Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

الروض المعطار في خبر الأقطار
الروض المعطار في خبر الأقطار
الروض المعطار في خبر الأقطار
Ebook692 pages5 hours

الروض المعطار في خبر الأقطار

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

الرَّوْضُ المِعْطَارُ فِي خَبَرِ الأَقْطَارِ هو كتاب من تأليف عالم البلدان محمد بن عبد المنعم الحميري. ثمة خلاف يسير في اسمه بين تنكير كلمة «روض» أو تعريفها، وكذلك بين (خبر الأقطار) أو (أخبار الأقطار) أو (ذكر الأقطار) وتتفق المخطوطات التي اعتمدها إحسان عباس وليفي بروفنسال على أنه «الروض المعطار في خبر الأقطار». ولقد حرص الحميري على أن يجعل من كتابه معجماً جغرافياً تاريخياً قاصراً اهتمامه، غالباً على الأماكن المشهورة التي تتصل بها قصة أو حكمة طريفة وصولاً إلى الخبر العجيب أحياناً.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJun 18, 1902
ISBN9786484923097
الروض المعطار في خبر الأقطار

Related to الروض المعطار في خبر الأقطار

Related ebooks

Reviews for الروض المعطار في خبر الأقطار

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    الروض المعطار في خبر الأقطار - ابن عبد المنعم الحميري

    الغلاف

    الروض المعطار في خبر الأقطار

    الجزء 1

    ابن عَبْد المُنْعِم الحميري

    900

    لرَّوْضُ المِعْطَارُ فِي خَبَرِ الأَقْطَارِ هو كتاب من تأليف عالم البلدان محمد بن عبد المنعم الحميري ثمة خلاف يسير في اسمه بين تنكير كلمة «روض» أو تعريفها، وكذلك بين (خبر الأقطار) أو (أخبار الأقطار) أو (ذكر الأقطار) وتتفق المخطوطات التي اعتمدها إحسان عباس وليفي بروفنسال على أنه «الروض المعطار في خبر الأقطار». ولقد حرص الحميري على أن يجعل من كتابه معجماً جغرافياً تاريخياً قاصراً اهتمامه، غالباً على الأماكن المشهورة التي تتصل بها قصة أو حكمة طريفة وصولاً إلى الخبر العجيب أحياناً.

    حرف الهمزة

    آمد :

    مدينة من كور الجزيرة من أعمال الموصل والجزيرة ما بين دجلة والموصل، وآمدبمقربة من ميافارقين فتحها عياض بن غنم بعد قتال على مثل صلح الرها، فإنه لما أتىالرها خرج إليه أهلها فقاتلوه فهزمهم المسلمون حتى ألجأوهم إلى المدينة فطلبوا الأمان والصلح، فأجابهم عياض إليه وكتب لهم: 'بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب من عياض بن غنم لأسقف الرها إنكم إن فتحتم لي باب المدينة على أن تؤدوا لي عن كل رجل منكم ديناراً أو مد قمح فأنتم آمنون على أنفسكم وأموالكم ومن تبعكم، عليكم ارشاد الضال وإصلاح الجسور والطرق ونصيحة المسلمين شهد الله وكفى بالله شهيداً'. فعلى مثل هذا الصلح صالح أهل آمد وأهل ميافارقين وكفر توثا بعد قتال أيضاً على مثل صلح الرها .ومدينة آمد كبيرة حصينة على جبل في غربي دجلة وهي كثيرة الشجر والجبل عليها مطل نحو مائة قامة وعليها سور بحجارة الأرحى السود، ولها داخل سورها مياه جارية ومطاحن على عيون تطرد وأشجار وبساتين، وبينها وبين ميافارقين مرحلتان، ولها أربعة أبواب: باب التل وباب الماء وباب الجبل وباب الروم، وفي شمالها سوران، وفي قبليها برج كبير يسمى برج الزينة، وعلى باب الروم برجان، وقصبة السلطان في شرقها. والمدينة مستعلية على شرف، وهي أكبر من ميافارقين، وداخل آمد عين ثرة. وتأتيها دجلة من شمالها وتخرج من شرقيها، وبساتينها غرباً وقبلة عنها إلى دجلة، وفي صحن جامعها أوتاد حديد قائمة معترضة من بلاط إلى بلاط ارتفاع الظاهر منها فوق الأرض ذراعان قد عقد بها كلها سلسلتان من حديد يذكر أهلها أن السرج كانت تقد عليها في سالف الأزمان .ومن العجائب جبل بآمد فيه صدع فمن انتضى سيفه وأولجه فيه وهو قابض عليه اضطرب السيف في يده وارتعد هو ولو كان أشد الناس وأعجوبة أخرى أنه من حد بذلك الجبل سكيناً أو سيفاً وحمله على الابر والمسال جذبها أكبر من جذب المغنيطس، والحجر نفسه لا يجذب الحديد ولو بقي يحد عليه مائة عام لكانت تلك القوة فيه قائمة، وهو أقوى من حجر المغنيطس لأن الثوم يذهب قوة المغنيطس، وهذا مثل الذي بحوز مورور من الأندلس من أعمال قرطبة، وأخبر من حد به سيفاً في الحجر مكانه من الجبل وقد تقادم عهده فوجده يجذب من تحت غمده وتعلق الابر بالغمد، وذكر صاحب هذا السيف أنه قد صقله مراراً فما زالت تلك القوة فيه .ومن آمد إلى ميافارقين خمسة فراسخ. وفي سنة ست وثمانين ومائتين نزل المعتضد أمير المؤمنين خليفة بغداد على آمد بعد وفاة أحمد بن عيسى بن الشيخ وقد تحصن بها ولده محمد بن أحمد بن عيسى، فبث جيوشه حولها وحاصرها، فحدث شعلة بن شهاب اليشكري قال: وجهني المعتضد إلى محمد بن أحمد بن عيسى بن الشيخ لأخذ الحجة عليه، قال: فلما صرت إليه واتصل الخبر بأم الشريف أرسلت إلي فقالت: يا ابن شهاب، كيف خلفت أمير المؤمنين ؟فقلت: خلفته والله ملكاً جزلاً وحكماً عدلاً أماراً بالمعروف فعالاً للخير متعززاً على الباطل متذللاً للحق لا تأخذه في الله لومة لائم، قال: فقالت لي: هو والله أهل ذاك ومستحقه ومستوجبه، وكيف لا يكون كذلك وهو ظل الله الممدود على بلاده، والخليفة المؤتمن على عباده، أعز به دينه وأحيا به سنته وثبت به شريعته، ثم قالت لي: وكيف رأيت صاحبنا، تعني ابن أخيها محمد بن أحمد، قال فقلت: رأيت غلاماً حدثاً معجباً قد استحوذ عليه السفهاء فاستمد بآرائهم ونصت لأقوالهم يزخرفون له الكلام ويوردونه الندم، فقالت لي: فهل لك أن ترجع إليه بكتاب فلعلنا أن نحل ما عقد السفهاء، قال قلت: أجل، فكتبت إليه كتاباً حسناً لطيفاً أجزلت فيه الموعظة وأخلصت فيه النصيحة، وكتبت في آخره هذه الأبيات:

    اقبل نصيحة أم قلبها وجع ........ عليك خوفاً وإشفاقاً وقل سددا

    واستعمل الفكر في قولي فإنك إن ........ فكرت ألفيت في قولي لك الرشدا

    ولا تثق برجال في قلوبهم ........ ضغائن تبعث الشنآن والحسدا

    مثل النعاج خمول في بيوتهم ........ حتى إذا أمنوا ألفيتهم أسدا

    وداو داءك والأدواء ممكنة ........ وإذ طبيبك قد ألقى إليك يدا

    وأعط الخليفة ما يرضيه منك ولا ........ تمنعه مالاً ولا أهلاً ولا ولدا

    واردف أخاً يشكر ردءاً يكون له ........ ردءاً من السوء لا تشمت به أحدا

    قال: فأخذت الكتاب وصرت به إلى محمد بن أحمد، فلما نظر فيه رمى به إلي ثم قال: يا أخا يشكر ما بآراء النساء تساس الدول، ولا بعقولهن يساس الملك، ارجع إلى صاحبك، فرجعت إلى أمير المؤمنين فأخبرته الخبر على حقه وصدقه، فقال: وأين كتاب أم الشريف ؟فأظهرته، فلما عرض عليه أعجبه شعرها وعقلها ثم قال: والله إني لأرجو أن أشفعها في كثير من القوم. فلما كان من فتح آمد ما كان ونزول محمد بن أحمد على الأمان لما عمهم القتال وجه إلي أمير المؤمنين فقال: يا شعلة بن شهاب هل عندك علم من أم شريف ؟قال، قلت: لا والله يا أمير المؤمنين، قال: فامض مع هذا الخادم فإنك تجدها في جملة نسائها، قال: فمضيت، فلما بصرت بي أسفرت عن وجهها وأنشأت تقول:

    ريب الزمان وصرفه ........ وعدته كشف القناعا

    وأذل بعد العز من _ ا الصعب والبطل الشجاعا

    ولقد نصحت فما أطع _ ت وكم حرصت بأن أطاعا

    فأبى بنا المقدار إ _ لا أن نقسم أو نباعا

    يا ليت شعري هل نرى ........ يوماً لفرقتنا اجتماعا

    ثم بكت وضربت بيدها على الأخرى وقالت: يا ابن شهاب كأني والله كنت أرى ما أرى فإنا لله وإنا إليه راجعون، قال فقلت: إن أمير المؤمنين قد وجهني إليك وما ذاك إلا لحسن رأيه فيك، قال فقالت لي: فهل لك أن توصل إليه كتابي هذا بما فيه ؟قلت: نعم، فكتبت إليه بهذه الأبيات:

    قل للخليفة والإمام المرتضى ........ وابن الخلائف من قريش الأبطح

    بك أصلح الله البلاد وأهلها ........ بعد الفساد وطال ما لم تصلح

    وتزحزحت بك قبة العز التي ........ لولاك بعد الله لم تتزحزح

    وأراك ربك ما تحب فلا ترى ........ ما لا تحب فجد بعفوك واصفح

    يا بهجة الدنيا وبدر ملوكها ........ هب ظالمين ومفسدين لمصلح

    قال: فأخذت الكتاب وصرت به إلى أمير المؤمنين، فلما عرضت عليه الأبيات أعجبته، فأمر أن تحمل إليها تخوت من ثياب وجملة من المال وإلى ابن أخيها محمد بن أحمد بن عيسى مثل ذلك، وشفعها في كثير من أهلها ممن عظم جرمه واستحق العقوبة .ومن العلماء المنسوبين إلى آمد المتأخرين السيف الآمدي أبو الحسن علي بن أبي الحسن الفقيه الأصولي الناظر الحافظ مصنف 'أحكام الأحكام' و'منتهى السول' و'أبكار الأفكار' والجدل والخلافيات وغيرها من تصانيفه، وفيه يقول القائل:

    إني نصحت لأهل العلم إن قبلوا ........ وكل قابل نصح سوف ينتفع

    لا تلتقوا السيف يوماً في مناظرة ........ فكل من يلتقيه السيف ينقطع

    آزمور :

    مدينة في بلاد المغرب فيها صنف الأديب الكاتب أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن زنون الكتاب المسمى ' الفرائد التؤام والفوائد التوام في أسماء الخيل المشاهير الأعلام ' صنفه لصاحب سبتة أبي علي الحسن بن خلاص سنة تسع وثلاثين وستمائة، وهو كتاب حسن مفيد مليح في فنه، وقال في آخره: صنفه مؤلفه علي بن محمد بن علي بن زنون بمدينة آزمور .وحدث محمد بن عقيل بن عطية قال: كانت بيني وبين الأديب أبي عبد الله محمد بن حماد صحبة ومودة ثم اجتزت عليه بمقربة من آزمور مقدماً للقضاء فوجدته في حمام قد حجر، مباح الدخول فيه لسلطانه، فحاولت الدخول إليه فمنعت، فنسبت ذلك إلى سوء أدب الخدام، فانتظرته بباب الحمام، فلما خرج وصافحته أنكر مني ما ألف، وجهل من حقي ما عرف، فكتبت إليه:

    ألا أيها القاصي الذي خلت عهده ........ تحول الليالي وهو ليس يحول

    أجدك هل أيقنت أني طالب ........ جداك فلم يمكن لديك قبول

    وهل خلتني آتيك أشفع شافعاً ........ وذلك شيء ما إليه سبيل

    فلم نؤت لما أن أتيت بجانب ........ وأعرضت عني حين حان وصول

    ووالله ما أقضي للقياك حاجة ........ سوى رعي عهد والوفاء قليل

    وما كنت إلا زائر البيت ليلة ........ ويحفزني من بعد ذاك رحيل

    ولو قلت للشعرى أترضين أن أرى ........ نزيلك قالت طاب منك نزيل

    فكيف ولم أعرض بشيء يخصني ........ ولا في طباعي أن يقال دخيل

    ولي في مناديح الرئاسة مذهب ........ أبيت على وعد بها وأقيل

    وقد كان لي لب بذكرك عامر ........ وظن على طول البعاد جميل

    فلما تلاقينا تلاشت مبرة ........ ويا ليت أني قبل ذاك عليل

    آمل :

    بضم الميم بعد المد وآخره لام، مدينة من مدن خراسان بينها وبين مرو على شط نهرجيحون ست مراحل خفاف تكون مائة ميل وأربعة وعشرين ميلاً، وبين آمل وجيحون ثلاثة أميال وهي مدينة حسنة متوسطة القدر لها بساتين وعمارات وفيها ناس وتجارات وحمامات، ومن آمل إلى مدينة خوارزم المسماة الجرجانية اثنتا عشرة مرحلة .وحكى البكري أن آمل من بلاد طبرية وأن منها محمد بن جرير الطبري الإمام ولعلها مدينة أخرى تسمى كذلك .وفي سنة ست عشرة ومائة ظفر أسد بن عبد الله وهو أخو خالد بن عبد الله القسري بخداش صاحب الدعوة فقطع يده ورجله وشخص به إلى آمل فقطع بها لسانه وسمل عينيه وصلبه، وكان خداش قد غير وبدل ورخص في أشياء لا تحل ونقش خاتماً على خاتم الإمام وأظهر كتباً مفتعلة ووجدت له كتب فيها خداش الروح وفيها سأريكم دار الفاسقين بني أمية فنيل بما نيل به، وظفر أسد بعد بجماعة من الشيعة فضرب وقطع وكسر الثنايا .قال البكري: آمل هي المدينة العظيمة المتواصفة من مدائن طبرستان وبها كان بنو الخليل وهم قوم من أشراف العجم لهم بها نعم جليلة. وكان إبراهيم ومروان ابنا الخليل يركبان عند السفر إلى الديلم في ثمانمائة من مماليكهما سوى الموالي والخول والأتباع، وإنما كانوا أصحاب ضياع لم يدخلوا في عمل السلطان قط.

    أمسيول :

    هو جبل بجاية، ويأتي ذكره عند ذكر بجاية إن شاء الله تعالى.

    أبة :

    في البلاد الإفريقية وهي على اثني عشر ميلاً من مدينة الأربس في غربيها، وكان بها من الزعفران ما يضاهي الزعفران الأندلسي كثرة وجودة. وبوسط أبة عين ماء جارية منها شرب أهلها، عذبة ماؤها غزير، وكان على أبة فيما سلف من الزمان سور مبني بالطين، وأسعارها رخيصة، وأكثرها الآن خراب.

    أبذة :

    مدينة بالأندلس بينها وبين بياسة سبعة أميال، وهي مدينة صغيرة وعلى مقربة من النهر الكبير، ولها مزارع وغلات قمح وشعير كثيرة جداً، وفي سنة تسع وستمائة مالت عليها جموع النصرانية بعد كائنة العقاب وكان أهلها قد أنفوا من إخلائها كما فعل جيرانها أهل بياسة، ولم ترفع تلك الجموع يداً عن قتالها حنى ملكتها بالسيف، وقتل فيها كثير، وأسروا كثيراً ووقع على ما كان فيها بين أجناس النصارى خصام آل إلى الشحناء والافتراق وكفى الله المسلمين بذلك شراً كثيراً، وكان بعضهم قد طلب أبذة فتنافسوا فيها ولم يأخذها أحد منهم وخربوا أسوارها.

    أبال :

    حصن بالأندلس في شمال قرطبة وعلى مرحلة منها، وهو الحصن الذي فيه معدن الزئبق، وفيه يعمل الزنجفور ومنه يتجهز بالزئبق والزنجفور إلى جميع أقطار الأرض، ويخدم هذا المعدن أزيد من ألف رجل فقوم للنزول وقطع الحجر، وقوم لنقل الحطب لحرق المعدن، وقوم لعمل أواني السبك والتصفية، وقوم لبنيان الأفران والحرق، ومن وجه الأرض إلى أسفله فيما حكي أكثر من مائة قامة.

    أبواطا :

    جزيرة في إقليم برذيل وهي بازاء موضع نهر برذيل وأبواطا يأوي إليها المجوس بمراكبهم عند ارتجاج البحر، فإذا ركدت الريح وسكن البحر وأمكنهم الفرصة دخلوا النهر فجأة فيغيرون في ضفتيه حيثما أمكنهم ثم يرجعون إليها ؛وفي هذه الجزيرة آثار بنيان ومعالم عمران، وهي كثيرة الشعراء ملتفة الأشجار بها مياه عذبة ومزارع جمة، وإذا اتصلت بهم أهوال الشتاء فامتنعوا من ركوب البحر وأصابهم الجهد عمدوا إلى نوع من الشجر يكثر بهذه الجزيرة فيقتاتون به الشهر والشهرين.

    الأبواء :

    قرية جامعة بين مكة والمدينة شرفهما الله تعالى وسطاً من المسافة، ومعنى الأبواء أخلاط من الناس، وفي واديها من نبات الطرفاء ما لا يعرف بواد أكثر منه، وهي قرية حصينة كثيرة الأهل وماؤها من الآبار، والبحر منها قريب، وبينها وبين السقيا سبعة وعشرون ميلاً، وبها ماتت آمنة بنت وهب أم النبي صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ست سنين، وكانت قدمت به صلى الله عليه وسلم المدينة على أخواله من بني عدي بن النجار تزيره إياهم فماتت وهي راجعة به صلى الله عليه وسلم إلى مكة، فكان صلى الله عليه وسلم مع جده عبد المطلب بن هاشم .قال ابن إسحاق: وخرج رسول صلى الله عليه وسلم حتى بلغ ودان وهي غزوة الأبواء يريد قريشاً وبني ضمرة وبني بكر بن عبد مناة فصالح بعضهم ثم رجع ولم يلق كيداً وذلك بعد اثني عشر شهراً من مقدمه المدينة صلى الله عليه وسلم.

    أبان :

    بفتح أوله، جبل، وهما أبانان الأبيض والأسود، فالأبيض لبني فزارة والأسود لبني والبة بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بينهما فرسخ، وإياهما عنى مهلهل بقوله يعني ابنته:

    انكحها فقدها الأراقم في ........ جنب وكان الحباء من أدم

    لو بأبانين جاء يخطبها ........ ضرج ما أنف خاطب بدم

    أبرق العزاف :

    واد بالحجاز يقال إنه لا يتوارى جنه، قال خريم بن فاتك الأسدي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: ألا أحدثك كيف كان بدء إسلامي، قال: بلى، قال رضي الله عنه: خرجت في طلب إبل لي. .. وبقية الحكاية في حرف الخاء من ابن عساكر 'خريم بن فاتك' فانظره.

    الأبطح :

    بمكة شرفها الله تعالى، وقريش فريقان: قريش البطاح وقريش الظواهر، فقريش البطاح هم الذين ينزلون بطحاء مكة وهم بنو عبد مناف وبنو عبد الدار وبنو عبد العزى وبنو عدي بن قصي بن كلاب وبنو زهرة بن كلاب وبنو تيم وبنو مخزوم وبنو سهم وبنو جمح، وقريش الظواهر الذين ينزلون حول مكة وهم بغيض بن لؤي وبنو الأدرم بن غالب ومحارب والحارث ابنا فهم، وسائر قريش الذين ليسوا من الأباطح ولا من الظواهر هم: سامة بن لؤي وخزيمة بن لؤي وبنو عوف بن لؤي، ويقال لرسول صلى الله عليه وسلم الأبطحي لأنه من ولد عبد مناف، وكان يقال لعبد المطلب سيد الأباطح. وقال أبو رافع، وكان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم: لم يأمرني أن أنزل بالأبطح ولكن ضرب قبته فنزله.

    أبهر :

    بلد ما بين قزوين وزنجان، من قزوين إليها اثنا عشر فرسخاً ومنها إلى زنجان خمسة عشر فرسخاً. قالوا: وأبهر أيضاً في أصبهان ينسب إليها أبو بكر محمد بن عبد الله بن صالح الأبهري الفقيه المالكي جمع بين القراءات وعلو الأسانيد وتفقه ببغداد وشرح مختصر ابن عبد الحكم، وانتشر عنه مذهب مالك رحمه الله في البلاد. ومولده قبل التسعين والمائتين، ومات سنة خمس وسبعين وثلثمائة.

    أبيوود :

    من مدن خراسان، فيها ولد الفضيل بن عياض الزاهد بمكة سنة سبع وثمانين ومائة، قال سفيان بن عيينة: دعانا الرشيد فدخلنا عليه ودخل الفضيل آخرنا مقنعاً رأسه بردائه، فقال: يا سفيان أيهم أمير المؤمنين ؟فقلت: هذا، فقال: أنت يا حسن الوجه الذي أمر هذه الأمة كلها في عنقك ؟لقد تقلدت أمراً عظيماً، فبكى الرشيد، ثم أتي كل رجل منا ببدرة فكل قبلها إلا الفضيل، فقال الرشيد: يا أبا علي إن لم تستحل أخذها فخذها فأعطها ذا دين وأشبع بها جائعاً واكس عارياً وفرج بها عن مكروب، فاستعفاه منها، فلما خرج قلت له: يا أبا علي أخطأت ألا أخذتها وصرفتها في أبواب البر، فأخذ بطرف لحيتي ثم قال: يا أبا محمد أنت فقيه البلد والمنظور إليه وتغلط هذا الغلط! لو طابت لأولئك لطابت لي، قال سفيان: فصغر والله إلي نفسي .ومن أهل أبيورد محمد بن أحمد الأموي أبو المظفر الأبيوردي أوحد عصره في معرفة اللغة والأنساب وغير ذلك له تصانيف كثيرة، منها 'تاريخ ابيورد ونسا' و'المختلف والمؤتلف' و'طبقات العلم في كل فن' و'ما اختلف وائتلف في أنساب العرب'، وله في اللغة مصنفات ما سبق إليها، وكان متصرفاً في فنون جمة، فصيح الكلام حاذقاً بالتصنيف وافر العقل، سئل عن أحاديث الصفات فقال: بعر وتمر، وقال في قوله صلى وسلم الله عليه 'ليس لعرق ظالم حق '، العروق أربعة: عرقان ظاهران وعرقان باطنان، فالظاهران الغرس والبناء والباطنان البئر والمعدن وله:

    تنكر لي دهري ولم يدر أنني ........ أعز وأحداث الزمان تهون

    فظل يريني الخطب كيف اعتداؤه ........ وظلت أريه الصبر كيف يكون

    وله:

    فيا ويح نفسي لا أرى الدهر منزلاً ........ لعلوة إلا ظلت العين تذرف

    ولو دام هذا الوجد لم يبق عبرة ........ ولو أنني من لجة البحر أغرف

    وله:

    بأبي ريم تعرض لي ........ عن رضا في طيه غضب

    فأراني صبح وجنته ........ بظلام الصدغ ينتقب

    فأتى بالكأس مترعة ........ كضرام النار يلتهب

    فهي شمس في يدي قمر ........ وكلا عقديهما الشهب

    ولها من ذاتها طرب ........ فلهذا يرقص الحبب

    وتوفي سنة سبع وخمسمائة بأصبهان.

    الأبلة :

    بضم الهمزة والباء واللام المشددة، مدينة بالعراق بينها وبين البصرة أربعة فراسخ ونهرها الذي في شمالها، وجانبها الآخر على غربي دجلة، وهي صغيرة المقدار حسنة الديار واسعة العمارة متصلة البساتين عامرة بالناس المياسير وهم في خصب من العيش ورفاهية .وهي في قول محمد بن سيرين القرية التي مر بها موسى والخضر عليهما السلام فاستطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما، قالوا: وهم أبخل أهل قرية وأبعدها من السخاء، ويحكى أن أهلها رغبوا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أن يثبت في المصحف: فأتوا أن يضيفوهما بالتاء المثناة بدل الباء وقالت فرقة: بل القرية انطاكية، وقيل: هي برقة، ويقال: إنها الجزيرة الخضراء بالأندلس .وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد أمر بحفر نهر الأبلة فلما ولي عثمان رضي الله عنه جعل نصف النفقة على أهل الخراج والنصف الثاني على بيت المال، فمدوه إلى البصرة. والأبلة مدينة قديمة عامرة فتحها عتبة بن غزوان في زمن عمر رضي الله عنه، ولما نزل عتبة الخريبة وبالأبلة خمسمائة من الأساورة وكانت مرفأ الصين وما دونها، خرج إليه أهل الأبلة فناهضهم عتبة، وأمر رجلين من أصحابه فقال لهما: كونا في عشرة فوارس في ظهورنا فتردان المنهزم وتمنعان من أرادنا من ورائنا، ثم التقوا فاقتتلوا مقدار جزر جزور وقسمها، ثم منحهم الله تعالى أكتافهم فولوا منهزمين حتى دخلوا المدينة، ورجع عتبة إلى عسكره فأقاموا أياماً وألقى الله عز وجل في قلوبهم الرعب، فخرجوا عن المدينة وحملوا ما خف وعبروا الفرات وخلوا المدينة، فدخلها المسلمون فأصابوا متاعاً وسلاحاً وسبياً وعيناً فاقتسموا العين، وولي نافع بن الحارث أقباض الأبلة فأخرج خمسه ثم قسم الباقي بين من أفاء الله عليه، وشهد فتح الأبلة مائتان وسبعون. قالوا: ولما خرج الناس لقتال أهل الأبلة قالوا للعدو: نعبر إليكم أو تعبرون إلينا ؟فقالوا: اعبروا إلينا، فأخذوا خشب العشر وأوثقوه وعبروا، فقال المشركون: لا نأخذ أولهم حتى يعبر آخرهم، فلما صاروا على الأرض كبروا تكبيرة ثم كبروا الثانية فقامت دوابهم على أرجلها ثم كبروا الثالثة فجعلت الدابة نضرب بصاحبها الأرض وجعلنا ننظر إلى رؤوس تندر لا نرى من يضربها، وفتح الله على أيديهم المدينة. وقال سلمة بن فلان: شهدت فتح الأبلة فوقع في سهمي قدر نحاس، فلما نظرت إذا هي ذهب فيها ثمانون ألف مثقال، وكتب في ذلك إلى عمر رضي الله عنه، فكتب أن يحلف سلمة بالله لقد أخذتها يوم أخذتها وهي عنده نحاس فإن حلف سلمت إليه، وإلا قسمت بين المسلمين، فحلفت فسلمت لي، قال: فأصول أموالنا اليوم منها. وقال خالد بن عمير: شهدت فتح الأبلة مع عتبة بن غزوان فأصبنا سفينة مملوءة جوزاً فقال رجل منا: ما هذه الحجارة ؟وكسرناها فأكلنا منها فقلنا هذا طعام طيب .وقال علي بن سعيد: كان فخر الدين علي بن الدامغاني قدمه الخليفة المستنصر على ديوان الزمام، قال: وصحبته من مدينة السلام إلى أسافل دجلة لجمع الأموال فانحدرنا إلى البصرة وحللنا بين نهر معقل ونهر الأبلة، فنصب فخر الدين هناك خيمة وتزاحم الوفود عليه من المسلمين واليهود والنصارى والصابئة والمجوس، فقلت له:

    ما بين نهر الأبله ........ وبين معقل حله

    قد حلها كل جود ........ وأمها كل مله

    بدت لديها بدور ........ دارت عليها الأهلة

    يمم ذراها لتلقى ........ بأفقها المجد كله

    فاستحسن ذلك فخر الدين، قال: وكان نزولنا في جنوبي نهر معقل وبينه وبين نهر الأبلة في الجنوب فرسخ، ويخرج من أعلى هذا النهر فيض ومن أصل النهر الآخر فيض يختلطان فيصير منهما النهر الذي يمتد مع البصرة في شرقيها، ويجمع ذلك المكان أصناف الزهر وأشتات الرياحين والنخل، فأنشد فخر الدين:

    انظر إلى نهرين قد أخرجا ........ من دجلة ما لهما من مثيل

    وإن تشا قلت أرى دارغاً ........ في كل كف منه سيف صقيل

    والنخل والأدواح قد أحدقت ........ تحكي رعيلاً قد تلاه رعيل

    ولما دخل الططر مدينة السلام أبقوه على جباية البلاد لمعرفته بها ثم قدموه للشنق سنة تسع وخمسين وستمائة لأنهم اتهموه بمواطأة صاحب مصر عليهم.

    أبطير :

    حصن بالأندلس بمقربة من بطليوس من بناء محمد بن أبي عامر، من جليل الصخر داخله عين ماء خوارة، وهو اليوم خال، وعلى مقربة منه بنحو ثلاث غلاء قبر في نشز من الأرض قد نحت في حجر وقد نضد عليه صفائح الحجارة ويعرف بقبر الشهيد ولا يعلم له وقت لقدمه، يرفع عنه بعض تلك الصفائح فيرى صحيح الجسم لم يتغير، نابت الشعر.

    أبركاوان :

    جزيرة في البحر بينها وبين سيراف مائة وخمسون فرسخاً وفيها قلاع شتى وفيها أجوان كثيرة ومستقى ومحتطب كثير، وفيها معادن الحديد، وطولها اثنا عشر فرسخاً، وبينها وبين ساحل بحر فارس فرسخان.

    ابرشهر :

    هي مدينة نيسابور، وقصدها غازياً الأحنف بن قيس من قبل ابن عامر فلقيه الهياطلة فقاتلهم فهزمهم، ثم أتى ابن عامر نيسابور فافتتح مدينة ابرشهر هذه، قيل صلحاً وقيل عنوة، وفتح ما حولها: طوس وبيورد ونسا وسرخس، ولما افتتحها ابن عامر أعطوه جاريتين من آل كسرى.

    أبيض المدائن :

    ويقال له القصر الأبيض، وهو الذي لا يدرى من بناه وهو من المدينة العتيقة من المدائن دار ملك الأكاسرة بالعراق، وهو المشار إليه في حديث النسائي عن البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: لما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحفر الخندق عرض لنا فيه حجر لا يأخذ فيه المعول فاشتكينا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقى ثوبه وأخذ المعول بيده وقال: 'بسم الله' فضرب ضربة فكسر ثلث الصخرة، قال صلى الله عليه وسلم: 'الله أكبر. أعطيت مفاتيح الشام والله إني لأنظر قصورها الحمر الآن من مكاني هذا'، قال: ثم ضرب أخرى وقال: 'بسم الله' وكسر ثلثاً آخر وقال: 'الله أكبر. أعطيت مفاتيح فارس والله إني لأنظر قصر المدائن الأبيض'، ثم ضرب ثالثة وقال: 'بسم الله' فقطع بقية الحجر وقال: 'الله أكبر. أعطيت مفاتيح اليمن والله إني لأنظر باب صنعاء'، وهذا الحديث أوضح في المعنى من حديث سلمان رضي الله عنه الذي في السير، وذلك أن المدائن على مسافة يوم من بغداد ويشتمل مجموعها على مدائن متصلة مبنية على جانبي دجلة شرقاً وغرباً، ودجلة تشق بينها ولذلك سميت المدائن: الغربية منها تسمى بهرسير، والمدينة الشرقية تسمى العتيقة، وفيها القصر الأبيض الذي لا يدرى من بناه، ويتصل بهذه المدينة العتيقة المدينة الأخرى التي كانت الملوك تنزلها، وفيها إيوان كسرى العجيب الشأن الشاهد بضخامة ملك بني ساسان، ويقال إن سابور ذا الأكتاف منهم هو الذي بناه وهو من أكابر ملوكهم وقد ذكر أبو عبادة البحتري هذا القصر الأبيض وما كان مصوراً فيه من الصخور العجيبة والتماثيل البديعة في قصيدته السينية البارعة الفريدة:

    حضرت رحلي الهموم فوج _ ت إلى أبيض المدائن عنسي

    أتسلى عن الحظوظ وآسى ........ لمحل من آل ساسان درس

    ذكرتنيهم الخطوب التوالي ........ ولقد تذكر الخطوب وتنسي

    وهم خافضون في ظل عال ........ مشرف يحسر العيون ويخسي

    حلل لم تكن كأطلال سعدى ........ في قفار من المهامه ملس

    ومساع لولا المحاباة مني ........ لم تطقها مسعاة عنس وعبس

    لو تراه علمت أن الليالي ........ جعلت فيه مأتماً بعد عرس

    وهو ينبيك عن عجائب قوم ........ لا يشاب البيان فيهم بلبس

    فإذا ما رأيت صورة انطاكي _ ة ارتعت بين روم وفرس

    والمنايا مواثل وأنوشروان يزجي الصفوف تحت الدرفس

    في اخضرار من اللباس على أخ _ ضر يختال في صبيغة ورس

    وعراك الرجال بين يديه ........ في خفوت منهم واغماض جرس

    من مشيح يهوي بعامل رمح ........ ومليح من السنان بترس

    تصف العين أنهم جد أحيا _ ء لهم بينهم إشارة خرس

    يغتلي فيهم ارتيابي حتى ........ تتقراهم يداي بلمس

    أبيار :

    بفتح أوله، قرية من كور البلاد المصرية منها أبو الحسن علي بن إسماعيل الصنهاجي الفقيه شارح 'البرهان'.

    الأبلق الفرد :

    هو حصن السموأل بن عاديا، قالوا: إذا خرجت من المدينة وأنت تريد تيماء فتنزل الصهباء ثم تنزل كذا ثم تنزل العين ثم كذا ثم تسير ثلاث ليال في الجناب ثم تترل تيماء وهي لطيء. وبتيماء حصن الأبلق الفرد الذي كان ينزله السموأل، والعرب تضرب المثل بهذا الأبلق الفرد في الحصانة والمنعة فتقول: تمرد مارد وعز الأبلق. وزعموا أنه من بنيان سليمان عليه السلام .وكان الحارث بن أبي شمر الغساني بلغه أن امرأ القيس أودع سلاحاً وكراعاً عند السموأل فبعث إليه رجلاً من أهل بيته يقال له الحارث بن مالك فلما دنا من حصنه أغلق بابه وسأله ما الذي جاء به ؟فقال له الحارث: جئتك لتدفع إلي كراع امرئ القيس، فأبى عليه، وكان للسموأل خارج الحصن ابن يقتنص يومه فلما رجع قال له الحارث: إن لم تعطني ما سألتك قتلت ابنك هذا، فقال: لا سبيل إلى ذلك فاصنع ما أنت صانع، فقتل ابنه، فضربت به العرب المثل في الوفاء وقالت: أوفى من السموأل، وفي ذلك يقول أعشى قيس:

    كن كالسموأل إذ طاف الهمام به ........ في جحفل كهزيع الليل جرار

    بالأبلق الفرد من تيماء منزله ........ حصن حصين وجار غير غدار

    خيره خطتي خسف فقال له ........ مهما تقولن فإني سامع دار

    فقال ثكل وغدر أنت بينهما ........ فاختر وما فيهما حظ لمختار

    فشك غير طويل ثم قال له ........ اقتل أسيرك إني مانع جاري

    أباغ :

    عين أباغ في طرف أرض العراق مما يلي الشام فيها أوقع الحارث الغساني وهو يدين لقيصر بالمنذر بن المنذر وبعرب العراق وهم يدينون لكسرى وقتل المنذر يومئذ. وقال الرياشي: عين أباغ بين بغداد والرقة وأنشد:

    بعين أباغ قاسمنا المنايا ........ فكان قسيمها خير القسيم

    وبعين أباغ مات صالح بن علي بن عبد الله بن العباس عم أبي جعفر المنصور وهو يريد الشام، وروي أن صالحاً هذا ظفر ببشر بن عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك فقال: انه قد كان من بلاء أبي هذا عندنا وإحسانه إلينا ما يوجب حفظه، فقال له بشر: فلينفعني هذا عند الأمير اليوم، فقال: أما قتلك فلا بد منه لكتاب أمير المؤمنين إلي بذلك وأنه لا سبيل إلى مخالفته، ولكني أقدم الذي سعى بك فأضرب عنقه بين يديك وأكافئ الذي آواك، ففعل ذاك.

    أبين :

    باليمن، قيل فيه بكسر الألف وفتحها، وهو اسم رجل في الزمن القديم إليه تنسب عدن أبين من بلاد اليمن وبينها وبين عدن اثنا عشر ميلاً. وفي كلام شق في تفسير رؤيا ربيعة بن نصر: أحلف بما بين الحرتين من إنسان لينزلن أرضكم السودان فليغلبن على كل طفلة البنان وليملكن ما بين أبين إلى نجران، إلى آخر أسجاعه.

    الأثيل :

    واد في حيز بدر طوله ثلاثة أميال، بينه وبين بدر ميلان حيث كانت الوقعة المباركة بين النبي صلى الله عليه وسلم وكفار قريش سنة اثنتين، وكانت بدر موسماً من مواسم العرب ومجمعاً من مجامعهم في الجاهلية، وبها قصور وبئار ومياه تستعذب بأرض يقال لها الأثيل ويقرب منها ينبع والصفراء والجار والجحفة، وإياها أرادت قتيلة بنت الحارث وكان رسول الله صلى وسلم الله عليه أمر بقتل أخيها النضر هنالك، فقالت:

    يا راكباً إن الأثيل مظنة ........ من صبح رابعة وأنت موفق

    أبلغ بها ميتاً بأن تحية ........ ما إن تزال بها الركائب تخفق

    مني إليك وعبرة مسفوحة ........ جادت بدرتها وأخرى تخنق

    الأبيات إلى آخرها.

    اثل :

    هي مدينة الخزر وقصبتها باب الأبواب ومنها إلى سمندر أربعة أيام في عمارة، ومن سمندر إلى اثل أربعة أيام، واثل مدينتان عامرتان من ضفتي النهر المسمى بها والملك يسكن في المدينة التي في الضفة الغربية من النهر، والتجار والسوقة وعامة الناس يسكنون المدينة التي في الضفة الشرقية، وطول مدينة اثل نحو ثلاثة أميال، ويحيط بها سور منيع، وأكثر أبنيتها قباب يتخذها الأتراك من لبود، وجلتهم يبنون بالتراب والطين، وقصر ملكها مبني بالآجر، ولا يبني أحد هناك بالآجر خوفاً من الملك. والخزر نصارى ومسلمون وفيهم عباد أوثان، ولا يغير أحد على أحد في أمر دينه، وزراعات أهل اثل على ما جاور النهر من الأرضين، فإذا زرعوا وحان الحصاد خرجوا إليه، قريباً كان أو بعيداً، فحصدوه ثم نقلوه بالمراكب في النهر، وأكثر طعامهم السمك والأرز، ونهر اثل مبدؤه من جهة المشرق من ناحية الأرض الخراب حتى يقع في بحر الخزر، ويقال إنه يتشعب منه نيف وسبعون نهراً، ويبقى عمود النهر فيجري إلى بحر الخزر، وهذه المياه المفترقة إذا اجتمعت في أعلى النهر تزيد على مياه جيحون وبلخ كثيراً كبراً وغزر مياه وسعة على وجه الأرض .ويركب هذا البحر التجار بأمتعتهم من أرض المسلمين إلى أرض الخزر وهو فيما بين الران والجبل وطبرستان وجرجان، وقد يسافر أهل اثل إلى جرجان، والخزر بلاد أمم كثيرة، ولهم بلاد ومدن منها سمندر والباب والأبواب وبلنجر وغيرها، وكل هذه البلاد بناها كسرى أنوشروان، وهي الآن قائمة عامرة.

    أجا :

    يهمز ولا يهمز، أحد جبلي طيء وهما أجأ وسلمى سميا برجل وامرأة فجرا فصلبا عليهما، أما أجأ فهو ابن عبد الحي وأما سلمى فهي سلمى بنت حام. وفي شعر امرئ القيس:

    أبت أجأ أن تسلم العام جارها

    وفي السير في غزوة تبوك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: 'لا يخرجن أحد منكم الليلة إلا ومعه صاحب له '، ففعلوا إلا رجلين من بني ساعدة خرج أحدهما لحاجته وخرج الآخر في طلب بعير له، فأما الذي ذهب لحاجته فخنق على مذهبه، وأما الذي ذهب في طلب بعيره فاحتملته الريح حتى طرحته بجبلي طيء فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: 'ألم أنهكم أن يخرج أحد منكم إلا ومعه صاحبه'، ثم دعا للذي أصيب على مذهبه فشفي، وأما الذي وقع بجبلي طيء فإن طيئاً أهدته لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة. وفي شعر ابن هانئ الأندلسي:

    سلوا طيء الأجبال أين خيامها ........ وما أجأ إلا حصان ويعبوب

    أجدابية :

    مدينة في حيز برقة وهي آخر ديار لواتة، وهي في صحصاح من حجر مستو، وكان لها فيما سلف سور ولم يبق منه الآن إلا قصران في الصحراء، والبحر منها على أربعة أميال ولا شيء حولها من النبات، وفيها يهود ومسلمون ويطيف بها خلق من البربر، وليس بها ماء جار إنما مياههم في المواجل والسواني التي يزرعون عليها الشعير وقليل الحنطة وضروباً من القطاني .وممن ينتسب إليها علي بن عبد الله بن عبد الرحمن الأجدابي أحد فقهاء القيروان الجلة، روى عن أبي الفضل محمد بن يحيى بن عباس قال: كان حي من الجن يقال لهم بنو أسد يزجرون الطير فأرادوا أن يختبروا علم بني أسد من الأنس في زجر الطير فتمثلوا ثلاثة أشخاص وأتوا إلى بني أسد من الأنس فسلموا عليهم وقالوا: إنا قوم ذهبت لنا لقاح فابعثوا معنا من يزجر الطير لعلنا نجدها، فبعثوا صبياً صغيراً منهم فما مشى إلا يسيراً إذ نظر إلى عقاب قد ضمت جناحاً وفتحت جناحاً، فرجع الصبي إلى قومه وهو يبكي ويقول للأشخاص الثلاثة: ضمت جناحاً وفتحت جناحاً، فأحلف بالله صراحاً، ما أنتم بانس ولا تبغون لقاحاً .ومن المنسوبين إلى أجدابية أيضاً أبو إسحاق الأجدابي الأديب صاحب 'الكفاية' و'شحذ القريحة' و'العروض' .وأجدابية مدينة كبيرة في الصحراء وأرضها صفا وآبارها منقورة في ذلك الصفا، طيبة الماء والهواء وبها عين ثرة غدقة وبساتين ونخل يسير، وبها جامع حسن بناه الشيعي وله صومعة مثمنة بديعة العمل، وبها حمامات وفنادق كثيرة وأسواقها حافلة مقصودة، وأهلها ذوو يسار وأكثرهم أنباط وبها نبذ من صرحاء لواتة، وليس لمبانيها سقوف خشب إنما هي أقباء من طوب لكثرة الرياح بها، كذا كانت أول الأمر ثم أتى عليها من الأمر ما قدمناه.

    أجرسيف :

    مدينة في أحواز تلمسان من أرض المغرب كبيرة لها بساتين كثيرة وهي على نهر ملوية وهو نهر كبير من الأنهار المشهورة، وكانت أجرسيف قرية كبيرة على النهر المذكور حتى خرج الملثمون من الصحراء فنزلوها ومدنوها وبنوا عليها سوراً من طوب.

    أجنادين :

    بفتح الهمزة والنون والدال، بعدها ياء ونون على لفظ التثنية، موضع بالشام من بلاد الأردن، قال كثير:

    فإلا تكن بالشام داري مقيمة ........ فإن بأجنادين مني ومسكن

    مشاهد لم

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1