Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

أبدو الأزيم: صدّق روحه
أبدو الأزيم: صدّق روحه
أبدو الأزيم: صدّق روحه
Ebook324 pages2 hours

أبدو الأزيم: صدّق روحه

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

عشتُ أرقب وأحلِّل وأغامر، أرقب مَن اختاروا التمسُّك الحَرفي بالعادات والتقاليد وكأنَّها طوق النجاة في هذه الحياة.  أرقب مَن اختاروا المغامرة في تجارب الحياة، وأرقب إدارتهم لطبيعة المغامرات وكيفية الظفر بنتائجها. أرقب مَن اختاروا الالتزام الديني كسبيل وحيد للنجاة، ولكن كنتُ ألاحظ اختلاف المدارس في هذا الشأن، فمنهم المتصوِّف، ومنهم السَّلفي، ومنهم الجهادي، ومنهم الإخواني، وغيرهم كثير، وأرى وأحلِّل نتاج كلِّ اختيار على شخصية صاحبه، ومدى تأثيره في الآخَرين. حالة عامَّة ومركَّزة مِن المراقبة للتجارب والحكايات، لأنسج القماشة التي تناسب تركيبتي، وتتوافق مع طموحي. الحياة شيء شديدة الخصوصية، مليء بالتجارب والصراعات، عشتُها بكلِّ تفاصيلها الدقيقة، راقبتُ مناهجها وشخوصها، وحلَّلتُها جيِّدًا، وتعلَّمتُ احترام المسافات مع الجميع؛ فلربَّما كانت النجاة في الحفاظ على المسافات. لكنَّني غامرتُ أيضًا في كلِّ شيء قمتُ به، مغامرة مِن نوع خاص، ليسَت بالعشوائية ولا الطائشة ولا المدروسة تمامًا كذلك، إنَّها مغامرة مِن نوع آخَر لا يمكن وصفها إلا في قصص ولمحات متتالية مِن الحياة، تضمُّها صفحات كصفحات هذا الكتاب. وتبقى هذه الأسئلة دائمًا لكلِّ السائرين في الحياة: هل نحن سائرون في الحياة وحدنا؟ كيف صِيغَت أقدارنا بهذه المعطَيات العجيبة؟ ومتى حدث ذلك؟ متى ندرك ماهيَّة رسائل الحياة؟ وكيف لنا أن نتفاعل معها؟ كيف لاستثمار الصُّدَف أن يكون له دور في لحظات فارقة في مسارات حياتنا؟ هذه التساؤلات وغيرها يطرحها هذا الكتاب، ويطرح معها تصوُّرات حول الإجابات، إجابات عاصَرَها كاتب هذه السطور، وكان شاهدًا عليها.
Languageالعربية
Release dateOct 31, 2022
ISBN9789948810278
أبدو الأزيم: صدّق روحه
Author

محمد عبد العظيم

•محمد عبد العظيم، مواليد القاهرة - فبراير 1977.  •درس في كلية الفنون التطبيقية «قسم الطباعة والنشر والتغليف»، وتخرَّج فيها عام 2000. •عَمِلَ بمجال المطبوعات المؤمنة لمدة سبع سنوات قام خلالها بتنفيذ العديد مِن الأعمال.  • عَمِلَ بمجال صناعة التغليف المرن. • ساهَمَ في العديد مِن الأفكار الابتكارية والخاصَّة بالإخراج الفني للمطبوعات.  • أسَّسَ شـركة بـرو هـاوس للطباعـة وتنظيـم المؤتمـرات فـي عـام 2008، وهـي الآن إحـدى الشـركات الرائـدة فـي هـذه الصناعـة بالسـوق المصـرية. •مُحاضِر في العديد مِن الجهات. • له رؤية خاصَّة في مزج صناعة الطباعة وتكاملها مع مختلف الفنون البصرية. • شـارَكَ فـي العديـد مِن المعارض في أنحـاء العالم المتخصِّصة في صناعة الطباعة سـواء كعارض أو كزائـر فـي دول: الولايـات المتحـدة الأمريكيـة - إنجلتـرا - ألمانيـا - النمسـا - إيطاليـا - اليونـان- سويسـرا - هولنـدا - تايـوان - الصيـن- الأردن - العـراق- الإمارات العربيـة المتحـدة - السـودان - المغـرب - أثيوبيـا - كينيـا - جنـوب إفريقيـا - غانـا - المجـر.  أقام عدَّة معارض لاستعراض وتقديم الطباعة كأحد الفنون الهامَّة:  … فبرايـر 2017 مِـن وَحـي أعمـال الفنـان الكبيـر محمـد عبلـة بجاليري الجريـك كامبـس بالجامعة الأمريكية بالقاهـرة، وعـرض بعدهـا فـي الإسكندرية، ثـمَّ الخرطـوم، ثـمَّ أديـس أبابـا.  … فبرايـر 2018 مِـن وَحـي أعمـال الفنـان الكبيـر راشـد ديـاب الفنـان السـوداني ذائع الصِّيـت، وذلك بمركـز راشـد ديـاب للفنـون بالخرطـوم.  …سبتمبر 2018 معرض النوبة بلاد الذهب مِن وَحي أعمال الفنان جلال المسري.

Related to أبدو الأزيم

Related ebooks

Reviews for أبدو الأزيم

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    أبدو الأزيم - محمد عبد العظيم

    أبدو الأزيم

    صدّق روحه

    محمد عبد العظيم

    Austin Macauley Publishers

    أبدو الأزيم

    محمد عبد العظيم

    الإهداء

    حقوق النشر©

    تقديماكتب لترى

    مقدمة

    بيت العيلة وحب ما قبل الميلاد

    خالد 87

    مرحلة الدراسة الإعدادية

    الثانوية العامة

    هانيونرمين

    رحلة مع الطباعة

    نوبار

    نسيم

    نكهة السياسة

    منة

    حكايتي مع الألمان

    الموبايل

    الفريضة

    أمم إفريقيا 2008

    السودان 2009

    إنجلترا 2010

    المغرب

    أفق 2010

    أحمد زكريا وكريم:

    25 يناير 2011:

    يوم 25 يناير 2011

    جوهانسبرج 2013

    إثيوبيا

    القصر التاريخي بالمنيل

    أبدو الأزيم حول العالم

    قريبي الاستثنائي

    الجريك كامبس/ جلال جمعة

    السفير المغربي

    عدتُ إلى القاهرة

    خالد حافظ

    أثينا (مارس 2018)

    حكايات الدفعة

    المهندس طاحون/ مراكش

    ريمونتادا 2018

    محمد عبد العظيم

    محمد عبد العظيم، مواليد القاهرة - فبراير 1977.

    درس في كلية الفنون التطبيقية «قسم الطباعة والنشر والتغليف»، وتخرَّج فيها عام 2000.

    عَمِلَ بمجال المطبوعات المؤمنة لمدة سبع سنوات قام خلالها بتنفيذ العديد مِن الأعمال.

    عَمِلَ بمجال صناعة التغليف المرن.

    ساهَمَ في العديد مِن الأفكار الابتكارية والخاصَّة بالإخراج الفني للمطبوعات.

    أسَّسَ شـركة بـرو هـاوس للطباعـة وتنظيـم المؤتمـرات فـي عـام 2008، وهـي الآن إحـدى الشـركات الرائـدة فـي هـذه الصناعـة بالسـوق المصـرية.

    مُحاضِر في العديد مِن الجهات.

    له رؤية خاصَّة في مزج صناعة الطباعة وتكاملها مع مختلف الفنون البصرية.

    شـارَكَ فـي العديـد مِن المعارض في أنحـاء العالم المتخصِّصة في صناعة الطباعة سـواء كعارض أو كزائـر فـي دول: الولايـات المتحـدة الأمريكيـة - إنجلتـرا - ألمانيـا - النمسـا - إيطاليـا - اليونـان- سويسـرا - هولنـدا - تايـوان - الصيـن- الأردن - العـراق- الإمارات العربيـة المتحـدة - السـودان - المغـرب - أثيوبيـا - كينيـا - جنـوب إفريقيـا - غانـا - المجـر.

    أقام عدَّة معارض لاستعراض وتقديم الطباعة كأحد الفنون الهامَّة:

    •فبرايـر 2017 مِـن وَحـي أعمـال الفنـان الكبيـر محمـد عبلـة بجاليري الجريـك كامبـس بالجامعة الأمريكية بالقاهـرة، وعـرض بعدهـا فـي الإسكندرية، ثـمَّ الخرطـوم، ثـمَّ أديـس أبابـا.

    فبرايـر 2018 مِـن وَحـي أعمـال الفنـان الكبيـر راشـد ديـاب الفنـان السـوداني ذائع الصِّيـت، وذلك بمركـز راشـد ديـاب للفنـون بالخرطـوم.

    سبتمبر 2018 معرض النوبة بلاد الذهب مِن وَحي أعمال الفنان جلال المسري.

    الإهداء

    إلى جدِّي رحمة الله عليه، صاحب الدعوة المستجابة الباقية.

    إلى أبي رحمة الله عليه، صاحب الرزق الحلال.

    إلى أمِّي، صاحبة الإدارة والإرادة الفولاذية.

    إلى أبنائي: روضة، وخالد، ويحيى (ربَّما تهديهم تجربتي بعض المعاني إلى رحلتهم في الحياة).

    إهداء إلى كلِّ شخص أثَّرَ فيَّ سلبًا أو إيجابًا.. أو سلبًا وإيجابًا.

    إلى كلِّ باحث في ذاته عن معنًى لمقدَّراته في هذه الحياة.

    إلى تلك المرأة.

    حقوق النشر©

    محمد عبد العظيم2022

    يمتلك محمد عبد العظيم الحق كمؤلف لهذا العمل، وفقًا للقانون الاتحادي رقم (7) لدولة الإمارات العربية المتحدة، لسنة 2002 م، في شأن حقوق المؤلف والحقوق المجاورة.

    جميع الحقوق محفوظة

    لا يحق إعادة إنتاج أي جزء من هذا الكتاب، أو تخزينه، أو نقله، أو نسخه بأي وسيلة ممكنة؛ سواء كانت إلكترونية، أو ميكانيكية، أو نسخة تصويرية، أو تسجيلية، أو غير ذلك دون الحصول على إذن مسبق من الناشرين.

    أي شخص يرتكب أي فعل غير مصرح به في سياق المذكور أعلاه، قد يكون عرضة للمقاضاة القانونية والمطالبات المدنية بالتعويض عن الأضرار.

    الرقم الدولي الموحد للكتاب 9789948810261 (غلاف ورقي)

    الرقم الدولي الموحد للكتاب 9789948810278 (كتاب إلكتروني)

    رقم الطلبMC-10-01-2994740 :

    التصنيف العمري: E

    تم تصنيف وتحديد الفئة العمرية التي تلائم محتوى الكتب وفقًا لنظام التصنيف العمري الصادر عن وزارة الثقافة والشباب.

    الطبعة الأولى 2022

    أوستن ماكولي للنشر م. م. ح

    مدينة الشارقة للنشر

    صندوق بريد [519201]

    الشارقة، الإمارات العربية المتحدة

    www.austinmacauley.ae

    202 95 655 971+

    تقديم

    اكتب لترى

    لا يعرف أحد على وجه التحديد لماذا كان الإمبراطور الروماني المعروف ماركوس أوريليوس الذي عاش ما بين 121 – 180 قبل الميلاد يكتب سيرته الذاتية، أو بالأحرى ملاحظاته حول ذاته في ذلك الوقت البعيد البائد قبل ما يزيد على ألفي عام اليوم، تلك التي لَم ينشرها يومًا.

    ما اتَّفق عليه بعض المؤرخين ومحلِّلي النصوص هو أنَّه كان يكتبها لنفسه فقط كي لا ينسى نفسه، أي كي لا تذوب منه ذاته، كأنَّه كان يذكِّر نفسه بنفسه، ويذكِّر ذاته بذاته لكي يستطيع أن يظلَّ دائمًا واعيًا لمكوِّناته الفكرية، ومبادئه التي يؤمن بها، وأسلوبه في الحياة والحكم قبل أن تعصف بها رياح الزمان التي تدمن العصف بالثابت والمستقر؛ لأنَّها تسعى دومًا للتغيير، فنحن أثناء رحلة الحياة نتغيَّر حتَّى لا نعود إلى ما كنَّا عليه يومًا، ولو أنَّنا اطَّلَعنا على صُوَرنا أو ذكرياتنا اليوم مرة أخرى لأَدركنا البون الشاسع بين ما كنَّا عليه يومًا وما صِرنا إليه في يومنا وحاضرنا.

    شيء غريب هذا التغيُّر المستمرُّ الذي يخترق وجودنا، فيجعل منَّا في كلِّ لحظة أناسًا آخَرين، ولعلَّ الذين لا يتغيَّرون هم الذين يعيشون خارج الزمن، لعلَّهم الأموات فعلًا أو الأموات الأحياء.

    هل الكتابة هي ما يُبقِينا داخل الزمن وعلى قيد الحياة؟ بالنسبة للبعض هذا صحيح تمامًا، وأكيد بالتأكيد.

    في هذا الكتاب نحن أمام رجل أعمال وفنان قرَّر أن يصير كاتبًا، وأن يجعل مِن حياته كتابا مرئيًّا يسرد فيه الأحداث بلا انتظام وبلا سياق مرئي، وأي حياة تلك التي تدور أحداثها في سياق منتظم على نحو يراه الآخَرون؟

    السياق قد يكون مِن صُنع القدَر أو مِن صُنع خيال مَن يلاحظه ويكتبه، ولكنَّه في كل الأحوال موجود، ولكن مَن قدَّر الأقدار لهذا الكون شاء فيه لأشياء أن تكون جليَّة ظاهرة، ولأخرى أن تكون خفيَّة باطنة، وهذا ما حدث مع كاتب هذا الكتاب، فخُطَّ بأسلوب أدبي سلس وسهل، ومشاهداته هذه مشوِّقة للغاية، وخلط بين العامية والفصحى بلا تعمُّد وبدون إعلاء لإحداها على الأخرى، فجاء أسلوبه الأدبي طبيعيًّا ومرآةً لنفسه وفِكره.

    في حياة كلٍّ منَّا لحظات فيصليَّة مهمَّة، لحظات مِن السعادة كادت أن تلامس فيها صفحة السماء فرحة أو شكرٌ لله عليها، ولحظات مِن الكفاح والتعب والسهر مِن أجل تحقيق هدف ما، ولحظات مِن الحزن والشعور باليأس لسبب معروف أو غير معروف، ولحظات أرسل الله – عزَّ وجلَّ – له فيها مَن ينقذ حياته مِن موت مؤكَّد أو مشكلة كبرى، وغير ذلك كثير.

    حياتنا سجلٌّ هائل مِن الأحداث والحوارات مع الله والنفس والغير، تواصُل غير منقطع واتصال دائم لا يفتر لحظة واحدة، وعلى الرغم مِن ذلك فقليل هم مَن يدركون ذلك، قليل مَن يفكِّر أن يدوِّن هذه اللحظات التي مع الوقت تصير أيَّامًا وسنينَ وعمرًا كاملًا، ورُبَّ لحظة واحدة تساوي عند صاحبها الدَّهر كلَّه.

    حياتنا مليئة بالحكايات والقصص والروايات، لكنَّنا لسببٍ ما لا نَعبأ بتدوينها بانتظام، فضلًا عن نشرها في كتاب.

    لَم يفكِّر المهندس محمد عبد العظيم في أن يفلسف أي لحظة مِن لحظات حياته أكثر مِن اللازم، ولا كما يليق بها أن تكون، قرَّر فقط أن يكتبها كما حدثَت، ويضعها في سياق ظاهر باطن وواضح خفيّ، وأن يقول وألا يقول ليطرحها على القارئ كما حدثَت.

    مزج بين السيرة الذاتية وأدب الرحلات، أو لعلَّه جعل السيرة الذاتية جزءًا مِن أدب الرحلات، ففي النهاية وبشكل مجازيّ، لا شيء يخرج عن كونه رحلة، حتَّى حياتنا نفسها ليسَت سِوَى رحلة تتحوَّل عندما نكتبها بصدق إلى لون مِن أدب الرحلات، رحلات في الناس والوجوه والأمكنة، رحلات في تأمُّل الأرض والسماء وقسوة البشر وليُونتهم وطبطبة الأقدار وصفعاتها.

    يرى الفنان ورجل الأعمال نفسه هنا كونًا متفرِّدًا له قواعده وقوانينه التي تَسري عليه وحده، وقد تَسري أو لا تسري على غيره، وهذه حقيقتنا جميعًا.

    نحن واحد في كلِّ شيء، ولا شيء فينا مشترك تقريبًا في الوقت ذاته، في كل لحظة نحن جمع ومفرد، ولا يشذُّ عن هذه القاعدة كائن مَن يكون، لكن الذين يتفرَّدون في ذواتهم هم مَن لدَيهم القدرة على أن يرَوا أنفسهم وحياتهم في لحظة ما مِن خارجها، يطلُّون على حياتهم وعلى أنفسهم في رحلة الحياة وكأنَّهم يشاهدون فيلمًا سينمائيًّا هُم أبطاله، هم الشاهد والمُشاهد في لحظة العرض والمشاهدة.

    لماذا نفعل هذا؟ شيء ما في الكتابة يجذب الكثيرين منَّا لأن يلجأ إليها، نحكي مِن خلالها أو نشاهد أنفسنا عن طريقها ونحن نسير، نقيِّم الأحداث، نقترب مِن الوجوه والملامح لذَواتنا أو للآخرين، نتفحَّصها ونحاول أن نتعرَّف على القانون الذي ينظِّم حياتنا أو الفوضى التي تغمرها أو النظام الذي يحكمها، نتعرَّف على الأقدار والناس مِن جديد، نطرحهم معًا أو فرادَى مرة تلو الأخرى طرحًا فكريًّا وأدبيًّا وفنيًّا.

    تكمن أهمية هذا الكتاب في أنَّ صاحبه صدَّق روحه كما يفصح عن ذلك عنوانه، وتكمن أهميَّة العنوان في أنَّه يؤكِّد على الدافع الذي دفع الكاتب ليكتب الكتاب، فقَبل أن يكتب الكاتب صفحات مِن حياته أزاح الكثير مِن الستائر مِن أمام ناظريه ليرى أنَّ حياته بها أقدار منتظمة وظواهر متتالية لا يملك لها تفسيرًا، وعونٌ يأتيه مِن حيث لا يدري، ثم لا يلبث أن تتأكَّد له نظريَّة مهمَّة في حياته، وهي أنَّه محاط بإدارة للحظوظ الطيبة، تحنو عليه وتساعده وتداوي جراحه، كلُّ حادثة مهمَّة حدثَت له في حياته ما إن يميط عنها اللثام حتَّى يتَّضِح للقارئ أنَّه لَم يكن له يدٌ فيها أو بالكاد كانت له فيها يد، لكنَّ الشيء الثابت أنَّه أحسَن النية حين نوى، وأنَّه لَم يفكِّر كثيرًا حين بدأ المسير.

    يظهر هذا واضحًا جليًّا في علاقاته الكثيرة مع أرباب الأعمال الذين يقابلهم، ومع الفنانين الذين يتعرَّف إليهم، ومع أساتذة المجال الذي يعمل به ويتخصَّص ويبدع فيه، ومع المهنِيِّين والمحترفين في ذات المجال، بل وفي حِلِّه وترحاله كذلك.

    إنَّه يرى أنَّ سبب كلِّ ذلك يعود لما هو خارج عن كلِّ ذلك وغير متَّصل به اتِّصالًا سببيًّا وعضويًّا واضحًا، الرزق الحلال الذي حرص والده على عدم تلويثه لحظة واحدة، ودعاء الأم بالسلامة لابنها السائر في الحياة.

    نحن إذن أمام إنسان رأَى وصدَق وتحدَّث إلى نفسه وصدَّقها، أخذ ما يحدث معه في الحياة وما يُحدِثه هو فيها مأخذ الجدِّ، فآمَن بما رأى وصدق ما حكى، فكتب خبرته للقارئ في الحياة والبشر والطباعة والفن والتبادل الثقافي مع شركائنا في الحياة والثقافة، سواء أولئك الذين هم مِن عائلة لغوية مغايِرة لعائلتنا اللغوية ومِن ثقافة مختلفة عن ثقافتنا كالألمان، أو أولئك الذين يشاطروننا اللغة والثقافة مِن أبناء الشعوب العربية والإفريقية الذين زار بلادهم وتعرَّف إليهم وعليهم، إنسانًا لإنسان، بلا حواجز ولا مصالح ولا اهتمامات سِوَى رؤية إنسانية صادقة ومخلصة.

    مرة أخرى: الصدق، لا يهتمُّ المهندس والكاتب محمد عبد العظيم بأن يصف الجغرافيا والطبيعة والمدائن والحضارة المتَّفِقة أو المختلفة مع حضارتنا في رحلاته الكثيرة لكلِّ تلك البلاد، لكنَّه اهتمَّ اهتمامًا خاصًّا باللحظة القدرية والإنسانية التي صادفَته وصادفها في الأفراد الذين قابلهم وعمل معهم أو لَم يعمل.

    تتغيَّر الأحوال والظروف، وتبقى اللحظة الإنسانية صادقة ملهمة، ويتبيَّن أنَّها أهمُّ شيء في هذه الحياة، فهي التي تعطي لكلِّ يوم نكهة ومذاقًا وقيمة.

    وهكذا تتحوَّل الأحداث العادية والنمطية إلى شيء متميِّز، والبشر الذين نراهم يهيمون في الشوارع في كلِّ مدينة إلى أشخاص يصنعون الأحداث، ويؤثِّرون في حياة الآخَرين أكثر مِمَّا تؤثِّر فيها أيقونات الغناء وجهابذة السياسة.

    عن هؤلاء البشر يحكي، يحكي عن أصدقاء وزملاء وشركاء عمل وحياة ولحظات إنسانية خلَّدَت نفسها بصدقها.

    مرة أخرى: الصدق، عندما صدَّق الكاتب نفسه وآمَن بأنَّ الأحداث في حياته ليست عبثًا، ولكنَّها نسق فريد صُنِعَ مِن أجله ليكون له هو فقط، كتب كتابه هذا ولَم يزعم فيه أنَّه حقَّق نجاحًا خارقًا ولا ثروة طائلة ولا قصة حياة مفعمة بالأحداث الجسام وغير الجسام كما نقرأ عادة في كتب السيرة الذاتية، قرَّر فقط أن يجلس على طاولة الكتابة ويخطَّ ملاحظات ومحطَّات بحياته عمِلَ على الربط بينها لعلَّه يجد طريقًا أو خارطة طريق للحياة، لعلَّه يفكُّ لغزًا مِن ألغازها الكثيرة، أو طلسمًا مِن طلاسمها، وسواء وصل أم لَم يصل فليس هذا هو السؤال.

    لنتَّفِق أن الحياة لها قوانينها التي لا يمكن العبث بها، وعلى رأسها أن الطريق هو الهدف، وأنَّ الرحلة هي الغاية، وأنَّ الحقيقة المؤكَّدة ليسَت ما يتراءى لنا في الخيال والفكر، ولكن ما يحدث بالفعل.

    والآن.. لماذا لا تصير هذه التجربة المثيرة عادةً ونمطًا يزداد أتباعه يومًا بعد يوم

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1