Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

بذل المجهود في حل سنن أبي داود
بذل المجهود في حل سنن أبي داود
بذل المجهود في حل سنن أبي داود
Ebook710 pages5 hours

بذل المجهود في حل سنن أبي داود

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

اعتنى المؤلف هنا عنايةً كبيرة بأقوال أبي داود وكلامه على الرواة، وعني بتصحيح نسخ السنن المختلفة المنتشرة، وخرّج التعليقات، ووصلها من المصادر الأخرى، ويذكر في كتابه مناسبة الحديث للترجمة، ويذكر الفائدة من تكرار الحديث إن تكرر، ويستطرد في الاستنباط وذكر المذاهب، كما يُعنى ببيان ألفاظ الأحاديث على طريق المزج، ويبين أصولها واشتقاقها.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateSep 7, 1903
ISBN9786344284399
بذل المجهود في حل سنن أبي داود

Related to بذل المجهود في حل سنن أبي داود

Related ebooks

Related categories

Reviews for بذل المجهود في حل سنن أبي داود

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    بذل المجهود في حل سنن أبي داود - خليل أحمد السهارنفوري

    الغلاف

    بذل المجهود في حل سنن أبي داود

    الجزء 7

    خليل أحمد السهارنفوري

    1346

    اعتنى المؤلف هنا عنايةً كبيرة بأقوال أبي داود وكلامه على الرواة، وعني بتصحيح نسخ السنن المختلفة المنتشرة، وخرّج التعليقات، ووصلها من المصادر الأخرى، ويذكر في كتابه مناسبة الحديث للترجمة، ويذكر الفائدة من تكرار الحديث إن تكرر، ويستطرد في الاستنباط وذكر المذاهب، كما يُعنى ببيان ألفاظ الأحاديث على طريق المزج، ويبين أصولها واشتقاقها.

    (143) بابٌ: كَيْفَ يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ؟

    837 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، وَحُسَيْنُ بْنُ عِيسَى قَالَا: نَا يَزِيدُ بْنُ

    ===

    (عن أبيه أنه) أي عبد الرحمن بن أبزى (صلى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان لا يتم التكبير) قال الحافظ (2) في شرح قول البخاري: باب إتمام التكبير في الركوع: أي مده بحيث ينتهي بتمامه، أو المراد إتمام عدد تكبيرات الصلاة بالتكبير في الركوع، قاله الكرماني، قلت: ولعله أراد بلفظ الإتمام الإشارة إلى تضعيف ما رواه أبو داود من حديث عبد الرحمن بن أبزى قال: صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يتم التكبير، وقد نقل البخاري في التاريخ عن أبي داود الطيالسي أنه قال: هذا عندنا باطل، وقال الطبري والبزار: تفرد به الحسن بن عمران وهو مجهول، وأجيب على تقدير صحته بأنه فعل ذلك لبيان الجواز، أو المراد لم يتم الجهر به أو لم يمده (3)، انتهى.

    (قال أبو داود: معناه إذا رفع رأسه من الركوع وأراد أن يسجد لم يكبر، وإذا قام من السجود لم يكبر) حاصله أن معنى قوله في الحديث: لا يتم التكبير عند المصنف أنه لا يتم عدد التكبيرات في الانتقالات.

    (143) (بَابٌ: كَيْفَ (4) يَضَعُ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ؟ )

    837 - (حدثنا الحسن بن علي وحسين بن عيسى قالا: نا يزيد بن (1) وفي نسخة: النبي.

    (2) فتح الباري (2/ 269).

    (3) بحيث ينتهي بانتهاء الركن. ابن رسلان. (ش).

    (4) ليس في نسخة ابن رسلان لفظ كيف. (ش).

    هَارُونَ, أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ, عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِىَّ (1) -صلى الله عليه وسلم - إِذَا سَجَدَ وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ, وَإِذَا نَهَضَ رَفَعَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ. [خزيمة 626، حب 1912، قط 1/ 345، ك 1/ 226، ت 268، جه 882، ن 1089، دي 1320، ق 2/ 98]

    ===

    هارون، أنا شريك) بن عبد الله النخغي، (عن عاصم بن كليب، عن أبيه) كليب بن شهاب، (عن وائل بن حجر قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه) وبه قال أبو حنيفة والشافعي (2)، (وإذا نهض) من السجود (رفع يديه قبل ركبتيه) وبه قال أبو حنيفة، وخالفه الشافعي (3)، أخرجه الترمذي وقال: حسن غريب، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن حبان.

    قال ابن حجر: وضعف النووي الشطر الثاني (4)، ولهذا مذهبنا الذي اتفق عليه أصحابنا أنه يسن أن يعتمد في قيامه على بطن راحتيه وأصابعه مبسوطة على الأرض للاتباع، رواه البخاري في القيام من السجود، ويقاس به القيام من القعود، والنهي عن ذلك ضعيف، وكذا خبر: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهض في الصلاة على صدور قدميه، وكذا خبر علي -رضي الله تعالى عنه -: من السنة أن لا يعتمد بيديه إلَّا الشيخ العاجز الذي لا يستطيع، وكذا قول عطية العوفي: رأيت جماعة من الصحابة وعددهم يقومون على صدور أقدامهم في الصلاة، لأن عطية هذا ضعيف.

    قلت: لا شك أن الرواية إذا كثرت تنتقل من الضعف إلى القوة، كيف (1) وفي نسخة: رسول الله.

    (2) خالفهما مالك ورواية لأحمد. ابن رسلان. (ش).

    (3) وحكى ابن المنذر هذا عن أحمد ومالك. [انظر: المغني (2/ 193)]. (ش).

    (4) وقال ابن العربي: كلا الحديثين ضعيف، فما قاله مالك أولى, لأنه المنقول من أهل المدينة، ولأنه أقرب إلى الخشية والخشوع. [انظر: عارضة الأحوذي (2/ 69)]. (ش).

    838 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ, حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ, حَدَّثَنَا هَمَّامٌ, حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ, عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ وَائِلٍ, عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ حَدِيثَ الصَّلاَةِ قَالَ: فَلَمَّا سَجَدَ وَقَعَتَا (1) رُكْبَتَاهُ إِلَى الأَرْضِ قَبْلَ أَنْ يقَعَا (2) كَفَّاهُ.

    قَالَ هَمَّامٌ: وَحَدَّثَنَا شَقِيقٌ,

    ===

    وقد حسن الترمذي الحديث الذي في الأصل، وصححه الحاكم وابن حبان، ولا شك أنهم أجلُّ من النووي، فمع وجود هذا النص كيف يصح القياس المذكور الذي ظاهر الفرق؟ قاله القاري (3).

    838 - (حدثنا محمد بن معمر، نا حجاج بن منهال، نا همام، نا محمد بن جحادة) بتقديم الجيم على الحاء المهملة، (عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فذكر حديث الصلاة) الظاهر أن هذا قول أبي داود المؤلف، أي فذكر محمد بن معمر قصة الصلاة (قال) وائل بن حجر: (فلما سجد) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وقعتا ركبتاه) وهذا من قبيل أكلوني البراغيث، (إلى الأرض قبل أن يقعا كفاه).

    (قال همام: ونا شقيق)، قال في تهذيب التهذيب (4): شقيق عن عاصم بن كليب، عن أبيه في صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعنه همام بن يحيى، أخرجه أبو داود هكذا، ورواه ابن قانع في معجمه من طريق همام، عن شقيق، عن عاصم بن شنتم، عن أبيه، قال المؤلف: فإن صحت رواية ابن قانع فيشبه أن يكون الحديث متصلًا، وإن كانت رواية أبي داود هي الصحيحة فالحديث مرسل.

    قلت: وشنتم ذكره أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة، كما قال (1) وفي نسخة: وقعت.

    (2) وفي نسخة: تقع، وفي نسخة: تقعا.

    (3) مرقاة المفاتيح (2/ 324).

    (4) (4/ 364).

    حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ، عن أَبِيهِ، عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - بِمِثْلِ هَذَا. وَفِي حَدِيثِ أَحَدِهِمَا، وَأَكْبَرُ عِلْمِي أَنَّهُ في حَدِيثِ

    ===

    ابن قانع، وقال: لم أسمع لشنتم ذكرًا إلَّا في هذا الحديث، وقال ابن السكن: لم يثبت ولم أسمع به إلَّا في هذه الرواية, وقد قيل في شهاب بن المجنون جد عاصم بن كليب: إنه قيل فيه: شتير، فيحتمل أن يكون شنتم تصحيف من شتير، ويكون عاصم في الرواية هو ابن كليب وإنما نسب إلى جده، والله أعلم، وقال أبو الحسن بن القطان: شقيق هذا ضعيف، لا يعرف لغير رواية همام.

    (حدثني عاصم بن كليب، عن أبيه) قال في تهذيب التهذيب (1): كليب بن شهاب المجنون الجرمي، وفي نسبه اختلاف، قال أبو زرعة: ثقة، وقال ابن سعد: كان ثقة، ورأيتهم يستحسنون حديثه ويحتجون به، وقال النسائي: كليب هذا لا نعلم أحدًا روى عنه غير ابنه عاصم، وغير إبراهيم بن مهاجر، وإبراهيم ليس بقوي في الحديث، وقال الآجري عن أبي داود: عاصم بن كليب، عن أبيه، عن جده ليس بشيء، الناس يغلطون يقولون: كليب عن أبيه ليس هو ذاك، وقال في موضع آخر: وعاصم بن كليب كان من أفضل أهل الكوفة، وذكره ابن حبان في الثقات، قلت: وقد يقال: إن له صحبة، وقال ابن أبي خيثمة والبغوي: قد لحق النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذكره ابن منده وأبو نعيم وابن عبد البر في الصحابة، وقد بينت في الإصابة (2) سبب وهمهم في ذلك، انتهى.

    (عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل هذا) أي بمثل ما روى محمد بن جحادة من قوله: فلما سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن يقعا كفاه، (وفي حديث أحدهما) أي ابن جحادة وشقيق، والظاهر أن هذا قول همام (وأكبر علمي أنه في حديث (1) (8/ 445).

    (2) (5/ 331).

    مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ: وَإِذَا نَهَضَ نَهَضَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَى فَخِذهِ (1). (2)

    839 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ, حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ, عَنْ أَبِى الزِّنَادِ, عَنِ الأَعْرَجِ, عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلاَ يَبْرُكْ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ, وَلْيَضَعْ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ». [ن 1091، دي 1321، حم 2/ 381، قط 1/ 345]

    ===

    محمد بن جحادة) لا في حديث شقيق: (وإذا نهض نهض على ركبتيه واعتمد على فخذه) (3).

    839 - (حدثنا سعيد بن منصور، نا عبد العزيز بن محمد، حدثني محمد بن عبد الله بن حسن، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا سجد أحدكم فلا يبرك) نهي وقيل: نفي (كما يبرك البعير) أي لا يضع ركبتيه قبل يديه كما يبرك البعير، شبه ذلك ببروك البعير مع أنه يضع يديه قبل رجليه, لأن ركبة الإنسان في الرجل، وركبة الدواب في اليد، وإذا وضع ركبتيه أولًا فقد شابه الإبل في البروك (وليضع) بسكون اللام وتكسر (يديه قبل ركبتيه).

    قال التوربشتي: كيف نهى عن بروك البعير، ثم أمر بوضع اليدين قبل الركبتين، والبعير يضع اليدين قبل الرجلين: والجواب أن الركبة من الإنسان في الرجلين، ومن ذوات الأربع في اليدين. (1) وفي نسخة: فخذيه.

    (2) زاد المزي في تحفة الأشراف (8/ 329) ح (11762) سندًا آخر لهذا الحديث: عن يزيد بن خالد، عن عفان، عن همام إلخ. ثم قال: حديث يزيد بن خالد في رواية أبي الحسن بن العبد، ولم يذكره أبو القاسم.

    (3) قال ابن رسلان: الرواية بالإفراد. (ش).

    . .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .

    ===

    قال الشوكاني (1): الحديث أخرجه الترمذي، وقال: غريب لا نعرفه من حديث أبي الزناد إلَّا من هذا الوجه، انتهى، وقال البخاري: إن محمد بن عبد الله بن حسن بن علي بن أبي طالب لا يتابع عليه، وقال: لا أدري سمع من أبي الزناد أو لا، انتهى.

    وقال في المشكاة: قال أبو سليمان الخطابي: حديث وائل بن حجر أثبت من هذا، قال القاري (2): قال ابن حجر: ووجه كونه أثبت أن جماعة من الحفاظ صححوه، ولا يقدح فيه أن في سنده شريكًا القاضي وليس بالقوي، لأن مسلمًا روى له فهو على شرطه على أن له طريقين آخرين، وقيل: هذا أي حديث أبي هريرة منسوخ بحديث مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: كنا نضع اليدين قبل الركبتين فأمرنا بوضع الركبتين قبل اليدين، رواه ابن خزيمة (3)، فلولا حديث أبي هريرة سابقًا على ذلك، لزم النسخ (4) مرتين وهو على خلاف الدليل.

    قلت: وهذه المسألة قد اختلف الفقهاء فيها، فذهب الجمهور وعامة الفقهاء إلى استحباب وضع الركبتين قبل اليدين، ورفعهما عند النهوض قبل رفع الركبتين.

    وذهب الأوزاعي ومالك إلى استحباب وضع اليدين قبل الركبتين، واحتجوا بحديث أبي هريرة هذا، وقالوا: وهو أقوى, لأن له شاهدًا من حديث (1) نيل الأوطار (2/ 295).

    (2) مرقاة المفاتيح (2/ 325).

    (3) صحيح ابن خزيمة (628).

    (4) قال ابن القيم في كتاب الصلاة له: وسلك ابن خزيمة مسلك النسخ لرواية مصعب، ولو ثبت لكان فيه شفاء، ولكنها من رواية يحيى بن سلمة بن كهيل، قال البخاري: عنده مناكير، وقال النسائي: متروك، وهذه القصة فيها وهم توهم بنسخ التطبيق في الركوع إلى آخر ما بسط. (ش).

    . .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .

    ===

    ابن عمر أخرجه ابن خزيمة وصححه، وذكره البخاري تعليقًا موقوفًا، وقد أخرجه الدارقطني والحاكم في المستدرك (1) مرفوعًا بلفظ: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سجد يضع يديه قبل ركبتيه، وقال: على شرط مسلم.

    وأجاب الأولون عن ذلك بأجوبة:

    منها: أن حديث أبي هريرة وابن عمر منسوخان بحديث مصعب بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه.

    ومنها: ما جزم ابن القيم في الهدي (2): أن حديث أبي هريرة انقلب متنه على بعض الرواة، قال: ولعله: وليضع ركبتيه قبل يديه، قال: وقد رواه كذلك أبو بكر بن أبي شيبة (3) فقال: حدثنا محمد بن فضيل، عن عبد الله بن سعيد، عن جده، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه، ولا يبرك كبروك الفحل، ورواه الأثرم في سننه أيضًا عن أبي بكر كذلك، وقد روي عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يصدِّق ذلك، ويوافق حديث وائل بن حجر.

    قال ابن أبي داود: حدثنا يوسف بن أبي عدي، حدثنا ابن فضيل، عن عبد الله بن سعيد، عن جده، عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سجد بدأ بركبتيه قبل يديه، ولكنه قد ضعف عبد الله بن سعيد يحيى القطان وغيره.

    ومنها: ما أجاب به ابن القيم: أن أول حديث أبي هريرة يخالف آخره، فإنه إذا وضع يديه قبل ركبتيه فقد برك كما يبرك البعير، فإن البعير إنما يضع يديه أولًا.

    ومنها: الاضطراب في حديث أبي هريرة، فإن منهم من يقول: وليضع يديه قبل ركبتيه، ومنهم من يقول بالعكس كما تقدم، ومنهم من يقول: وليضع يديه على ركبتيه، كما رواه البيهقي، ومنهم من يحذف هذه الجملة رأسًا. (1) (1/ 226).

    (2) زاد المعاد (2/ 218).

    (3) مصنف ابن أبي شيبة (1/ 294).

    840 - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ, عَنْ أَبِى الزِّنَادِ, عَنِ الأَعْرَجِ, عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «يَعْمِدُ (1) أَحَدُكُمْ فِى صَلاَتِهِ فَيَبْرُكُ كَمَا يَبْرُكُ (2) الْجَمَلُ» (3). [ت 269، ن 1090، ق 2/ 100، قط 1/ 345]

    ===

    ومنها: أن حديث وائل موافق لما نقل عن الصحابة كعمر بن الخطاب وابنه وعبد الله بن مسعود.

    ومنها: أن لحديث وائل شواهد من حديث أنس وابن عمر.

    ومنها: أنه مذهب الجمهور، وهذه المباحث المذكورة من المرجحات لحديث وائل، وكذلك مرجحات لحديث أبي هريرة، والمقام من معارك الأنظار ومضايق الأفكار، وأما الحافظ ابن القيم (4) فقد رجح حديث وائل، وأطال الكلام في ذلك، وذكر عشر مرجحات، هذا ملخص ما قال الشوكاني في النيل (5).

    840 - (حدثنا قتيبة بن سعيد، نا عبد الله بن نافع) الصائغ المخزومي، أبو محمد المدني، (عن محمد بن عبد الله بن حسن، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يعمد) بتقدير همزة الاستفهام للإنكار (أحدكم في صلاته يبرك كما يبرك الجمل) أي لا يفعل ذلك، (1) وفي نسخة: يعتمد.

    (2) وفي نسخة: ينبرك، وفي نسخة فيبرك.

    (3) هناك حديث في رواية ابن العبد كما في تحفة الأشراف (5/ 495) ح (8030): عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر. حديث: أن ابن عمر كان يضع يديه قبل ركبتيه، زاد ابن يحيى في حدثه: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك. د: في الصلاة عن إسحاق بن أبي يعقوب - شيخ ثقة - وعن محمد بن يحيى عن أصبغ كلاهما عنه، به.

    قال أبو داود: روى عبد العزيز عن عبيد الله أحاديث مناكير، إسحاق هذا هو ابن أبي إسرائيل، وقال المزي: وهذا الحديث في رواية ابن العبد ولم يذكره أبو القاسم.

    (4) انظر: زاد المعاد (1/ 217 - 224).

    (5) نيل الأوطار (2/ 293 - 295).

    (144) بَابُ النُّهُوضِ في الفَرْدِ

    841 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ, حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ, - يَعْنِى ابْنَ إِبْرَاهِيمَ -, عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ قَالَ: "جَاءَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ إِلَى (1) مَسْجِدِنَا فَقَالَ (2): وَاللَّهِ إِنِّى لأُصَلِّى وَمَا أُرِيدُ الصَّلاَةَ

    ===

    ولعل وجه إيراد المصنف بهذا الحديث بأن الحديث الذي أخرجه قبل من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي فيه زيادة قوله: وليضع يديه قبل ركبتيه، فأشار بإيراد هذا الحديث من طريق عبد الله بن نافع أن هذه الزيادة غير محفوظة، فإن عبد الله بن نافع ثقة، وقد خالفه الدراوردي، وهو ليس في مرتبته، فخالف الأقوى منه.

    (144) (بَابُ النُّهُوضِ في الْفَرْدِ)

    أي: كيفية القيام من السجدة الثانية في الركعة الأولى أو الثالثة من ذوات الأربع

    841 - (حدثنا مسدد، نا إسماعيل -يعني ابن إبراهيم-، عن أيوب، عن أبي قلابة) (3) عبد الله بن زيد الجرمي (قال: جاءنا أبو سليمان مالك بن الحويرث إلى مسجدنا (4) فقال: والله إني لأصلي (5) وما أريد الصلاة)، فإن قلت: ظاهر الكلام يفهم منه التعارض بين الجملتين، فإن قوله: والله إني لأصلي يستلزم إرادة الصلاة، والجملة الثانية وهي: ما أريد الصلاة ينفيها، فكيف التوفيق بينهما؟ قلت: معنى الكلام أني أريد أن أصلي لكم لأريكم كيفية صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وما أريد صلاة محضًا خالية عن هذا الغرض. (1) وفي نسخة: في.

    (2) وفي نسخة: قال: والله إني لأصلي بكم ولا أريد.

    (3) وكان أبو قلابة يسكن الشام، كان واليًا على حمص. (ش).

    (4) قال الكرماني: لعله أراد مسجد البصرة. (ش).

    (5) بوب عليه البخاري الصلاة لمن يريد التعليم، وتقدَّم في باب إذا كانوا ثلاثة كيف يقومون بمعناه عن أنس. (ش).

    وَلَكِنِّي (1) أُرِيدُ أَنْ أُرِيَكُمْ كَيْفَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى. قَالَ: قُلْتُ لأَبِى قِلاَبَةَ: كَيْفَ صَلَّى؟ قَالَ: مِثْلَ صَلاَةِ شَيْخِنَا هَذَا - يَعْنِى عَمْرَو بْنَ سَلِمَةَ إِمَامَهُمْ - وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الآخِرَةِ فِى الرَّكْعَةِ الأُولَى قَعَدَ ثُمَّ قَامَ". [خ 677، ن 1151، حم 3/ 436، خزيمة 687]

    842 - حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ, حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ, عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ قَالَ: جَاءَنَا أَبُو سُلَيْمَانَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ إِلَى مَسْجِدِنَا فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّى لأُصَلِّى وَمَا أُرِيدُ الصَّلاَةَ, وَلَكِنِّى أُرِيدُ أَنْ أُرِيَكُمْ كَيْفَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّى. قَالَ: فَقَعَدَ فِى الرَّكْعَةِ الأُولَى حِينَ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ الآخِرَةِ. [انظر سابقه]

    ===

    (ولكني أريد أن أريكم كيف رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي، قال) أيوب: (قلت لأبي قلابة: كيف صلى) مالك بن الحويرث؟ (قال) أبو قلابة: (مثل صلاة شيخنا هذا، يعني عمرو بن سلمة إمامهم) أي كما يصلي عمرو بن سلمة إمامهم صلى مثل ذلك مالك بن الحويرث (وذكر) أي أبو قلابة، وهذا قول أيوب (أنه) أي مالك بن الحويرث (كان إذا رفع رأسه من السجدة الآخرة في الركعة الأولى قعد) هنية قليلًا (ثم قام) أي إلى الركعة الثانية.

    842 - (حدثنا زياد بن أيوب، نا إسماعيل، عن أيوب، عن أبي قلابة قال: جاءنا أبو سليمان مالك بن الحويرث) مصغرًا (إلي مسجدنا فقال) أي مالك بن الحويرث: (والله إني لأصلي وما أريد الصلاة، ولكني أريد أن أريكم كيف رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي. قال) أبو قلابة: (فقعد) مالك بن الحويرث (في الركعة الأولى حين رفع رأسه من السجدة الآخرة) أي قعد فيها قعدة يسيرة ثم قام. (1) وفي نسخة: ولكن.

    843 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ, حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ, عَنْ خَالِدٍ, عَنْ أَبِى قِلاَبَةَ, عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ: أَنَّهُ رَأَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم - إِذَا كَانَ فِى وِتْرٍ مِنْ صَلاَتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِىَ قَاعِدًا. [خ 823، ت 287، ن 1152، خزيمة 686، حب 1934، ق 2/ 132]

    ===

    843 - (حدثنا مسدد، نا هشيم، عن خالد، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث: أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدًا)، في هذه الأحاديث دليل للشافعية وغيرهم على استحباب جلسة الاستراحة.

    وفي التمهيد (1): اختلف الفقهاء في النهوض عن السجود إلى القيام، فقال مالك والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة وأصحابه: ينهض على صدور قدميه ولا يجلس، وروي ذلك عن ابن مسعود وابن عمر وابن عباس، وقال النعمان بن أبي عياش: أدركت غير واحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل ذلك، وقال أبو الزناد: ذلك السنة، وبه قال أحمد وابن راهويه، وقال أحمد (2): وأكثر الأحاديث على هذا، قال الأثرم: رأيت أحمد ينهض بعد السجود على صدور قدميه ولا يجلس قبل أن ينهض.

    وروى الترمذي (3) عن أبي هريرة قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهض في الصلاة على صدور قدميه، ثم قال: والعمل عليه عند أهل العلم.

    وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (4) عن عبد الله بن مسعود أنه كان ينهض في الصلاة على صدور قدميه ولم يجلس، وأخرج نحوه عن علي وابن عمر وابن الزبير وابن عباس، وأخرج أيضًا عن عمر. (1) (19/ 254) وكذا في عمدة القاري (4/ 567)، والمغني (2/ 212). (ش).

    (2) وكذا نقله عنه في المغني وقال: فيه روايتان لأحمد. (ش).

    (3) سنن الترمذي (288).

    (4) مصنف ابن أبي شيبة (1/ 431).

    . .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .

    ===

    وقال الطحاوي (1): ليس في حديث أبي حميد جلسة الاستراحة، وساقه بلفظ: فقام ولم يتورك، وأخرجه أبو داود كذلك، وقال الطحاوي: فلما تخالف الحديثان احتمل أن يكون ما فعله في حديث مالك بن الحويرث لعلة كانت به، فقعد لأجلها, لا لأن ذلك من سنة الصلاة، وقال أيضًا: لو كانت هذه الجلسة مقصودة لشرع لها ذكر مخصوص.

    وقال الكرماني. الأصل عدم العلة، وأما تركه - صلى الله عليه وسلم - فلبيان جواز الترك.

    قلت: قوله - صلى الله عليه وسلم -: لا تبادروني فإني قد بَدَّنْتُ، يدل على أن تلك كانت لعلة، ولأن تلك الجلسة للاستراحة، والصلاة غير موضوعة لتلك، وقال بعضهم: إن مالك بن الحويرث هو راوي حديث: صلوا كما رأيتموني أصلي، فحكاياته لصِفات صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - داخلة تحت هذا الأمر.

    قلت: هذا لا ينافي وجود العلة لأجل هذه الجلسة، وبقولنا قال مالك وأحمد.

    وقال الحافظ ابن القيم في زاد المعاد (2): ثم كان - صلى الله عليه وسلم - ينهض على صدور قدميه وركبتيه معتمدًا على فخذيه، كما ذكر عنه وائل وأبو هريرة، ولا يعتمد على الأرض بيديه، وقد ذكر عنه مالك بن الحويرث أنه كان لا ينهض حتى يستوي جالسًا، وهذه هي التي تسمى جلسة الاستراحة.

    واختلف الفقهاء فيها هل هي من سنن الصلاة، فيستحب لكل أحد أن يفعلها، أو ليست من السنن، وإنما يفعلها من احتاج إليها؟ على قولين، هما روايتان عن أحمد - رحمه الله -، قال الخلّال: رجع أحمد إلى حديث مالك بن الحويرث في جلسة الاستراحة، وقال: أخبرني يوسف بن موسى أن أبا أمامة سئل عن النهوض، فقال: على صدور القدمين على حديث رفاعة، (1) شرح معاني الآثار" (1/ 260).

    (2) (1/ 232).

    (145) بَابُ الإِقْعَاءِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ

    ===

    وفي حديث ابن عجلان ما يدل على أنه كان ينهض على صدور قدميه، وقد روي عن عدة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسائر من وصف صلاته - صلى الله عليه وسلم - لم يذكر هذه الجلسة، وإنما ذكرت في حديث أبي حميد ومالك بن الحويرث، ولو كان هديه - صلى الله عليه وسلم - فعلها دائمًا، لذكرها كل واصف لصلاته - صلى الله عليه وسلم -، ومجرد فعله - صلى الله عليه وسلم - لها لا يدل على أنها من سنن الصلاة، إلَّا إذا علم أنه فعلها سنة يقتدى به فيها، وأما إذا قُدِّرَ أنه فعلها للحاجة، لم يدل على كونها سنة من سنن الصلاة، وهذا من تحقيق المناط في هذه المسألة، انتهى (1).

    (145) (بَابُ الإقْعَاءِ (2) بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ)

    قال القاري (3): قيل: الإقعاء أن يلصق أليتيه على الأرض وينصب ساقيه ويضع يديه على الأرض كالكلب، وقيل: أن يضع أليتيه على عقبيه، وقيل: أن يجلس على أليتيه ناصبًا قدميه وفخذيه، وهو الأصح، قال في المستقصى: إقعاء الكلب في نصب اليدين، وإقعاء الآدمي في نصب الركبتين إلى صدره. ذكره في شرح المنية، وقال ابن حجر -أي في شرح حديث علي: لا تقع بين السجدتين-: أي لا تجلس على أليتيك ناصبًا فخذيك, لأن هذا مكروه (4) (1) وسيجيء في باب كراهية الاعتماد على اليد في الصلاة أن الصحابة أجمعوا على تركه، وأنه محمول على العذر، وقال ابن القيم في كتاب الصلاة له: لا ريب أنه عليه السلام فعله، وهل فعله على أنها من سنن الصلاة أو لحاجة؟ وهذا الثاني أظهر لوجهين: الأول: أن فيه جمعًا بينه وبين حديث وائل بن حجر وأبي هريرة أنه عليه السلام كان ينهض على صدور قدميه، والثاني: أن الصحابة كانوا أحرص الناس على الاتباع، وكانوا ينهضون على صدور أقدامهم، انتهى. (ش).

    (2) بسط الكلام عليه في السعاية (2/ 213)، وأجمل ابن العربي (2/ 79)، وكذا في شروح الشمائل، وحاصلها أن الإقعاء المكروه غير الإقعاء المسنون، وراجع: الكوكب الدري (1/ 284). (ش).

    (3) مرقاة المفاتيح (2/ 327).

    (4) بكراهته قال الأربعة خلافًا لبعض من سلف، كذا في المغني (2/ 206). (ش).

    844 - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ, حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ, عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ, أَخْبَرَنِى أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ طَاوُسًا يَقُولُ: "قُلْنَا لاِبْنِ عَبَّاسٍ فِى الإِقْعَاءِ عَلَى الْقَدَمَيْنِ فِى السُّجُودِ, فَقَالَ: هِىَ السُّنَّةُ (1). قَالَ: قُلْنَا: إِنَّا لَنَرَاهُ جَفَاءً بِالرَّجُلِ!

    ===

    عند عامة العلماء، أو لا تجلس على عقبيك, لأن هذا مكروه عند جماعة، لكن ورد في خبر مسلم: الإقعاء بين السجدتين سنة، وزعم الخطابي حرمته وأن الحديث منسوخ.

    قال في البدائع (2): واختلفوا في تفسير الإقعاء، قال الكرخي: وهو نصب القدمين والجلوس على العقبين، وهو عقب الشيطان الذي نهي عنه في الحديث، وقال الطحاوي: وهو الجلوس على الأليتين، ونصب الركبتين، ووضع الفخذين على البطن، وهذا أشبه بإقعاء الكلب، ولأن في ذلك ترك الجلسة المسنونة، فكان مكروهًا، انتهى.

    844 - (حدثنا يحيى بن معين، نا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع طاوسًا يقول: قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين في السجود) والمراد ههنا من الإقعاء هو نصب القدمين والجلوس على العقبين، والمراد بلفظ في السجود بين السجدتين (فقال) ابن عباس: (هي) أي الإقعاء (السنة. قال) طاوس: (قلنا) لابن عباس، وفي رواية مسلم: فقلنا له: (إنا لنراه) أي ذلك الفعل (جفاء بالرجل).

    قال النووي (3): ضبطناه بفتح الراء (4) وضم الجيم أي بالإنسان، (1) وفي نسخة: هي سنة.

    (2) بدائع الصنائع (1/ 505).

    (3) شرح صحيح مسلم (3/ 23).

    (4) قال ابن رسلان: وفي كتاب ابن أبي خيثمة: إنا لنراه جفاء بالمرء، وهو شاهد لمن رواه بفتح الراء وضم الجيم. (ش).

    فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ سُنَّةُ نَبِيِّكَ - صلى الله عليه وسلم -". [ت 283، م 536، حم 1/ 313، خزيمة 680، ق 2/ 119]

    ===

    وكذا نقله القاضي عن جميع رواة مسلم، قال: وضبطه أبو عمر بن عبد البر بكسر الراء (1) وإسكان الجيم، قال أبو عمر: ومن ضم الجيم فقد غلط، ورد الجمهور على ابن عبد البر وقالوا: الصواب الضم، وهو الذي يليق به إضافة الجفاء إليه، انتهى.

    (فقال ابن عباس: هي) أي الإقعاء (سنة نبيك - صلى الله عليه وسلم -) قال النووي: اعلم أن الإقعاء ورد فيه الحديثان، ففي هذا الحديث أنه سنة، وفي حديث آخر ورد النهي عنه، رواه الترمذي وغيره من رواية علي، وابن ماجه من رواية أنس، وأحمد بن حنبل من رواية سمرة وأبي هريرة، والبيهقي من رواية سمرة وأنس، وأسانيدها كلها ضعيفة (2).

    وقد اختلف العلماء في حكم الإقعاء وتفسيره اختلافًا كثيرًا لهذه الأحاديث، والصواب الذي لا معدل عنه أن الإقعاء نوعان:

    أحدهما: أن يلصق أليتيه بالأرض، وينصب ساقيه، ويضع يديه على الأرض كإقعاء الكلب، هكذا فسره أبو عبيدة وصاحبه أبو عبيد وآخرون من أهل اللغة، وهذا النوع هو المكروه الذي ورد فيه النهي.

    والنوع الثاني: أن يجعل أليتيه على عقبيه بين السجدتين، وهذا هو مراد ابن عباس بقوله: سنة نبيكم، وقد نص الشافعي على استحبابه في الجلوس بين السجدتين، وحمل حديث ابن عباس -رضي الله عنهما -عليه جماعات من (1) قال ابن رسلان: وقع في مسند الإِمام أحمد (1/ 313): إنا لنراه جفاء بالقدم، وهو شاهد لرواية الكسر وسكون الجيم. (ش).

    (2) وحديث النهي عن الإقعاء رواه الحاكم (1/ 272)، وقال: صحيح على شرط البخاري، ابن رسلان، وسيأتي في حديث المسيء الأمر بالافتراش إذا رفع رأسه من السجود. (ش).

    (146) بَابُ مَا جَاءَ في مَا يَقْولُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرّكُوع

    845 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى, حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ كُلُّهُمْ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ قال: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ (1) اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ, اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ, مِلْءَ السَّمَوَاتِ

    ===

    المحققين منهم البيهقي والقاضي عياض وآخرون، قال القاضي: وقد روي عن جماعة من الصحابة والسلف أنهم كانوا يفعلونه، قال: وكذا جاء مفسرًا عن ابن عباس: من السنة أن تمس عقبيك أليتيك، فهذا هو الصواب في تفسير حديث ابن عباس.

    وقد ذكرنا أن الشافعي نص على استحبابه في الجلوس بين السجدتين، وله نص آخر وهو الأشهر: أن السنة فيه الافتراش، وقد علمت أن الإقعاء على كلا نوعيه مكروه عند الحنفية.

    (146) (بَابُ مَا جَاءَ فِيما يَقُول إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ)

    أي: في القومة

    845 - (حدثنا محمد بن عيسى، نا عبد الله بن نمير وأبو معاوية ووكيع ومحمد بن عبيد كلهم عن الأعمش، عن عبيد بن الحسن) أبو الحسن الكوفي (قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى يقول: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا رفع رأسه من الركوع يقول: سمع الله لمن حمده، اللَّهم ربنا لك الحمد مِلءَ السموات) بالنصب، وهو الأكثر على أنه صفة مصدر محذوف، وقيل على نزع الخافض أي بملء السماوات، وبالرفع على أنه صفة الحمد، والمِلء بالكسر اسم ما يأخذه الإناء إذا امتلأ، وهو مجاز عن الكثرة، قال المظهر: هذا تمثيل (1) وفي نسخة: النبي.

    وَمِلْء الأَرْضِ وَمِلْء مَا شِئْت مِنْ شَئءٍ بَعْد" (1). [م 476، جه 478، حم 4/ 353]

    قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِىُّ وَشُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ عُبَيْدٍ أَبِى الْحَسَنِ: هَذَا (2) الْحَدِيثِ لَيْسَ فِيهِ بَعْدَ الرُّكُوعِ.

    ===

    وتقريب إذ الكلام لا يقدر بالمكاييل ولا تسعه الأوعية، وإنما المراد تكثير العدد حتى لو قدر أن تلك الكلمات تكون أجسامًا تملأ الأماكن لبلغت من كثرتها ما تملأ السماوات والأرضين (3).

    (ومِلء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد) أي بعد ذلك أي ما بينهما أو غير ما ذكر كالعرش والكرسي وما تحت الثرى.

    (قال أبو داود: وقال سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج (4) عن عبيد أبي الحسن) فخالفا سليمان الأعمش، فإنه قال: عبيد بن الحسن، وإنهما قالا: عبيد أبي الحسن، وكلاهما صحيحان، فإنه ابن الحسن وهو أبو الحسن (هذا الحديث ليس فيه بعد الركوع) أي لم يقل سفيان الثوري وشعبة في هذا الحديث الذي رويا عن عبيد أبي الحسن إن هذا الدعاء بعد الركوع كما ذكره الأعمش في حديثه أنه بعد الركوع، وهو قوله: إذا رفع رأسه من الركوع. (1) قلت: ذكر المزي هذا الحديث بهذا الإسناد في تحفة الأشراف (4/ 161) ح (5173)، ثم ذكر له إسنادًا آخر فقال:

    وعن محمد بن رافع، عن يحيى بن آدم، عن سفيان، عن الأعمش بهذا الحديث بمعناه، ثم ذكر مقولة سفيان الآتية، ثم قال المزي: حديث محمد بن رافع في رواية أبي الحسن بن العبد، ولم يذكره أبو القاسم.

    (2) وفي نسخة: بهذا.

    (3) انظر: مرقاة المفاتيح (2/ 312).

    (4) أخرج روايته أبو داود الطيالسي في مسنده رقم (817)، وأحمد في مسنده

    (4/ 354)، ومسلم (476)، وأبو عوانة (2/ 177)، والبزار (8/ 291) رقم (3362)، والطحاوي في مشكل الآثار (13/ 161) رقم (5166).

    قَالَ سُفْيَانُ: لَقِينَا الشَّيْخَ عُبَيْدًا أَبَا الْحَسَنِ (1), فَلَمْ يَقُلْ فِيهِ: بَعْدَ الرُّكُوعِ.

    قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ أَبِى عِصْمَةَ, عَنِ الأَعْمَشِ, عَنْ عُبَيْدٍ

    ===

    وقد أخرج حديث شعبة عن عبيد أبي الحسن مسلم في صحيحه (2)، وليس فيه ذكر محل هذا الدعاء، وهكذا أخرج الإِمام أحمد هذا الحديث في مسنده (3) عن شعبة، وقد أخرج أحمد من طريق وكيع، حدثنا مسعر، حدثنا عبيد بن حسن، عن ابن أبي أوفى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول ذلك، ولم يقل: في الصلاة.

    (قال سفيان: لقينا الشيخ عبيدًا أبا الحسن فلم يقل فيه: بعد الركوع) حاصله أن سفيان تلقى هذا الحديث أولًا عن عبيد بالواسطة (4)، وكان فيه بعد الركوع أو ما في معناه، ثم لقيه وأخذ منه

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1