Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

الفصول الأربعة
الفصول الأربعة
الفصول الأربعة
Ebook114 pages54 minutes

الفصول الأربعة

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

يناقش هذا الكتاب للأديب عمر الفاخوري أربع قضايا أدبيَّة كُبرى عبر فصول أربعة. يناقش الفصل الأول حدود الإبداع متعرِّضًا لقدرة الأديب على التحرُّر من ضيق التقليد إلى عبقريَّة الخلق الجديد ،ويتحدّث باستفاضة عن النموذج الذي يجب أن يكون عليه النص الأدبي متحرراً من كل ما يضيق عليه أفق الإبداع، قاصداً بذلك منهج الفن للفن الذي ساد في أوروبا، ويرصد كذلك استباق العرب إلى هذا المنهج الأدبي وذلك في رسالة قدامة ابن جعفر "نقد الشعر" حيث دعا فيها الشعراء إلى التحرر من قيود الشعر وألا يكون أمامهم في الكتابة إلا الشعر نفسه مبلغاً وغاية. ثمّ ينتقل في الفصل الثاني إلى الأساليب النقديَّة، داعيًا إلى التخلص من طرق النقد المتحجِّرة غير الموضوعيَّة، والتي تنشغل بهوس إصدار الأحكام، بدلًا من تذوُّق الأدب من حيث كونه عملًا إبداعيًّا متكاملًا. ويفرد المؤلف الفصل الثالث للشعر؛ الصوت الأدبيِّ صاحب الضجيج الأعلى في كل زمان، ويرى وجوب أن يكون ابنًا شرعيًّا لزمانه، وليس استنساخًا لأشعار القدماء. وفي الفصل الرابع والأخير يتناول فاخوري «الجمال بين الحركة والسكون» حيث يخلص إلى إن من الشعر والأدب ما يستحثُّ قراءات خاصَّة تكشف عن جماليَّات لغته وتحلُّ إلغاز معانيه.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJan 1, 2017
ISBN9786435776369
الفصول الأربعة

Read more from عمر فاخوري

Related to الفصول الأربعة

Related ebooks

Reviews for الفصول الأربعة

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    الفصول الأربعة - عمر فاخوري

    مقدمة

    فصول الكتاب، لا فصول العام ولا فصول العمر ليس بينها من صلة إلا بقدر ما تتواصل الفصول؛ إذ يتولد أحدها من آخر، أو يتلاشى بعضها في بعض، والشتاء هنا صيف هنالك، وهي — بعد — كليالي أبي الطيب «شكول».

    إذا أراد سمح الخاطر أن يجد غير هذا أيضًا فهو وشأنه. وأنا مؤمن بالذي يقرأ، كمثل إيماني بالذي يؤلف. بدا لي ذات يوم أن أتصور الكمال في مؤلف وقارئه — حبذا لو اجتمعا! — فتمثل لنا في صورة رفيقيْ سفر على راحلة واحدة، لا بدَّ أن يترادفا، فهما عن طيب نفس يترادفان، إلى حيث لا غاية.

    أو لا، فعدوه اسمًا كسائر الأسماء التي يدمغون بها جباه الخلق، ويلصقونها بأقفية النحل والأوثان والأوضاع والأهواء، كصنوف البضاعة، وقلَّ لمسمى من اسمه نصيب. وما يدريك؟ لعل خديعة العناوين والألقاب والكنى والأنساب، أعظم ما في حياتنا، بل في هذا الوجود: إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ (سورة: النجم) لنقل إذن على التعميم: خديعة العبارة أو «البيان» في مختلف رموزه وإشاراته، وأصواته ولهجاته، وذرائعه وأدواته، يخالونها طريق الحقيقة أو «اليقين». وقديمًا سولت لمسيلمة نفسه الطماحة أن يرفع الكذب إلى مقام النبوة، وما كان البيان قط سوى مداورة لفظ في مخاتلة معنى، قصارانا أن نتصيد به من الوجود سرابه.

    على أنه لم يك من همِّ الكاتب، أو في وهمه، إلا أن ينجو بكلمتَي «الدعاء» و«الختام» من مدار الفصول، عسى أن تسلما له على الأيام إلى حين.

    كانون الثاني ١٩٤١

    دعاء

    اللهم!

    بالشعر، بل ببيان أبلغ من الشعر، كنت تخاطب القرون الخالية على لسان رسلك وأنبيائك.

    وبالفن، بل بقدرة أعظم من الفن، صوَّرت في لوح الوجود هذه الدنيا: أرضها وسماءها، مهادها وأطوادها، بحارها وأنهارها، أزهارها وأطيارها، وخلقت فيها الخير والشر، والصحة والمرض، والغنى والفقر، والهناء والشقاء، وكذلك الحرب والسلم وشيئًا بينهما، كانوا يدعونه تارةً السلم الحربي، وتارةً الحرب السلمية، وعجائب أخرى كثيرة.

    وهؤلاء خلقك إذا ما اشتد حنينهم إلى وطنهم الأول، الذي أخرجت منه أباهم آدم وأمهم حواء، يلوذون بواحة لا تعرف خيرًا أو شرًّا، ولا غنًى أو فقرًا، ولا حربًا أو سلمًا … لكنْ فيها ألحان من وضع الموسيقيين، وأشكال من تخييل المصورين، وأوزان من وحي الشعراء.

    اللهم أولئك هم آلك الغر الميامين.

    اللهم فاجعل هذه الواحة جزءًا من فردوسك المفقود الذي وعدته المتقين.

    اللهم هب لنا شعرنا اليومي، تباركت يا أحسن الخالقين!

    في أصول الإنشاء

    ١

    ليس في الأدباء والمتأدبين من لم يسمع، على الأقل، بكتاب «المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر»، والمعروف أنه من أمهات كتب الأدب العربي. لكن قلَّ فيهم أيضًا، حتى الذين تدارسوه، مَن حفظ اسم مؤلفه، كذلك أنا: لقد قرأت الكتاب في ليالٍ معدودات، متحدثًا إلى صاحبه كأني أعرف من هو، ثم لا أدري كيف رجعت إلى الصفحة الأولى لتأخذ عيناي هذا الاسم الكريم: ضياء الدين أبي الفتح نصر الله بن محمد بن محمد بن … الخ. فقلت: لأمر ما جدع اسم الرجل — رحمه الله — وعرف بصاحب المثل السائر.

    من فصول «المثل السائر»، تأليف … ذلك العلامة الفاضل، فصل في الطريق إلى تعلم الكتابة، نقتطف منه هذه النبذة: «فيقوم — أي الكاتب — ويقع، ويخطئ ويصيب، ويضل ويهتدي، حتى يستقيم على طريقة يفتتحها لنفسه، وأخلق بتلك الطريقة أن تكون مبتدعة غريبة لا شركة لأحد من المتقدمين فيها: هي طريق الاجتهاد، وصاحبها يُعدُّ إمامًا في فن الكتابة، كما يعد الشافعي وأبو حنيفة ومالك من الأئمة المجتهدين في علم الفقه، إلا أنها مستوعرة جدًّا، ولا يستطيعها إلا من رزقه الله لسانًا هجامًا، وخاطرًا رقامًا …» يذكرني هذا القول بما في الجبل من الطرق: هنالك الطريق الرَوْد الرحبة المطمئنة، وهنالك الطريق الصعبة الضيقة المستوعرة. ولا خلاف في أنَّ الذين يسلكون الجدَد هم أكثر من الذين «يُقوْدمون».

    يزعم صاحب المثل السائر أنه توصل بعد العناء الشديد إلى الطريق الصعبة، فسلكها آمنًا العثار، والحق أني لم أجد في الكلام الكثير — كلامه — الذي يؤيد به زعمه ما يكفي لإقناعي، لكن هذا لا يقدح في رأيه الجيد الذي أتيت على ذكره، فإن مدح الرجل نفسه شيء، ومدحنا رأيه شيء آخر كما يقولون.

    وبعد؛ فماذا عنى بقوله: «لسان هجام وخاطر رقام»؟ لا إخاله عنى غير الجرأة على الألفاظ والمعاني، فإن لم يكن كذلك فهو لم يجئ إذن ببدع من القول. بيد أنَّ الجرأة على الألفاظ وتراكيبها، سواء في الشعر أم في النثر، لا تكون — أو لا تصح أن تكون — إلا من عارف باللغة، عريق في أساليبها، وذلك هو الكاتب أو الشاعر الذي نقول حينما نقرأ له معجبين: «ما لهذه اللغة في يده كالعجينة يصنع منها ما يشاء، ليعطينا خبزنا اليومي نحن الفقراء؟!» وأما الجرأة على المعاني فلا تكون إلا من امرئ يأتي إلى هذه الدنيا وكأنه ليس من أهلها، فيقول الناس إنه ساحر أو إنَّ به مسًّا من الشيطان. وما «عبقر» إلا موضع يكثر الجنُّ فيه، ثم نسب العرب إليه كل شيء تعجبوا من قوته وجودته وحسنه، فقالوا: «العبقريُّ والعبقرية.»

    ينصح صاحب

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1