Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

متاهة التيرانجا: كريم غريب
متاهة التيرانجا: كريم غريب
متاهة التيرانجا: كريم غريب
Ebook546 pages3 hours

متاهة التيرانجا: كريم غريب

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

رواية متاهة التيرانجا
سلسة بصمات
ابتسم فأنت الضحية القادمة
Languageالعربية
PublisherEGYBOOK
Release dateJan 24, 2023
ISBN9791222054223
متاهة التيرانجا: كريم غريب

Related to متاهة التيرانجا

Titles in the series (1)

View More

Related ebooks

Reviews for متاهة التيرانجا

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    متاهة التيرانجا - كريم غريب

    سلسة بصمات

    ابتسم فأنت الضحية القادمة

    تأليف

    كريم غريب

    من الأفضل أن نجازف بحماية مُذنب, من أن نَدين بريئاً

    المفكر الفرنسي فُولتير

    مُقدمة

    لأحداث عارضة غير مُتزامنة

    (الحدث الأول)

    مدينة منف,سنة 2639 ق.م

    مخطوطة إيمحوتب

    داخل معبد مسقوف بالأخشاب عكف رجل نحيف على معالجة أكوام من الذهب بقطارة تحتوي على مُركب من الزئبق والكبريت والنحاس وقد أضاف عليهم بقطارة أخرى احتوت على حجر التركواز معالج بكمية إضافية من الفوسفات ,حدق الرجل النحيف حليق الشعر مُدبب الذقن نحو النجوم عن طريق ماسورة خشبية تنتهي بقاعدة رخوة مصنوعة من سمكة مُضيئة صادها النحيف من أعالي النيل خلال رحلة كان يراقب فيها الرجل النحيف مواقع النجوم وتكويناتها المختلفة,في تلك الليلة عكف ذلك الرجل على صناعة مخطوطة يُدشن فيها فكرة مجنونة عكف عليها منذ أن تم اكتشاف حقول نحاس وتركواز في وادي المغارة ولكنه آمن بها إيماناً شديداً حتى إنه استغرق ثلاث ليالٍ كاملة في صناعة غية جديدة من محار بحري يشبه في تكوينه الزجاج بالتعريف الحالي,أراد إيمحوتب أن يحفظ تلك الأسرار حتى تختمر تلك الأفكار في عقله ويقوم بتفيذها فقام بخط كل ذلك بطريقة بها بعض التعقيد حتى يكون الأمر سراً حتى يجد أرض صلبة لتنفيذه ,كان يعلم تماماً أن ذلك الاكتشاف قد يُفسر بطرق خاطئة ,تفتق ذهن إيمحوتب أن يضع كل ما توصل إليه في مسارات مختلفة بحيث يصعب تتبع المسارات كما جعل التقاطاعات بين المسارات غير واضحة إلا لشخصٍ قد يجد النمط السائد في جميع المسارات ,آمن أن صعوبة تقاطع المسارات ستبقي سره في بئر عميق ,أفاده حسه المعماري في وضع أفكاره داخل تلك المخطوطة المهمة وجعلته تلك الصيغة أكثر هدوءاً.

    حُراس بملابس فرعونية يجلدون الرجل النحيف حليق الشعر و قد بدت ملامحه واهنة من شدة التعذيب فقد انفجرت عروقه تسربت الدماء من كل صوب من جسده النحيل جلس الملك (زوسر) وخلفه رجل طويل القامة يُدعى (ست)  وبجانبه جلست زوجته على مقعد ذهبي ومُرصع بالجواهر وباقي المشهد يترآى أشخاص يخطون برديات ويتدارسون  أمراً جللاً يقتضي جلسة استقراء كما أسموها وهي على ما يبدو تُشبه عملية العصف الذهني الموجودة حالياً في مراكز صنع القرار وقد أقروا أنهم لم يستطيعوا الوصول إلى ما أراده الملك فالمخطوطة مُعقدة إلى حد كبير حتى أنهم لم يستطيعوا أن يحددوا مساراتها ولكن أحدهم توصل أنها تدعو لعبادة النجوم كآلهة.

    قام طويل القامة باختيار ديباجة تحمل الإشادة بحكمة الملك وفطنته وعظمته ثم بدأ بغمس السم داخل العسل فتابع بكلمات تحمل عدة معانٍ وإشارات ممزوجة باحترام بالغ وكثير من المديح في رزانة الملك وحكمته وفطنته ثم تكلم طويل القامة بنبرة هادئة رزينة سامة......مُحذراً الملك هامساً في أذنه فحيح أفعى ذات دهاء وشر رجيم حذره من ذلك الشخص المُكبل وأخبره بأفعال من روايته الشخصية......... ليصرخ الملك بغضب جم مُتوعداً : أنا الملك زوسر كيف لك أن تطمع في مُلكي وتحاول أن تحدث انقلاباً باستخدام مخطوطتك اللعينة المليئة بالألغاز والتي علمت من المخلص (ست) إنك تريد من الناس أن يعبدوا النجوم وتدّعى الإخلاص لي ,أتريد أن تأخذ عرشي , هل تتلاعب بي بعد أن أعطيتك كل شيء وجعلت منك ما أنت عليه، أتقود الناس ضدي وتخبرهم إننى سبب تلك المجاعة الأخيرة وإنك لديك الحل وإنك اكتشفت طاقة جديدة قد تُجنب الشعب المجاعة ,هل تظن إنك عندما تلعب دور المنُقذ ستحصل دعم الشعب.

    -أتريد أن تُفرق بيني وبين شعبي ها قد أخبرني (ست) الأمين إنك تقود مؤامرة ، أتريد أن تجردني من سلطاني والله لأجعلنك عبرة للآلهة ولتعلم أنى لا أخاف سحرك ولا أخشاه فإذا كنت ساحراً فقد جئت أنا بسحرة أقوى منك وأقدر منك وسوف يكون بديلك (ست) الأمين الذي كشف لى حيلك وخستك والآن أعدُك أن ترى من العذاب ما تستحقه فالخيانة ذنب لايُغتفر ولا يمٌحى.

    حاول الشخص التكلم بصعوبة وبعد محاولات عديدة خرجت الكلمات متحشرجة والألم يعتصره قائلًا

    أنا (إيمحوتب)  أيها الملك صديقك الوفي ومن أخلص لك لسنوات عديدة, أتصدق (ست) الذي يحمل روحاً شريرة وتكذبني أنا من تعاونت معك في عبور الكثير من الصعاب ، أسكته الملك وأشار للحراس لاقتياده نحو محبسه.

    قاد الحراس (إيمحوتب) نحو محبسه، التف السجناء حول (إيمحوتب) يرثون لحاله ويواسونه ويلعنون ظلم الملك ..........رد عليهم بصفاء ونقاء ......إن الكرب اختبار وزائل بالصبر وأن الظلم سحابة عابرة وتكلم معهم عن النجوم وقوته وتحدث معهم أنه حتى يظن أن هناك خالق أو رب أكبر لتلك النجوم.......فهو يشعر أن هناك ما هو أكبر وأعظم ولكن لازال علمه لا يُدركه.

    تدثر بغطاء وانسلخ من بينهم وظل يناجي شيئاً ما في السماء ويناديه عبر فتحة صغيرة تكشف السماء ,تركه الجمع وحيداً مع روحه,كان يرى ما لا يراه الآخرين فظهر كأنه متحد مع أفكاره ومع روح أخرى، شيئ أكبر وأعظم وعكف طوال الليل بالتمتمة ببعض الجمل وما لبث أن انتصب واقفًا كجبل راسخ في الأرض ودار دورة كاملة وتدثر بغطاء من الصوف وكأن أصابه الخبل ولكن فجأة اختفى وكأنه لم يكن موجوداً وسط دهشة ورعب  السجناء,فقد تناثر من أمامهم كأنه تراب احتوته الرياح وسط عويلها ، ذهب تاركاً خلفه ذلك الغطاء.

    ظهر (إيمحوتب) وسط أشقائه وبعض تلاميذه متجهين نحو القصر بعد أن اتفق (إيمحوتب) مع بعض الحرس الرافضين لسطوة الملك المخدوع والملكة التي كانت رفيقة (ست) وتريد أن تنقلب على الملك

    حينها دارت رحى معركة ليست متكافئة بين (إيمحوتب) وإخوته وتلاميذه من ناحية وبين (ست) والحرس من جهة أخرى.

    زأر (إيمحوتب) مُحفزاً إخوته : إن اليقين هو طريقهم نحو الانتصار فهو يشعر أن عنائه لن يضيع هباءً وذكرهم أنه أخبرهم قبل ذلك بشعوره أن هناك قوة أكبر من الشمس ومن القمر ومن النيل ومن السحاب وأنه شاهد رؤى تخبره أن هناك رسالة لابد أن تصل للشعب الذي يعاني فهناك قوة أكبر من كل الآلهة بل قد تكون هي من تحرك الآلهة والشمس والقمر والنجوم وتدير الكون.

    المعركة كانت غير متكافئة ولكن مع وجود قوى خارقة للطبيعة بجانب (إيمحوتب)  أصبحت الغلبة لهم فقد تحولت الرماح الخشبية  المُدببة الموجهة إليهم إلى مقاتليهم وصارت الرياح تٌهب من اتجاههم نحو الجهة الأخرى لتعمي أبصارهم وسط تحول رماح إيمحوتب ومواليه إلي أداة جذب لكل الرماح وكان محور الجذب رمح إيمحوتب فأصبحت الرماح  تتجمع عنده وتندفع ثانيةً تجاه جنود الملك والذين حل الفزع داخل روحهم عندما رأوا الرماح تقتفي أثرهم  ,اعتقد الجميع أن إيمحوتب جاء بسحر عظيم مُرتبط بعلمه البالغ أو لعله مُرسَل من الآلهة أو قد يكون هو الآلهة نفسها فكثير ما قام بشفاء الناس وصُنع العجب.

    كانت هزيمة تلك الجنود مهمة مستحيلة ولكنها تحققت ولكن بقت مهمة دخول القصر للحصول على المخطوطة أمر أكثر استحالة ولكن ببرودة دم وثقة أمر (إيمحوتب) أشقائه بترك رحالهم وأمر شقيقه الأصغر بجلب تلك العباءة الخضراء الخاصة بوالدهم وإذا ب( إيمحوتب) يقوم بالدوران وهو يتمتم ببعض الكلمات ويمسك بطرف العباءة ويأمر أشقائه بالتقارب لتحوطهم العباءة كلهم فإذا بالعباءة تدور في الهواء وتختفى لتظهر داخل القصر ليحصل على المخطوطة ويهرب هو وإخوته وتلاميذه نحو الشمال الغربي حيث كان لابد لإيمحوتب أن يُنهي ما بدأ

    الحدث الثاني

    شبه الجزيرة الايبرية,غرناطة,1502 م

    المتفجرون الطائرون

    كانت العُرادة  ترمي حجارة ثقيلة فتُسقط أجزاء من قلعة مٌحصنة يختبيء خلفها نفر من البشر  منهم النساء والأطفال والشيوخ ,الكل كان يحاول التشبث بأمل حتى ولو بدا طفيفاً ,بدأت المنجانيق تقذف مدينة  غرناطة بقوة أكبر بل وقد وصلت كبشا(آلة تشبه الدبابة تقذف كرات من النار والأسهم المشتعلة) وقد قاد الحملة العسكرية ملك أسبانيا فيليب الثالث ولكن المورسكيين المتحصنين خلف الأسوار رفضوا الاستسلام لأن السيناريوهات التي ستتبع دخول  جيش فيليب كارثية ,لكن الحصار طال والمؤن تناقصت بشكل رهيب حتى إن الجموع بدأت تقتات  على القطط والكلاب وأصبحت الأمور قاب قوسين أو أدنى من النهاية والسقوط الحر للدولة الإسلامية في الأندلس .

    كتب العالم الشاب زياد البرقوقي عن تلك المعارك في كتاب عنونه بسقوط المورسكيين وكان يرافقه دوماً صديقه  (مراد رايس) الذي كان مهتماً بالعلوم الفيزيائية وبالأخص علم النجوم القديم حتى أنه أطلق على محبوبته سيلا اسم فيجا وهي نجمة شديدة اللمعان ,كانت لدى زياد ومراد خطط بديلة لاسترجاع الدولة المورسكية ولكن تلك الخطط كانت مؤجلة بعض الشيء حتى يتم تشكيل جيش وتنظيم يستطيع مقاومة المد الذي تبنته الحروب على المورسكيين ,تم تزييف التاريخ أن الحرب كانت ما بين الكاثوليك وما بين المسلمين ولكن الحقيقة الدامغة التي ذكرها الكتاب الموسوعي هي أن القادة الغربيين أرادوا كسر شوكة المورسكيين إما بالتنصير وإما بالطرد .

    صدقت توقعات ذلك الشاب وصديقه ,حيث أصدر ملك إسبانيا فيليب الثالث مرسوماً بطرد المورسكيين عام 1609م مما أجبر نحو ثلاثة آلاف منهم على مغادرة مدينة هورناشوس فتوجهوا إلى مدينة سلا بالمغرب وهناك بدأ مراد وزياد مهمة شاقة محفوفة بالأشواك ولكن عزيمة زياد بالذات تضاعفت بعد أن قُتلت محبوبته (فيجا) أثناء الحصار  وقد عكف الموريسكي العبقري على صناعة معمل لأبحاثة الخاصة بعلم المقذوفات النارية وكذا استخدم بعض البرديات الفرعونية ومخطوطات بابلية قديمة في تطوير علوم الطاقة والتي كان أبرزها علوم غريبة في طاقة النجوم والكويكبات , كانت بعض  المخطوطات ترصد إذابة المعادن من خلال معادلات غير مُكتملة في علم توليد طاقة من النجوم اعتماداً على صخور نجمية تقبع في أعماق المحيط الأطلنطي وقد جمع زياد مخطوطات من الخرائط رومانية و بعض المنحوتات بابلية تدشن نظريات بهذا الخصوص.

    بعد سقوط الأندلس بالكامل رفض المورسكيين محاولة المهادنة وتقبلوا الطرد لأن خططهم هي العودة أقوى وقد نقل الموريسكي العبقري علمه إلى أرض جديدة  وبالفعل تأسست جمهورية سلا ,تكونت على هيئة كيان مستقل بين عامي 1624 و1668 عند مدخل وادي نهر بورقراق في المغرب قرب مدينة سلا.

    نشأ ذلك الكيان بشكل مستقل وكانت لديه أفكار ثورية مختلفة فأسسوا جمعية سرية تسمى أشباح الظلام ووضعوا لائحة عُرفت فيما بعد بلائحة الأشباح ظهر منها جزء للعلن سُمي بلائحة القراصنة لتشكل تلك الائحة الأهداف المعلنة  لجمهورية عرفت بجمهورية القراصنة وأخذت من العلم الأسود شعار علني ,أسس هذا الكيان المورسيكيون القادمون من هورناشوس وطليطلة وغرناطة,وقد نشأ من رحم ذلك الكيان تحالف المتفجرون الطائرون الذين صاغوا تفوقهم بمركبات كيميائية صنعها زياد قادت تفوقهم في البحر على الجميع حتى أصبح المتفجرون الطائرون لقب مخيف في سائر بحار العالم يدشن رعب خاص ومقذوفات نارية قائمة على علوم حديثة ومعادلات كيميائية حاذقة.

    خلال الفترة القصيرة التي عاشت فيها هذه الجمهورية ساهمت بفاعلية في أعمال القرصنة في البحر المتوسط والمحيط الأطلنطي وتجارة العبيد مع الدولة العثمانية وكان أول زعيم لهذا الكيان (مراد رايس ) والذي أغار على شواطئ أسبانيا والبرتغال وفرنسا وانجلترا حتى وصل إلى سواحل أيسلندا وقد حكم هذه الجمهورية مجلس حمل اسم الديوان ويتراوح عدده بين اثني عشر وأربعة عشر شخصاً ينتخبون في آيار من كل عام الأدميرال الكبير وقد توفى مراد ولم يترشح زياد لأنه وجد أن موضوع تطوير أبحاثه أهم وبالفعل فقد طور المنجنيق وصنع جهاز أحدث يسمى الدالوت وهو يشبه منصة إطلاق صواريخ وقد ابتدع زياد صواريخ من أحجار بركانية كانت بعيدة المدى ودقيقة وشديدة الانفجار ومن تلك النقطة نشأ تحالف جديد بين القراصنة مبني على التقنيات الجديدة في الحروب البحرية وسمي تحالف الخمسة بدأ بشكل سري يكرس لخطط لإبادة العالم ثم إعادة بنائه من جديد.

    في تلك الآونة نشأت صداقة كبيرة بين (زياد) و (نجيب يزن الهاشمي ) وهو كيميائي مغربي من أصول جزائرية وقد تحالف الثنائي من أجل مشروع بناء ما أسموه الغية وهي مرادف لمفاعل طاقة لعصرنا الحديث عاشوا حلم تغيير شكل العالم وهدمه ثم إعادة بنائه ,كانت أحلامهم تنصب على تحويل موازين القوة في العالم إلى كفة الدول الصغيرة وإعادة الأندلس للمورسكيون ولكن تداعى كل ذلك مع ضعف القراصنة وخلافات دبت بين الجميع وبداية ظهور مصدات دفاعية وجيوش بحرية أكثر تقدماً مع فشل مشروع الغية.

    وذلك حفز  زياد على العمل و الابتعاد بعض الشيء عن كل ما يتعلق بالحرب وشغلته أبحاثه الخاصة بالمعادن والنجوم ونقل علومه إلى صديقه خوفاً من ضياع ما بناه بل و عكف على صناعة كتاب جامع عبارة عن تكملة لمخطوطة صديقه وقد أسماه  فيجا وهو كتاب جامع لعلم النجوم والمعادن بل وحمل رموز متقدمة وإحداثيات نجمية عن مواقع معينة داخل المحيط الأطلنطي والهندي ولم يعرف أحد ما هية تلك الإحداثيات والخرائط,كما أرفق عدة خرائط لمراكز للمعادن في الصحراء الكبرى ولكنه جعل تلك الخرائط عسيرة الفهم بوضعها على نمط متاهة فلكية متعددة المسارات وليست خريطة إحداثيات على البر ,أسماها متاهة النجوم لانه استعان بالنجوم في صناعة متاهة الجذمور ,متاهة متشعبة المسارات يصعب الوصول لنقطة المركز ويصعب الخروج منها إلا لمن لديه مفتاح فك الشفرة النجمة فيجا.

    الحدث الثالث

    السطو على متحف الرباط

    الرباط ,المغرب ,سنة 1961 م

    مُلثمون يرتدون ثياب فضفاضة بألوان زرقاء متماهية مع اللون الأبيض و يقفون بطريقة دائرية تبدو مدروسة يحاوطون جوانب متحف مدينة الرباط ويبدو أنهم بانتظار إشارة ما , سرعان ما جاءت ,انفجار هائل عند بوابة المتحف وسقوط الحراس الثلاثة المرابطين أرضاً ,استل الملثمون الخمسة أسلحة الحراس وسرعان ما ارتدى اثنان منهم ملابس حراس ملكيين والبقية توجهوا إلى قبو المتحف حيث توجد المخطوطات المنشودة وأسرعوا بوضع المخطوطات بعناية داخل مغلفات خشبية ومع انفجار آخر في الساحة الخاصة بالمتحف والتي كانت إشارة أُخرى بالتجمع قرب حانوت ركضوا نحوه بعد أن خلعوا الثياب الفضافضة وظهرت ملابس حديثة أوروبية الطراز وارتدوا قبعات لفريق الليكرز الأمريكي وهناك تقابلوا مع جعفر الهاشمي التاجر اليمني قاموا بمعالجة باب الحانوت المغلق فاحتواهم سريعاً وسط فوضى ما بين قوات الشرطة والعابرين الذين تجمعوا على أثر الانفجار عبروا عدة أنفاق خلف باب سري داخل الحانوت بعد عدة دقائق من السير داخل أنفاق مضاءة بمشاعل خافتة الإضاءة وصلوا إلى حانة شنقيط وهناك ارتدوا ملابس أخرى عبارة عن غترة مغربية جعلتهم أكثر وجاهة.

    ما هي إلا لحظات إلا وظهر رجل مَهيب الطلة تميل بشرته للسمرة وتميل ملامحه للحدة وأبرز ما يميز وجهه شارب تركي وشامة على خده الأيمن,نعتوه بأبو أيمن  ,نفحهم مقابل  الاتفاق وأثنى على دقة تنفيذه  لمخطط السرقة ,ظهر شخص يبدو أنه خبير مخطوطات يتكلم الفرنسية تفحص بعدسة مذهبة المخطوطات وأطلق صيحة مٌنغمة, بعدها أغدق أبو أيمن عليهم مكافأة خاصة جعلتهم يطيرون فرحاً وقد استولوا على عملات ذهبية أخرى من المتحف لتكون حصيلة العملية غنيمة ستكفيهم العوز بقية عمرهم.

    لكن بعد ساعات قليلة كانت فرقة خاصة تسمى الوولفز يتحدثون لغة أمازيجية مُرابطين في مكان تجمع الخمسة حيث تبعوهم حتى علموا مكان تجمعهم لتوزيع الغنائم قاموا بنحر أعناقهم كالأغنام تاركين بضعة عملات ذهبية مع جثثهم التي علقوها من خلاف  بعد أن فصلوا الرأس تماماً ووضعوها داخل أكياس بلاستيكية ثم رحلوا الفرقة سريعاً,بعد لحظات كانوا برفقة أبو أيمن مؤكدين له إتمام العملية بنجاح بعد أن عرضوا عليه الرؤوس المنحورة ,أخبرهم أن يترجلوا من سيارتهم وأعطاهم أوراق هويات  جديدة ليقلهم بشاحناته الخاصة إلى الحدود الجزائرية وهناك  أخبرهم أنه سيوفر لهم وسيلة آمنة تصل بهم إلى جبال الأورس عند الحدود التونسية وهناك سيكون دخولهم إلى تونس يسيراً.

    بعد عدة ساعات أخرى انفجرت الشاحنة التي تقلهم قبل كمين أمني في معبر زوج البغال على الحدود المغربية الجزائرية مما أعطى غطاءً أمنياً لشاحنة أبو أيمن التي كانت تحمل اسم شركة الهاشمي للنقل ورجاله للعبور الآمن نحو الجزائر وألهى السلطات عن تفحص الشاحنات الخاصة بشركة الهاشمي للتجارة والنقل بتمهل,وصلت الشاحنات بأمان إلى مقر شركة الهاشمي في الجزائر  واستعد الهاشمي ورجاله لمهمة أخرى لا تقل أهمية عن سرقة تلك المخطوطات ولكن قبلها أجرى اتصالاته للتنسيق مع بعض أتباعه في موريتانيا أن يقوموا بتنفيذ سلسلة من المهُمات وذلك بعد أن أعطاهم اسم المنسق لتلك العمليات ولتلك العمليات حكايةً أخرى.

    الحدث الرابع

    انتحار ليتا

    الجزائر ,عنابة,م 1961

    يوم هاديء بلا صقيع بلا رياح باردة, فقط طيور نورس بيضاء كانت تتهادى فوق نافورة رائعة الجمال مصنوعة من الجص ومزخرفة بجرانيت سماوي تتهادى المياة داخل أنابيب خفية فتخلق أكروبات مائي يجعل من طيور النورس في غبطة ومرح ,ينظر فؤاد الضوي بقلق في ساعة معصمة ويراقب ساعة رملية أمامه ولكن على ما يبدو هناك شيء لم يسر كما يريد ,يشعر بقلق بالغ ويداعب لاسلكي ألماني متطور ,ينتظر شيئاً لم يحدث ,يعبث بشاربه ويفكر في جميع الاحتمالات وكيف تناول رؤسائه الخبر الذي أرسله ,يعلم أن الخبر قد يكون أضغاث مجرد ثرثرة من راقصة استعراضية ولكن دقة الخبر ومصدره يؤكد أن الخبر به شيئ من الصحة كذلك (ليتا) نفسها  كانت صادقة دوماً وصريحة معه وحين بدأ بتقصي تلك الشبكة الإجرامية التي بدأت تقوم بعدة عمليات داخل أروقة البلاد العربية بدأت الأمور تتجلى فمنذ لاحق رجل الأعمال اليمني الذي قابله في حفلة بالقنصلية المصرية رفقة رجل أعمال مصري معروف بالوطنية وقد أمره رئيسه بمتابعة ذلك اليمني بعد أن تزامنت محاولة اغتيال رجل الأعمال المصري مع شراكة لم تتم مع رجل الأعمال اليمني ومنذ ذلك الحين وبدأ فؤاد الضوي بمراقبة ذلك اليمني وبدأ اكتشاف كيان غامض يقوده ذلك اليمني ولكن ذلك الكيان لم يكن كياناً إجرامياً ولكن كياناً اقتصادياً صِرفاً وبعد أن جمع المعلومات وعرضها على رؤسائه لم يجدوا فيها أي شيء غريب بل عقد رجل الأعمال المصري شراكة مع ذلك اليمني ,أزال كل شك حول كيان الهاشمي وأخرجه من دائرة الاهتمام ولكن تواجد الهاشمي في الجزائر متزامناً مع وصول عالم جيلوجيا مصري كان مُربكاً وغير مفهوم ولكن لعله أمر عارض نظراً لأن الهاشمي لديه فرع من شركة النقل الخاصة به في الجزائر العاصمة.

    كان فؤاد الضوي يؤمن حضور عالم جيولوجيا مصري منذ وصوله لعقد مؤتمر صحفي في مدينة عنابة الجزائرية فلاحظ أن شخصاً يراقبه ويقتفي أثره أينما ذهب وقد تحرى الضوي عن ذلك الشخص فلم يجد الكثير غير أنه أرجنتيني من أصول سنغالية هرب من السنغال بعد أن كان ضمن الجيش وارتحل مع عائلته إلى المغرب ثم إلى موريتانيا حتى استقر به الحال في الجزائر أبرز ما يميزه خلاف أنه حليق الرأس يضع خاتماً من الفيروز ينتهي بقطعة نحاسية تحمل رمز  جمجمة وعظمتان متقاطعان في سبابته ويرتدي سلسلة تحتوي على قلادة لكلب من نوع الكناري بيرسا, التقى الأرجنتيني الحليق بجعفر الهاشمي فأثار ذلك شكوك وافتراضات جديدة,فلا شيء يجمع الهاشمي مع ذلك الأرجنتيني.

    جعفر الهاشمي كان محور شكوك الضوي لأنه ربط بينه وبين عمليات قتل وتهريب عديدة ولكن عندما رفع تقارير بذلك لرؤسائه لم يجد اهتمام وأمروه بالتركيز في عمله ,أخبرهم أن الهاشمي التقى عدداً من الجواسيس لعدة أجهزة مخابراتية وكان فيما بينهم اتفاقات واجتماعات تُثير الجدل وتؤكد أنه أكثر من مجرد رجل أعمال لوجيستية ,حاول الضوي إثبات وجهة نظره وقامت السلطات المعنية بُناء على تقرير أمني أفاد بأن عملية نقل سلاح ستتم داخل أحد مخازن الهاشمي قرب عنابة,بالطبع لم يظهر الضوي واكتفى بالمراقبة كي لا يكشف غطائه الأمني, عند المداهمة كانت العملية فشل جديد للضوي في إثبات نظرية غريبة حول مؤامرة يقودها الهاشمي مع أجهزة مخابرات دولية تهدف إلى خلق توتر عام في المغرب العربي وربط ما يحدث في ليبيا من فرق مرتزقة تتسلل إلى مصر لتقوم بعمليات نقل سلاح ومخدرات لتمويل مشروع أكبر في كسر شوكة الدول العربية وتمويل الانفصالين في أفريقيا وإعادة ترسيم حدود استعمارية.

    أصبحت تقارير الضوي مجرد محض خيال بعد المداهمة الفاشلة وتوجيه اللوم له في جعلهم أضحوكة الأجهزة الامنية ,تخلى الضوي عن إصراراه لشهور وبدأ يتبع التعليمات حتى رصد الهاشمي مرة أخرى فعادت نظريته للظهور مرة أخرى.

    رأى هناك خطر يهدد ذلك العالم الذي يقع تحت مسؤليتة المباشرة فهو المنوط في تأمينه من الناحية المخابراتية فبدأ من جديد يحيك نظريته ويعتقد أن هناك أمراً جللاً سيحدث لذلك العالم.

    ولكن لماذا يهدد كيان اقتصادي مثل شركة الهاشمي عالم مصري بلا عداوة مسبقة بينهم ,ثانياً لماذا لا تجيب الفتاة ليتا على الهاتف العمومي الذي تعودت أن تهاتفه منه وهو كذلك منذ جندها وجعلها مصدر مهم لمعلوماته استغرب لماذا لم تأت في الموعد برغم أن تسليمها التسجيل سيجعلها تستحق الجزء الثاني من المبلغ المتفق عليه ,ثالثاً لماذا لم يتصل رئيسه,هل تم إدراج معلوماته ضمن المعلومات غير ذات صلة فقد رفض رئيسه كل تصوراته ووجدها بعيدة عن الواقع بل رفض كل ما تم جمعه من معلومات عن الهاشمي الذي كشف رئيسه أنه رجل مخابرات يمني وقد مد السلطات المصرية بعدة معلومات هامة عن عدو مباشر لذلك فالهاشمي في خانة الصديق وليس العدو وموضوع تجارته في المخدرات هو إشاعات تم ترويجها لجعله أكثر مهابة بين تلك الأوساط الإجرامية.

    يكاد يجزم أن تلك المجموعة الغامضة لديها أهداف غير اقتصادية وهذا ما تؤكده الخرائط التي حصلت عليها  ليتا  من خزينة ذلك العالم الجيلوجي الذي ضايفها في حجرته قبل أن يسقط أرضاً  بعد أن قامت بتنويمه ,برغم مخالفتي الأوامر ولكن كنت أرى أن مهما ما كان ذلك الجيلوجي يمتلكه لابد أن يكون بحوزتي فتفسير أهمية ما يمتلكه يشير إلى أنواع الخطر التي تهدده وتحدد بشكل أو بآخر من هي الجهات التي تسعى خلفه وصفت ليتا رصدها لشخص يشبه ذلك الأرجنتيني من حيث السمات البدنية فقد وصفت أنه متوسط القامة ذو بنية قوية منحوتة بالعضلات وقد شاهدت قلادة لامعة في عنقه.

    لم يتحمل فؤاد الانتظار فقد يكون ذلك الأرجنتيني اكتشف أن ليتا هي من سرقت الخريطة  فتوجه نحو موقع إقامة المؤتمر واستقر أمره أنه لو توجس في شيء سيتدخل حتى لو كلفه ذلك كشف غطائه المخابراتي ,لم يحدث شيء حتى منتصف النهار وخاب ظن رجل المخابرات المصري الذي عاش تحت اسم مستعار (فيري صليبي) بغطاء بائع المواد الغذائية السوري عاش في المغرب العربي لمدة تناهز الخمس سنوات واستقر في الجزائر وبالتحديد في عنابة.

    ترجل الضوي من مكان انتظاره واعتلى دراجته وأحكم قبعة الرأس وأشعل موتور الدراجة النارية وراقب الموقع مرة أخيرة وانطلق ولم يمر إلا دقيقة وسمع صوت طلقات نارية متتابعة وجلبة واضحة فاستدار وشاهد ما كان يخشاه توفى عالم الجيولوجيا المصري وهو يتريض في ممشى ملاصق لمكان اقامته وفي

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1