Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

مختصر التحرير شرح الكوكب المنير
مختصر التحرير شرح الكوكب المنير
مختصر التحرير شرح الكوكب المنير
Ebook866 pages5 hours

مختصر التحرير شرح الكوكب المنير

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

كتاب في علم اصول الفقه على مذهب الامام احمد بن حنبل الشيباني وهو شرح لكتاب المؤلف الكوكب المنير المسمى بمختصر التحرير الذي هو مختصر من كتاب تحرير المنقول وتهذيب علم الاصول للقاضي علاء الدين علي بن سليمان بن أحمد المرداوي والكتاب .جامع لمسائل أصول الفقه وحاو لقواعده وضوابطه وأقسامه.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateAug 29, 1902
ISBN9786932625214
مختصر التحرير شرح الكوكب المنير

Read more from ابن النجار، تقي الدين

Related to مختصر التحرير شرح الكوكب المنير

Related ebooks

Related categories

Reviews for مختصر التحرير شرح الكوكب المنير

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    مختصر التحرير شرح الكوكب المنير - ابن النجار، تقي الدين

    الغلاف

    مختصر التحرير شرح الكوكب المنير

    الجزء 2

    ابن النجار، تقي الدين

    972

    كتاب في علم اصول الفقه على مذهب الامام احمد بن حنبل الشيباني وهو شرح لكتاب المؤلف الكوكب المنير المسمى بمختصر التحرير الذي هو مختصر من كتاب تحرير المنقول وتهذيب علم الاصول للقاضي علاء الدين علي بن سليمان بن أحمد المرداوي والكتاب .جامع لمسائل أصول الفقه وحاو لقواعده وضوابطه وأقسامه.

    فَصْلٌ:خِطَابُ الْوَضْعِ

    فِي اصْطِلاحِ الأُصُولِيِّينَ: خَبَرٌ أَيْ لَيْسَ بِإِنْشَاءٍ، بِخِلافِ خِطَابِ التَّكْلِيفِ اُسْتُفِيدَ مِنْ نَصْبِ1 الشَّارِعِ2عَلَمًا3 مُعَرِّفًا لِحُكْمِهِ4.

    وَإِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ لِتَعَذُّرِ مَعْرِفَةِ خِطَابِهِ فِي كُلِّ حَالٍ5 وَفِي كُلِّ وَاقِعَةٍ، بَعْدَ انْقِطَاعِ الْوَحْيِ، حَذَرًا6 مِنْ تَعْطِيلِ أَكْثَرِ الْوَقَائِعِ عَنْ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ7.

    وَ8 سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنَّهُ شَيْءٌ وَضَعَهُ اللَّهُ9 فِي شَرَائِعِهِ. أَيْ جَعَلَهُ دَلِيلاً وَسَبَبًا وَشَرْطًا، لا أَنَّهُ أَمَرَ بِهِ عِبَادَهُ، وَلا أَنَاطَهُ بِأَفْعَالِهِمْ، مِنْ حَيْثُ هُوَ خِطَابُ وَضْعٍ، وَلِذَلِكَ لا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ فِي أَكْثَرِ خِطَابِ الْوَضْعِ10، كَالتَّوْرِيثِ وَنَحْوِهِ11. 1 في ز: نصيب.

    2 ساقطة من ش.

    3 في ش: علم.

    4 انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص65، مختصر الطوفي ص30، التوضيح على التنقيح 3/ 90، تيسير التحرير 2/ 128، المحلي على جمع الجوامع 1/ 86، وفي ض: للحكم.

    5 انظر: مختصر الطوفي ص30.

    6 في ز: جذارا.

    7 قال ابن قدامة: اعلم أنه لما عسْر على الخلق معرفةٌ خطاب الله تعالى في كل حال أظهر خطابه لهم بأمور محسوسة جعلها مقتضية لأحكامها، على مثال أقتضاء العلة المحسوسة معلولها، وذلك شيئان، أحداهما: العلة، والثاني السبب، ونصبْهما مقتضيين لأحكامهما حكمٌ من الشارع الروضة ص30 وانظر: المستصفى 1/ 93، أصول السرخسي 2/ 302.

    8 ساقطة من ش ع ب ض.

    9 غير موجودة في ش ع ب ض.

    10 في ش: العلم لوضع.

    11 انظر: تنقيح الفصول ص89-80، الإحكام، للآمدي 1/ 127.

    قَالَ الطُّوفِيُّ فِي شَرْحِهِ: وَيُسَمَّى1 هَذَا2 النَّوْعُ خِطَابَ الْوَضْعِ وَالإِخْبَارِ3.

    أَمَّا مَعْنَى الْوَضْعِ: فَهُوَ أَنَّ الشَّرْعَ وَضَعَ - أَيْ شَرَعَ - أُمُورًا، سُمِّيَتْ أَسْبَابًا وَشُرُوطًا وَمَوَانِعَ، يُعْرَفُ عِنْدَ وُجُودِهَا أَحْكَامُ الشَّرْعِ مِنْ إثْبَاتٍ أَوْ نَفْيٍ. فَالأَحْكَامُ تُوجَدُ بِوُجُودِ الأَسْبَابِ وَالشُّرُوطِ، وَتَنْتَفِي4 بِوُجُودِ الْمَانِعِ وَانْتِفَاءِ الأَسْبَابِ وَالشُّرُوطِ.

    وَأَمَّا مَعْنَى الإِخْبَارِ: فَهُوَ أَنَّ الشَّرْعَ بِوَضْعِ هَذِهِ الأُمُورِ: أَخْبَرَنَا بِوُجُودِ أَحْكَامِهِ وَانْتِفَائِهَا، عِنْدَ وُجُودِ تِلْكَ الأُمُورِ5 وَانْتِفَائِهَا. كَأَنَّهُ قَالَ مَثَلاً: إذَا وُجِدَ النِّصَابُ الَّذِي هُوَ سَبَبُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَالْحَوْلُ الَّذِي هُوَ شَرْطُهُ، فَاعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَوْجَبْت عَلَيْكُمْ أَدَاءَ الزَّكَاةِ، وَإِنْ وُجِدَ الدَّيْنُ الَّذِي هُوَ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِهَا، أَوْ انْتَفَى السَّوْمُ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ لِوُجُوبِهَا فِي السَّائِمَةِ. فَاعْلَمُوا أَنِّي لَمْ أُوجِبْ عَلَيْكُمْ الزَّكَاةَ. وَكَذَا الْكَلامُ فِي الْقِصَاصِ وَالسَّرِقَةِ وَالزِّنَا وَغَيْرِهَا، بِالنَّظَرِ إلَى وُجُودِ أَسْبَابِهَا وَشُرُوطِهَا، وَانْتِفَاءِ مَوَانِعِهَا وَعَكْسِهِ"6. انْتَهَى.

    وَالْفَرْقُ بَيْنَ خِطَابِ الْوَضْعِ وَخِطَابِ التَّكْلِيفِ مِنْ حَيْثُ الْحَقِيقَةُ: أَنَّ الْحُكْمَ فِي خِطَابِ الْوَضْعِ هُوَ قَضَاءُ الشَّرْعِ عَلَى الْوَصْفِ بِكَوْنِهِ سَبَبًا أَوْ شَرْطًا أَوْ مَانِعًا، وَخِطَابِ التَّكْلِيفِ: لِطَلَبِ أَدَاءِ مَا تَقَرَّرَ7 بِالأَسْبَابِ وَالشُّرُوطِ 1 ساقطة من ش، وفي ب ض: وسمي.

    2 في ش: وهذا.

    3 وهو تسمية المجد بن تيمية المسودة ص80.

    4 في ز ب: وتنفى.

    5 في د ض: أو.

    6 انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص65، المسودة ص80.

    7 في ز: قرر.

    وَالْمَوَانِعِ1.

    وَأَمَّا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ: أَنَّ خِطَابَ التَّكْلِيفِ يُشْتَرَطُ فِيهِ عِلْمُ الْمُكَلَّفِ وَقُدْرَتُهُ عَلَى الْفِعْلِ وَكَوْنُهُ مِنْ كَسْبِهِ2، كَالصَّلاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَنَحْوِهَا، عَلَى مَا سَبَقَ فِي شُرُوطِ التَّكْلِيفِ3. وَأَمَّا خِطَابُ الْوَضْعِ: فَلا يُشْتَرَطُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلاَّ مَا اُسْتُثْنِيَ4.

    أَمَّا عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ: فَكَالنَّائِمِ يُتْلِفُ شَيْئًا حَالَ نَوْمِهِ، وَالرَّامِي إلَى صَيْدٍ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ، فَيَقْتُلُ إنْسَانًا، فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا، وَكَالْمَرْأَةِ تَحِلُّ بِعَقْدِ وَلِيِّهَا عَلَيْهَا، وَتَحْرُمُ بِطَلاقِ زَوْجِهَا، وَإِنْ كَانَتْ غَائِبَةً لا تَعْلَمُ ذَلِكَ.

    وَأَمَّا عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْقُدْرَةِ وَالْكَسْبِ5: فَكَالدَّابَّةِ تُتْلِفُ شَيْئًا، وَالصَّبِيِّ أَوْ6 الْبَالِغِ يَقْتُلُ خَطَأً، فَيَضْمَنُ صَاحِبُ الدَّابَّةِ وَالْعَاقِلَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْقَتْلُ وَالإِتْلافُ مَقْدُورًا وَلا مُكْتَسَبًا لَهُمْ7.

    وَطَلاقُ الْمُكْرَهِ عِنْدَ مَنْ يُوقِعُهُ، وَهُوَ غَيْرُ مَقْدُورٍ لَهُ بِمُطْلَقِ الإِكْرَاهِ أَوْ مَعَ الإِلْجَاءِ8. 1 انظر: تيسير التحرير 2/ 128، حاشية البناني وشرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 84، الفروق 1/ 116.

    2 انظر: أدلة ذلك في شرح تنقيح الفصول ص78، وما بعدها، الفروق 1/ 161.

    3 لم يسبق للمصنف ذكر شروط التكليف، لكنه ذكرها فيما بعد في فصل التكليف.

    4 انظر: شرح تنقيح الفصول ص78، التمهيد ص25.

    5 في ز: على الكسب.

    6 في ز: و.

    7 انظر: الفروق 1/ 162.

    8 إذا كان الإكراه بحق فقد اتفق الفقهاء على وقوع الطلاق، كما إذا أكرهه الحاكم على الطلاق، أما إذا كان الإكراه بغير حق، فقال جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة بعدم وقوع الطلاق، لاشتراط القصد فيه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا = وَإِلَى ذَلِكَ أُشِيرَ بِقَوْلِهِ:

    وَلا يُشْتَرَطُ لَهُ تَكْلِيفٌ، وَلا كَسْبٌ، وَلا عِلْمٌ، وَلا قُدْرَةٌ1.

    وَيُسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ قَاعِدَتَانِ:

    أُشِيرَ إلَى الأُولَى مِنْهُمَا2 بِقَوْلِهِ: إلاَّ سَبَبَ عُقُوبَةٍ3 كَالْقِصَاصِ. فَإِنَّهُ لا يَجِبُ عَلَى مُخْطِئٍ فِي الْقَتْلِ، لِعَدَمِ الْعِلْمِ، وَحَدِّ الزِّنَا، فَإِنَّهُ لا يَجِبُ عَلَى مِنْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ، لِعَدَمِ الْعِلْمِ أَيْضًا، وَلا عَلَى مَنْ أُكْرِهَتْ عَلَى الزِّنَا، لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الامْتِنَاعِ؛ إذْ الْعُقُوبَاتُ تَسْتَدْعِي وُجُودَ الْجِنَايَاتِ الَّتِي تُنْتَهَكُ بِهَا حُرْمَةُ الشَّرْعِ، زَجْرًا عَنْهَا وَرَدْعًا، وَالانْتِهَاكُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ مَعَ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالاخْتِيَارِ. وَالْمُخْتَارُ لِلْفِعْلِ: هُوَ الَّذِي إنْ شَاءَ فَعَلَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ. وَالْجَاهِلُ وَالْمُكْرَهُ قَدْ انْتَفَى ذَلِكَ فِيهِمَا، وَهُوَ شَرْطُ تَحَقُّقِ الانْتِهَاكِ لانْتِفَاءِ شَرْطِهِ، فَتَنْتَفِي الْعُقُوبَةُ لانْتِفَاءِ سَبَبِهَا.

    وَأَمَّا الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ: فَأُشِيرَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: أَوْ إلاَّ نَقْلُ مِلْكٍ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَنَحْوِهَا، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا الْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ. فَلَوْ تَلَفَّظَ بِلَفْظٍ = عليه رواه ابن ماجة عن ابن عباس مرفوعاً، وصححه ابن حبان، واستنكره أبو حاتم، ورواه ابن عدي وضعفه، ورواه البهقي عن ابن عمر، ورواه الطبراني عن ثوبان، ولقوله صلى الله عليه وسلم: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق" ورواه أبو داود وابن ماجة والحاكم وأحمد عن عائشة مرفوعاً، وقال الحنفية يقع طلاق المكره، لأنهم لا يشترطون الرضا للطلاق، وقالوا: إن الإكراه يزيل الرضا لا الاختيار، والمكره اختار الطلاق دون غيره.

    1 انظر: التمهيد ص25، حاشية البناني على جمع الجوامع 1/ 85، الفروق 1/ 161.

    2 ساقطة من ض.

    3 انظر: مختصر الطوفي ص80، شرح تنقيح الفصول ص79، 80، الفروق 1/ 162.

    نَاقِلٍ لِلْمِلْكِ، وَهُوَ لا يَعْلَمُ مُقْتَضَاهُ، لِكَوْنِهِ أَعْجَمِيًّا بَيْنَ الْعَرَبِ1، أَوْ عَرَبِيًّا بَيْنَ الْعَجَمِ، أَوْ أُكْرِهَ عَلَى ذَلِكَ: لَمْ يَلْزَمْهُ مُقْتَضَاهُ2.

    وَالْحِكْمَةُ فِي اسْتِثْنَاءِ هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ: عَدَمُ تَعَدِّي الشَّرْعِ قَانُونَ الْعَدْلِ فِي الْخَلْقِ، وَالرِّفْقِ بِهِمْ، وَإِعْفَائِهِمْ عَنْ تَكْلِيفِ الْمَشَاقِّ، أَوْ التَّكْلِيفِ بِمَا لا يُطَاقُ، وَهُوَ حَلِيمٌ3.

    وَأَقْسَامُهُ أَيْ أَقْسَامُ خِطَابِ الْوَضْعِ أَرْبَعَةٌ عِلَّةٌ، وَسَبَبٌ، وَشَرْطٌ، وَمَانِعٌ.

    قَالَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي الْعِلَّةِ: هَلْ هِيَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ أَمْ لا؟ قَالَ: فَنَحْنُ تَابَعْنَا 4 بِذِكْرِهَا هُنَا الشَّيْخَ4 - يَعْنِي الْمُوَفَّقَ - فِي الرَّوْضَةِ5، وَالطُّوفِيَّ6 وَابْنَ قَاضِي الْجَبَلِ"7. 1 في ش: العجم.

    2 انظر: شرح تنقيح الفصول ص80، الفروق 1/ 162.

    3 ويؤيد ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود وأحمد عن خيفة الرقاشي مرفوعاً: لا يحل مال امرىء مسلم إلا عن طيب نفس. انظر: الفتح الكبير 3/ 359، الفروق 1/ 162، مسند أحمد 5/ 72.

    4 في ز: الشيخ بذكرها هنا.

    5 الروضة ص30.

    6 مختصر الطوفي ص31.

    7 أن الاختلاف في اعتبار العلة من خطاب الوضع أم لا يعود إلى اختلاف العلماء في العلاقة بين العلة والسبب، فقال بعض العلماء، إنهما بمعنى واحد. وقال آخرون: إنهما متغايران، وخصوا العلة بالأمارة المؤثرة التي تظهر فيها المناسبة بينهما وبين الحكم، وخصوا السبب بالإمارة غير المؤثرة في الحكم، وقال أكثر العلماء: إن السبب أعم من العلة مطلقاً، فكل علة سبب ولا عكس، وأن السبب يشمل الأسباب التي ترد في المعاملات والعقوبات، ويشمل العلة التي تدرس في القياس، والفرق بينهما أن الصفة التي يرتبط بها الحكم إن كانت لا يدرك أثيرها في الحكم بالعقل، ولا تكون من صنع المكلف، كالوقت للصلاة المكتوبة فتسمى سبباً، أما إذا أدرك العقل تأثير الوصف بالحكم فيسمى علةٌ، ويسمى سبباً، فالسبب يشمل القسمين، وهو أعم من العلة مطلقاً.

    قال المحلي –بعد تعريف السبب-: تنبيهاً على أن المعبر عنه هنا بالسبب، هو المعبر عنه في القياس بالعلة كالزنا لوجوب الجلد، والزوال لوجوب الظهر، والإسكار لحرمة الخمر. المحلي على جمع الجوامع 1/ 95 وانظر: المستصفى 1/ 94، الموافقات 1/ 179، الحدود للباجي ص72، التوضيح على التنقيح 3/ 91، 118، تيسير التحرير 2/ 128، الإحكام، للآمدي 1/ 128.

    وَالْعِلَّةُ أَصْلاً أَيْ فِي الأَصْلِ عَرَضٌ مُوجِبٌ لِخُرُوجِ الْبَدَنِ الْحَيَوَانِيِّ عَنْ الاعْتِدَالِ الطَّبِيعِيِّ1، وَذَلِكَ لأَنَّ الْعِلَّةَ فِي اللُّغَةِ: هِيَ الْمَرَضُ2، وَالْمَرَضُ هُوَ هَذَا الْعَرَضُ الْمَذْكُورُ.

    وَالْعَرَضُ فِي اللُّغَةِ: مَا ظَهَرَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ3.

    وَفِي اصْطِلاحِ الْمُتَكَلِّمِينَ: مَا لا يَقُومُ بِنَفْسِهِ، كَالأَلْوَانِ وَالطُّعُومِ وَالْحَرَكَاتِ وَالأَصْوَاتِ.

    وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ الأَطِبَّاءِ، لأَنَّهُ عِنْدَهُمْ عِبَارَةٌ عَنْ حَادِثٍ مَا، إذَا قَامَ بِالْبَدَنِ أَخْرَجَهُ عَنْ الاعْتِدَالِ4.

    وَقَوْلُنَا: مُوجِبٌ لِخُرُوجِ الْبَدَنِ: هُوَ إيجَابٌ حِسِّيٌّ، كَإِيجَابِ الْكَسْرِ لِلانْكِسَارِ، وَالتَّسْوِيدِ لِلاسْوِدَادِ. فَكَذَلِكَ الأَمْرَاضُ الْبَدَنِيَّةُ مُوجِبَةٌ لاضْطِرَابِ الْبَدَنِ إيجَابًا مَحْسُوسًا.

    وَقَوْلُنَا: الْبَدَنِ الْحَيَوَانِيِّ: احْتِرَازٌ5 عَنْ النَّبَاتِيِّ وَالْجَمَادِيِّ، فَإِنَّ الأَعْرَاضَ الْمُخْرِجَةَ لَهَا6 عَنْ حَالِ الاعْتِدَالِ - مَا مِنْ شَأْنِهِ الاعْتِدَالُ مِنْهَا-: لا 1 انظر: مختصر الطوفي ص31، المدخل إلى مذهب أحمد ص66.

    2 انظر: المصباح المنير 2/ 652، الصحاح 5/ 1773،القاموس المحيط 4/ 21.

    3 انظر: الصحاح 3/ 1082، القاموس المحيط 2/ 347.

    4 انظر: التعريفات للجرجاني ص160، كشاف اصطلاحات الفنون 4/ 1036.

    5 في ش ع: احترازاً.

    6 ساقطة من ش.

    يُسَمَّى فِي الاصْطِلاحِ عَلِيلاً.

    وَقَوْلُنَا عَنْ الاعْتِدَالِ الطَّبِيعِيِّ: هُوَ إشَارَةٌ إلَى حَقِيقَةِ الْمِزَاجِ، وَهُوَ الْحَالُ الْمُتَوَسِّطَةُ الْحَاصِلَةُ عَنْ تَفَاعُلِ كَيْفِيَّاتِ الْعَنَاصِرِ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ. فَتِلْكَ الْحَالُ هِيَ الاعْتِدَالُ الطَّبِيعِيُّ. فَإِذَا انْحَرَفَتْ عَنْ التَّوَسُّطِ لِغَلَبَةِ الْحَرَارَةِ1 أَوْ غَيْرِهَا: كَانَ ذَلِكَ هُوَ انْحِرَافُ الْمِزَاجِ، وَانْحِرَافُ الْمِزَاجِ هُوَ الْعِلَّةُ وَالْمَرَضُ وَالسَّقَمُ.

    ثُمَّ اُسْتُعِيرَتْ الْعِلَّةُ عَقْلاً أَيْ مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ لِمَا أَوْجَبَ حُكْمًا عَقْلِيًّا كَالْكَسْرِ لِلانْكِسَارِ، وَالتَّسْوِيدِ الْمُوجِبِ، أَيْ الْمُؤَثِّرِ لِلسَّوَادِ. لِذَاتِهِ 2 كَكَسْرٍ لانْكِسَارٍ2" أَيْ لِكَوْنِهِ كَسْرًا أَوْ3 تَسْوِيدًا، لا4 لأَمْرٍ خَارِجٍ مِنْ وَضْعِيٍّ أَوْ اصْطِلاحِيٍّ5.

    وَهَكَذَا الْعِلَلُ الْعَقْلِيَّةُ. هِيَ مُؤَثِّرَةٌ لِذَوَاتِهَا بِهَذَا6 الْمَعْنَى. كَالتَّحْرِيكِ7 الْمُوجِبِ لِلْحَرَكَةِ، وَ8 التَّسْكِينِ الْمُوجِبِ لِلسُّكُونِ.

    ثُمَّ اُسْتُعِيرَتْ الْعِلَّةُ شَرْعًا أَيْ مِنْ التَّصَرُّفِ الْعَقْلِيِّ إلَى التَّصَرُّفِ الشَّرْعِيِّ9، فَجُعِلَتْ فِيهِ لِـ مَعَانٍ ثَلاثَةٍ: 1 في ش ز: المرارة.

    2 ساقطة من ش ز ض.

    3 في ع ب: و.

    4 ساقطة من ب.

    5 انظر: الروضة ص30، مختصر الطوفي ص31، المدخل إلى مذهب أحمد ص66.

    6 في ش: هذا.

    7 في ز ع ب ض: كالتحرك.

    8 في ز: أو.

    9 سيأتي الكلام مفصلاً على العلة في بحث القياس، وهو المكان الذي تعرض فيه معظم الأصوليين لتعريف العلة وأنواعها وما يتعلق بها.

    أَحَدُهَا: مَا أَوْجَبَ حُكْمًا شَرْعِيًّا أَيْ مَا وُجِدَ عِنْدَهُ الْحُكْمُ لا مَحَالَةَ أَيْ قَطْعًا1، وَهُوَ الْمَجْمُوعُ الْمُرَكَّبُ مِنْ مُقْتَضِيهِ أَيْ من2 مُقْتَضِي الْحُكْمِ. وَشَرْطِهِ، وَمَحَلِّهِ، وَأَهْلِهِ3 تَشْبِيهًا بِأَجْزَاءِ الْعِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ4.

    وَذَلِكَ لأَنَّ الْمُتَكَلِّمِينَ وَغَيْرَهُمْ. قَالُوا: كُلُّ حَادِثٍ لا بُدَّ لَهُ مِنْ عِلَّةٍ، لَكِنَّ الْعِلَّةَ5:

    - إمَّا مَادِّيَّةٌ: كَالْفِضَّةِ لِلْخَاتَمِ، وَالْخَشَبِ لِلسَّرِيرِ.

    - أَوْ صُورِيَّةٌ: كَاسْتِدَارَةِ الْخَاتَمِ، وَتَرْبِيعِ السَّرِيرِ.

    - أَوْ فَاعِلِيَّةٌ: كَالصَّانِعِ وَالنَّجَّارِ.

    - أَوْ غَائِيَّةٌ: كَالتَّحَلِّي بِالْخَاتَمِ، وَالنَّوْمِ عَلَى السَّرِيرِ.

    فَهَذِهِ أَجْزَاءُ الْعِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ6. وَلَمَّا كَانَ الْمَجْمُوعُ الْمُرَكَّبُ مِنْ أَجْزَاءِ الْعِلَّةِ هُوَ الْعِلَّةُ التَّامَّةُ اسْتَعْمَلَ الْفُقَهَاءُ لَفْظَةَ الْعِلَّةِ بِإِزَاءِ الْمُوجِبِ لِلْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، وَالْمُوجِبُ لا مَحَالَةَ: هُوَ مُقْتَضِيهِ وَشَرْطُهُ وَمَحَلُّهُ وَأَهْلُهُ.

    مِثَالُهُ: وُجُوبُ الصَّلاةِ، حُكْمٌ شَرْعِيٌّ، وَمُقْتَضِيهِ: أَمْرُ الشَّارِعِ بِالصَّلاةِ، وَشَرْطُهُ: أَهْلِيَّةُ الْمُصَلِّي لِتَوَجُّهِ الْخِطَابِ إلَيْهِ، بِأَنْ يَكُونَ عَاقِلاً بَالِغًا، وَمَحَلُّهُ الصَّلاةُ، [وَأَهْلُهُ: الْمُصَلِّي] 7. 1 انظر: مختصر الطوفي ص31، الروضة ص30، المدخل إلى مذهب أحمد ص66، أصول السرخسي 2/ 301.

    2 ساقطة من ش ز.

    3 مقتضي الحكم: هو المعنى الطالب له، وشرطه: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم، ومحله: ما تعلق به، وأهله: هو المخاطب به المدخل إلى مذهب أحمد ص66.

    4 انظر: مختصر الطوفي ص31، المدخل إلى مذهب أحمد ص66.

    5 ساقطة من ض.

    6 انظر: ص31.

    7 زيادة لاستكمال التقسيم والمعنى. انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص66.

    وَكَذَلِكَ حُصُولُ الْمِلْكِ فِي الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ: حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَمُقْتَضِيهِ: كَوْنُ الْحَاجَةِ دَاعِيَةً إلَيْهِمَا1. وَصُورَتُهُ2: الإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فِيهِمَا. وَشَرْطُهُ: مَا ذُكِرَ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ. وَمَحَلُّهُ: هُوَ الْعَيْنُ الْمَبِيعَةُ وَالْمَرْأَةُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهَا، وَأَهْلِيَّتُهُ: كَوْنُ الْعَاقِدِ صَحِيحَ الْعِبَارَةِ3 وَالتَّصَرُّفِ.

    وَقَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ: لا فَرْقَ بَيْنَ الْمُقْتَضِي وَالشَّرْطِ وَالْمَحَلِّ وَالأَهْلِ، بَلْ الْعِلَّةُ الْمَجْمُوعُ، وَالأَهْلُ وَالْمَحَلُّ: وَصْفَانِ مِنْ أَوْصَافِهَا4.

    وَقَالَ الطُّوفِيُّ فِي شَرْحِهِ: قُلْت: الأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: هُمَا رُكْنَانِ مِنْ أَرْكَانِهَا، لأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُمَا جُزْآنِ مِنْ أَجْزَائِهَا. وَرُكْنُ الشَّيْءِ هُوَ جُزْؤُهُ الدَّاخِلُ فِي حَقِيقَتِهِ.

    وَبِالْجُمْلَةِ: فَهَذِهِ الأَشْيَاءُ الأَرْبَعَةُ مَجْمُوعُهَا يُسَمَّى عِلَّةً5.

    - وَالْمَعْنَى الثَّانِي مِمَّا اُسْتُعِيرَتْ لَهُ الْعِلَّةُ مِنْ التَّصَرُّفِ الْعَقْلِيِّ إلَى التَّصَرُّفِ الشَّرْعِيِّ: اسْتِعَارَتُهَا لِمُقْتَضِيهِ أَيْ مُقْتَضِي الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، وَهُوَ الْمَعْنَى الطَّالِبُ لِلْحُكْمِ، وَإِنْ تَخَلَّفَ الْحُكْمُ عَنْ مُقْتَضِيهِ لِمَانِعٍ مِنْ الْحُكْمِ أَوْ فَوَاتِ شَرْطِ الْحُكْمِ6.

    مِثَالُهُ: الْيَمِينُ. هِيَ الْمُقْتَضِيَةُ لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، فَتُسَمَّى عِلَّةً لِلْحُكْمِ. وَإِنْ كَانَ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِوُجُودِ أَمْرَيْنِ: الْحَلِفُ الَّذِي هُوَ الْيَمِينُ، وَالْحِنْثُ فِيهَا، لَكِنَّ الْحِنْثَ شَرْطٌ فِي الْوُجُوبِ، وَالْحَلِفَ هُوَ السَّبَبُ الْمُقْتَضِي 1 في د: إليها، وفي ش: إليه.

    2 ساقطة من ز.

    3 في ش: العبادة.

    4 انظر: روضة الناظر ص30، وأضاف ابن قدامة فقال: أخذاً من العلة العقلية.

    5 انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص66.

    6 انظر: الحدود للباجي ص72، مختصر الطوفي ص31، الروضة ص30، المدخل إلى مذهب أحمد ص66، كشف الأسرار 4/ 171، أصول السرخسي 2/ 302.

    لَهُ، فَقَالُوا: إنَّهُ عِلَّةٌ. فَإِذَا حَلَفَ الإِنْسَانُ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ أَوْ تَرْكِهِ، قِيلَ: قَدْ وُجِدَتْ مِنْهُ عِلَّةُ وُجُوبِ1 الْكَفَّارَةِ، وَإِنْ كَانَ الْوُجُوبُ لا يُوجَدُ حَتَّى يَحْنَثَ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمُجَرَّدِ2 الْحَلِفِ3 انْعَقَدَ سَبَبُهُ4.

    وَكَذَلِكَ الْكَلامُ فِي مُجَرَّدِ مِلْكِ النِّصَابِ وَنَحْوِهِ.

    وَلِهَذَا لَمَّا انْعَقَدَتْ أَسْبَابُ الْوُجُوب5 مُجَرَّدِ هَذِهِ الْمُقْتَضَيَاتِ جَازَ فِعْلُ الْوَاجِبِ بَعْدَ6 وُجُودِهَا، وَقَبْلَ وُجُودِ شَرْطِهَا عِنْدَنَا، كَالتَّكْفِيرِ قَبْلَ الْحِنْثِ7، وَإِخْرَاجِ الزَّكَاةِ قَبْلَ الْحَوْلِ8.

    وَقَوْلُهُ: وَإِنْ تَخَلَّفَ لِمَانِعٍ9 مِثْلِ: أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ أَبًا لِلْمَقْتُولِ، فَإِنَّ الإِيلادَ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِ10 الْقِصَاصِ. وَكَذَا النِّصَابُ يُسَمَّى عِلَّةً لِوُجُوبِ 1 ساقطة من ش.

    2 في ش: لمجرد.

    3 في ش ز ع: الحنث.

    4 انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص66.

    5 في ش: الوجود.

    6 في ش ب: بغير.

    7 لحديث مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: والله، إن شاء الله، لا أحلف على يمين، ثم أرى خيراً منها، إلا كفرت عن يميني، وأتيت الذي هو خير انظر: صحيح مسلم 3/ 1368. وقال الحنفية: لا يجوز التكفير قبل الحنث، لأن اليمين ليس بسبب للكفارة مغنى، والاداء قبل تحقيق السبب لا يجوز. انظر: أصول السرخسي 2/ 305.

    8 وهو من قبيل تعجيل الواجب قبل وقت أدائه، كإخراج كفارة الفطر قبل انتهاء رمضان، واخراج زكاة المال قبل تمام الحول، وإخراج الكفارة قبل الحنث، وتعجيل الأجرة وغيرها، انظر: نهاية السول 1/ 84، التلويح على التوضيح 2/ 191، 3/ 94، 105، حاشية الجرجاني على ابن الحاجب 1/ 234، أصول السرخسي 2/ 305، الموافقات 1/ 182، 189، الفروق 1/ 196 وما بعدها.

    9 في ش: المانع.

    10 في ش ع ب ض: وجود.

    الزَّكَاةِ، وَإِنْ تَخَلَّفَ وُجُوبُهَا لِوُجُودِ مَانِعٍ كَالدَّيْنِ.

    وَقَوْلُهُ: أَوْ فَوَاتُ شَرْطٍ مِثْلُ الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ. فَإِنَّهُ يُسَمَّى عِلَّةً لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ، وَإِنْ تَخَلَّفَ وُجُوبُهُ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ، وَهُوَ الْمُكَافَأَةُ، بِأَنْ يكون1 الْمَقْتُولُ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا، وَالْقَاتِلُ حُرًّا أَوْ مُسْلِمًا. وَكَذَا مِلْكُ النِّصَابِ، فَإِنَّ وُجُوبَ الزَّكَاةِ قَدْ يَتَخَلَّفُ عَنْهُ لِفَوَاتِ شَرْطٍ، وَهُوَ خُرُوجُهُ عَنْ مِلْكِهِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ.

    - وَ الْمَعْنَى الثَّالِثُ مِمَّا اُسْتُعِيرَتْ لَهُ الْعِلَّةُ مِنْ التَّصَرُّفِ الْعَقْلِيِّ إلَى التَّصَرُّفِ الشَّرْعِيِّ: اسْتِعَارَتُهَا لِلْحِكْمَةِ أَيْ حِكْمَةِ الْحُكْمِ وَهِيَ2 الْمَعْنَى الْمُنَاسِبُ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ الْحُكْمُ، كَمَشَقَّةِ سَفَرٍ لِقَصْرٍ وَفِطْرٍ3.

    وَبَيَانُ الْمُنَاسَبَةِ: أَنَّ حُصُولَ الْمَشَقَّةِ عَلَى الْمُسَافِرِ مَعْنًى مُنَاسِبٌ لِتَخْفِيفِ الصَّلاةِ عَنْهُ بِالْقَصْرِ، وَتَخْفِيفِ مَشَقَّةِ الصَّوْمِ بِإِبَاحَةِ الْفِطْرِ.

    وَكَـ وُجُودِ دَيْنٍ وَأُبُوَّةٍ4 لِمَنْعِ وُجُوبِ زَكَاةٍ وَقِصَاصٍ5.

    وَبَيَانُ الْمُنَاسَبَةِ: أَنَّ انْقِهَارَ مَالِكِ النِّصَابِ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ مَعْنًى6 مُنَاسِبٌ لإِسْقَاطِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَنْهُ، وَكَوْنَ الأَبِ سَبَبًا لِوُجُودِ الابْنِ مَعْنًى مُنَاسِبٌ لِسُقُوطِ الْقِصَاصِ عَنْهُ؛ لأَنَّهُ لَمَّا كَانَ سَبَبًا لإِيجَادِهِ لَمْ تَقْتَضِ الْحِكْمَةُ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ سَبَبًا لإِعْدَامِ أَبِيهِ وَهَلاكِهِ7 لِمَحْضِ حَقِّ الابْنِ8. 1 في ش: كان.

    2 في ش: وهو.

    3 انظر: مختصر الطوفي ص31، الروضة 30، المدخل إلى مذهب أحمد ص66.

    4 في ش: وأبوه.

    5 وانظر: مختصر الطوفي ص31، المدخل إلى مذهب أحمد ص66.

    6 في ش: مامع.

    7 انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص66.

    8 الحقيقة أن لابن ليس سبب لإعدام والقصاص، وإنما وجود القتل عمداً عدواناً هو السبب = وَاحْتَرَزَ بِهَذَا الْقَيْدِ عَنْ أَنَّهُ لا يَمْتَنِعُ رَجْمُهُ إذَا زَنَى بِابْنَتِهِ1، لِكَوْنِ ذَلِكَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى دُونَهَا.

    وَ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ أَقْسَامِ خِطَابِ الْوَضْعِ السَّبَبُ.

    وَهُوَ لُغَةً أَيْ فِي اسْتِعْمَالِ أَهْلِ اللُّغَةِ: مَا تُوُصِّلَ بِهِ إلَى غَيْرِهِ2: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: السَّبَبُ: الْحَبْلُ، وَكُلُّ شَيْءٍ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى أَمْرٍ مِنْ الأُمُورِ3. فَقِيلَ: هَذَا سَبَبٌ، وَهَذَا مُسَبَّبٌ عَنْ هَذَا.

    وَشَرْعًا أَيْ: وَالسَّبَبُ فِي عُرْفِ أَهْلِ الشَّرْعِ: مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ لِذَاتِهِ4.

    فَالأَوَّلُ: احْتِرَازٌ5 مِنْ الشَّرْطِ: فَإِنَّهُ لا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ.

    وَالثَّانِي: احْتِرَازٌ6 مِنْ الْمَانِعِ7؛ لأَنَّهُ لا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ وُجُودٌ وَلا عَدَمٌ. = الموجب للقصاص والإعدام، ولعل سبب منع القصاص أن ولي الدم للابن هو الأب وحده، أو مع غيره، وإذا عفا بعض الأولياء سقط القصاص، قال الشوكاني: وفي هذا المثال الذي أصبق عليه جمهور أهل الأصول نظر، لأن السبب المقتضي للقصاص هو فعله، لا وجود الابن ولا عدمه، ولا يصح أن يكون ذلك حكمة مانعة للقصاص، ولكنه ورد الشرع بعدم ثبوت القصاص لفرع من أصل، وقيل إن المراد هنا السبب البعيد، فإن الولد سبب يعيد في القتل إذ لولاه ثم يتصور قتله أياه، فله مدخل في القتل، لتوفقه عليه إرشاد الفحول ص7 وانظر: حاشية البناني على جمع الجوامع 1/ 98.

    1 في ز ب ع: ببنته.

    2 انظر: المصباح المنير 1/ 400.

    3 الصحاح 1/ 145، وكذا في المصباح المنير 1/ 400.

    4 انظر في تعريف السبب المدخل إلى مذهب أحمد ص67، التعريفات للجرجاني ص121، شرح تنقيح الفصول ص81، جمع الجوامع 1/ 94، مناهج العقول 1/ 68، المستصفى 1/ 94، إرشاد الفحول ص6، التلويح على التوضيح 3/ 102.

    5 في ش: احترازاً.

    6 في ش: احترازاً.

    7 في ش: مما لو قارن المانع.

    وَالثَّالِثُ: احْتِرَازٌ1 مِمَّا لَوْ قَارَنَ السَّبَبُ فِقْدَانَ الشَّرْطِ، أَوْ2 وُجُودَ الْمَانِعِ. كَالنِّصَابِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ، أَوْ مَعَ وُجُودِ الدَّيْنِ. 3 فَإِنَّهُ لا"3 يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ، لَكِنْ لا لِذَاتِهِ، بَلْ لأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهُ، وَهُوَ انْتِفَاءُ الشَّرْطِ وَوُجُودُ الْمَانِعِ4. فَالتَّقْيِيدُ بِكَوْنِ ذَلِكَ لِذَاتِهِ لِلاسْتِظْهَارِ5 عَلَى مَا لَوْ تَخَلَّفَ وُجُودُ الْمُسَبَّبِ مَعَ وُجْدَانِ السَّبَبِ6 لِفَقْدِ شَرْطٍ7 8 أَوْ [وُجُودِ] مَانِعٍ 8، كَمَنْ بِهِ سَبَبُ الإِرْثِ، وَلَكِنَّهُ قَاتِلٌ، أَوْ رَقِيقٌ أَوْ نَحْوُهُمَا، وَعَلَى مَا لَوْ وُجِدَ الْمُسَبَّبُ9 مَعَ فُقْدَانِ السَّبَبِ10، لَكِنْ 11 لِوُجُودِ سَبَبٍ 11 آخَرَ. كَالرِّدَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْقَتْلِ إذَا فُقِدَتْ وَوُجِدَ قَتْلٌ يُوجِبُ الْقِصَاصَ، أَوْ زِنَا مُحْصَنٍ12. فَتَخَلَّفَ هَذَا التَّرْتِيبُ عَنْ السَّبَبِ لا لِذَاتِهِ، بَلْ لِمَعْنًى خَارِجٍ13.

    إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَـ اعْلَمْ أَنَّ السَّبَبَ يُوجَدُ الْحُكْمُ عِنْدَهُ، لا بِهِ14 وَهُوَ 1 في ش: احترازاً.

    2 في ز: و.

    3 في ز: فلا.

    4 انظر: شرح تنقيح الفصول ص81، الفروق 1/ 109.

    5 في ع: لا للاستظهار.

    6 في ش ع: المسبب.

    7 في ع: شرطه.

    8 في ع: أو ما.

    9 في ش: السبب.

    10 في ش: المسبب.

    11 في ز: بسبب لوجود.

    12 في ز: محض.

    13 انظر: شرح تنقيح الفصول ص81-82.

    14 أي إن السبب لا يكون سبباً إلا يجعل الشارع له سبباً، لأنه وضعه علامة على الحكم التكليفي، والتكليف من الله تعالى الذي يكلف المرء بالحكم، ويضع السبب الذي يرتبط به الحكم، وهذه الأسباب ليست مؤثرة بذاتها في وجود الأحكام، بل هي علامة وأمارة لظهورها = الَّذِي يُضَافُ إلَيْهِ الْحُكْمُ1، نَحْوُ قَوْله تَعَالَى: {أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} 2. وَ {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ 3 مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ 3} 4؛ إذْ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي دُلُوكِ الشَّمْسِ حُكْمَانِ. أَحَدُهُمَا: كَوْنُ الدُّلُوكِ سَبَبًا، وَالآخَرُ: وُجُوبُ الصَّلاةِ عِنْدَهُ. وَكَذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى فِي الزَّانِي حُكْمَانِ. أَحَدُهُمَا: وُجُوبُ الرَّجْمِ. وَالثَّانِي: كَوْنُ الزِّنَى 5 الَّذِي نِيطَ 5 بِهِ6 سَبَبًا7.

    وَلا شَكَّ أَنَّ الأَسْبَابَ مُعَرِّفَاتٌ8، إذْ الْمُمْكِنَاتُ مُسْتَنِدَةٌ9 إلَى اللَّهِ تَعَالَى = ووجودها ومعرفة لها عند جمهور العلماء، ولهذا عرّف الإمام الغزالي السبب فقال: هو ما يحصل الشيء عنده لا به، ويقول الشاطبي: إن السبب غير فاعل بنفسه، إنما وقع المسبب عنده لا به. انظر: المستصفى 1/ 94، الموفقات 1/ 129، الإحكم للآمدي 1/ 128، إرشاد الفحول ص6، حاشية البناني على جمع الجوامع 1/ 95، نهاية السول 1/ 73، المدخل إلى مذهب أحمد ص67، الروضة ص30، أصول السرخسي 2/ 301.

    1 يعرف السبب بإضافة الحكم إليه، كحد الزنا، فالحد حكم شرعي أضيف إلى الزنا، فعرفنا أن الرنا هو سبب الحد، ومثل صلاة المغرب، فالصلاة حكم شرعي أضيف إلى المغرب، فعرفنا أن الغروب هو السبب الذي يوجد عنده الحكم. انظر: المحلي على جمع الجوامع 1/ 95، كشف الأسرار 2/ 343.

    2 الآية 78 من الإسراء.

    3 غير موجودة في ز، وفي ع ب: تنتهي الآية بلفظ فاجلدوا.

    4 الآية 2 من النور.

    5 ساقطة من ش.

    6 ساقطة من ز د ب.

    7 الزنا ليس موجباً للحد بعينه، بل يجعل الشارع له موجباً، ولذلك يصح تعليله به انظر: الروضة ص30، المستصفى 1/ 93-94، مختصر ابن الحاجب 2/ 7، نهاية السول 1/ 71، مناهج العقول 1/ 67.

    8 وذلك أن الشرع جعل وجود السبب علامة على وجود مسببه وهو الحكم، وجعل تخلفه وانتفاءه علامة على تخلف ذلك الحكم، فالشارع ربط وجود الحكم بوجود السبب، وعدمه بعدمه انظر: التلويح على التوضيح على 3/ 102، إرشاد الفحول ص6، المدخل إلى مذهب أحمد ص67.

    9 في ع: مسندة.

    ابْتِدَاءً عِنْدَ أَهْلِ الْحَقِّ1. وَبَيْنَ الْمُعَرِّفِ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ، وَبَيْنَ الْحُكْمِ الَّذِي نِيطَ بِهِ: ارْتِبَاطٌ ظَاهِرٌ. فَالإِضَافَةُ إلَيْهِ وَاضِحَةٌ.

    وَيُرَادُ بِهِ أَيْ بِالسَّبَبِ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ أَشْيَاءُ:

    - أَحَدُهَا: مَا يُقَابِلُ الْمُبَاشَرَةَ. كَحَفْرِ بِئْرٍ مَعَ تَرْدِيَةٍ. فَأَوَّلٌ سَبَبٌ. وَثَانٍ عِلَّةٌ2 فَإِذَا حَفَرَ إنْسَانٌ3 بِئْرًا، وَدَفَعَ آخَرُ إنْسَانًا فَتَرَدَّى فِيهَا فَهَلَكَ. فَالأَوَّلُ - وَهُوَ الْحَافِرُ - مُتَسَبِّبٌ إلَى هَلاكِهِ. وَالثَّانِي - وَهُوَ الدَّافِعُ - مُبَاشِرٌ. فَأَطْلَقَ الْفُقَهَاءُ السَّبَبَ عَلَى مَا يُقَابِلُ الْمُبَاشَرَةَ. فَقَالُوا: إذَا اجْتَمَعَ الْمُتَسَبِّبُ وَالْمُبَاشِرُ: غَلَبَتْ الْمُبَاشَرَةُ وَوَجَبَ الضَّمَانُ عَلَى الْمُبَاشِرِ، وَانْقَطَعَ حُكْمُ التَّسَبُّبِ4.

    وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ أَيْضًا: لَوْ أَلْقَاهُ مِنْ شَاهِقٍ فَتَلَقَّاهُ آخَرُ بِسَيْفٍ فَقَدَّهُ. فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُتَلَقِّي بِالسَّيْفِ. وَلَوْ5 أَلْقَاهُ فِي 6 مَاءٍ مُغْرِقٍ 6 فَتَلَقَّاهُ حُوتٌ فَابْتَلَعَهُ. فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُلْقِي، لِعَدَمِ قَبُولِ الْحُوتِ الضَّمَانَ. وَكَذَا لَوْ أَلْقَاهُ فِي 1 قال جمهور العلماء: الحكم يحصل عند السبب لا به، وأن السبب غير فاعل بنفسه، بل معرف للشيء وعلامة عليه، قال المعتزلة: إن السبب مؤثر في الأحكام بذاته، بواسطة قوة أودعها الله فيه. وقال بعض العلماء: إن الأسباب تؤثر في الأحكام لا بذاتها، بل يجعل الله تعالى، وهو قول الغزالي، وقال الآمدي: السبب باعث على الحكم. انظر: المستصفى 1/ 94، ارشاد الفحول ص6، الإحكام للآمدي 1/ 127، المحلي على جمع الجوامع 1/ 95، نهاية السول 1/ 70، 73، مختصر الطوفي ص32، تقريرات الشربيني 1/ 94.

    2 انظر: مختصر الطوفي ص31، الروضة ص30، المدخل إلى مذهب أحمد ص67، المستصفى 1/ 94، أصول السرخسي 2/ 303.

    3 في ع ب: شخص.

    4 في ش: المتسبب، وانظر: المدخل إلى مذهب أحمد 67.

    5 في ز: وان.

    6 في ز: ما يغرق.

    زُبْيَةِ1 أَسَدٍ. فَقَتَلَهُ.

    - وَ الشَّيْءُ الثَّانِي مِمَّا يُرَادُ بِلَفْظِ السَّبَبِ عِلَّةُ الْعِلَّةِ كَرَمْيٍ2، هُوَ سَبَبٌ لِقَتْلٍ، وَعِلَّةٌ لِلإِصَابَةِ الَّتِي هِيَ عِلَّةٌ لِلزُّهُوقِ3 أَيْ زُهُوقِ النَّفْسِ الَّذِي هُوَ الْقَتْلُ4. فَالرَّمْيُ هُوَ5 عِلَّةُ عِلَّةِ الْقَتْلِ. وَقَدْ سَمَّوْهُ6 سَبَبًا7.

    - وَ الشَّيْءُ الثَّالِثُ مِمَّا يُرَادُ بِلَفْظِ السَّبَبِ الْعِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ بِدُونِ شَرْطِهَا كَـ مِلْكِ نِصَابٍ8 بِدُونِ حَوَلانِ الْحَوْلِ9.

    - وَ الشَّيْءُ الرَّابِعُ مِمَّا يُرَادُ بِلَفْظِ السَّبَبِ الْعِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ كَامِلَةً وَهِيَ الْمَجْمُوعُ الْمُرَكَّبُ مِنْ مُقْتَضَى الْحُكْمِ وَشَرْطِهِ، وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ وَوُجُودِ الأَهْلِ وَالْمَحَلِّ.

    سُمِّيَ ذَلِكَ سَبَبًا اسْتِعَارَةً؛ لأَنَّ الْحُكْمَ لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْ ذَلِكَ فِي حَالٍ مِنْ الأَحْوَالِ. كَالْكَسْرِ لِلانْكِسَارِ.

    وَأَيْضًا فَإِنَّمَا سُمِّيَتْ الْعِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ الْكَامِلَةُ سَبَبًا؛ لأَنَّ عَلِيَّتَهَا لَيْسَتْ 1 الزبْيَةُ: حفرة في موضع عالٍ يُصاد فيها الأسد ونحوه، والجميع زُبي، مثل مُدية ومدى. المصباح المنير 1/ 383.

    2 في ش: لرمي.

    3 في ش: لزهوق، وفي ع ب: الزهوق.

    4 انظر: مختصر الطوفي ص32، الروضة ص30، المدخل إلى مذهب أحمد ص67، المستصفى 1/ 94، أصول السرخسي 2/ 316.

    5 ساقطة من ش.

    6 في ع: سمَّاه.

    7 انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص67.

    8 في ع: لنصاب.

    9 انظر: مختصر الطوفي ص32، الروضة ص30، المدخل إلى مذهب أحمد ص67، المستصفى 1/ 94، أصول السرخسي 2/ 305، وما بعدها.

    لِذَاتِهَا، بَلْ بِنَصَبِ الشَّارِعِ لَهَا أَمَارَةً عَلَى الْحُكْمِ1، بِدَلِيلِ وُجُودِهَا دُونَهُ، كَالإِسْكَارِ قَبْلَ التَّحْرِيمِ، وَلَوْ كَانَ الإِسْكَارُ عِلَّةً لِلتَّحْرِيمِ لِذَاتِهِ لَمْ يَتَخَلَّفْ عَنْهُ فِي حَالٍ، كَالْكَسْرِ لِلانْكِسَارِ فِي الْعَقْلِيَّةِ.

    وَالْحَالُ أَنَّ التَّحْرِيمَ وَوُجُوبَ الْحَدِّ مَوْجُودَانِ بِدُونِ2 مَا لا يُسْكِرُ. فَأَشْبَهَتْ بِذَلِكَ السَّبَبَ، وَهُوَ مَا يَحْصُلُ الْحُكْمُ عِنْدَهُ لا بِهِ. فَهُوَ مُعَرِّفٌ لِلْحُكْمِ لا مُوجِبٌ لَهُ لِذَاتِهِ، وَإِلاَّ لَوَجَبَ قَبْلَ الشَّرْعِ.

    وَهُوَ أَيْ السَّبَبُ قِسْمَانِ:

    - أَحَدُهُمَا: وَقْتِيٌّ وَهُوَ مَا لا يَسْتَلْزِمُ فِي تَعْرِيفِهِ لِلْحُكْمِ3 حِكْمَةً بَاعِثَةً كَزَوَالِ الشَّمْسِ لِـ وُجُوبِ الـ ظُّهْرِ فَإِنَّهُ يُعْرَفُ بِهِ وَقْتُ الْوُجُوبِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَلْزِمَ حِكْمَةً بَاعِثَةً عَلَى الْفِعْلِ4.

    - وَ الْقِسْمُ الثَّانِي مَعْنَوِيٌّ وَهُوَ مَا يَسْتَلْزِمُ حِكْمَةً بَاعِثَةً فِي تَعْرِيفِهِ لِلْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ كَإِسْكَارٍ فَإِنَّهُ أَمْرٌ مَعْنَوِيٌّ جُهِلَ عِلَّةً لِتَحْرِيمِ كُلِّ مُسْكِر5، وَكَوُجُودِ الْمِلْكِ. فَإِنَّهُ جُعِلَ سَبَبًا لإِبَاحَةِ الانْتِفَاعِ. 1 انظر: مختصر الطوفي ص32، الروضة ص30، المدخل إلى مذهب أحمد ص67، المستصفى 1/ 94، أصول السرخسي 2/ 311، وفي ع ز ب: الحكم به.

    2 في ش ع ب: بشرب.

    3 في ع: للحكم الشرعي.

    4 انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص67، الإحكام للآمدي 1/ 127، شرح العضد على ابن الحاجب 2/ 7، مناهج العقول 1/ 68، فواتح الرحموت 1/ 61، إرشاد الفحول ص7.

    5 أضاف ابن بدران توضيحا فقال: وسميت هذه العلة سبباً فرقاً بينها وبين العلة العقلية، لأن العقلية موجبة لوجود معلولها كالكسر للانكسار وسائر الأفعال مع الانفعالات، فإنه متى وجد الفعل القابل، وانتفى المانع، وجد الانفعال، بخلاف الأسباب، فأنه لا يلزم من وجودها وجود مسبباتها، وأما العلة الشرعية الكاملة فإنها، وإن كان يلزم من وجودها وجود معلولها سبباً، مع أن السبب لا يلزم من وجوده وجود مسببه، لكن لما كان تأثيرها ليس لذاتها، بل بواسطة نصب الشارع له ضعفت لذلك عن العلة العقلية فأشبهت السبب الذي حكمه أن يحصل عنده لا به، فلذلك سميت سبباً المدخل إلى مذهب أحمد ص67-68.

    وَكَالضَّمَانِ، فَإِنَّهُ جُعِلَ سَبَبًا لِمُطَالَبَةِ الضَّامِنِ بِالدَّيْنِ، وَكَالْجِنَايَاتِ. فَإِنَّهَا جُعِلَتْ سَبَبًا لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ، أَوْ الدِّيَةِ1.

    قَالَ الآمِدِيُّ: السَّبَبُ عِبَارَةٌ عَنْ وَصْفٍ ظَاهِرٍ مُنْضَبِطٌ دَلَّ الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ عَلَى كَوْنِهِ مُعَرِّفًا 2 لِثُبُوتِ حُكْمٍ 2 شَرْعِيٍّ3، طَرْدِيًّا، كَجَعْلِ4 زَوَالِ الشَّمْسِ سَبَبًا لِلصَّلاةِ، أَوْ غَيْرَ طَرْدِيٍّ كَالشِّدَّةِ الْمُطْرِبَةِ، سَوَاءٌ اطَّرَدَ الْحُكْمُ مَعَهُ أَوْ لَمْ يَطَّرِدْ5، لأَنَّ السَّبَبَ الشَّرْعِيَّ يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ، وَهُوَ الْمُسَمَّى تَخْصِيصُ الْعِلَّةِ، إذْ لا مَعْنَى لِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ إلاَّ وُجُودُ حُكْمِهَا فِي بَعْضِ صُوَرِ وُجُودِهَا دُونَ بَعْضٍ، وَهُوَ عَدَمُ الاطِّرَادِ.

    - وَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنْ أَقْسَامِ خِطَابِ الْوَضْعِ الشَّرْطُ.

    وَهُوَ لُغَةً أَيْ فِي اسْتِعْمَالِ أَهْلِ اللُّغَةِ: الْعَلامَةُ: لأَنَّه6 عَلامَةٌ لِلْمَشْرُوطِ. وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} 7، أَيْ عَلامَاتُهَا. قَالَهُ الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ8. 1 انظر: فواتح الرحموت 1/ 61، مناهج العقول 1/ 68، مختصر ابن الحاجب وشرح العضد عليه 2/ 7، إرشاد الفحول ص7، المدخل إلى مذهب أحمد ص67، الإحكام للآمدي 1/ 127.

    2 في الإحكام: لحكم.

    3 الإحكام، له 1/ 127.

    4 في ع: كأن جعل.

    5 يقول الآمدي عن السبب، بعد تعريفه: وهو منقسم إلى مالا يستلزم في تعريفه حكمةٌ باعثة عليه، كجعل زوال الشمس أمارة معرفة لوجوب الصلاة.... وإلى ما يستلزم حكمة باعثة على شرع الحكم المسبب كالشدة المطربة المعرفة لتحريم شرب النبيذ أي قياساً على الخمر. لا لتحريم شرب الخمر في الأصل المقيس عليه، فإنّ تحريم شرب الخمر معروف بالنص أو كذا الاجماع الإحكام 1/ 127.

    6 في ش: لأنها.

    7 الآية 18 من سورة محمد.

    8 انظر: الروضة ص31، المدخل إلى مذهب أحمد ص67، تفسير الرازي 28/ 60، تفسير القرطبي 16/ 240، تفسير ابن كثير 6/ 317، أصول السرخسي 2/ 302.

    1 قَالَ: فِي 1 الْمِصْبَاحِ: الشَّرْطُ - مُخَفَّفٌ - مِنْ الشَّرَطِ - بِفَتْحِ الرَّاءِ - وَهُوَ الْعَلامَةُ. وَجَمْعُهُ: أَشْرَاطٌ. وَجَمْعُ الشَّرْطِ - بِالسُّكُونِ - شُرُوطٌ، وَيُقَالُ لَهُ: شَرِيطَةٌ. وَجَمْعُهُ شَرَائِطُ2.

    وَ الشَّرْطُ شَرْعًا أَيْ فِي عُرْفِ أَهْلِ الشَّرْعِ: مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَ لا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلا عَدَمٌ لِذَاتِهِ3.

    فَالأَوَّلُ: احْتِرَازٌ4 مِنْ الْمَانِعِ، لأَنَّهُ لا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ وُجُودٌ وَلا عَدَمٌ.

    وَالثَّانِي: احْتِرَازٌ5 مِنْ السَّبَبِ وَمِنْ الْمَانِعِ أَيْضًا. أَمَّا مِنْ السَّبَبِ: فَلأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ6 الْوُجُودُ لِذَاتِهِ. كَمَا سَبَقَ7، وَأَمَّا مِنْ الْمَانِعِ: فَلأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْعَدَمُ.

    وَالثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْلُهُ: لِذَاتِهِ احْتِرَازٌ8 مِنْ مُقَارَنَةِ الشَّرْطِ وُجُودَ السَّبَبِ. فَيَلْزَمُ الْوُجُودُ، أَوْ مُقَارَنَةِ الشَّرْطِ قِيَامَ الْمَانِعِ. فَيَلْزَمُ الْعَدَمُ، لَكِنْ لا لِذَاتِهِ وَهُوَ كَوْنُهُ شَرْطًا، بَلْ لأَمْرٍ خَارِجٍ، وَهُوَ مُقَارَنَةُ السَّبَبِ، أَوْ قِيَامُ الْمَانِعِ9. 1 في ش: وفي.

    2 المصباح المنير 1/ 472-473، وانظر: القاموس المحيط: 2/ 381.

    3 انظر: تعريف الشرط شرعاً في الحدود للباجي ص60، التعريفات للجرجاني ص131، شرح تنقيح الفصول ص82، الإحكام، الآمدي 1/ 130، أصول السرخسي 2/ 303، إرشاد الفحول ص7، المدخل ألى مذهب أحمد ص68، مختصر ابن الحاجب 2/ 7، مختصر الطوفي ص32، الروضة ص31.

    4 في ش: احترازاً.

    5 في ش: احترازاً.

    6 في ش: عدم وجوده.

    7 صفحة 396.

    8 في ش: احترازاً.

    9 انظر: شرح تنقيح الفصول ص82.

    إذَا عُلِمَ ذَلِكَ: فَلِلشَّرْطِ ثَلاثُة1 إطْلاقَاتٍ:

    - فَالأَوَّلُ2: مَا يُذْكَرُ فِي الأُصُولِ هُنَا مُقَابِلاً لِلسَّبَبِ وَالْمَانِعِ، وَمَا يُذْكَرُ فِي قَوْلِ الْمُتَكَلِّمِينَ: شَرْطُ الْعِلْمِ الْحَيَاةُ. وَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ: شَرْطُ الصَّلاةِ الطَّهَارَةُ. شَرْطُ صِحَّةِ الْبَيْعِ التَّرَاضِي، وَنَحْوُ ذَلِكَ.

    - الإِطْلاقُ الثَّانِي: اللُّغَوِيُّ. وَالْمُرَادُ بِهِ: صِيَغُ التَّعْلِيقِ بِـ إِنْ وَنَحْوِهَا3، وَهُوَ مَا يُذْكَرُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ مِنْ الْمُخَصِّصَاتِ لِلْعُمُومِ4، نَحْوِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ} 5، وَمَا يُذْكَرُ فِي الْفِقْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ: لا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْبَيْعِ عَلَى شَرْطٍ. وَنَحْوُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ. فَإِنَّ دُخُولَ الدَّارِ لَيْسَ شَرْطًا لِوُقُوعِ الطَّلاقِ شَرْعًا وَلا عَقْلاً، بَلْ مِنْ الشُّرُوطِ الَّتِي وَضَعَهَا أَهْلُ اللُّغَةِ. وَهَذَا كَمَا قَالَ الْقَرَافِيُّ وَغَيْرُهُ: يَرْجِعُ6 إلَى كَوْنِهِ سَبَبًا وُضِعَ7 لِلتَّعْلِيقِ، حَتَّى يَلْزَمَ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَمِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ لِذَاتِهِ8. وَوَهَمَ مَنْ فَسَّرَهُ هُنَاكَ بِتَفْسِيرِ الشَّرْطِ الْمُقَابِلِ لِلسَّبَبِ وَالْمَانِعِ. كَمَا وَقَعَ لِكَثِيرٍ مِنْ الأُصُولِيِّينَ.

    - الإِطْلاقُ الثَّالِثُ: جَعْلُ الشَّيْءِ9 قَيْدًا فِي شَيْءٍ. كَشِرَاءِ الدَّابَّةِ 1 في ش د ز ع ب: ثلاث، وهو خطأ.

    2 في ش د ع ب: الأول.

    3 انظر: شرح تنقيح الفصول ص259.

    4 انظر: جمع الجوامع وحاشية البناني 1/ 97، أصول السرخسي 2/ 303، 320، تيسير التحرير 2/ 120.

    5 الآية 6 من سورة الطلاق.

    6 في ز: ويرجع.

    7 في ز ع ب: يوضع.

    8 انظر: أصول السرخسي 2/ 320، شرح تنقيح الفصول ص261.

    9 في ز ع ب: شيء.

    بِشَرْطِ كَوْنِهَا حَامِلاً، وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يُعَادَ إلَى الأَوَّلِ بِسَبَبِ مُوَاضَعَةِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ. كَأَنَّهُمَا قَالا: جَعَلْنَاهُ مُعْتَبَرًا فِي عَقْدِنَا يُعْدَمُ بِعَدَمِهِ، وَإِنْ أَلْغَاهُ الشَّرْعُ. فَهَلْ1 يَلْغُو2 الْعَقْدُ، أَوْ يُثْبِتُ الْخِيَارَ؟ مَحَلُّ تَفْصِيلِ ذَلِكَ كُتُبُ الْفِقْهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُعَادَ إلَى الثَّانِي، كَأَنَّهُمَا قَالا: إنْ كَانَ كَذَا فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ، وَإِلاَّ فَلا3.

    إذَا عَرَفْت4 ذَلِكَ، فَالْمَقْصُودُ هُنَا: هُوَ5 الْقِسْمُ الأَوَّلُ، فَإِنْ أَخَلَّ عَدَمُهُ أَيْ عَدَمُ الشَّرْطِ بِحِكْمَةِ السَّبَبِ فَـ ـهُوَ شَرْطُ السَّبَبِ وَذَلِكَ كَقُدْرَةٍ عَلَى تَسْلِيمِ مَبِيعٍ فَإِنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ 6 شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ 6، الَّذِي هُوَ سَبَبُ ثُبُوتِ الْمِلْكِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى مَصْلَحَةٍ، وَهُوَ حَاجَةُ الابْتِيَاعِ 7 لِعِلَّةِ الانْتِفَاعِ بِالْمَبِيعِ 7. وَهِيَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ. فَكَانَ عَدَمُهُ مُخِلاًّ بِحِكْمَةِ الْمَصْلَحَةِ الَّتِي شُرِعَ لَهَا الْبَيْعُ8.

    وَإِنْ اسْتَلْزَمَ عَدَمُهُ أَيْ عَدَمُ الشَّرْطِ حِكْمَةً تَقْتَضِي نَقِيضَ الْحُكْمِ كَالطَّهَارَةِ لِلصَّلاةِ فَـ ذَلِكَ شَرْطُ الْحُكْمِ فَإِنَّ عَدَمَ الطَّهَارَةِ حَالَ الْقُدْرَةِ 1 في ش: فهو.

    2 في ش: يلغى.

    3 انظر أنواع الشروط الفقهية وأثرها على التصرفات ومدى قبول العقود لها وما يتعلق فيها من آراء المذاهب في الكتب الفقهية لكل مذهب في كتاب البيع، "وانظر: نظرية الشروط المقترنة

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1