Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

التاريخ يفسر التضخم والتقلص
التاريخ يفسر التضخم والتقلص
التاريخ يفسر التضخم والتقلص
Ebook97 pages43 minutes

التاريخ يفسر التضخم والتقلص

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

يعد التضخم والتقلص مصطلحان متضادان اقتصاديان من جهة وسياسيان من جهة أخرى لما لهما من آثار على حياة الأفراد، وعلى الرغم من ظهور هذين المصطلحين كأبرز مفرزات للحربين العالميتين الأولى والثانية، إلا أن "مهران" يرجع بالجذور التاريخية لأصول وجودهما؛ فأثينا التي عرفت بأنها أول من صك النقود عاشت أزمة تقلص نقدي سببه ﻗﻠﺔاﻟﻨﻘﻮد ﻋﻦاﻟﺤﺪ اﻟﻮاﺟﺐ ﻟﻬﺎ عام ٤٩٥ق.م، أما الحرب بين أثينا وإسبارتة فسببت تضخمًا في أثينا عام 406 ق.م،أما مصر في عهد البطالسة وبعد هزيمة الروم لها ودخولهم الاسكندرية فارتفعت أسعار السلع كافة، ثم ما لبثت أن نزلت الأسعار مرة أخرى وأصبحت مصر المغذي الأول للروم في سلعة الحبوب بحكم الاستعمار. ويؤكد مهران على أن السبب الأول في وجود لتقلص والتضخم ناجم عن الحروب والصراعات على الموارد والتاريخ القديم خير مثال منها: الصراع بين روما وقرطاجنة والحروب الصليبية وتأثيرها على مصر والدول الأوروبية اقتصاديًا، كما ويزخر التاريخ الإسلامي بهذه الظاهرة ففي عهد الخليفة عمر بن الخطاب تعرضت البلاد لقحط شديد، وقد شهد العصر العباسي تضخمًا أيضًا على يد عﺒﺪﷲ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ حين أﻧﻘﺺ وزن اﻟﺪرﻫﻢ. وبحسب خلفية مهران الاقتصادية ومعايشته للحربين العالميتين الأولى والثانية؛ يأتي على تفسير الظواهر التي نتج عنها التقلص والتضخم في التاريخ الحديث فهي نتيجة للمغامرات المالية والحروب الفتاكة التي تستدين فيها الدول وتستنفذ على مخزونها المالي.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJan 1, 2017
ISBN9786481053735
التاريخ يفسر التضخم والتقلص

Read more from زكريا مهران

Related to التاريخ يفسر التضخم والتقلص

Related ebooks

Reviews for التاريخ يفسر التضخم والتقلص

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    التاريخ يفسر التضخم والتقلص - زكريا مهران

    مُقَدِّمَة

    يذكر الكثيرون منا أن الأسعار كانت مرتفعة أثناء الحرب الماضية، وأنه حين عُقدت الهدنة زاد ارتفاعُها، حتى وصل إلى حدٍّ غير معقول، ومما نرويه من الأمثلة على ذلك أن قنطار القطن السكلاريدس بلغ في بورصة الكونتراتات ١٩٦ ريالًا، وإردب القمح بِيعَ بأكثر من سبعة جنيهات، وأن الفدان من الأرض المتوسطةِ الخُصوبةِ دُفع فيه ٥٠٠ جنيه ثمنًا، ولكن حدث بعد ذلك نزول في الأسعار، وتعاقبت على مصر وجميعِ بلاد العالم أزماتٌ متكررة، حتى كانت سنة ١٩٣١ المشئومة التي بيع فيها قنطار السكلاريدس بجنيهين، ولم يزد ثمن الفدان من الأرض الجيدة عن ٨٠ جنيهًا إذا وجد راغبًا في شرائه، ولا زالت آثار تلك السنة السيئة عالقة بأذهاننا، بل لا زالت أملاك بعضنا إلى الآن موضع التسويات العقارية.

    وها نحن في الحرب الحالية نرى الأسعار قد ارتفعت، وأنها تسير في غلاءٍ مُطرد، رغم ما بذلتْه الحكومة من جهود. غلاءٌ يشكوه الناس جميعًا، وخصوصًا ذَوُو الإيرادات الثابتة، وبات الناس يتساءلون: هل سيحدث بعد الحرب الحالية ما حدث بعد الحرب الماضية؟ وما هي أسباب الغلاء والأزمات؟ وما هي نتائجها؟ وقد أخذت الحكومات تستعد من الآن؛ حتى لا تتكرر أخطاء الماضي، فقد كان من الماضي دروسٌ يجب الانتفاعُ بها، ونسمع أن حكومتنا ومعاهدنا العلمية تدرس الآن مشكلات ما بعد الحرب، وأن الخبراء جادُّون في بحث المشروعات، وأن مؤتمراتٍ تُعقد بين وقت وآخر لبحث شئون النقد والتجارة قصد الوصول إلى اتفاق بين الدول، فلا تتحارب اقتصاديًّا كما فعلت بعد الحرب الماضية، ولا تتعرض للأزمات التي تأتي عادةً عقب الحروب.

    أما الغلاء فسببه بوجهٍ عام معروف؛ كثرة ما في أيدي الناس من نقود، وقلة ما عندهم من بضائع، حتى لَيقول لك رجلٌ من العامة إذا سألته عن أسباب الغلاء: إن النقود كثيرة لا يعرف الناس ماذا يصنعون بها، وإنهم لَيفضلون أن يشتروا السلع ولو كانت غالية. أما الرجل الذي نال قسطًا من الثقافة فيقول لك: إن البلاد فيها تضخُّم أحدثتْه الحرب، وهذا التضخم هو الذي سبَّب لنا الغلاء، فهو يضيف التضخم إلى الحرب؛ لأنه لا يعرف إلا تضخم الحروب، وقد انطبعت في ذهنه صورةٌ منها في الحربين، الماضية والحاضرة، وهو أيضًا لا يعرف نتائج ذلك التضخم إلا حين تقع عليه فيتألم منها ويطالب الحكومة ببذل العلاج، وهو لا يدرك أنه كانت من نتائج هذا التضخم كوارثُ أضرت بالأمم قديمًا وحديثًا، وأخذت العالم في طريقها فغيرت من قواعد بنائه الاقتصادي.

    التاريخ يفسر التضخم والتقلص

    تعريف التضخُّم والتقلص

    إن كلمة التضخم هذه Inflation التي نسمعها الآن في كل مكان لم تكن معروفةً قبل الحرب الماضية إلا في بعض كتب الاقتصاد، ولم يتفق بعدُ خبراءُ علم النقود على تعريف التضخم، فبعضهم وصفه بأنه الكثرة في النقود، وهذا تعريف بدائي، وبعضهم ارتقى به قليلًا فقال: إنه الكثرة في النقود والأثمان، وقال بعض الكُتَّاب المعاصرين: إنه عبارة عن زيادة المقدِرة الشرائية عند الجماعة، وهذا قريبٌ جدًّا للحقيقة؛ لأن مجرد كثرة النقود أو كثرة النقود والأئتمان معًا — وإن كانت في أغلب الحالات من أسباب التضخم — إلا أنها قد لا تؤدي إليه.

    ومن ثَمَّ فمن المتعين أن ننظر إلى الثروة الحقيقية عند الجماعة، فإن زادت النقود زيادة متكافئة معها فلا تضخُّم؛ لأن حالة الجماعة تقتضي تلك الزيادة التي تُمليها، ونحن نرى أن نُعرِّفَ التضخم بأنه: الزيادة في النقود عن الحد الواجب لها بالنسبة للسلع والخدمات في بلد من البلاد، ونتمسك بعبارةِ عن الحد الواجب رغم ما في تلك العبارة من تعميم لا يُستَحبُّ في التعاريف، ولكنه هنا مقصودٌ؛ حتى يكون التعريف منطبقًا على الحقيقة، أو أكثر انطباقًا عليها من أي تعريف آخر، ونرى التقلص Deflation — عكس التضخم — هو عبارة عن قلة النقود عن الحد الواجب لها بالنسبة للسلع والخدمات في بلد من البلاد.

    نظرية كمية النقود بين التحليل والمعارضة

    المسألة إذن مسألةُ مقدار النقود الواجب توافرها في بلد من البلاد لِسدِّ حاجاته المختلفة، إن قَلَّ ذلك المقدار أُصيب الناس بضيق؛ لأنهم لا يملكون ما يكفيهم من نقود، وإن كثر كان في أيديهم ما هو فوق حاجتهم منها فبذلوه ليشتروا السلع فرفعوا

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1