Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

مختصر تاريخ دمشق
مختصر تاريخ دمشق
مختصر تاريخ دمشق
Ebook707 pages6 hours

مختصر تاريخ دمشق

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

مختصر تاريخ دمشق.هو كتاب صنفه ابن منظور إختصر كتاب تاريخ دمشق لـابن عساكر. قرأ ابن منظور الكتاب ووعاه، ثم أقدم عليه يختصره من ناحية: الأسانيد والمتون. هذب السند حتى لم يُبق إلا جزء يسير منه أحيانا، وهذب الروايات، فحذف المتعدد منها تارة، وجمع بين الروايات في رواية واحدة تارة أخرى
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateDec 11, 1901
ISBN9786468138677
مختصر تاريخ دمشق

Read more from ابن منظور

Related to مختصر تاريخ دمشق

Related ebooks

Reviews for مختصر تاريخ دمشق

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    مختصر تاريخ دمشق - ابن منظور

    الغلاف

    مختصر تاريخ دمشق

    الجزء 21

    ابن منظور

    711

    مختصر تاريخ دمشق.هو كتاب صنفه ابن منظور إختصر كتاب تاريخ دمشق لـابن عساكر. قرأ ابن منظور الكتاب ووعاه، ثم أقدم عليه يختصره من ناحية: الأسانيد والمتون. هذب السند حتى لم يُبق إلا جزء يسير منه أحيانا، وهذب الروايات، فحذف المتعدد منها تارة، وجمع بين الروايات في رواية واحدة تارة أخرى

    موسى بن عامر بن عمارة

    ابن خريم الناعم بن عمرو بن الحارث بن خارجة، أبو عامر بن أبي الهيذام المري الخريميحدث عن الوليد بن مسلم بسنده إلى أسامة بن يزيد :أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب يوماً حماراً ياكاف عليه قطيفة فدكية، ردفه أسامة بن زيد يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج، وذلك قبل وقعة بدر، فمر بمجلس فيه عبد الله بن أبي بن سلول قبل إسلامه، وفي المجلس أخلاط من الناس والمشركين من اليهود وعبدة الأوثان، فملا عشيهم غشيت المجلس عجاجة الدابة خمر ابن أبي أنفة بردائه ثم قال: لا تغبر علينا. فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم وقف فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن فقال ابن أبي: أيها المرء! إنه لا أحسن ما تقول، فلا تؤذنا في مجلسنا وارجع إلى رحلك. يعني فمن جاءك فاقصص عليه، فقال عبد الله بن رواحة: بلى يا رسول الله! اغشنا في مجلسنا، فإنا نحب ذلك. فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يقتتلون فخفضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سكنوا، وسار حتى دخل على سعد فقال: أي سعد! ألم تسمع ما قال أبو الحباب ؟وخبرة بما كان، فقال سعد: يا رسول الله! اعف عنه واصفح، هو الذي أنول عليك الكتاب لقد جاءك الله بالحق الذي أنزله عليك، وقد اصطلح أهل هذه البحيرة على أن يتوجوه، ويعصبون بالعصابة، فرد الله ذلك بالحق الذي أنزله عليك .وحدث أبو عامر عن سفيان بن عيينة قال: سمعت عمرو بن دينار يقول: يمعت سعيد بن جبير يقول: سمعت عبد الله بن عمر يقولك يمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للمتلاعنين :حسابكما على الله، أحدكما كاذب، لا سبيل لك عليها. قال الرجل: يا رسول الله! مالي مالي. قال لا مال لك، إن كنت صدقت لعيها فهو بما استحللت من فرجها، وإن كنت كذبت عليها فذاك آيس .قال الحجاج لخريم الناعن: ما لا لعيش ؟قال: الأمن، إني رأيت الخائف لا ينتفع بعيش أبداً .كان أبو الهيذام عامر بن عمارة بن خريم قد ضبط دمشق أيام الفتن، فوجه إلى الوليد بن مسلم ليحدث أبا عامر ابنه فكان الوليد يركب إليه ويحدثه فكان عند أبي عامر من كتب الوليد ما لم يكن عند الشيخين بدمشق هشام ودحيم، فلما مات هشام ودحيم أقبل إليه أصحاب الحديث فقالوا له: يا أبا عامر! حدثنا، فإن عندك شيئاً لا نثصيبه عند غيرك، فجلس لهم أبو عامر على كرسي، فحدثهم أول يومن والثاني والثالث، فلما كان في اليوم الرابع قام إليه رجل يكنى أبا المطيع خراساني من أصحاب الحديث، فقال له: يا أبا عامر! إن الناس يحيون أن يسمعوا ما تقول في التفضيل فقال: أبو بكر. قال: ثم من ؟قال: ثم عمر، قال: ثم من ؟قال: ثم عثمان. قال له أبو المطيع: جزاك الله خيراً، فهذه السنة وعلى هذا مضى السلف، فوضع أبو عامر سبابته في شدقه الأيسر وفقع تفقيعة عظيمة سمع صوتها، ثم قال: أوه! ما لعلي بن أبي طالب ؟وحق رسول الله لعلي بن أبي طالب خير من هؤلاء كلهم، فضحك الناس، فقال لهم أبو المطيع: ما أراد الشيخ إلا خيراً، ما أراد الشيخ إلا خيراً، وأدخل أبو الحسن سبابته في شدقه الأيسر وفقع تفقيعه عظيمة وقال: هكذا فقع أبو عامر .قال أبو الحسن: أدركت من شوخنا، من شيوخ دمشق ممن يربع بعلي بن أبي طالب، وذكر جماعة ثم قال: وأبو عامر موسى بن عامر وبقيتهم لم يكونوا يربعون .توفي أبو عامر موسى بن عامر سنة خمس وخمسين ومئتين.

    موسى بن العباس بن محمد

    أبو عمران الجويني النيسابوري. رحالحدث عن محمد بن الأشعث بسنده إل عائشة رضي الله عنهاأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى قائماً في التطوع فشق عليه القيام ركع ثم سجد سجدتين ثم قعد فقراً ما بدا له وهو قاعد، فإذا أراد أن يركع قام فقراً بعض ما يريد أن يقرأ، ثم يركع ويسجد .توفي موسى بن العباس سنة ثلاث وعشرين وثلاثمئة.

    موسى بن عبد الله بن الحسن

    ابن الحسن بن علي بن أبي طالب أبو الحسن الحسنيكان قد وجهه أخوه محمد بن عبد الله حين ظهر بالمدينة، وبويع له بالخلافة إلى الشام ليدعوه إلى طاعته، فوصل إلى دومة الجندل، ورجع إلى البصرة، واختفى بها حتى أخذ وحمل إلى المنصور، وقيل: إنه دخل الشام ودعاهم إلى البيعة لأخيه فلم يجيبوه، فاختفى ثم رجع .حدث عن أبيه بسنده إلى علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج .وأم موسى هند بنت أبي عبيدة بن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد .وحملت به أمه وهي بنت ستين سنة، يقال: لا تحمل لستين سنة إلا قرشية، ولا تحمل لخمسين سنة إلا عربية .وكان موسى بن عبد الله اخفتى بالبصرة فأخذه المنصور وعفا عنه بعد أن ضربه سبعين سوطاً .وكان موسى آدم، وله تقول أمه هند: من مجزوء الرجز

    إنك إن تكون جوناً أنزعا

    أجدر أن تضرهم وتنفعا

    وتسلك العيس طريقاً مهيعا

    فرداً من الأصحاب أو متعسا

    وموسى هو الذي يقول: من الهزج

    تولت بهجة الدنيا ........ فكل جديدها خلق

    وخان الناس كلهم ........ فما أدري بمن أثق

    رأيت معالم الخيرا _ ت سدت دونها الطرق

    فلا حسب ولا نسب ........ ولا دين ولا خلق

    فلست مصدق الأقوا _ م في قول وإن صدقوا

    وقيل: إن المنصور لما ظفر به بعد قتل أخويه محمد وإبراهيم ضربه ألف سوط فلم ينطق، فقال: عجبت من صبر هؤلاء على عقوبة السلطان! فما بال هذا الفتى الذي لم تره عين الشمس، وسمع موسى قوله فقال: من الكامل

    إني من القوم الذين يزيدهم ........ جلداً وصبراً قسوة السلطان

    كتب موسى بن عبد الله إلى زوجته أم سلمة بنت محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق يستدعيها إلى الخروج إليه إلى العراق فلم تفعل: من الطويل

    لا تتركيني بالعراق فإنها ........ بلاد بها أس الخيانة والغدر

    فإني زعيم أن أجيء بضرة ........ مقابلة الأجداد طيبة النشر

    غذا انتسبت من آل شيبان في الذرا ........ ومرة لم تحفل بفضل أبي بكر

    وقال فيها غير ذلك أيضاً، فأجابه الربيع بن سليمان: من الطويل

    أبنت أبي بكر تكيد بضرة ........ لعمري لقد حاولت إحدى الكبائر

    تغط غطيط البكر شد خناقه ........ وأنت مقيم بين ضوجي عبائر

    التقى العباس بن محمد وموسى بن عبد الله فقال له العباس: يا أبا حسن! ما رثيت به أصحابك والذين قتلوا بفخ ؟قال: قد قلت:

    بني عمنا ردوا فضول دمائنا ........ ينم ليلكم أو لا يلمنا اللوائم

    فقال العباس: دماً والله لا يرد عليك أبداً. فقال وسى بن عبد الله: ذلك إذا كان الأمر لك فصدقت .قوله: ينم ليلكم ؛أي تامنون باساً والأخذ بثأرنا، وتمامون في ليلكم آمنين غير خائفين، وتستقر بكم مضاجعكم ؛والعرب تقول: ليل نائم، وسر كاتم، تريد: ليل منوم فيه، وسر مكتوم .تعرض رجل لموسى بن عبد الله فسبه فتمثل موسى ببيتي ابن ميادة: من الطويل

    أظنت سفاهاً من سفاهة رأيها ........ أن أهجوها لما هجتني محارب

    فلا وأبيها إنني بعشيرتي ........ ونفسي عن اك المقام لراغب

    موسى بن عبد الرحمن بن موسى بن محمد

    ويقال ابن صالح، أبو عمران الصباغإمام جامع بيروت .حدث عن الحسن بن جرير بسنده إلى عقبة بن عامر :أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الناس خير ؟قال: من يطعم الطعام، ويقرئ السلام على من عرف ومن لم يعرف .وحدث عن عثمان بان خرزاذ بسنده إلى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :حبب إلي النساء والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة.

    موسى بن عبد العزيز بن الرماح الدمشقي

    حث عن سفيان بن عيينة بسنده إلى ابن عباس قال :لما قتل ابن آدم أخاه قال آدم صلى الله على نبينا ولعيه السلام: من الوافر

    تغيرت البلاد ومن عليها ........ فوجه الأرض مغبر قبيح

    تغير كل ذي طعم ولون ........ وفات بشاشة الوجه الصبيح

    قتل قابيل هابيلاً أخاه ........ فواحزني على الوجه المليح

    فأجابه إبليس لعنه الله: من الوافر

    تنح عن البلاد وساكنيها ........ فبي في الخلد ضاق بك السيح

    وكنت بها وزوجك في رخاء ........ وقلبك من أذى الدنيا مريح

    فما انفكت مكايدتي ومكري ........ إلى أن فاتك الثمن الربيح

    فلولا رحمة الجبار أضحى ........ بكفي من جنان الخلد ريح

    موسى بن عبد الملك بن هشامأبو الحسين الكاتبمن كتاب المتوكل، ورد معه دمشق .قال موسى بن عبد الملك :رايت في النوم وأنا في الحبس قائلاً يقولك من مخلع البسيط

    لا زلت تعلو بك الجدد ........ نعم وحفت بك السعود

    أبشر فقد آن ما تريد ........ يبيد أعداءك المبيد

    لم يمهلوا ثم لم يقاتلوا ........ والله يأتي بما تريد

    فاصبر فصبر الفتى حميد ........ واشكر فمع شكرك المزيد

    توفي أبو الحسين بن عبد الملك بالفالج سنة سبع وأربعين ومئتين .موسى بن عقبة أبو محمد المدنيمولى آل الزبير، صاحب المغازي .حدث عن أم خالد بنت خالد - قال: لم أسمع أحداً يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم غيرها - قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ من عذاب القبر .كان بالمدينة شيخ يقال له شرحبيل أبو سعد، وكان من أعلم الناس بالمغازي، فاتهموه أن يكون يجعل لمن لا سابقة له سابقة، وكان قد أحتاج فأسقطوا مغازيه وعلمه، فسمع بذلك موسى بن عقبة فقال: وإن الناس قد اجترؤوا على هذا! فدب على كبر سنه وقيد من شهد بدراً فاحداً، ومن هاجر إل أرض الحبشة والمدينة، وكتب ذلك .كان مالك إذا سئل عن المغازي قال: عليك بمغازي الرجل الصالح موسى بن عقبة، فإنه أصح المغازي .قال المسور بن عبد الملك المخزومي لمالك: يا أبا عبد الله! فلان كلمني يعرض عليك وقد شهد جده بدراً. فقال مالك: لا أدري ما تقولون، من كان في كتاب موسى بن عقبة قد شهد بدراً فقد شهد بدراً، ومن لم يكن في كتاب موسى بن عقبة فلم يشهد بدراً .وعن هشام بن عروة قال :إنما كنت أجيء إلى المدينة من أجل موسى بن عقبة أنها، فلما مات موسى بن عقبة تركت المدينة، وكان مؤاخياً له، وكان هشام بن عروة إذا قدم المدينة أخلوا له مصلى النبي صلى الله عليه وسلم .توفي موسى بن عقبة سنة إحدى وأربعين، اثنتين وأربعين ومئة.

    موسى بن علي بن رباح بن قصير

    ابن القشيب بن يثيع بن أزدة بن حجر بن جزيلةابن لخم بن عمرو أبو عبد الرحمن اللخمي المصريزفد على هشام بن عبد الملك من المغرب، وولي مصر للمنصور سنة تسني .حدث عن أبيه بسنده إلى عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :فضل ما بين صيامكم وصيام أهل الكتاب أكلة السحر .وحدث عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :الحسد في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فقام به، وأحل حلاله وحرم حرامه ؛ورجل آتاه اله مالاً، فوصل به أقرباءه ورحمه، وعمل بطاعة الله ؛تمنى أن يكون مثله. ومن تكن فيه أربع فلا يضره مازوي عنه من الدنيا: حشن خليقة، وعفاف، وصدق حديث، وحفظ أمانة .وعلي، بضم العين وفتح اللام، وكان يكره أن يقال له علي، ويقول: لا أجعل في حل من ينسبني إلى علي، أنا ابن علي بن رباح، ومن قال علي فقد اغتابني .ولد موسى بن علي سنة سبع وثمانين، وتوفي سنة ثلاث وستين ومئة بالإسكندرية. وكان رجلاً صالحاً يتقن حديثه، من ثقات المصريين.

    موسى بن علي بن محمد بن علي

    أبو عمران النحوي الصقليحدث عن عبد بن أحمد بسنده إلى بكير بن وهب الجزري قال :قال لي أنس: إني أحدثك حديثاً ما حدثته كل أحد، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على باب بيت ونحن فيه فقال: الأئمة من قريش من بعدي، إن لهم عليكم حقاً، ولكم عليهم مثل ذلك، ما إن استرحموا رحموا، وإن عاهدوا اوفوا، وإن حكموا عدلوا، فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجميعن .قال أبو عمران: حفظت القرآن ولي تسع سنين، وجودته ولي إحدى عشرة سنة .وتوفي أبو عمران سنة سبعين وأربع مئة.

    موسى بن عمران بن يصهر بن قاهث

    ويقال: عمران بن قاهث بن لاوي بن يعقوبابن إسحاق بن إبراهيم الخليل كليم الرحمن صلى الله عليه وعلى نبينا وسلمروي أن قبره بين عليه وعويله وهما محلتان كانتا بقرب مسجد القدم .ويقال إنه رئي في النوم قبره فيه، والصح أن قبره بيته بني إسرائيل وسأتي الاختلاف فيه .والأطوار التي كلم الله تعالى موسى عليه السلام عليها أربعة أطوار: طور سيناء وهو في البية بالقرب من بحر قلزم، والطور الذي ببيت المقدس، والطور الذي في طبرية عند أكسال، والطور الذي بدمشق، وهو جبل كوكب موضع الكنيسة الخربة، وقد بني في هذه المواضع كنائس باقية إلى الساعة إلا كنيسة كوكباً فإنها خراب .روي أنه أول نبي بعث: إدريس، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم إسماعيل وإسحاق ويعقوب بن إسحاق، ثم يوسف بن يعقوب، ثم لوط، ثم هود، ثم صالح، ثم شعيب، ثم موسى وهارون .وكان حاز حزا لفرعون فقال: إنه يولد في هذا العام غلام يذهب بملككم، وكان فرعون يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم حذراً لقول الحازي، وذلك قول اله عز وجل: ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ومجعلهم الوارثين' إلى قوله: 'يحذون' قوله: 'ونجلعهم الوارثين' أي يرثوا الأرض بعد فرعون. قال: 'وأوحينا إلى أم موسى' قال: قرر في نفسها 'أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم' إلى قوله: 'وهم لا يشعرون' قال: لا يشعرون أن هلالاكهم على يديه. وقوله: 'لولا أن ربطنا على قلبها' قال: ربط الله على قلبها بالإيمان. وقوله: 'وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً'، قال: من كل شيء إلا من ذكر موسى، و'إن كادت لتبدي به' فتقول: وابنياه .ولما أكثر فرعون القتل في بني إسرائيل، ورأى عظماء قومه ما يصنع اجتمع نفر من عظمائهم وأشرافهم وذوي السن منهم، وقال بعضهم لبعض: ألا ترون إلى الملك يذبح الصغير من بني إسرائيل، وأن الكبار يموتون بآجالهم، وقد أسرع القوابل في نساء بنس إسرائيل وأمرهن أن لا يسقط على ايديهن وليد من بني إسرائيل إلا ذبحوه، وقد ترون ما يصنع بالحبالى، وكيف يعذبهن حتى يطرحهن حتى ما في بطونهن، فيوشك أن يفني بني إسرائيل ويستأصلهم، فنصير نحن بغير خدم، وتصير الأعمال التي كانوا يكفوناها في أعناقنا، وإنما بنو إسرائيل خدمنا وخولنا ؛فانطلقوا بنا إلى الملك حتى نشير عليه برأينا. فانطلقوا حتى دخلوا على فرعون فقالوا: أيها الملك! قد أفنيت بني إسرائيل، وقطعت النسل، وإنما هم خدمك، وهم لك خول طائعون، فاستبقهم لذلك ومر أن يرفع عنهم الذبح عاماً أو عامين حتى يشب الصغار .فأمر فرعون أن يذبحوا عاماً ويستحيوا عاماً فحملت أم موسى بهارون في السنة التي لا يذبح فيها الغلمان، فولدت هارون علانية آمنة من الذبح حتى إذا كان العام القابل الذي يذبح فيه الغلمان حملت بموسى، فوقع في قلب أم موسى الهم والحزن من أجل موسى، تخشى عليه كيد فرعون، وكان هارون أكبر من موسى عليهما السلام، ولما تقارب ولاد أم موسى كانت قابلة من القوابل التي وكلهن فرعون بحبالى بني إسرائيل مصافية لام موسى، فلما ضربها الطلق أرسلت إليها فقالت: قد ترين ما نزل بي، ولينفعني حبك إياي اليوم، فعالجت قبالها، فلما أن وقع موسى بالأرض هالها نور بين عينيه، فارتعش كل مفصل منها، ودخل حب مسوى في قلبها ثم قالت لها: يا هذه! ما جئت إليك إلا ومن رآني أقتل مولودك وأخبر فرعون، ولكن قد وجدت لابنك هذا حباً ما وجدت مثله، واحفظي ابنك، فإني أراه هو عدونا .فلما خرجت من عندها وحراس فرعون وعيونه على القوابل ينظرون أين يدخلن وأين يخرجن ؛فإن وجدوا قابلة تداهن أو تكتم، واطلعوا على ذلك منها قتلوها والمولود، فلما خرجت القابلة من عند أم موسى أبصرها بعض العيون، فجاء غل بابها ليدخلوا على أم موسى، وكانت أخت موسى قد سجرت تنورها لتخبز، فسمعت الجلبة بالباب فقالت: يا أمتاه! هذا الحرس بالباب. فلقت موسى في خرقة، ثم سولت لها نفسها، فوضعته في التنور وهو مسجور، وطاش عقلها فلم تعقل ما تصنع خوفاً على موسى، وكان ذلك إلهاماً من الله عز وجل لما أراد بعبده موسى، فدخلوا فإذا التنور مسجور، وإذا أم موسى لم يتغير لها لون، ولم يظهر لها لين. فقالوا لها: ما أدخل عليك القابلة ؟قالت: هي مصافية لي. فدخلت علي زائرة، فخرجوا من عندها، فرجع إليها عقلها، فقالت لأخت موسى: فأين الصبي ؟قالت: لا أدري، فسمع صوت بكاه من التنور، فانطلقت إليه، وقد جعل الله عليه النار برداً وسلاماً، فاحتملت الصبي فأرضعته، وذلك قول الله عز وجل: 'وأوحينا إلى أم موسى' بعد ذلك، وإنما كان هذا الوحي إلهاماً من الله 'أن أرضعيه' فأرضعته ولا تخاف شيئاً، فذلك قوله: 'فإذا خفت عليه' فاجعليه في التابوت ثم اقذفيه في اليم 'ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين' .وكانت أم موسى لما حملت به كتمت أمرها جميع الناس، فلم يطلع على حبلها أحد من خلق الله، وذلك شيء ستره الله لم أراد أن يمن به على بني إسرائيل .فلما كانت السنة التي يولد فيها بموسى بعث فرعون القوابل وأمرهن يفتشهن النساء تفتيشاً لم يفتشنه قبل ذلك، ولم ينب بطن أم موسى ولم يتغير لونها، ولم يظهر لبنها، وكانت القوابل لا يعرضن لها، فلما كانت الليلة التي ولد فيها موسى ولدته أمه ولا رقيب عليها ولا قابلة، ولم يطلع أحد إلا أخته مريم، وأوحي الله إليها 'أن أرضعيه فإذا خفت عليه' الآية، فكتمته أمه ثلاثة أشهر ترضعه في حجرها لا يبكي ولا يتحرك ؛فلما خافت عليه عملت له تابوتاً مطبقاً ومهدت له فيه، ثم ألقته في البحر ليلاً كما أمرها الله، فلما أصبح فرعون جلس في مجلسه على شاطئ النيل، فبصر بالتابوت فقال لمن حوله من خدمه: ائتوني بهذا التابوت، فوضع بين يديه وفتحه، فوجد فيه موسى، فلما نظر إليه فرعون قال: عبارني من الأعداء. فغاظه ذلك وقال: كيف أخطأ هذا الغلام الذبح ؟! وكان فرعون قد استنكح امرأة من بني إسرائيل يقال لها آسية بنت مزاحم، وكانت من خيار النساء، ومن بنات الأنبياء، وكانت أماً للمسلمين، ترحمهم وتتصدق عليهم وتعطيهم، ويدخلون عليها، فقالت لفرعون وهي قاعدة إلى جنبه: هذا الولد أكبر من ابن سنة، وإنما أمرت أن يذبح الولدان لهذه السنة، فدعه يكن قرة 'عين لي ولك، لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً وهم لا يشعرون' بأن هلاكهم على يده، فاستحياه فرعون وومقه، القي الله عليه محبته ورأفته، وقال لمرأته: عسى أن ينفعك فأما أنا فلا أريد نفعه. ولو أن عدو الله قال في موسى كما قالت أسية: عسى أن ينفعنا، لنفعه الله به، ولكنه أبى، للشقاء الذيس كتبه الله عليه .وحرم الله المراضع على موسى ثمانية أيان ولياليهن، كلما أتي بمرضعة لم يقبل ثديها، فرق فرعون إليه ورحمه، وطلب له المراضع، وحزنت أم موسى وبكت عليه، حتى كانت أن تبدي به، ثم تداركها الله برحمته، وربط على قلبها، وقالت لأخته: تنكري واذهبي مع الناس فانظري ماذا يفعلون به. فدخلت أخته مع القوابل على أسية نبت مزاحم، فلما رأت وجدتهم بموسى وحبهم له ورأفتهم عليه قالت: 'هل أذلكم على أهل بيت يكفلونه لكن وهم له ناصحون' ؟فانطلقت إلى أمها فأخبرتها الخبر، وما عاينت وما سمعت منهم، فانطلقت أم موسى حتى انتهيت إليهم متنكرة فقالت لهم: هل تريدون ظئراً ؟قالوا: نعم. فناولوها موسى، فوضعته في حجرها، فلما شم ريح أمه عرفها فوثب إلى ثدي أمه فمصه حتى روي، فلما رده الله إلى أمه وقبل ثديها استبشرت آسية وقالت لأم موسى: إن شئت امكثي عندي ترضعين ابني هذا، فإني لم أحب حبه شيئاً قط. فقالت لها أم موسى: لا أستطيع أن أترك بيتي وولدي وزوجي وأقيم عندك، ولكن إن طابت نفسك أن تدفعيه إلي، فأذهب به إلى بيتي، فيكون عندي لا ألوه خيراً .وذكرت أم موسى ما كان الله صنع لها في موسى فتعاسرت عليهم وعلمت أن الله مبلغ موسى ومنجز وعده. قال: فدفعت إليها ابنها، فرجعت به إلى بيتها، فبلغ من لطف الله لها ولموسى أن الله رد عليها ابنها، وعطف عليها فرعون وأهل بيته بالمنفعة حتى كأنهم كانوا من أهل بيت فرعون، من المان والسعة، فلم يزل موسى في كرامة الله عز وجل، وهو في منزل والدته، فلما ترعرع وشب وتكلم، وكانت امرأة فرعون إذا أرداته بعثت إليه، فيحمل إليها في الفرسان والخدم حتى يدخل عليها، ولما فطمته أمه ردته، فنشأ في حجر فرعون وامرأته يربيانه بأيديهما، واتخذاه ولداً، فبينا هو يلعب يوماً بين يدي فرعون، وبيده قضيب يلعب به إذ رفع القضيب فضرببه رأس فرعون، فغضب فرعون وتطير من ضربه حتى هم بقتله، فقالت آسية: أيها الملك! لا تغضب، ولا يشقق عليك، فإنه صبي صغير لا يعقل، جربه إن شئت، اجعل في هذا الطست جراً وذهباً، فانظر على أيهما يقبض، فأمر فرعون بذلك، فلما مد موسى يده ليقبض على الذهب قبض الملك الموكل به على يده فردها إلى الجمرة، فقبض عليها مويى، فألقاها في فيه، ثم قذفها حين وجد حرارتها، فقالت آسية لفرعون: أن أفل لك إنه لا يعقل شيئاً ؟فكف عنه فرعون وصدقها، وكان أمر بقتله .ويقال: إن العقدة التي كانت في لسان موسى أثر تلك الجمرة التي التقمها .ولما أرادت أم موسى أن تجل ولدها في التابوت انطلقت إلى نجار من مصر من قوم فرعون، فاشترت منه تابوتاً صغيراً، فقال لها النجار: ما تصنعين بهذا التابوت ؟قالت: ابن لي أخبؤة في التابوت - وكرهت أن تكذب - قال: ولم ؟قالت: أخشى عليه كيد فرعون. فلما اشترت منه التابوت وحملته انطلق النجار إلى الذباحين ليخبرهم بأمر أم موسى، فلما هم بالكلام أمسك الله لسانه، فلم يطق الكلام، وجعل يشير بيده، فلم يدر الأمناء ما يقول، فلما أعياهم أمره قال كبيرهم: اضربوا هذا المصاب، فضربوه حى أخرجوه، فلما انتهى إلى موضعه رد الله عليه لسانه فتكلم، فانطلق أيضاً يريد الأمناء، فأتاهم ليخربهم، فأخذ الله لسانه وبصره، فلم يطق الكلام ولم يبصر شيئاً، فضربوه وأخرجوه من عندهم لا يبصر شيئاً، فوقع في وادي يهودي فيه حيران، فجعل لله إن رد عليه لسانه وبصره أن لا يدل عليه، وأن يكون من تبعه، يحفظه حيث ما كان، فعرف الله منه الصدق، فرد عليه بصره ولسانه، فخر لله ساجداً وقال: يا رب! دلني على هذا العبد الصالح. فدله الله عليه، فخرج من الوادي فآمن به وصدق به، وعلم أن ذلك من الله .وانطلقت أم موسى بالتابوت إلى منزلها فمهدت فيه لموسى ثم لفته في الخرق، ثم أدخلته التابوت، فأطلقت عليه، فنظرت ألسحرة والكهنة إلى نجم موسى، فإذا مجمه ورزقه قد غاص في الأرض، وخفي عليهم نجمه، وذلك حين أدخلته أمه في التابوت، فخفي على الكهنة، فلما أبصروا ذلك فرحوا فرحاً شديداً، ورفعوا أصواتهم بالغناء، وأسرعوا البشارة إلى فرعون وهم يظنون أن قد ظفروا بحاجتهم، وأن موسى قد قتل فيمن قتل من ولدان بني إسرائيل فقالوا: أيها الملك! إن نجم المولود الذي تحذر مه غاص في الأرض وذهب رزقه. ففرح فرعون وذهب عنه الغم، وظن أنها ستراح منه، فأمر للكهنة والسحرة بجوائز وكسوة، وأمر بالجهاز والخروج من الإسكندرية، وكان لفرعون يومئذ ابنة، لم يكن له ولد غيرها، وكانت من أكرم الناس عليه، وكان لها كل يوم ثلاث حاجات ترفعها إلى فرعون، وكان بها برص شديد مسلخة برصاً، وكان فرعون جمع لها أطباء مصر والسحرة، فنظروا في أمرها وقالوا: إنها لا تبرأ إلا من قبل البحر، يؤخذ منه شيء شبه الإنسان، فيؤخذ منه ريقه فيلطخ به برصها فتبرأ من ذلك، وذلك في يوم كذا وكذا حين تشرق الشمس، فلما كان يوم الإثنين غدا فرعون إلى مجلس كان له على شفير النيل، ومعه امرأته آسية، وأقبلت ابنة فرعون في جواريها حتى جلست على شاطئ النيل، فبينا هي كذلك مع جواريها تنضح الماء على وجوههن وتلاعبهن، وعمدت أم موسى إلى التابوت فقذفته في النيل، فانطلق الماء بالتابوت حتى توارى عنها، فجاء الشيطان فندمها وأنساها ما كان الله عز وجل ألهمها إذ جعلته في التنور، فجعل الله عليه النار برداً وسلاماً ؛وندمت حين جعلته ي التابوت وقالت: لو ذبح ابني بين يدي كنت أكفنه وأدفنه في التراب، وكان أحب إلي وأسلي لهمي من أن ألقيه في البحر، فيأكله دواب البحر وحيتانه، ثم ذكرها الله ما أنساها الشيطان فقالت: إن الذي خلصه من النار سيحفظه في اليم، فاحتمل النيل التابوت حتى تعلق بشجرة مما يلي فرعون، فبينا فرعون في مجلسه إذ أقبل النيل بالتابوت تضربه الأمواج، فقال فرعون: إن هذا لشيء في البحر قد تعلق بالشجرة، ترفعه الأمواج وتضعه، ائتوني به. فابتدروه بالسفن من كل جانب، حتى وضعوه بين يده، فعالجوا فتح التابوت فلم يقدروا عليه، وعالجوا كسره فلم يقدروا عليه فدنت آسية فرأن في جوف التابوت نرواً لم يره غيرها، للذي أراد الله أن يكرمها، فعالجته ففتحت التابوت، فإذا هي بصبي صغير فيمهده، فإذا نور بين عينيه، وقد جعل الله رزقه في البحر في إبهامه، وإذا إبهامه في فيه، يمصه لبناً، وألقي الله لموسى المحبة في قلب آسية، فلم يبق منها عضو ولا شعر ولا بشر إلا وقع فيه الاستبشار، فذلك قوله: 'وألقيت عليك محبة مني'، وأحبه فرعون وعطف لعيه .وأقبلت ابنة فرعون، فلما أخرجوا الصبي من التابوت عمدت ابنة فرعون إلى ما كان يسيل من ريقه ولعابه فلطخت به برصها وقبلته وضمته إلى صدرها، وجعل فرعون يفعل كفعلها لما يرى من سرورهم به، فأخذته آسية فضمته إلى نفسها، فقالت الغواة من قوم فرعون: إنا نظن أن ذلك المولود الذي تحذر منه من بني إسرائيل، هو هذا رمي به في البحر فرقاً منك، فاقتله مه من قتلت منهم. فهم به فمنعه الله منه، فلما هم بقتله قالت إمراته آسية: لا تقتله 'قرة عين لي ولك' لا تقتله 'عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً' وكانت لا تلد، فاستوهبت موسى من فرعون فوهبه لها، وقال فرعون: أما أنا فلا حاجة لي فيه. فقالت لآسية: سميه. قالت سميته موشى. قيل: ولم سميته موشى ؟قالت لأنا وجدنا في الماء والشجر ف مه هو الماء و شى هو الشجر فسموه موشى، ماء وشجر .قال قتادة في قوله: 'وألقيت عليك محبة مني'، قال: كانت ملاحة في عيني موسى لم يرهما أحد قط إلا أحبه .وقال سلمة بن كهيل: 'وألقيت عليك محبة مني'، قال: حببتك إلى عبادي .وقال ابن المبارك: أوحى الله تعالى إلى موسى: تدري لم ألقيت عليك محبتي ؟قال: لا يا رب. قال: لأنك اتبعت مسرتي .وقال أبو عمران الجوني: 'ولتصنع على عيني' قال: تربى بعين الله عز وجل .وقال ابن عباس: في قوله: 'وحرمنا عليه المراضع من قل' قال: ليس يعني النساء، ولكن يعني حلم الثدي، وكان لا يقبل ثدي امرأة، فجعل لا يقبل حلمة امرأة، فكبر ذلك على امرأة فرعون، فقالوا لها: أرسلي إلى نساء بني إسرائيل التي قتل أولادهن، لعلك تجدين من يقبل هذا الصبي ثديها منهن، فأرسلت، فجعلت تعرضهن على موسى مرضعاً بعد مرضع، فلم يقبل منهن شيئاً حتى أشفقت آسية أن يمتنع من الرضاع فيهلك، حتى جاءت أمه، فلما أن شم ريح أمه عرفها فوثب إلى ثدي أمه فمصه حتى روي .وعن أبي هريرة :أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليلة أسري بي مررت بموسى بن عمران فنعته النبي صلى الله عليه وسلم فقال رجل - حسبته قال: مضطرب - رجل الرأس، كأنه من رجال شنوءة .وفي حديث جابر مثله، ورأيت عيسى، فإذا أقرب من رأيت به شبهاً عروة بن مسعود، ورأيت إبراهيم إليه السلام، فإذا أقرب من رأيت به شبهاً صاحبكم - يعني نفسه - ورأيت جبريل عليه السلام، فأقرب من رأيت به شبهاً دحية .وعن ابن عباس :أن بني إسرائيل لما شب موسى نظروا إلى المبعث الذي كانوا يجدون في كتبهم، أن الله عز وجل مخلص بني إسرائيل على يديه .وقال وهب بن منبه :إنهم قالوا لموسى: إن آباءءنا أخبرونا أن الله عز وجل يفرج عنا على يدي رجل أنت شبه، فتكون لنا الأرض كما كانت أول مرة في زمن يعقوب، وإنما سخط الله علينا وملك فرعون علينا لأنا لم نطعربنا، لم نصدق رسلنا فجعل موسى يقول لهم: أبشورا يا بني إسرائيل ثم أبشروا، فإني أرجو أن يكون قد تقارب ذلك، فاتقوا الله وأطيعوه، ولا تسخطوه كما أسخطمتوه أول مرة، فلا يرضى عنكم أبداً. قالوا: يا موسى! أما تقدر أن تشفع لنا إلى فرعون بمنزلتك عنده أن يرفه عنا شهراً من العمل، فقد قرحت أيدينا ومناكبنا من نقل الحجارة وبناء المدائن، فنستريح شهراً فقد كسرت ظهورنا وذهبت قوتنا. فقال لهم موسى: فهل تعلمون يا بني إسرائيل أن الذين أنتم فيه من البلاء عقوبة من الله للذين سلف من ذنوبكم. قالوا: يا موسى! ما منا صغير ولا كبير إلا وهو يعرف ذلك، مقر على نفسه بخطيئته. قال لهم موسى! ما منا صغير ولا كبير إلا وهو يعرف ذلك، مقر على نفسه بخطيئته. قال لهم موسى: فما عليكم من الشكر إن هلك عدوكم وفرج عنكم وردوكم إلى ملككم ؟قالوا: يا موسى! وهل يكون ذلك أبداً ؟قال عسى الله أن يفعل بكم ذلك، فينظر كيف شكركم وحمدكم عند الرخاء، وصبركم عند البلاء .قال وهب: وكذلك الأنبياء يجري الله الحكمة على ألسنتهم من قبل الوحي، فقالوا: يا موسى! إذاً والله نكثر صلاتنا وصيامنا ونواسي المساكين في اموالنا ونظع الجائع، ونكسو العاري، ونطيع ربنا ورسلنا. قال موسى: يا بني إسرائيل! زعموا أن عبداً من عبيد الله غضباً عضباً في الله على قومه أنهم عبدوا الأوثان من دون الله، فعمد إلى تلك الأوثان فكسرها غضباً لله عز وجل ؛فأخذه قومه فالقوة في النار، فأمر الله النار أن تكون برداً وسلاماً، فأنجاه الله من تلك النار، لما علم من صدق نيته، قالوا: يا موسى! هذا هو إبراهيم الخليل بن تارح هو أبو إسحاق، وهو جد يعقوب، وهو إسرائيل أبونا .فلما فرغوا من حديثهم خلابة فتى من قومه فقال لموسى: لولا أني أخاف لأخبرتك خبراً صادقاً إنك أنت الذي نرجوه، ولكنك من فرعون بمنزلة، وهو يحبك حباً شديداً. فقال له موسى: وإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب إلهاً واحداً، لا أحلف بعزة فرعون المخلوق الضعيف إلا ما أخبرتني الخبر كله. فقال له الفتى: يا موسى! أشهد بإله إبراهيم وإسحاق ويعقوب والأسباط أنك الذي نرجو وننتظر أن يهلك الله عدونا على يده ويفرج عنا به. قال له موسى: وإله بني إسرائيل إني لأحبكم حب الوالدة لودها وحب الأخ لأخيه ؛ولا يغرنكم حب فرعون إياي، فإن أكمن أنا ذاك أو غيري. قال: فلم يزل موسى يتآلفهم ويتآلف بهم ويتحدث معهم حتى صار موسى أحب إليهم من أبائهم وأمهاتهم، وصاروا إذا قعدوا ساعة كالغنم لا راعي لها. ثم إن موسى وأخاه ذلك الرجل في الله، وجرت بينهما المودة، ثم ثم إنه خلابه موسى لما أراد الله بذلك الفتى من السعادة، فأفشى إليه موسى سره وما هو عليه من يدنه، وأخذ عليه عهد الله وميثاقه ألا يخبر به أحداً حتى يظهر الله ذلك الأمر، فحلف الفتى بإله بني إسرائيل ليجتهدن في الأمر، ولا تأخذه في الله لومة لائم، ولو أحرقت بالنار .فأنبت اله موسى نباتاً حسناً حتى بلغ أشده، فآتاه الله حكماً وعلماً - يعني فهماً في دينه ودين آبائه وشرائعهم - وصار لموسى شيعة من بني إسرائيل يسمعون منه، يقتدون برأيه ويجتمعون إليه، فلما عرف ما هو عليه من الحق، وبان له أم ر فرعون وما هو عليه من الباطل، وعرف عداوته له ولبني إسرائيل علم أن فراق فرعون خير له في دينه ودنياه وأخرته. فتكلم موسى بالحق وعاب المنكر، ولم يرض بالباطل والظلم والإشراك بالله، حتى ذكر ذلك منه في مدينة مصر، وما صنع بأهلها، وحتى علموا أن دينه ورأيه مخالف لهم ؛فلما اشتد عليهم أمر موسى رفعوا أمره إلى فرعون، فأمرهم فرعون أن لا يعرضوا له إلا بخير، ونهاهم عنه حتى صار من أمر أهل مصر أنهم خافوا موسى خوفاً شديداً، وكن لا يلقى موسى أحداً منهم إلا هربوا منه حتى لا يستطيع أحد من آل فرعون يخلص إلى أحد من بني إسرائيل، ولا يصل إلى ظلمه ولا يسخره، وامتنعت بنو إسرائيل في كنف موسى كل الامنتاع، فلما اشتد عليهم أمر موسى نصبوا له العداوة في كل نواحي المدينة ليقتلوه، فصار من أمر موسى لا يدخل المدينة إلا خائفاً مستخفياً، فبينا موسى ذات يوم وهو داخل 'المدينة على حين غفلة من أهلها' يعني عند الظهيرة وهم قائلون 'فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته' يعني من شيعة موسى، والآخر 'من عدوه' يعني من آل فرعون كافراً 'فاسغائه الذي من شعته' وهو الإسرائيلي 'على الذين من عدوه' يعني بع القطبي، وكان موسى أوتي بسطه في الخلق، وشدة في القوة، فدنا موسى منهما، فإذا هو بالفتى المؤمن الذي كان عاهده موسى وأفشى إليه سره، وقد تعلق به عظيم من عظماء الفراعنة، يريد أن يدخله على فرعون، فقال له موسى: ويحك، خل سبيله، قال له الفرعوني: هل تعلم يا موسى أن هذا الفتى سب سيدنا فرعون ؟فقال له موسة: كذبت يا خبيث بل السيد الله، ولعنة الله على فرعون، فنازعه موسى فلم يخل عنه 'فوكزه موسى' وكزة على قلبه 'فقضى عليه' ولم يكن يريد قتله، وليس يراهما إلا الله والفتى الإسرائيلي الذي كان من شيعه موسى. فقال موسى حين قتل الرجل: 'هذا من عمل الشيطان' يعني من تزيين الشيطان 'إنه عدو مضل مبين، قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي' .وقيل: إن موسى نبي الله قال: يا رب لا ترني النفس التي قتلت يوم القيامة. قال الرب: ألم أغفره لك يا موسى ؟قال: بلى، ولكن أخشى مما أرى من عذلك أن يكون لقلبي روعة يوم القيامة. قال: فجنبه ألا تراه .وعن ابن عباس قال :إن موسى كان قد جعل الله له نوراً في قلبه قبل نبوته، فلما قتل الرجل خمد ذلك النور، فلم يحس به، فقال عند ذلك: رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي. فعرف الله منه الندامة، فرد عليه النور في قلبه وغفر له، إنه هو الغفور الرحيم .وكان موسى بعد ذلك خائفاً وجلاً، حتى جاءته النبوة، فأوحى الله إليه: لو أن النسمة التي قتلتها أقرت لي ساعة من نهار أني خالقها ورازقها لأذقتك طعم العذاب، ولكنها لم تقر لي ساعة من نهار أني خالقها ورازقها، فقد غفرت لك. فاطمأن بعد ذلك .وعن ابن عباس :في قوله عز وجل: 'وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى' قال: جاء خربيل بن نوحابيل خازن فرعون، وكان مؤمناً يكتم إيمانه مئة سنة، وكان هو حاضر فرعون حين ائتمروا في قتل موسى. قال: فخرج فأخذ طريقاً آخر، فأخبر موسى بما ائتمروا من قتله، وأمره بالخروج وقال: 'إني لك من الناصحين' فخرج موسى على وجهه، فمر براعي، فألقى كسوته واخذ منه جبة من صوف بغير حذاء ولا رداء، فمضى 'خائفاً يترقب' يخاف فرعون، وهو يتحسس الأخبار ولا يدري أين يتوجه، ولا يعرف الطريق إلا حسن ظنه بربه، فذلك قوله: 'عسى ربي أن يهديني سواء السبيل' فهيأ الله تعالى له قصد السبيل - يعني الطريق إلى المدينة الذي قضى عليه، وما هو كائن من أمره. فخرج نحو مدين بغير زاد ولا ظهر، قال: 'رب نجني من القوم الظالمين' فتعسف الطريق يأخذ يميمناً وشمالاً، يأكل النبت من الأرض وورق الشجر حتى تشقق شدقاه، وكان يرى خضرة النبت بين جلده وأمعائه، فأصابه الجهد والجوع حتى وقع إلى مدين، فذلك قوله عز وجل: 'ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون' أنعامهم، وكانوا أصحاب نعم وشاء 'ووجد من' دون القوم 'امرأتين تذوادان' غنمها عن الماء وهما ابنتا يثروب - وهو بالعربية شعيب - فقال موسى لهما: 'ما خطبكما' يقول: ما شأنكما معتزلتين بغنمكما دون القوم لا تسقيان مع الناس ؟. 'قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء' ونحن بعد كما ترى إمراتين ضعيفتين لا نستطيع أن نزاحم الرجال 'وأبونا شيخ كبير' لا يستطيع أن يدفع عن نفسه، وليس أحد يقوم بشأنه ولا يعنيه في رعاية غنمه وسقيها، فنحن نرعاها ونتكلف سقيها، وكان شعيب صاحب غنم، وكذلك الأنبياء كانوا يقتنون الغنم .قال ابن عباس :ما من بيت يكون تكون فيه شاة إلا نادى ملك من السماء: يا أهل البيت قدستم قدستم .وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أعيته المكاسب فعليه بتجارة الأنبياء. يعني الغنم، إنها إذا أقبلت أقبلت وإذا أدبرت أقبلت .قال ابن عباس :لما ورد

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1