أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار

By محمد بن عبد الله الأزرقي

مقتطفات من كتاب أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار للأزرقي، وهو من أقدم المصادر المعتبرة عن تاريخ مكة وأشهرها. وفيه معلومات وفيرة عن تاريخ مكة القديم، وتاريخها الإسلامي، ومافيها من آثار وأماكن جغرفية.

• Language: العربية
• Publisher: دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي - دار الكتب
• Release date: Mar 19, 2020
• ISBN: 9781912643387

Book preview

المقدمة

هذه مقتطفات من كتاب أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار للأزرقي، أبي الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد الأزرقي الغسّاني المكيِّ، وهو من أسرة عريقة من ذرية جفنة؛ ملوك الغساسنة، توفي سنة (²⁵⁰ هـ) ، وكان أحد الإخباريين وأصحاب السير. أخذ رواياته عن جماعة من العلماء، منهم: إبراهيم بن محمد الشافعي، ومحمد بن يحيى بن أبي الأزرق العدني، وأكثر الرواية عن جدِّه أحمد بن الوليد الأزرقي، وهو ثقة روى عنه البخاري في صحيحه.

لا يعرف الباحثون عن بدايات التأليف في تاريخ مكة ــ وبخاصة المؤلفات التي أفاد منها اللاحقون ــ سوى مؤلف في تاريخ مكة للحسن بن يسار البصري، المتوفى سنة (110 هـ)، الذي كتب رسالة عن فضائل مكة المشرَّفة، ومؤلَّف آخر في تاريخ مكة لعثمان بن ساج المتوفى سنة ( ¹⁸⁰ هـ)، ويرجح أن هذا الكتاب هو أحد المصادر التي اعتمدها الأزرقي في كتابه أخبار مكة، الذي يُعد من أقدم المصادر المعتبرة عن تاريخ مكة وأشهرها، ويرجح أنه فرغ من تأليفه سنة (²⁴⁴ هـ)، وظهر بعده كتاب أخبار مكة للفاكهي، ثم كتاب العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين وشفاء الغرام بأخبار البلد الحرام، وكلاهما لتقيّ الدين الفاسي. وكان الأزرقي مولعاً بمعرفة الأخبار التاريخية وروايتها، وقد استقى كثيراً من رواياته الواردة في كتابه عن عبد الله بن عباس وتلاميذه ممن كان لديهم معلومات وفيرة عن مكة وتاريخها، ويظهر اسمه مصدراً للمعلومات عن تاريخ مكة القديم، وتاريخها الإسلامي، وقد استغرق ثلاثة أرباع كتابه ذكر قصص كانت قد نمت في الجاهلية حول حرم مكة والكعبة المشرفة، ووصف شعائر الحج إليها، أما الربع الباقي فيتحدث عن الأماكن المقدسة، حتى إن بعضهم عدَّه كتاب خطط وجغرافية تتبع فيه الأزرقي معاهد مكة المكرَّمة وما فيها من آثار وأماكن، ملمًّا بمجمل تاريخها وجغرافيتها، وقد نظم عبد الملك بن أحمد الأنصاري من فقهاء الشافعية ما جاء في كتاب الأزرقي بأرجوزة أسماها نظم تاريخ مكة للأزرقي.

هبوط آدم إلى الأرض وبناؤه

الكعبة وحجُّه وطوافه بالبيت

لما أهبط الله آدم إلى الأرض من الجنة، كان رأسه في السماء، ورجلاه في الأرض، وهو مثل الفلك من رعْدته، قال: فطَأْطَأَ الله عزَّ وجلَّ منه إلى ستّين ذراعاً، فقال: يا ربّ، ما لي لا أسمع أصوات الملائكة ولا أُحسُّهم؟ قال: خطيئتك يا آدم، ولكن اذهب فابن لي بيتاً، فطُف به، واذكرني حوله كنحو ما رأيتَ الملائكة تصنع حول عرشي. قال: فأقبل آدم عليه السلام يتخطَّى، فطُويت له الأرض، وقُبضت له المفاوز، فصارت كلُّ مفازة¹ يمرُّ بها خطوة، وقبض له ما كان من مخاض ماء أو بحر فجعل له خطوة.

ولم تقع قدمه في شيء من الأرض إلا صار عُمراناً وبركةً حتى انتهى إلى مكة فبنى البيت الحرام، وإن جبريل عليه السلام ضرب بجناحه الأرض، فأبرز عن أسٍّ ثابت على الأرض السفلى، فقَذَفت فيه الملائكة الصخر ما يطيق الصخرة منها ثلاثون رجلاً.

وإنه بناه من خمسة أجبُل من لبنان، وطُور زَيْتا، وطُور سينا، والجُودي، وحراء، حتى