْزاءُ

    همَّةٌ ، نازعت إليك ، وفي ذا _ كَ دليلٌ بأنّها عَلْياءُ

    عزَفَت عن بني الزَّمان ، ورامَتْ _ ك ، فهم داؤها ، وأنت الدَّواءُ

    كُلَّ يومٍ يؤُمُّها منك جودٌ ........ أحقرُ الجودِ عندَه الإِجداءُ

    أمطرَ العِزَّ ناشئاً ومَلِيئاً ........ واستوى المالُ عنده والماءُ

    تستميلُ الآمالُ عِطْفَيْه عَطْفاً ........ ويهُزُّ الرَّجاءَ منه الرَّجاءُ

    أنا ذاك الدّاني البعيدُ مقاماً ........ ومقالاً إِن أُفحِم الخُطَباءُ

    لا أرى الشِّعرَ لي شِعاراً إذا ما ا _ أخَذّتْهُ دَأباً لها الأدباءُ

    هو عندي نقصٌ وإن كان فضلاً ........ وكثيرٌ من البحور الغُثاءُ

    وإذا أحكم الرِّجالُ مقالاً ........ حكمت لي بسبقه الحكماءُ

    وقليلُ النَّوالِ عندي كثيرٌ ........ وهِباتُ الدُّنيا لَدَيَّ هَباءُ

    وإذا كنتَ أنت ذُخريَ للأي _ امِ ، هانت في عينيَ الأشياءُ

    وجدير أَنّي أنالُ بك المج _ دَ ، فما للغنى لَدَيَّ غَناءُ

    ويميناً ألا مددتُ يميناً ........ ما دجا الليلُ ، واستنار الضّياءُ

    غيرَ أنّي أغارُ للمجد أنْ لا _ تُدرِكَ المالَ غارةٌ شَعْواءُ

    وإذا القصدُ أخطأَ ابن عليّ ........ فعلى الشّعر والعُفاةِ العَفاءُ

    هذه القصيدة، من حقها أن تكتب بسويداء القلوب على بياض الأحداق، وقد أحدقت بها حدائق من التجنيس و التطبيق و الترصيع أحسن إحداق. ما يخلو بيت من تجنيس ومعنى نفيس، تخجل من نسجها صناع تونسة و تنيس. بكر مالها كفء فرضيت بالتعنيس. وعلى الحقيقة، لم أر كهذه الحديقة، ولم أسمع قبلها، في صنعتها مثلها، فهي غراء، عذراء حسناء، بل روضة غناء، أو غانية رعناء، خدرها الحياء. فلله در جالب درها، وحالب درهاوأنشدني الشريف أبو القاسم، علي، بن محمد، بن يحيى، بن عمر، الزيدي، الحسيني، الكوفي ب بغداد، في ديوان الوزير عون الدين، بن هبيرة، ثامن عشر صفر سنة ست وخمسين وخمس مئة، ل ابن عمار الكوفي:

    وشادِنٍ ، في الشّرب قد اُشرِبت ........ وَجْنَتُه ما مَجَّ راوُوقُهُ

    ما شُبِهّت يوماً أبارِيقُهُ ........ بريِقه ، إلا أبى رِيقُهُ

    وقال لي الشريف الجليل: وله في عمك العزيز، رحمه الله تعالى، قصيدة، منها:

    إذا هاجه الأعداء ، أو هزَّه النَّدَى ........ فأيُّ حَيا نادٍ ، وحيَّة وادِ

    وله في التجنيس، من قصيدة:

    في جَحْفَل متعاضد متعاقد ........ في قَسْطَل متراكب متراكمِ

    ورأى العلى بلحاظ عاشٍ عاشقٍ ........ ورمى العدا بشُوّاظ غاشٍ غاشمِ

    وله:

    يدٌ ، لو تُباريها الرِّياحُ لغاية ........ لَبَذَّ نسيمَ العاصفاتِ وَئيدُها

    إذا ما غَوادي المُزنِ أخلف جَوْدُها ........ وصوَّحَ نبتُ الأرضِ ، أخلف جُودُها

    ومنها:

    كتائبُ ، لكنَّ الرَّزايا نِبالُها . ........ كواكبُ ، لكنّ العطايا سُعودُها

    وله:

    محمّد و دُبَيْس أوْرَيا لهما ........ زَنْدَ المَنوُنِ ، ونَقْعُ الليلِ معتكرُ

    برأي هذا وغيبُ الخَطْب مشتبه ........ وبأسِ ذاك وغاب الخَطِّ مشتجرُ

    غدا عليهم وفي قلب الوَغَى غَرَرٌ ........ وراح عنهم وفي وجه العلى غُرَرُ

    ولقيت ولده ب بغداد، في سنة تسع وخمسين وخمس مئة، وهو شمس الشرف، عمار، بن أحمد، بن عمار، وهو كهل، فروى لي عن والده ما سبق ذكره، وأنشدني ما نظمه والده في مدح عمي العزيز، رحمه الله تعالى، وكتبه لي بخطه:

    إليك ، فما خَطْبِي بهَيْن من الأَمْرِ ........ وعنك ، فما فتكي ببِدْع من الإِمْرِ

    لَبِئْسَ الفتى مَن يردَعُ البؤسُ بأسَهُ ........ وغَمْرُ الرِّجال مَنْ يبيت على غِمْرِ

    ألست حصَبْتَ القلب يومَ مُحَصَّبٍ ........ وأوطأته ب الجَمْرَتَيْنِ على الجمرِ

    شنَنْت عليه ب الغُوَيْر إِغارةً ........ سنَنْت بها سَبْيَ النُّفوسِ إلى الحشرِ

    وثنَّيْت في يوم الثَّنِيِّ بنظرة ........ ثَنَت حِلمه لولا التَّمَسُّكُ بالصَّبْرِ

    حوادث ، تُسليني عن الهجر والنَّوَى ........ وأبرحُ شيءٍ ما جنته يدُ الهجرِ

    شكور على النُّعْمى ، صبور على البَلا ، ........ ذلول على الحسنى ، جموح على القسرِ

    وعُدْنا إلى القُربى ، وعُذْنا من القِلى ، ........ وعُجْنا عن العُتبى ، ومِلْنا إلى العُذرِ

    وما أنا بالسّالي الجَمُوحِ على الهوى ........ ولا أنا بالغالي الطَّمُوحِ إلى الوِزْرِ

    ومثليَ مَن هبَّتْ به أَرْيَحِيَّة ........ إلى اللهو ، لكنّي أَغارُ على الفخرِ

    ولا أقتضي بردَ الرُّضاب ، وإِنْ ورى ........ شُواظَ الثَّنايا الغُرِّ في قلبيَ الغِرِّ

    ولي في ظُبَيّات العَقِيق وحسنِها ........ مآربُ أُخرى غيرُ نُكْدٍ ولا نُكْرِ

    تذكّرني ألحاظُها وقُدودُها ........ عِناقَ الصِّفاحِ البِيضِ والأَسَل السُّمْرِ

    وتُلهمني ألفاظُها وعُقودها ........ بنظم القوافي في معاليك والشّعرِ

    إليك عزيزَ الدِّينِ قسراً تعَسَّفت ........ بنا البِيدَ أَنْضاءٌ مِراحٌ على الضَّمْرِ

    مردَّدة بين الجَدِيل و شَدْقَمٍ ........ كرائم يبدي سرّها كرم النَّجْرِ

    تطيرُ بأيدٍ ، في الفضاء ، خوافقٍ ........ كما خفَقَت في الجوّ قادمِتا نَسْرِ

    مَرَقْنَ بنا من أرض كُوفانَ بُدَّناً ........ خِفافاً ، تَبارَى في الأَزِمَّة والضَّفْرِ

    ورُحْنَ عن الزَّوْراء زُوراً نَوافراً ........ كما مَرَّتِ النَّكْباء بالبلد القَفْرِ

    ونكَّبْنَ أعلام العِراق ضَوارباً ........ بأخفافها ما بينَ شِجْنَةَ والقصرِ

    تلاعب أيديها كَلالاً ، كأنَّها ........ كواسرُ طيرٍ ، رائحات إلى وَكزِ

    تَتَبَّعُ آثار المكارم ، مثلَما ........ تَتَبَّعُ رُوّادُ الحَيا أثَرَ القَطْرِ

    إلى أن أنَخْناها بعَرْصَة ماجدٍ ........ أخي يَقَظات ، لا ينامُ على وِتْرِ

    طليقِ الغنى والوجه والكفّ والنَّدَى ........ رَحيبِ الحِمى والحِلم والباع والصَّدْرِ

    وَصُولٍ قَطُوعٍ ، باسمٍ باسرٍ ، نَدٍ ........ صَليبٍ ، مُبيحٍ مانعٍ ، سَهِلٍ وَعْرِ

    رقيقِ حواشي الحِلم ، يعدو على الغِنى ........ إذا ما سألناه ، ويُعدِي على الفَقرِ

    بكيدٍ خفّيٍ ، حُوَّلِ الرّأيِ قلَّبٍ ........ يروح على سرّ ، ويغدو على جهرِ

    وخَطْبٍ كجري السَّيْل ، نَهْنَهْت غَرْبَه ........ بعزمي ، وأسبابُ القضاء به تجري

    دعوت له وُدَّ الأخِلاّء مرّةً ........ وبأسَ الكُماة الصِّيد والعَدَد الدَّثْرِ

    فلمّا أبى نصري الزَّمان وأهلُه ........ دعوت ، على رُغْم الزَّمانِ ، أبا نصرِ

    دعوت فتى ، لم يُسْلمِ الدَّهْرَ جارَه ........ ولا رمَقَ الأضيافَ بالنّظر الشَّزْرِ

    ولا حكَمت في قلبه سَوْرَة الهوى ........ ولا رنّحت من عِطْفه نشوة الكِبرِ

    يروح ويغدو عند الجارُ آمناً ........ وتُمسي خطوبُ الدَّهر منه على ذُعْرِ

    إذا انقبضت فوقَ اليَراعِ بَنانُه ........ أرتك انبساطَ الجُودِ في سَعَة الوَفْرِ

    بَنانٌ . إذا جالت على الطَّرس ، خِلْتَها ........ بُحوراً ومُزناً جُدْنَ بالدُّرّ والدَّرِّ

    وما أنت إلا الشَّمسُ ، تبسطُ نورَها ........ نهاراً ، وتُلقيه - ظلاماً - على البدر

    وكم ليَ في عَلْياك غُرَّة مدحة ........ تَكَشَّفُ عن أوضاحها بُهَمُ الفكرِ

    غرائب . لو يُلْقَى الظَّلامُ بذكرها ، ........ لأَغنت قوافيها عن الأنجم الزُّهْرِ

    ولو فُصِّلت بالدُّرّ غُرُّ عقودِها ........ وخُيِّرْت ، لاخترت القَريض إلى الدُّرِ

    ومثليَ من أهدى لمثلك مثلَها ........ فإِنّي رأيتُ الحمد أنْفَسَ للذُّخْرِ

    وأنشدني أيضاً لوالده، رحمه الله تعالى، في عمي الصدر والشهيد عزيز الدين رحمه الله تعالى:

    إِلامَ تَلَقّانا النَّوَى بعِنادِ ؟ ........ وترمي الليالي قُربنا بِبِعادِ ؟

    وحَتّامَ يَقضي البينُ فيَّ مرادَه ........ وتمنَعُني الأيّامُ كلَّ مُرادِ ؟

    وما أشتكي إلا فراقَك ، إِنَّه ........ وَهَى جَلَدي عنه وقلَّ جِلادي

    ومثلُك مَن يَشْجَى الخليلُ ببَيْنِه ........ وأكثرُ إخوانِ الزَّمان أعادي

    وأنت الفتى كلُّ الفتى ، لا مضيِّعٌ ........ لعهد ، ولا ناسٍ لحفظ وِدادِ

    ولا شامخٌ إن زادك الدَّهرُ رتبةً ........ ولا ضاربٌ دونَ النَّدَى بسِدادِ

    كريمٌ وأخلاقُ الزَّمانِ لئيمةٌ ........ رَوِيٌّ وأخلافُ الغَمامِ صوادي

    وإن هاجك الأعداءُ ، أو هزَّك النَّدَى ........ فأيّ حَيا نادٍ ، وحَيَّةِ وادِ

    وأنشدني أيضاً لوالده، كتبها إلى عمي العزيز: عز الدين، أحمد، بن حامد يستهدي منه فرساً، فنفذ له فرساً، يساوي خمسين ديناراً:

    يا مَنْ ترى الغيب فينا أَلْمَعِيَّتُهُ ........ فالبعدُ في وَهْمه أدنى من الكَثَبِ

    أما رأيت يدَ الدَّهْماء قاصرةً ........ قد ناوشتْها فنالتها يدُ العَطَبِ

    كأنّما يَدُها ، عن رجلها خلَف ، ........ فكلَّما أقدمت ، عادت على العَقِبِ

    فما تَسير ببَرْحٍ غيرِ منقلِب ........ فسيرُها راجع في كلّ منقَلَبِ

    حتّى إذا هملجتْ بالقوم خيلُهُمُ ........ عدلت عجزاً إلى التَّقريب والخَبَبِ

    سارت بهم أنجم تنقضُّ مسرعةً ........ وسار تحتيَ ليل العاشق الوَصبِ

    فجُدْ بأشهبَ ، مثلِ النّجم مُتَّقداً ........ أو أشقرٍ ، كأُوار النّار ، ملتهبِ

    أو أحمرٍ ، كارعٍ في ماء غُرَّته ........ كأنَّ كُمْتَتَهُ الإحراقُ في الذَّهَبِ

    يبدو فيَكسِفُ من أنوار شُهْبِهِمُ ........ والشَّمسُ إِن طلَعت غطَّت على الشُّهُبِ

    مُجَنَّسٍ ، مُعْلَمِ الجَدَّيْنِ ، مفترع ........ عالي المَناسِب بين التُّرْك و العربِ

    لا خالصٍ عربيٍّ في أَرُومَتِهِ ........ ولا بليدٍ ، لئيمِ النَّجْرِ ، مُؤْتَشِبِ

    قد أخلصته بنو ذُهْل ، وهذَّبه ........ أبناءُ ساسانَ ، فاستولى على الأدبِ

    تظَلُّ في حسنه الأبصارُ حائرةً ........ فليس ينفكّ من عُجْب ومن عَجبِ

    يَزِين راكبه يوماً ومهديه ........ كالرّوض يُثني على الأَنواء والسُّحًبِ

    هذا الجوادُ ، الَّذي مَنَّ الجواد به ، ........ فافخَرْ بما شئت من مجد ومن حسبِ

    وأنشدني لوالده أيضاً في مرثية الوزير السميرمي، وهو علي، بن أحمد، والاستطراد بمدح عمي العزيز، أحمد، بن حامد رحمه الله تعالى:

    لقد هدَّ ركن الأرض فَقْدُ ابن أحمدٍ ........ وهيهاتَ ما خَلقٌ عليها بخالدِ

    وما تُخْلف الأيّامُ مثلَ ابن أحمد ........ على النّاس ، إلا أن يكونَ ابن حامد

    وهَبْنِيَ طال الدَّهرُ واعتضتُ غيرَه ........ أليس من المعروف نشرُ المحامدِ

    وأنشدني أيضاً لوالده، في التجنيس:

    قالوا : نرى قوتة مصفَّرة ، ........ وما دَرَوْا ما بك يا قُوتَهْ

    قد كنت بالأمس لنا دُرَّةً ........ فصِرتِ فينا اليومَ ياقُوتَهْ

    أنتِ حياةُ القلب ، بل قُوتُه ........ فكيف يسلو عنكِ يا قُوتَهْ

    وأنشدني لوالده أيضاً:

    ورُبَّ إِشارةٍ عُدَّت كلاماً ........ وصوتٍ لا يُعَدّ من الكلامِ

    وأنشدني له أيضاً:

    لَئِن بسَطَ الزَّمانُ يَدَيْ لئيمٍ ........ فصبراً للذَّي صنَعَ الزَّمانُ

    فكم في الأرض من عبدٍ هَجِينٍ ........ يقبِّل كفَّه حُرٌّ هِجانُ

    وقد يعلو على الرّأس الذُّنابى ........ كما يعلو على النّار الدُّخَانُ

    وأنشدني لوالده أيضاً:

    لَئِن غدوتُ مقيماً في رُبوعكمُ ........ وقد دعتني رُبوعُ المجد والشَّرَفِ

    فالماءُ في حجر ، والتِّبْرُ في تُرُب ، ........ والبدرُ في سَدَف ، والدُّرُّ في صَدَفِ

    وله:

    ولقد نظَرت إلى الزَّمان بمُقْلَة ........ نظري إلى أهل الزَّمان قَذاتُها

    وعجِبت من أكل الحوادث للورى ........ وهمُ بنو الدُّنيا ، وهُنَّ بناتُها

    تنشو جُسومُهمُ بلحم أخيهِمُ ........ مثل الرِّئال : غِذاؤها أخواتها

    أبو العز نصر بن محمد بن مبادر النحوي النيلي

    ذكره السمعاني وقال: كان شيخاً فاضلاً، عارفاً بالنحو واللغة .وأنشدني لنفسه على باب داره ب النيل :

    هل الوَجدُ إلا أن ترى العين منزلا ........ تحمَّملَ عنه أهلُه فتبدَّلا ؟

    عَقَلْنا به غُزْرَ الدُّموعِ ، وطالما ........ عهِدناه للغِيد الأَوانس مُعْقِلا

    إذا نحن أَلمْمَنْا له ، انبعث الجَوى ........ يحمّلنا داءً من الهمّ مُعْضِلا

    أقول لمسلوب الجَلادة ، لم يَقُلْ : ........ خلا قلبُه من لاعج الشَّوْق ، أولا :

    أظُنّك لو أشرفت ب النِّيل مائلا ........ على سُبُل ، أضحى بها الدّمع مُسْبَلا

    وآنست من آثار آل مُعَيَّة ........ معاهدَ ، كانت للمكارم منزلا ،

    لأَلْفيتَ ما بين الجوانح والحَشا ........ فؤاداً ، بأسباب الغرام موكَّلا

    وغاديتَ يوماً بالكآبة أَيْوَماً ، ........ وساريتَ ليلاً بالصَّبابة أَلْيَلا

    ألا أيُّها اللاحي على ما أُجِنُّه ........ هل أنْتَ مُعيِرِي ناظراً متأمِّلا ؟

    أُريك محلاً ، ما أحاطت رُبوعُه ........ من القوم إلا مُفْضِلاً أو مُفَضَّلا

    من الفاطميّين الَّذينَ وَلاؤهم ........ عُراً لذوي التَّقْوى ، نَجاءً ومَوْئِلا

    إلى الحسن ، بن المصطفى طوَّحَتْ بهم ........ عُلىً ، شرُفت من أن تقاس بها عُلَى

    ابن الشريف الجليل

    أبو القاسم، علي، بن محمد، بن يحيى بن عمر، الزيدي، الحسيني، الكوفي .شيخ طويل، شريف جليل، نبيه نبيل .كأن نظمه نسيم عليل، أو تسنيم وسلسبيل. أرق عبارةً من عبرة من أرقه الشوق، وأحسن حليةً من جيد ورقاء حلاها الطوق .وفد على الديوان العزيز في صفر، سنة ست وخمسين وخمس مئة، يخاطب على ملك له قد انتزع، ورسمٍ له قد قطع .وكنا نجتمع في

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1