Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

Allah, Jesus, and Yahweh: The Gods That Failed
Allah, Jesus, and Yahweh: The Gods That Failed
Allah, Jesus, and Yahweh: The Gods That Failed
Ebook878 pages6 hours

Allah, Jesus, and Yahweh: The Gods That Failed

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

Twenty-first century's nightly news can't pass by without running another story on religious conflicts or clashes. While these modern-day battles play out for the world to see, the issues that act as catalysts for them are deeply embedded in ancient texts that claim to contain absolute certainties. An eye-opening and vitally important new book h

Languageالعربية
Release dateJan 29, 2024
ISBN9781999225964
Allah, Jesus, and Yahweh: The Gods That Failed
Author

Gordon J Harrison

A tireless writer, Harrison delved into the heart of Islamic and Christian scriptures, reading the Quran twice and the Bible twice. This thorough immersion in these texts allowed him to develop a comprehensive understanding of the narratives, teachings, and cultural contexts embedded within these religious pillars.Harrison's expertise extended beyond conventional interpretations. He emerged as a leading authority on the intricate numerical patterns in the Bible and the Quran. His work in this specialized field showcased unparalleled attention to detail and an ability to unravel the symbolic significance of numbers within these so-called sacred texts.What set Harrison apart was his unwavering commitment to intellectual rigor. Despite his extensive knowledge and appreciation for religious texts, he maintained a critical stance toward all religious works. His critiques were not born out of disdain but rather a deep-seated belief in questioning and challenging established assumptions. Harrison's contributions remain a beacon of critical inquiry in the complex tapestry of faith and scholarship.

Related to Allah, Jesus, and Yahweh

Related ebooks

Related categories

Reviews for Allah, Jesus, and Yahweh

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    Allah, Jesus, and Yahweh - Gordon J Harrison

    الفصل الأوّل

    أبناء أوديسوس

    هذه قصة الرجل، الرجل الذي لم تنتبه الحيرة أبدا.

    الجملة الأولى من الأوديسة ترجمت من قبل W.H.D. Rouse

    نحن على الشاطئ في الماراثون ، في السّنة 490 قبل الميلاد، أوج الصراع الأقوى أي المعركة من أجل المستقبل. حيث العبودية والعقلانية تواجهان أول المثل الأوروبية القائمة على الحرية والفردية.

    شيخان يونانيان –يتخاطبان أحيانا بلغة يونانية قديمة – يرتديان زي المحاربين و يبدوان على استعداد لخوض معركة مع الفرس كانت قد حشدت على الشاطئ على ما يبدو. Epios ابيوس وهو الأضخم فيهما هو مهندس وملاكم بينما صديقه الأصغر حجما Phemios فاميوس فهو شاعر ومنشد.

    17a

    مقاتل إغريقي

    أوديسيوس كان فخورا بهما بطريقة لا يفخر بها حتّى بنفسه في طروادة. وكان البطل الوحيد الذي يبذل قصارى جهده لتجنب الذهاب الى الحرب، ولكنه إذا خاضها، فعل كل ما هو ممكن لانهاء الصراع. ابتكر أوديسيوس حيلة للحصان طروادة، ثم أمر ابيوس ببنائه. وعندما عاد صاحب الملحمة إلى منزله وقتل جميع معارضي زوجته، وحمى الشاعر المنشد Phemios ولكنه قتل الكاهن، قائلا بانه لا يستطيع ذبح رجل الدين/الله. و أعلن أوديسيوس:

    شيخان يونانيان –يتخاطبان أحيانا بلغة يونانية قديمة – يرتديان زي المحاربين و يبدوان على استعداد لخوض معركة مع الفرس كانت قد حشدت على الشاطئ على ما يبدو. Epios ابيوس وهو الأضخم فيهما هو مهندس وملاكم بينما صديقه الأصغر حجما Phemios فاميوس فهو شاعر ومنشد. أوديسيوس كان فخورا بهما بطريقة لا يفخر بها حتّى بنفسه في طروادة. وكان البطل الوحيد الذي يبذل قصارى جهده لتجنب الذهاب الى الحرب، ولكنه إذا خاضها، فعل كل ما هو ممكن لانهاء الصراع. ابتكر أوديسيوس حيلة للحصان طروادة، ثم أمر ابيوس ببنائه. وعندما عاد صاحب الملحمة إلى منزله وقتل جميع معارضي زوجته، وحمى الشاعر المنشد Phemios ولكنه قتل الكاهن، قائلا بانه لا يستطيع ذبح رجل الدين/الله. ابيوس و فاميوس:

    جميع الرجال مدينون بالشرف الشعراء- الشرف

    والرعب، لأنهم عزيزون على آلهة الإلهام

    التي تضع على شفاههم سبل الحياة.

    هذان الصديقان القديمان يرجعان الفضل دائما في طول العمر لنعم أوديسيوس، وقد كان يدعوهما ابنيه: العلم والفن. في هذا المساء هم يراقبون الفرس و يعدّون اليونان المقاتلين و بعدّون أنفسهم لمعركة الغد. دعونا نستمع إلى ما يقولونه:

    ابق قريبا يا فاميوس. الخطر قريب!

    أين؟

    من خلال تلك التلال المنخفضة رأيت دورية الفرس منذ دقيقة.

    ألا ينبغي أن نحذر معسكرنا منهم؟ سأل فاميوس.

    لا، لا، الجنرالات يريدون أن يظن الفرس أنّ عددنا قليل. وهو ما سيعمل لصالحنا. إذا اعتقد خصمك خطئا أنّك ضعيف فستكون لك اليد العليا .

    فلتسقط اليد العليا! لديك روح الدعابة يا ابيوس. لقد رأيتَ كم تراجعت قوّة الفرس إنّهم كالجراد الذي قدم لتناول القشّ من العشب. يا هيبياس، إنّ ذلك الطاغية السافل سافر إلى خارج أثينا، هو مع الفرس اليوم. وأراهن على أنّه نصحهم بالقبوع في هذا المكان لأنّ ذلك أفضل لانتشار الفرسان بعد ذلك – أولئك الفرسان الذين لا نملك منهم أحدا. قبل أسبوع فقط، دمرت هذه الجحافل المدن القريبة و قتلت الرجال و استعبدت جميع النساء والأطفال. أنا أقول لك، جحافل داريوس الهائلة هذه لها الحق في أن تكون متعجرفة .

    لا تيأس يا فاميوس، لقد أرسلنا فيديبيدس لسبارتا منذ أسبوع لطلب المساعدة سيحقّقون زيادة كبيرة في أعداد جيوشنا. جنرالاتنا يؤخرون المعركة فقط لأن فرسان سبارتا لم يأتوا بعد .

    "أنت لا تعرف الحقيقة. انهم لن يأتوا! هذا صحيح. انهم لن يأتوا! سمعنا بعض الهراء والخرافات عن أنّهم سينتظرون حتى اكتمال القمر قبل أن يتمكنوا من مغادرة البلاد. في بعض الأحيان أتساءل عما إذا كان أهل اسبارتا يونانيون حقا. الحلفاء الوحيدون لنا هم ألف من الموالين من البالاتا، وهم جاؤوا دون أن يطلب منهم ذلك. إضافة إلى شركائنا الأثينيون و عددهم عشرة آلاف ، وهم يفوقوننا عددا بما لا يقلّ عن العشر . والأسوأ من ذلك، أنّ قائدي جيوشنا قد أقنعوا الجنرالات الآخرين بأنّ علينا أن نهاجمهم غدا. نحن سنقوم بالهجوم! هذا جنون! لقد سقطت تراقيا ومقدونيا وساحل البحر الأيوني كاملا و جميع جزر بحر إيجه، بالإضافة إلى قبرص وكورينث. نعم، هؤلاء الفرس أو الميديون كما يسمون أنفسهم أحيانا لديهم سبب وجيه للغطرسة. لم يهزمهم أحد من قبل. وتقول إنّ لنا دنا اليد العليا؟ داريوس هو إمبراطور الأرض من الهند إلى بحر إيجه،. نحن بمفردنا يا ابيوس -بمفردنا حقا! وأتباع الوحش داتيس و ارتافيميس ، قد أتوا لالتهامنا. في هذا الوقت غدا، سنكون جميعا في عداد الأموات إذا كنّا محظوظين، و في عداد العبيد إذا لم نكن محظوظين.

    وأضاف حتى أوديسيوس العظيم، الرجل الذي لم يعرف الحيرة و لا الضياع ، لا يمكنه أن يساعدنا في هذا الموقف. و اعلم أيضا يا ابيوس أن ذلك الحصان الخشبي الذي صنعته له في طروادة لن يكون مجديا أيضا. ان الميديين(الفرس) سيقسمون هذا الوحش الى قطع لا تعد ولا تحصى لإذكاء نيران متناثرة حتّى تبلغ النجوم .

    لا أستطيع أن أجادلك. أنا مرعوب أيضا. ومع ذلك، فإنّني أعلم أنّنا غدا عندما نسير جنبا إلى جنب مع أصحابنا في تشكيل ولحمة مع الدروع والرماح الطويلة، سنكون قادرين على قهر الخوف لدينا و نشر الرعب في قلوبهم في الوقت ذاته. وهؤلاء البرابرة المتعجرفون سيرون الفخر اليوناني عندما نهدم صفوفهم في ضربة قاضية. أنا وأنت قد عشنا هنا لفترة أطول من أي فترة عاشها شخص آخر. إذا كتب لنا يموت، فإنّ هذا المكان و هذا الزمان هما اختياري.

    أيّها المحارب البطل، إيه، يا صديقي.لا يوجد يوم مناسب للموت أبدا. إلا أنني أؤمن بأن بعض أسباب الموت أفضل من غيرها. و السبب الذي نعيشه بالتأكيد أفضلها !

    الفرس

    كان لهذه جنديين اليوناني، ابيوس و فاميوس فكرة بسيطة عن المناسبة العظيمة التي تنتظرهم- و الناس اليومفكرتهم عنها أبسط. كانت هذه أول معركة محورية في التاريخ ذات عواقب أكثر من مذهلة. مصير الحضارة الأوروبية تأرجح في ميزانها. وليس من المبالغة في شيء أن نقول أنّ بإمكانك قراءة هذه الصفحة في هذه اللحظة فقط لأن الأثينيون قد فازوا فوزا غير متوقع ولم يكن من الممكن تصوره.

    ما هو السبب الجذري لهذا الصراع القديم بين الشرق الغرب؟ هناك الكثير من الأسباب ولكن تتغذى كل قوة إمبريالية من التستوستيرون - مصدر كل الغطرسة. البرهان على ذلك؟ تقليص هرمون التستوستيرون أو القضاء عليه في الكائنات الحيّة يؤدّي إلى تراجع مستويات العدوانيّة. إعادة حقن الهرمون إلى مستويات طبيعية يعيد ارتفاع مستوى العدوانيّة. فإن كل قوة عظمى تجد أو تخترع قضية نبيلة لغزو بلد آخر: تدمير ساردس وإقليم السوديت وخليج تونكين كانت الأسباب المفترضة لكلّ من داريوس و هتلر وليندون جونسون على التوالي لخوض حروب. ولكنّ ذكرى الموتى ستصمد بعد فترات طويلة من خلق أسباب زائفة لخوض حروب منسية. قدّم دوافعك و محفّزاتك كما يحلو لك . فإنّها ستكون جميعا وليمة على مأدبة الغطرسة.

    بينما يجد آخرون الدوافع و المحفزات في المال. إذ يعتبر كارل ماركس أن حرب طروادة لم تقم حول اختطاف هيلين (قضيتهم النبيلة). اقترح خلافا لذلك، أنّ الإغريق قد سعوا إلى ممارسة التجارة بحُريّة في منطقة البحر الأسود دون دفع الضرائب لطروادة ذات الموقع الاستراتيجي و التي تقع عند مدخل مضيق هيلاسبونت. و مع ذلك، فإنّ البعض الآخر يجد دوافعه في الحب والإيثار. و الأديان تدّعي خطئا أنّ هذه المبادئ حكر عليها.

    توجد دوافع أيضا إضافة إلى البيولوجيا (التستوستيرون) والاقتصاد والأخلاق. و كل سبب من هذه الأسباب يبدو ضروريا ولكنّه يكاد يكون كافيا. انظر إلى البيولوجيا مثلا. لو كانت كافية لكانت القدرية هي الفلسفة الحقيقية الوحيدة، ويمكننا عند ذلك نصب تماثيل لممارسي الجنس مع الأطفال كما ننصب تماثيل للشعراء. البشر يبدّدون أو يرتقون بالتيستوستيرون / الغطرسة أو يقمعونها من خلال ممارسة الرياضة والنشاط الفكر، والترفيه، وهلم جرا. الجنس البشري لديه القدرة على الارتقاء فوق البيولوجيا والتوصل إلى قرارات عقلانية نسميها نحن حرية. بالنسبة إلى الإغريق، كانت الحرية هي الهواء الذي يتنفسّونه. وهو ما كان ابيوس و فاميوس مستعدّان للموت من أجله في ماراثون.

    ماذا كان الموقف الفارسي أو رأي الفرس في الحرية؟ هيرودوت (عاش قبل الميلاد بين 484-425) و هو أول مؤرخ في التاريخ، أجاب عن هذا السؤال في كتابه الحروب الفارسية الشهيرة (ويسمى أيضا التواريخ). كتابه هذا هو أعظم مصدر يتناول الصدام بين الحضارات الذي نتناوله. يروي لنا أنه في عهدي الأباطرة الفرس داريوس وزركسيس (الأب والابن)، عانت اليونان أكثر مما ما عانته في العشرين جيل الذين سبقاهما.

    و للنظر في إحدى هذه المناسبات سجل هيرودوت أنّه عندما كان زركسيس في طريقه إلى اليونان لمعاقبة الأثينيين لأنهم ساعدوا الثوار الأيونيين و حين مرّ من ليديا قام رجل يدعى بيثيوس بإمتاعه و الترفيه عنه هو وجيشه بأكمله. عرض بيثيوس Pythios كل أمواله لدعم جهود الحرب لكن زركسيس رفض أخذها. بل أشاد باليدييّن كثيرا وقال ان هذا الرجل قد فعل ما لم يفعله أيّ شخص آخر في مملكته ، و سمّاه زركسيس الضيف الصديق. وفي هذه المناسبة، لم يطلب المضيف أيّ شيء ولكنه في وقت لاحق بعد أن بنى مهندسو زركسيس جسرا عائما على هيلاسبوت (الدردنيل) وكان على وشك العبور من آسيا إلى أوروبا، طلب بيثيوس من الملك طلبا صغيرا.

    يا سييد، أنا أرغب في الحصول منك على شيء معين ، و هو على حدّ علمي بالنسبة اليك أمر سهل ، ولكنه شيء عظيم بالنسبة لي، إذا استطعت الحصول عليه. و اعتقد زركسيس أنّ طلبه سيكون أي شيء مخالف لما منحه و شجعه على اقتراح طلبه ودعاه إلى الكلام. وعندما سمع الرجل هذا تشجع و قال هذه الكلمات: يا سيدي، لديّ من حظّي خمسة أبناء وهم يتشرّفون أن يرافقوك في مسيرتك ضد هيلاس. أيها الملك العظيم، أشفق عليّ فقد تقدّمت كثيرا في السنّ و أفرج عن واحد من أبنائي و أعفه من مرافقتك. و ليكن الابن الأكبر لكي يهتمّ بي و يرعى أعمالي و ثروتي . ولكن خذ معك الأربعة الآخرين وبعد ان تتم إنجاز خططك . أرجعهم إلى بلدهم آمنين[¹].

    غضب زركسيس غضبا شديدا. ودعا بيثيوس بالرجل البائس الوقح لأنه سأله جميلا مثل هذا. و ذكّره الملك بأنه عبد، وأنّ عليه أن يأتي مع أسرته كاملة، بما في ذلك زوجته. وقال: وع ذلك، يجب أن لا يأتي ابنك الأكبر معنا. بدلا من ذلك، سيتم قطع جسده إلى نصفين وسيتم وضع القطعتين على جانبي الطريق ليراها الجميع عندما نسير هناك . و رجال الملك الذين كانوا مسؤولين عن هذه العقوبات البشعة، أعدموه و نفّذوا ذلك. في أراضي زركسيس، كان الجميع عبيدا يتم مصادرتهم بسبب أبسط نزوات الحياة. وشمل الأمر حتى زوجته وأولاده.

    هيرودوت يقدّم العديد من الحوادث و التقارير حول هذا الصراع بين الشرق والغرب، وبعضها أكثر ترويعا من قصة بيثيوس. في قصة أخرى، أرغم أب على تناول لحم ابنه، وكان عليه لينقذ حياته أن يقول أن كل ما يرضي الملك يرضيه. لقد كان جميع الفرس عبيدا. يسمّون عبيدا و يعاملون على أنّهم عبيد ، حتّى حكام المقاطعات. وكان هذا الصراع بين اليونان وبلاد فارس أكثر من صراع دمويّ- صراع اللحم والدم، فهو يمكن اعتباره اشتباكا ضخما للقيم والمثل العليا: الحرية مقابل العبودية، قيمة الإنسان مقابل قيمة القمامة، الفردية مقابل العقلانيّة و التفكير.

    معركة ماراثون

    يوليوس قيصر في تعليقاته يخبرنا بأن كل بلاد الغال تم تقسيمها إلى ثلاثة أجزاء. التّقسيمات في أشكال الحكم أقل: أنت تعيش إما في نظام ديمقراطي أو في ظلّ أنظمة غير ديمقراطية. في البداية هذا التقسيم إلى قسمين يبدو متعجرفا كأن تقول أنك إمّا تافه أو غير تافه. التقييم الكامل يكشف أنّ هذا التقسيم لا يكون إلا كذلك.

    انظر في الأنظمة غير الديمقراطية. لديها جميعا نمط شائع تستمر في استخدامه على مدى بعيد من الزمن وعبر كل القارات باستثناء القارة القطبية الجنوبية. سمّ هذا النمط الشائع أو النموذج: الكاهن، العاهل، الفلاح، أو PPP باختصار. الفلاحون يعتبرون عاجزين كقاعدة، ولكن الكهنة قد يتنافسون أحيانا على السلطة مع العاهل. هذا الشكل من الحكومة يصف كل العالم سوى اليونان. كانت مصر نموذجا أوليا لنموذج PPP. الفرعون لعب دور العاهل كما شاء في: بناء الأهرامات ونحت التماثيل الضخمة، وشنّ الحروب على الدول المجاورة. ومنذ الأزل، الفلاحون يفعلون ذائما ما يُطلب منهم. ماذا فعل الكهنة ؟ لماذا هم جزء من النموذج؟ لقد حافظوا على جهل الفلاحين ، وبالتالي جعلوهم دائما خائفين و من السهل السيطرة عليها. وبالتالي كانوا يحافظون على سلطتهم السلطة الكلاسيكية PPP .

    في قائمة الفراعنة الطويلة فقط أخناتون هو من قام بإنجاز أصلي يتعلقب باحترام للدين. وقدم شكلا من أشكال التوحيد المتعصبة للتخلص من الآلهة أنصاف الحيوانات و أنصاف البشر المعتادة. الكهنة و هم اقطاب المحافظة انتظروا فترة من الزمن وعندما مات اخناتون محوا كلّ الآثار التي غيّرها . كل شىء! القوة الدافعة وراء العرش و الكهنوت و أخذوا وجهة نظر طويلة من التاريخ.

    القرن العشرين فيه أمثلة عدّة لغياب الديمقراطية. في النازية. دير الفوهرر هو العاهل، قوات الأمن الخاصة ( خاصّة حزب ريشسفهرر هاينريش هيملر السريّ) هو الكهنوت، والملايين المطيعة التي رأيناها في كثير من أحيان كثيرة تهتف يحيى هتلر هم الفلاحون. هذا هو المثال الطراز من العدد الهائل من الناس الذين يتبعون مجنونا لفعل الشر.

    الكنيسة الكاثوليكية الرومانية هي أيضا نموذج مثالي للكهنوت الّذي يعمل داخل العديد من الحكومات التي تكون في الغالب غير ديمقراطية . بما أنها مهمة سهلة، فسأترك للقارئ فرصة إيجاد الروابط بينها وبين PPP.

    في هذه الأنظمة غير الديمقراطية، كانت سلطة ودور العاهل والكهنة تتميز بالثبات. ولكن سلطة الفلاحين قد تختلف و تتغيّر من عبد إلى مواطن من نوع ما- مع تحسن عام من وضعهم في القديم إلى وضعهم في العالم الحديث. العبودية تتغيّر أشكالها. وبينما نحن نتعامل مع مجرد غرائز شبه مجنونة، نحن ننجذب إلى الأيديولوجيات القديمة والجديدة التي تحثنا على التحول إلى أشكال جديدة من الاستعباد. و رغم ذلك ، فكما قد سجل هيرودوت، العبيد في الإمبراطوريات القديمة مجرد ممتلكات يمكن التخلص منها كلّما أراد الملوك أو الكهنة ذلك. الأقنان/ العبيد في عصرنا هم الجنود في آلات الحرب و الانتحاريون و الأطفال في المدرسة والأغنام في الكنائس، والعمال في المصانع المستغلة للعمال. هم يعيشون و لكنهم ليسوا أحياء!

    في التلال المحيطة بسهل ماراثون، الوضع الذي يواجهه اليونان في شهر سبتمبر من سنة *490 قبل الميلاد كان يقتضي الاختيار بين تقديم الأرض و الماء للفرس و وهو ما يرمز إلى الخضوع بالنسبة لهم أو حمل السلاح ضد بحر من الأعداء. هل كانت اليونان لتصبح محافظة فارسية استبدادية أخرى أو رمزا ساطعا مما وصلنا في الفن والأدب والشعر والسياسة والرياضيات والعلوم؟ كان عليهم اتخاذ قرار في هذا الشأن.

    هيرودوت يسجل تفاصيل لجنة الحرب التي اتخذت هذا القرار. قُسّم الأثينيون إلى عشرة ديمات (بلدات). وكان على كل ديم لعبئة 1000 جندي، و يقع تعيين جنرال زعيما لهم. حتى شمل الجيش 10،000 جندي وعشرة جنرالات. أريستيد وثميستوكليس، الذي اكتسب كلّ منهما شهرة في معارك لاحقة، كانا اثنين من العشرة. كان هؤلاء الجنرالات العشر مقسمين بالتساوي، خمسة لمواجهة مباشرة مع الميديين والخمسة الأخرون يهتمون بشأن هذا الجنون الناتج عن حجم و أعداد العدو. و كانت هناك حاجة إلى التصويت لكسر التعادل لأنه قد تم التصويت على جميع القرارات، و قد عينت مدينة أثينا بوليمارش ( تعني حرفيا حاكم الحرب)، الذي كان أيضا يصوّت لكسر التعادل. في ذلك الوقت كان البوليمارش رجل يدعى كاليماكوس Callimachos. وليس من المبالغة أن نقول إن تصويت هذا الرجل يحدد مصير الحضارة الأوروبية. إنّه تأثير الفراشة في العمل حيث يكون للأفعال الصغيرة نتائج عظمى. القائد اليوناني ملتيادس حقق جزء من الأثر حين تحدث بشغف إلى كاليماكوس:

    في يدك المسؤولية الآن يا كاليماكوس ، إما أن تضع أثينا في ظل العبوديّة، أو أن تجعلها حرّة لتترك وراءك على طول الزمان نصبا تذكاريا لم يتركه حتّى هارموديوس Harmodios و ارسطوجوتون Aristogeiton [ أثينيان شهيران لبتل المستبد]. الآن قد حلّ على الأثينيين الخطر الأعظم الذي لم يعيشوه من قبل، منذ أن كانوا شعبا. من جهة أولى، إذا قُدّموا إلى الميديين، فإنه قد حُدّد ما سيعانون سيتم تسليمهم الى هيبياس [طاغية أثينا السابق]، و على خلاف ذلك، من جهة أخرى، إذا كسبت هذه المدينة النصر، فإنها قد تصبح أول مدن Hellas هيلاس.[²]

    بحديثه هذا، أقنع ملتيادس كاليماكاوس بالتصويت لصالح المواجهة المباشرة. قرار بالغ الأهمية، خاصة بالنسبة إليه لأنه قُتل في المعركة اللاحقة. وهذا هو القرار الّذي قد نقله فاميوس Phemios لصديقه سابقا(في الصفحات السابقة).

    يوم الحساب في ماراثون، انتشر الفرس كما اعتادوا دائما: قوات النخبة في الوسط، القوات الأضعف في الأجنحة. وكان هذا التشكيل ضامنا للفوز قبل كل شيء، فهم لم يخسروا المعركة. بل قام ملتيادس بالعكس تماما! كان مركزه ضعيفا للتضييق على جحافل العدو والسماح للجنود اليونان على الجناحين و لحرمان الفرس المتبقين من أيّ فرصة. فرّق تسد هذا كان شعارهم. ومكر ملتيادس يذكرنا بمكر أوديسيوس.

    21a

    عندما نزل اليونان من التلال ورآهم الميدييون/الفرس و لم يكن لديهم سلاح للفرسان أو الرماة اعتبروهم مجانين يواجهون الدمار التام. الجنرالان أريستيد وثميستوكليس ذهبا إلى وسط سهل مع عدد قليل جدا من القوات. بعد أن سارا مسافة نحو العدو -وهو ما أثار دهشة الفرس- جرى اليونانيون إلى المعركة و بدؤوا يصرخون و يردّدون يا أبناء الإغريق! كافحوا من أجل حرية بلدكم.

    22a

    التل- موقع الدفن في ماراثون

    على الرخام الأبيض نقش للشاعر سيمونيدس:

    بقتالهم في طليعة الإغريقيين، قام الأثينوين في ماراثون بتدمير قوة الميديين الذين يحملون الذهب

    على الرغم من أن رجال أريستيد و ثميستوكليس قاتلوا بشجاعة، فإنّ الأعداد الهائلة من قوات الفرس أجبرتهم على التراجع، كما هو مخطط له. الفرس كانوا يطاردون مركز اليونان و من خلال هذه المطاردة ، اضطر المقاتلون الأضعف للانتقال من أماكنهم لتغطية الأجنحة المكونة من قوات النخبة. عندما رأى ملتيادس هذا، أمر الجزء الأكبر من جنوده بالتوجّه الى الجانبين الفارسيين (انظر الرسم البياني أعلاه). قسمت هذه المناورة مركزهم. ونتيجة لذلك، أحاط الأثينيون قوات النخبة. و على الرغم من أنّ المحَاصَرين قد قاتلوا بشراسة إلّا أنّ قوّة الفرس التي لات ُهزم هذه قد قُهرت و بدأت بالفرار و التراجع إلى سفنها. و قد ملأ الرعب قلوب الفرس و طاردهم الإغريق إلى الشاطئ حيث نشأت بين القوتين معركة شرسة و صعبة. فيها تم قطع شقيق اسخيليوس إلى قطع وذُبح البوليمارش كالماكاوس . ومع ذلك، قاد اليونانيين الفرس من سهل ماراثون و حجزوا سبع سفن فارسيّة في واحدة من أعظم الانتصارات اضطرابا في التاريخ البشري. ويعتقد المؤرخون أن هذه النخبة أي القوات الفارسية ال 10000 الخالدون – هم نفس الأشخاص الذين قاتلوا و شاركوا في ثيرموبيلاي. الاسم له معنى مفسّر. حيث أنّ كلّ مقاتل خالد حين يُقتل أو يُجرح يتمّ استبداله فورا، و لذلك فقد تم الإبقاء على العدد ثابتا : 10،000. ومع ذلك، وكما وضحّ الإغريق، فإنّ العدد قد يكون خالدا ولكن الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى القوات الفارسية.

    بعد كل معركة تأتي الحسابات: عدد القتلى. هيرودوت يخبرنا بأنّ خسائر الأثينيين بلغت 192 من الرجال، و عدد خسائر البلاتيين بلغ أحد عشر أما عدد الفرس فكان مذهلا: 6400. دفن الاثينيون موتاهم على سهل لا يزال قائما وهو نقطة انطلاق لسباقات الماراثون الحديثة في اليونان. لم يكن اليونان يدفنون أمواتهم خارج مدنهم فقط في أيام حرب طروادة ولكنّ اليونان يعتبرون هذا السهل أرضا مقدسة فعلا. و دفن البلاتيون موتاهم في كومة صغيرة قرب سفح جبل بنتلي. وكان العرف الفارسي على خلاف ذلك يقتضي ترك القتلى حتّى يكونوا غذاء للنّسور والذئاب والأسود. لذلك فقد اندهش هؤلاء الغزاة عندما علموا بأن الإغريق قد دفنوا جميع القتلى من الفرس و عددهم 6400 في السهل نفسه، قبر كلّ مقاتل في المكان الذي سقط فيه. وكان هذا علامة على احترام المحاربين الأعداء ولكنّه كان عموما تعبيرا عن احترام الموتى ومؤشرا على إيمانهم بقيمة الحياة البشرية.

    الموتى والدفن

    لعنكم الله أيّه الفرس الأوباش. ابقوا و قاتلوا! سارع ابيوس Epios إلى مخلب مؤخرة السفينة حين انسحابها من يده و غوصها في المياه العميقة. نحن ركلنا مؤخرتك الحزينة! نحن فزنا! الرجال الأحرار دائما يفوزون، أخبري داريوس بما فعله الأثينيون مع جيوشهم و اطلبي منهم أن يرسلوا رجالا حقيقيين، لا عبيد، في المرة القادمة! لحق المحارب القديم بهم وخبط الرمال بمؤخرّة رمحه ، مثلما يغرس الأيل الغاضب حوافره.

    "أنت تبدو مثل أوديسيوس يسخر من الوحش بوليفيموس. إهدئ. ستكون لهم عودة، كما تعلم. سيكون هناك وقت آخر للخصام. الغطرسة تستوجب دائما درسا ثانيا.

    أنا مرهق من هذه اللعنة التي تستوجب الفوز أو الخسارة مع هذا الرمح الجبّار والدرع الثقيل. لقد تقدّمت في السنّ على هذا الهراء، هذا ما قاله صديقه الصغير لاهثا وواضعا معداته جانبا. و أضاف من حسن الحظّ أنّك لم تبلغ تلك السفينة.

    قال ابيوس في صوت أكثر هدوءا : ارتح على هذه الصخرة.

    قلت انك محظوظ لأنك لم تتمكن من الوصول إلى تلك السفينة. بلغ شقيق اسخيليوس إلى واحدة فانحنى فارسي إلى الجانب وقطع يده و تركه ينزف حتى الموت. و بالقرب من الشاطئ حيث السفن المحتجزة، جمع رفاقه المحاربين قطع جسده ودفنوها.

    هل علم إسخيلوس بذلك؟

    أعتقد أنّه على علم. فهو قريب. رأيت أحدهم يجمع قطعا بشريّة ويضعها على الشاطئ ، أجاب فاميوس.

    سأستطلع الأمر بنفسي. ابق هنا.

    ذهب ابيوس لبعض الوقت ولكن المنشد تمكن من رؤيته قرب الشاطئ بصدد مناقشة بعض الأمور مع الجنود. مدّ فاميوس يده واستعرض أصابعه المنكمشة خائفا من ان تكون قد انهارت بشكل دائم و خاشيا من أن يفقد القدرة الهائلة على حمل رمح هائل بطول 12 قدما. و من شدّة التعب والعطش، غرق في تخيّلات حول الحياة والموت المحيط به في كل مكان . و قد كان على بينة من حجم الدمار المروع الذي سببّه انتصار الأثيني و لكنه كان مؤمنا أنّ موت هؤلاء الفرس قدّم الحرية والمستقبل لجميع اليونانيين. ومع ذلك كان هناك جالسا في ضوء الشمس على شاطئ البحر والموجات تداعب برفق قدميه، و يستمع إلى زقزقة العصافير رغم أن الدم والجثث كانا في كل مكان. كم هو غريب و فظيع هذا العالم فكّر في نفسه. ثمّ دخل الغضب عقله. هو غضب مشرق و ناري. غضب بسبب المجنون الحاقد داريوس الذي تسببت غطرسته في هذا الحجم من الأموات الأثينين والبلاتيين و الفرس. خفت غضبه بعد ذلك حين بدأ يتأمل طبيعة الإنسان سريعة الزوال و الفانية و تذكر قصيدة لصديقه سيمونيدس:

    طويلة، طويلة و كئيبة هي الليلة

    التي تنتظرنا في القبر الصامت.

    قليلة وراحلة بسرعة،

    هي السنوات التي نفتكها من الموت.

    باختصار، آه، كم هو قصير هذا الفضاء العابر.

    وعندما ينتهي سباق الرجل الصغير

    وبوابات الموت القاتمة تكون منه قريبة،

    كم تكونحينها راحته طويلة !

    سيمونيدس (ترجمة JH Merivale)

    "يا فاميوس ، هل أنت على ما يرام؟

    نعم نعم. فقط آخذ قسطا من الراحة. ثم أضاف:" كم كانت حياة هؤلاء الفرس المساكين قصيرة و بائسة. لا عجب أن يقذف بهم ضباطهم في ساحة المعركة. لماذا تجب عليهم المحاربة-ليس لهم ما يعيشون لأجله أو ما يحلمون به. لماذا هي الحياة ظالمة بشكل لا يصدق؟ أستطيع أن أفهم ذلك بطريقة عقلانية ولكنني لا أستطيع القبول به عاطفيا. هذا أمر غير أخلاقي. الإله الّذّي يسمح بحدوث هذا هو إما عاجز أو شرير.

    سنناقش الفلسفة في وقت لاحق، لدي أخبار. ملتيادس قد ذهب بالفعل إلى أثينا التي لا أحد هناك ليدافع عنها في سباق للوصول قبل الفرس و سفنهم. نحن سنبقى هنا في ديم (مكان) شريكنا ثميستوكليس وديم أريستيد كمكافأة لنا على حمل ثقل المعركة على عاتقنا اليوم. و لكن سيعجبك أنّه يمكننا أن تأخذ كل ما نريد من الميديين/ الفرس الموتى، أمّا أريستيد فقد تمّ تعيينه مسؤولا عن كل الثروات الموجودة في خيامهم .

    تراخى فاميوس قائلا : وأنا أرفض أن آخذ الثروات من الأموات. لكن أشكر زيوس لأن طريقنا إلى أثينا لن يكون سريعا، لأنني قد لا أحتمل تعب السّفر و قد لا أصل.

    لا تحتفل بعد فنحن سنقوم بجمع وإحصاء ودفن موتانا في كومة / دفعة واحدة كذكرى لهم و سندفن موتاهم كذلك، كل موتاهم هذا هو الأمر الوحيد اللائق الذي يمكننا القيام به .

    ماراثون

    أعمال بني أوديسيوس في ماراثون لا تزال تلهم الكتاب والشعراء والفنانين بعد أكثر من ألفي سنة. كان الشاعر الإنجليزي روبرت براوننج معجبا إعجابا خاصّا بالعدّاء الأسطوري فيديبيدس الذي خرج بعد المعركة بما يكفي من القوة لقطع26 ميل جريا إلى أثينا وإعلان انتصارهم. في ما يلي القطعتان الأخيرتين من قصيدة فيديبيدس لبراوننج:

    نعم، لقد قد خاض معركة ماراثون:

    لذلك، عندماهُزم الفرس ، بكى الجميع " إلى أكروبوليس!

    اركض يا ، فيديبيدس. هذا سباق آخر! و [المكافأة] تستحقّها أنت!

    فلتُحفظ أثينا، شكرا لكم، اجروا و ردّدوا! قال منزلا درعه،

    ركض مثل النار مرة أخرى: بين الحقول

    أثينا هي مابقي من الحصاد ، وهي الحقل الذي تعبر النار من خلاله،

    إلى حدّ الاختراق: افرحوا، نحن انتصرنا مثل النبيذ الذي صنع من الإنسان،

    الفرح الذي في دمه انفجر في قلبه، ومات- إنّه النعيم!

    `و لذلك، حتى يومنا هذا، عندما يلتقي صديق صديقه، كلمة التحية

    لا تزال افرح! – هي كلمته التي جلبت الفرح بالفعل.

    ذلك هو فيديبيدس السعيد إلى الأبد، - الرجل القوي النبيل

    الذي يمكنه أن يسابق كالإلاه و الّي يحمل وجه الإلاه و الذي أحبه الإلاه كما يستحقّ،

    ورأى الأرض المُنقَذَة التي ساعد في انقاذها، وعانى لينقل

    هذه البشرى، ومع ذلك لم يرفض بل كان رائعا كما هو حاله دائما،

    لذلك أنهى حياته رائعا ، قبل أن يخرس إلى الأبد:

    لقد أنقذنا أثينا! - توفيّ فيديبيدس حين كان يهتف في أرضه.

    الإلاه الذي أشار إليه في السطر الثاني عشر هو بان Pan الذي واجهه فيديبيدس خلال حملته في وقت سابق من أثينا الى اسبرطة ذهابا و إيابا (240 ميلا) في غضون يومين. وكان بان إله حقول الكهنة والأماكن البرية الخاصّة بهم حيث يعلو في الليل صوت البوم والذئاب وغيرها من المخلوقات التي تخلق الذعر - هو نفس الذعر الذي عاناه الفرس الذين لا يقهرون خلال هزيمتهم الوخيمة أمام الأثينيين.

    قصيدة براوننج فيديبيدس ألهمت البارون بيير دي كوبرتان، مؤسس الألعاب الأولمبية الحديثة لتأثيث سباق عدو ل26 ميل يسمى ماراثون. و لم يوجد هذا النوع من السباقات في العالم القديم.

    هذه قصة رائعة، ولكن هذا كل شيء. نحن نعلم أن هيرودوت كتب عن فيديبيدس و اندفاعه نحو لسبارتا و عودته إلى أثينا، ولكنه لم يذكر كلمة واحدة عن ركضه في ماراثون. وهذا أمر مهم جدا لا يمكن لمؤرخ كبير مثله أن يتجاهله. فقد كان هذا الانتصار نتيجة غير متوقعة حتّى أنّه ألهم الكتاب اللاحقين مثل بلوتارخ ولوسيان لكتابة حكايات طويلة. ومع ذلك، فإنّ هناك الكثير من الأمور التي يجب ان ننتبه لها هنا. دعونا نكتشف ماهي.

    25a

    فيديبيس في طريق الماراثون

    كل قارئ من القراء يشك في صحّة جزء من هذه القصة، نعم هذا يعنيك أنت أيضا ! أيّ جزء ؟ حكاية لقاء فيديبيدس بالإله بان. جميع القراء المعاصرون ملحدون مع احترام لهذا الإلاه بان أو سائر الآلهة- و أنا نفسي لي هذا الموقف. نحن على يقين بان هذا الإلاه كان من اختراع عقل العداء الذي يعاني النقص في الأوكسجين. آه، كم هو سهل اعتبار حقائق الثقافات الأخرى مجرد خرافات. وهو ما يمكننا فعله مع مقدساتنا و حقائقنا.

    العصر الذهبي لليونان

    إعادة كتابة التاريخ هي هواية لكثير من الحكام المستبدين ولمعظم الثقافات ولجميع الأديان. في هذه الدوامة من الخيال والواقع، كيف يمكن للقارئ أن يكون ثابتا ؟ يبدو أنّ المؤرخين المعاصرين مولعون بالانتقاص من شأن الانتصارات اليونانية على الفرس كما قد سجلها هيرودوت. و يستدلون بأن المؤرخ هيرودوت كان يونانيا و أنذ الفرس لم يكتبوا كتبا تأريخيّة ، ولكن ماذا نعلم إيجابيا؟ هذه الفترة من التاريخ تقدّم لنا حقيقتين عظيمتين. الأولى هي سلسلة من الانتصارات اليونانية كلما التقى اليونان بالفرس في معركة كبرى:

    انتصار الماراثون- على الأرض في سنة 490 قبل الميلاد من قبل الملتيادس

    انتصار السلاميس - في البحر في 480 قبل الميلاد من قبل ثميستوكليس

    انتصار بلاتايا-، على الأرض في 479 قبل الميلاد من قبل بوسانياس

    كما قال فاميوس: سيكون هناك وقت معركة آخر. الغطرسة تتطلّب دائما درسا آخر . في بعض الأحيان تتطلب درسا ثالثا على ما يبدو. فحتى في الهزيمة، يعتبر العالم موقف ليونيداس البطولي في ثيرموبيلاي انتصارا. ومن الجدير بالذكر أن هيرودوت، أبو التاريخ، قد بذل جهدا كبيرا ليحقق العدل والمساواة من خلال اظهار جانبي الحرب في كتاباته. و هو أمر لم يفعله مؤلفو العهد القديم فقد كانت القبعات البيضاء والنصر للعبرانيين، والقبعات السوداء و الموت من نصيب أيطرف آخر. وضع هيرودوت مستويات أعلى للحكم و الكتابة.

    و هذه المعارك الثلاث لم تكن ، حسب ماثيو آرنولد في قصيدته مقتسبة شاطئ دوفر قضية فيها تتصادم الجيوش الجاهلة ليلا. مستقبل الحضارة الأوروبية معلقّ في الميزان. بعيدا عن تقديم الفرس للأرض و الماء و هما يمثلان رموزا دينية زرادشتية ، قدّم الإغريق لهم الرماح والسيوف وهو ما خلق الفرق. ان الذين قدّموا يعترفون بالقوّة الفارسية والسيطرة على كل شيء- و أنّ حيواتهم ملك للإمبراطور. وعلاوة على ذلك، فإنّ داريوس فاز في معركة ماراثون أو زركسيس سلاميس و بلاتايا، و قد يكون القارئ من المؤمنين بالزرادشتية تحت راية توحيد أهورا مازدا. هل يبدو هذا مألوفا لك؟ لا أعتقد. و سعيد بذلك.

    ولذلك و ببعد نظر، لم يكن اليونان يخشون مجرد النصر العسكري الفارسي بل أكثر من ذلك، كانوا يخشون انتشار دينهم التوحيدي: و هو شكل مبكر من الزرادشتية التي كرّست العبودية الطبقيّة (في شكل هرم). و هو ما من شأنه أن يمثل خطرا على الحرية والإبداع اللازمين للفن والعلم والفلسفة والرياضة والسياسة. المفاهيم و المعتقدات الفارسية حول الإلاه الواحد والحساب والجنّة والنّار أثرت بشكل كبير في الديانات الإبراهيمية. لنفترض أنّ الفرس قد هزموا اليونانيين. فإنّ اليفرس سينسحبون من اليونان في وقت لاحق خاصّة مع تراجع قوّة إمبراطوريتهم. ومع ذلك، فإن فيروس دينهم التوحيدي كان ليبقى هنالك و كان ليمنع الإنتاج الفكري و الثقافي للعصر الذهبي اليوناني.

    ذكرت أعلاه أنّ هناك حقيقتين كبيرتين نعرفهما عن هذه الفترة من التاريخ. الأولى هي ثالوث الانتصارات المذهلة في ماراثون وسلاميس و بلاتايا . بعدها ، لم يعد الفرس أبدا إلى الحدود الرئيسىة لليونان. لقد علّمتهم الغطرسة الدرس. والحقيقة الثانية هي التأثير الملهم لهذه الانتصارات العسكرية على المجتمع اليوناني وخاصة الأثيني. لتفهم شعور أبناء أوديسيوس، تخيل أنك قد فزت بجائزة نوبل للآداب لأفكارك أو بجائزة الأوسكار لأفعالك. شعر الإغريق بأنّهم قد فازوا بهما على حد السواء، ولكن ما الذي يمكنهم القيام به حينها؟ بكل بساطة، شرعوا في بناء عالم جديد من الأفكار في الفن والعلوم والرياضيات والموسيقى والكتابة والنحت والهندسة المعمارية. و قد عبّر عن ذلك بيرسي بيش شيلي تعبيرا جيّدا حين قال:

    الفترة التي امتّدت بين ولادة بريكليس [495 قبل الميلاد] و وفاة أرسطو [322 قبل الميلاد] كانت بلا شكّ الفترة الأكثر تميزا في تاريخ العالم. سواء أاعتبرناها في حدّ ذاتها، أو بالإشارة إلى الآثار التي أنتجتها و ارتباطها بمصائر الإنسان المتحضر لاحقا.[³]

    كان هذا العصر الذهبي لليونان.

    وكمثال على العاطفة الهيلينية لشيلي Shelley ، ننظر في النقاط التالية. كان الجنرالان الفارسيان داتيس Datis و ارتافرناس Artaphernes متحققّين من تحقيق الانتصار على الأثينيين تحقّقا جعلهما يأتيان بنصب رخاميّ لهما لينصباه بعد تحقيق النصر، و قد أحضراهما في واحدة من سفنهم الستمائة. و خلافا لهذا النصب الذي لم يتحقق ، بنى الإغريق أكبر هيكل في العالم القديم -البارثينون. وكانت الطاقة الخلاقة لهذه المهمة التاريخية انتصارهم على الفرس. ويعتقد بعض العلماء اليونان أنّه بصرف النظر عن قائد العجلة الحربية، فإنّ 192 شخصا تحديدا من الرجال قد زيّنوا الموكب على الإفريز، وهو نفس عدد الأثينيين الذين قُتلوا في ماراثون. إفريز البارثينون فريد من نوعه. صُنع في أكثر العهود أصالة وتوسعا بالنسبة إلى الفن الأوروبي، هذا الافريز Frieze ليس له مثيل في الحجم والتعقيد في جميع أنحاء العالم القديم.

    أعطى هذا العصر الذهبي للعالم الحديث معاني الديمقراطية ومفهوم حقوق الإنسان. فمن أرسطو وغيره تعلمنا العلم التجريبي. من هيبارخوس وغيره حصلنا على معرفتنا الأساسية لعلم الفلك. إسخيلوس و سوفوكليس ويوربيدس بم يقدّموا لنا لنا مفهوم المأساة فحسب، بل قدّموا لنا أيضا إحدى أعظم المسرحيات في العالم. أعطتنا أثينا بريكليس، بطل الديمقراطيّة والفنون بلا منازع في العالم القديم. من سقراط وأفلاطون تعلّمنا الفلسفة وحياة العقل. هيرودوت وثيوسيديدز قدما لنا التاريخ. من فيدياس حصلنا على البناء والهيكل الأكثر أناقة في العالم وهو البارثينون.و من فيثاغورس إلى إقليدس تعلمنا التفكير الاستنتاجي و طوّرنا الرياضيات التي تكشف العلم التجريبي وتفسر العالم. وأخيرا، قدم لنا جميع اليونانيين دورة الالعاب الاولمبية و بهجة الرياضة التنافسية. في المقابل، قدّمت لنا الإمبراطورية الفارسية داريوس و زركسيس و ارتحششتا (I، II، وهلم جرا)، وعصابة كاملة من القتلة و لمريضين نفسيّا. على الرغم من كل هذا، يدّعي بعض المجانين أو يلمّحون بصورة متواصلة إلى أنّ تراثنا مسيحي بالكامل. و قد قال الفيلسوف الإنجليزي ألفرد نورث وايتهيد، أنا أعتبر اللاهوت المسيحي واحدا من أعظم الكوارث التي حلّت بالجنس البشري.[⁴] كان من الأفضل لنا أن نأخذ ديننا من آلهة الأولمبيين الاثني عشرة. هم على الأقل قد قدّموا بعض الإنصاف المُثبت على عكس الكتاب المقدس الكئيب بشكل كلي أو القرآن الغاضب.

    وقد عانت الحضارة الغربية هذا العبء الديني المسيحي منذ أعلنت أنّ آلهة أولمبيا الاثني عشر أساطير. و رغم ذلك فإنّ كل شيء ذي قيمة في عالمنا الحديث له أصل في الفكر اليوناني الكلاسيكي. حتى كلمة الديمقراطية يونانية وتعني حكم الشعب. نحن نؤكد على الفردية و على الذكاء و قد كان أوديسيوس، بطل قصيدة هوميروس الملحميّة النموذج الأصلي لهذه الصفات و هو الرجل الذي وضع حدا لحرب طروادة من خلا ل حيلة ثمّ عاد إلى منزله بأمان ليلتقي زوجته وابنه. في الإدراك الحقيقي و الصواب، أنا وأنت- نحن أبناء أوديسيوس، نحن وريثو قيم الفرديّة و الديمقراطيّة و الحريّة من اليونان . أصلنا أثينا، لا القدس!

    بعد زيارة جزر هاواي و تأمّل عمل المبشرين، كتب مارك توين بحزن من المحزن أن نفكر في النّاس الذين دفنوا في قبورهم في هذه الجزيرة الجميلة دون أن يعرفوا ان هناك جحيم. لقد كان الإغريق الكلاسيكيون سعداء دون جحيم تماما مثل سكّان أهل هاواي قبل وصول المبشرين. هذا كان يمكن أن يكون تراثنا، ولكن القديس بولس منع ذلك.

    27a

    إسخيلوس

    هناك أشياء لم تُقل حتى الآن حول إسخيلوس، هذا العبقري اليوناني الذي لم يكن القتال بالنسبة إليه مجرّد ضغط على الأزرار أو سحب مشغلات الأسلحة. بل كان المكافح الحقيقي في معركة ماراثون و سلاميس وربما حتى بلاتيا. و لذلك فإنّه حينما كتب عن هذه الأمور، كانت كتابته حقيقية و شخصية. يشهد التاريخ انه كتب تسعين مسرحية، لكن سبعة منها فقط هي الّتي بقيت و وُرثت، و مسرحيّته التي أعتبرها الأعظم هي بروميثيوس في الأغلال. تروي هذه القصة حكاية تيتان الّذي تحدى زيوس و قدّم للبشريّة النار والكتابة والرياضيات والطب والعلوم و فنون الحضارة. تحدث بروميثيوس عن العقل والرحمة في السلطة و تحمّل عواقب مروعة. وكانت درامات اسخيليوس ثلاثيات بالإضافة إلى ساتير أو مهزلة قصيرة في الختام. ضاعت المسرحيّة الثانية من هذه الثلاثية، ولكن المؤرخين يقولون إنّ عنوانها بروميثيوس بلا أغلال. (شيلي -نقل عنه في الصفحات السابقة- كتب هو الآخر دراما ملحميّة تحمل نفس العنوان كما لو أنّها تكمل أو تعوض عمل اسخيليوس الضّائع .) . و من خلال أعماله في ماراثون، أظهر هذا التراجيدي أفكاره و آراءه حول الطغاة و حول العبودية، و هو ما عنى له أكثر من كل مسرحياته التي لا تحمل فحوى أخلاقي. و حينما توفيّ لم يُكتب على شاهد قبره سوى:

    شارك في معركة ماراثون.

    سأختار

    قال أفلاطون: "أشكر الإلاه أنني ولدت يونانيا،

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1