Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

فتح القدير للشوكاني
فتح القدير للشوكاني
فتح القدير للشوكاني
Ebook1,222 pages5 hours

فتح القدير للشوكاني

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

يعتبر تفسير فتح القدير للشوكاني أصلاً من أصول التفسير، ومرجعاً من مراجعه، لأنه جمع بين التفسير بالرواية والتفسير بالدراية، حيث أجاد فيه مؤلفه في باب الرواية، وتوسع في باب الدراية
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJun 3, 1903
ISBN9786476178207
فتح القدير للشوكاني

Read more from الشوكاني

Related to فتح القدير للشوكاني

Related ebooks

Related categories

Reviews for فتح القدير للشوكاني

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    فتح القدير للشوكاني - الشوكاني

    الغلاف

    فتح القدير للشوكاني

    الجزء 1

    الشوكاني

    1250

    يعتبر تفسير فتح القدير للشوكاني أصلاً من أصول التفسير، ومرجعاً من مراجعه، لأنه جمع بين التفسير بالرواية والتفسير بالدراية، حيث أجاد فيه مؤلفه في باب الرواية، وتوسع في باب الدراية

    الجزء الأول

    التعريف بالمؤلف والكتاب

    آ- التعريف بالمؤلف

    1 -

    اسمه ونسبه:

    هو محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني ثم الصنعاني «1» .

    والشوكاني: نسبة إلى «عدني شوكان» أو إلى «هجرة شوكان» «2»، وهما اسمان لقرية واحدة بينها وبين صنعاء دون مسافة يوم، وإليها نسب والده، وهي نسبة على غير قياس لأن النسب إلى المضاف يكون إلى صدره، ونسبة غير حقيقية «3» كما صرّح به أحد تلاميذه.

    والصنعاني: نسبة إلى صنعاء، إذ فيها نشأ، وفيها توفي ودفن، رحمه الله تعالى.

    2 -

    مولده ونشأته:

    ولد بهجرة شوكان «4» في وسط نهار الإثنين 28 من شهر ذي القعدة سنة 1173 هـ. ولا التفات إلى غير هذا التاريخ الذي وصلنا موثقا بخطه وخط ولده.

    ونشأ في حجر والده بصنعاء، وكان أبوه قاضيا وعالما، ومعروفا بالطيبة والصلاح، فتربّى الابن على العفاف والطهارة، والتفرّغ لطلب العلم، مكفيّا في بيت أبيه من جميع أسباب الحياة ووسائل الرزق. (1). الإمام الشوكاني من أعلام المسلمين الكبار، وكتابه «فتح القدير» أشهر من أن يعرّف، ولكننا أردنا أن نضع بين يدي القارئ حقائق تاريخية ودقائق علمية تزيده معرفة وتبصرة، وتملؤه حماسة ونشاطا.

    (2). قال عنها في البدر الطالع (1/ 481): «وهذه الهجرة معمورة بأهل الفضل والصلاح والدين من قديم الأزمان..» .

    (3). يقول العلّامة حسين بن محسن السبعي الأنصاري، وهو تلميذ الإمام الشوكاني ونسبة صاحب الترجمة إلى شوكان ليست حقيقية، لأن وطنه ووطن سلفه وقرابته، بمكان عدني شوكان، بينه وبينها جبل كبير مستطيل، يقال له «هجرة شوكان» فمن هذه الحيثية كان انتساب أهله إلى شوكان. والله أعلم.

    (4). كانت ولادته أثناء رحلة قام بها الأبوان إلى موطنهما الأصلي، وكانا قد استوطنا صنعاء من قبل.

    وقد ابتدأ تحصيله العلميّ الواسع بقراءة القرآن وحفظه على جماعة من المعلمين، وختمه على الفقيه حسن ابن عبد الله الهبل، وجوّده على جماعة من مشايخ القرآن بصنعاء، ثم انتقل إلى حفظ كثير من المتون، «كالأزهار» للإمام مهدي في الفقه، و «مختصر الفرائض» للعصيفري، و «الملحة» للحريري، و «الكافية» و «الشافية» لابن الحاجب، و «التهذيب» للتفتازاني، و «التخليص» في علوم البلاغة للقزويني ... وغيرها.

    وقرأ عدة كتب في التاريخ والأدب، ثم شرع بالسّماع والطلب على العلماء البارزين في اليمن حتى استوفى كلّ ما عندهم من كتب، تشمل العلوم الدينية واللسانية والعقلية والرياضية والفلكية، وكان في هذه المرحلة يجمع بين التحصيل العلميّ والتدريس، فهو يلقي على تلاميذه ما تلقّاه بدوره عن مشايخه، حتى إذا استوفى كل ما عرفه أو سمع عنه من كتب تفرّغ لإفادة طلّاب العلم، فكانت دروسه اليومية تزيد على عشرة دروس في اليوم في فنون متعدّدة مثل التفسير، والحديث، والأصول، والمعاني، والبيان، والمنطق، وتقدّم للإفتاء وهو في نحو العشرين من عمره، ولم يعترض عليه شيوخه في ذلك.

    3 -

    حياته العلمية ومناصبه:

    تمتاز حياة الشوكاني العلمية بالجد والمثابرة، والحيوية والنشاط، والذكاء الفطريّ، وقد ظهر هذا في اتّساع ثقافته، وعمق تفكيره، وتصدّيه للإصلاح والاجتهاد، وقد لمسنا هذا من خلال نشأته حيث جمع بين الدراسة والتدريس، كما وفّق بين إلقاء الدروس اليومية العديدة والتأليف.

    ومن الثابت أنه لم يرحل في طلب العلم، وكان تحصيله مقتصرا على علماء صنعاء لعدم إذن أبويه له في السفر منها، وقد عوّض عن ذلك بالسّماع والإجازة والقراءة لكل ما وقعت عليه يده من الكتب، وفي مختلف العلوم، كما استوفى كلّ ما عند علماء اليمن من كتب ومعارف، وزاد في قراءته الخاصة على ما ليس عندهم.

    ولم يقتصر الشوكاني رحمه الله تعالى في حياته العلمية منذ شبابه وحتى وفاته على الجمع والمحاكاة، مثل الكثير من علماء عصره، بل دعا إلى ثورة عارمة في نبذ التعصب والتقليد، والنظر في الأدلة، والعودة إلى هدي الكتاب والسّنة. وهذا الموقف العلمي المتميّز أكسبه تحفزا زائدا واستحضارا دائما في مواجهة تحدّي الشانئين له من المقلدين والحاسدين، وجعله في طليعة المجدّدين المجتهدين، الذين أسهموا في إيقاظ الأمّة الإسلامية من سباتها العميق، في العصر الحديث.

    ورغم زهده في المناصب، وانعزاله عن طلّاب الدنيا ورجال الحكم والسياسة، وتفرغه للعلم، فإن الدنيا جاءته صاغرة، واختير للقضاء العام في صنعاء، وهو في السادسة والثلاثين من عمره، ثم جمع بين القضاء والوزارة، فأصبح متوليا شؤون اليمن الداخلية والخارجية، وسار في الناس بأحسن سيرة، ممتعا بشخصية قوية، وسمعة طيبة، مضيفا إلى أمجاد أمته المسلمة تجربة فريدة فذة، تجمع بين العلم والعمل، والحكم والعدالة.

    4 -

    مذهبه وعقيدته:

    كان مذهب الشوكاني في مطلع حياته العلمية المذهب الزيديّ، وقد حفظ أشهر كتب المذهب، وألّف فيه كتبا، وبرع في مسائله وأحكامه حتى أصبح قدوة، ثم طلب الحديث وفاق فيه أهل زمانه من الزيدية وغيرهم، مما جعله يخلع ربقة التقليد، ويدعو إلى الاجتهاد ومعرفة الأدلة من الكتاب والسّنّة.

    ويظهر هذا الموقف الاجتهاديّ المتميز في رسالة سمّاها: «القول المفيد في حكم التقليد» وفي كتاب فقهيّ كبير سمّاه: «السيل الجرّار المتدفق على حدائق الأزهار» تكلّم فيه عن عيون المسائل الفقهية عند الزيدية، وصحّح ما هو مقيّد بالأدلة، وزيّف ما لم يكن عليه دليل. فقام عليه المقلدون والمتعصبون، يجادلونه ويصاولونه، ويتهمونه بهدم مذهب أهل البيت. ولكنه بقي ثابتا على موقفه لا يتزحزح عنه، وألّف كتابا جمع فيه محاسن أهل البيت سمّاه «درّ السّحابة في مناقب القرابة والصحابة» وأظهر فيه وجوب محبّة أهل البيت، ولزوم موالاتهم ومودّتهم مما دفع عنه تهمة التعصب حيال مذهب بعينه، وأنّ دعوته إلى الاجتهاد تشمل أهل المذاهب جميعا.

    أما عقيدة الشوكانيّ - رحمه الله تعالى - فكانت عقيدة السّلف، من حمل صفات الله تعالى الواردة في القرآن والسّنة الصحيحة على ظاهرها من غير تأويل ولا تحريف، وله رسالة في بيان ذلك اسمها: «التحف بمذهب السّلف» .

    وقد دعا إلى جانب ذلك إلى نبذ كلام المتكلمين، وتطهير عقيدة التوحيد من مظاهر الشرك، وتخليص ما دخل على حياة الناس وتدينهم من البدع والخرافات. ويظهر هذا جليا في كثير من كتبه، وبخاصة كتابه:

    «قطر الوليّ «1» على حديث الوليّ» .

    5 - مشايخه وتلاميذه:

    لقد كفانا الشوكاني رحمه الله تعالى مؤونة هذا البحث، وألّف كتابا في

    مشايخه وتلاميذه

    سمّاه: «الإعلام بالمشايخ الأعلام والتلاميذ الكرام»، وترجم لبعضهم في كتابه: «البدر الطالع» ومن أبرز مشايخه.

    1 - والده علي بن محمد الشوكاني، المتوفى سنة 1211 هـ.

    2 - السيد عبد الرحمن بن قاسم المداني، المتوفى سنة 1211 هـ.

    3 - العلامة أحمد بن عامر الحدائي، المتوفى سنة 1197 هـ.

    4 - السيد العلامة إسماعيل بن الحسن بن أحمد ابن الإمام القاسم بن محمد، المتوفى سنة 1206 هـ.

    5 - العلامة القاسم بن يحيى الخولاني، المتوفى سنة 1209 هـ.

    6 - العلامة عبد بن إسماعيل النهمي، المتوفى سنة 1208 هـ. (1). الوليّ: قال في القاموس: الولي: المطر بعد المطر، والوليّ: اسم منه.

    7 - العلامة الحسن بن إسماعيل المغربي، المتوفى سنة 1208 هـ.

    8 - السيد الإمام عبد القادر بن أحمد الكوكبائي، المتوفى سنة 1207 هـ.

    9 - السيد العلامة علي بن إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن أحمد بن عامر، المتوفى سنة 1207 هـ.

    10 - السيد العارف يحيى بن محمد الحوتي، المتوفى سنة 1247 هـ.

    11 - القاضي عبد الرحمن بن حسن الأكوع، المتوفى سنة 1206 هـ.

    ومن أبرز تلاميذه:

    1 - السيد محمد بن محمد بن زبارة الحسني اليمني الصنعاني، المتوفى سنة 1281 هـ.

    2 - محمد بن أحمد السودي، المتوفى سنة 1226 هـ.

    3 - محمد بن أحمد مشحم الصعدي الصنعاني، المتوفى سنة 1223 هـ.

    4 - السيد أحمد بن علي بن محسن بن الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم، المتوفى سنة 1223 هـ.

    5 - السيد محمد بن محمد بن هاشم بن يحيى الشامي ثم الصنعاني، المتوفى سنة 1251 هـ.

    6 - عبد الرحمن بن أحمد البهكلي الضمدي الصبياني، المتوفى سنة 1227 هـ.

    7 - أحمد بن عبد الله الضمدي، المتوفى سنة 1222 هـ.

    8 - علي بن أحمد هاجر الصنعاني، المتوفى سنة 1235 هـ.

    9 - عبد الله بن محسن الحيمي ثم الصنعاني، المتوفى سنة 1240 هـ.

    10 - القاضي محمد بن حسن الشجني الذماري، المتوفى سنة 1286 هـ.

    11 - ابنه القاضي أحمد بن محمد الشوكاني، المتوفى سنة 1281 هـ.

    6 -

    كتبه ومؤلفاته:

    جمع الإمام الشوكاني رحمه الله تعالى في شخصيته العلمية الفذّة ثلاثة أمور «1»، رشحته إلى أن يعدّ من أعلام المسلمين، ومن المجددين، الذين يبعث الله على رأس كل قرن واحدا منهم، يحفظ للأمة دينها، ويجدد روح العزة والمجد فيها، وهذه الأمور الثلاثة هي:

    سعة التبحر في العلوم على اختلاف أجناسها.

    كثرة التلاميذ المحققين الذين يحيطون به، ويسجلون كلامه، ويتناقلون كتبه وأفكاره.

    سعة التأليف في مختلف العلوم والفنون.

    ويهمنا في هذه الفقرة أن نتعرف على الكتب المطبوعة، التي تركها الشوكاني تراثا خالدا للأمة الإسلامية، تنهل منها العلم والمعرفة، وتجد فيها الفكر الصائب المستنير وسط ظلام الجمود والتعصب والتقليد، مما يؤكد (1). انظر كتاب «أبجد العلوم» (3/ 201) .

    أن الله تعالى يحفظ دينه ويعلي كلمته، في كل الأمصار وفي جميع العصور على ألسنة العلماء العاملين، وبأقلام المؤلفين النابهين.

    وهذه الكتب هي:

    1 - «إرشاد الثقات إلى اتفاق الشرائع على التوحيد والمعاد والنبوات» تحقيق إبراهيم إبراهيم هلال - دار النهضة العربية - القاهرة، سنة 1395 هـ.

    2 - «أمناء الشريعة» - مع مجموعة رسائل، تحقيق إبراهيم هلال - دار النهضة العربية - القاهرة - سنة 1395 هـ.

    3 - «القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد» - تصحيح إبراهيم حسن - طبعة مصطفى البابي الحلبي - القاهرة 1347 هـ.

    4 - «السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار» - تحقيق قاسم غالب أحمد وآخرون - طبعة مصطفى البابي الحلبي - القاهرة 1390 هـ.

    5 - «إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول» - المطبعة المنيرية - القاهرة سنة 1347 هـ.

    6 - «البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع» القاهرة - مطبعة السعادة - سنة 1348 هـ.

    7 - «تحفة الذاكرين في شرح عدة الحصن الحصين للإمام الجزري» طبعة مصطفى الحلبي - سنة 1350 هـ.

    8 - «الدراري المضيئة في شرح الدرر البهية» - القاهرة - مطبعة المعاهد سنة 1340 هـ.

    9 - «الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد» - المطبعة المنيرية - القاهرة سنة 1343 هـ. وطبعة المنار - سنة 1340 هـ.

    10 - «شرح الصدور بتحريم رفع القبور» و «رفع الريبة فيما يجوز وما لا يجوز من الغيبة» و «الدواء العاجل في دفع العدو الصائل» القاهرة - المطبعة المنيرية - سنة 1343 هـ. ومطبعة السنة المحمدية - القاهرة - 1366 هـ.

    11 - «الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة» - القاهرة - مطبعة السنة المحمدية - سنة 1380 هـ.

    12 - «فَتْحُ الْقَدِيرِ الْجَامِعُ بَيْنَ فَنَّيِ الرِّوَايَةِ وَالدِّرَايَةِ من التفسير» مطبعة مصطفى البابي الحلبي - القاهرة - سنة 1349 هـ.

    13 - «نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار» مطبعة مصطفى البابي الحلبي - القاهرة سنة 1347 هـ.

    14 - «قطر الولي على حديث الولي» القاهرة - دار الكتب العربية - سنة 1979 م.

    15 - «درّ السحابة في مناقب القرابة والصحابة» مطبوع بتحقيق د. حسين العمري. دار الفكر - دمشق - 1984.

    وهذا ما رأيناه مطبوعا واطلعنا عليه، وهو غيض من فيض، فهناك كتب لا تزال مخطوطة، ورسائل وفتاوى، وأبحاث وأجزاء، ذكرها تلاميذ الشوكاني، والعلماء والمؤلفون ممن ترجم له، وبعضها أشار إليها المؤلف نفسه في بعض كتبه، وقد أوصلها السيد محمد صديق حسن خان في «أبجد العلوم» إلى عدد سور القرآن (114) .

    7 -

    وفاته:

    توفي الشوكانيّ في 26 جمادى الآخرة من سنة 1250 هـ - ودفن بصنعاء، وقد كان توفي قبله بشهر واحد ابنه: عليّ بن محمد، وهو في العشرين من عمره، وكان نابغة، وعبقريا فذا كأبيه، فاحتسب الأب وتصبّر، ولم يظهر جزعا ولا حزنا. رحمهما الله تعالى، وأسكنهما فسيح جنّاته، وجمعنا بهما تحت لواء سيدنا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

    أَنَّهُ سبحانه وتعالى أكرم مسؤول.

    ب- التعريف بالكتاب

    1 -

    الكتاب

    هو «فَتْحُ الْقَدِيرِ الْجَامِعُ بَيْنَ فَنَّيِ الرِّوَايَةِ وَالدِّرَايَةِ من علم التفسير» .

    2 -

    معنى فني الرواية والدراية عند المفسرين:

    التفسير بالرواية: هو التفسير بالمأثور، وهو ما جاء في القرآن، أو السنة، أو كلام الصحابة بيانا لمراد الله تعالى من كتابه.

    والتفسير بالدراية: هو التفسير بالرأي والاجتهاد، ويكون جائزا وموفقا ومحمودا إذا استند إلى أربعة أمور:

    أ - النقل عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

    ب - الأخذ بقول الصحابي.

    ج - الأخذ بمطلق اللغة.

    د - الأخذ بما يقتضيه الكلام، ويدل عليه قانون الشرع.

    وهذا يكشف لنا بسهولة ويسر منهج الشوكاني رحمه الله تعالى في تفسيره، وكيف جاءت تسميته نتيجة حتمية لخطته وطريقته، وهذا واضح في المقدمة، حيث قسّم المفسرين الذين سبقوه في التأليف إلى فريقين:

    فريق اقتصروا على الرواية. وفريق اعتمدوا على مقتضيات اللغة وما تفيده العلوم الآلية، ولم يرفعوا للرواية رأسا البتة. وقال: لا بد من الجمع بين الأمرين، وعدم الاقتصار على أحد الفريقين.

    3 -

    مميزات فتح القدير:

    1 - الشخصية العلمية الفذة للمؤلف فقد توافرت للشوكاني أنواع العلوم التي اشترطها العلماء في المفسر لكتاب الله تعالى، لتحقيق أعلى مراتب التفسير، وهي اللغة والنحو والصرف، وعلوم البلاغة، وعلم أصول الفقه، وعلم التوحيد، ومعرفة أسباب النزول، والقصص، والناسخ والمنسوخ، والأحاديث المبينة للمجمل والمبهم، وعلم الموهبة الشرعية، وهو علم يورثه الله تعالى لمن عمل بما علم، ولا يناله من في قلبه بدعة، أو كبر، أو حبّ دنيا، أو ميل إلى المعاصي، قال الله تعالى: سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ [الأعراف: 146] .

    وقد سبق في التعريف بالشوكاني رحمه الله أنه جمع هذه العلوم وزاد عليها، حتى وصل مرتبة الاجتهاد.

    2 - الجمع بَيْنَ فَنَّيِ الرِّوَايَةِ وَالدِّرَايَةِ مِنْ عِلْمِ التَّفْسِيرِ، وقد ذكر السيد محمد صديق حسن خان في كتابه «أبجد العلوم» أن هذا الجمع بين الرواية والدراية سبقه إليه العلّامة محمد بن يحيى بن بهران، وقال: «لكن تفسير الشوكاني أبسط وأجمع وأحسن ترتيبا وترصيفا» «1» .

    3 - حجمه الوسط بين كتب التفسير المطولة والمختصرة، فهو خمسة أجزاء مجلدة من الحجم المتوسط، وقد أشار رحمه الله تعالى في مواطن كثيرة من تفسيره إلى ترك الإطالة والاستقصاء، والإحالة إلى كتب الحديث أو كتب الفقه وغيرها، مما جعل هذا التفسير حقّا «لبّ اللّباب، وذخرا من الذخائر التي ليس لها انقطاع» «2» ومرجعا مقررا في المراكز العلمية والجامعات، ومصدرا وافيا لطلاب العلم في الجوانب الحديثية والفقهية واللغوية.

    4 -

    موارده:

    استفاد الشوكاني من كتب التفسير المتقدمة، وانتقد اقتصار بعضها على الرواية، وبعضها الآخر على الدراية، كما شنّع على أصحاب الآراء المذمومة، وأتباع الأهواء الضالّة، وكان من أبرز العلماء الذين ورد كتبهم ونهل منها، وأورد عنهم نصوصا وأقوالا في تفسيره تدل على حسن الاختيار وجودة الانتقاء، هم:

    1 - النّحاس: أحمد بن محمد بن إسماعيل المرادي المصري، مفسّر، كان من نظراء نفطويه وابن الأنباري، زار العراق واجتمع بعلمائه، وصنّف في تفسير القرآن الكريم وإعرابه ومعانيه. توفي سنة 338 هـ.

    2 - ابن عطية (المتقدّم): عبد الله بن عطية بن عبد الله بن حبيب، أبو محمد، عالم بالتفسير، مقرئ، من أهل دمشق، كان يحفظ خمسين ألف بيت للاستشهاد على معاني القرآن، له «تفسير ابن عطية» مخطوط - توفي سنة 383 هـ.

    3 - ابن عطية (المتأخّر): عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن عطية المحاربي، من محارب قيس، الغرناطي، أبو محمد: مفسر، فقيه، أندلسي، من أهل غرناطة. له كتاب «المحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز» في عشرة مجلدات، مخطوط. توفي سنة 542 هـ.

    4 - القرطبي: محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرج الأنصاري القرطبي المالكي، أبو عبد الله، مفسّر، صاحب تصانيف، من أشهر كتبه «تفسير القرطبي» مطبوع في عشرين مجلدا وهو التفسير المشهور، قال الذهبي عنه: عمل التفسير الكبير، وتعب عليه، وحشّاه بكل فريدة. توفي سنة 673 هـ.

    5 - السيوطي: عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق الدين الخضيري السيوطي، جلال الدين، إمام حافظ مؤرخ أديب، صاحب التصانيف الكثيرة، من أشهر كتبه «الدر المنثور في التفسير بالمأثور» مطبوع في ثماني مجلدات. توفي سنة 911 هـ. (1). أبجد العلوم (3/ 202) .

    (2). مقدمة فتح القدير (1/ 15) .

    بسم الله الرّحمن الرّحيم

    مقدّمة المؤلف

    كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [فصلت: 3] .

    يروي المفتقر إلى رحمة الله سبحانه وتعالى محمد بن محمد بن يحيى زبارة الحسني اليمني - غفر الله له وللمؤمنين - للقاضي الحافظ الشهير محمد بن علي بن محمد الشوكاني الصنعاني، المتوفى سنة 1250 هجرية، عن المولى الجهبذ الكبير سيف الإسلام أحمد بن قاسم بن عبد الله حميد الدين أبقاه الله تعالى، عن السيد الحافظ عبد الكريم بن عبد الله أبي طالب الحسني اليمني، المتوفى سنة 1309 هـ، عن القاضي الحافظ أحمد بن محمد بن علي الشوكاني، المتوفى سنة 1281 هـ، عن أبيه المؤلف. قال رحمه الله تعالى:

    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جعل كتابه المبين كافلا ببيان الأحكام، شاملا لما شرعه لعباده من الحلال والحرام، مرجعا للأعلام عند تفاوت الأفهام وتباين الأقدام وتخالف الكلام، قاطعا للخصام شافيا للسقام مرهما للأوهام. فهو العروة الوثقى التي من تمسك بها فاز بدرك الحق القويم، والجادّة الواضحة التي من سلكها فقد هدي إلى الصراط المستقيم. فأيّ عبارة تبلغ أدنى ما يستحقه كلام الحكيم من التعظيم؟، وأيّ لفظ يقوم ببعض ما يليق به من التكريم والتفخيم؟. كلا والله إن بلاغات البلغاء المصاقع، وفصاحات الفصحاء البواقع، وإن طالت ذيولها، وسالت سيولها، واستنت بميادينها خيولها، تتقاصر عن الوفاء بأوصافه، وتتصاغر عن التشبث بأدنى أطرافه، فيعود جيدها عنه عاطلا، وصفات ضوء الشمس تذهب باطلا، فهو كلام من لا تحيط به العقول علما، ولا تدرك كنهه الطباع البشرية فهما، فالاعتراف بالعجز عن القيام بما يستحقه من الأوصاف العظام أولى بالمقام، وأوفق بما تقتضيه الحال من الإجلال والإعظام. والصلاة والسلام على من نزل إليه الروح الأمين، بكلام ربّ العالمين، محمد سيد المرسلين، وخاتم النبيين، وعلى آله المطهرين، وصحبه المكرّمين.

    وبعد: فإن أشرف العلوم على الإطلاق، وأولاها بالتفضيل على الاستحقاق، وأرفعها قدرا بالاتفاق، هو علم التفسير لكلام القويّ القدير، إذا كان على الوجه المعتبر في الورود والصدر، غير مشوب بشيء من التفسير بالرأي الذي هو من أعظم الخطر، وهذه الأشرفية لهذا العلم غنية عن البرهان، قريبة إلى الأفهام والأذهان، يعرفها من يعرف الفرق بين كلام الخلق والحق، ويدري بها من يميز بين كلام البشر، وكلام خالق القوى والقدر، فمن فهم هذا استغنى عن التطويل، ومن لم يفهمه فليس بمتأهل للتحصيل، ولقد صدق رسول الله صلّى الله عليه وسلم حيث يقول فيما أخرجه عنه الترمذي وحسّنه مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: «فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه» .

    ولما كان هذا العلم بهذه المنزلة الشامخة الأركان، العالية البنيان، المرتفعة المكان، رغبت إلى الدخول من أبوابه، ونشطت إلى القعود في محرابه، والكون من أحزابه، ووطنت النفس على سلوك طريقة، هي بالقبول عند الفحول حقيقة، وها أنا أوضح لك منارها، وأبيّن لك إيرادها وإصدارها فأقول:

    إن غالب المفسرين تفرّقوا فريقين، وسلكوا طريقين: الفريق الأول اقتصروا في تفاسيرهم على مجرّد الرواية، وقنعوا برفع هذه الراية. والفريق الآخر جرّدوا أنظارهم إلى ما تقتضيه اللغة العربية، وما تفيده العلوم الآلية، ولم يرفعوا إلى الرواية رأسا، وإن جاءوا بها لم يصحّحوا لها أساسا، وكلا الفريقين قد أصاب، وأطال وأطاب، وإن رفع عماد بيت تصنيفه على بعض الأطناب، وترك منها ما لا يتمّ بدونه كمال الانتصاب، فإن ما كان من التَّفْسِيرِ ثَابِتًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كان المصير إليه متعينا، وتقديمه متحتما، غير أن الذي صحّ عنه من ذلك إنما هو تفسير آيات قليلة بالنسبة إلى جميع القرآن، ولا يختلف في مثل ذلك من أئمة هذا الشأن اثنان. وأما ما كان منها ثابتا عن الصحابة رضي الله عنهم، فإن كان من الألفاظ التي قد نقلها الشرع إلى معنى مغاير للمعنى اللغوي بوجه من الوجوه فهو مقدّم على غيره، وإن كان من الألفاظ التي لم ينقلها الشرع فهو كواحد من أهل اللغة الموثوق بعربيتهم. فإذا خالف المشهور المستفيض لم تقم الحجة علينا بتفسيره الذي قاله على مقتضى لغة العرب، فبالأولى تفاسير من بعدهم من التابعين وتابعيهم وسائر الأئمة. وأيضا كثيرا ما يقتصر الصحابي ومن بعده من السلف على وجه واحد مما يقتضيه النظم القرآني باعتبار المعنى اللغوي، ومعلوم أن ذلك لا يستلزم إهمال سائر المعاني التي تفيدها اللغة العربية، ولا إهمال ما يستفاد من العلوم التي تتبيّن بها دقائق العربية وأسرارها كعلم المعاني والبيان، فإن التفسير بذلك هو تفسير باللغة، لا تفسير بمحض الرأي المنهيّ عنه. وَقَدْ أَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ، وابن المنذر والبيهقي في كتاب الرؤية، عن سفيان قال: ليس في تفسير القرآن اختلاف، إنما هو كلام جامع يراد منه هذا وهذا. وأخرج ابن سعد في الطبقات، وأبو نعيم في الحلية، عن أبي قلابة قال: قال أبو الدرداء: لا تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوها.

    وأخرج ابن سعد أن عليا قال لابن عباس: اذهب إليهم - يعني الخوارج - ولا تخاصمهم بالقرآن فإنه ذو وجوه، ولكن خاصمهم بالسنة فقال له: أنا أعلم بكتاب الله منهم، فقال: صدقت، ولكن القرآن حمّال ذو وجوه. وأيضا لا يتيسر في كل تركيب من التراكيب القرآنية تفسير ثابت عن السلف، بل قد يخلو عن ذلك كثير من القرآن، ولا اعتبار بما لم يصح كالتفسير بإسناد ضعيف، ولا بتفسير من ليس بثقة منهم وإن صحّ إسناده إليه. وبهذا تعرف أنه لا بد من الجمع بين الأمرين، وعدم الاقتصار على مسلك أحد الفريقين، وهذا هو المقصد الذي وطنت نفسي عليه، والمسلك الذي عزمت على سلوكه إن شاء الله مع تعرّضي للترجيح بين التفاسير المتعارضة مهما أمكن واتضح لي وجهه، وأخذي من بيان المعنى العربي والإعرابي والبياني بأوفر نصيب، والحرص على إيراد ما ثبت من التَّفْسِيرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أو الصحابة أو التابعين أو تابعيهم، أو الأئمة المعتبرين. وقد أذكر ما في إسناده ضعف، إما لكونه في المقام ما يقوّيه، أو لموافقته للمعنى العربي، وقد أذكر الحديث معزوّا إلى راويه من غير بيان حال الإسناد، لأني أجده في الأصول التي نقلت عنها كذلك كما يقع في تفسير ابن جرير والقرطبي وابن كثير والسيوطي وغيرهم، ويبعد كل البعد أن يعلموا في الحديث ضعفا ولا يبيّنونه، ولا ينبغي أن يقال فيما أطلقوه إنهم قد علموا ثبوته، فإن من الجائز أن ينقلوه من دون كشف عن حال الإسناد، بل هذا هو الذي يغلب به الظن، لأنهم لو كشفوا عنه فثبتت عندهم صحته لم يتركوا بيان ذلك، كما يقع منهم كثيرا التصريح بالصحة أو الحسن، فمن وجد الأصول التي يروون عنها ويعزون ما في تفاسيرهم إليها فلينظر في أسانيدها موفقا إن شاء الله.

    واعلم أن تفسير السيوطي المسمى ب «الدرّ المنثور» قد اشتمل على غالب ما في تفاسير السلف من التفاسير المرفوعة إلى النبي صلّى الله عليه وسلم، وتفاسير الصحابة ومن بعدهم، وما فاته إلا القليل النادر. وقد اشتمل هذا التفسير على جميع ما تدعو إليه الحاجة منه مما يتعلق بالتفسير، مع اختصار لما تكرّر لفظا واتحد معنى بقولي: ومثله أو نحوه، وضممت إلى ذلك فوائد لم يشتمل عليها وجدتها في غيره من تفاسير علماء الرواية، أو من الفوائد التي لاحت لي من تصحيح أو تحسين أو تضعيف، أو تعقب أو جمع أو ترجيح.

    فهذا التفسير وإن كبر حجمه، فقد كثر علمه، وتوفر من التحقيق قسمه، وأصاب غرض الحق سهمه، واشتمل على ما في كتب التفاسير من بدائع الفوائد، مع زوائد فوائد وقواعد شوارد، فإن أحببت أن تعتبر صحة هذا فهذه كتب التفسير على ظهر البسيطة، انظر تفاسير المعتمدين على الرواية، ثم ارجع إلى تفاسير المعتمدين على الدراية، ثم انظر في هذا التفسير بعد النظرين، فعند ذلك يسفر الصبح لذي عينين، ويتبيّن لك أن هذا الكتاب هو لبّ اللباب، وعجب العجاب، وذخيرة الطلاب، ونهاية مأرب الألباب. وقد سميته:

    «فَتْحُ الْقَدِيرِ» «الْجَامِعُ بَيْنَ فَنَّيِ الرِّوَايَةِ وَالدِّرَايَةِ من علم التفسير»

    مستمدا من الله سبحانه بلوغ الغاية، والوصول بعد هذه البداية إلى النهاية، راجيا منه جلّ جلاله أن يديم به الانتفاع ويجعله من الذخائر التي ليس لها انقطاع.

    واعلم أن الأحاديث في فضائل القرآن كثيرة جدا، ولا يتم لصاحب القرآن ما يطلبه من الأجر الموعود به في الأحاديث الصحيحة حتى يفهم معانيه، فإن ذلك هو الثمرة من قراءته.

    قال القرطبي: ينبغي له أن يتعلّم أحكام القرآن فيفهم عن الله مراده وما فرض عليه، فينتفع بما يقرأ ويعمل بما يتلو فما أقبح بحامل القرآن أن يتلو فرائضه وأحكامه عن ظهر قلب وهو لا يفهم معنى ما يتلوه، فكيف يعمل بما لا يفهم معناه، وما أقبح أن يسأل عن فقه ما يتلوه ولا يدريه! فما مثل من هذه حالته إلا كمثل الحمار يحمل أسفارا. وينبغي له أن يعرف المكّي من المدنيّ، ليفرّق بين ما خاطب الله به عباده في أوّل الإسلام، وما ندبهم إليه في آخر الإسلام، وما فرض في أوّل الإسلام وما زاد عليهم من الفرائض في آخره، فالمدنيّ هو الناسخ للمكّي في أكثر القرآن:

    وقال أيضا: قال علماؤنا: وأما ما جاء في فضل التفسير عن الصحابة والتابعين. فمن ذلك أن عليّ بن أبي طالب ذكر جابر بن عبد الله ووصفه بالعلم، فقال له رجل: جعلت فداك، تصف جابرا بالعلم وأنت أنت؟ فقال: إنه كان يعرف تفسير قَوْلَهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ [القصص: 85]. وقال مجاهد: أحبّ الخلق إلى الله أعلمهم بما أنزل الله. وقال الحسن: والله ما أنزل الله آية إلا أحبّ أن يعلم فيمن نزلت وما يعني بها. وقال الشعبي: رحل مسروق في تفسير آية إلى البصرة، فقيل له إن الذي يفسرها رحل إلى الشام، فتجهّز ورحل إلى الشام حتى علم تفسيرها. وقال عكرمة في قوله عزّ وجلّ: وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ [النساء: 100] طلبت اسم هذا الرجل أربع عشرة سنة حتى وجدته. قال ابن عبد البرّ: هو ضميرة بن حبيب. وقال ابن عباس: مكثت سنتين أريد أن أسأل عمر عَنِ الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَظَاهَرَتَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يمنعني إلا مهابته، فسألته فقال: هي حفصة وعائشة. وقال إياس بن معاوية: مثل الذين يقرءون القرآن وهم لا يعلمون تفسيره كمثل قوم جاءهم كتاب من عند مليكهم ليلا وليس عندهم مصباح، فتداخلتهم روعة ولا يدرون ما في الكتاب. ومثل الذي يعرف التفسير كمثل رجل جاءهم بمصباح فقرؤوا ما في الكتاب. وذكر ابن أبي الحواري أن فضيل بن عياض قال لقوم قصدوه ليأخذوا عنه العلم: لو طلبتم كتاب الله لوجدتم فيه شفاء لما تريدون، فقالوا: قد تعلّمنا القرآن، فقال: إن في تعلّمكم القرآن شغلا لأعماركم وأعمار أولادكم، فقالوا: كيف يا أبا عليّ؟ قال: لن تعلموا القرآن حتى تعرفوا إعرابه ومحكمه ومتشابهه وناسخه من منسوخه، فإذا عرفتم استغنيتم عن كلام فضيل وابن عيينة. وللسلف رحمهم الله من هذا الجنس ما لا يأتي عليه الحصر.

    سورة الفاتحة

    مَعْنَى الْفَاتِحَةِ فِي الْأَصْلِ أَوَّلُ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُفْتَتَحَ بِهِ، ثُمَّ أُطْلِقَتْ عَلَى أَوَّلِ كُلِّ شَيْءٍ كَالْكَلَامِ، وَالتَّاءُ لِلنَّقْلِ مِنَ الْوَصْفِيَّةِ إِلَى الِاسْمِيَّةِ، فَسُمِّيَتْ هَذِهِ السُّورَةُ «فَاتِحَةَ الْكِتَابِ» لِكَوْنِهِ افْتُتِحَ بِهَا، إِذْ هِيَ أَوَّلُ مَا يَكْتُبُهُ الْكَاتِبُ مِنَ الْمُصْحَفِ، وَأَوَّلُ مَا يَتْلُوهُ التَّالِي مِنَ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ. وَقَدِ اشْتَهَرَتْ هَذِهِ السُّورَةُ الشَّرِيفَةُ بِهَذَا الِاسْمِ فِي أَيَّامِ النُّبُوَّةِ. قِيلَ: هِيَ مَكِّيَّةٌ، وَقِيلَ: مَدَنِيَّةٌ.

    وَقَدْ أَخْرَجَ الْوَاحِدِيُّ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ، وَالثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: نَزَلَتْ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ بِمَكَّةَ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ وَالْبَيْهَقِيُّ كِلَاهُمَا فِي دَلَائِلَ النبوّة، والثعلبيّ والواحديّ من حديث عمرو بْنِ شُرَحْبِيلَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا شَكَا إِلَى خَدِيجَةَ مَا يَجِدُهُ عِنْدَ أَوَائِلِ الْوَحْيِ، فَذَهَبَتْ بِهِ إِلَى وَرَقَةَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ: «إِذَا خَلَوْتُ وَحْدِي سَمِعْتُ نِدَاءً خَلْفِي: يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ! فَأَنْطَلِقُ هَارِبًا فِي الْأَرْضِ، فَقَالَ: لَا تَفْعَلْ، إِذَا أَتَاكَ فَاثْبُتْ حَتَّى تَسْمَعَ مَا يَقُولُ ثُمَّ ائْتِنِي فَأَخْبِرْنِي فَلَمَّا خَلَا نَادَاهُ يَا مُحَمَّدُ قُلْ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، حَتَّى بَلَغَ وَلَا الضَّالِّينَ» الْحَدِيثَ. وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سلمة قال: لما أسلم فِتْيَانُ بَنِي سَلِمَةَ وَأَسْلَمَ وَلَدُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ قَالَتِ امْرَأَةُ عَمْرٍو لَهُ: هَلْ لَكَ أن تسمع من ابنك مَا رُوِيَ عَنْهُ؟ فَسَأَلَهُ فَقَرَأَ عَلَيْهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ. وَأَخْرَجَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي الْمَصَاحِفِ عَنْ عُبَادَةَ قَالَ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ.

    فَهَذَا جُمْلَةُ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ إِنَّهَا نَزَلَتْ بِمَكَّةَ.

    وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ إِنَّهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ بِمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ فِي مُعْجَمِهِ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدِ عن أَبِي هُرَيْرَةَ: رَنَّ «1» إِبْلِيسُ حِينَ أُنْزِلَتْ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ. وَأُنْزِلَتْ بِالْمَدِينَةِ.

    وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ طُرُقٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: نَزَلَتْ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ بِالْمَدِينَةِ، وَقِيلَ إِنَّهَا نَزَلَتْ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِمَكَّةَ وَمَرَّةً بِالْمَدِينَةِ جَمْعًا بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ.

    وَتُسَمَّى «أُمَّ الْكِتَابِ» قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي أَوَّلِ التَّفْسِيرِ: وَسُمِّيَتْ أُمَّ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ يُبْدَأُ بِكِتَابَتِهَا فِي الْمَصَاحِفِ، وَيُبْدَأُ بِقِرَاءَتِهَا فِي الصَّلَاةِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الضُّرَيْسِ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ عَنِ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَقُولَ أُمُّ الْكِتَابِ وَيَقُولُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ «2» وَلَكِنْ يَقُولُ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ. وَيُقَالُ لَهَا الْفَاتِحَةُ لِأَنَّهَا يُفْتَتَحُ بِهَا الْقِرَاءَةُ، وَافْتَتَحَتِ الصَّحَابَةُ بِهَا كِتَابَةَ الْمُصْحَفِ الْإِمَامِ. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ في تفسيره: (1). رنّ: صاح.

    (2). الرعد: 39.

    وَصَحَّ تَسْمِيَتُهَا بِالسَّبْعِ الْمَثَانِي، قَالُوا: لِأَنَّهَا تُثَنَّى فِي الصَّلَاةِ فَتُقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ. وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ في أُمُّ الْقُرْآنِ، وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي، وَهِيَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ» .

    وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ أبي هريرة أيضا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «هِيَ أُمُّ الْقُرْآنِ، وَهِيَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ، وَهِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي». وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِهِ، وَقَالَ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ. وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُمْ فَسَّرُوا قَوْلَهُ تَعَالَى: سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي «1» بِالْفَاتِحَةِ.

    وَمِنْ جُمْلَةِ أَسْمَائِهَا كَمَا حَكَاهُ فِي الْكَشَّافِ سُورَةُ الْكَنْزِ، وَالْوَافِيَةُ، وَسُورَةُ الْحَمْدِ، وَسُورَةُ الصَّلَاةِ. وَقَدْ أَخْرَجَ الثَّعْلَبِيُّ أَنَّ سُفْيَانَ بْنَ عيينة كان يسمي فاتحة الكتاب: الوافية. وَأَخْرَجَ الثَّعْلَبِيُّ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ سَائِلٌ عَنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ خَلْفَ الْإِمَامِ، فَقَالَ: عَنِ الْكَافِيَةِ تَسْألُ؟ قَالَ السَّائِلُ: وَمَا الْكَافِيَةُ؟ قَالَ: الْفَاتِحَةُ، أَمَّا عَلِمْتَ أَنَّهَا تَكْفِي عَنْ سِوَاهَا وَلَا يَكْفِي سِوَاهَا عَنْهَا. وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ رَجُلًا اشْتَكَى إِلَيْهِ وَجَعَ الْخَاصِرَةِ، فَقَالَ: عَلَيْكَ بِأَسَاسِ الْقُرْآنِ، قَالَ: وَمَا أَسَاسُ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: فَاتِحَةُ الْكِتَابِ. وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ أَعْطَانِي فِيمَا مَنَّ بِهِ عَلَيَّ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، وَقَالَ: هِيَ مِنْ كُنُوزِ عَرْشِي» وَأَخْرَجَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَلِيٍّ نَحْوَهُ مَرْفُوعًا. وَقَدْ ذَكَرَ القرطبي فِي تَفْسِيرِهِ لِلْفَاتِحَةِ اثْنَيْ عَشَرَ اسْمًا.

    وَهِيَ سَبْعُ آيَاتٍ بِلَا خِلَافٍ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ. وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: أَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ سَبْعُ آيَاتٍ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ حُسَيْنٍ الْجُعْفِيِّ أَنَّهَا سِتٌّ، وَهُوَ شَاذٌّ. وَإِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ أَنَّهُ جَعَلَ إِيَّاكَ نَعْبُدُ آيَةً، فَهِيَ عِنْدُهُ ثَمَانٍ، وَهُوَ شَاذٌّ. انْتَهَى. وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْبَسْمَلَةِ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

    وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي الْمَصَاحِفِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَا يَكْتُبَانِ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ، وَلَمْ يَكْتُبِ ابْنُ مَسْعُودٍ شَيْئًا مِنْهُنَّ.

    وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ لَا يَكْتُبُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ فِي الْمُصْحَفِ، وَقَالَ:

    لَوْ كَتَبْتُهَا لَكَتَبْتُ فِي أَوَّلِ كُلِّ شَيْءٍ.

    وَقَدْ وَرَدَ فِي فَضْلِ هَذِهِ السُّورَةِ أَحَادِيثُ، مِنْهَا: مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: «لَأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدِي، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّكَ قُلْتَ: لَأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ، قَالَ: نَعَمْ - الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ - هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ». وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ له: «أَتُحِبُّ أَنْ أُعَلِّمَكَ سُورَةً لَمْ يَنْزِلْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا؟ ثُمَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهَا الْفَاتِحَةُ» .

    وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لَهُ: «أَلَا أُخْبِرُكَ بِأَخْيَرِ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: اقْرَأِ الْحَمْدُ لِلَّهِ

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1