Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

هواجس
هواجس
هواجس
Ebook134 pages50 minutes

هواجس

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

أيّها القارئ العزيز، أظنّك تفكّر الآن في الثّمن، فهل فكّرت لحظة في معاناة الكاتب و التّعب الذي لقيه من أجل إمتاعك بفكرة جميلة أو بمعلومة رائعة و مفيدة.

أرجوك، إن أعجبك العنوان أو جذبتك صورة الغلاف  فامض و لا تتردّد نحو مغامرة جديدة و مفيدة في الحياة. و تأكّد بأنّ رواية " هواجس" التي أقترحها عليك، ستجعلك تعيش في عالم جديد . سوف تعيش مع شخصيّة شادي المهمّش الذي كانت أحلامه لا تعرف حدودا.

 رغم أنّ حجم القصّة صغير فإنّ بها معاني ثريّة و عميقة. و أنا بطبعي لا أحبّذ الرّوايات ذات الحجم المتوسّط أو الكبير التي لا تتماشى مع وقتنا الرّاهن.

Languageالعربية
PublisherNAJJAR HASSEN
Release dateDec 30, 2019
ISBN9781393215776
هواجس

Related to هواجس

Related ebooks

Reviews for هواجس

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    هواجس - NAJJAR HASSEN

    حسن النجّار

    الغرفة 17

    ألقى  جسمه المتهالك على فراشه   في نزل تاكفاريناس الكائن وسط المدينة العتيقة. كانت لديه رغبة جامحة في النّوم و الرّاحة، إلاّ أنّ هواجسه و أفكاره الغريبة كانت تمنعه دائما من متعة النّوم حتّى في حالات الإرهاق الشّديد.

    رغم أنّ  كلّ غرف النّزل كانت  متشابهة، إلاّ أنّ  الغرفة 17 كانت المحبّبة إلى نفسه ، اعتقادا منه أنّ  رقم 17 كاد أن  يغيّر مصيره و مصير جهته ووطنه لولا  تعرّض الثّورة لعمليّات  تحويل وجهة متنوّعة و اغتصابات متواترة و عنيفة.

    كان يشعر بالمرارة التي شعر بها حنّبعل و يوغرطة و تاكفاريناس و محمّد علي الحامّي و كلّ الثوّارالذين تعرّضوا للخديعة و الخيانة و الغدر.

    قام من فراشه ، و أشعل سيجارة علّها تخلّصه من هواجسه التي باتت تسيطر على كيانه المحطّم.

    أصبحت الهواجس تسيطر عليه منذ الإعلان عن  نتائج الإنتخابات التي اعترف العالم الغربي بنزاهتها، و التي شهدت بعد الفرز الدّقيق و الشفّاف للأصوات سقوط شعارات الثّورة و دوسها بالأقدام الملوّثة للمتاجرين بعقائد و أحلام البؤساء و المهمّشين.

    طفق يتصفّح  ملفّه الذي لم يكن  يغادر إبطه منذ اندلاع الثّورة، و الذي حوى كلّ الشّهائد العلميّة و الوثائق و المستندات التي من شأنها أن تمكّنه من شغل محترم ينقذ عائلته من البؤس الذي تفاقم و اشتدّ بعد إعلان دستور الثّورة الجديد.

    فجأة، رنّ هاتفه بأغنية هلا هلا يامطر المحبّبة إلى نفسه، ليقطع سكون الغرفة الرّهيب و ينقذه من هواجسه المتسلّطة:

    -  أهلا من معي؟

    -  ألو شادي نوّار !!

    -  نعم أنا شادي تفضّل...من معي؟ !

    -  أنسيت صوتي؟ !

    -  عذرا لقد اختلّ كياني بعد الثّورة و أصبحت أشكو ضعفا في الذّاكرة.

    -  لازلت شابّا يا شادي !

    -  لقد هرمنا بسرعة بعد الثّورة...ألا تريد أن تقول لي من أنت؟ !

    -  أنا فهمي رضوان رفيق دراستك في المعهد...كيف يمكن لك أن تنسى صوتي؟ !

    -  آه...أهلا فهمي...كيف حالك؟

    -  أنا بخير و أنت؟

    -  لست بخير.

    -  أعلم جيّدا الظّروف الصّعبة التي يمرّ بها الوطن، و لكن لا تيأس، فأنت من حاملي شهادة  الدكتوراه في الفلسفة.

    -  لولا الأمل الذي يحدوني لما انتقلت إلى العاصمة من أجل البحث عن عمل....و أنت هل أتممت دراستك في الجزائر.

    -  نعم و عدت إلى وطني لأفتح عيادة في العاصمة.

    -  مبروك أخي...هل أنت هنا في العاصمة؟

    -  سآتي غدا و أريد أن أقابلك، لقد اشتقت إليك صديقي. أين أجدك غدا؟

    -  أنا أيضا اشتقت إليك ، تجدني في نزل تاكفاريناس في المدينة العتيقة... هاتفني عند وصولك.

    -  طبعا...إلى لقاء قريب صديقي شادي.

    لقد تخلّص شادي خلال هذه المكالمة القصيرة من بعض هواجسه ، و هاهو يعود إلى الفراش، مستعما إلى قطع من الموسيقى الهادئة  المخزّنة في هاتفه الجوّال علّه يفوز ببعض الدّقائق من النّوم. و أخذ في مطالعة رواية البؤساء لفكتور هيغو اشتراها بثمن زهيد من سوق الكتب القديمة، و هي من أشهر روايات القرن التّاسع عشر و التي تحدّثت عن الظّلم المجتمعي الذي تعرّض له المهمّش جان فالجان ، الذي سجن لمدّة تسعة عشر سنة لأنّه سرق رغيف خبز.

    و إنّ هذه الرّواية تعبير صادق لمعاناة المهمّشين في فرنسا بعد الثّورة التي لم تحقّق أهدافها إلاّ بعد عقود من المعاناة و المآسي المتتالية.

    لقد أحسّ شادي أنّ عبارات  فيكتور هيجو الجميلة و الصّادقة  قد هوّنت عليه مأساته ، و قد تيقّن بعد قراءة جزء بسيط من الرّواية أنّ ثورة 1789 لم تحقّق أهدافها إلاّ بعد صراعات عنيفة بين الثّورة و الثّورة المضادّة دامت عقودا من الزّمن، و ما على شادي إلاّ التسلّح بالصّبر و الأمل، لأنّ تغيير المجتمع لا يمكن أن يكون بين عشيّة و ضحاها. و استسلم فجأة لنوم عميق.

    فيكتور هيجو

    دخل فيكتور هيجو الغرفة 17، ففتح شادي نوّار عينيه ليجد شيخا في الثّمانين من عمره، أبيض اللّحية و الشّارب، عميق النّظر، و اقترب من شادي مبتسما و قال:

    -  أنا فكتور هيجو، قد جئت من أجل مواساتك.

    -  شكرا سيّد هيجو، كنت بصدد قراءة روايتك الجميلة البؤساء ، و قد هوّنت عليّ آلامي النّفسيّة.

    -  طالما رافقك الهواجس فسوف تجد حلاّ.

    -  الهواجس أتعبتني و أرهقتني.

    -  إنّ الهواجس لا تتملّك إلاّ المثقّفين من النّاس.

    -  و ماذا فعلت لي الثّقافة و البؤس يحاصرني من كلّ ناحية.

    -  لا تقل ذلك، هواجسك هي وحدها القادرة على إخراجك من المأزق الذي أنت فيه.

    -  إنّها مآزق تحيط بنا من كلّ جانب.

    -  لقد تحصّلتم على الحرّية و ذلك هو أهمّ شيء، ما تبقّى سيتكفّل به التّاريخ.

    -  ما يعجبني في الأدباء هو ذلك الأمل المنبعث من صدورهم و أقلامهم رغم المتاعب و الآلام المحيطة بهم و بالنّاس.

    -  دور المثقّف هو بثّ

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1