Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

أساطير البشاعة
أساطير البشاعة
أساطير البشاعة
Ebook158 pages4 hours

أساطير البشاعة

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

 بدأت أحداث هذه القصة عام ألف وتسعمائة وواحد تسعون عندما تم اعتقالي على أيدي قوات الاحتلال الاسرائيلي في مدينة بيت لحم ومن ثم تم ارسالي الى مركز تحقيق سجن الخليل المركزي ولن أتحث عن نفسي في هذه القصة لأنني لست بطل القصّة ولا أرغب في الحديث عن قصّتي الشخصيّة حتى لا أكون ممّن يمجّد نفسه ويتباهى في بطولاته , ولكنني سأصف ما يمر به المرء في فترة التحقيق , وأجد نفسي مضطرّا والأمانة والمسؤوليّة تجاه أبناء وطني تدفعني الى ذكر تفاصيل عمليّة التحقيق ومراحلها وذلك استدراكا لوضع الخبرة بين أيدي الأجيال التي ستقرأ هذه القصة حتى تكتسب الخبرة والمعرفة التي تساعدهم في القدرة على مقارعة المحقّقين

, وسأتحدث عن قصة أشخاص عشت معهم في السّجون الاسرائيليّة وهم في الحقيقة أبطال هذه القصّة ولست أنا , أنّما أنا من عايشت هذه الأحداث ومن يكتب عنها  ومن سيرويها بكلّ دقّة وتوخّي للأمانة في ذكر أحداثها كون أبطال هذه القصّة لن يكتبوا عن أنفسهم وانما سيكتبون عن غيرهم كما فعلت أنا تماما وذلك لمعرفتي الجيدة بهم وبنفسيّاتهم وقوّة شخصيّاتهم وثقتهم بأنفسهم , وحيث أن الواثق بنفسه لا يحب أن يتحدث عن نفسه فهم لن يكتبوا قصصهم الشخصيّة ولن ينشروها لذلك وجدت أنّ واجبي وضميري يطلب منّي ويلحّ علي بأن أكتب قصّتهم حتى لا تموت بموتي وموتهم, ولكي تبقى نبراسا وتذكرة وعبرة ومعلّما للأجيال القادمة التي من حقّها أن تعرف تاريخ أبطال بلادها وقصص بطولاتهم وما كانوا يعانونه من ظلم وقهر وبطش وتعذيب وعذاب وآلام وضحكات , وجلد في الصّبر والتحمّل وعنفوان من القوة والأمل والمعنويّات التي تناطح ما هو أعلى من السّحاب , فيكونوا قدوة حسنة لمن يقرأ عنهم والله الموفّق .

الكاتب : ياسر ربّاع

Languageالعربية
PublisherGreen Wave
Release dateJul 12, 2022
ISBN9798201091248
أساطير البشاعة

Related to أساطير البشاعة

Related ebooks

Reviews for أساطير البشاعة

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    أساطير البشاعة - ياسر ربّاع

    مقدمة:

    بدأت أحداث هذه القصة عام ألف وتسعمائة وواحد تسعون عندما تم اعتقالي على أيدي قوات الاحتلال الاسرائيلي في مدينة بيت لحم ومن ثم تم ارسالي الى مركز تحقيق سجن الخليل المركزي ولن أتحث عن نفسي في هذه القصة لأنني لست بطل القصّة ولا أرغب في الحديث عن قصّتي الشخصيّة حتى لا أكون ممّن يمجّد نفسه ويتباهى في بطولاته , ولكنني سأصف ما يمر به المرء في فترة التحقيق , وأجد نفسي مضطرّا والأمانة والمسؤوليّة تجاه أبناء وطني تدفعني الى ذكر تفاصيل عمليّة التحقيق ومراحلها وذلك استدراكا لوضع الخبرة بين أيدي الأجيال التي ستقرأ هذه القصة حتى تكتسب الخبرة والمعرفة التي تساعدهم في القدرة على مقارعة المحقّقين

    , وسأتحدث عن قصة أشخاص عشت معهم في السّجون الاسرائيليّة وهم في الحقيقة أبطال هذه القصّة ولست أنا , أنّما أنا من عايشت هذه الأحداث ومن يكتب عنها  ومن سيرويها بكلّ دقّة وتوخّي للأمانة في ذكر أحداثها كون أبطال هذه القصّة لن يكتبوا عن أنفسهم وانما سيكتبون عن غيرهم كما فعلت أنا تماما وذلك لمعرفتي الجيدة بهم وبنفسيّاتهم وقوّة شخصيّاتهم وثقتهم بأنفسهم , وحيث أن الواثق بنفسه لا يحب أن يتحدث عن نفسه فهم لن يكتبوا قصصهم الشخصيّة ولن ينشروها لذلك وجدت أنّ واجبي وضميري يطلب منّي ويلحّ علي بأن أكتب قصّتهم حتى لا تموت بموتي وموتهم, ولكي تبقى نبراسا وتذكرة وعبرة ومعلّما للأجيال القادمة التي من حقّها أن تعرف تاريخ أبطال بلادها وقصص بطولاتهم وما كانوا يعانونه من ظلم وقهر وبطش وتعذيب وعذاب وآلام وضحكات , وجلد في الصّبر والتحمّل وعنفوان من القوة والأمل والمعنويّات التي تناطح ما هو أعلى من السّحاب , فيكونوا قدوة حسنة لمن يقرأ عنهم والله الموفّق .

    الكاتب : ياسر ربّاع

    .

    انها ليلة الحادي عشر من تموز يوليو عام الف وتسعمائة وواحد وتسعون وجدت نفسي محمولا على متن سيّارة جيب عسكريّة معصوب العينين مقيّد اليدين والرّجلين ذاهبا الى المجهول وبعد حوالي ساعة من السير المتواصل والمتعرّج وقفت سيّارة الجيب فجأة ونزل منها جنود الاحتلال وأخذوني الى ممر طويل حيث فكّوا العصبة عن عيني فأدركت أنني في مركز تحقيق سجن الخليل المركزي (العمارة ) ويسمّيه أهل مدينة الخليل بالعمارة كونه عبارة عن عمارة كبيرة بنيت زمن الانتداب البريطاني على رأس جبل عال في مدينة خليل الرّحمن .

    ساقني الجنود الى أحد النّوافذ التي تشبه نافذة بيع التذاكر ويقف داخلها ضابط سلّموه أوراقا تخصّني وأماناتي حيث لم يكن معي من أمانات غير قلم حبر وساعة يد وحزام جلديّ , وبعد قليل ذهب الجنود عائدين أدراجهم الى مقر الحكم العسكري في بيت لحم من حيث أخذوني .

    وما هي الا لحظات حتى جاء جنديّان تابعان لجهاز المخابرات  التي تتولّى المسؤوليّة عن قسم التحقيق في هذا السجن فوضعوا رأسي في كيس من القماش باللون العسكري السميك الذي يستخدم في أقمشة الخيام العسكرية , ساقوني كالأعمى في سراديب وأدراج لم أدرك منها سوى ما أدركته من طريقة المشي وأبواب تفتح وأبواب تغلق حتّى وجدت نفسي مقيّدا على كرسي بحجم كراسي رياض الأطفال بطريقة تجعل من يديك ورجليك في قيد خلفي والكيس يغمر كل وجهك حتى أسفل رقبتك وفي جوّ تمّوز والحرارة شديدة واذا بي أكتشف أنهم تركوني في خزانة صغيرة وأغلقوا الباب وذهبوا وعرفت أنّها خزانة من صوت اغلاق الباب الذي يعطيك ضوضاء محصورة في مكان صغير وما لبثوا أن أغلقوه حتى عمّ صمت غريب مريب بعد ضوضاء ذلك الباب , يتخلّل ذلك الصمت صوت الجنديّان الذين ذهبا وهم يتحدّثان مع بعضهما فيبتعد صوتهم شيئا فشيئا حتى خفت

    واذا بصوت باب آخر يتم اغلاقه فتصوّرت من هذه الأصوات أنني في آخر سرداب فيه ممر طويل وأنا موجود في آخر السرداب في خزانة مغلقة في سرداب مغلق وكنّا نستعمل كلمة (مردوان ) لوصف السرداب .

    وبعد أن تم اغلاق ذلك الباب البعيد ساد صمت لم يصادفني في حياتي قط حتى في أهدأ المواقع التي عرفتها في حياتي لم أجد هدوء صامتا لدرجة هذا الصمت ومن خلال هذا الصمت الغريب المريب بدأت تتخلل تفكيري مشاعر الانتظار فصرت أنتظر المحقّق أن يأتي للتحقيق معي فمرّت ساعة من الانتظار ثمّ ساعة اخرى وبدأ الانتظار يصبح أصعب وأصعب حتى قلت في نفسي لم أتصور أنني سأشتاق يوما الى قدوم المحقّق

    كل هذا الشوق وأنتظره كل هذا الانتظار وكأنني أنتظر شخصا يهمّني لقائه كثيرا , ما هذا ؟ هل أنا في حالة فقدان لصوابي لماذا أنتظر المحقّق ما شأني به أتى أم لم يأت !, ورغم ذلك زاد شوقي وانتظاري لقدومه فمرّت حوالي ثلاث ساعات فأربع فخمس وكل ساعة وسعت في ثناياها يوما أو بعض يوم فما أطول تلك السّاعات وشيئا فشيئا بدأت تطول وتطول وأنا في حالة انتظار المتلهّف المشتاق للقاء ذلك المحقق مقيّدا ومكيّسا بكيس يغطّي رأسي حتى عنقي وفي صمت كبير الى درجة أنك تسمع صوت ضربات قلبك أثناء نبضه ,

    زادت الساعات فمرّت ليلة كاملة أو أكثر وما يدريني الليل من النهار فلا صوت عصافير تنبّؤك بقدوم الصباح ولا نور فجر تراه ولا عتم ليل لتعرف أيّهما الليل من النهار وبعد مضيّ ساعات كثيرة وطويلة جدا فقدت القدرة على حساب الوقت وفقدت الآلية التي كانت بحوزتي منذ دخلت هذه الخزانة فاختفى منّي الوقت وضاع بين ليل ونهار فأدركت أن هذا اسلوب تعذيب نفسي يتم اتباعه حيث كنت في أول اعتقال لي ولا أملك خبرة ولا معرفة بما كان يجري وبدأت أتعلّم وأدرك أن هذا هو اسلوب متّبع وعلي أن أتوقف عن الانتظار لكي أعمل على افشال هذا الاسلوب لكي لا يتمكّن مني ويضعف نفسيّتي , ولكن صوتا بداخلي بدأ يقول لي هل من الممكن أنه من كثرة المعتقلين لديهم قد نسوني هنا ولن يأتي اليّ أحد وسأموت هكذا ؟, وبعد طول انتظار وصمت !! فجأة سمعت صوت الباب البعيد يفتح وما هي الا لحظة حتّى سمعت خطوات تأتي باتجاهي ففرحت وكأنني عاشق ينتظر محبوبته بفارغ الصّبر , فتح الباب وجاء باتّجاهي ومد يديه الى قيودي وقام بفكّها من بعضها وأزالها من الكرسي وقال لي هيّا,  قلت في نفسي وأخيرا جاء المحقّق أو سيتم أخذي اليه فسار بي ذلك الجندي وأنا مقيّد اليدين والرّجلين والكيس على رأسي ولا أرى شيئا ومشينا مسافة عشرة أمتار تقريبا ثم صعدنا درجات ملتفة وسمعت صوت مفاتيح يبدو أنها حديديّة كبيرة الحجم من صوتها وفتح بها بابا ثم أزال عن رأسي الكيس فأغمضت عيني بشدّة من صدمة النور الساطع بعد طول عتمة وفتحت عيني وأغمضتها عدة مرات حتى تمكّنت من الرؤية فوجدت نفسي في مرحاض صغير له باب يشبه باب الثلاجة أو الخزنة الكبيرة وقال لي الجندي (أوخل )

    وتعني بالعربيّة أكل أو طعام فقلت له هنا سآكل داخل المرحاض فأجابني باستهزاء تظن نفسك في فندق خمس نجوم هيّا معك خمس دقائق لقضاء حاجتك وللأكل ثمّ أغلق الباب فنظرت الى الطعام فاذا هو عبارة عن صحن من الفول وبجانبه قطعة من الخبز وحبة فلفل حلو وبالطبع أثناء أول ثلاثة أيّام من اعتقالك سيكون آخر ما تفكر به ويشغل بالك هو الطعام ولن تجد لك نفسا أو شهيّة أو قدرة على تناول أي طعام حتى لو كان خروفا محشيّا فلن تأكل , فقلت في نفسي سأستغل تلك الدقائق الخمس لكي أنام مستلقيا على ظهري فهذه فرصة بأن أتمدّد بعد طول جلوس على ذلك الكرسي اللعين وما أن استلقيت حتى شعرت ببرد شديد يتسلل الى عظامي ؟ فاستغربت كيف لي أن أشعر بالبرد في تموز فنظرت الى سقف المرحاض فاذا به يحتوي على ثقوب تشبه ثقوب مصفاة الألمنيوم المستخدمة في المطابخ لتصفية الخضار والطعام من قبل

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1