Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

مبادئ الخبز الحرفي
مبادئ الخبز الحرفي
مبادئ الخبز الحرفي
Ebook576 pages2 hours

مبادئ الخبز الحرفي

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

هذا الكتاب ليس بكتاب وصفات فحَسب، إنَّما هو بالدرجة الأولى كتاب يحوِي أُسُس ومبادئ تخمُّر العجين والخُبز، وما به مِن وصفات إنَّما تمَّت دراستها واختبارها مرَّات عدَّة لإتقانها. أنا أُومِن بأنَّ الوصول لمستوًى عالٍ مِن الحِرَفِيَّة في تحضير الخُبز بأنواعه يبدأ مِن فَهم المبادئ، ثمَّ تطبيق تلك المبادئ على عدد محدود مِن الوصفات الأساسيَّة، والتي لدَى إتقانها وفَهمِها جيِّدًا نستطيع أن ننطلق لعالَم العجين والخُبز بكلِّ حريَّة وثقة. لذلك إن كنتَ أيُّها القارئ العزيز هاويًا أو محترفًا، أو ما بين ذلك، وتطمح لأن ترتقي بخبرتك وحِرَفِيَّتك، فإنَّ هذا الكتاب هو لك.
Languageالعربية
Release dateMar 29, 2024
ISBN9789948772484
مبادئ الخبز الحرفي
Author

خالد المحمصاني

ولد خالد محمصاني في دبي العام ١٩٧٩ لوالدين لبنانيّين، فور تخرّجه من الجامعة، وبعد سنواتٍ من البحث عن الذّات في تخصُّصات وكليّات عديدة، تخرَّج من الجّامعة بدرجة بكالوريوس إدارة أعمال، وفوراً التحق بالعمل مع والده في مؤسَّسة الصّيرفة، وبقي يعمل إلى أن استلم منصباً إداريّاً، لكن، وبعد ١٤ عاماً من العمل والخبرة، ترك المنصب وكلَّ مميَّزاته، ليتّجه إلى عالم الخُبز الاحترافيّ الَّذي كان يهواه لسنواتٍ عدّة، ثمَّ ازداد به شغفاً، بعد ذلك، تنقَّل للعمل في مخابزٍ احترافيَّةٍ في أكثر من بلد لاكتساب الخبرة.

Related to مبادئ الخبز الحرفي

Related ebooks

Reviews for مبادئ الخبز الحرفي

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    مبادئ الخبز الحرفي - خالد المحمصاني

    cover.jpg
    ولد خالد محمصاني في دبي العام ١٩٧٩ لوالدين لبنانيّين، فور تخرّجه من الجامعة، وبعد سنواتٍ من البحث عن الذّات في تخصُّصات وكليّات عديدة، تخرَّج من الجّامعة بدرجة بكالوريوس إدارة أعمال، وفوراً التحق بالعمل مع والده في مؤسَّسة الصّيرفة، وبقي يعمل إلى أن استلم منصباً إداريّاً، لكن، وبعد ١٤ عاماً من العمل والخبرة، ترك المنصب وكلَّ مميَّزاته، ليتّجه إلى عالم الخُبز الاحترافيّ الَّذي كان يهواه لسنواتٍ عدّة، ثمَّ ازداد به شغفاً، بعد ذلك، تنقَّل للعمل في مخابزٍ احترافيَّةٍ في أكثر من بلد لاكتساب الخبرة.

    حقوق النشر © خالد المحمصاني 2024

    يمتلك خالد المحمصاني الحق كمؤلف لهذا العمل، وفقاً للقانون الاتحادي رقم (٧) لدولة الإمارات العربية المتحدة، لسنة ٢٠٠٢ م، في شأن حقوق المؤلف والحقوق المجاورة.

    جميع الحقوق محفوظة

    لا يحق إعادة إنتاج أي جزء من هذا الكتاب، أو تخزينه، أو نقله، أو نسخه بأي وسيلة ممكنة؛ سواء كانت إلكترونية، أو ميكانيكية، أو نسخة تصويرية، أو تسجيلية، أو غير ذلك دون الحصول على إذن مسبق من الناشرين.

    أي شخص يرتكب أي فعل غير مصرح به في سياق المذكور أعلاه، قد يكون عرضة للمقاضاة القانونية والمطالبات المدنية بالتعويض عن الأضرار.

    الرقم الدولي الموحد للكتاب 9789948772491 (الغلاف المقوى)

    الرقم الدولي الموحد للكتاب 9789948772484 (كتاب إلكتروني)

    رقم الطلب: MC-10-01-2705071

    التصنيف العمري: E

    تم تصنيف وتحديد الفئة العمرية التي تلائم محتوى الكتب وفقاً لنظام التصنيف العمري الصادر عن وزارة الثقافة والشباب.

    الطبعة الأولى 2024

    أوستن ماكولي للنشر م. م. ح

    مدينة الشارقة للنشر

    صندوق بريد [519201]

    الشارقة، الإمارات العربية المتحدة

    www.austinmacauley.ae

    202 95 655 971+

    شكرٌ وتقدير

    شكراً لرجل الأعمال الإماراتيّ، الَّذي كان بمثابة والدي، والَّذي وقف بجانبي في أحرج الظّروف، وأتاح لي الفرصة بالتدرّب في مخبزه بجزر السيشل، وفي مطاحن الدَّقيق الوطنيّة في طرابلس – لبنان.

    شكراً لصديقي ماثيو سوندرز، الَّذي آمن بي، وصبرَ عليّ، ومنحني مخبزه ببيروت ليفتح لي باب الاحتراف على مِصراعيه.

    شكراً لديفيد سنايدر الَّذي ألهمني من خلال مدوّناته عن الخُبز على الإنترنت، وشجَّعني، وعرَّفني على أبرز معالم مدينة سان فرانسيسكو.

    شكراً لأخي عبد الرحمن على الدَّعم الفني.

    شكراً د. عباس جعفر، والَّذي أمدَّني بأوراق بحثيَّة قيَّمة تدعم وتؤكِّد المعلومات الَّتي أوردتها في كتابي، والتي خبرتها بنفسي.

    شكراً لكلِّ المحترفين العالميين، الَّذين لا يتّسع المجال لحصرهم هنا، ممَّن ألهموا الشغوفين بهذه الحرفة، وبأعمالهم وكتبهم الَّتي نشروا من خلالها خبراتهم وتجاربهم، وساهموا بشكل كبير في نقل هذه الحرفة إلى الأجيال والثَّقافات الأخرى.

    شكراً لفريق أوستن ماكولي الذين كانو متعاونين جداً معي في إخراج هـذا الكتاب ليكون كما تراه بين يديك، عزيزي القارئ.

    شكراً من القلب لكلِّ من ساندني وشجَّعني على تأليف وطباعة هذا الكتاب، والَّذي أرجو أن يكون مفيداً وممتعاً لكم جميعاً، كما كان لي.

    المحتويات

    مقدّمة

    تقديم

    بداية تدنّي الجودة

    الحالة السّائدة لصناعة الخُبز، عالمياً

    الحالة السّائدة للخُبز في المشرق العربيّ

    حبَّة القمح

    الزّراعة

    الحصاد والشّحن

    التنقية والطّحن

    وصول الدَّقيق لأيدينا

    الدَّقيق والتخمّر

    الإنزيمات ودورها الطبيعيّ في العجين

    الخُبز الاحترافي

    الأدوات الأساسيّة لصناعة الخُبز الاحترافيّ:

    الدَّقيق

    المــاء

    الخميرة

    أصناف الخميرة

    الخميرة الطّازجة

    الخميرة البريّة الطبيعيّة

    الملح

    مبادئ الخُبز الريفي

    الأوتوليس

    العجائن المُخمّرة مسبقاً

    من فوائد تلك العجائن المُخمّرة مسبقاً

    الخلط والعجن

    اختبار الغشاء الشفّاف

    التخمّر الأساسيّ

    تأثير كتلة العجين

    مدّ وطيّ العجين

    المُدَّة الزمنية الأمثل للتخمّر الأساسيّ

    قسم العجين، وتكويره (التّشكيل الابتدائيّ)

    التّشكيل النهائيّ (القَولبة)

    التخمّر الثّاني (البرهان)

    الوقت المناسبُ للخَبز

    خدش العجين

    الخَبز

    لعمليّة خَبز مثاليّة، نحرص على التّالي:

    كيف نحبس بخاراً كافياً في فرننا المنزليّ؟

    جودة الرغيف الريفي

    كيف نحصل على لُبّ متفتّح في خُبزنا الريفي؟

    خُبز الرّيف

    الخلط والعجن

    التقسيم والتدوير

    التخمّر النهائي

    خُبز التوست بالقمح الكامل

    الخَبز

    الحفظ

    خُبز الحبوب المتعددة

    باجيت تقليدي

    (Poolish) الخميرة البائتة

    الخميرة الطبيعيّة

    خُبز المُزارع *الوصفة الأمّ*

    الخلط والعجن

    التّقسيم، والتّدوير

    التّشكيل والقولَبة

    التّبريد (تأخير التخمّر)

    التخمّر النهائيّ والخَبز

    الحفظ

    خُبز الرّيف الأشقر

    الخلط والعجن

    التّقسيم، والتّدوير

    التّشكيل والقَولبة

    التّبريد \ تأخير التخمّر

    التخمّر النهائيّ والخَبز

    الحفظ

    خُبز المحصول

    الخلط والعجن

    التّشكيل والقولَبة

    التّبريد \ تأخير التخمّر

    التخمّر النهائيّ والخَبز

    الحفظ

    خُبز الشوفان

    الخلط والعجن

    التّبريد \ تأخير التخمّر

    الحفظ

    العجينة الأساسية

    الخلط و العجن

    التقسيم والتشكيل النهائي

    التخمُّر النهائي والخَبز

    الإراحة

    خُبز الزيتون

    الخلط والعجن

    التخمّر النهائيّ والخَبز

    الحفظ

    خُبز الجودار \ الشَّيلم

    خُبز الجودار الريفيّ

    الخلط والعجن

    التّقسيم والتّدوير

    التّشكيل والقَولبة

    التّبريد \ تأخير التخمّر

    التخمّر النهائيّ والخَبز

    الحفظ

    خُبز الجَودار الكامل

    الخلط والعجن

    التّقسيم والقَولبة

    التخمّر النهائي والخَبز

    الحفظ

    خُبز القمح الكامل بالبذور

    الخلط و العجن

    التخمّر الأساسي: مُبردة ليلة كاملة

    التقسيم، التدوير

    الخَبز

    الحفظ

    الخُبز المسطّح

    الخلط والعجن

    التقسيم، التقريص، والرّق

    الخَبز

    الحفظ

    الخُبز العربي بالقمح الكــامل

    الخلط والعجن

    الخَبز

    الحفظ

    بابكا

    الخلط والعجن

    الحفظ

    بريوش

    الخلط والعجن

    الحفظ

    خُبز الفوكاشيا \ الشاباتا

    الخلط والعجن

    التَّشكيل \ القَولبة

    التخمُّر النهائيّ والخَبز

    الحفظ

    عجينة البيتزا

    الخلط والعجن

    التَّقسيم

    التّشكيل

    التخمّر النهائيّ والخَبز

    بريزن (بريتزيل)

    الطّريقة

    التقسيم والتشكيل

    الخَبز

    الحفظ

    أنواع أخرى من الخُبز

    خُبز التوست الأبيض بالحليب

    الخلط والعجن

    التقسيم والتشكيل

    الخبز

    الحفظ

    التقسيم والتشكيل

    خُبز اللّفائف الطريّ

    الخلط والعجن

    التقسيم والتشكيل

    الخَبز

    الحفظ

    خُبز القمح بالتمر

    الخلط و العجن

    التقسيم والتشكيل

    الخَبز

    أسئلة وإجابات

    قِصتي مع الخُبز

    مُلحق

    المراجع والمصادر

    شكرٌ خاص

    لمخبز (تاسكTUSK ) لإتاحته الفُرصة لي بالتقاط الصُّور بمعمله في بيروت.

    لمخبز هيلموت – الرياض، لإتاحته الفُرصة لي بالتَّصوير في معمله.

    مقدّمة

    لِم أصبحَ الخُبز التجاريّ في أيّامنا هذه عبئاً ثقيلاً على كاهل أجسامنا، ممّا أدّى في الكثير من الأحيان إلى أمراضٍ عديدة؟ مشكلة الخُبز المعاصر ليست في القمح المعاصر فقط، بل المشكلة تفاقمت بسبب طريقة تحضير الخُبز الصناعية.

    إنَّ الخُبز نعمةٌ عظيمةٌ، ومادَّةٌ غذائيّةٌ نفيسةٌ زيّنت موائد البشريّة حول العالم بالنَّكهة الغنيّة والقيمة الغذائيّة العالية. فالُخبز، وإن اختلفت أنواعه، لا يزال إلى اليوم على رأس الهرم الغذائيّ لدى مُعظم شعوب العالم.

    منذ قرونٍ من الزّمن، وقبل ما يسمّى بـ الثورة الخضراء في ستّينيات القرن الماضي، كانت الزّراعة التقليديّة تنتج محاصيلاً جيّدةً من الحبوب (وإن لم تكن بالوفرة الحاليّة)، دون تدخّل الإنسان بالأسمدة الكيماويّة أو المبيدات الحشريّة المضرّة للإنسان وللبيئة معاً، وكانت تطحن تلك الحبوب في مطاحنَ محليّةٍ على أحجار الرّحى ثمَّ تحوّلها أيدٍ ماهرةٌ سواء في البيوت أو المخابز إلى خُبزٍ مُغذٍّ ولذيذٍ وذي نكهةٍ مميَّزةٍ عن سائر أصناف الطّعام. لكن، وكما سنوضّح في الصّفحات التّالية، فإنَّ الخُبز قد تدنَّت جودته تدريجيّاً إلى أن بات عبئاً صحيّاً على الكثيرين من المستهلكين حول العالم. نحن بحاجةٍ ماسّةٍ لإعادة دور الخُبز الصحيّ في حياتنا ابتداءً من منازلنا، وعلى المستوى الفرديّ، ولن تتحرَّك أقطاب الزّراعة والصّناعة لتوفير ما نطلبه إلّا إن زاد الوعي بيننا وطالبنا بمنتجاتٍ أكثر جودة.

    لذا، وكخطوةٍ في هذا الاتّجاه، ستجدون في صفحات هذا الكتاب شرحاً وافياً عن حرفة الخُبز ، ابتداءً من القمح وزراعته وحصاده، ومن ثمَّ معلومات عن مكوِّنات الخُبز الأساسيّة وكيفيّة صناعة خُبزٍ شهيٍّ وصحيٍّ من المنزل باستخدام تقنيّاتٍ بسيطةٍ جدّاً لكن فعّالة ، ومن خلال وصفاتٍ متنوِّعةٍ. ومبسّطة.

    تعالوا معي، إذاً، في رحلةٍ للبحث سويّاً في تفاصيل ما يُكوّن رغيفنا اليوميّ، وكيف يمكن أن نحسِّنه ونرتقي بجودته.

    تقديم

    لقد حرصتُ في هذا الكتاب على الوُصول للقرّاء المبتدئين في حرفة الخُبز، وللمتقدّمين في هذا المجال أيضاً.

    هذا الكتاب ليس بكتاب وصفاتٍ وحسب، إنَّما هو بالدَّرجة الأولى كتابٌ يحوي أسس ومبادئ تخمُّر العجين والخُبز، وما به من وصفاتٍ، مع محدوديَّتها، إنّما تمَّ دراستها واختبارها مرّات عدّة لإتقانها.

    أنا أؤمن ، بأنَّ الوصول لمستوىً عالٍ من الحرفيّة في تحضير الخُبز بأنواعه يبدأ من فهم المبادئ، ثمَّ تطبيق تلك المبادئ على عددٍ محدودٍ من الوصفات الأساسيّة، والَّتي عند إتقانها وفهمها جيداً، نستطيع أن ننطلق لعالم العجين والخُبز بكلِّ حريةٍ وثقة.

    لذلك، إن كنت أيّها القارئ العزيز هاوياً أو محترفاً في تحضير الخبز، أو ما بين ذلك، وتطمح لأنَّ ترتقي بخبرتك وحرفيَّتك، فإنَّ هذا الكتاب هو لك.

    بداية تدنّي الجودة

    إنَّ تحوّل حرفة الخِبازة إلى صناعةٍ ضخمةٍ أضرّت بجودة الخُبز ومشتقّاته، وذلك بعد أن استحدثت طرقٌ جديدةٌ وأضيفت مواد كيميائيّة مصنّعة ساهمت في سرعة الإنتاج، وقد حقَّقت بذلك المزيد من الأرباح، لكن للأسف على حساب القيمة الغذائيّة للمخبوزات.

    بدأ كلُّ ذلك في سبعينيّات القرن العشرين، حيث استحدثت طريقة لصناعة الخُبز توفّر الوقت والمجهود معاً باعتمادها خليطاً من المواد المُحسّنة تضاف للعجين فتختصر أو تلغي الزّمن اللّازم للتخمّر، فتضمن بذلك كميّة إنتاجٍ أكبر ونوعية محسّنة من المنتجات؛ إنّها عمليّة (شورليوود) - نسبةً للمدينة الإنجليزية الَّتي احتوت على المختبرات الَّتي طوّرت هذا الأسلوب من التّصنيع للخُبز. انتشرت عمليّة الشورليوود في معظم البلاد حول العالم وأصبحت شائعةً في إنتاج جميع أنواع الخُبز خاصّة خُبز التوست والباغيت وغيرها من الأصناف.

    كان الهدف الرئيسيّ من تطوير هذه العملية، والَّتي سُمّيت لاحقاً بعملية تطوير العجين الفعّال، هو تحسين أداء الدَّقيق البريطاني في الخُبز لتدنّي متانته، ونجحوا في ذلك. تمَّ إنتاج أرغفةٍ ذات أحجام ضخمة (بلبّ يكاد يكون أشبه بوسادةٍ من القطن!).

    من منّا لم يتناول ذلك الخبز في صغره؟! أذكر في مرّةٍ منذ سنواتٍ عديدةٍ، طلبت منّي والدتي أن أشتري بعض الخبز الإفرنجيّ الَّذي نسمّيه (الصّمون)، وكان ذلك الخبز أساسيّاً لتحضير الشّطائر، خاصّةً خلال السّنوات الدّراسية. توجّهت إلى بائع الخبز وطلبتُ منه عدداً من الأرغفة. كان مقرمشاً ومنتفخاً أوَّل الأمر، ولدى عودتي إلى المنزل تفاجأت بانكماش حجم الخُبز.. صار الخُبز متجعّداً، وقشرته قاسيةٌ وغير هشّة. فقدَ الخُبز طعمه ورائحته في غضون ساعة! تعلَّمت حينها أن ذلك الخُبز يفقد طعمه بسرعةٍ بعد أن يخرج من الفرن.

    أغرت تلك النّتائج أصحاب المخابز وتجّار الأغذية في بريطانيا، فأقبلوا على شراء تلك المحسّنات وزادت بالتّالي مبيعاتهم وأرباحهم. أيضاً، فإنَّ سرعة الإنتاج كانت السبب المُغري الآخر لتلك المحسّنات؛ فالمواد المضافة للعجين (على شكل محسّنات) أتاحت للخبّازين العمل على تقطيع العجين بعد عجنه مُباشرة ونضوجه لعملية الخَبز بسرعةٍ. أيضاً، رفعت المحسّنات من قدرة العجين على تحمُّل العجن السّريع المتواصل ممّا يعني اختصار الوقت وبالتّالي إنتاجاً أكبر. إضافةً إلى ذلك، فإنَّ المحسّنات لها خواصٌ مانعةٌ للتعفّن وتُبقي الخُبز طريّاً لوقت من الزّمن أطول من الطّبيعيّ. كان ذلك التحسين في عملية التّصنيع ثورةً تقنيَّةً وصناعيّةً، بلا شك، وانعطافةً كبيرةً في صناعة المخبوزات عالميّاً؛ لكن بثمنٍ، وهو ثمن أكبر ممّا نستطيع تحمّله.

    إذن، نلاحظ أنَّ العامل المشترك بين تلك الأسباب هو: توفير الكلفة فقط! والنّتيجة الطبيعيّة كانت غياب الكثير من النّكهات والمغذّيات الَّتي لا تبرز إلّا بإعطاء العجين الوقت الكافي ليتخمّر. في السّنوات العشرين الَّتي تَلت انتشار عمليّة الشورليوود، ظهرَت عوارضُ صحيَّةٌ سيّئةٌ لدى كثيرٍ من النّاس الَّذين اعتادوا تناول الخُبز المصنَّع بتلك العمليَّة، ومن تلك العوارض: سوء الهضم، والحساسيّة، ومرض السكري وارتفاع ضغط الدّم. بدأ بعض أخصائيّ التّغذية في الغرب بتحذير الناس وتوعيتهم بمضار الخُبز الأبيض المصنَّع، فازداد الوعي بين النّاس بالضَّرر الواقع على صحَّتهم، وانخفضت تدريجيّاً مبيعات الخُبز وابتعد الكثيرون عن تناوله. تحرَّك الباحثون في صناعة الطّعام لحلِّ هذه المشكلة، وبعد سنواتٍ من الأبحاث والتجارب، توصّلوا إلى تطوير خليط من المواد والإنزيمات (وهي بروتينات) لتكون بديلاً عن المحُسِّنات والمواد الحافظة الَّتي اعتُمدت في السّابق.

    نجحت هذه التّقنيّة بفعاليةٍ عاليةٍ، خاصّة أنَّ الُمصنِّعين لم يكونوا مُجبرين على ذكر تفاصيل عن تلك الإنزيمات على محتويات غلاف الخُبز أو العبوة، لأنَّها تصنَّف كعواملٍ مساعدة ولا يبقى أيُّ أثرٍ منها بعد الخَبز، مُغفلين أو متغافلين عن الآثار الصحيّة السّلبية لتلك الإنزيمات الصناعية على الخُبز وسلامته الغذائيّة.

    الحالة السّائدة لصناعة الخُبز، عالمياً

    بعد انتشار تلك المحسّنات الجديدة واستخدامها بشكلٍ أوسع، تجنَّبت صناعة الخُبز هبوطَ المبيعات الحادّ مع تطوّر أساليب التَّسويق بإخفاء المكوّنات كاملة والاستعاضة عنها بكلماتٍ برّاقة مثل: خالٍ من المواد الحافظة، أو: خالٍ من السكّر، أو طبيعي ٪١٠٠ ، وغيرها الكثير. فالإنزيمات الَّتي تمَّ تطويرها، منها ما يكسب الخبز حلاوةً في الطعم ولوناً ذهبيّاً، ومنها ما يحفظ الرّطوبة في اللّب لمنع التعفّن، ومنها ما يهيئ العجينة للخلط السريع والمُطول، ومنها ما يسهم في زيادة حجم الرّغيف وطراوته.. إلخ

    لكن مع كلّ هذا، بقي الخُبز ذا قيمةٍ غذائيّةٍ محدودةٍ واستمرَ بالتسبّب في حالات الحساسية للكثير من النّاس حول العالم وخاصةً في أوروبا وأمريكا، لا سيَّما أنَّ الكثير من المخابز باتت تضيف مسحوق الغلوتين إلى العجين لتدعيمه وإكسابه حجماً أكبر، خاصّة في المخبوزات الَّتي تحتوي على الحبوب الكاملة. وباستمرار ظهور الحساسيّات لدى النّاس، ابتعد قسمٌ كبيرٌ منهم عن أكل الخُبز، ولجأ كثيرون آخرون إلى أغذيةٍ خاليةٍ من الغلوتين لأنّهم وجدوا فيها الملاذ الآمن من الحساسيّات وسوء الهضم.

    الحالة السّائدة للخُبز في المشرق العربيّ

    امتدّت تقنية محسِّنات العجين الجديدة إلى بلادنا، وطالت رغيفنا اليوميّ إضافةً إلى الرّغيف الإفرنجي. فالمحسّنات اليوم باتت تستخدم تقريباً في معظم عجائن الخُبز، لذا فإنَّ العواقب الصحيّة لمثل تلك الممارسات غالباً ما يدفع ثمنها المواطن العربي. فأمراض السكري، وضغط الدّم، وهشاشة العظام والأسنان، وأمراض القلب دائماً تتبع أيَّ محاولةٍ للعبث بقوانين الطّبيعة وسُننها الَّتي وضعها خالق الكون. فالعجين، مثلاً، يحتاج وقتاً ليتخمّر ولا يصحُّ استعجال ذلك، لأنَّ المركَّب أو الجزيء المانع لامتصاص الحديد والكالسيوم والمغنيسيوم في القمح لن يتمَّ تفكيكه إلّا من خلال التخمّر الطّويل. أيضاً، فلكلِّ نوعٍ من الدَّقيق خواصه وقدراته على تحمّل العجن والرقّ، ولا يجب التدخّل لتغيير تلك الخواصّ. إضافةً إلى ذلك، فللخُبز الطبيعيّ عمرٌ يبقى خلاله طازجاً، ثمَّ يبدأ بالجفاف، فيحمَّص أو يُطحن ليثري طعامنا ويزين أطباقنا. إذاً، لا يجوز إطالة عمر الخُبز، أو الطّعام بشكلٍ عام، بطريقة غير طبيعيّة على حساب الجودة الغذائية والصحيّة.

    يؤلمني

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1