Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

أمل الحسدة البداية جاك وينر: سلسلة أمل الحسدة, #1
أمل الحسدة البداية جاك وينر: سلسلة أمل الحسدة, #1
أمل الحسدة البداية جاك وينر: سلسلة أمل الحسدة, #1
Ebook631 pages4 hours

أمل الحسدة البداية جاك وينر: سلسلة أمل الحسدة, #1

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

إنها قصة صراع، صراع طفل من أجل البقاء مع عائلته التي تكرهه بسبب عينه الحاسدة والذين أجبروه على العيش مغطى العينين خوفًا من قوته، ليضطر بطلنا الطفل جاك للهرب من بيته ليحمي نفسه من هذا الظلم لكن الطريق سيأخذه إلى مغامرة ستكشف له مكان الحسدة أمثاله ليتغير بعد ذلك مصيره كليًا، كيف سيكون اللقاء؟ وهل سيستقر جاك أخيرًا أم ماذا؟ الإجابة على ذلك تحمله صفحات هذه الرواية.

Languageالعربية
PublisherAmal Al Awadi
Release dateOct 6, 2022
ISBN9798215303184
أمل الحسدة البداية جاك وينر: سلسلة أمل الحسدة, #1

Related to أمل الحسدة البداية جاك وينر

Titles in the series (2)

View More

Related ebooks

Related categories

Reviews for أمل الحسدة البداية جاك وينر

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    أمل الحسدة البداية جاك وينر - Amal Al Awadi

    حقوق الملكية الفكرية

    جميع الحقوق محفوظة للمؤلف، ولا يجوز تبادل هذا الكتاب جزئيًا أو كليًا بطريقة غير شرعية؛ سواء من خلال إتاحته للتحميل على مواقع الويب أو تبادله عبر رسائل البريد الإلكتروني، كما لا يجوز نسخ جزء من النص بدون إذن مسبق منه.

    كلمة قبل البدء

    أعزائي القراء

    هذه النسخة هي إعادة كتابة للجزء الأول الذي صدر في عام 2012

    وفي عام 2022 أطلق هذه النسخة المعادة، فبعد مشوار طويل إتخذت هذا القرار بعد مشاهدة التطور الكبير الذي توصلت إليه، فعندما بدأت الكتابة كنت مراهقة في الثامنة عشر ولم تكن لدي أية خلفية عن أساليب الرواية، وفي عمر 23 نشرتها وبعدها بدأت الإطلاع على عالم الكتب وخلال عشرة سنوات مررت بمشوار صعب واجهت فيه الكثير من العقبات ورغم ذلك قابلت الكثير من الأصدقاء الذين ساعدوني وأرشدوني، ولا أنسى نصائح قرائي المفيدة، فإن كنت قد قرأت النسخة القديمة فتعرف بأنك هذا الشخص شكرًا لك وشكرًا على كلماتك الطيبة التي شجعتني على التطور لأصل على ما أنا عليه اليوم.

    اليوم أضع بين أيديكم مولودي الأول بعد أن إكتمل نموه والذي أخذت أناضل لعشر سنوات على إبقائه حيًا لأجد ولله الحمد الأشخاص المناسبين الذي ساعدوني على تقديمه بأفضل مستوى وأرشدوني للمكان المناسب ليحصل على فرصته ويلتقي بكم ليأخذكم بسحره لتصيروا بذلك جزءَا من مغامراته التي ستمد لخمسة أجزاء.

    راجية من الله أن أكون عند حسن ظنكم بي وأن ينال على إستحسانكم.

    1

    الحقيقة

    كندا - مدينة أونتاريو- حي هونز البيت الخامس، هنا تبدأ أحداث قصتنا في بيتٍ متواضعٍ بسيط عاشت فيه أسرة صغيرة مكونة من أب وأم وأبنائهما الثلاثة فتاتان وصبي، الأب يعمل شرطيا والأم موظفة في مصرف أما الأبناء فأكبرهم إيميلي وهي طالبة في المرحلة الثانوية تتبعها إيمي طالبة في المرحلة الإعدادية، أما أصغرهم فهو بطل قصتنا وكان يدعى بجاك، جاك صبي ذو ثامن سنوات كان ضريرًا ويرتاد مدرسة خاصة بالمكفوفين، هو لم يولد ضريرًا لكنه أصيب بمرض أتلف وظائف بصره فتسبب له بالعمى وبحساسية مفرطة تجاه الضوء لأجل ذلك تم تغطية عيناه بضمادة سوداء فوقها حزام أسود محكم الربط لحمايتهما، ورغم ذلك كان وضعه مثيرا للريبة وأخذ يزداد كلما كبر بزايدت حيرته فكان لابد لغطاء الكذب أن ينكشف عاجلا أم آجلا لتظهر الحقيقة الصادمة رغم أنف الجميع.

    في صباح يوم مدرسي إستيقظ جاك كعادته عند السابعة بمفرده فقصد الحمام ليغتسل حين إنتبه لإرتفاع الحزام عن الضمادة، مؤخرًا كان ذلك يحصل كثيرا ويضطر لأجله لطلب المساعدة من والدته في إعادة تثبيته لكنه مع الأيام علم نفسه كيفية القيام بذلك بمفرده عن طريق مراقبتها.

    جاك: آه ليس مجدداً، كم مرةً يجب علي إعادة تثبيته.

    وفي إنزعاج أخذ يعيده لمكانه وهو يتأفف كل حين عندما فوجئ بنقطة صغيرة غريبة ظهرت فجأة أمامه في قلب الظلام الذي ألفه، تسمر في مكانه إثر الدهشة والحيرة لكن سرعان ما تملكه الفضول لمعرفة هويتها فمد ذراعيه يقترب منها في تردد وإذ بالنقطة تكبر كان ذلك كافيا لكسر تردده ودفعه للإستمرار للإمساك بها، فقادته قدماه للنافذة التي حالت بينهما حاول فتحها لكنه لم يعلم كيف أغاضه شعوره بالعجز كثيرا وعندما لم يستطع فعل شيء أخذ يفكر بما حصل.

    جاك: ما هو هذا الشيء يا ترى؟ فهو لا يشبه الظلام الذي يلازمني عادة؟ فقد قالت لي أمي بأن الظلام يطلق عليه باللون الأسود وإن ظهر فيه شيء آخر فهو أمر غير طبيعي ويعني.

    فشهق مستوعبا الحقيقة الصادمة التي لم يتوقعها أبدا.

    جاك: أي شيء يخالف السواد يعني الإبصار، أجل هذا ما كانوا يقولونه لي دائما، يا إلهي غير معقول هل معنى ذلك بأنني أبصر؟! هل أنا أبصر حقا؟!

    أمسك برأسه غير مصدقا الخبر وعندما إمتلئ قلبه فرحا أخذ يقفز كالقرد من فرط الحماس.

    جاك: يجب أن أخبر أمي، أجل فهي ستسعدُ كثيراً وعندها سأتخلص من الحزام والضماد المزعجان.

    أطلق ساقيه للريح مندفعا بتهور ليبشرها بذلك، فلم يترك في طريقه شيئًا إلا وإصطدم به لكنه أكمل غير مباليا بما حطمه وبأوجاعه الجسدية فروحه كانت تطير من شدة الفرح وما كان ليوقفها شيء سوى تعثره بالدرج، فقد تدحرج عليها كالكرة فسرع من نزوله فأثار بذلك جلبة شد بها إنتباه أمه التي كانت ترتب طاولة الإفطار فتركت ما بيدها وأسرعت قلقة بإتجاه الصوت، قفز قلبها من مكانها عندما وجدته ممددا أسفل الدرج وأسرعت لتطمئن عليه.

    إيزابيل: يا إلهي بني، هل أنت بخير؟

    نهض وكأن شيئا لم يحصل.

    جاك: نعم أنا بخير.

    إيزابيل: كيف سقطت؟ هل تعثرت بشيء؟

    جاك: لا بل كنت مستعجلًا.

    إيزابيل: بربك يا جاك كيف فكرت بالنزول بسرعة أونسيت بأنك ضرير؟

    جاك: ليس بعد اليوم فقد تغير كل شيء.

    إيزابيل: يا إلهي لابد بأنك قد أصبت رأسك، دعني ألقي نظرة.

    جاك: إنتظري يا أمي، فلدي خبر هام أود أن أبلغك به.

    إيزابيل: لاحقا فقد تكون إصابتك خطيرة.

    لم تعطه المجال وأمسكت برأسه تتأكد من سلامته فلم يستطع تحمل تجاهلها وصرخ بأعلى صوته.

    جاك: أمي أنا أرى.

    فصعقت متوقفتًا وقد إتسعت حدقتا عينيها إثر الخبر، وبصوت يملؤه الحيرة سألته لتتأكد مما سمعته.

    إيزابيل: مالذي قلته؟

    أجابها وقد إنشقت إبتسامة كبيرة على وجهه.

    جاك: أنا أرى، أمي أنا أبصر.

    رغم أنها لم تعهده يحب المزاح في مثل هذه الأمور إلا أن عظم هذا الخبر جعلها تظنه كذلك.

    إيزابيل: أهذا وقت المزاح يا بني؟

    جاك: لا أنا لا أمزح يا أمي إنها الحقيقة، فقد رأيت شيئاً غريبا لا أعلم ما هو لكنه كان مختلفا عن السواد الذي ألفته.

    إيزابيل: لابد بأنك كنت تحلم يا عزيزي؟

    جاك: لا إنه ليس بحلم فقد رأيته للتو وأسرعت بعدها لأبلغك، صدقيني يا أمي.

    إيزابيل: عزيزي أنت لاتستطيع الرؤية.

    جاك: أنا أقسم لك بأنني رأيته فقط لو نزعت الحزام والضماد لبرهنت لك ذلك.

    ففاجئته بردت فعلها العنيفة وهي تمسك بكلتا ذراعيه بقوة وتوبخه بشدة بنبرة عالية بدت كالصراخ.

    إيزابيل: جاك هل حاولت نزع الضماد؟

    جاك: لا يا أمي، أنا فقط.

    إيزابيل: ألم أخبرك بأن عيناك تتحسسان من الضوء وأنه من الخطر عليك خلعها من دون إشراف الطبيب.

    جاك: أعلم يا أمي.

    إيزابيل: إذاً لما تقولها بكل تلك البساطة؟

    جاك: وددت أن أثبت لك فقط.

    إيزابيل: تثبت ماذا؟ فقد أكد الطبيب لنا بأنك ستظل أعمى طوال حياتك لذا لا توهم نفسك بذلك لأنه أمر مستحيل، أتسمع إنه أمر مستحيل فأنت أعمى وستظل كذلك رغم أنفك، ففي الحياة بعض الأحلام التي لا يمكننا تحقيقها مهما إشتهيناها، وهذه واحدة منها ولن تتحقق أبدًا أتفهم ذلك يا جاك، أتفهم؟

    كلماتها الجارحة أصابته في الصميم فقتلت الأمل في قلبه وأبدلته يأسا، فحزن بشدة وضغط على شفتيه بقوة مشيرا إلى نوبة بكاء قادمة عندها شعرت بأنها قد قست عليه كثيرا فأجلسته في حجرها وإحتضنته تخفف عنه.

    إيزابيل: إعذرني يا بني على ذلك فلم أقصد أن أجرح مشاعرك، فأنا أتألم لرؤيتك تبني آمالا على شيء مستحيل، لذا عدني بألا تتحدث عن هذا الموضوع مجددًا لتوفر علينا وعليك بالأخص ألم الحزن عليه.

    لم يستطع كبح حزنه وإنفجر بالبكاء غير راضيًا بذلك، تقطع قلبها حزنا عليه لكن لم يكن أمامها وسيلة سوى التخفيف عنه وإبتلاع قهرها في صمت. العاشرة مساء إستيقظ جاك عطشا فمد يده ليتناول إناء المياه فإستغرب عدم وجوده فقد تعودت والدته وضع واحدة كل مساء على الطاولة التي بالقرب من سريره ويبدوا بأن شيئا أشغلها هذا المساء فأنساها فعل ذلك، فلم يكن أمامه حل سوى النزول للمطبخ للحصول على كأس من المياه، وبينما كان متجهًا للمطبخ سمع والداه يتجادلان في غرفة المكتب، لم تكن من عادة والده أن يرفع صوته على والدته أو يحزنها فهما متفقان على الدوام إلا فيما يخصه هذا ما دفعه للإقتراب وإستراق السمع.

    لويس: ألم أطلب منك التأكد من الحزام والضماد كلما خلد للنوم؟

    إيزابيل: آسفة فقد كنت مشغولة جداً بالأمس ومن شدة التعب لم أنتبه إلى أنني لم أتأكد منه.

    لويس: لقد أوصيتك بذلك مئات المرات وبعد ثلاث سنوات أضطر للتأخر ليوم واحد فتنسين ذلك، إهمالك قد أوصلنا إلى اليوم الذي كنا نخشى حدوثه.

    إيزابيل: ولكنني أقنعته بعكس ذلك.

    لويس: وما أدراك بأن الفضول لن يدفعه للتفكير في خلعهما؟

    إيزابيل: آه لا أدري، لا أدري حقا مالذي يتوجب علي فعله، ساعدنا يا إلهي فلو يعلم بأن بإمكانه الإبصار وأننا منعناه من ذلك لثلاث سنوات لكرهنا للأبد، يال إبني المسكين.

    جاك: ماذا!

    لويس: لن يحصل ذلك أبدًا فسأعمل على إخفاء الأمر كما فعلنا معه عندما كان في الخامسة، فلا يجب أن يرى جاك ولن نسمح له جميعا بذلك أبدا.

    أراد إقتحام الغرفة وإمطارهم بالأسئلة ليفهم السبب وراء هذا الإضطهاد الذي يفرضونه عليه لكنه كان يعرف جيدا بأن والده لا يحبه وسيقوم بتوبيخ بشدة ولن يجيب عليه بل وسيعاقبه فوق ذلك، فما كان منه سوى أن فر لغرفته وإختبأ تحت غطاء فراشه يبكي من شدة القهر فالإعاقة التي ظنها السبب في كره أفراد عائلته له لم تكن إلا من فعلتهم، وأن الإبصار لم يكون نعمة عليه بل نقمة وقد يزيد وضعه سوءا، لكن ما آلمه أكثر وزعزع الخوف بداخله هو معرفة بأن والدته وهي الشخص الوحيد الذي يحبه ويحميه دائما كانت مشاركة في ذلك، لحظتها أحس بوحدة الشديدة وأن الدنيا ضاقت عليه بما رحبت وود لو يختفي نهائيا ليرتاح من خيبات الأمل التي أخذت تزداد في قسوتها وظلهمها عليه يومًا بعد يوم بلا أية رحمة.

    في صباح اليوم التالي دخلت والدته غرفته لتؤقظه.

    إيزابيل: إستيقظ يا بني فقد حل الصباح.

    إستيقظ جاك قبل دقائق من وصولها لكنه لم يرد النهوض وبعد أن سمع صوتها تذكر ما حصل بالأمس ولم يرد الإجابة عليها، فظنته لازال نائما فقامت بهزه لتوقظه.

    إيزابيل: إستيقظ يا جاك.

    جاك: أنا مستيقظ يا أمي.

    إيزابيل: إذا لما لم تجب عندما ناديت عليك؟

    جاك: لأنني لا أحب التحدث مع أحد فور نهوضي.

    إيزابيل: حقا! منذ متى صرت كذلك؟

    جاك: إنني أكبر يا أمي وأطباعي تتغير هذا ما قالته لي المعلمة في المدرسة.

    إيزابيل: طبع جديد؟! لا أذكر بأنني سمعت عن ذلك مسبقا في هذا العمر، لكن بما أنك طفل مميز فكل شيء جائز.

    وفي حسرة أعقب كلامها.

    جاك: أجل فأنا مختلف عن الجميع.

    ففاجئته عندما وضعت كفها على جبهته تتفحص حرارته.

    إيزابيل: أخبرني يا بني هل أنت مريض؟ فليس من عادتك التأخر في النوم؟

    جاك: أنا بخير يا أمي لا تقلقي أرجوك.

    إيزابيل: الحمدلله حرارتك طبيعية وليس هنالك داع للقلق، إذا ما الأمر؟

    جاك: إنني فقط لم أرد النهوض باكرا لأن اليوم عطلة.

    إيزابيل: صحيح إعذرني بشأن ذلك لكن يتوجب عليك الإستيقاظ مبكرًا اليوم أيضًا لأجل الإحتفال، لذا إغتسل بسرعة بينما أخرج ملابسك فلدينا الكثير من الأعمال، فيجب أن يكون عيد ميلاد أختك الكبرى إيميلي مميزا فهي لن تبلغ السابعة عشر كل يوم وهناك الكثير لنبتاعه من السوق وقد وعدت بمساعدتي.

    تحدثت وكأن شيئا لم يحصل بالأمس وكأن حزنها ودموعها لم يكونا سوى جزء من نص مسرحي إنتهى بإنتهاء المشهد، لأول مرة شعر بالخوف منها فأمه التي يعرفها حنونة وصادقة وبعد ليلة الأمس إكتشف بأن لها وجها آخر متناقض كليا عن الذي ألفه أخفت فيه كذبها ومكرها وربما هي أيضا لم تحبه يوما، سيطرت الأفكار السلبية على عقله وأخذت تصور مدى بشاعتها فلم يرد تصديقها رغم الدلائل الواضحة من حوله وأمسك برأسه يصارع تلك الحقيقة وعن غير قصد جهر بصوته.

    جاك: توقف.

    فتوقفت إيزابيل تنظر إليه بريبة فتصرفاته الغريبة أعادت الشك لقلبها بأنه ربما لازال يفكر في إحتمال أنه قد يبصر.

    إيزابيل: مالذي يحصل معك يا بني؟

    إبتلع ريقه في خوف بعد أن شعر بأن غلطته قد تسبب في زرع الشك في قلبها وإن حصل ذلك فلن تتركه حتى يفصح بالحقيقة فكانت لها طرقها الخاصة، لذا أسرع يبرر لها قبل أن تتأكد شكوكها.

    جاك: ذبابة.

    إيزابيل: ذبابة!

    جاك: أجل هناك ذبابة كانت تحوم حول أذني.

    تفحصت المكان حولها فلم تجد واحدة.

    إيزابيل: ولكن لا وجود للذباب هنا؟!

    جاك: ربما خرجت أو إختبأت في مكان ما، حقيقة لا أعرف كيف تفكر هذه الحشرة.

    فضحكت على تعليقه وأكملت إخراج ملابسه ووضعتها على السرير.

    إيزابيل: أجل فهي حشرة ماكرة تدخل من أصغر فتحة ولا تعرف الخروج من أكبر فتحة.

    إبتسم مسايرا دعابتها.

    جاك: أجل.

    إيزابيل: والآن قم وإغتسل وغير ملابسك بسرعة لنتناول الإفطار جميعًا.

    جاك: حسنا.

    ما إن خرجت من الغرفة حتى وضع يده على صدره يهدأ دقات قلبه التي كانت تطرق كطبول إحتفالات هنود الحمر إثر الرعب النفسي الذي وضعته فيه.

    أقيم الإحتفال في الباحة الخلفية للبيت وكانت من عادات عائلة وينر أن يقام إحتفالان لصاحب عيد الميلاد يوم يحتفل فيه مع أصدقائه واليوم الآخر مع عائلته حتى يتسنى للجميع مشاركته فرحته كل سنة، وعند السادسة مساء إجتمعت العائلة بأكملها وبدأ الإحتفال كان الجميع يحب هذه الأجواء إلا جاك فكان يضطر فيها للجلوس وحيدًا طوال الوقت لكي لا يتسبب بالإزعاج لأحد، فقد تجاهله بقية الأطفال لأنه لم يكن قادرا على اللعب معهم بسبب إعاقته بالإضافة إلى أن لا أحد يود تضيع وقته في مراقبته فالكل مشغول في الترفيه عن نفسه. عادة كان يظل حتى نهاية الحفل ولا يتحرك من مكانه مهما بلغ فيه الملل لكن هذه المرة قرر مغادرة الإحتفال منذ البداية بعد أن تيقن بأن أحدًا لن يكترث بغيابه أما عن والدته فلن تلاحظ إثر إنشغالها بالترتيبات، فالهم الذي كان يثقل كاهله أكبر من أن يتحمل ثقل هذه الحفلة أيضًا، وما إن شعر بأن الجميع قد إنشغل بالأحاديث تسلل للبيت وياللمصادفة بأن يدخل في اللحظة التي كانت والدته تحدث فيها خالته لينور فسمع تعليقها.

    لينور: ماذا تقولين لقد رأى؟!

    إيزابيل: إهدئي قد يسمعنا أحد.

    لينور: كيف تريدينني أن أهدأ بعد أن سمعت بهذا الخبر المشين.

    جرتها إيزابيل إلى المكتبة وأغلقت الباب خلفهما بإحكام، لاشعوريا تحركت قدما جاك خلفهما بسرعة وألصق أذنه على فتحة الباب يسترق السمع للحوار الذي سيدور بينهما، لكن مفاجئته كانت أكبر عندما إكتشف بأن جميع كبار العائلة كانوا موجودون هناك أيضا.

    لينور: هل سمعتم بما حصل؟

    الجدة: أجل وقد حصل بسبب إهمالهما بالطبع.

    الجد الكبير: كان من الأفضل لو أبقيتهُ في أكاديمية الشرطة تحت الحراسة.

    لينور: بل لكان من الأفضل لو رميناه في مصح للمجانين.

    فحدث جاك نفسه في حزن: ولكن لماذا يكرهونني كثيرا ويعاملوني دائمًا بقسوة، ماذا فعلت لأستحق ذلك؟

    إيزابيل: توقفوا أرجوكم فلا داعي لكل ذلك فقد حللت الموضوع وأعدكم بأن لا أخطأ مجددا، لويس قل شيئا أرجوك؟

    لويس: وماذا عساي أقول.

    إيزابيل: أي شيء إنه إبنك أيضا.

    لويس: لأنه إبني عقدت هذا الإجتماع لنحد من خطره حتى لا نندم بعد ذلك.

    إيزابيل: ولكنه لازال صغيرًا جدًا وكل ما يحتاجه وجودنا بقربه ومساندتنا.

    لينور: توقفي عن قول التراهات يا إيزابيل فإن تعاطفنا معه مثلك فستحل المصائب علينا من كل جانب.

    إيزابيل: ولكن لابد من وجود طريقة أخرى، فهو من حقه أن يرى كالجميع.

    لينور: إن كان بإبصاره أذى للغير فهذا ليس من حقه، هل نسيتي ما فعله؟ فإن كنت قد نسيتي فأنا لم أنسى، فلازلت أذكر كيف كاد أن يقتل إبني بعيناه الملعونتان قبل ثلاث سنوات، منذ أن نظرت إليهما عرفت بأنها عيونٌ حاسدة، تلك العيون التي لطالما حدثنا عنها أجدادنا ويالحظنا العاثر بأن يولد هو بصمة العار الذي سيقلب حالنا رأسا على عقب لذلك يتوجب علينا القضاء عليه.

    إيزابيل: يا إلهي أتفكرون بقتل إبني!

    فتدخل الجد الكبير بسرعة قبل أن يأخذ النقاش مجرىً مختلفًا.

    الجد الكبير: توقفا حالا فما إجتمعنا لنتناقش بهذه الطريقة نحن هنا لإيجاد حل لهذه المشكلة، إيزابيل لا تخافي فنحن لا نفكر في إيذاء إبنك أبدا فلا تنسي بأنه من دمي أيضا وأنت يا لينور إستخدمي كلماتك بعناية، فأنا الكبير هنا وأنا من بيده القرار النهائي وقد أخبرتكم بفكرتي فإن كان لأحدكم فكرة أفضل فليخبرنا بها وإلا فالنصوت.

    وكالعادة إن إقترح الجد فكرة يوافقه الجميع من دون إعتراض حتى لو كانت لديهم فكرة أفضل منها، حاولت إيزابيل أن تكسب مساندتهم لكن لم تؤثر فيهم توسلاتها ولا حتى دموعها وكانت خيبة أملها الكبرى زوجها الذي لم يسندها في محنتها بل أدار ظهره لها كليًا.

    إيزابيل: لويس أرجوك.

    لويس: آسف يا إيزابيل ولكنه القرار الصائب.

    وهكذا حسم الأمر نهائيا.

    الجد الكبير: حسناً إذا سآخذه معي بعد الإحتفال، في حين أرسل أحدا في الغد ليأخذ أمتعته حتى لا يشعر بشيء لكي نسلم من الجلبة التي سيثيرها.

    بعد سماع جاك لذلك إنطلق لغرفته مسرعا وأغلق الباب خلفه وأقفله بالمفتاح ثم أسند ظهره عليه ليزيد من دعامته في محاولة لمنعهم من الوصول إليه، وكان في حالة يرثى لها فذاكرته حفظت كل حرف قالوه وأخذت تعيد شريط محادثتهم عليه جاعلتا إياه يذوق مرارة الحقيقة من دون توقف.

    جاك: لا أنا لست حاسدا أنا لست بشخص شرير فأنا لم أؤذي نملة في حياتي فكيف ببشر مثلي، لابد بأنهم يكذبون فتلك عادتهم وأنا متأكد من ذلك، ولكن كيف لي أن أثبت لهم؟ كيف لي أن أفعل ذلك ليتركوني بسلام؟

    أسعفه عقله بأن المشكلة تكمن في إبصاره فإن أثبت لهم بأنه أعمى عندها فقط سيسلم منهم وستعود حياته كالمعتاد، فقرر خلع الحزام والضمادة وكان يعرف كيفية القيام بذلك، فأزال الحزام ولم يشهد أي تغيير لكن ما إن بدأ بإزالت الضماد حتى أبصر تداخلا غريبا في خلفية السواد التي ألفها وأخذ يزداد كلما أزال طبقة من اللفافة، فبدأت يداه بالإرتجاف تيقنا بصحة كلامهم فأغلق عيناه مكذبًا تلك الأدلة حتى يزيله بالكامل متأملا حصول العكس.

    جاك: حسنا حانت لحظة الحقيقة.

    فإستجمع شجاعته وفتح عيناه، ثوان هي كل ما إستطاعت عيناه تحمله من الضوء لكنها كانت كافية ليتأكد من قدرته على الرؤية ويالها من حقيقة قاتلة إقتلعت جميع آماله ودعمت إفتراءاتهم بأنه حاسد، فهو لم يعرف بأمر الحسدة إلا من خالته التي كلما قابلها كانت تتحدث عنهم بالسوء لم يفهم وقتها بأنها كانت توجه إليه الإهانات لأنه كان صغيرًا جدًا، لكن رغم ذلك زرعت بداخله الفضول فسأل والدته عنهم لكنها تجاهلته فلجأ لأخته إيمي بعد أن رفضت أخته الكبرى التحدث عن الموضوع أيضا، فأخبرته بالقصص التي كانت جدتها ترويها لهم قبل بلوغها العاشرة وأنهم أشرار وقتله، تذكر بعدها شريط حياته وكل مواقفهم معه ليكون ذلك المبرر الوحيد لقسوتهم عليه بالإضافة لحادثة إبن خالته لينور التي جعلتها تمقته مدى الحياة، تلك الحقيقة جعلته يتمنى العمى الذي لطالما أراد التخلص منه.

    جاك: لا لا أريد أن أبصر لا أريد ذلك، يا إلهي لقد كانوا محقين فأنا أرى حقا لكنني لا أريد أن أكون حاسدا فأنا لست بشخص شرير.

    أخذ ينكر تلك الحقيقة ومعها أخذ صوته يعلو شيئا فشيئا حتى تحول إلى صراخ مستمر وضربات بيده ورأسه على الباب إثر وجع روحه ولولا صوت الموسيقى المرتفع لتمكن كل من في البيت من سماعه، إنتهى به المطاف ممددا على الأرضية كالمحتضر فهو يعلم بأن مصيره قد حدد وأن أيام بل ساعات سعادته قد قاربت على الإنتهاء ولا ملاذ له إلا إذا تحرك بسرعة وفر منهم الآن.

    جاك: أفضل الضياع في الشوارع والموت جوعا على البقاء هناك حبيسا في قفص كالحيوانات.

    فعزم أمره وتحرك لينفذ خطته وبالرغم من أنه قد خلع الحزام والضمادة إلا أنه لم يتمكن من فتح عيناه لأنهما لم تعتادا بعد على تحمل قوة الضوء لكن ذلك لم يشكل فرقا عنده فهو ولد ذكي وكان يحب الإعتماد على نفسه ويتعلم بسرعة، فتح خزانته وأخذ بعضا من ملابسه وحشرها في حقيبته المدرسية بعد أن أفرغها من الكتب ثم أخذ عصاه والنقود التي كان يجمعها في حصالته وتحرك خارجا من البيت وسط إنشغال الجميع بالحفل، بعد أن خرج إلتفت ممسكا بمقبض الباب قائلا بحسرة.

    جاك: إعذريني يا أمي فلولهة ظننتك مثلهم ولم أكن أعلم بأنهم قد أجبروك على ذلك، اليوم فقط تأكدت بأنك الشخص الوحيد الذي لطالما أحبني من هذه العائلة وأن بقائي هنا سيكون عذابا علينا نحن الإثنان لذا من الأفضل أن أختفي حتى ترتاحي من أذاهم، وددت حقا لو أتمكن من وداعك لآخر مرة والإرتماء في أحضانك لكن ذلك مستحيل الآن لذا فالتكن الأيام الجميلة التي جمعتنا خير ونيس لك في غيابي وأتمنى أن تنسيني ليتوقف قلبك عن التألم، وأنا أعدك بأنني لن أنساك أبدا فأنت أغلى ما أملك وأجمل شيء كان وسيظل في حياتي، وداعا يا أمي الحبيبة وداعا إلى الأبد.

    2

    اللقاء

    قصد محطة إنتظار الحافلات التي كان يرتادها يوميا للذهاب للمدرسة فرغم صغر سنه وإعاقته إلا أنه كان قادرًا على الإعتماد على نفسه في كل شيء، فقد كان مستعدا لفعل أي شيء لكسب محبة عائلته وقد ظن أن إعتماده على نفسه قد يكسبه ذلك فقاوم إعاقته وتعلم رغم الصعوبه لكي لا يصير عبئا على أحد لكن رغم ذلك لم يؤثر بهم، ومع ذلك لم ييأس وإستمر بالمحاولة لدرجة أنه إستقل يوما سيارة أجرى بمفرده فقط ليفاجئ خالته بهدية عيد ميلادها قبل الجميع، والخالة بالطبع عاملته بإجحاف ووبخته بشدة على حضوره ولم تكلف على نفسها حتى أخذ الهدية من يديه عندما ناولها أو إيصاله لبيته بل أرسلت في طلب والديه وتركته ينتظرهما في حديقتها كأنه قطة متشردة من شدة سواد قلبها الذي لا يعرف الرحمة، لذلك بعد معرفته بالحقيقة أدرك بأنه لا مكان له بينهم ومن دون أي تردد ركب الحافلة لتأخذه بعيدا عنهم للأبد.

    ثلاث ساعات مضت عليه في صمت وهو مثقل بالهموم حتى توقفت الحافلة عند محطتها الأخيرة، ففتح السائق الباب لينزل الركاب وعندما لم ينزل أحد إلتفت ملقيا نظرة خلفه فوجد المقاعد قد فرغت بالكامل إلا من جاك ولأنه كان مغمضا عيناه ظنه نائما وقام إثرها ليوقظه.

    سائق الحافلة: أيها الصبي.

    لم يجبه فهزه ليوقظه.

    جاك: من أنت؟

    سائق الحافلة: أنا سائق الحافلة، إفتح عيناك يا بني فقد وصلنا.

    جاك: عذرا ولكن لا يمكنني ذلك، فعيناي لا تستطيعان تحمل قوة الخلفية.

    سائق الحافلة: الخلفية! أتقصد الضوء؟

    عندها تذكر سماع هذه الكلمة من حوله كثيرا، وقد سبق أن سأل والدته عنها لكن رغم شرحها إلا أنه لم يستطع تصورها بهذا الشكل.

    جاك: أأأجل.

    سائق الحافلة: هل أجريت عملية جراحية في عيناك مؤخرا؟

    لم يفهم ما كان يقصده لكنه أراد مسايرته في الحديث حتى يتخلص منه بسرعة.

    جاك: أجل.

    سائق الحافلة: إذا فلابد بأنك قد نسيت نظارتك الشمسية؟ لابأس فأنا أمتلك واحدة ولا أمانع إعطائك إياها فأنت بحاجة إليها أكثر مني.

    لم يعرف جاك ما هي النظارة الشمسية بالضبط حتى قام السائق بأخذها من جيب قميصه وألبسه إياه.

    سائق الحافلة: والآن يمكنك فتح عيناك فالنظارة ستخفف من قوة الإضاءةعليهما.

    ففتح عيناه ببطء وإذ به يرى صورة ضبابية في البدء أخذت تتحسن تدريجيا.

    جاك: ما هذا؟

    سائق الحافلة: إنه أنا.

    فقاطع حديثهما صوت رنين هاتفه معلنا عن وصول رسالة بريدية، فنظر إليها وتنهد بصبر نافد.

    سائق الحافلة: إنها زوجتي تطلب مني عدم التأخر على البيت، من حسن حظي بأنني قد وصلت لمحطتي الأخيرة مدينة (إيند-ويي)، لذا أخبرني يا بني أهي وجهتك؟ وهل هناك من بإنتظارك؟

    جاك: نعم.

    أطل من النافذة على المقاعد فلم يرى أحدًا.

    سائق الحافلة: لكنني لا أرى أحدًا.

    جاك: لا تقلق فسيأتون قريبًا.

    سائق الحافلة: أتريدني أن أنتظرهم معك؟

    جاك: لا شكرًا لك.

    سائق الحافلة : أأنت متأكد؟

    جاك: لا تقلق فسيأتون بالتأكيد ولدي هاتف لأتصل بهم، لذا عد لبيتك وأنت مطمئن يا سيدي.

    سائق الحافلة: حسنًا كما تحب، يمكنك النزول الآن.

    فقام متجها إلى الباب ورغم قدرته على رؤية ما حوله شعر بالجهل والضياع لكن بمساعدة حواسه الأخرى التي تعرفت على ما حوله تمكن من توجيه نفسه والنزول، فعندما كان ضريرًا كان يعرف كل شيء أما الآن فهو ضائع في عالم ملون مليء بالأشكال التي تثير حيرته، في حين أن ذلك كان ليكون مثيرا لو أن الأوضاع كانت مختلفة ولازال عند والدته.

    تحرك يمشي بلا هدى لمسافات طويلة وعيناه مصوبتان للأسفل غير مباليًا بقدرته على الرؤية أو حتى الإستعانة بها بعد أن حلت كمصيبة عليه، فأراد الإستمرار حتى يهلك جسده نهائيًا ويهوي، لكن القدر كان يسوقه لمصير مختلف فقد إضطر للوقوف عندما ظهرت أمامه أربعة أقدام لحظتها فقط رفع رأسه فوجد رجلان بالغان أحدهما كان قصيرًا والآخر طويل، تسمر في مكانه إثر الدهشة في حين أنهما أخذا نظرة شاملة عليه وعندما تلاقت أنظارهما معه شعر بوخزة في قلبه تنبؤه بخطر مقبل، تلفت حوله باحثا عن المساعدة فلم يجد سوى شيئًا غريبًا على يمينه لم يعرف بأنه مبنى مهجور يمكنه الإختباء فيه وإلا للجأ إليه.

    الرجل القصير: ماذا لدينا هنا طفل صغير، يالسعدنا.

    تراجع جاك للخلف خائفا وإلتفت محاولا الهرب لكن الرجل الطويل كان أسرع منه وتمكن من الإمساك به ورفعه من عنق قميصه.

    جاك: دعوني ماذا تريدون مني؟

    الرجل القصير: لا شيء سوى ما تحمله من مال في حقيبتك؟

    جاك: أرجوكما دعاني وشأني فأنا لم أفعل لكما شيئا.

    الرجل القصير: نعلم، لذلك سنأخذ منك الحقيبة فقط فلا حاجة لنا بك.

    أشار للرجل الطويل فإنتزع الحقيبة منه ثم لكمه في معدته مسببا له ألما يعجزه عن الحركة.

    الرجل الطويل: لا تحاول اللحاق بنا وإلا سينالك أكثر من ذلك.

    ولم ينسى أن يأخذ نظارته منه قبل أن يرميه بعيدا كأنه كيس قمامة ثم إبتعدا عنه سعيدان بهذه الغنيمة السهلة، تكور جاك على نفسه متوجعا وإثر الضربة حبس صوته فلم يستطع الصراخ والحركة ليردعهما، فتقطع قلبه حزنا على حاله ودمعت عيناه قهرا فقد ظن بأنه سيتخلص من الظلم ما إن يغادر بيته ليكتشف بأن العالم مليء بأمثال عائلته الشريرة وأنه سيظل يظلم ويهان ويذل أينما ذهب لأنه ضعيف وبلا حول ولا قوة، لتهاجمه مشاعره بأنها قد إكتفت وسئمت العيش في دوامة الأحزان فإن كانت بداخله تلك القوى فإنه قد آن الأوان لإستخدامها وتبديل موقفه من الضعف إلى القوة حتى لا يتجرأ كائن من كان على التعدي عليه مجددا، لتتحول تلك المشاعر فجأة إلى نار عظيمة خرجت من أسفل شجرة كان قد تجاوزه الرجلان وصارت خلفهما، لكن ما إن إشتعلت النيران فيها إنتبها إليها وإرتعدت مفاصلهما فزعا بذاك المنظر المخيف.

    الرجل الطويل: قلت لك بأنها منطقة مسكونة بالأشباح لذلك لا يأتي إليها أحد لكنك لم تصدقني.

    الرجل القصير: صدقت الآن، فالنهرب بسرعة يا صاحبي قبل أن ينالوا منا أيضا.

    فرا بجلديهما غير مدركيين بأنه لم يكن من عمل الأشباح بل كان من عمل جاك الذي ومن حسن حظهما لم تكن رؤيته قد إتضحت بعد ليضاف عليه إصابته بالدوار إثر اللكمة التي تلقاها فجعله ذلك يخطأ التصويب ويظن الشجرة المسكينة بأنها أحداهما وإلا لإحترقا بدلا عنها، وقد كانت صدمته كبيرة بعد أن

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1