Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

تاريخ الموصل
تاريخ الموصل
تاريخ الموصل
Ebook673 pages5 hours

تاريخ الموصل

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

لمدينة الموصل تاريخ يرجع إلى عدة قرون قبل الميلاد. حيث تشير المصادر التاريخية إلى أنه في سنة 1080 ق.م. اتخذ الآشوريين مدينة نينوى عاصمة لهم (وهي آثار نينوى الكائنة في الجانب الايسر من مدينة الموصل حالياً)، وحصّن الآشوريون نينوى بالاسوار والقلاع التي نشاهد آثارها اليوم في باب شمس وتل قوينجق وبوابة المسقى وبوابة نركال وتل التوبة (النبي يونس) والتي يربطها سور نينوى المطمور في معظم أجزائه. كما بنى الآشوريون عدداً من القلاع للدفاع عن أنفسهم منها القلعة الواقعة فوق التل المسمى «تل قليعات» على شاطئ دجلة مقابل مدينة نينوى والتي سميت بالحصن العبوري. وفي سنة 612 ق.م أستولى الميديون والكلدانيون على نينوى بعد معركة طاحنة ودمروها كما دمّروا الحصن العبوري.
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateJan 1, 2023
ISBN9786485469976
تاريخ الموصل

Read more from مجهول

Related to تاريخ الموصل

Related ebooks

Reviews for تاريخ الموصل

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    تاريخ الموصل - مجهول

    سنة ست عشرة من الهجرة

    وفي هذه السنة كان فتح تكريت والموصل ؛وسبب ذلك :أن الأنطاق سار من الموصل إلى تكريت، وخندق عليه ليحمي أرضه، ومعه الروم وإياد وتغلب والنمر والشهارجة، فبلغ ذلك سعدا ؛فكتب إلى عمر، فكتب إليه عمر أن سرح إليه عبد الله بن المعتم، واستعمل على مقدمته ربعي بن الأفكل، وعلى ميمنته الحارث بن حسان الذهلي، وعلى ميسرته فرات بن حبان العجلي، وعلى ساقته هانئ بن قيس، وعلى الخيل عرغجة بن هرثمة. فسار عبد الله إلى تكريت ونزل على الأنطاق، فحصره ومن معه أربعين يوما، فتزاحفوا أربعة وعشرين زحفا، وكانوا أهون شوكة وأسرع أمرا من أهل جلولاء، وأرسل عبد الله بن المعتم إلى العرب الذين مع الأنطاق يدعوهم إلى نصرته على الروم، وكانوا لا يخفون عليه شيئا، ولما رأت الروم المسلمين ظاهرين عليهم تركوا أمراءهم ونقلوا متاعهم إلى السفن، فأرسلت تغلب وإياد والنمر إلى عبد الله بالخبر، وسألوه الأمان، وأعلموه أنهم معه، فأرسل إليهم: إن كنتم صادقين بذلك فأسلموا، فأجابوه وأسلموا، فأرسل إليهم عبد الله: إذا سمعتم تكبيرنا فاعلموا أنا أخذنا أبواب الخندق، فخذوا الأبواب التي تلي دجلة وكبروا واقتلوا من قدرتم عليه، ونهض عبد الله والمسلمون، وكبروا وكبرت تغلب وإياد والنمر، وأخذوا الأبواب ؛فظن الروم أن المسلمين قد أتوهم من خلفهم مما يلي دجلة ؛فقصدوا الأبواب التي عليها المسلمون، فأخذتهم سيوف المسلمين وسيوف الربعيين الذين أسلموا تلك الليلة، فلم يفلت من أهل الخندق إلا من أسلم من تغلب وإياد والنمر .وأرسل عبد الله بن المعتم ربعي بن الأفكل إلى الحصين وهما نينوى والموصل: تسمى نينوى الحصن الشرقي، وتسمى الموصل الحصن الغربي، وقال: اسبق الخبر وسر ما دون القيل وأحيي الليل. وسرح معه تغلب وإياد والنمر، فقدمهم ابن الأفكل إلى الحصنين، فسبقوا الخبر وأظهروا الظفر والغنيمة وبشروهم، ووقفوا بالأبواب، وأقبل ابن الأفكل فاقتحم عليهم الحصنين وكلبوا أبوابهما، فنادوا بالإجابة إلى الصلح، وصاروا ذمة، وقسموا الغنيمة، فكان سهم الفارس ثلاثة آلاف درهم، وسهم الراجل ألف درهم، وبعثوا بالأخماس مع فرات بن حيان، وبالفتح مع الحارث بن حسان إلى عمر، وولى حرب الموصل ربعي بن الأفكل، والخراج عرفجة بن هرثمة، وقيل: إن عمر بن الخطاب استعمل عتبة بن فرقد على قصد الموصل وفتحها سنة عشرين، فأتاها فقاتله أهل نينوى فأخذ حصنها - وهو الشرقي - عنوة، وعبر دجلة فصالحه أهل الحصن الغربي - وهو الموصل - على الجزية، ثم فتح المرج وبانهذارا وباعذارا وحبتون وداس وجميع معاقل الأكراد وقردى وبازبدى، وجميع أعمال الموصل، فصارت للمسلمين .وقيل: إن عياض بن غنم لما فتح بلدا أتى الموصل ففتح أحد الحصنين، وبعث عتبة ابن فرقد إلى الحصن الآخر، ففتحه على الجزية والخراج، والله أعلم .وفيها كان فتح بهرسير والمدائن وحلوان وماسبذان وقرقيسيا .وحج بالناس في هذه السنة عمر بن الخطاب، واستخلف على المدينة زيد بن ثابت .وكان على حرب الموصل ربعي بن الأفكل، وعلى خراجها عرفجة بن هرثمة، وقيل: كان على الحرب والخراج بها عتبة بن فرقد .^

    ثم دخلت

    سنة سبع عشرة

    وفي هذه السنة اختطت الكوفة، وتحول سعد إليها من المدائن .الموصل ثغر من ثغور الكوفة :كانت ثغور الكوفة أربعة: حلوان وعليها القعقاع، وماسبذان وعليها ضرار بن الخطاب، وقرقيسيا وعليها عمر بن مالك، أو عمر بن عتبة بن نوفل، والموصل وعليها عبد الله بن المعتم. وكان بها خلفاؤهم إذا غابوا عنها، فكان خليفة القعقاع على حلوان قباذ بن عبد الله، وخليفة عبد الله على الموصل مسلم بن عبد الله، وخليفة ضرار رافع بن عبد الله، وخليفة عمر عشنق بن عبد الله، وولى سعد الكوفة بعدما اختطت ثلاث سنين ونصفا، سوى ما كان بالمدائن قبلها .وفيها فتحت الجزيرة وأرمينية ؛حيث أرسل سعد بن أبي وقاص العساكر إلى الجزيرة ؛فخرج عياض بن غنم ومن معه، فأرسل سهيل بن عدي إلى الرقة، وقد ارفض أهل الجزيرة عن حمص إلى كورهم حين سمعوا بأهل الكوفة، فنزل عليهم فأقام يحاصرهم حتى صالحوه، فبعثوا في ذلك إلى عياض وهو في منزل وسط بين الجزيرة، فقبل منهم وصالحهم وصاروا ذمة، وخرج عبد الله بن عتبان على الموصل إلى نصيبين، فلقوه بالصلح وصنعوا كصنع أهل الرقة، فكتبوا إلى عياض ؛فقبل منهم وعقد لهم، وخرج الوليد بن عقبة فقدم على عرب الجزيرة فنهض معه مسلمهم وكافرهم إلا إياد بن نزار ؛فإنهم دخلوا أرض الروم، فكتب الوليد بذلك إلى عمر، ولما أخذوا الرقة ونصيبين ضم عياض إليه سهيلا وعبد الله وسار بالناس إلى حران، فلما وصل أجابه أهلها إلى الجزية فقبل منهم .ثم إن عياضا سرح سهيلا وعبد الله إلى الرها فأجابوهما إلى الجزية، وأجروا كل ما أخذوه من الجزيرة عنوة مجرى الذمة، فكانت الجزيرة أسهل البلدان فتحا، ورجع سهيل وعبد الله إلى الكوفة، وكتب أبو عبيدة إلى عمر بعد انصرافه من الجابية، يسأله أن يضم إليه عياض بن غنم إذا أخذ خالدا إلى المدينة، فصرفه إليه، فاستعمل حبيب بن مسلمة على عجم الجزيرة وحربها، والوليد بن عقبة على عربها .فلما قدم كتاب الوليد على عمر بمن دخل الروم من العرب ؛كتب عمر إلى ملك الروم: بلغني أن حياً من أحياء العرب ترك دارنا وأتى دارك، فوالله لتخرجنه إلينا، أو لنخرجن النصارى إليك! فأخرجهم ملك الروم، فخرج منهم أربعة آلاف، وتفرق بقيتهم فيما يلي الشام والجزيرة من بلاد الروم، فكل أيادي في أرض العرب من أولئك الأربعة آلاف، وأبى الوليد بن عقبة أن يقبل من تغلب إلا الإسلام، فكتب فيهم إلى عمر، فكتب إليه عمر: إنما ذلك بجزيرة العرب، لا يقبل منهم فيها إلا الإسلام، فدعهم على ألا ينصروا وليدا، ولا يمنعوا أحدا منهم من الإسلام .وكان في تغلب عز وامتناع ولا يزالون ينازعون الوليد، فهم بهم الوليد ؛فخاف عمر أن يسطو عليهم ؛فعزله وأمر عليهم فرات بن حيان وهند بن عمرو الجملي، وقال ابن إسحاق: إن فتح الجزيرة كان سنة تسع عشرة، وقال: إن عمر كتب إلى سعد بن أبي وقاص: إذا فتح الله على المسلمين الشام والعراق فابعث جندا إلى الجزيرة، وأمّر عليه خالد بن عرفطة أو هاشم بن عتبة أو عياض بن غنم. قال سعد: ما أخر أمير المؤمنين عياضا إلا لأن له فيه هوى أن أوليه وأنا موليه، فبعثه وبعث معه جيشا فيه أبو موسى الأشعري، وابنه عمر بن سعد وهو غلام حدث ليس له من الأمر شيء، فسار عياض ونزل بجنده على الرها، فصالحه أهله مصالحة حران، وبعث أبا موسى إلى نصيبين فافتتحها، وسار عياض نفسه إلى دارا فافتتحها، ووجه عثمان بن أبي العاص إلى أرمينية الرابعة، فقاتل أهلها، فاستشهد صفوان بن المعطل، وصالح أهلها عثمان على الجزية على كل أهل بيت دينار، ثم كان فتح قيسارية من فلسطين، وهرب هرقل .فعلى هذا القول تكون الجزيرة من فتوح أهل العراق، والأكثر على أنها من فتوح أهل الشام ؛فإن أبا عبيدة سير عياض بن غنم إلى الجزيرة .وقيل: إن أبا عبيدة لما توفي استخلف عياضا، فورد عليه كتاب عمر بولايته حمص وقنسرين والجزيرة، فسار إلى الجزيرة سنة ثماني عشرة للنصف من شعبان في خمسة آلاف، وعلى ميمنته سعيد بن عامر بن حذيم الجمحي، وعلى ميسرته صفوان بن المعطل، وعلى مقدمته هبيرة بن مسروق، فانتهت طليعة عياض إلى الرقة، فأغاروا على الفلاحين، وحصروا المدينة، وبث عياض السرايا فأتوه بالأسرى والأطعمة، وكان حصرها ستة أيام ؛فطلب أهلها الصلح، فصالحهم على أنفسهم وذراريهم وأموالهم ومدينتهم، وقال عياض: الأرض لنا، قد وطئناها وملكناها، فأقرها في أيديهم على الخراج، ووضع الجزية ثم سار إلى حران، فجعل عليها عسكرا يحصرها عليهم صفوان ابن المعطل وحبيب بن مسلمة، وسار هو إلى الرها فقاتله أهلها ثم انهزموا، وحصرهم المسلمون في مدينتهم، فطلب أهلها الصلح، فصالحهم وعاد إلى حران، فوجد صفوان وحبيبا قد غلبا على حصون وقرى من أعمال حران، فصالحه أهلها على مثل صلح الرها، وكان عياض يغزو ويعود إلى الرها، وفتح سميساط، وأتى سروج ورأس كيفا والأرض البيضاء، فصالحه أهلها على صلح الرها .ثم إن أهل سميساط غدروا فرجع إليهم عياض فحاصرهم حتى فتحها، ثم أتى قريات على الفرات - وهي جسر مبنج وما يليها - ففتحها، وسار إلى رأس عين - وهي عين الوردة - فامتنعت عليه وتركها، وسار إلى تل موزن ففتحها على صلح الرها سنة تسع عشرة، وسار إلى آمد فحصرها، فقاتله أهلها ثم صالحوه على صلح الرها، وفتح ميافارقين على مثل ذلك، وكفر توثا فسار إلى نصيبين فقاتله أهلها، ثم صالحوه على مثل صلح الرها، وفتح طور عبدين وحصن ماردين، وقصد الموصل، ففتح أحد الحصنين، وقيل: لم يصل إليها، وأتاه بِطريق الزوزان، فصالحه، ثم سار إلى أرزن ففتحها، ودخل الدرب فأجازه إلى بدليس، وبلغ خلاط فصالحه بطريقها، وانتهى إلى العين الحامضة من أرمينية، ثم عاد إلى الرقة ومضى إلى حمص فمات سنة عشرين .واستعمل عمر سعيد بن عامر بن حذيم، فلم يلبث إلا قليلا حتى مات ؛فاستعمل عمير ابن سعد الأنصاري، ففتح رأس عين بعد قتال شديد، وقيل: إن عياضا أرسل عمير بن سعد إلى رأس عين، ففتحها بعد أن أشتد قتاله عليها، وقيل: إن عمر أرسل أبا موسى الأشعري إلى رأس عين بعد وفاة عياض، وقيل: إن خالد بن الوليد حضر فتح الجزيرة مع عياض، ودخل حماما بآمد فأطلى بشيء فيه خمر ؛فعزله عمر. وقيل: إن خالدا لم يسر تحت لواء أحد غير أبي عبيدة، والله أعلم .ولما فتح عياض سميساط، بعث حبيب بن مسلمة إلى ملطية، ففتحها عنوة، ثم نقض أهلها الصلح، فلما ولي معاوية الشام والجزيرة وجه إليها حبيب بن مسلمة أيضا ؛ففتحها عنوة، ورتب فيها جندا من المسلمين مع عاملها .وفيها عزل خالد بن الوليد عما كان عليه من التقدم على الجيوش والسرايا .وفيها اعتمر عمر بن الخطاب، وبني المسجد الحرام ووسع فيه، وأقام بمكة عشرين ليلة، وهدم على قوم أبوا أن يبيعوا، ووضع أثمان دورهم في بيت المال حتى أخذوها، وكانت عمرته في رجب، واستخلف على المدينة زيد بن ثابت، وأمر بتجديد أنصاب الحرم .وفيها عزل عمر المغيرة بن شعبة عن البصرة، واستعمل عليها أبا موسى الأشعري .وفيها فتحت الأهواز ومناذر ونهر تيري وتُستر ورامهرمز والسوس .وفيها أذن عمر للمسلمين في الانسياح في بلاد فارس، وانتهى في ذلك إلى رأي الأحنف بن قيس، فأمر أبا موسى أن يسير من البصرة إلى منقطع ذمة البصرة، فيكون هناك حتى يأتيه أمره وبعث بألوية من ولي مع سهيل بن عدي، فدفع لواء خراسان إلى الأحنف ابن قيس، ولواء أردشير خُرّه وسابور إلى مجاشع بن مسعود السلمي، ولواء إصطخر إلى عثمان بن أبي العاص الثقفي، ولواء فسا ودارا بجرد إلى سارية بن زنيم الكناني، ولواء كرمان إلى سهيل بن عدي، ولواء سجستان إلى عاصم بن عمرو - وكان من الصحابة - ولواء مكران إلى الحكم بن عمير التغلبي، فخرجوا ولم يتهيأ مسيرهم إلى سنة ثماني عشرة، وأمدهم عمر بنفر من أهل الكوفة، فأمد سهيل بن عدي بعبد الله بن عتبان، وأمد الأحنف بعلقمة بن النضر، وبعبد الله بن أبي عقيل، وبربعي بن عامر، وأمد عاصم بن عمرو بعبد الله بن عمير الأشجعي، وأمد الحكم بن عمير بشهاب بن المخارق في جموع .وفيها حمى عمر الربدة لخيل المسلمين .وفيها اتخذ عمر دار الدقيق، فجعل فيها الدقيق والسويق والتمر والزيت وما يحتاج إليه المنقطع والضيف الذين ينزلون بعمر، ووضع عمر في طريق السبيل ما بين مكة والمدينة ما يصلح لمن ينقطع به، ويحمل من ماء إلى ماء .وكان على مكة هذه السنة عتاب بن أسيد في قول، وعلى اليمن يعلى بن منية، وعلى اليمامة والبحرين عثمان بن أبي العاص، وعلى عمان حذيفة بن محصن، وعلى الشام من ذكر قبل، وعلى الكوفة وأرضها سعد بن أبي وقاص، وعلى قضائها أبو قرة، وعلى البصرة وأرضها أبو موسى، وعلى القضاء أبو مريم الحنفي، وقد ذكر من كان على الجزيرة والموصل قبل .وحج بالناس في هذه السنة عمر بن الخطاب .^

    ودخلت

    سنة ثماني عشرة

    وفيها أصاب الناس مجاعة شديدة وجدب وقحط، وسمى هذا العام عام الرمادة ؛لأن الريح كانت تسقي ترابا كالرماد .وفيها كان طاعون عمواس بالشام، مات فيه أبو عبيدة الجراح وهو أمير الناس، ومعاذ بن جبل، ويزيد بن أبي سفيان، والحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو، وعتبة بن سهيل، وعامر بن غيلان الثقفي، مات وأبوه حي، وتفانى الناس منه .وفيها حول عمر المقام إلى موضعه اليوم، وكان ملصقاً بالبيت .وفيها استقضى عمر شريح بن الحارث الكندي على الكوفة، وعلى البصرة كعب بن سور الأزدي .وحج بالناس هذه السنة عمر بن الخطاب .^

    ثم دخلت

    سنة تسع عشرة

    وفي هذه السنة سالت حرة ليلى - وهي قريب المدينة - ناراً ؛فأمر عمر بالصدقة، فتصدق الناس ؛فانطفأت .وحج بالناس في هذه السنة عمر بن الخطاب .وتوفي في هذه السنة: الأغلب بن جشم بن سعد بن عجل بن جشم، وصفوان بن المعطل بن رخيصة أبو عمرو الذكواني السلمي، وطليحة بن خويلد بن نوفل بن نضلة بن الأشتر بن جحوان، وعمرو بن معدي كرب بن عبيد الله بن عمرو بن عصم بن عمرو بن زبيد أبو ثور الزبيدي، وعياش بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، والنعمان بن عمرو بن مقرن بن عائذ بن عمرو .^

    ثم دخلت

    سنة عشرين

    وفيها فُتحت مصر - في قول بعضهم - على يد عمرو بن العاص والإسكندرية كذلك .وقيل: فتحت الإسكندرية سنة خمس وعشرين. وقيل: بل فتحت مصر سنة ست عشرة في ربيع الأول .وفيها غزا أبو بحرية عبد الله بن قيس أرض الروم، وهو أول من دخلها فيما قيل .وقيل: أول من دخلها ميسرة بن مسروق العبسي فسبى وغنم .وفيها عزل عمر قدامة بن مظعون من البحرين، وحدّه في شرب الخمر، واستعمل أبا بكرة على البحرين واليمامة .وفيها تزوج عمر فاطمة بنت الوليد أم عبد الرحمن بن الحارث بن هشام .وفيها عزل عمر سعد بن أبي وقاص عن الكوفة ؛لشكايتهم إياه وقالوا: لا يحسن يصلي .وفيها قسم عمر خيبر بين المسلمين وأجلى اليهود عنها، وقسم وادي القرى .وفيها أجلى يهود نجران إلى الكوفة .وفيها بعث عمر علقمة بن مجزز المدلجي إلى الحبشة، وكانت تطرقت بلاد الإسلام فأصيب المسلمون، فجعل عمر على نفسه ألا يحمل في البحر أحدا أبدا - يعني للغزو - وقيل: إنما كان ذلك سنة إحدى وثلاثين .وحج بالناس هذه السنة عمر بن الخطاب .وتوفي في هذه السنة من الأعيان: أسيد بن حضير بن سماك بن عتيك بن امرئ القيس، وبلال بن رباح مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وخويلد بن مرة أبو خراش الهذلي، وزينب بنت جحش، وسعيد بن عامر بن حذيم بن سلامان، وعياض بن غنم بن زهير الفهري، ومالك بن التيهان أبو الهيثم، وهرقل ملك الروم، وأم ورقة بنت الحارث .^

    ثم دخلت

    سنة إحدى وعشرين

    وفيها كانت وقعة نهاوند، وقيل: كانت سنة ثماني عشرة، وقيل: سنة تسع عشرة .وفيها كان فتح الدينور والصيمرة على يد أبي موسى الأشعري .وفيها فتحت أصبهان على يد عبد الله بن عبد الله بن عتبان، وأبي موسى الأشعري .وفيها ولى عمر عمار بن ياسر على الكوفة، وابن مسعود على بيت المال، فشكا أهل الكوفة عمارا فاستعفى عمار عمر بن الخطاب، فولى عمر جبير بن مطعم الكوفة، وقال له: لا تذكره لأحد، فسمع المغيرة بن شعبة أن عمر خلا بجبير، فأرسل امرأته إلى امرأة جبير بن مطعم لتعرض عليها طعام السفر، ففعلت، فقالت: نعم ما حييتني به، فلما علم المغيرة جاء إلى عمر فقال له: بارك الله لك فيمن وليت، وأخبره الخبر، فعزله وولى المغيرة بن شعبة الكوفة، فلم يزل عليها حتى مات عمر .وقيل: إن عمارا عزل سنة اثنتين وعشرين وولي بعده أبو موسى .وكان الأمراء في هذه السنة: عمير بن سعد على دمشق وحوران وحمص وقنسرين والجزيرة، ومعاوية على البلقاء والأردن وفلسطين والسواحل وأنطاكية وقلقية ومعرة مصرين .وحج بالناس عمر بن الخطاب، واستخلف على المدينة زيد بن ثابت، وكان عامله على مكة والطائف واليمن واليمامة ومصر والبصرة من كان قبل ذلك، وكان على الكوفة عمار بن ياسر، وشريح على القضاء .وفيها بعث عثمان بن أبي العاص بعثا إلى ساحل فارس، فحاربوهم ومعهم الجارود العبدي، فقتل الجارود بعقبة تعرف بعقبة الجارود، وقيل: بل قتل بنهاوند مع النعمان .وتوفي في هذه السنة من الأعيان: جعال بن سراقة الضمري، وحممة، وخالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم أبو سليمان رضي الله عنه، وعمير بن سعد بن عبيد بن النعمان بن قيس، وعويم بن الحارث بن زيد بن حارثة بن الجد بن عجلان .^

    ثم دخلت

    سنة اثنتين وعشرين

    وفيها غزا معاوية الصائفة، ودخل بلاد الروم في عشرة آلاف من المسلمين .ومن الحوادث في هذه السنة: أن عمر - رضي الله عنه - كتب إلى نعمي بن مقرن أن سر حتى تأتي همدان، وابعث على مقدمتك سويد بن مقرن، وعلى مجنبتك ربعي بن عامر ومهلهل بن زيد الطائي ؛فخرج حتى نزل ثنية العسل، وسميت ثنية العسل ؛لأجل العسل الذي أصابوا فيها عند وقعة نهاوند، ثم انحدر نعيم من الثنية حتى نزل على مدينة همدان، وقد تحصنوا فيها فحاصرهم واستولى على بلاد همدان كلها، فلما رأى ذلك أهل همدان سألوه الصلح فأجابهم وقبل منهم الجزية، وقال ربيعة بن عثمان: كان فتح همدان في جمادي الأولى على رأس ستة أشهر من مقتل عمر، وجيوشه عليها .وفيها فتح الري، قالوا: وخرج نعيم بن مقرن إلى الري، فبعث من دخل عليهم من حيث لا يشعرون، ثم قاتلهم وأخرب مدينتهم، قال الواقدي: إنما فتح همدان والري في سنة ثلاث وعشرين .وفيها فتح قومس وكتب عمر إلى نعيم أن قدّم سويد بن مقرن إلى قومس، فذهب وأخذها سلما، وكتب لهم كتاب أمان .وفيها أن عمر أمر عبد الرحمن بن ربيعة أن يغزو الترك فقصدهم، ، فحال الله بينهم وبين الخروج عليه، وقالوا: ما اجترأ علينا هذا الرجل إلا ومعهم الملائكة، تمنعهم من الموت! ! فتحصنوا وهربوا، فرجع بالغنم والظفر في إمارة عمر، ثم غزاهم غزوات في زمن عثمان، حتى قتل في بعض مغازيه إياهم فهم يستسقون بجسده .وفي هذه السنة حج عمر بن الخطاب بالناس .وفيها ولد يزيد بن معاوية وعبد الملك بن مروان، وقيل: إنما ولد يزيد في سنة خمس وعشرين .وفي هذه السنة خرج الأحنف بن قيس إلى خراسان، فحارب يزدجرد، وبعضهم يقول: كان ذلك في سنة ثماني عشرة .وفيها عزل بن الخطاب عمار بن ياسر عن الكوفة، واستعمل أبا موسى الأشعري، وكان عمال عمر على الأمصار عماله في السنة قبلها إلا الكوفة ؛فإن عامله عليها كان المغيرة بن شعبة، وإلا البصرة ؛فإن عامله عليها صار أبا موسى الأشعري .^

    ثم دخلت

    سنة ثلاث وعشرين

    وفيها كان فتح إصطخر وتوج .وفي هذه السنة كان فتح كرمان، وغنم المسلمون منها ما شاءوا من الشاة والبعير .وفيها فتحت سجستان، وصالح أهلها المسلمين .وفيها فتحت مكران وبيروذ .وفيها غزا معاوية أرض الروم حتى بلغ عمورية، وكان في ذلك أبو أيوب الأنصاري وعبادة بن الصامت وأبو ذر وشداد بن أوس .وفي هذه السنة فتح معاوية عسقلان على صلح .وفي هذه السنة حج عمر بأزواج رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وهي آخر حجة حجها بالناس وفيها كان عامل عمر على مكة نافع بن عبد الله الخزاعي - وقيل: ابن عبد الحارث، وهو الأصح - وعلى الطائف سفيان بن عبد الله الثقفي، وعلى صنعاء يعلي بن أمية، وعلى حمص عمير بن سعد، وعلى الكوفة المغيرة بن شعبة، وعلى البصرة أبو موسى، وعلى مصر عمرو بن العاص، وعلى دمشق معاوية بن أبي سفيان، وعلى البحرين وما حولها عثمان .وفيها قتل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه !قال المسور بن مخرمة: خرج عمر بن الخطاب يطوف يوما في السوق، فلقيه أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة - وكان نصرانيا - فقال: يا أمير المؤمنين، أعدني على المغيرة بن شعبة ؛فإن عليّ خراجا كثيرا! قال: وكم خراجك ؟قال درهمان كل يوم، قال: وأيش صناعتك ؟قال: نجار، نقاش، حداد! قال: فما أرى خراجك كثيرا على ما تصنع من الأعمال ؛قد بلغني أنك تقول: لو أردت أن أصنع رحى تطحن بالريح لفعلت ؟قال: نعم، قال: فاعمل لي رحى، قال: لئن سلمت لأعملن لك رحى يتحدث بها مَن بالمشرق والمغرب! ثم انصرف عنه فقال عمر: لقد أوعدني العبد الآن! ثم انصرف العبد إلى منزله، فلما كان الغد جاءه كعب الأحبار، فقال له: يا أمير المؤمنين، اعهد ؛فإنك ميت في ثلاث ليال! قال: وما يدريك ؟! قال: أجده في كتاب التوراة، قال عمر: الله ؛إنك لتجد عمرَ بن الخطاب في التوراة ؟! قال: اللهم لا، ولكني أجد حليتك وصفتك، وأنك قد فني أجلك، قال: وعمر لا يحس وجعا، فلما كان الغد جاءه كعب فقال: بقي يومان، فلما كان الغد جاءه كعب فقال: مضى يومان وبقي يوم، فلما أصبح خرج عمر إلى الصلاة - وكان يوكل بالصفوف رجالا، فإذا استوت كبر - ودخل أبو لؤلؤة في الناس وبيده خنجر له رأسان، نصابه في وسطه، فضرب عمر ست ضربات إحداهن تحت سرته، وهي التي قتلته، وقتل معه كليب بن أبي البكير الليثي وكان خلفه، وقتل جماعة غيره، فلما وجد عمر حر السلاح سقط، وأمر عبد الرحمن بن عوف فصلى بالناس وعمر طريح، فاحتمل، فأدخل بيته، ودعا عبد الرحمن فقال له: إني أريد أن أعهد إليك، قال: أتشير عليّ بذلك ؟قال: اللهم لا، قال: والله، لا أدخل فيه أبدا: قال: فهبني صمتا ؛حتى أعهد إلى النفر الذين توفي رسول الله وهو عنهم راض، ثم دعا عليا وعثمان والزبير وسعدا، فقال: انتظروا أخاكم طلحة ثلاثا، فإن جاء وإلا فاقضوا أمركم، أنشدك الله يا علي، إن وليت من أمور الناس شيئا ألا تحمل بني هاشم على رقاب الناس، أنشدك الله يا عثمان إن وليت من أمور الناس ألا تحمل بني أبي معيط على رقاب الناس، أنشدك الله يا سعد إن وليت من أمور الناس شيئا ألا تحمل أقاربك على رقاب الناس، قوموا فتشاوروا، ثم اقضوا أمركم، وليصل بالناس صهيب .ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فقال: قم على بابهم، فلا تدع أحدا يدخل إليهم، وأوصى الخليفة من بعدي بالأنصار الذين تبوءوا الدار والإيمان أن يحسن إلى محسنهم، ويعفو عن مسيئهم، وأوصى الخليفة بالعرب ؛فإنهم مادة الإسلام أن يؤخذ من صدقاتهم حقها، فتوضع في فقرائهم، وأوصى الخليفة بذمة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يوفى لهم بعهدهم .اللهم هل بلغت! لقد تركت الخليفة من بعدي على أنقى من الراحة. يا عبد الله بن عمر، اخرج فانظر من قتلني، قال: يا أمير المؤمنين، قتلك أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة، قال: الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل سجد لله سجدة واحدة! يا عبد الله ابن عمر، اذهب إلى عائشة، فسلها أن تأذن لي أن أدفن مع النبي (صلى الله عليه وسلم) وأبي بكر، يا عبد الله، إن اختلف القوم فكن مع الأكثر، فإن تشاوروا فكن مع الحزب الذي فيه عبد الرحمن بن عوف، يا عبد الله ائذن للناس، فجعل يدخل عليه المهاجرون والأنصار، فيسلمون عليه ويقول لهم: أهذا عن ملأ منكم ؟فيقولون: معاذ الله، قال: ودخل كعب الأحبار مع الناس، فلما رآه عمر قال :

    توعدني كعب ثلاثا أعدها ........ ولا شك أن القول ما قال لي كعب

    وما بي حذار الموت إني لميت ........ ولكن حذار الذنب يتبعه الذنب !

    ودخل عليه علي يعوده، فقعد عند رأسه، وجاء ابن عباس فأثنى عليه، فقال له عمر: أنت لي بهذا يا ابن عباس ؟فأومأ إلى علي أن قل: نعم، فقال ابن عباس: نعم، قال عمر: لا تغرني، أنت وأصحابك، ثم قال: يا عبد الله، خذ رأسي عن الوسادة، فضعه في التراب ؛لعل الله - جل ذكره - ينظر إلي فيرحمني، والله لو أن لي ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلع، ودُعي له طبيب من بني الحارث بن كعب، فسقاه نبيذا، فخرج غير متغير، فسقاه لبنا، فخرج كذلك أيضا، فقال له: اعهد يا أمير المؤمنين! قال: قد فرغت، ولما احتضر ورأسه في حجر ولده عبد الله قال:

    ظلوم لنفسي غير أني مسلم ........ أصلي الصلاة كلها وأصوم

    ولم يزل يذكر الله تعالى، ويديم الشهادة إلى أن توفي ليلة الأربعاء لثلاث بقين من ذي الحجة، سنة ثلاث وعشرين .وقيل: طعن يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة ودفن يوم الأحد هلال محرم سنة أربع وعشرين .وكانت ولايته عشر سنين وستة أشهر وثمانية أيام، وبويع عثمان لثلاث مضين من المحرم، وقيل: كانت وفاته لأربع بقين من ذي الحجة، وبويع عثمان لليلة بقيت من ذي الحجة، واستقبل بخلافته هلال محرم سنة أربع وعشرين، وكانت خلافة عمر على هذا القول عشر سنين وستة أشهر وأربعة أيام، وصلى عليه صهيب، وحمل إلى بيت عائشة، ودفن عند النبي (صلى الله عليه وسلم) وأبي بكر، ونزل في قبره عثمان وعلي والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد وعبد الله بن عمر .وكان العامل في هذه السنة على مكة نافع بن عبد الحارث الخزاعي، وعلى الطائف سفيان بن عبد الله الثقفي، وعلى صنعاء يعلي بن منية، وعلى الجند عبد الله بن أبي ربيعة، وعلى الكوفة المغيرة بن شعبة، وعلى البصرة أبو موسى الأشعري، وعلى مصر عمرو بن العاص، وعلى حمص عمير بن سعد، وعلى دمشق معاوية، وعلى البحرين وما والاها عثمان بن أبي العاص الثقفي .وفيها غزا معاوية الصائفة حتى بلغ عمورية، ومعه من أصحاب رسول الله عبادة بن الصامت، وأبو أيوب الأنصاري، وأبو ذر وشداد بن أوس .وفيها فتح معاوية عسقلان على صلح، وكان على قضاء الكوفة شريح، وعلى قضاء البصرة كعب بن سور، وقيل: إن أبا بكر وعمر لم يكن لهما قاض .^

    ثم دخلت

    سنة أربع وعشرين

    وفي المحرم منها لثلاث مضين منه بويع عثمان بن عفان بالخلافة .وكان هذا العام يسمى عام الرعاف ؛لكثرته فيه بالناس، واجتمع أهل الشورى عليه وقد دخل وقت العصر، فأذن مؤذن صهيب، واجتمعوا بين الأذان والإقامة، فخرج فصلى بالناس وزادهم مائة مائة، ووفد أهل الأمصار، وهو أول من صنع ذلك، وقصد المنبر وهو أشدهم كآبة، فخطب الناس ووعظهم، وأقبلوا يبايعونه .وفيها عزل عثمان المغيرة بن شعبة عن الكوفة، واستعمل سعد بن أبي وقاص عليها بوصية عمر ؛فإنه قال: أوصي الخليفة بعدي أن يستعمل سعدا ؛فإني لم أعزله عن سوء ولا خيانة .فكان أول عامل بعثه عثمان، فعمل عليها سعد سنة وبعض أخرى، وقيل: بل أقر عثمان عمال عمر جميعهم سنة ؛لأن عمر أوصى بذلك، ثم عزل المغيرة بعد سنة، واستعمل سعدا، فعلى هذا القول تكون إمارة سعد سنة خمس وعشرين .وحج بالناس في هذه السنة عثمان، وقيل: عبد الرحمن بن عوف بأمر عثمان .وتوفي في هذه السنة من الأعيان: بركة أم أيمن مولاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وحاضنته، وسراقة بن مالك بن جعشم، وعثمان بن قيس بن أبي العاص بن قيس بن عدي بن سهم، ولبابة الكبرى بنت الحارث بن حزن .^

    ثم دخلت

    سنة خمس وعشرين

    وفيها خالف أهل الإسكندرية ونقضوا صلحهم ؛فغزاهم عمرو بن العاص وقاتلهم .وفيها بلغ سعد بن أبي وقاص عن أهل الري عزم على نقض الهدنة والغدر، فأرسل إليهم وأصلحهم، وغزا الديلم ثم انصرف .وفيها كان التغيير على جماعة من الولاة ؛فإن عمر كان قد أوصى أن يقر عماله سنة، فلما ولى عثمان أقرهم، وأقر المغيرة بن شعبة على الكوفة سنة، ثم عزله واستعمل سعد بن أبي وقاص، فعمل عليها سعد سنة وبعض أخرى، وأقر أبا موسى سنوات، وضم حمص وقنسرين إلى معاوية، وتوفي عبد الرحمن بن علقمة الكناني وكان على فلسطين ؛فضم عثمان عمله إلى معاوية، ومرض عمير بن سعد فاستعفى ؛فضم عمله إلى معاوية ؛فاجتمع الشام لمعاوية لسنتين من إمارة عثمان، ثم بعث عثمان على خراسان عمير بن عثمان بن سعد، فصالح من لم يجب الأحنف، وأمر الناس بعبور النهر، فصالحه من وراء النهر، فجرى ذلك واستقر .وفيها غزا الوليد بن عتبة أذربيجان وأرمينية ؛لمنع أهلها ما كانوا صالحوا عليه أيام عمر، هذا في رواية أبي مخنف، وقال غيره: إنما كان ذلك في سنة ست وعشرين، ثم إن الوليد صالح أهل أذربيجان على ثمانمائة ألف درهم، وهو الصلح الذي صالحوا عليه حذيفة بن اليمان سنة اثنتين وعشرين بعد وقعة نهاوند بسنة، ثم حبسوها عند وفاة عمر، فلما ولي عثمان وولي الوليد الكوفة، سار حتى وطئهم بالجيش، ثم بعث سلمان بن ربيعة إلى أرمينية في اثني عشر ألفاً وسبى وغنم، وقيل: كان هذا في سنة أربع وعشرين .وفيها جاشت الروم وجمعت جموعا كبيرة ؛فكتب عثمان إلى الوليد: إن معاوية كتب إليّ يخبرني أن الروم قد أجلبت على جموع عظيمة، وقد رأيت أن تمدهم من أهل الكوفة بثمانية آلاف أو تسعة آلاف أو عشرة آلاف، فبعث سلمان بن ربيعة في ثمانية آلاف، فشنوا الغارات على أرض الروم وفتحوا حصونا كثيرة، وملئوا أيديهم من الغنم .وفيها حج بالناس عثمان .وفيها سير عمرو بن العاص عبد الله بن سعد بن أبي السرح إلى أطراف إفريقية غازياً بأمر عثمان، وكان عبد الله من جند مصر، فلما سار إليها أمده عمرو بالجنود، فغنم هو وجنده، فلما عاد عبد الله كتب إلى عثمان يستأذنه في غزو إفريقية ؛فأذن له في ذلك .وتوفي في هذه السنة من الأعيان: جندب بن جنادة أبو ذر، وعبد الله بن قيس بن زيادة ابن الأصم، وعمرو بن عتبة بن فرقد بن حبيب السلمي، وعمير بن وهب بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح .^

    ثم دخلت

    سنة ست وعشرين

    وفيها أمر عثمان بتجديد أنصاب الحرم، وزاد في المسجد الحرام ووسعه، وابتاع من قوم وأبى آخرون ؛فهدم عليهم ووضع الأثمان في بيت المال، فصاحوا على عثمان ؛فأمر بهم إلى الحبس، وقال: أتدرون ما جرأكم علي ؟ما جرأكم علي إلا حلمي، قد فعل هذا بكم عمر، فلم تصيحوا به! ثم كلمه فيهم عبد الله بن خالد بن أسيد، فأخرجوا .وفيها جرت خصومة بين سعد وابن مسعود، فعزل عثمان سعداً، وقيل: كان ذلك في سنة خمس وعشرين، وقيل: في سنة ثلاث وعشرين .وحج بالناس في هذه السنة عثمان بن عفان رضي الله عنه .وتوفي في هذه السنة من الأعيان: حبيب بن يساف بن عتبة، أسلم في وقت متأخر، وشهد أحداً والخندق .^

    ثم دخلت

    سنة سبع وعشرين

    وفيها عزل عمرو بن العاص عن خراج مصر، واستعمل عليه عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وكان أخا عثمان من الرضاعة، فتباغيا ؛فكتب عبد الله إلى عثمان يقول: إن عمرا كسر علي الخراج، وكتب عمرو يقول: إن عبد الله قد كسر علي مكيدة الحرب، فعزل عثمان عمرا واستقدمه، واستعمل بدله عبد الله على حرب مصر وخراجها .وفيها سار عبد الله بن سعد إلى إفريقية غازياً فاتحاً .ولما افتتحت إفريقية أمر عثمان عبد الله بن نافع بن الحصين وعبد الله بن نافع بن عبد القيس أن يسيرا إلى الأندلس، فأتياها من قِبل البحر، وكتب عثمان إلى من انتدب معهما: أما بعد، فإن القسطنطينية إنما تفتح من قبل الأندلس، وإنكم إن افتتحتموها كنتم شركاء من يفتحها في الأجر، والسلام فخرجوا ومعهم البربر، فأتوها من برها وبحرها ؛ففتح الله على المسلمين، وزاد في سلطان المسلمين مثل إفريقية .ولما عزل عثمان عبد الله بن سعد عن إفريقية، ترك في عمله عبد الله بن نافع بن عبد القيس فكان عليها، ورجع عبد الله إلى مصر، وبعث عبد الله إلى عثمان مالا قد حشد فيه، فدخل عمرو على عثمان فقال له: يا عمرو، هل تعلم أن تلك اللقاح درت بعدك ؟قال عمرو: إن فصالها قد هلكت .وفيها غزا معاوية قنسرين، وفيها كان فتح إصطخر الثاني على يد عثمان بن أبي العاص .وحج بالناس في هذه السنة عثمان بن عفان، رضي الله عنه .وتوفي من الأعيان في هذه السنة: عبد الله بن كعب، شهد المشاهد كلها مع رسول الله وكان عامله على المغانم، وأبو ذؤيب الهذلي

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1