المجموع شرح المهذب
By النووي
()
About this ebook
Read more from النووي
رياض الصالحين Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsخلاصة الأحكام Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتبيان في آداب حملة القرآن Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالأصول والضوابط Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsإرشاد طلاب الحقائق إلى معرفة سنن خير الخلائق صلى الله عليه وسلم Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsدقائق المنهاج Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتاوى النووي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsجزء فيه ذكر اعتقاد السلف في الحروف والأصوات Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالأذكار للنووي ت مستو Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالأربعون النووية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمجموع شرح المهذب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالإيضاح في مناسك الحج والعمرة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsبستان العارفين للنووي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمنهاج الطالبين وعمدة المفتين في الفقه Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالأذكار للنووي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsآداب الفتوى والمفتي والمستفتي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتقريب والتيسير للنووي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير في أصول الحديث Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالإيجاز في شرح سنن أبي داود السجستاني Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح الأربعين النووية في الأحاديث الصحيحة النبوية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتحرير ألفاظ التنبيه Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتهذيب الأسماء واللغات Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsروضة الطالبين Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related to المجموع شرح المهذب
Related ebooks
شرح صحيح البخاري Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsصحيح ابن خزيمة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsصحيح مسلم Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالقراءة خلف الإمام للبيهقي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح مشكل الآثار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمحلى بالآثار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالحاوي للفتاوي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsفتح الباري لابن حجر Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsأحكام القرآن لابن العربي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsشرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsبستان الأحبار مختصر نيل الأوطار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالتمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمثير الغرام الساكن إلى أشرف الأماكن Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsصحيح البخاري Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsعون المعبود وحاشية ابن القيم Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالجامع الكبير Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsحاشية السيوطي على سنن النسائي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsصحيح ابن خزيمة ط 3 Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsسنن أبي داود Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsتفسير ابن كثير ط العلمية Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمجموع شرح المهذب Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsموطأ مالك ت عبد الباقي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsسنن ابن ماجه Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsنيل الأوطار Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمغني لابن قدامة Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsبداية المجتهد ونهاية المقتصد Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsمنحة الباري بشرح صحيح البخاري Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsسنن الدارمي Rating: 0 out of 5 stars0 ratingsالمنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج Rating: 0 out of 5 stars0 ratings
Related categories
Reviews for المجموع شرح المهذب
0 ratings0 reviews
Book preview
المجموع شرح المهذب - النووي
المجموع شرح المهذب
الجزء 10
النووي
676
شرح الإمام النووي المتن أولا بتبيين اللغات، ثم شرح الأحاديث الواردة مع بيان درجتها من حيث الصحةُ والضعفُ، ثم أتبعه بذكر المسائل الفقهية، وذِكْر الراجح منها عند الشافعية من وجوه وأقوال، ثم ترجم للصحابة والعلماء المذكورين في كلام الشيرازي
مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي نِيَّةِ الصَّوْمِ
* مَذْهَبُنَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ صَوْمٌ إلَّا بِنِيَّةٍ سَوَاءٌ الصَّوْمُ الْوَاجِبُ مِنْ رَمَضَانَ وَغَيْرُهُ وَالتَّطَوُّعُ وَبِهِ قَالَ الْعُلَمَاءُ كافة الا عطاء ومجاهد وَزُفَرَ فَإِنَّهُمْ قَالُوا إنْ كَانَ الصَّوْمُ مُتَعَيَّنًا بان يكون صحبحا مقما فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فَأَمَّا صَوْمُ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ فَيُشْتَرَطُ لَهُ النِّيَّةُ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ
* وَاحْتُجَّ لِعَطَاءٍ وَمُوَافِقِيهِ بِأَنَّ رَمَضَانَ مُسْتَحَقُّ الصَّوْمِ يَمْنَعُ غَيْرَهُ مِنْ الْوُقُوعِ فِيهِ فَلَمْ يَفْتَقِرْ إلَى نِيَّةٍ
* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِحَدِيثِ إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ
وَبِحَدِيثِ حَفْصَةَ السَّابِقِ وَقِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَلِأَنَّ الصَّوْمَ هُوَ الْإِمْسَاكُ لُغَةً وَشَرْعًا وَلَا يتميز الشرعي عن اللغوى الا بالنية فوجبت للتمييز (وَالْجَوَابُ) عَمَّا ذَكَرُوهُ أَنَّهُ مُنْتَقِضٌ بِالصَّلَاةِ إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ وَقْتِهَا إلَّا قَدْرُ الْفَرْضِ فَإِنَّ هَذَا الزَّمَانَ مُسْتَحِقٌّ لِفِعْلِهَا وَيَمْنَعُ مِنْ إيقَاعِ غَيْرِهَا فِيهِ وَتَجِبُ فِيهَا النِّيَّةُ بِالْإِجْمَاعِ وَقَدْ يُجِيبُونَ عَنْ هَذَا بِأَنَّ ذَلِكَ الزَّمَانَ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ فِيهِ صَلَاةٌ أُخْرَى لَكِنْ لَوْ فُعِلَتْ انْعَقَدَتْ وَقَدْ يُنَازَعُ فِي انْعِقَادِهَا لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي لَا سَبَبَ لَهَا لَوْ فُعِلَتْ فِي وَقْتِ النَّهْيِ لَا تَنْعَقِدُ عَلَى الْأَصَحِّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
* {فَرْعٌ} فِي مَذَاهِبِهِمْ فِي نِيَّةِ صَوْمِ رَمَضَانَ
* ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالنِّيَّةِ مِنْ اللَّيْلِ وَبِهِ قَالَ
مالك واحمد واسحق وَدَاوُد وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَصِحُّ بِنِيَّةٍ قَبْلَ الزَّوَالِ قَالَ وَكَذَا النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ وَوَافَقْنَا عَلَى صَوْمِ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ أَنَّهُمَا لَا يَصِحَّانِ إلَّا بِنِيَّةٍ مِنْ اللَّيْلِ وَاحْتَجَّ لَهُ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ يوم عشوراء إلَى أَهْلِ الْعَوَالِي وَهِيَ الْقُرَى الَّتِي حَوْلَ الْمَدِينَةِ أَنْ يَصُومُوا يَوْمَهُمْ ذَلِكَ
قَالُوا وَكَانَ صَوْمُ عَاشُورَاءَ وَاجِبًا ثُمَّ نُسِخَ وَقِيَاسًا عَلَى صوم الفل
* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِحَدِيثِ حَفْصَةَ وَحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ
وَهُمَا صَحِيحَانِ سَبَقَ بَيَانُهُمَا وَبِالْقِيَاسِ عَلَى صَوْمِ الْكَفَّارَةِ وَالْقَضَاءِ وَأَجَابَ أَصْحَابُنَا عَنْ حَدِيثِ عَاشُورَاءَ بِجَوَابَيْنِ (أَحَدُهُمَا) أَنَّهُ لَمْ يكن واجبا وانما كان تطوعا متأكدا شديدا التَّأْكِيدِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا (وَالثَّانِي) أَنَّهُ لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ كَانَ فَرْضًا فَكَانَ ابْتِدَاءُ فَرْضِهِ عَلَيْهِمْ مِنْ حِينِ بَلَغَهُمْ وَلَمْ يخاطبوا بما قبله كاهل قبا فِي اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ فَإِنَّ اسْتِقْبَالَهَا بَلَغَهُمْ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَاسْتَدَارُوا وَهُمْ فِيهَا مِنْ اسْتِقْبَالِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إلَى اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ وَأَجْزَأَتْهُمْ صَلَاتُهُمْ حَيْثُ لَمْ يَبْلُغْهُمْ الْحُكْمُ إلَّا حِينَئِذٍ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ بِاسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ قَدْ سَبَقَ قَبْلَ هَذَا فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ وَيَصِيرُ هَذَا كَمَنْ اصبح بلا نية ثم نذر في أثاء النَّهَارِ صَوْمَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَأَجَابَ الْمَاوَرْدِيُّ بِجَوَابٍ ثَالِثٍ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَاشُورَاءُ وَاجِبًا فَقَدْ نُسِخَ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أنه ليس بواجب وإذا نسخ حكم شئ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُلْحَقَ بِهِ غَيْرُهُ (وَأَمَّا) الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى التَّطَوُّعِ فَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ لِأَنَّ التَّطَوُّعَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ وَلِأَنَّهُ ثَبَتَ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ فِيهِ وَثَبَتَ حَدِيثُ حَفْصَةَ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَوَجَبَ الْجَمْعُ بَيْنَ ذَلِكَ كُلِّهِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ حَدِيثَ التَّبْيِيتِ فِي الصَّوْمِ الْوَاجِبِ وَغَيْرَهُ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* {فَرْعٌ} فِي مَذَاهِبِهِمْ فِي النِّيَّةِ لِكُلِّ يَوْمٍ مِنْ كُلِّ صَوْمٍ
* مَذْهَبُنَا أَنَّ كُلَّ يَوْمٍ يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ سَوَاءٌ نِيَّةُ صَوْمِ رَمَضَانَ وَالْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ وَالتَّطَوُّعِ وَبِهِ قَالَ أَبُو حنيفة واسحق بن راهوايه وَدَاوُد وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَالْجُمْهُورُ وَقَالَ مَالِكٌ إذَا نَوَى فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ صَوْمَ جَمِيعِهِ كَفَاهُ لِجَمِيعِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ لكل يوم وعن احمد واسحق رِوَايَتَانِ (أَصَحُّهُمَا) كَمَذْهَبِنَا (وَالثَّانِيَةُ) كَمَالِكٍ
* وَاحْتُجَّ لِمَالِكٍ بِأَنَّهُ عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ فَكَفَتْهُ نِيَّةٌ وَاحِدَةٌ كَالْحَجِّ وَرَكَعَاتِ الصَّلَاةِ
* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ كُلَّ يَوْمٍ
عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ لَا يَرْتَبِطُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَلَا يَفْسُدُ بِفَسَادِ بَعْضٍ بِخِلَافِ الْحَجِّ وَرَكَعَاتِ الصَّلَاةِ
* {فَرْعٌ} فِي مَذَاهِبِهِمْ فِي تَعْيِينِ النِّيَّةِ
* مَذْهَبُنَا أَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ مِنْ الصَّوْمِ الْوَاجِبِ لا يصح إلا بنعيين النِّيَّةِ وَفِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْفَرِيضَةِ وَجْهَانِ (أَصَحُّهُمَا) لَا يُشْتَرَطُ وَبِهِ قَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ
(والثانى)
يشترط قالة أبو اسحق المروزى وبوجوب التعيين قال مالك وأحمد واسحق وداود والجمهور واوجب هؤلاء الاربعة نية الفرضية وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ فَلَوْ نَوَى فِيهِ صَوْمًا وَاجِبًا أَوْ صَوْمًا مُطْلَقًا أَوْ تَطَوُّعًا وَقَعَ عَنْ رَمَضَانَ إنْ كَانَ مُقِيمًا وَكَذَا صَوْمُ النَّذْرِ الْمُتَعَيَّنِ فِي زَمَانٍ مُعَيَّنٍ قَالَ فَلَوْ كَانَ مُسَافِرًا وَنَوَى فَرْضًا آخَرَ وَقَعَ عَنْ ذَلِكَ الْفَرْضِ وَإِنْ نَوَى تَطَوُّعًا فَهَلْ يَقَعُ تَطَوُّعًا كَمَا نَوَى أَمْ يَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ فِيهِ رِوَايَتَانِ
* وَاحْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْحَجِّ
* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وانما لكل امرء مَا نَوَى
وَبِالْقِيَاسِ عَلَى صَوْمِ الْقَضَاءِ (وَأَجَابُوا) عَنْ الْحَجِّ بِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى التَّوْسِعَةِ وَلِهَذَا لَا يُخْرَجُ مِنْهُ بِالْإِفْسَادِ وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ عَلَى إحْرَامٍ كَإِحْرَامِ غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* {فَرْعٌ} فِي مَذَاهِبِهِمْ فِيمَنْ أَصْبَحَ فِي رَمَضَانَ بِلَا نِيَّةٍ ثُمَّ جَامَعَ قَبْلَ الزَّوَالِ
* قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لكن يأثم وقال أبو يوسف عليه الكفارة قَالَ وَلَوْ جَامَعَ بَعْدَ الزَّوَالِ فَلَا كَفَّارَةَ وَالْأَكْلُ عِنْدَهُ كَالْجِمَاعِ فِي هَذَا قَالَ لِأَنَّ صَوْمَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ مُرَاعًى حَتَّى لَوْ نَوَاهُ صَحَّ عِنْدَهُ فَإِذَا أَكَلَ أَوْ جَامَعَ فَقَدْ أَسْقَطَ الْمُرَاعَاةَ فَكَأَنَّهُ أَفْسَدَ الصَّوْمَ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ نِيَّةُ رَمَضَانَ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ
* وَدَلِيلُنَا أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَجِبُ لِإِفْسَادِ الصَّوْمِ بِالْجِمَاعِ وَهَذَا لَيْسَ بِصَائِمٍ
* {فَرْعٌ} فِي مَذَاهِبِهِمْ فِي نِيَّةِ صَوْمِ التَّطَوُّعِ
* ذَكَرْنَا أَنَّ مَذْهَبَنَا صِحَّتُهُ بِنِيَّةٍ قَبْلَ الزَّوَالِ وَبِهِ قَالَ علي ابن أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ وَطَلْحَةُ وَأَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَآخَرُونَ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو الشَّعْثَاءِ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ التَّابِعِيِّ وَمَالِكٌ وَزُفَرُ وَدَاوُد لَا يَصِحُّ إلَّا بِنِيَّةٍ مِنْ اللَّيْلِ وَبِهِ قَالَ الْمُزَنِيّ وَأَبُو يَحْيَى الْبَلْخِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ اسْتَثْنَى مَنْ يَسْرُدُ الصَّوْمَ فَصَحَّحَ نِيَّتَهُ فِي النَّهَارِ
* وَاحْتَجَّ لَهُمْ بِعُمُومِ حَدِيثَيْ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ " لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ
مِنْ اللَّيْلِ
* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يوم فقال هل عندكم شئ قلنا لا قال فانى إذا صائم
رواه مسلم وفى رواية قال إذا أصوم
رواها الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ هَذَا إسْنَادٌ صَحِيحٌ (وَالْجَوَابُ) عَنْ حَدِيثِ تَبْيِيتِ النِّيَّةِ أَنَّهُ عَامٌّ فَنَخُصُّهُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ بِالْإِسْنَادِ الصَّحِيحِ عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ بَدَا لَهُ الصَّوْمُ بَعْدَ مَا زَالَتْ الشمس فصام والله أعلم * قال المصنف رحمه الله
* {ويدخل فِي الصَّوْمِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَيَخْرُجُ مِنْهُ بِغُرُوبِ الشمس لِمَا رَوَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إذَا اقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا وغابت الشمس من ههنا فقد أفطر الصائم
ويجوز أن يأكل ويشرب ويباشر الي طلوع الفجر لقوله تَعَالَى (فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ من الخيط الاسود من الفجر) فان جامع قبل طلوع الفجر وأصبح وهو جنب جاز صومه لانه عز وجل لما أذن في المباشرة إلي طلوع الفجر ثم أمر بالصوم دل علي انه يجوز أن يصبح صائما وهو جنب وَرَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يصبح جنبا من جماع غير احتلام ثم يصوم
فان طلع الفجر وفى فيه طعام فأكله أو كان مجامعا فاستدام بطل صومه وان لفظ الطعام أو أخرج مع طلوع الفجر صح صومه وقال المزني إذا اخرج مع طلوع الفجر لم يصح صومه لان الجماع إيلاج واخراج فإذا بطل بالايلاج بطل بالاخراج والدليل علي انه يصح صومه ان الاخراج ترك للجماع وما علق علي فعل شئ لا يتعلق بتركه كما لو حلف لا يلبس هذا الثوب وهو عليه فبدأ ينزعه لم يحنث وان اكل وهو يشك فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ صَحَّ صَوْمُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بقاء الليل وإن أكل وهو شاك في غروب الشمس لم يصح صومه لان الاصل بقاء النهار}
* {الشَّرْحُ} حَدِيثُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَلَيْسَ فِيهِ بَعْدَ الشَّمْسِ مِنْ هَهُنَا
وَإِنَّمَا قَالَ وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى بِمَعْنَاهُ فَلَفْظُ الْبُخَارِيِّ لِابْنِ أَبِي أَوْفَى إذَا رَأَيْتُمْ اللَّيْلَ قَدْ أَقْبَلَ مِنْ هَهُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ قِبَلَ الْمَشْرِقِ
وَلَفْظُ مُسْلِمٍ إذَا غَابَتْ الشَّمْسُ مِنْ هَهُنَا وَجَاءَ اللَّيْلُ مِنْ هَهُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ
قَالَ الْعُلَمَاءُ إنَّمَا ذَكَرَ غُرُوبَ الشَّمْسِ وَإِقْبَالَ اللَّيْلِ وَإِدْبَارَ النَّهَارِ لِيُبَيِّنَ أَنَّ غُرُوبَهَا عَنْ الْعُيُونِ لَا يَكْفِي لِأَنَّهَا قَدْ تَغِيبُ فِي بَعْضِ الْأَمَاكِنِ
عَنْ الْعُيُونِ وَلَا تَكُونُ غَرَبَتْ حَقِيقَةً فَلَا بُدَّ مِنْ إقْبَالِ اللَّيْلِ وَإِدْبَارِ النَّهَارِ
* (وَأَمَّا) حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها فرواه البخاري ومسلم أيضا من روايتها وَمِنْ رِوَايَةِ أُمِّ سَلَمَةَ أَيْضًا وَقَوْلُهَا " مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ ذَكَرَتْ الْجِمَاعَ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ أَحَدٌ أَنَّهُ كَانَ مِنْ احْتِلَامٍ وَإِنَّ الْمُحْتَلِمَ مَعْذُورٌ لِكَوْنِهِ قَدْ يُدْرِكُهُ الصُّبْحُ وَهُوَ نَائِمٌ مُحْتَلِمٌ بِخِلَافِ الْمُجَامِعِ فَبَيَّنَتْ أَنْ تِلْكَ الْجَنَابَةَ مِنْ جِمَاعٍ ثُمَّ أَكَّدَتْهُ لِشِدَّةِ الِاعْتِنَاءِ بِبَيَانِهِ فَقَالَتْ غَيْرِ احْتِلَامٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ الْغُسْلِ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ هَلْ كَانَ الِاحْتِلَامُ مُتَصَوَّرًا فِي حَقِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ يَحْتَجُّ مَنْ صَوَّرَهُ بِمَفْهُومِ هَذَا الْحَدِيثِ وَيُجِيبُ الْآخَرُ بِأَنَّهَا ذَكَرَتْهُ لِلتَّوْكِيدِ لَا لِلِاحْتِرَازِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (وَقَوْلُ) الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَذِنَ فِي الْمُبَاشَرَةِ يُقَالُ بِفَتْحِ هَمْزَةِ أَذِنَ وَضَمِّهَا وَالْفَتْحُ أَجْوَدُ (وَقَوْلُهُ) لَفَظَ الطَّعَامَ هُوَ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَإِنَّمَا ذَكَرْتُهُ لِأَنِّي رَأَيْتُ مَنْ يُصَحِّفُهُ (أَمَّا) أَحْكَامُ الْفَصْلِ فَفِيهِ مَسَائِلُ (إحْدَاهَا) يَنْقَضِي الصَّوْمُ وَيَتِمُّ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ لِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَسَبَقَ بَيَانُ حَقِيقَةِ غُرُوبِهَا فِي بَابِ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَجِبُ إمْسَاكُ جُزْءٍ مِنْ اللَّيْلِ بَعْدَ الْغُرُوبِ لِيَتَحَقَّقَ بِهِ اسْتِكْمَالُ النَّهَارِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذَا فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْقُلَّتَيْنِ (الثَّانِيَةُ) يَدْخُلُ فِي الصَّوْمِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي وَهُوَ الْفَجْرُ الصَّادِقُ وَسَبَقَ بَيَانُهُ وَتَحْقِيقُ صِفَتِهِ في باب مواقيت الصلاة ويصير منلبسا بِالصَّوْمِ بِأَوَّلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَالْمُرَادُ الطُّلُوعُ الَّذِي يَظْهَرُ لَنَا لَا الَّذِي فِي نَفْسِ الْأَمْرِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَقَدْ يَطْلُعُ الْفَجْرُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ وَيَتَبَيَّنُ قَبْلَ أَنْ يَطْلُعَ فِي بَلَدٍ آخَرَ فَيُعْتَبَرُ فِي كُلِّ بَلَدٍ طُلُوعُ فَجْرِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَكَذَا غُرُوبُ شَمْسِهِ وَقَدْ سَبَقَ بيان هذا فِي كَلَامِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ فِي مَسْأَلَةِ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ فِي بَلَدٍ دُونَ بَلَدٍ وَقَدْ سَبَقَ فِي بَابِ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ أَنَّ الْأَحْكَامَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْفَجْرِ تَتَعَلَّقُ كُلُّهَا بِالْفَجْرِ الثَّانِي ولا يتعلق بالفجر الاول الكاذب شئ مِنْ الْأَحْكَامِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَسَبَقَ هُنَاكَ بَيَانُ دَلَائِلِهِ وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ فِيهِ
* {فَرْعٌ} هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ الدُّخُولِ فِي الصَّوْمِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَتَحْرِيمِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْجِمَاعِ بِهِ هُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ
بَعْدَهُمْ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعُلَمَاءُ الْأَمْصَارِ قَالَ وَبِهِ نَقُولُ قَالَ رَوَيْنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ حِينَ صَلَّى الْفَجْرَ الْآنَ حِينَ تَبَيَّنَ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ قَالَ وَرُوِيَ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ لَمَّا طَلَعَ الْفَجْرُ تَسَحَّرَ ثُمَّ صَلَّى قَالَ وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَقَالَ مَسْرُوقٌ لَمْ يَكُونُوا يَعُدُّونَ الْفَجْرَ فَجْرَكُمْ إنَّمَا كَانُوا يَعُدُّونَ الْفَجْرَ الَّذِي يَمْلَأُ الْبُيُوتَ وَالطُّرُقَ قَالَ وَكَانَ إِسْحَاقُ يَمِيلُ إلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْعَنَ عَلَى الْآخَرِينَ قَالَ إِسْحَاقُ وَلَا قَضَاءَ عَلَى مَنْ أَكَلَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي قَالَهُ هَؤُلَاءِ هَذَا كَلَامُ ابْنِ الْمُنْذِرِ
* وَحَكَى أصحابنا عن الاعمش واسحق بْنِ رَاهْوَيْهِ أَنَّهُمَا جَوَّزَا الْأَكْلَ وَغَيْرَهُ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا أَظُنُّهُ يَصِحُّ عَنْهُمَا
* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا وَالْجُمْهُورُ عَلَى هَؤُلَاءِ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمَشْهُورَةِ الْمُتَظَاهِرَةِ (مِنْهَا) حَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفجر قلت يارسول اللَّهِ إنِّي أَجْعَلُ تَحْتَ وِسَادَتِي عِقَالَيْنِ عِقَالًا أَبْيَضَ وَعِقَالًا أَسْوَدَ أَعْرِفُ اللَّيْلَ مِنْ النَّهَارِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ وَسَادَكَ لَعَرِيضٌ إنَّمَا هُوَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ
* وَعَنْ سَهْلِ بن سعد رضي الله عنهما قال أُنْزِلَتْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ من الخيط الاسود ولم ينزل من الفجر فكان رجال إذا أرادو الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلِهِ الْخَيْطَ الْأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الْأَسْوَدَ وَلَا يَزَالُ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْفَجْرِ فَعَلِمُوا أَنَّهُ يَعْنِي بِهِ اللَّيْلَ مِنْ النَّهَارِ
رواه البخاري ومسلم وفى رواية مسلم رئتهما بِالرَّاءِ مَهْمُوزٍ وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَغُرَّنَّكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ وَلَا هَذَا الْعَارِضُ لِعَمُودِ الصُّبْحِ حَتَّى يَسْتَطِيرَ
رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ أَوْ أَحَدًا مِنْكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ مِنْ سَحُورِهِ فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ أَوْ يُنَادِي بِلَيْلٍ لِيَرْجِعَ قَائِمُكُمْ وَلِيُنَبِّهَ نَائِمُكُمْ وَلَيْسَ أَنْ يَقُولَ الْفَجْرُ أَوْ الصُّبْحُ وَقَالَ بِأَصَابِعِهِ وَرَفَعَهَا إلَى فَوْقَ وَطَأْطَأَ إلَى أَسْفَلُ حَتَّى يَقُولَ هَكَذَا وَقَالَ بِسَبَّابَتَيْهِ إحْدَاهُمَا فَوْقَ الْأُخْرَى ثُمَّ مَدَّهُمَا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ
رواه البخاري ومسلم
* وسبق باب مواقيت الصلاة غير هذه من الْأَحَادِيثِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* (الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ) يَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْجِمَاعُ إلَى طُلُوعِ
الْفَجْرِ بِلَا خِلَافٍ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ شَكَّ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ جَازَ لَهُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْجِمَاعُ وَغَيْرُهَا بِلَا خِلَافٍ حَتَّى يَتَحَقَّقَ الْفَجْرُ لِلْآيَةِ الكريمة (حتى يتبين لكم الخيط الابيض) وَلِمَا صَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ كُلْ مَا شَكَكْتَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ
رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَفِي رواية عن حبيب ابن أَبِي ثَابِتٍ قَالَ أَرْسَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَجُلَيْنِ يَنْظُرَانِ الْفَجْرَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا أَصْبَحْتُ وَقَالَ الْآخَرُ لَا قَالَ اخْتَلَفْتُمَا أَرِنِي شَرَابِي
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَرُوِيَ هَذَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَرِنِي شَرَابِي جَارٍ عَلَى الْقَاعِدَةِ أَنَّهُ يَحِلُّ الشُّرْبُ وَالْأَكْلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْفَجْرُ وَلَوْ كان قد تبين لما اختلف الرَّجُلَانِ فِيهِ لِأَنَّ خَبَرَيْهِمَا تَعَارَضَا وَالْأَصْلُ بَقَاءُ اللَّيْلِ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ أَصْبَحْتُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ فَقَدْ تُطْلَقُ هَذِهِ اللَّفْظَةُ لِمُقَارَبَةِ الْفَجْرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* وَقَدْ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى جَوَازِ الْأَكْلِ لِلشَّاكِّ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ وَصَرَّحُوا بِذَلِكَ فَمِمَّنْ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالدَّارِمِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَخَلَائِقُ لَا يُحْصُونَ (وَأَمَّا) قَوْلُ الْغَزَالِيِّ فِي الْوَسِيطِ لَا يَجُوزُ الْأَكْلُ هُجُومًا فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَقَوْلُ الْمُتَوَلِّي فِي مَسْأَلَةِ السَّحُورِ لَا يَجُوزُ لِلشَّاكِّ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ أَنْ يَتَسَحَّرَ فَلَعَلَّهُمَا أَرَادَا بِقَوْلِهِمَا لَا يَجُوزُ أَنَّهُ لَيْسَ مُبَاحًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ بَلْ الْأَوْلَى تَرْكُهُ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ تَحْرِيمَ الْأَكْلِ عَلَى الشَّاكِّ فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ فَهُوَ غَلَطٌ مُخَالِفٌ لِلْقُرْآنِ وَلِابْنِ عَبَّاسٍ وَلِجَمِيعِ الْأَصْحَابِ بَلْ لِجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ وَلَا نعرف أحد من العلماء قال بتحريمه إلا مالك فَإِنَّهُ حَرَّمَهُ وَأَوْجَبَ الْقَضَاءَ عَلَى مَنْ أَكَلَ شَاكًّا فِي الْفَجْرِ وَذَكَرَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي الْأَشْرَافِ بَابًا فِي إبَاحَةِ الْأَكْلِ لِلشَّاكِّ فِي الْفَجْرِ فَحَكَاهُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ وَأَحْمَدَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَاخْتَارَهُ وَلَمْ يَنْقُلْ الْمَنْعَ إلَّا عَنْ مَالِكٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْأَفْضَلُ لِلشَّاكِّ أَنْ لَا يَأْكُلَ وَلَا يَفْعَلَ غَيْرَهُ مِنْ مَمْنُوعَاتِ الصَّوْمِ احْتِيَاطًا (الرَّابِعَةُ) لَوْ أَكَلَ شَاكًّا فِي طُلُوعِ الْفَجْرِ وَدَامَ الشَّكُّ وَلَمْ يَبِنْ الْحَالُ بَعْدَ ذَلِكَ صَحَّ صَوْمُهُ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ
* وَقَالَ مَالِكٌ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَقَدْ سَبَقَتْ أَدِلَّةُ المسألة في المسألة قبلها قال أصحابنا وينبغي للصائم أن لا يَأْكُلَ حَتَّى يَتَيَقَّنَ غُرُوبَ الشَّمْسِ فَلَوْ غَلَبَ علي ظنه غروبها باجتهاد بورد أَوْ غَيْرِهِ جَازَ لَهُ الْأَكْلُ عَلَى الصَّحِيحِ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ وَحَكَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وغيره وجها للاستاذ أبي اسحق الاسفراينى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْيَقِينِ بِصَبْرٍ يَسِيرٍ وَلَوْ أَكَلَ ظَانًّا غُرُوبَ الشَّمْسِ فَبَانَتْ طَالِعَةً أَوْ ظَانًّا أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ فَبَانَ طَالِعًا صَارَ
مُفْطِرًا هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالْجُمْهُورُ وَفِيهِ وَجْهٌ شَاذٌّ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ فيهما لانه معذر وَهُوَ مُخَرَّجٌ مِنْ الْخِلَافِ فِيمَنْ غَلَطَ فِي الْقِبْلَةِ وَمِنْ الْأَسِيرِ إذَا اجْتَهَدَ فِي الصَّوْمِ وَصَادَفَ مَا قَبْلَ رَمَضَانَ وَنَظَائِرِهِ وَهَذَا الْوَجْهُ هُوَ قَوْلُ الْمُزَنِيِّ وَابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَفِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ أَنَّهُ يُفْطِرُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ لِتَقْصِيرِهِ فِي الْأُولَى وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْأَكْلُ لِلشَّاكِّ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَيَجُوزُ فِي الثَّانِيَةِ وَمِمَّنْ حَكَى هَذَا الْوَجْهَ الرَّافِعِيُّ وَلَوْ هَجَمَ عَلَى الْأَكْلِ فِي طَرَفَيْ النَّهَارِ بِلَا ظَنٍّ وَتَبَيَّنَ الْخَطَأُ فَحُكْمُهُ مَا ذَكَرْنَا وَإِنْ بَانَ التَّيَقُّنُ أَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ فِي النَّهَارِ اسْتَمَرَّتْ صِحَّةُ صَوْمِهِ وَإِنْ دَامَ الْإِبْهَامُ وَلَمْ يَظْهَرْ الْخَطَأُ وَلَا الصَّوَابُ فَإِنْ كَانَ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ فَلَا قَضَاءَ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ اللَّيْلِ وَإِنْ كَانَ فِي آخِرِهِ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النَّهَارِ وَلَوْ أَكَلَ فِي آخِرِ النَّهَارِ بِالِاجْتِهَادِ وَقُلْنَا بِالْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجُوزُ فَاسْتَمَرَّ الْإِبْهَامُ فَلَا قَضَاءَ وَإِنْ قلنا بقول الاستاذ أبى اسحق إنَّهُ لَا يَجُوزُ لَزِمَهُ الْقَضَاءُ كَمَا لَوْ أَكَلَ بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ عِنْدَهُ لَا أَثَرَ لَهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ أَكَلَ بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ فِي آخِرِ النَّهَارِ وصادف اكله الليل حيث قلنا لاقضاء عَلَيْهِ وَبَيْنَ مَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ أَوْ وَقْتُ الصَّلَاةِ فَصَلَّى بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ وَصَادَفَ الصَّوَابَ فَإِنَّ عَلَيْهِ الْإِعَادَةَ لِأَنَّ هُنَاكَ شَرَعَ فِي الْعِبَادَةِ شَاكًّا مِنْ غَيْرِ مُسْتَنَدٍ شَرْعِيٍّ فَلَمْ يَصِحَّ وَهُنَا لَمْ يَحْصُلْ الشَّكَّ فِي ابْتِدَاءِ الْعِبَادَةِ بَلْ مَضَتْ عَلَى الصِّحَّةِ وَشَكَّ بَعْدَ فَرَاغِهَا هَلْ وُجِدَ مُفْسِدٌ لَهَا بَعْدَ تَحَقُّقِ الدُّخُولِ فِيهَا وَقَدْ بَانَ أَنْ لَا مُفْسِدَ وَإِنَّمَا نَظِيرُهُ مِنْ الصَّلَاةِ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْهَا ثُمَّ يَشُكُّ هَلْ تَرَكَ رُكْنًا مِنْهَا أَمْ لَا ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا فَإِنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ بِلَا خِلَافٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* {فَرْعٌ} لَوْ ظَنَّ غُرُوبَ الشَّمْسِ فَجَامَعَ فَبَانَ خِلَافُهُ لَزِمَهُ قَضَاءُ الصَّوْمِ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا سَبَقَ قَالَ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي وَآخَرُونَ مِنْ الْأَصْحَابِ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ وَلِأَنَّهَا إنَّمَا تجب علي من أفسد الصوم يجماع أَثِمَ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ تَفْرِيعًا عَلَى الْمَذْهَبِ وَهُوَ جَوَازُ الْإِفْطَارِ بِالظَّنِّ وَإِلَّا فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَفَاءً بِالضَّابِطِ الْمَذْكُورِ لِوُجُوبِهَا (الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ) إذَا جَامَعَ فِي اللَّيْلِ وَأَصْبَحَ وَهُوَ جُنُبٌ صَحَّ صَوْمُهُ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا وَكَذَا لَوْ انْقَطَعَ دَمُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ فِي اللَّيْلِ فَنَوَتَا صَوْمَ الْغَدِ وَلَمْ يَغْتَسِلَا صَحَّ صَوْمُهُمَا بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ
الْعُلَمَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَمِمَّنْ قَالَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وابن مسعود وأبي ذر وزيد ابن ثَابِتٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَجَمَاهِيرُ التَّابِعِينَ وَالثَّوْرِيُّ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ قَالَ الْعَبْدَرِيُّ وَهُوَ قَوْلُ سَائِرِ الْفُقَهَاءِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَقَالَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ قَالَ وَهُوَ الْأَشْهَرُ عَنْ أَبِي هريرة والحسن البصري وعن طاوس وعروة ابن الزُّبَيْرِ رِوَايَةً عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ جَنَابَتَهُ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ نَامَ حَتَّى أَصْبَحَ لَمْ يَصِحَّ وَإِلَّا فَيَصِحُّ وَقَالَ النَّخَعِيُّ يَصِحُّ النَّفَلُ دُونَ الْفَرْضِ وَعَنْ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ صَوْمُ مُنْقَطِعَةِ الْحَيْضِ حَتَّى تَغْتَسِلَ احْتَجُّوا بِحَدِيثِ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فَلَا صَوْمَ لَهُ
رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ فِي صَحِيحَيْ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ
* دَلِيلُنَا نَصُّ الْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصيام إلي الليل) وَيَلْزَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنْ يُصْبِحَ جُنُبًا إذَا بَاشَرَ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الْمَشْهُورَةُ (مِنْهَا) حَدِيثُ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ غَيْرِ حُلُمٍ ثُمَّ يَصُومُ
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَاتٍ لَهُمَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ
وَعَنْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ فِي رَمَضَانَ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ غَيْرِ حُلُمٍ فَيَغْتَسِلُ وَيَصُومُ
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَعَنْهَا أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَفْتِيهِ وَهِيَ تَسْمَعُ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ فَقَالَ يارسول اللَّهِ تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ أَفَأَصُومُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا تُدْرِكُنِي الصَّلَاةُ وَأَنَا جُنُبٌ فَأَصُومُ فَقَالَ لَسْتَ مثلنا يارسول اللَّهِ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ فَقَالَ وَاَللَّهِ إنِّي لارجو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي
رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْأَحَادِيثُ بِمَعْنَى هَذَا كَثِيرَةٌ مَشْهُورَةٌ (وَأَمَّا) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَجَابَ أَصْحَابُنَا عَنْهُ بِجَوَابَيْنِ
(أَحَدُهُمَا)
أَنَّهُ مَنْسُوخٌ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: رَوَيْنَا عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْذِرِ قَالَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِيهِ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ لِأَنَّ الْجِمَاعَ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ مُحَرَّمًا عَلَى الصَّائِمِ فِي اللَّيْلِ بَعْدَ النَّوْمِ كَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فَلَمَّا أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى الْجِمَاعَ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ جَازَ لِلْجُنُبِ إذَا أَصْبَحَ قَبْلَ الِاغْتِسَالِ أَنْ يَصُومَ فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يفتى بما سمعه من الفضل
ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأَمْرِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَعْلَمْ النَّسْخَ فَلَمَّا سَمِعَ خَبَرَ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رَجَعَ إلَيْهِ هَذَا كَلَامُ الْبَيْهَقِيّ عَنْ ابْنِ الْمُنْذِرِ وَكَذَا قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي النِّهَايَةِ قَالَ قَالَ الْعُلَمَاءُ الْوَجْهُ حَمْلُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ (وَالْجَوَابُ الثَّانِي) أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ طَلَعَ الْفَجْرُ وَهُوَ مُجَامِعٌ فَاسْتَدَامَ مَعَ عِلْمِهِ بِالْفَجْرِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
* قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُ إنْ احْتَلَمَ فِي اللَّيْلِ وَأَمْكَنَهُ الِاغْتِسَالُ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَمْ يَغْتَسِلْ وَأَصْبَحَ جُنُبًا بِالِاحْتِلَامِ أَوْ احْتَلَمَ فِي النَّهَارِ فَصَوْمُهُ صَحِيحٌ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي صَوْمِ الْجُنُبِ بِالْجِمَاعِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (السَّادِسَةُ) إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَفِي فِيهِ طَعَامٌ فَلْيَلْفِظْهُ فَإِنْ لَفَظَهُ صَحَّ صَوْمُهُ فَإِنْ ابْتَلَعَهُ أَفْطَرَ فَلَوْ لفظه في الحال فسبق منه شئ إلَى جَوْفِهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ فَوَجْهَانِ مُخَرَّجَانِ مِنْ سَبْقِ الْمَاءِ فِي الْمَضْمَضَةِ لَكِنَّ الْأَصَحَّ هُنَا أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ وَالْأَصَحُّ فِي الْمَضْمَضَةِ أَنَّهُ إنْ بَالَغَ أَفْطَرَ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ طَلَعَ الْفَجْرُ وَهُوَ مُجَامِعٌ فَنَزَعَ فِي الْحَالِ صَحَّ صَوْمُهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ قَالَ أَصْحَابُنَا: لِلنَّزْعِ عِنْدَ الْفَجْرِ ثَلَاثُ صُوَرٍ (إحْدَاهَا) أَنْ يَحُسَّ بِالْفَجْرِ وَهُوَ مُجَامِعٌ فَيَنْزِعُ بِحَيْثُ يَقَعُ آخِرُ النَّزْعِ مَعَ أَوَّلِ الطُّلُوعِ (وَالثَّانِيَةُ) يَطْلُعُ الْفَجْرُ وَهُوَ مُجَامِعٌ فَيَعْلَمُ الطُّلُوعَ فِي أَوَّلِهِ فَيَنْزِعُ فِي الْحَالِ (الثَّالِثَةُ) أَنْ يَمْضِيَ بَعْدَ الطُّلُوعِ لَحْظَةً وَهُوَ مُجَامِعٌ لَا يَعْلَمُ الْفَجْرَ ثُمَّ يَعْلَمَهُ فَيَنْزِعَ (أَمَّا) الثَّالِثَةُ فَلَيْسَتْ مُرَادَةً بِنَصِّ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَلْ الْحُكْمُ فِيهَا بُطْلَانُ الصَّوْمِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَفِيهَا الْوَجْهُ السَّابِقُ فِيمَنْ أَكَلَ ظَانًّا أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ وَكَانَ قَدْ طَلَعَ فَعَلَى الْمَذْهَبِ لَوْ مَكَثَ بَعْدَ عِلْمِهِ أَثِمَ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا مَكَثَ بَعْدَ بُطْلَانِ الصوم على الْوَجْهِ الضَّعِيفِ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ بِالِاسْتِدَامَةِ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (وَأَمَّا) الصُّورَتَانِ الْأُولَتَانِ فَهُمَا مُرَادَتَانِ بِالنَّصِّ فَلَا يَبْطُلُ الصَّوْمُ فِيهِمَا وَفِي الثَّانِيَةِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ شَاذٌّ أَنَّهُ يَبْطُلُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُزَنِيِّ أَيْضًا كَمَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ وفد ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ دَلِيلَ الْجَمِيعِ (أَمَّا) إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ وَهُوَ مُجَامِعٌ فَعَلِمَ طُلُوعَهُ ثُمَّ مَكَثَ مُسْتَدِيمًا لِلْجِمَاعِ فَيَبْطُلُ صَوْمُهُ بِلَا خِلَافٍ نَصَّ عَلَيْهِ وَتَابَعَهُ الْأَصْحَابُ وَلَا يُعْلَمُ فِيهِ خِلَافٌ لِلْعُلَمَاءِ وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقِيلَ فِيهِ قَوْلَانِ وَسَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ مَبْسُوطَةً حَيْثُ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ جَامَعَ نَاسِيًا ثُمَّ تَذَكَّرَ فَاسْتَدَامَ فَهُوَ كَالِاسْتِدَامَةِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْفَجْرِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (فَإِنْ قِيلَ) كَيْفَ يَعْلَمُ الْفَجْرَ بِمُجَرَّدِ طُلُوعِهِ وَطُلُوعُهُ الْحَقِيقِيُّ يَتَقَدَّمُ عَلَى عِلْمِنَا بِهِ (فَأَجَابَ) الشَّيْخُ
أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ وَوَلَدُهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ بِجَوَابَيْنِ
(أَحَدُهُمَا)
أَنَّهَا مَسْأَلَةٌ عِلْمِيَّةٌ وَلَا يَلْزَمُ وُقُوعُهَا كَمَا يُقَالُ فِي الْفَرَائِضِ مِائَةُ جَدَّةٍ
(وَالثَّانِي)
وَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ أَنَّ هَذَا مُتَصَوَّرٌ لِأَنَّا إنَّمَا تَعَبَّدْنَا بِمَا نَطَّلِعُ عَلَيْهِ لَا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَلَا مَعْنَى لِلصُّبْحِ إلَّا ظُهُورَ الضَّوْءِ لِلنَّاظِرِ وَمَا قَبْلَهُ لَا حُكْمَ لَهُ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَكْلِيفٌ فَإِذَا كَانَ الْإِنْسَانُ عَارِفًا بِالْأَوْقَاتِ وَمَنَازِلِ الْقَمَرِ فَيَرْصُدُ بِحَيْثُ لَا حَائِلَ فَهُوَ أَوَّلُ الصُّبْحِ الْمُعْتَبَرِ فَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَبِهِ قَطَعَ الْمُتَوَلِّي وَالْجُمْهُورُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
* {فَرْعٌ} فِي مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ فِي مَسَائِلَ تَقَدَّمَتْ (مِنْهَا) إذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوْ جَامَعَ ظَانًّا غُرُوبَ الشَّمْسِ أَوْ عَدَمَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَبَانَ خِلَافُهُ فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانِ وَعَطَاءٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ وَالزُّهْرِيُّ وَالثَّوْرِيُّ كَذَا حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُمْ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ واحمد وابو ثور والجمهور وقال اسحق بْنُ رَاهْوَيْهِ وَدَاوُد صَوْمُهُ صَحِيحٌ وَلَا قَضَاءَ وَحَكَى ذَلِكَ عَنْ عَطَاءٍ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَمُجَاهِدٍ
* وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ
رواه البيهقي وغيره فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ
* وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِقَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ الي الليل) وَهَذَا قَدْ أَكَلَ فِي النَّهَارِ وَبِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَسَحَّرَ وَهُوَ يَرَى أَنَّ عَلَيْهِ لَيْلًا وَقَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ فَقَالَ مَنْ أَكَلَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ فَلْيَأْكُلْ مِنْ آخِرِهِ وَمَعْنَاهُ فَقَدْ أَفْطَرَ
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مَعْنَاهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَبِحَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ أَفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ غَيْمٍ ثُمَّ طَلَعَتْ الشَّمْسُ قِيلَ لهشام فامروا بالقضاء فقال بُدَّ مِنْ قَضَاءٍ
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَرَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ الْإِمَامِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَخِيهِ خَالِدِ بن أسلم أن عمر ابن الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ فِي يَوْمٍ ذِي غَيْمٍ وَرَأَى أَنَّهُ قَدْ أَمْسَى وَغَابَتْ الشَّمْسُ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْخَطْبُ يَسِيرٌ وَقَدْ اجْتَهَدْنَا
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ مَعْنَى الْخَطْبُ يسير قضاء يوم مكانه قال
البيهقى ورواه سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَخِيهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ عُمَرَ مُفَسَّرًا فِي الْقَضَاءِ ثُمَّ ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ بِأَسَانِيدِهِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِالْقَضَاءِ فَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَنْظَلَةَ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ أَبُوهُ صَدِيقًا لِعُمَرَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي رَمَضَانَ فَأَفْطَرَ وَأَفْطَرَ النَّاسُ فصعد الموذن لِيُؤَذِّنَ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ هَذِهِ الشَّمْسُ لَمْ تَغْرُبْ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ كَانَ أَفْطَرَ فَلْيَصُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ
وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَقَالَ عُمَرُ لَا نُبَالِي وَاَللَّهِ نَقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ
ثُمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَفِي تَظَاهُرِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْقَضَاءِ دَلِيلٌ عَلَى خَطَأِ رِوَايَةِ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ فِي تَرْكِ الْقَضَاءِ ثُمَّ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ ذَلِكَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ سُفْيَانَ الْحَافِظِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى عَنْ شَيْبَانَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ فِي رَمَضَانَ وَالسَّمَاءُ مُتَغَيِّمَةٌ فَرَأَيْنَا أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَابَتْ وَأَنَّا قَدْ أَمْسَيْنَا فَأُخْرِجَتْ لَنَا عِسَاسٌ مِنْ لَبَنٍ مِنْ بَيْتِ حَفْصَةَ فَشَرِبَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَشَرِبْنَا فَلَمْ نَلْبَثْ أَنْ ذَهَبَ السَّحَابُ وَبَدَتْ الشَّمْسُ فَجَعَلَ بَعْضُنَا يَقُولُ لِبَعْضٍ نَقْضِي يَوْمَنَا هَذَا فَسَمِعَ بِذَلِكَ عُمَرُ فَقَالَ وَاَللَّهِ لَا نَقْضِيهِ وَمَا يُجَانِفُنَا الْإِثْمُ
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ كَذَا رَوَاهُ شَيْبَانُ وَرَوَاهُ حَفْصُ بْنُ عَتَّابٍ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَكَانَ يَقُولُ ابْنُ سُفْيَانَ يُحْمَلُ عَلَى زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ المخالفة للروايات الْمُتَقَدِّمَةِ وَبَعْدَهَا مِمَّا خُولِفَ فِيهِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَزَيْدٌ ثِقَةٌ إلَّا أَنَّ الْخَطَأَ غَيْرُ مَأْمُونٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى يَعْصِمُنَا مِنْ الزَّلَلِ وَالْخَطَأِ بِمَنِّهِ وَسَعَةِ رَحْمَتِهِ ثُمَّ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ أَفْطَرْنَا مَعَ صُهَيْبٍ الْخَيْرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي يَوْمِ غَيْمٍ وَطَشٍّ فَبَيْنَا نَحْنُ نَتَعَشَّى إذْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَقَالَ صُهَيْبٌ طُعْمَةُ اللَّهِ أَتِمُّوا صِيَامَكُمْ إلَى اللَّيْلِ وَاقْضُوا يَوْمًا مَكَانَهُ
قَوْلُهُ عِسَاسٍ مِنْ لَبَنِ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَبِسِينٍ مهملة مكررة وهى الاقداح واحدها عسي بِضَمِّ الْعَيْنِ وَأَجَابَ أَصْحَابُنَا عَنْ حَدِيثِ إنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ
أَنَّهُ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى رَفْعِ الْإِثْمِ فَإِنَّهُ عَامٌّ خُصَّ منه غرامات المتلفات وانتفاض الْوُضُوءِ بِخُرُوجِ الْحَدَثِ سَهْوًا وَالصَّلَاةُ بِالْحَدَثِ نَاسِيًا وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ فَيَخُصُّ هُنَا بِمَا
ذَكَرْنَاهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
* {فَرْعٌ} فِي مَذَاهِبِهِمْ فِيمَنْ أَوْلَجَ ثُمَّ نَزَعَ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ
* ذَكَرْنَا أَنَّ مذهبا أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ وَلَا قَضَاءَ وَلَا كَفَّارَةَ وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَآخَرُونَ وَقَالَ مَالِكٌ وَالْمُزَنِيُّ وَزُفَرُ وَدَاوُد يَبْطُلُ صَوْمُهُ وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةً أَنَّهُ يُفْطِرُ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَفِي رِوَايَةٍ يَصِحُّ صَوْمُهُ وَلَا قَضَاءَ وَلَا كَفَّارَةَ وَقَدْ سَبَقَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ دَلِيلُ الْمَذْهَبَيْنِ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ الصَّحِيحِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ إذَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ وَالرَّجُلُ عَلَى امْرَأَتِهِ لَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ أَنْ يَصُومَ إذَا أَرَادَ الصِّيَامَ قَامَ وَاغْتَسَلَ وَأَتَمَّ صِيَامَهُ
* {فَرْعٌ} ذَكَرْنَا أَنَّ مَنْ طَلَعَ الْفَجْرُ وَفِي فِيهِ طَعَامٌ فَلْيَلْفِظْهُ وَيُتِمَّ صَوْمُهُ فَإِنْ ابْتَلَعَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْفَجْرِ بَطَلَ صَوْمُهُ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَدَلِيلُهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَفِي الصَّحِيحِ أَحَادِيثُ بِمَعْنَاهُ (وَأَمَّا) حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إذَا سَمِعَ أَحَدُكُمْ النِّدَاءَ وَالْإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ فَلَا يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ
وَفِي وراية وكان المؤذن يؤذن إذا بزع الْفَجْرُ
فَرَوَى الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرِّوَايَةَ الاولي وَقَالَ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَرَوَاهُمَا الْبَيْهَقِيُّ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا إنْ صَحَّ مَحْمُولٌ عِنْدَ عَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ أَنَّهُ يُنَادَى قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ بِحَيْثُ يَقَعُ شُرْبُهُ قُبَيْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَالَ وَقَوْلُهُ إذَا بَزَغَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ مَنْ دُونَ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ يَكُونَ خبرا عن الْأَذَانِ الثَّانِي وَيَكُونُ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا سَمِعَ أَحَدُكُمْ النِّدَاءَ وَالْإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ
خَبَرًا عَنْ النِّدَاءِ الْأَوَّلِ لِيَكُونَ مُوَافِقًا لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهما قَالَ وَعَلَى هَذَا تَتَّفِقُ الْأَخْبَارُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ والله أعلم
*
* قال المصنف رحمه الله
* {ويحرم علي الصائم الاكل والشرب لقوله سبحانه وتعالي (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصيام الي الليل) فان أكل أو شرب وهو ذاكر للصوم عالم بتحريمه مختار بطل صومه لانه فعل ما ينافى الصوم من غير عذر وان استعط أو صب الماء في
اذنه فوصل الي دماغه بطل صومه لما روى لقيط بن صبرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم قال إذا استنشقت فابلغ الوضوء الا أن تكون صائما
فدل علي أنه إذا وصل إلى الدماغ شئ بطل صومه ولان الدماغ أحد الجوفين فبطل الصوم بالواصل إليه كالبطن وان احتقن بطل صومه لانه إذا بطل بما يصل إلى الدماغ بالسعوط فلان يبطل بما يصل إلى الجوف بالحقنة أولى وان كان به جائفة أو آمة فداواها فوصل الدواء الي جوفه أو إلى الدماغ أو طَعَنَ نَفْسَهُ أَوْ طَعَنَهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ فَوَصَلَتْ الطعنة الي جوفه بطل صومه لما ذكرنا في السعوط والحقنة وان زرق في احليلة شيئا أو أدخل فيه ميلا ففيه وجهان
(أحدهما)
يبطل صومه لانه منفذ يتعلق الفطر بالخارج منه فتعلق بالواصل إليه كالفم
(والثانى)
لا يبطل لان ما يصل الي المتانة لا يصل الي الجوف فهو بمنزلة مالو ترك في فمه شيئا}
* {الشَّرْحُ} حَدِيثُ لَقِيطٍ صَحِيحٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيِّ وَغَيْرُهُمْ وَلَفْظُهُمْ عَنْ لَقِيطٍ قَالَ قلت يارسول اللَّهِ أَخْبِرْنِي عَنْ الْوُضُوءِ قَالَ أَسْبِغْ الْوُضُوءَ وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا
قَالَ التِّرْمِذِيُّ هُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَقَدْ سَبَقَ فِي بَابِ صِفَةِ الْوُضُوءِ بَيَانُ هَذَا الْحَدِيثِ وَبَيَانُ حَالِ لَقِيطٍ وَابْنُ صَبِرَةَ بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِ الْبَاءِ وَيَجُوزُ إسْكَانُ الْبَاءِ مَعَ فَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا وَوَقَعَ فِي نُسَخِ الْمُهَذَّبِ فِي حَدِيثِ لَقِيطٍ فَأَبْلِغْ الوضوء
وهذه اللفظة غير مَعْرُوفَةٌ وَالْمَعْرُوفُ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسُّعُوطِ بِضَمِّ السِّينِ هُوَ نَفْسُ الْفِعْلِ وهو جعل الشئ فِي الْأَنْفِ وَجَذْبُهُ إلَى الدِّمَاغِ وَالسَّعُوطُ بِفَتْحِهَا اسم للشئ الَّذِي يَتَسَعَّطُهُ كَالْمَاءِ وَالدُّهْنِ وَغَيْرِهِمَا وَالْمُرَادُ هُنَا بِالضَّمِّ (وَقَوْلُهُ) فَلَأَنْ يَبْطُلَ هُوَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ (وَالْآمَّةُ) بِالْمَدِّ هِيَ الْجِرَاحَةُ الْوَاقِعَةُ فِي الرَّأْسِ بِحَيْثُ تَبْلُغُ أُمَّ الدِّمَاغِ وَالْمَنْفَذُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالْمَثَانَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَبِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَهِيَ مَجْمَعُ الْبَوْلِ (أَمَّا الْأَحْكَامُ) فَقَالَ أَصْحَابُنَا: أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ عَلَى الصَّائِمِ وَهُوَ مَقْصُودُ الصَّوْمِ وَدَلِيلُهُ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ وَالْإِجْمَاعُ وَمِمَّنْ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ فِيهِ ابْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَضَبَطَ الْأَصْحَابُ الدَّاخِلَ الْمُفْطِرَ بِالْعَيْنِ الْوَاصِلَةِ مِنْ الظَّاهِرِ إلَى الْبَاطِنِ فِي مَنْفَذٍ مَفْتُوحٍ عَنْ قَصْدٍ مَعَ ذِكْرِ الصَّوْمِ وَفِيهِ قُيُودٌ (مِنْهَا) الْبَاطِنُ الْوَاصِلُ إلَيْهِ وَفِيمَا يُعْتَبَرُ بِهِ وَجْهَانِ (أَحَدُهُمَا)
أَنَّهُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْجَوْفِ
(وَالثَّانِي)
يُعْتَبَرُ مَعَهُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ قُوَّةٌ تُحِيلُ الْوَاصِلَ إلَيْهِ مِنْ دَوَاءٍ أَوْ غِذَاءٍ قَالَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِتَفْرِيعِ الْأَكْثَرِينَ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ جَعَلُوا الْحَلْقَ كَالْجَوْفِ فِي إبْطَالِ الصَّوْمِ بِوُصُولِ الْوَاصِلِ إلَيْهِ وَقَالَ إمام الحرمين إذا جاوز الشئ الْحُلْقُومَ أَفْطَرَ وَعَلَى الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا بَاطِنُ الدِّمَاغِ وَالْبَطْنِ وَالْأَمْعَاءِ وَالْمَثَانَةِ مِمَّا يُفْطِرُ الْوُصُولُ إلَيْهِ بِلَا خِلَافٍ حَتَّى لَوْ كَانَتْ بِبَطْنِهِ أَوْ بِرَأْسِهِ مَأْمُومَةٌ وَهِيَ الْآمَّةُ فَوَضَعَ عَلَيْهَا دَوَاءً فَوَصَلَ جَوْفَهُ أَوْ خَرِيطَةَ دِمَاغِهِ