Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

بلال بن رباح (داعي السماء)
بلال بن رباح (داعي السماء)
بلال بن رباح (داعي السماء)
Ebook201 pages1 hour

بلال بن رباح (داعي السماء)

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

عباس محمود العقاد أديب ومفكر وصحفي وشاعر مصري، ولد في أسوان عام 1889م، وهو عضو سابق في مجلس النواب المصري، وعضو في مجمع اللغة العربية، لم يتوقف إنتاجه الأدبي بالرغم من الظروف القاسية التي مر بها؛ حيث كان يكتب المقالات ويرسلها إلى مجلة فصول، كما كان يترجم لها بعض الموضوعات

ملخص الكتاب 

بين الحربين العالميتين شاعت الدعوة العنصرية فبلغت أقصى مداها، وعملت فيها السياسة غاية عملها، وأقحمها الدعاة من مباحث العلم والتاريخ فى غير موضعها.
وقد كانت للإسلام كلمة فى إنصاف العناصر والأجناس سابقة لكلمة الحضارة العصرية والعلم الحديث، وكان فى صحابة النبى صلى الله عليه وسلم رجل أسود هو بلال بن رباح مؤذنه الأول، فكان أثيرًا عنده وعند الخلفاء وجلة الصحابة والتابعين.
فالكتابة عن بلال رضى الله عنه فى هذا العصر تقع من سلسلة العبقريات والسير الإسلامية فى موقعها وتصادف موعدها من الزمن فى أعقاب الحرب العالمية القائمة.
ولهذا كتبت هذه الصحائف فى سيرة داعى السماء
Languageالعربية
PublisherEGYBOOK
Release dateJun 28, 2022
ISBN9791221362602
بلال بن رباح (داعي السماء)

Read more from عباس محمود العقاد

Related to بلال بن رباح (داعي السماء)

Related ebooks

Related categories

Reviews for بلال بن رباح (داعي السماء)

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    بلال بن رباح (داعي السماء) - عباس محمود العقاد

    داعي السماء

    بلال بن رباح « مؤذن الرسول »

    تأليف عباس محمود العقاد

    تاريخ الإصدار : القاهرة 2022 م

    كلمة تصدير

    بين الحربين العالميتين شاعت الدعوة العنصرية فبلغت أقصى مداها، وعملت فيها السياسة غاية عملها، وأقحمها الدعاة من مباحث العلم والتاريخ في غير موضعها .

    وقد كانت للإسلام كلمة في إنصاف العناصر والأجناس سابقة لكلمة الحضارة العصرية والعلم الحديث، وكان في صحابة النبي عليه السلام رجل أسود هو بلال بن رباح مؤذنه الأول، فكان أثيرًا عنده وعند الخلفاء وجلة الصحابة والتابعين .

    فالكتابة عن بلال رضي الله عنه في هذا العصر تقع من سلسلة العبقريات والسير الإسلامية في موقعها، وتصادف موعدها من الزمن في أعقاب الحرب العالمية القائمة .

    ولهذا كتبت هذه الصحائف في سيرة داعي السماء .

    عباس محمود العقاد

    سنة ١٩٤٥

    الفصل الاول

    مسألة العنصر

    مسألة العنصر — أو الجنس — مسألة اجتماعية كثيرة الورود على ألسنة المعاصرين وأقلامهم، ولكنها على هذا من أقدم مسائل الاجتماع التي وُجدت مع وجود القبائل الأولى .

    وأكثر الباحثين في المسائل العنصرية من المختصين بها بين الغربيين يردون كلمة العنصر أو الجنس Race في لغتهم إلى أصل سامي يرجحون أنه هو اللغة العربية، ويعتقدون أنها مأخوذة من كلمة الرأس التي كانت تميز بين رءوس السلالات الآدمية وغير الآدمية .

    ولم يكن اختلاف القبائل وتفاخرها شرًّا كله في بداية أمره، ولا كان مدعاةً للنزاع دون غيره . فمن علماء الاجتماع من يرجع بالوشائج الاجتماعية كلها والآداب الإنسانية برمتها إلى الواشجة الأولى التي نشأت في مبدأ الأمر مع نشوء القبيلة الهمجية، ثم كانت سببًا إلى التجاذب والتعارف بينها وبين القبائل الأخرى . ومصداق ذلك في القرآن الكريم حيث جاء في سورة الحجرات : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا … [ الآية : ١٣ ].

    فكانت الواجبات التي تفرضها القبيلة على أبنائها أساسًا لجميع الواجبات التي تعلَّمها الإنسان بعد ذلك، سواء فرضتها عليه القبيلة أو الأمة أو الجامعة العنصرية أو الإنسانية بأسرها .

    وقد طُبع الناس على التفاخر بما يخصهم ولا يعم غيرهم كائنًا ما كان معدنه ومدار الفخر فيه . فشاعت بينهم المفاخرة بالأنساب والأصول، كما شاعت بينهم المفاخرة بمعالم الأرض التي يسكنونها وصنوف الطعام التي يأكلونها، وتفاضلوا بالحقائق كما تفاضلوا بالأساطير والأوهام .

    فمن قديم الزمن يفخر كل عنصر بعراقته وامتيازه على غيره، ويزيده إمعانًا في عادة التفاخر والمباهاة أن تتاح له فرصة الغلبة والاستعلاء فترة من الزمن، فإن كانت الغلبة قائمة حاضرة فهي آية الفخر وحجة المباهاة، وإن كانت غابرة داثرة فهي عنده علامة على عراقة أصله وحداثة غيره، وأنه أحق من ذلك الغير بالفخر والمباهاة، وإن خدمته الحظوظ والمصادفات في حاضر أمره .

    فلم تعرف أمة قديمة قط خلت من مفاخرة بعنصرها واعتداد بنشأتها وبيئتها وبلادها . والذي قال :

    بلادي وإنْ جارتْ عليَّ عزيزةٌ وأهلي وإنْ ضَنُّوا عليَّ كرامُ

    قد جمع هذه الحقيقة من جميع وجوهها، وهو يدري أو لا يدري، فليس من اللازم أن تكون البلاد أطيب البلاد، ولا أن يكون الآل أكرم الناس ليفخر بهم الرجل الذي ينتمي إليهم، وتحسب سمعتهم عليه وسمعته عليهم، فإنه ليعظمهم ويبجلهم فرارًا من المهانة التي تصيبه إذا تقاصروا عن شأو العناصر الأخرى في التعظيم والتبجيل … فهو فاخر بهم إن عظموا مساهمة منه في فخارهم، وفاخر بهم إن هانوا دفعًا للهوان عنه إذا اعترف بهوانهم، ولا حساب للبحث أو للرأي في الحالتين إلا بعد حساب العاطفة والشعور .

    كان المصري القديم يؤمن بأنه هو الإنسان الكامل، ثم تتلاحق الشعوب بعده إلى أن يأتي اليونان في المرتبة السادسة .

    وكان اليوناني القديم يؤمن بأنه هو الإنسان المهذب ومن عداه برابرة لا يدركون مكانه من الفهم والحضارة .

    وكان العربي القديم يؤمن بأنه هو الإنسان المبين الكريم، ومن عداه « أعاجم » لا يفقهون ما يقال، ولا يدينون بدين المروءة والأحساب .

    وكذلك كان أبناء فارس والهند والصين . بل كذلك كانت كل قبيلة من تلك القبائل حين ينظر إلى نظائرها وإن تلاقت جميعًا في أصل قريب من الأحساب والأنساب .

    وبقيت هذه الشنشنة بين أمم الحضارة في العصر الحديث فاعتز بها الأوروبيون على أبناء القارات الأخرى، ولكنهم لبثوا فيما بينهم يفاخر كل شعب منهم جاره بالعادات والأخلاق والمآثر وإن تقاربوا في السلالة واللغة والعقيدة، فليس أشد تفاخرًا بين الأوروبيين من الطليان والإسبان والفرنسيين، وهم يرجعون بلغتهم إلى اللاتينية، وبعقيدتهم إلى المسيحية الرومانية، وبعناصرهم إلى مزيج متقارب من السلالات، ولكنهم تعلموا — بوحي المصلحة المتفقة — أن يجمعوا فخرهم كله إلى فخر واحد يتقارب فيه الأوروبيون كافة، وهو « اللون الأبيض » أو الانتماء إلى القارة المجتباة بين القارات . وجعلوا هذا اللون الأبيض رسالة يبشر بها الأوروبيون من عداهم من الشعوب الإنسانية، وسموا تلك الرسالة « عبء الرجل الأبيض » أو أمانة الرجل الأبيض، أو تبعته أمام الله لهداية خلقه الذين لم يبلغوا مبلغهم من العلم والارتقاء .

    وصدق العالم الإنجليزي الحديث جوليان هكسلي حين قال : إن هؤلاء الدعاة مسبوقون إلى دعواهم قبل ميلاد السيد المسيح؛ فقد سبقهم « أشعياء » من أنبياء إسرائيل فقال في إصحاحه التاسع والأربعين :

    اسمعي لي أيتها الجزائر، واصغوا أيها الأمم من بعيد . الرب من البطن دعاني، من أحشاء أمي ذكر اسمي . وجعل فمي كسيف حاد . في ظل يده خبَّأني وجعلني سهمًا مبريًّا . في كنانته أخفاني . وقال لي : أنت عبدي إسرائيل الذي به أتمجد . أما أنا فقلت عبثًا : تعبت، باطلًا وفارغًا أفنيت قدرتي . لكن حقي عند الرب وعملي عند إلهي .

    والآن قال الرب جابلي من البطن عبدًا له لإرجاع يعقوب إليه فينضم إليه إسرائيل . فأتمجد في عيني الرب وإلهي يصير قوتي . فقال : قليلٌ أن تكون لي عبدًا لإقامة أسباط يعقوب ورد محفوظي إسرائيل، فقد جعلتك نورًا للأمم لتكون خلاصي إلى أقصى الأرض . هكذا قال الرب فادي إسرائيل …

    فرسالة الرجل الأبيض التي تمخض عنها القرن التاسع عشر كله لم يذهب أصحابها إلى أبعد من هذا المدى الذي سبقهم إليه بنو إسرائيل قبل ميلاد السيد المسيح بسبعة قرون .

    •••

    وظلت المفاخر العنصرية كلها من قبيل هذه العادات الاجتماعية التي لا يرجع فيها إلى قياس منطقي ولا موازنة علمية، فكانت أشبه شيء بمفاخرات الصبيان بعضهم لبعض بآبائهم وأمهاتهم وإخوانهم وجيرانهم وبيوتهم التي يسكنونها ومدنهم التي ينشئون فيها، وكل شيء يتصل بهم وتنعقد فيه المقابلة بينهم وبين غيرهم . وفحوى مفاخر الأجناس من هذا القبيل أن كل جنس هو أفضل الأجناس لغير سبب . وليس هذا من القياس المنطقي ولا الموازنة العلمية في شيء .

    ثم اتسع نطاق البحث العلمي في القرن التاسع عشر فأدخل الفوارق بين الشعوب في موضوعاته الكثيرة، وجعل لها علمًا خاصًّا أو بابًا خاصًّا من أبواب المعرفة يسمى معرفة الأجناس البشرية .

    وانتهى به البحث إلى وجود الفوارق الصحيحة بين خمسة من الأجناس التي ينتمي إليها شعوب البشر كافة، وهي الجنس القفقاسي أو الأبيض، والجنس الزنجي أو الأسود، والجنس المغولي أو الأصفر، والجنس الأسمر أو أهل الملايا، والجنس الأحمر أو سكان القارة الأمريكية الأصلاء .

    واختصر بعضهم هذا التقسيم إلى ثلاثة أقسام فجعل الأجناس الصفراء والسمراء والحمراء فروعًا من أصل واحد . وهو اختصار له سند معقول .

    وقد عني أصحاب هذه التقاسيم بالفروق التي تورث وتنتقل مع الأجيال؛ أي بالفروق التي يسمونها فروقًا بيولوجية دون غيرها من الفروق الاجتماعية التي تكسب بالقدوة والمحاكاة .

    وتناول العالم اللغوي الألماني ماكس موللر دراسة الأجناس من الناحية التي تعنيه، وهي ناحية المقابلة بين اللغات . فاستخدم كلمة اللغات الآرية وأحياها من جديد، بعد أن سبقه إلى استخدامها السير وليام جونس في أواخر القرن الثامن عشر، وقرر أن لهجات اللغة الهندية الفارسية نشأت من مهد واحد في أواسط آسيا التي كان الأقدمون يعرفونها باسم « أريانا » ، وأنها كانت في نشأتها الأولى لغة قبيل واحد من الأجناس البشرية، وكلا القولين اليوم خطأ عند علماء هذه المباحث فيما أثبته جوليان هكسلي من كلامه عن الجنس في القارة الأوروبية .

    وأحس العالم الألماني الكبير أن دعوة الجنس الآري ستخرج من حيز التفكير العلمي إلى ميدان الصراع على الشهوات السياسية، فحذر قراءه من الخطأ في تفسير كلامه وعاد إلى التحذير من ذلك في شيخوخته حيث قال : « لقد ناديت مرة بعد مرة أنني إذا ذكرت الآرية فلست أعني الدم ولا العظم ولا الشعر ولا الجمجمة . وإنما أرمي إلى قصد واحد وهو أولئك الذين يتكلمون باللغة الآرية … ومتى تكلمت عنهم فلست أتبع في ذلك الخصائص التشريحية، ولا أعني أن أبناء السكنديناف ذوي العيون الزرق والشعر الأصفر قد كانوا قاهرين أو كانوا مقهورين، ولا أنهم قد اتخذوا لغة السادة السمر الذين تغلبوا عليهم أو كان الأمر عل نقيض ذلك … وعندي أن عالم الأجناس الذي يتكلم عن العنصر الآري والدم الآري والعيون الآرية والشعر الآري إنما هو في خطيئته العلمية كاللغوي الذي يتكلم عن معجم مستطيل الرأس أو أجرومية مستديرته على حد سواء .»

    وكان القرن التاسع عشر قرن « مذهب النشوء » ، كما كان قرن المذاهب العلمية والفلسفية من شتى نواحيها، فما زالت الأقوال في مذهب النشوء تتسع وتتشعب حتى عرض لبعض الباحثين فيه أن الأجناس

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1