Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد
سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد
سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد
Ebook635 pages6 hours

سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد هو كتاب في السيرة النبوية، من تصنيف الإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي يعتبر الكتاب من أضخم ما ألف في السيرة، فهو يعد موسوعة بكل ما تعنيه الكلمة، وقد أراد منه مؤلفه أن يستوعب فيه كل ما سبقه من مصنفات السيرة، حيث يقول في مقدمته للكتاب: «فهذا كتاب اقتضبته من أكثر من ثلاثمائة كتاب»، وقد حرص على توخي الدقة والصواب فيه
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJul 30, 1902
ISBN9786943951906
سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

Related to سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

Related ebooks

Related categories

Reviews for سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد - الشمس الشامي

    الغلاف

    سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

    الجزء 13

    الشمس الشامي

    942

    سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد هو كتاب في السيرة النبوية، من تصنيف الإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي يعتبر الكتاب من أضخم ما ألف في السيرة، فهو يعد موسوعة بكل ما تعنيه الكلمة، وقد أراد منه مؤلفه أن يستوعب فيه كل ما سبقه من مصنفات السيرة، حيث يقول في مقدمته للكتاب: «فهذا كتاب اقتضبته من أكثر من ثلاثمائة كتاب»، وقد حرص على توخي الدقة والصواب فيه

    أعمامه وعماته وأولادهم وأخواله

    صلى الله عليه وسلم

    الباب الأول في ذكر أعمامه وعماته صلى الله عليه وسلم على سبيل الإجمال

    اختلف في عدد أولاد عبد المطلب فقيل: هم ثلاثة عشر وقيل: اثنا عشر، وقيل: عشرة، وقيل: تسعة، فمن قال: إنهم ثلاثة عشر تلاهم الحارث، وأبو طالب، والزبير، وعبد الكعبة، وحمزة، والعباس، والمقوم، وحجل واسمه المغيرة، وضرار وقثم، وأبو لهب، والغيداق. فهؤلاء اثنا عشر، وعبد الله أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن جعل عدتهم عشرة أسقط عبد الكعبة، وقال: هو مقوم، وجعل الغيداق وحجلا واحدا .ومن جعلهم تسعة أسقط قثم، ولم يذكر أبا النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر ابن إسحاق وابن قتيبة غيره، وجعلهم الحافظ عبد الغني أحد عشر، عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم والحارث وهو أكبر ولد عبد المطلب، وبه كان يكنى، شهد معه حفر زمزم، ومات في حياة أبيه، ولم يدرك الإسلام، أمه صفية بنت جندب من نساء بني هاشم، وقثم قال في الصحاح: هو معدول عن قائم، وهو المعطى .قال البلاذري: هلك صغيرا ولم يعقب، ولم يدرك الإسلام، كذا ذكره الزبير، وبه جزم عبد الغني وقال ابن الكلبي: إنه شقيق العباس، والزبير بفتح الزاي، كذا ضبطه الحافظ مغلطاي في (الزهر الباسم) في غير موضع بالحروف وعن ذلك هو والوزير الأحمد بن يحيى البلاذري في الأنساب وحده، والباقون على ضمها 1 ه .وقد طال تتبعي لذلك على أني وجدت نسخة صحيحة من تاريخ البلاذري قوبلت ثلاث مرات على أصول صحيحة في ترجمة عبد المطلب ما نصه: في الأصل حيث وقع الزبير بفتح الزاي وكسر الباء، فسررت بذلك، قال ابن ماكولا: ومن ذيل عليه لم يذكروا ذلك ولا شيخ الإسلام ابن حجر في التبصير مع سعة اطلاعه، ولله الحمد، ويكنى أبا الحارث، وكان أحد حكام قريش، وهو أسن من عبد الله ومن أبي طالب، كان شاعرا سريعا رئيس بني هاشم وبني المطلب والفهمامة في حرب الفجار، كان ذا عقل ونظر لم يدرك الإسلام، وحمزة كنيته أبو يعلى، وقيل: أبو عمارة وهما ولدان له، وأمه هالة بنت وهيب ويقال: أهيب بن عبد مناف بن زهرة، وهي بنت آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع سنين ذكره الحاكم، قال في الإمناع في ذلك إشكالان .أحدهما: ما ثبت في الحديث أن حمزة وعبد الله بن عبد الأسد بن هلال المخزومي أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي صحيح مسلم عن علي - رضي الله تعالى عنه - قال: قلت: يا رسول الله، مالك تتوق في قريش وتدعنا ؟قال: وعندكم شيء ؟قلت: نعم، بنت حمزة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنها لا تحل لي، إنها ابنة أخي من الرضاعة) .وجه الإشكال أن حمزة إذا كان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع سنين، كيف يصح أن تكون ثويبة أرضعتهما معا، والحديث صحيح فهو مقدم على غيره إلا أن تكون أرضعتهما في زمانين، ويؤيد ذلك قول البلاذري: وكانت ثويبة مولاة أبي لهب، أرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أياما قلائل قبل أن تأخذه حليمة من لبن ابن لها، يقال له: مسرح، وأرضعت قبله حمزة بن عبد المطلب، وأرضعت بعده أبا سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي، وبهذا ينحل الإشكال، والله تعالى أعلم .الإشكال الثاني: أنه قد اشتهر أن عبد المطلب بن هاشم نذر إن آتاه الله عشرة من الولد ذكوراً، لينحرن أحدهم عند الكعبة، كما سبق بيان ذلك، لكن يزيل الإشكال ما رواه البلاذري من طريقين عن محمد بن عمر الأسلمي قال: سألت عبد الله بن جعفر متى كان حفر عبد المطلب زمزم ؟فقال: وهو ابن أربعين سنة، قلت: فمتى أراد ذبح ولده ؟قال: بعد ذلك بثلاثين سنة، قلت: قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم ؟قال: أجل، وقبل مولد حمزة استشهد بأحد وهو ابن أربع وخمسين، وتقدم ذكره مبسوطا في غزوتها .والعباس أسلم وحسن إسلامه، وهاجر إلى المدينة وكان له عشر من الذكور لهم صحبة، وثلاث إناث، والفضل، وهو أكبر أولاده، وبه كان يكنى، وعبد الله، وهو الحبر، وعبيد الله وكان جوادا، وقثم، ومعبد، وأم حبيب، وأمهم واحدة، وعبد الرحمن، وكثير، وتمام، وأمهم رومية، وقالوا: ما رأينا بني أم قط تباعدت قبورهم كتباعد قبور بني أم الفضل لبابة بنت الحارث الكبرى، فقبض الفضل بالشام باليرموك، وعبد الله بالطائف، وعبيد الله بالمدينة، وقثم بسمرقند، ومعبد بإفريقية، وكان أيسر بني هاشم، وكان له ثوب لعاري بني هاشم، وجفنة لجائعهم، ويقظة لجاهلهم وكان يمنع الجار، ويبذل المال، ويعطى في النوائب، وكان نديمه في الجاهلية أبا سفيان بن حرب، شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة ليستوثق، ولم يسلم يومئذ، ثم أسلم بعد ذلك، واختلف في وقت إسلامه فروي أنه أسلم قبل بدر، ولكنه كان يكتم إيمانه، وقيل: أسلم بعد وقعة خيبر، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة وحنينا والطائف، وثبت معه يوم حنين، وأبو طالب بن عبد مناف شقيق عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم كفل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد جده، لأنه أوحي إليه، فأحسن القيام بنصر الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان يقر بنبوته، ولكنه أبى أن يدين بذلك خشية العار، والله غالب على أمره، مات في النصف من شوال في السنة العاشرة من الهجرة، وهو ابن بضع وثمانين سنة، وقيل: أكثر من ذلك، ولد له من الذكور أربعة، ومن الإناث اثنتان، طالب مات كافرا، وهو أكبر ولده، وبه كان يكنى، وعلي، وجعفر وعقيل، وأم هانئ، كنيت باسم ابنها، واسمها فاختة، وقيل: عاتكة وقيل: فاطمة، وقيل: هند، وجمانة أمهم فاطمة بنت أسد بن هاشم - رضي الله تعالى عنها - وكان علي أصغرهم وجعفر أسن منه بعشر سنين، وعقيل أسن من جعفر بعشر سنين، وطالب أسن من عقيل بعشر سنين، وأبو لهب، واسمه عبد العزى، تقدم خبر وفاته أواخر قصة بدر، ومن ولده عتبة، ومعتب، ثبتا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، وأصيبت عين معتب، أسلما يوم الفتح، وآخرهما عتيبة بالتصغير، مات كافرا سلط الله عليه الأسد كما سبق في المعجزات. وعبد الكعبة، لم يدرك الإسلام، قاله البلاذري: درج صغيرا، ولم يعقب، وهو شقيق عبد الله .وحجل، قال الدار قطني، والنووي في تهذيبه وبحاء مهملة مفتوحة، فجيم ساكنة، وهو في الأصل الخلخال، وضبطه في العيون، بتقديم الجيم على الحاء، وهو في الأصل نوع من اليعاسيب .وقال أبو حنيفة الدينوري: كل شيء ضخم فهو حجل، وحجل يسمى المغيرة، وقيل: مصعب والعباس، وضرار مات أيام أوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من أكثر فتيان قريش جمالا وسخاء، لا عقب له وهو شقيق العباس .والغيداق - بعين معجمة فتحتية فدال مهملة فألف فقاف - لقب بذلك، لجودهن وكان أكثر قريش مالا، قال ابن سعد: اسمه مصعب، وقال الدمياطي: نوفل، وأمه ممنعة بنت عمرو بن مالك .والمقوم - بضم الميم وفتح القاف وتشديد الواو مفتوحة ومكسورة - يكنى أبا بكر والعوام نقله في (العيون) عن بعضهم وقال بعضهم:

    أعدد ضرارا إن عددت فزائدا ........ والليث حمزة واعدد العباسا

    واعدد زبيرا والمقوم بعده ........ والصمت حجلا والفتى الرآسا

    وأبا عبيدة فاعددنه ثامنا ........ والقزم عبد مناف العباسا

    والعرم عبد ا مايعد حجا حجا ........ سادوا على رغم العدو الناسا

    والحارث الفياض ولى ماجدا ........ أيام نازعة الهمام لكاسا

    ما للأنام عمومة كعمومتي ........ أنى وهم خير الأناس أناسا

    عاتكة شقيقة عبد المطلب وعبد الله، قال أبو عبد الله: الأكثر على أنها لم تسلم، وذكرها ابن فتحون في ذيل الاستيعاب، واستدل على إسلامها بشعر لها تمدح به النبي صلى الله عليه وسلم وتصفه بالنبوة، قال الدار قطني: لها شعر، يذكر فيه تصديقها، وقال ابن سعد: أسلمت عاتكة بمكة، وهاجرت إلى المدينة، وهي صاحبة الرؤيا المشهورة كانت تحت أبي أمية بن المغيرة المخزومي، فولدت له عبد الله زهيرا، وكلاهما ابنا عم أبي جهل أخي أم سلمة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم لأبيها كما جزم به أبو عمر، فأما عبد الله فأسلم وكان قبل إسلامه شديد العداوة للنبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي قال: (لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا) إلى (أو يكون لك بيت من زخرف) ثم أنه - رضي الله تعالى عنه - خرج مهاجرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلقيه في الطريق بين السقيا والفرع مريدا مكة عام الفتح فتلقاه، فأعرض عنه مرة بعد أخرى، حتى دخل على أخته أم سلمة - رضي الله تعالى عنها - وسألها أن تشفع فشفعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسن إسلامه وشهد فتح مكة وحنينا والطائف، فرمى يوم الطائف بسهم فقتله، ومات شهيدا - رضي الله تعالى عنه - وأما زهير بن أمية وأميمة فاختلف في إسلامهما فنفاه ابن إسحاق، ولم يذكرها غير ابن سعد، وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعمها أربعين وسقا من خيبر، قاله الحافظ، فعلى هذا كانت لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنتها زينب موجودة، وكانت تحت جحش بن رئاب أخي بني تميم من دودان بن أسد بن خزيمة فولدت له عبد الله وعبيد الله وأبا أحمد، وزينب وحمنة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأم حبيبة وحمنة أسلموا كلهم، وهاجر الذكور الثلاثة إلى أرض الحبشة، فتنصر عبيد الله هناك وبانت منه زوجته أم حبيبة بنت أبي سفيان .وأما البنات فأسلمن كلهن، والبيضاء وهي الحصان لا تكلم، والضاع لا تعلم، توءمة عبد الله أم حكيم - بفتح المهملة وكسر الكاف - كانت تحت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف، فولدت له عامرا، وبنات لم يذكر عددهن ولا أسماءهن ولا إسلامهن، أما عامر - رضي الله تعالى عنه - فأسلم يوم فتح مكة، وبقي - رضي الله تعالى عنه - إلى خلافة عثمان - رضي الله تعالى عنه - وهو والد عبد الله بن عامر بن كريز الذي ولاه عثمان، أمره العراق وخراسان، وكان عمره أربعا وعشرين سنة .وبرة كانت عند أبي رهم بن عبد العزى العامري، ثم خلف عليها بعده عبد الأسد بن هلال المخزومي، فولدت له أبا سلمة بن عبد الأسد الذي كانت عنده أم سلمة قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل: كانت أولا عند الأسلم ثم خلف عليها أبورهم، أسلم أبو سلمة، وهاجر الهجرتين كما تقدم بيان ذلك مبسوطا، وشهد بدرا، وجرح يوم أحد جرحا اندمل ثم نقص عليه فمات منه، وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم بعده أم سلمة، وصفية والدة الزبير بن العوام، شقيقة حمزة، أسلمت، وهاجرت مع ولدها الزبير، وروت عن النبي صلى الله عليه وسلم وشهدت الخندق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتلت رجلا من اليهود، وضرب لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهم، وكانت في الجاهلية تحت الحارث بن حرب بن أمية بن عبد شمس ثم هلك عنها فخلف عليها العوام بن خويلد أخو أم المؤمنين خديجة - رضي الله تعالى عنها - فولدت له الزبير والسائب وعبد الكعبة، أسلم الزبير والسائب - رضي الله تعالى عنهما - وقتل الزبير يوم اليمامة شهيدا، وتوفيت في خلافة عمر - رضي الله تعالى عنها - سنة عشرين ولها ثلاث وسبعون سنة، ودفنت بالبقيع - رضي الله تعالى عنها - وجمانة وأروى، حكى أبو عمر عن ابن إسحاق أنه لم يسلم من عمات النبي صلى الله عليه وسلم إلا صفية، وتعقب بقصة أروى وذكرها العقيلي في الصحابة وأسند عن محمد بن عمر قصة إسلامها، وقال ابن سعد: أسلمت أروى وهاجرت. قال في زاد المعاد: وصحح بعضهم إسلام أروى، وذكر ابن سعد أن أروى هذه رثت رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيات:

    ألا يا رسول الله ، كنت رجاءنا ........ وكنت بنا برا ولم تك جافيا

    أفاطم ، صلى الله ، رب محمد ........ على جدث أمسى بيثرب ثاويا

    أبا حسن فارقته وتركته ........ فبط بحزن آخر الدهر شاحبا

    فدى لرسول الله أمي وخالتي ........ وعمي ونفسي قصرة ثم خاليا

    صبرت وبلغت الرسالة صادقا ........ وقمت صليب الدين أبلج صافيا

    فلو أن رب الناس أبقاك بيننا ........ سعدنا ، ولكن أمرنا كان ماضيا

    عليك من الله السلام تحية ........ وأدخلت جنات من العدن راضيا

    وكنت بنا رؤوفاً رحيماً نبينا ........ ليبك عليك اليوم من كان باكيا

    لعمرك ما أبكي النبي لموته ! ........ ولكن لهرج كان بعدك آتيا

    وكان على قلبي لذكر محمد ........ وما خفت من بعد النبي المكاويا

    فسألته في منام رأته قبل وقعة بدر، رواه الطبراني بإسناد حسن عن مصعب بن عبد الله وغيره من قريش، وتقدم ذلك في غزوة بدر، كانت تحت عمير بن قصي بن وهب بن عبد قصي فولدت طليبا، خلف عليها كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي، وأسلم طليب، وكان - رضي الله تعالى عنه - سببا في إسلام أمه .قال محمد بن عمر: إن طليبا أسلم في دار الأزقم، ثم خرج فدخل على أمه أروى، فقال: تبعت محمدا صلى الله عليه وسلم وأسلمت لله - عز وجل - فقالت: إن أحق ما وازرت وعضدت ابن خالك والله، لو كنا على قدر ما تقدر عليه الرجال لمنعناه، وذبينا عنه، قال لها طليب: ما منعك أن تسلمي وتتبعيه، وقد أسلم أخوك حمزة ؟فقالت: أنظر ما يصنع أخواتي ثم أكون من إحداهن، قلت: فإني أسألك بالله إلا أتيته، فسلمت عليه وصدقته وشهدت أن لا إله إلا الله، فقالت: فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ثم كانت بعد تعضد النبي صلى الله عليه وسلم بلسانها وتحض على نصرته والقيام بأمره، وهاجر طليب إلى أرض الحبشة وإلى المدينة، وشهد بدرا ولا عقب له، استشهد بأجنادين، قيل: باليرموك .وأمهات هؤلاء الذكور والإناث شتى، فحمزة - رضي الله تعالى عنه - والمقوم، وحجلا، وصفية والعوام لأم وهي هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة بنت فهر آمنة بنت وهب أم رسول الله صلى الله عليه وسلم والعباس - رضي الله تعالى عنه - وضرار، وقثم لأم وهي نتلة بفتح النون وسكون الفوقية أو نتيلة تصغير الأول والنتل: بيض النعام، وبعضهم يصحفها - بالتاء المثلثة بنت جناب - بجيم مفتوحة فنون وبعد الألف موحدة - بن كليب بن ثمر بن قاسط يقال: إنها أول عربية كست البيت الحرام الديباج وأصناف الكسوة، وذلك أن العباس ضل وهو صبي فنذرت إن وجدته أن تكسو البيت الحرام فوجدته ففعلت، والحارث، وأروى، وقثم من صفية بنت جندب بن حجير - بضم الحاء المهملة وفتح الجيم - بن زباب - بفتح الزاي والموحدة وبعدها ألف فموحدة مخففة - بن حبيب بن سواءة بن عامر بن صعصعة، وأبو لهب من لبنى بنت هاجر بكسر الجيم كما جزم به السهيلي في (روضه) قبيل المولد بيسير ولم يذكره الأمير، ولا من تبعه وعجبت من إغفال الحافظ له في (التبصير) ابن عبد مناف بن خاطر بن حيشية بن سلول بن خزاعة، وعبد الله أبو النبي صلى الله عليه وسلم وأبو طالب، والزبير، وعبد الكعبة، وعاتكة، وبره والبيضاء لأم، وهي فاطمة بنت عمرو بن عابد بالموحدة بن عمران بن مخذوم، والغيداق من ممنعة بنت عمرو بن مالك بن خزاعة، ولم يعقب من الذكور إلا أربعة، الحارث، والعباس - رضي الله تعالى عنه - وأبو طالب وأبو لهب، ولم يدرك الإسلام منهم غير أربعة أبو طالب، وأبو لهب وحمزة، والعباس - رضي الله تعالى عنهما - وأسلم من الإناث صفية - رضي الله تعالى عنها - بلا ظان، واختلف في أروى وعاتكة، فذهب العقيلي إلى إسلامهما وعدهما من جملة الصحابيات، وذكر الدار قطني عاتكة من جملة الإخوة والأخوات ولم يذكر أروى، وجملة أولاد الأعمام خمسة وعشرون اثنان لم يسلما: طالب بن أبي طالب، وعتيبة بالتصغير ابن أبي لهب، والباقون أسلموا ولهم صحبة .وتفصيلهم: أربعة لأبي طالب: طالب، مات كافرا، وعقيل وجعفر، وعلي، وعشرة للعباس: الفضل، وعبد الله، وعبيد الله، وقثم، وعبد الرحمن، ومعبد، وكثير، وتمام لأم، والحارث أمه هذيلة، وأمنة، وأم كلثوم، وصفية لأمهات أولاد زاد هشام في الكلبي، وصبيح، وشهر، ولم يتابع على ذلك، وزاد إبراهيم المزني: لبابة، وآمنة، ومعقل، وعون، وأم حبيب، وأمهم أم الفضل لبابة بنت الحارث الهلالية، وهمام وخمسة للحارث: أبو سفيان، ونوفل، وربيعة، والمغيرة، وعبد شمس. وثلاثة للزبير: عبد الله وضباعة، وأم الحكم، وواحد للزبير وهو عبد الله، وشهد حنينا مع النبي صلى الله عليه وسلم وكان فارسا مشهورا، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ابن عمتي وحبي) ومنهم من يقول: إنه كان يقول: ابن أبي وحبي. قال أبو عمر: ولا أحفظ له رواية، وكان سنه يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو ثلاثين سنة استشهد بأجنادين بعد أن أبلى بها بلاء حسنا، ولا عقب له. واثنان لحمزة: عمارة، ويعلى، وقال مصعب: ولد لحمزة خمسة رجال لصلبه، ماتوا ولم يعقبوا، قال الزبير بن بكار لم يعقب أحد من بني حمزة إلا يعلى وحده، فإنه ولد له خمسة رجال لصلبه، وماتوا ولم يعقبوا، وثلاثة لأبي لهب: عتبة، ومعتب، وعتيبة مات كافرا .وإناث عشرة: ابنتان لأبي طالب: أم هاني، وجمانة وثلاث للعباس: أم حبيبة، وصفية، وأميمة. وواحدة للحارث هي: أروى، وإثنتان للزبير: ضباعة وأم هانئ، وأم الزبير، وصفية، ذكرهما في العيون ولهن صحبة، ولأبي لهب: درة، وخالدة، وعزة وواحدة لحمزة وهي أمامة، ويقال أمة الله، وكان الواقدي يقول فيها: عمارة .قال الخطيب: انفرد الواقدي بهذا القول، وإنما عمارة ابنة لأبيه، قال في العيون: ولحمزة أيضاً ابنة تسمى أم الفضل وابنة تسمى فاطمة، ومن الناس من يعدهما واحدة، وفاطمة هذه إحدى الفواطم التي قال صلى الله عليه وسلم لعلي وقد أهدى له حلة من استبرق اجعلها خمر بين الفواطم فشققتها أربعة أخمرة خمارا لفاطمة بنت أسد أم علي. وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم زوج علي وفاطمة ابنة حمزة، وفاطمة بنت عتبة .وجملة أولاد العمات أحد عشر رجلا وثلاث بنات عرفن فالذكور عامر بن بيضاء بن كريز بن ربيعة، وعبد الله وزهير ابنا عاتكة بن أبي أمية المخزومي، وعبد الله وعبيد الله وأبو أمية بن جحش، وطليب بن أروى بن عمير بن وهب، والزبير والسائب، وعبد الكعبة بنو صفية بن العوام، وكلهم أسلموا وثبتوا على الإسلام إلا عبيد الله بن جحش، وأما الإناث فزينب وحمنة وأم حبيبة بنات أمية بن جحش ذكر لأم حكيم لم يذكر عددهن ولا إسلامهن ولا أسماؤهن وسيأتي لذلك بعض بيان في الأبواب الآتية. وأخواله صلى الله عليه وسلم الأسود بن عبد يغوث بن وهب .قال البلاذري: وهو خال النبي صلى الله عليه وسلم وكان من المستهزئين، ثم روي عن عكرمة قال: أخذ جبريل بعنق الأسود بن عبد يغوث فحنى ظهره حتى احقوقن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خالي خالي) فقال: يا محمد، دعه عنك .روى الخرائطي عن محمد بن عمير بن وهب خال النبي صلى الله عليه وسلم قال: جاء والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد، فبسط رداءه فقال: أجلس على ردائك يا رسول الله ؟قال: (نعم فإن الخال وارث) .وروى ابن الأعرابي في (معجمه) عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخاله الأسود بن وهب: (ألا أعلمك كلمات من يرد الله به خيراً يعلمهن إياه ثم لا ينسيه أبدا ؟) قال: بلى يا رسول الله، قال: قال: (اللهم إني ضعيف فقوني، رضاك ضعفي، وخذ إلى الخير بناصيتي، واجعل الإسلام منتهى رضاي) .وروى ابن منده عن الأسود بن وهب خال النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ألا أنبئك بشيء عسى الله أن ينفعك به ؟) قال: بلى، قال: (إن الربا أبواب، الباب منه عدل سبعين حوبا أدناها فجرة كاضطجاع الرجل مع أمه، وإن أربى الربا استطالة المرء في عرض أخيه بغير حق) .وروى ابن شاهين عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - أن الأسود بن وهب خال النبي صلى الله عليه وسلم استأذن عليه فقال: يا خال ادخل، فدخل فبسط له رداءه عمير بن وهب .وروى الخرائطي من مكارم الأخلاق بسند ضعيف عن محمد بن عمير بن وهب قال: جاء الأسود بن وهب والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد فبسط له رداءه فقال: أجلس على ردائك ؟قال: (نعم فإنما الخال والد).

    الباب الثاني في بعض مناقب سيدنا حمزة - رضي الله تعالى عنه -

    وفيه أنواعالأول: في وقت إسلامه .أسلم حمزة - رضي الله تعالى عنه - قديما في السنة الثانية من المبعث .وقال ابن الجوزي كان بعد دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم في السادسة .وروى ابن عساكر أنه يوم ضرب أبو بكر الصديق حين ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل إسلام عمر بثلاثة أيام. وتقدم سبب إسلامه، وحسن بلائه في غزوة أحد، ومقتله وتقدم في السرايا أن أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد من المسلمين كانت لحمزة - رضي الله تعالى عنه - عز بإسلامه الإسلام، وكفت قريش عن النبي صلى الله عليه وسلم بعض ما كانوا ينالون منه، خوفا من حمزة - رضي الله تعالى عنه - وعلما منهم أنه سيمنعه، وكان عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة وأم كل منهما ابنة عم أم الآخر .الثاني: أنه أسد الله تعالى وأسد رسول الله صلى الله عليه وسلمروى الطبراني مرسلا برجال الصحيح عن عمير بن إسحاق - رحمه الله تعالى - قال: كان حمزة يقاتل بين يدي رسول الله بسيفين ويقول: أنا أسد الله وأسد رسوله .وروى الطبراني برجال الصحيح غير يحيى وأبيه فيحرر حالهم عن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن أبيه عن جده والبغوي في معجمه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (والذي نفسي بيده، إنه مكتوب عند الله - عز وجل - في السماء السابعة حمزة بن عبد المطلب أسد الله ورسوله) .وروى الحاكم وابن هشام عن محمد بن عمر عن شيوخه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أتاني جبريل فأخبرني أن حمزة مكتوب في أهل السماوات)، ولفظ ابن هشام (وحمزة مكتوب في السموات السبع أسد الله ورسوله) .الثالث: أنه خير أعمامه صلى الله عليه وسلمروى ابن عساكر عن عبد الرحمن بن عابس بن ربيعة وأبو نعيم عن عابس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خير أعمامي حمزة) .وروى الديلمي عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير إخوتي علي، وخير أعمامي حمزة) .الرابع: في أنه سيد الشهداء - رضي الله تعالى عنه -روى الطبراني في (الأوسط) عن ابن عباس، والطبراني في (الكبير) عن علي، والخلعي عن ابن مسعود، والديلمي والحاكم والخطيب والضياء عن جابر - رضي الله تعالى عنهم - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (سيد) ولفظ الديلمي (خير الشهداء) ولفظ جابر (عند الله) وفي لفظ (يوم القيامة حمزة) زاد ابن عباس وابن مسعود وجابر (ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله) .الخامس: في شهادته صلى الله عليه وسلم له بالجنة - رضي الله تعالى عنه -روى ابن عمر عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (دخلت البارحة الجنة فإذا حمزة مع أصحابه) رضي الله تعالى عنهمالسادس: في آية نزلت فيهروى السدي في قوله تعالى (أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه) أنها نزلت في حمزة .وروى السلفي عن بريدة - رضي الله تعالى عنه - في قوله تعالى: (ياأيتها النفس المطمئنة) قال حمزة: في .السابع: في شدة حزنه صلى الله عليه وسلم حين قتل .روى أبو الفرج بن الجوزي عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على حمزة حين استشهد، فنظر إلى شيء، لم ينظر إلى شيء كان أوجع لقلبه منه وقد تقدم في غزوة أحد ما يغنى عن الإعادة .الثامن: في تغسيل الملائكة له - رضي الله تعالى عنه -روى الطبراني بسند حسن عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنه - قال: أصيب حمزة بن عبد المطلب وحمزة بن الراهب وهما جنب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (رأيت الملائكة تغسلهما) .وروى الحاكم وقال: صحيح الإسناد عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - أن حمزة قتل جنبا فغسله الملائكة .التاسع: في كفنه - رضي الله تعالى عنه -روى أبو يعلى واللفظ له برجال الصحيح عن أنس - رضي الله تعالى عنه - قال: لما كان يوم أحد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمزة وقد جدع أنفه، ومثل به فقال: (لولا أن تجد صفية في نفسها لتركته، حتى يحشره الله من بطون السباع والطير) فكفن في نمرة إذا خمر رأسه بدت رجلاه، وإذا خمر رجلاه بدت رأسه .وروى الطبراني عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال: لما قتل حمزة بن عبد المطلب - رضي الله تعالى عنه - كان عليه نمرة، وكان هو الذي أدخله في قبره، وكان إذا غطى بها رأسه، خرجت قدماه، وإذا غطى قدميه خرج رأسه، فسأل عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره أن يغطي رأسه، وأن يأخذ شجرا من هذا العلجان فيجعله على رجله .العاشر: في سنه يوم قتل ووصيته إلى زيد بن حارثة - رضي الله تعالى عنهما -كان سنه يوم قتل تسعا وخمسين سنة، ودفن هو وابن أخته عبد الله بن جحش في قبر واحد .الحادي عشر: في ولده - رضي الله تعالى عنه -له من الولد ذكران وأنثى، عمارة وأمه خولة بنت قيس بن مالك بن النجار الأنصارية الخزرجية، ويعلى وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكل واجد منهما أعوام ولم تحفظ لواحد منهما رواية، واسم الأنثى أمامة كما ذكره ابن الجوزي، وقال ابن قتيبة يقال لها: أم أبيها، أمها زينب بنت عميس الخثعمية، وهي التي اختصم في حضانتها علي وجعفر وزيد، فقال علي: ابنة عمي وقال جعفر ابنة عمي، وخالتها تحتي، وقال زيد: ابنة أخي، فقضي بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالتها وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الخالة بمنزلة الأم) .رواه البخاري، وكانت أحسن فتاة في قريش والله سبحانه وتعالى أعلم.

    الباب الثالث في بعض مناقب سيدنا العباس - رضي الله تعالى عنه -

    وفيه أنواعالأول في مولده واسمه وكنيته وصفته .ولد - رضي الله تعالى عنه - قبل الفيل بثلاث سنين، وكان أسن من النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين وقيل بثلاث .روى ابن أبي عاصم عن أبي رزين والبغوي في معجمه عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - قال: قيل للعباس - رضي الله تعالى عنه - أيما أكبر ؟أنت أو النبي صلى الله عليه وسلم قال: هو أكبر مني، وأنا ولدت قبله، وكان - رضي الله تعالى عنه - وسيما أبيض بضا له خفيرتان، معتدل القامة وقيل: كان طوالا. انتهى .وروى ابن أبي عاصم وابن عمر عن جابر - رضي الله تعالى عنه - أن الأنصار لما أرادوا أن يكسوا العباس حين أسر يوم بدر، لم يصلح عليه قميص إلا قميص عبد الله بن أبي فكساه إياه، فلما مات عبد الله بن أبي ألبسه النبي صلى الله عليه وسلم وتفل عليه من ريقه، وقال سفيان: فظني أنه مكافأة للعباس - رضي الله تعالى عنه - وكان - رضي الله تعالى عنه - رئيسا في قريش، وإليه - رضي الله تعالى عنه - عمارة المسجد الحرام، فكان لا يدع أحدا يسبه فيه، ولا يقول فيه هجرا، وكانت قريش قد اجتمعت وتعاقدت على ذلك، فكانوا له عونا وأسلموا ذلك إليه، وكان - رضي الله تعالى عنه - جوادا مطعما، وصولا للرحم ذا رأي حسن ودعوة مرجوة .الثاني: في شفقته - رضي الله تعالى عنه - على النبي صلى الله عليه وسلم في الجاهلية والإسلام .روى مسلم وغيره عن جعفر بن محمد، عن أبيه. قال: دخلنا على جابر بن عبد الله فسأل عن القوم حتى انتهى إلي. فقلت: أنا محمد بن علي بن حسين. فأهوى بيده إلى رأسي فنزع زري الأعلى. ثم نزع زري الأسفل. ثم وضع كفه بين ثديي وأنا يومئذ غلام شاب فقال: مرحبا بك. يا ابن أخي سل عما شئت. فسألته. وهو أعمى. وحضر وقت الصلاة، فقام في نساجة ملتحفا بها. كلما وضعها على منكبه رجع طرفاها إليه من صغرها. ورداؤه إلى جنبه على المشجب. فصلى بنا. فقلت: أخبرني عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بيده. فعقد تسعا فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم يحج، ثم أذن في الناس في العاشرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج. فقدم المدينة بشر كثير. كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم ويعمل مثل عمله. فخرجنا معه. حتى أتينا ذا الحليفة. فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر .فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أصنع ؟قال: (اغتسلي. واستثفري بثوب وأحرمي) فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد. ثم ركب القصواء. حتى إذا استوت به ناقته على البيداء. نظرت إلى مد بصري بين يديه. من راكب وماش. وعن يمينه مثل ذلك. وعن يساره مثل ذلك. ومن خلفه مثل ذلك. ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا. وعليه ينزل القرآن. وهو يعرف تأويله. وما عمل به من شيء عملنا به. فأهل بالتوحيد (لبيك اللهم! لبيك. لبيك لا شريك لك لبيك. إن الحمد والنعمة لك. والملك لا شريك لك ). وأهل الناس بهذا الذي يهلون به. فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم شيئاً منه. ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته. قال جابر - رضي الله عنه -: لسنا ننوي إلا الحج. لسنا نعرف العمرة. حتى إذا أتينا البيت معه، استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا. ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام. فقرأ: (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) فجعل المقام بينه وبين البيت. فكان أبي الذي قدم به علي من اليمن والذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم مائة. قال: فحل الناس كلهم وقصروا. إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي، فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى. فأهلوا بالحج. وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر. ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس. وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة. فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام. كما كانت قريش تصنع في الجاهلية. فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة. فوجد القبة قد ضربت له بنمرة. فنزل بها. حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء. فرحلت له. فأتى بطن الوادي. فخطب الناس وقال: (إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم. كحرمة يومكم هذا. في شهركم هذا. في بلدكم هذا. ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع. ودماء الجاهلية موضوعة. وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث. كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل. وربا الجاهلية موضوع. وأول ربا أضع ربانا. ربا عباس بن عبد المطلب. فإنه موضوع كله. فاتقوا الله في النساء. فإنكم أخذتموهن بأمان الله. واستحللتم فروجهن بكلمة الله. ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه. فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح. ولهن عيكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به. كتاب الله. وأنتم تسألون عني. فما أنتم قائلون ؟) قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت. فقال بإصبعه السبابة، يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس (اللهم! اشهد. اللهم! اشهد) ثلاث مرات. ثم أذن. ثم أقام فصلى الظهر. ثم أقام فصلى العصر. ولم يصل بينهما شيئاً. ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم. حتى أتى الموقف. فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات. وجعل حبل المشاة بين يديه. واستقبل القبلة. فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس. وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص. وأردف أسامة خلفه. ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام. حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله. ويقول بيده اليمنى: (أيها الناس! السكينة السكينة) كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا. حتى تصعد. حتى أتى المزدلفة. فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين. ولم يسبح بينهما شيئاً. ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر. وصلى الفجر، حين تبين له الصبح، بأذان وإقامة. ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام. فاستقبل القبلة. فدعاه وكبره وهلله ووحده. فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا. ً فدفع قبل أن تطلع الشمس وأردف الفضل بن عباس وكان رجلا حسن الشعر أبيض وسيما، فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به ظعن يجرين. فطفق الفضل ينظر إليهن. فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل. فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر. فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الشق الآخر على وجه الفضل. يصرف وجهه من الشق الآخر ينظر. حتى أتى بطن محسر. فحرك قليلا. ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى. حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصيات. يكبر مع كل حصاة منها. حصى الخذف. رمى من بطن الوادي. ثم انصرف إلى المنحر. فنحر ثلاثا وستين بيده. ثم أعطى عليا. فنحر ما غبر. وأشركه في هديه. ثم أمر من كل بدنة ببضعة. فجعلت في قدر. فطبخت. فأكلا من لحمها وشربا من مرقها. ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت. فصلى بمكة الظهر. فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم، فقال: (انزعوا بني عبد المطلب! فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم) فناولوه دلوا يقول: (ولا أعلمه ذكره إلا على النبي صلى الله عليه وسلم ): كان يقرأ في الركعتين (قل هو الله أحد) (وقل يا أيها الكافرون) ثم رجع إلى الركن فاستلمه ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ (إن الصفا والمروة من شعائر الله) (أبدأ بما بدأ الله به) فبدأ بالصفا فرقي عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة. فوحد الله، وكبره. وقال: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. لا

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1