Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام
الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام
الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام
Ebook721 pages18 hours

الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

كتاب أوموسوعة « الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام »، هو من أهم وأشهر كتب ومؤلفات الشيخ الفقيه القاضي « عباس بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد السملالي المراكشي المالكي وموضوعه كما يفهم بديهة من عنوانه: تراجم من حل مراكش وأغمات من الرجال النابهين، سواء كانوا من أهلهما أومن غيرهما، مع التمهيد لهذه التراجم بوصف المدينتين وبيان فضلهما وما خُصّتا به من المزايا. * لقد عكف القاضي عباس بن إبراهيم السملالي على جمع مواد الأعلام، واستمر يجمعها ويدوّنها ويرتبها ويضيف إليها خمسين سنة، مطلعا على كل ما يقع بين يديه من الكتب، ومتنقلا في البحث عنها داخل المغرب وخارجه، لدى من الإنصاف للرجل والاقرار بالحقيقة، نقول أن مثل هذا العمل لا يطيق الاضطلاع به، والاقتدار عليه إلا الصابرون المخلصون الذين يحتسبون المشقة أجرا وإجهاد النفس عبادة، فرحم الله الشيخ وجزاه عنا خير الجزاء. * يشتمل كتاب « الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام »، على مقدمة وأربعة فصول عدى التراجم، أما قسم التراجم فيصدق فيه ما قاله الاقدمون في كل عظيم مثل عظمة هذا الكتاب الموسوعة: "حدّث بما شئت عن بحر ولا حرج"، فقد زيّنه المؤلف بجميع الأعلام الذين حلّوا بمراكش وأغمات من عظماء الرجال في جميع الميادن، معتمدا في ذلك على جميع المراجع القديمة والحديثة التي وقف عليها. وقد بلغ عدد الأعلام المترجم لهم: (1649علما)
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateOct 10, 2003
ISBN9786467710720
الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام

Related to الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام

Related ebooks

Reviews for الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام - ابن إبراهيم السملالي

    الغلاف

    الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام

    الجزء 11

    ابن إبراهيم السملالي

    1379

    كتاب أوموسوعة « الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام »، هو من أهم وأشهر كتب ومؤلفات الشيخ الفقيه القاضي « عباس بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد السملالي المراكشي المالكي وموضوعه كما يفهم بديهة من عنوانه: تراجم من حل مراكش وأغمات من الرجال النابهين، سواء كانوا من أهلهما أومن غيرهما، مع التمهيد لهذه التراجم بوصف المدينتين وبيان فضلهما وما خُصّتا به من المزايا. * لقد عكف القاضي عباس بن إبراهيم السملالي على جمع مواد الأعلام، واستمر يجمعها ويدوّنها ويرتبها ويضيف إليها خمسين سنة، مطلعا على كل ما يقع بين يديه من الكتب، ومتنقلا في البحث عنها داخل المغرب وخارجه، لدى من الإنصاف للرجل والاقرار بالحقيقة، نقول أن مثل هذا العمل لا يطيق الاضطلاع به، والاقتدار عليه إلا الصابرون المخلصون الذين يحتسبون المشقة أجرا وإجهاد النفس عبادة، فرحم الله الشيخ وجزاه عنا خير الجزاء. * يشتمل كتاب « الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام »، على مقدمة وأربعة فصول عدى التراجم، أما قسم التراجم فيصدق فيه ما قاله الاقدمون في كل عظيم مثل عظمة هذا الكتاب الموسوعة: حدّث بما شئت عن بحر ولا حرج، فقد زيّنه المؤلف بجميع الأعلام الذين حلّوا بمراكش وأغمات من عظماء الرجال في جميع الميادن، معتمدا في ذلك على جميع المراجع القديمة والحديثة التي وقف عليها. وقد بلغ عدد الأعلام المترجم لهم: (1649علما)

    علي بن عبد الرحمان الدرعي

    علي بن عبد الرحمان بن أحمد بن يعقوب بن صالح بن علي الدرعي، الغوث الحافل الصوفي الباهر، النجم الزاهر، صاحب الإشارات العليا والعبارات السنية، والحقائق القدسية، والأنوار المحمدية، والأسرار الربانية والهمم العرشية، منشئ معالم الطريقة بعد خفاء آثارها، ومبدي علوم الحقيقة بعد خبو أنوارها، قطب السالكين، وحامل لواء العارفين، شيخ الأشياخ الأعيان، والده رحمه الله كان ولياً صالحاً زاهداً ورعاً، وكذلك جده أحمد، فهو من ذرية الصالحين خلفاً عن سلف، ومناقب أجداده كثيرة يطول ذكرها .ولد المترجم لاثنتي عشرة ليلة خلت من جمادى الأخرى عام ثمانية عشر بعد الألف، وكان منشؤه بوادي درعة حرسها الله، من خميس مزكيطة، وبها تربى وقرأ القرآن، ثم هاجر منها لقراءة العلم إلى الزاوية البكرية الدلائية .كان رضي الله عنه ربعة للطول، معتدل القامة، جميل الوجه، أكحل العينين، قائم الأنف واسع الصدر، رقيق الأطراف، أحمر اللون، يميل إلى البياض كثيراً كث اللحية وافرها، يعلوه شيب، معتدل الأعضاء عذب المنطق، لين الجانب، حسن الهيأة كريم الأخلاق، وكان رحمه الله ورضي عنه قد نشأ في طاعة الله محافظاً على الشريعة من صغره إلى كبره، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام يمسح على جسده ويدعو له، ومعه صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، وهو إذ ذاك ما زال يذهب إلى المكتب، ثم أعطاه في زمان الصبا سيدي عبد الله بن الحسين الدرعي رمانتين أو ثلاثاً وأمره أن يأكلهن، ثم بعد ذلك وقف عليه الخضر عليه السلام فأطلعه على أسرار منها أن كل من أكل من ذلك الرمان كان من أهل جملة إمداده، ثم رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقسم بحراً من بحور الإمداد، فولاه قسمة وحظاً وافراً، وخرج في ابتداء أمره لزيارة الصالحين، ووصل إلى السوس الأقصى وزار سيدي أحمد بن موسى، ولقي الزاهد سيدي محمد السوداني وقرأ عليه ما تيسر من العلوم، وخدم داره وظهر عليه خير كثير، ثم زار الشيخ أبا يعزى فنام فرأى الشيخ أبا يعزى قد خرج من قبره وناداه فقربه من الناس حوله، وأخرج له شيئاً من التمر وأمره بتفريقه على الناس، فقال له إنه قليل، ثم فرقه عليهم إلى أن استكفى الناس وبقي له حظه، ثم أمره بالانصراف إلى الزاوية البكرية، ثم مكث فيها مدة فانصرف إلى أقرض فحل يقرئ الطلبة والصبيان ويصلي بالناس، إلى أن سمع خبر الشيخ سيدي محمد بن محمد بن الحسن الدادسي الوزغتي نسبة إلى واوزغت بفتح الواو الأولى وكسر الثانية وفتح الزاي وسكون الغين وهي بإزاء جبل يسمى غنين ثم كاشفه عما فعله معه الشيخ أبو يعزى، ثم وقع في قلبه أنه لا يأخذ الطريقة حتى يرى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم كاشفه بذلك أيضاً، فرأى بعد سنة أنه أدخله على النبي صلى الله عليه وسلم في روضة خضراء بعد الاستيذان، فلما رأى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم غشي عليه من نوره فستره بردائه صلى الله عليه وسلم إلى أن أفاق، فقال له صلى الله عليه وسلم يا علي هكذا تعيش وهكذا تموت وهكذا تبعث .وممن لقي بدرعة الصالح الزاهد الشيخ احمد بن إبراهيم من أصحاب الشيخ عبد الله بن حسين الدرعي، ثم لازم المترجم شيخه الدادسي المذكور سنين إلى أن توفي رحمه الله، فورث عنه سره، وظهرت له كرامات وأحوال وإمدادات، وقصده جماهير الناس وانتفعوا به وشدت له الرحال من الحضر والبوادي، وزاره العلماء وأخذوا عنه ولازموه، واشتهر أمره، وبعد أربع سنين من موت شيخه المذكور وقف عليه في النوم وقال له قم ارفع أمر المسلمين وهدده بالسلب إن لم يفعل، ثم وعده بأنه يرى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة فكان كذلك، وأمره صلى الله عليه وسلم بما أمره به شيخه .وكان المترجم رضي الله عنه واسع الأخلاق حسن المعاملة، لا يعاشر أحداً إلا ألفه وكان إذا وعظ الناس بكى، وكان كثير الرحمة على عباد الله تعالى، كثير إطعام الطعام، مقبلاً على الله في جميع الحالات، وقال مرة لأصحابه: الزيارة مستحبة للمريد، والصلاة قرض على كل مؤمن، وكيف تتركون الواجب وتتبعون أهواء أنفسكم ؟وربما أطعم في الليلة الواحدة سبعة عشر ألفاً، وكان الغالب عليه الحياة ولا يريد لنفسه مزية على مخلوق، وكان كثير البكاء والرحمة، وأكثر أحواله البسط، وقد شهد له علماء وقته كالشيخ الإمام سيدي عبد القادر بن علي بن يوسف الفاسي، والشيخ سيدي أحمد بن عبد الله معن، وفيه يقول تلميذه سيدي أحمد بن محمد ابن عطية من قصيدة له :

    قد كان ناصحاً جميع الخلق ........ وليس يهتم بأمر الرزق

    مقتفياً طريقة الأخيار ........ السالكين منهج المختار

    بسنة النبي مع الكتاب ........ يدعو التلاميذ بلا ارتياب

    مهما أتاه سائل جدواه ........ يحضه على رضا مولاه

    يأمره بالذكر والصلاة ........ على النبي شافع العصاة

    وطلب الغفران والتسبيح ........ كما أتى في الخبر الصحيح

    وحفظ الأوقات مع الخشوع ........ مع السكينة مع الخضوع

    وحب الأشراف والأولياء ........ وكل عالم بلا امتراء

    وبالتهجد وبالقيام ........ مع التنفل مع الصيام

    قد كان سهلاً ليناً عطوفاً ........ ويرحم المسكين والضعيفا

    من غير سمعة ولا رياء ........ لا يقبل المدح مع الثناء

    وطريقة المترجم رضي الله عنه شاذلية، أخذ منها الحظ الوافر، وجمع بين آداب الباطن والظاهر، أخذ أولاً عن سيدي أبي يعزى مناماً! وعن سيدي عبد الله ابن الحسين الدرعي المجروتي، وعن تلميذه سيدي أحمد بن إبراهيم، ثم عن الشيخ سيدي محمد الدادسي المترجم في الممتع من أصحاب سيدي عبد الله الهبطي، والشيخ سيدي عبد الله ابن حسون، وأبي بكر الدلائي، وممن لقي المترجم الولي الصالح سيدي الصغير ابن المنيار من ذرية سيدي علي بن إبراهيم دفين قرض فحل، والشيخ سيدي عبد العزبز بن موسى البوقماري بضم القاف المعقودة وتشديد الميم دفين تانغملت، أخذ موسى والده عن سيدي سعيد بن علي السوسي الهشتوكي دفين ووزغت، عن سيدي عبد الله بن حسين دفين مصلوحة، ولقى أيضاً الشيخ سيد عبد الحق وسيدي محمد بن إبراهيم وسيدي عمر بن أبي القاسم الدرعي وسيدي محمد السوداني وسيدي عيسى السوداني والشيخ سيدي عبد القادر المكني ذو المرستان، زاره رضي الله عنه بمراكش، وغيرهم لأن جميع من كان في وقته زاره وانصرف إليه .ومن كلام المترجم رضي الله عنه قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأولياء كلهم يأخذون أو أخذوا فلان عن فلان إلا أنت فمنى إليك! ومن رسالة له كتبها لسيدي عبد القادر الفاسي: وما يذكرون لهم من انقطاع شيخ التربية وبقاء شيخ الهمة فذلك تشغيب على أعوام المسلمين، إذ لا وصول إلا بشيخ التربية، وما علموا على تسليم بقاء مضمون تلك المقالة نسخاً إلى زماننا هاهنا، لأنه لا فرق في التوصل إلى الله بين شيخ التربية وشيخ الهمة .وله رضي الله عنه أوراد وأحزاب وأذكار وسبع زوايا، الأولى التي بها ضريحه، والثانية بمراكش، والثالثة برباط الفتح، والرابعة بمكناسة الزيتون، والخامسة بتطوان، والسادسة بالتسول، والسابعة بفاس الإدريسية، فزاوية مكناس يقرأ فيها أصحابه وظيفة الشيخ زروق، وزاوية فاس يقرؤون فيها أوراد سيدي رضوان الجنوى، ومن أوراده الحزب الكبير، والمسبعات ووظيفة المغرب عنده أولها حزب الفلاح للشيخ الجزولي، ثم سيد الاستغفار، ثم ذكر الشيخ عبد القادر الجيلاني، ثم صلاة حضرة الأسرار، ثم الصلاة المشيشية، ثم الفاتحة مرتين، إلى غير ذلك، ووظيفة الصبح حزب الفلاح أيضاً، ثم المسبعات العشر، ثم الحزب الكبير، وغير ذلك .ومن كراماته رضي الله عنه ما أخبر به سيدي منصور بن عبد الرحمن الدرعي قال: قدمت لزيارة الشيخ مع جماعة من أهل مراكش وكان بعضهم يريد تعجيز الشيخ بصبي كان معهم يده مشلولة ملتصقة بذراعه، فلما وصلنا إليه وجلسنا بين يديه قالوا يا سيدي إن لنا صبياً مشلولة يده، وأبى الله أن يبرئه، فأخذ الشيخ بيد الصبي فأدخلها تحت ردائه ودعا الله تعالى ومسح عليها إلى أن أخرج الصبي يده من تحت ردائه وليس بها داء، وأمر الصبي أن يطعم الناس باليد التي كانت مشلولة، ومنها أن الفاضل سيدي الحاج أحمد المراكشي صنع طعاماً قليلاً، وكان لحق بالشيخ نحو سبعة آلاف، فدعا الله تبارك وتعالى بالبركة فكفاهم، ومنها أنه سأله مرة هل عندك ما يأكلون ؟فقال بقي سبعة وعشرون خبزة، فأتاه بها مع مقدار اثني عشر رطلاً من العسل، فكفى ذلك كل من حضر. ومنها أن العلامة اليوسي مر بقبيلته فنزل إلى الشيخ ومعه العالم العلامة سيدي علي المراكشي رضي الله عنه وهما متوجهان لوادي درعة بقصد زيارة فريد عصره وقطب زمانه العالم العامل، سيدي محمد بن ناصر رضي الله عنه، فقال سيدي علي المراكشي لسيدي الحسن اليوسي لابد لنا من زيارة هذا الرجل، يعني الشيخ، فقال له أن له قوة لا طاقة لنا بها، فجد بنا السير، ثم أجابه بعد أن أمره بإمساك لسانه، فلما وصلنا إليه جلسنا بين يديه، فتكلم سيدي علي المراكشي مع الشيخ في مسائل، فأجابه الشيخ عنها وسيدي الحسن اليوسي يشير لصاحبه أن اسكت، فأبى، ثم بعد ذلك قال له: يا سيدي إنا لنرى بعض الناس يقولون بهم حال، وما أدركنا ذلك، فأردت أن تكشف لي عن ذلك حتى أراه، فقال له الشيخ يا سيدي علي لا تطيق ذلك، فقال لابد يا سيدي من ذلك، فأعاد عليه الشيخ ذلك مراراً فأبى، فقال له الشيخ ادن مني، فدنا منه فكلمه في إذنه شيئاً خفيفاً، فما أزال فمه من أذنيه حتى أخذه حال لم يملك معها نفسه، ولا يعقل ما يفعل، حتى رمى بثيابه وعمامته، وجعل الشيخ سيدي الحسن يتشفع للشيخ رضي الله عنه ويطلب منه أن يرد عليه حاله، فقبل منه، وقال رضي الله عنه أيتوني به، فأتوه به فتكلم له في أذنه كالأولى فسكن حاله .ومنها أن رجلاً من الفقراء من أصحاب الشيخ رضي الله عنه كان بمراكش، وكان يوماً جالساً مع الفقراء هناك، وحضر هناك مشمش في غير إبانه، فأخذ منه واحدة واستحسنها، وقال تمنيت هذه المشمشة لأخينا سيدي فلان من فقراء مكناسة الزيتون، فقال له أحد من الفقراء الحاضرين ارمها له، قال فرمى بها، وقال لها سيري ببركة الشيخ، قال فمشت المشمشة في الهواء ولم تنزل، فقيدوا ذلك اليوم والوقت، وكان ذلك الفقير خارجاً من باب المدرسة العنانية من مكناس، فإذا بالمشمشة درجت بين رجليه في غير وقتها، قال فرفعها، وبقي متعجباً من ذلك ثم قيد ذلك اليوم والوقت وبقي إلى أن أراد الله باجتماعهم بعد ذلك، فسأل الرامي المرمي له بها عنها فأخبره بوصولها ونظروا إلى التاريخ فوجدوه في يوم واحد في وقت واحد بعينه، فهذا كله من بركته .ومن كلامه رضي الله عنه: إذا أراد الله صلاح الزمان غلب الصالحون الطالحين، وإذا أراد الله فساد الزمان غلب الطالحون الصالحين .وكراماته رضي الله عنه لا تعد ولا تحصى .وله تلاميذ عديدون، فمنهم أخوه العالم سيدي عبد الرحمن دفين سيدي أبي نافع من فاس الجديد، وأخوه الفقيه سيدي منصور بن عبد الرحمن، والعلامة سيدي محمد بن العالم سيدي محمد الرباطي العكاري، وأخوه العلامة سيدي الحسن، والعلامة سيدي محمد بن عبد الله الدادسي، والعلامة سيدي أحمد بن يعقوب الولالي دفين مكناسة الزيتون المتوفى عام 1128، والعلامة سيدي الحسن اليوسي، والعلامة سيدي سعيد الحنصالي دفين ووزغت، والولي سيدي علي الجزولي دفين روضة ابن المرحل عن يمين الخارج من باب الجيسة، والمجذوب أحمد السفياني المدعو العجالي دفين زقاق الرمان من فاس الجديد، والولي عبد الرحمن التواتي دفين خارج باب الجيسة منها، والعلامة سيدي سعيد بن محمد البوزيدي الحسني دفين سيدي أبي زكرياء بوادي أم ربيع من تادلة عام 1098، والولي الصالح الكوكب اللائح، العارف بالله تعالى، الغوث الرباني، المكاشف الصمداني، قريب الصرخات، صاحب الفتوحات، والمغيث عند الكربات، سيدي عبد الله بن عبد الله الحوشي الرباطي المتوفى ليلة الجمعة الرابع عشر من صفر عام 1103، ودفن برباط الفتح بإزاء زاوية الشيخ التي هناك، وعليه قبة متقنة، وقد زرته حين كنت بالرباط في رجب عام 1330، والفقيه سيدي عبد الله سكلانط الرباطي دفينه عام 1134، والولي سيدي محمد بن أحمد المغزازي دفين قرب تمجت، والعالم الصالح سيدي محمد بن عبد العزيز التواتي دفين ووزغت، والولي الصالح سيدي يعقوب التواتي دفين تمجت، والعارف علي بن عبد الله الملالي الخداشي، والولي أحمد الدراوي دفين مكناسة الزيتون، والفقيه الزاهد سيدي محمد ابن أبي القاسم الحسني البوكيلي الصومعي دفين أحواز تادلة من ناحية الصومعة، والعالم العارف سيدي محمد ابن عطية السلوي الأصل الأندلسي النسب الفاسي الدار والمزار مؤلف سلسلة الأنوار دفين الحبيل من الرميلة من فاس بإزاء روضة سيدي علي الحارثي الشيظمي، ومنهم الناسك سيدي الحاج العياشي البدوي، والعلامة علي ابن علوش التطواني، والولي أحمد القسطنطيني، والفقيه سيدي يعقوب المعداني، والفاضل أحمد الفشتالي، والولي علي الملقب بالجب دفين تمجت، والولي سيدي العربي بن عبد الله الشريف الشبيهي، والفقيه محمد الخيار دفين فاس، والولي الحسن المنوني دفين مكناسة الزيتون، وهو الذي رمى له فقراء مراكش بالمشمشة منها، والفقيه العالم الأوحد سيدي عبد الوهاب ابن الأزرق المراكشي دفين ثغر أزمور رحمه الله تعالى، والعالم سيدي عبد الله الجابري دفين الصومعة، والعلامة سيدي سعيد الرجراجي دفين الصومعة، والفقيه الأجل العالم الأفضل، سيدي العربي المزوار المراكشي دفينها رحمه الله، ومنهم الفقيه العالم العلامة الزاهد سيدي منصور المراكشي وبها توفي رحمه الله تعالى وقبره بها مشهور، ومنهم الفاضل الأجل الصالح المبارك سيدي الحاج عمرو المراكشي خديم الشيخ وأمينه وملازمه، كان رحمه الله عند الشيخ أميناً على الطعام وداره معدة للضيفان الواردين رحمه الله تعالى، والفقيه الأجل العالم العلامة الأفضل قاضي الجماعة سيدي محمد بن علي المراكشي رحمه الله، ومنهم الفقيه العالم العلامة الصوفي علي المراكشي وبها توفي وقبره بها مشهور رحمه الله تعالى، والعالم الصالح محمد البوعصامي المكناسي وبها توفي، والعالم سيدي العربي الفلالي، والعلامة سيدي عبد الله بن زيان المديوني، والفقيه العالم الأستاذ المقرئ سيدي محمد بن أبي زيان وابن عمه سيدي العربي بن أبي زيان، والعالم سيدي محمد بن سليمان البوعناني دفين داخل باب الجيسة، وولده العلامة محمد دفين والده، وابنه العالم محمد العربي دفين والده وجده، والفقيه مولاي محمد العراقي دفين مطرح الجنة، والناسك مولاي عبد العزيز الطاهري، ومؤلف التحفة المرابط الخير الأرضى الناسك المحب الديّن الأبر الحجاج الشيخ سيدي أحمد العلمي، والعلامة سيدي محمد بن ناجي دفين سيدي مجبر بقرب باب السبع أحد أبواب فاس الجديد، والعلامة سيدي أحمد بن محمد الأنصاري، وسيدي محمد المريني، وغيرهم ممن لا يحصى ولا يعد، فقد بلغت تلاميذه نحو ثمانين ألفاً .ومن كراماته رضي الله عنه أنه لما حضرته الوفاة أوصى بحمله إلى تمجت، وكان بموضع يقال كنين، فحملوه لوادي أم الربيع بقرب سيدي زكرياء، فلما حملوه على بغلته انطلقت به مسرعة حتى لا يكاد يدركها أحد إلى أن بلغت منزله، فوقفت .توفي رحمه الله بين السحر والفجر ليلة إحدى عشرة خلت من ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وألف عن ثلاث وسبعين سنة، فدفن بمنزله بتمجت من تادلة، وقبره بها مشهور، وهو مزار للواردين، وقد مدحه جماعة من أصحابه علماء وعامة، منهم العلامة سيدي محمد العكاري وسيدي محمد بن عبد الله الدادسي، وأحمد الحلبي، مطلعها:

    عرج بتادلة الهضاب الورد ........ وأنخ مطايا العزم عند الفدفد

    وصنوه أحمد، وعلي علوش، والفقيه الأديب محمد بن الفقيه برادة، ومؤلف تحفة الزمان المتقدم، وأحمد بن محمد ابن عطية، والأديب البليغ أحمد بن محمد بن علي عمور، وذكر فيها أوصافه الجميلة ومولده ووفاته، مطلعها:

    أبو حسن محل المكرمات ........ همام في الحياة وفي الممات

    إلى أن قال:

    سقى الباري ثراه ، الأتراه ........ محل الخير محفوظ الجهات

    تزايد وهو في خير وبر ........ وقد أخفيت تاريخ الوفاة

    جليل عاش محمود المزايا ........ وما أدراك من شيخ النحاة

    ومن كلام الشيخ المترجم رحمه الله: لو يعلم الزائر ما في الزيارة لجعل الزائر عمره كله زيارة ما لم يطلب الدنيا !وقد ذكر المترجم غير واحد من أهل (الاعتناء)، منهم تلميذاه أحمد الولالي في مباحث الأنوار، وأحمد العلمي في تحفة الزمان، والفاضل البارع المطلع الشريف سيدي محمد بن علي بن محمد بن علي بن أحمد بن محمد الحسني المنالي الزبادي الفاسي مؤلف سلوك الطريق الوارية، في الشيخ والمريد والزاوية، وقد ترجم فيه أيضاً لسيدي علي بن عبد الرحمان وهو صنو سيدي عبد المجيد المنالي صاحب الرحلة، ألف في مناقبه دوحة البستان ونزهة الإخوان في مناقب الشيخ سيدي علي بن عبد الرحمان، وقد شرع في جمعه من التقاييد يوم الجمعة أول صفر الخير عام 1179 وهو في تسعة أبواب، الأول في التعريف به وبمولده وصفته، والثاني في ابتداء أمره وسيرته وآدابه وأحواله، والثالث في طريقته وعمن أخذها من المشايخ ومن لقي منهم، والرابع في بعض كلامه وأجوبته ورسائله وأدعيته، والخامس في ذكر زواياه وما اشتملت عليه طريقته من أوراده وأحزابه وأذكاره، وما فيها من الأسماء والدعوات والحضرات وحلق الذكر وفضائل وذلك، والسادس في ذكر كراماته ومكاشفاته نوماً ويقظةً في حياته وبعد مماته، والسابع فيمن أخذ عنه وانتفع على يده من العلماء وغيرهم، والثامن في وفاته ومدة حياته وعلى كم توفي من المريدين، والتاسع فيما قيل فيه من الشعر منظوماً وملحوناً في حياته وبعد مماته، وختمه بخاتمة الخير والسعادة، من الكتاب والسنة مستفادة، للذين أحسنوا الحسنى وزيادة، وما ذكرته في ترجمته قد لخصته من هذا الكتاب، وعرف به أيضاً في تأليفه سلوك الطريق الوارية عند ذكر الطائفة الثانية من الطوائف الإحدى عشرة التي ذكرها في الكتاب، الأولى الطائفة العيساوية، والثانية طائفة سيدي علي بن عبد الرحمان المترجم، والثالثة التهامية الوزانية، والرابعة أصحاب سيدي محمد ابن الفقيه، والخامسة أصحاب سيدي أحمد السوسي دفين مراكش، والسادسة أصحاب سيدي محمد الحفني المصري، والسابعة أصحاب سيدي الحسن السفياني دفين فاس، والثامنة أصحاب سيدي أحمد بن عبد الصادق الفيلالي، والتاسعة أصحاب سيدي علي ابن حمدوش دفين جبل زرهون، والعاشرة أصحاب سيدي أبي القاسم الغازي، والحادية عشر أصحاب سيدي أحمد بن ناصر .وممن ترجمه أيضاً الحضيكي في طبقاته قال: وله كرامات، كان ولد ابن شقرون المراكشي أشل اليد معوجها لا يحركها من لدن ولد، فحمل إلى الشيخ فأخذ يد الصبي تلك وأدخلها تحت ثيابه فأخرجها وقد زال شللها واستقام اعوجاجها، والناس ينظرون وصاحوا بالتكبير، فاعتراهم حال عظيم لما رأوا، والحكاية فاشية، انتهى المقصود، وقد تقدمت بإبهام من وقعت له .وذكر في نشر المثاني في ترجمة المترجم سطرين: وجعل وفاته عام 1092 قال فيمن توفي لدى عام اثنين وتسعين وألف، ومنهم علي بن عبد الرحمان الدراوي نزيل تادلة ودفينها، وعليه بها مزارة، ذكره سيدي أحمد بن يعقوب في مباحث الأنوار، ونسب له مسائل عظيمة .وممن أطال في ترجمته وأطاب صاحب الصفوة، قال في صحيفة: ومنهم الشيخ الكامل، صاحب الأحوال الخارقة، والفراسة الصادقة، آخر من أظهر الله على يده خرق العوائد، وشنف الأسماع من كلام الصوفية فجرى بجواهر الفوائد، الإمام علي بن عبد الرحمان بن أحمد بن يعقوب بن صالح الدرعي وبيته بيت صلاح وخير من قديم، ولد رحمه الله سنة ثماني عشرة وألف بدرعة، ونشأ بها وقرأ القرآن بها ثم قذف الله في قلبه محبة الصالحين، ثم جعل يطوف في البلاد لزيارتهم أحياء وأمواتاً، فزار ضريح الشيخ سيد أحمد بن موسى السملالي بأقصى سوس، فلقي هناك الولي الصالح، العالم العلامة، سيدي محمد السوداني، فلازمه واغتبط بملاقاته، وقرأ عليه ما تيسر من العلوم، وخدم عليه وأنفق على أولاده وبقي معه مدة على تلك الحال، وظهر معه خير كثير، فنمى خبره إلى بعض أولاد أمير سوس وهو علي بن محمد بن الولي الصالح سيدي أحمد بن موسى السملالي، فبعث من ورائه، وقال له أطلب منك أن تكون على خزائني، وألقي إليك بذخائري، فإن الناس ذكروا لي عنك أنك ثقة مأمون، فاعتذر له بأنه لا طاقة له على حمل ذلك لضعفه واشتغال باله بما هو بصدده، فألح عليه، فلما رأى إلحاحه عليه وافقه وجلس معه مدة ألقى إليه فيها بزمامه، وأسند إليه النظر في أمور خزائنه، وهو في كل ذلك كاره لتلك المعاشرة متحرج من تلك الخلطة، فإن الغالب على ما يتناولونه من طعام وغيره أنه لا يسلم من الشبه، قال فلم أزل معه إذا أتي له بتمر أدخله للمخازن، وإذا احتيج إلى شيء دفعته لهم على قانون معلوم، إلى أن وقف عليه جدي رحمه الله في النوم وقال له دع عنك ولدي علي بن عبد الرحمن فلا حاجة له في خزينك وإن لم تترك سبيله أخذك الله أخذاً وبيلاً، فلما أصبح الرجل بعث له وقال له إنا أحببناك لثقتك وصلاحك، ولكن جدك أتاني البارحة في منامي وقال لي اترك سبيل ولدي، فانصرف حيث شئت، فخرجت من تلك البلدة ناوياً زيارة الولي الصالح أبي يعزى، ومعي ثلاثة من الطلبة، فلما بلغت ضريح أبي يعزى بينما أنا مسند ظهري إلى ضريحه وأنا بين النائم واليقظان إذا بأبي يعزى خرج من قبره وناداني وقربني إليه ونحن على واد والناس حوله، ثم ناولني تمراً وقال لي فرقه على الناس، فقلت له إن هذا التمر قليل لا يكفي الناس، فقال لي افعل ما أمرتك به، وسترى في التمر بركة، فجعلت أفرقه على أولئك الناس وأعطي لكل واحد ما تيسر حتى أتيت على الجميع، وأخذوا من عند آخرهم، وبقيت عندي فضلة، فقلت له يا سيدي قد بقيت بقية، فقال لي ذلك نصيبك في وسط الناس، ثم دفع لي قطيفة كبيرة وأمرني بالانصراف، فانصرفت إلى الزاوية البكرية، وجلست فيها ما شاء الله إلى أن استأجرني أهل موضع يقال له أكرض فأقمت عندهم مدة أقرئ الطلبة وأعلم الصبيان وأصلي بالناس، إلى أن سمعت خبر الشيخ سيدي محمد بن محمد بووزغت وتحدث الناس بأنه من الأولياء الأكابر، فأعملت على التوجه إلى زيارته، فلما بلغته وجلست أمامه كاشفني بتلك الرؤيا وما وقع لي فيها مع سيدي أبي يعزى، ثم قال لي هل أعطاك سيدي أبو يعزى شيئاً ؟فقلت له أعطاني كثر الله خيره، فقال جزاه الله عنا خيراً، ثم قلت في نفسي والله لا أخذت الطريق عن هذا الشيخ حتى أرى النبي صلى الله عليه وسلم، فكاشفني الشيخ وقال لي أتحب أن ترى النبي صلى الله عليه وسلم ؟قلت نعم، فانصرف رحمه الله لداره، فأخذتني سنة فرأيته قد أقبل، فقبض يدي وانصرف بي إلى روضة خضراء، وعليه حلة خضراء، فلما جئنا باب الروضة فتح الباب للشيخ فدخل وتركني واقفاً بالباب، وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم في تلك الروضة، فقال له الشيخ يا رسول الله: رجل من أصحابي طلب رؤيتك، فقال جئ به إلينا، فرجع الشيخ فدخلت معه فلما رأيت وجه المصطفى صلى الله عليه وسلم غشاني النور فسترني صلى الله عليه وسلم بردائه وقال لي هكذا تعيش وهكذا تموت وهكذا تبعث يوم القيامة، فانتبهت فرحاً ومسروراً .وذكر في الإعلام أن صاحب الترجمة لما توجه تلقاء شيخه المذكور أول مرة قال الشيخ لأصحابه: اليوم يقدم عليكم فارس من فرسان أهل الله، ولم يزل في خدمة الشيخ إلى أن توفي، فتصدر لتربية المريدين، ورفع الراية للزائرين، وكان رحمه الله تابعاً للكتاب والسنة، حافظاً للحرمة، تاركاً للهوى والبدع، ومن محافظته على السنة أنه لا يجلس إلا للقبلة ولا ينام إلا لها، ويأمر بذلك، ولا يمد رجله إذا جلس في مجلس قط، وكان كثير الطعام لكل من يرد عليه ولو كانوا ألوفاً، وقد بات عنده ليلة سبعة عشر ألفاً، وكان يكسو المحتاجين من المساكين اليتامى، وعنده دار منفردة لليتامى والأرامل، موقراً للشرفاء والعلماء وحملة القرآن، معظماً لجانبهم، وفي زاويته منهم عدد كبير يقوم بمؤونتهم، وأعطى الله له القبول في الأرض والشهرة في البلاد، فكانت الأركاب تفد عليه من كل جهة، وأقبل الناس لزيارته من كل ناحية، وظهرت له كرامات، منها قضية ولد ابن شقرون المراكشي، فإنه حمل إليه وكان أشل اليد معوجاً لا يقدر على البطش بها، بل ولا على تحريكها، ونشأ بها كذلك من لدن ولد، فأخذ الشيخ يد الصبي فأدخلها تحت ثيابه والناس ينظرون، ثم أخرجها وقد استقام اعوجاجها وزال شللها، وعادت أحسن من اليد الصحيحة، فصاح الناس بالتكبير، واعتراهم حال عظيم بما رأوا من تلك الكرامة الربانية، وهذه حكاية صحيحة بلغت عندنا مبلغ التواتر، وشكا له بعض أصحابه أنه يخاف من اللصوص في الطريق، فكتب له ما نصه: أما بعد الخوف من العبد يؤدي إلى الشك في الله، والشك في الله كفر والعياذ بالله، وإياك والخوف، بل حسن الظن بربك وكن واثقاً به واعتمد عليه، ولا يضرك شيء إلا بإذنه، فلا فاعل إلا الله، اللهم احفظه، اللهم احفظه، اللهم احفظه، انتهى، فكان ذلك الرجل بعدها يمشي في الطريق وحده ليلاً ونهاراً ولا يضره شيء من بركة دعائه .وقال الشيخ الفقيه أحمد بن يعقوب فيما وجد بخطه: حضرت مع صاحب الترجمة يوماً ففاض عليه الوجد مع سعته وشدة ثباته، فقال صلوا الصلوات الخمس وسترون غداً يوم القيامة عناية الرجال.

    لطيفة

    قال الشيخ أحمد المذكور: وأخبرني الشيخ رضي الله عنه يوماً ببعض حاله، فقال إني يعتريني حال يكاد قلبي ينصدع منه، وتضمحل ذاتي لشدة ما أجد، فألهمني الله دواء لتبريده، فقلت له يا سيدي وما هو ذلك الدواء ؟فقال لي ذكر الدنيا، قال أحمد بن يعقوب: فكنت إذا سمعته يتكلم في شيء من أمور الدنيا أولته على ذلك، وحينئذ فيكون ذكر الدنيا في حق الشيخ ومن كان على شاكلته عبادة، وكان الغالب على صاحب الترجمة البسط، وذلك من دلائل مقام الشهود، لقول بعض العارفين، ليس مع الشهود التام قبض، وكان كثيراً ما يوصي أصحابه بالشجاعة التي هي خير العزائم، فإذا سئل عن معناها قال الشجاع هو المحب، وكان يقول لأصحابه: ليغرس كل واحد منكم في داره شجرة اسمها أقبح تنظرون إليها كل صباح، فسئل عنها فقال ليست هي حسية وإنما هي معنوية، معناها المؤمنون كلهم أفضل مني لقوله عليه السلام نية المؤمن أفضل من عمله، وكان لا يواجه أحداً بما يكره، لكنه يلقي الكلام مجملاً، فيأخذ كل من الحاضرين جواب مسألته، وربما يجيء الرجل وفي خاطره أن يسأله عن شيء، فيفاتحه الشيخ بالكلام على ما في خاطره قبل أن يسأله، وقع له ذلك مع غير واحد، وكان يقول من جملة دعائه للزائرين: رزقكم على الله عز الدنيا والآخرة، وفرح الدنيا والآخرة، وغنى الدنيا والآخرة، وإذا فرغ من الدعاء والموعظة يقول ثبت الله الإيمان وصحح اليقين، وكراماته رحمه الله أكثر من أن تحصى، وقد ألف بعض أصحابه تأليفاً في مناقبه سماه (تحفة الزمان، في مناقب سيدي علي بن عبد الرحمن) .أخذ رحمه الطريقة عن شيخه المذكور وهو عمدته، ولقي في ابتداء أمره في زمن الصبا الشيخ سيدي عبد الله بن حسين فأعطاه رمانتين أو ثلاثاً فأكلهن، ثم بعد ذلك وقف عليه الخضر عليه السلام فأطلعه على أسراره، منها أن من أكل الرمان كان من جملة إمداده! ثم رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقسم بحر المداد، فولاه الحظ الوافر، وأخذ أيضاً عن سيدي الصغير ابن النيار، وكان شيخه يصرفه إليه مراراً، ولقي سيدي محمد السوداني وسيدي عبد العزيز بن موسى وسيدي عبد القادر ابن المارستان وغيرهم، وكان يقول من عرف أربعمائة من الأولياء لم يعرف شيئاً، فقيل له وكيف يفعل ؟قال يقطع عمره كله في معرفة أهل الله، وقد امتحن صاحب الترجمة من أمراء الوقت تخوفوا منه لما رأوا من اجتماع الناس عليه ونهبت زاويته مراراً، وأمر السلطان الرشيد بحمله إليه مسخوطاً وهو إذ ذاك بحاضرة مراكش، فقال الشيخ لأصحابه: والله لا رأيته ولا رآني إلى يوم القيامة، فلما بلغ الشيخ مراكش أمر السلطان بإنزاله بموضع، وكان حنقاً عليه، وما مرت أيام حتى قتل السلطان وأنجاه الله مما كان يتخوف، وصدق الشيخ فيما قال .توفي صاحب الترجمة في الحادي والعشرين من ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وألف، ودفن بموضع يقال له تمجت بجبل بني عطا من أحواز تادلة .ومن أصحاب سيدي علي بن عبد الرحمن العلامة المفتي سيدي علي بن محمد قصارة المترجم في السلوة المتوفى بفاس عام 1185 خمس وثمانين ومائة وألف، وهو جد محشي شرح السلم.

    علي بن إبراهيم المراكشي

    القائد الأندلسي، كان طبيباً ماهراً له منظومة في الفواكه الصيفية والخريفية نظمها للوليد بن زيدان السعدي المتوفى سنة 1045، وهو والد الطبيبين عبد الملك المترجم في (الإعلام بمن غبر)، وإبراهيم طبيب المولى إسماعيل متقدم الذكر، وأول المنظومة المذكورة :

    الحمد لله على النعماء ........ والشكر في الصباح والمساء

    سبحانه من على البرية ........ في كل صيف نعمة طرية

    كثيرة تأتي على ألوان ........ من منة الله على الإنسان

    وهي طويلة في أنواع الخضر والفواكه وخواصها .وله منظومة أخرى أولها:

    الحمد لله الذي ما من أذى ........ يلحقه ولا احتياج لغذا

    الصمد للفرد الذي لا يطعم ........ وعمت العالم منه النعم

    ألهمنا بالعقل طرق المنفعة ........ وكرام النوع به ورفعه

    به اهتدينا عند كل شكل ........ في كل نافع وكل عمل

    وهي في خواص العشب أولاً ثم الأمراض ثانياً، ورتب العشب على كل (حروف) المعجم في نحو عشرة كراريس، وقال أيضاً:

    الحمد لله على النعماء ........ والشكر في الصباح والمساء

    في طبائع الفواكه، ثم يقول:

    والنصر للخليفة المختار ........ وآله الأفاضل الأخيار

    أعزه إلهنا المجيد ........ الملك المعظم الوليد

    أدمه منصوراً على العباد ........ يا ربنا في جملة البلاد

    وتقدم ذكر طبيب المنصور محمد الطبيب في ترجمة محمد بن علي الهوزالي .ولعل المترجم هو صاحب الضريح بالجزولي المكتوب فيه: علي بن إبراهيم المتوفى عام 996 أخذ عن شيخه سيدي عمر الهلالي وسيدي شقرون وتقدم ذكر سيدي أحمد شقرون الأندلسي المتوفى في حدود سنة 1028 وتقدم ذكر سيدي محمد شقرون الوجد يجي التلمساني المتوفى سنة 983 وأظن أن الثاني هو المراد بشيخه حيث تقدمت وفاته عنه بنحو ثلاثة عشرة عاماً، ولعل المترجم نظم تلك المنظومة للوليد بن زيدان وهو صغير في أبان القراءة على أشياخه، إذ هو لم يلِ السلطنة إلا في سنة 1040 كما سيأتي في ترجمته في حرف الواو.

    علي الشريف بن محمد العلوي

    علي الشريف بن محمد ( فتحاً ) بن علي بن يوسف بن مولانا علي الشريف السجلماسي الحسني دفين مراكش ، الولي الصالح ، والقطب اللائح الواضح ، نفعنا الله به ، ذو الحرم الكبير الشهير ، أحد أولياء مراكش المشهورين ، بها توفى في سجن أحمد الذهبي السعدي من جملة أبناء عمه ، وكانوا أربعين ، وجلهم ماتوا بالسجن ومدفونون بقبته الشهيرة به ، وكانوا لا يأكلون ما يأتيهم من جهة السلطان المذكور ولا من عند غيره ، وإنما يأكلون من عمل أيديهم كنسخ الكتب وتوظيف الخوص وغير ذلك تورعاً ، ومما يأتيهم من بلادهم إلى أن انقرضت الدولة السعدية وخرجوا لأنفسهم بدون مسرح .وقال مولاي الزكي : وكلهم أئمة إعلام يقتدى بهم في كل شيء ، وقد بنى عليهم السلطان سيدي محمد بن عبد الله قبة عظيمة ومزارة كبيرة ، تقصد للزيارة بكرة وعشياً بإزاء ضريح القاضي عياض ، ونسبهم مرقوم في أبيات في حائط قبته ، فليستحضره الزائر .كان إماماً عالماً ورعاً زاهداً ، سماه باسم أبيه وجده مولاي علي الشريف ، فعادت عليه بركاته ، وسعدت حركاته وسكناته ، وبقي عليه لقبه للأب دون غيره من الأولاد .وفي ( الظل الوريف ، في مفاخر مولانا إسماعيل الشريف ) عند ذكر المترجم : وتوفي بمراكش وبنى عليه حفيده أمير المؤمنين مولانا الرشيد قبة تلقاء ضريح القاضي أبي الفضل عياض رضي الله عنه ، وذكر بعض العلماء أن رجلاً من الأولياء من أهل المشرق قدم مراكش ، فتحدث

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1