Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

كشاف القناع عن متن الإقناع
كشاف القناع عن متن الإقناع
كشاف القناع عن متن الإقناع
Ebook1,235 pages5 hours

كشاف القناع عن متن الإقناع

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

"فإن أجل العلوم قدرا ، وأعلاها فخرا ، وأبلغها فضيلة ، وأنجحها وسيلة ، علم الشرع الشريف ومعرفة أحكامه ، والاطلاع على سر حلاله وحرامه ، فلذلك تعينت إعانة قاصده وتيسير موارده لرائده ، ومعاونته على تذكار لفظه ومعانيه ، وفهم عباراته ومبانيه . ولما رأيت الكتاب الموسوم بالإقناع تأليف الشيخ الإمام ، والحبر العمدة العلام ، شرف الدين أبي النجا موسى بن أحمد بن سالم بن عيسى بن سالم المقدمي الحجاوي ثم الصالحي الدمشقي تغمده الله برحمته ورضوانه وأسكنه الغرفات العليا من جنانه ، في غاية حسن الوقاع ، وعظم النفع ، لم يأت أحد بمثاله ، ولا نسج ناسج على منواله . غير أنه يحتاج إلى شرح يسفر عن وجوه محذراته النقاب ، ويبرز من خفي مكنوناته بما وراء الحجاب ، فاستخرت الله تعالى وشمرت عن ساعد الاجتهاد ، وطلبت من الله العناية والرشاد ، وكنت أود لو رأيت لي سابقا أكون وراءه مصليا ، ولم أكن في حلبة رهانه مجليا ، إذ لست لذلك كفؤا بلا مرا والفهم لقصوره يقدم رجلا ويؤخر أخرى ، وسألت الله أن يمدني بذارف لطفه ووافر عطفه ، وسميته ( كشاف القناع عن الإقناع ) ."
Languageالعربية
PublisherRufoof
Release dateNov 16, 1902
ISBN9786346490446
كشاف القناع عن متن الإقناع

Read more from البهوتي

Related to كشاف القناع عن متن الإقناع

Related ebooks

Related categories

Reviews for كشاف القناع عن متن الإقناع

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    كشاف القناع عن متن الإقناع - البهوتي

    الغلاف

    كشاف القناع عن متن الإقناع

    الجزء 9

    البُهُوتي

    1051

    فإن أجل العلوم قدرا ، وأعلاها فخرا ، وأبلغها فضيلة ، وأنجحها وسيلة ، علم الشرع الشريف ومعرفة أحكامه ، والاطلاع على سر حلاله وحرامه ، فلذلك تعينت إعانة قاصده وتيسير موارده لرائده ، ومعاونته على تذكار لفظه ومعانيه ، وفهم عباراته ومبانيه . ولما رأيت الكتاب الموسوم بالإقناع تأليف الشيخ الإمام ، والحبر العمدة العلام ، شرف الدين أبي النجا موسى بن أحمد بن سالم بن عيسى بن سالم المقدمي الحجاوي ثم الصالحي الدمشقي تغمده الله برحمته ورضوانه وأسكنه الغرفات العليا من جنانه ، في غاية حسن الوقاع ، وعظم النفع ، لم يأت أحد بمثاله ، ولا نسج ناسج على منواله . غير أنه يحتاج إلى شرح يسفر عن وجوه محذراته النقاب ، ويبرز من خفي مكنوناته بما وراء الحجاب ، فاستخرت الله تعالى وشمرت عن ساعد الاجتهاد ، وطلبت من الله العناية والرشاد ، وكنت أود لو رأيت لي سابقا أكون وراءه مصليا ، ولم أكن في حلبة رهانه مجليا ، إذ لست لذلك كفؤا بلا مرا والفهم لقصوره يقدم رجلا ويؤخر أخرى ، وسألت الله أن يمدني بذارف لطفه ووافر عطفه ، وسميته ( كشاف القناع عن الإقناع ) .

    فَصْلٌ خِيَارُ الْعُيُوبِ وَالشُّرُوطِ عَلَى التَّرَاخِي

    فَصْلٌ وَخِيَارُ الْعُيُوبِ وَالشُّرُوطِ عَلَى التَّرَاخِي لِأَنَّهُ لِدَفْعِ ضَرَرٍ مُتَحَقِّقٍ، فَكَانَ عَلَى التَّرَاخِي كَخِيَارِ الْقِصَاصِ فَ (لَا يَسْقُطُ إلَّا أَنْ تُوجَدَ مِنْهُ) أَيْ مِمَّنْ لَهُ الْخِيَارُ (دَلَالَةٌ عَلَى الرِّضَا مِنْ قَوْلٍ) كَقَوْلِهِ: أَسْقَطْتُ الْفَسْخَ وَنَحْوَهُ: رَضِيتُ (أَوْ وَطْءٍ) إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلزَّوْجِ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى رَغْبَتِهِ فِيهَا (أَوْ تَمْكِينٍ) مِنْ وَطْءٍ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهَا لِأَنَّهُ دَلِيلُ رَغْبَتِهَا فِيهِ (مَعَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ) وَتَقَدَّمَ مَعْنَاهُ (أَوْ يَأْتِي بِصَرِيحِ الرِّضَا) كَقَوْلِهِ: رَضِيتُ بِالْعَيْبِ.

    (فَإِنْ ادَّعَى الْجَهْلَ بِالْخِيَارِ وَمِثْلُهُ يَجْهَلُهُ) كَعَامِّيٍّ لَا يُخَالِطُ الْفُقَهَاءَ كَثِيرًا (فَالْأَظْهَرُ ثُبُوتُ الْفَسْخِ قَالَهُ الشَّيْخُ) عَمَلًا بِالظَّاهِرِ.

    وَقَالَ فِي الْمُنْتَهَى: وَلَوْ جَهِلَ الْحُكْمَ أَيْ يَسْقُطُ خِيَارُهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَلَوْ جَهِلَ الْحُكْمَ (وَ) خِيَارُ الْفَسْخِ (فِي الْعُنَّةِ لَا يَسْقُطُ بِغَيْرِ قَوْلِ) امْرَأَةِ الْعِنِّينِ أَسْقَطْتُ حَقِّي مِنْ الْفَسْخِ أَوْ رَضِيتُ بِهِ عِنِّينًا وَنَحْوَهُ لَا بِتَمْكِينِهَا مِنْ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهَا لِتَعْلَمَ أَزَالَتْ عُنَّتُهُ أَمْ لَا.

    (وَمَتَى زَالَ الْعَيْبُ) قَبْلَ الْفَسْخِ (فَلَا فَسْخَ) لِزَوَالِ سَبَبِهِ كَالْمَبِيعِ يَزُولُ عَيْبُهُ (وَلَوْ فَسَخَتْ بِعَيْبٍ) كَبَيَاضٍ بِبَدَنِهِ ظَنَّتْهُ بَرَصًا (فَبَانَ أَنْ لَا عَيْبَ بَطَلَ) أَيْ تَبَيَّنَّا بُطْلَانَ (الْفَسْخُ) إذْ الْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ الْعِلَّةِ وُجُودًا وَعَدَمًا (وَاسْتَمَرَّ النِّكَاحُ) لِعَدَمِ مَا يَقْتَضِي فَسْخَهُ (وَلَا فَسْخَ بِغَيْرِ الْعُيُوبِ الْمَذْكُورَةِ كَعَوَرٍ وَعَرَجٍ وَعَمًى وَخَرَسٍ وَطَرَشٍ وَقَطْعِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ وَكُلِّ عَيْبٍ يَنْفِرُ الزَّوْجُ الْآخَرُ مِنْهُ خِلَافًا لِابْنِ الْقَيِّمِ) قَالَ أَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْبَيْعِ.

    وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ الْوَطْءُ وَهَذِهِ لَا تَمْنَعُهُ، وَالْحُرَّةُ لَا تُقَلَّبُ كَمَا تُقَلَّبُ الْأَمَةُ وَالزَّوْجُ قَدْ رَضِيَهَا مُطْلَقًا، وَهُوَ لَمْ يَشْتَرِطْ صِفَةً فَبَانَتْ دُونَهَا.

    وَقَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: الشَّيْخُوخَةُ فِي أَحَدِهِمَا عَيْبٌ (فَإِنْ شَرَطَ الزَّوْجُ نَفْيَ ذَلِكَ) أَيْ الْعَوَرِ وَالْعَرَجِ وَنَحْوِهِ فَبَانَتْ بِخِلَافِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ (أَوْ شَرَطَهَا بِكْرًا أَوْ جَمِيلَةً وَنَحْوَهُ) بِأَنْ شَرَطَهَا (نَسِيبَةً، فَبَانَتْ بِخِلَافِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ) لِشَرْطِهِ (وَكَذَا لَوْ شَرَطَتْهُ) حُرًّا (أَوْ ظَنَّتْهُ حُرًّا فَبَانَ عَبْدًا وَتَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ) بِأَوْسَعَ مِنْ هَذَا.

    (وَلَوْ بَانَ) أَحَدُهُمَا (عَقِيمًا) فَلَا خِيَارَ لِلْآخَرِ (أَوْ كَانَ) الزَّوْجُ (يَطَأُ وَلَا يُنْزِلُ فَلَا خِيَارَ لَهَا لِأَنَّ حَقَّهَا فِي الْوَطْءِ لَا فِي الْإِنْزَالِ وَلَا يَصِحُّ فَسْخٌ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ وَخِيَارِ الشَّرْطِ إلَّا بِحُكْمِ حَاكِمٍ) .

    لِأَنَّهُ فَسْخٌ يُجْتَهَدُ فِيهِ فَافْتُقِرَ إلَيْهِ كَالْفَسْخِ لِلْعُنَّةِ وَالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ إلَّا الْحُرَّةَ إذَا غَرَّتْ بِعَبْدٍ وَمَنْ عَتَقَتْ كُلَّهَا تَحْتَ رَقِيقٍ كُلِّهِ فَتَفْسَخُ بِلَا حَاكِمٍ وَتَقَدَّمَ (فَيَفْسَخُهُ) أَيْ النِّكَاحَ (الْحَاكِمُ أَوْ يَرُدُّهُ) أَيْ الْفَسْخَ (إلَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ) فَيَفْسَخُهُ (وَيَصِحُّ) الْفَسْخُ مِنْ الْمَرْأَةِ حَيْثُ مَلَكَتْهُ (فِي غِيبَةِ زَوْجٍ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْخِيَارِ.

    (وَالْأَوْلَى) الْفَسْخُ (مَعَ حُضُورِهِ) أَيْ الزَّوْجِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ فِي غِيبَتِهِ (وَالْفَسْخُ لَا يَنْقُصُ عَدَدَ الطَّلَاقِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَلَاقٍ (وَلَهُ) أَيْ الزَّوْجِ (رَجْعَتُهَا) يَعْنِي إعَادَتَهَا (بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ) بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ (وَتَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى طَلَاقِ ثَلَاثٍ) حَيْثُ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ طَلَاقٌ (وَكَذَا سَائِرُ الْفُسُوخِ) كَالْفَسْخِ لِإِعْسَارِهِ بِالصَّدَاقِ أَوْ بِالنَّفَقَةِ وَفَسْخُ الْحَاكِمِ عَلَى الْمُولِي بِشَرْطِهِ (إلَّا فُرْقَةِ اللِّعَانِ) فَإِنَّ الْمُلَاعَنَةَ تَحْرُمُ عَلَى الْمُلَاعِن أَبَدًا كَمَا تَقَدَّمَ.

    (فَإِنْ فُسِخَ النِّكَاحُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ) وَلَا مُتْعَةَ سَوَاءٌ كَانَ الْفَسْخُ مِنْ الرَّجُلِ أَوْ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ الْفَسْخَ إنْ كَانَ مِنْهَا فَالْفُرْقَةُ مِنْ جِهَتِهَا.

    وَإِنْ كَانَ مِنْهُ فَإِنَّمَا فَسَخَ لِعَيْبٍ بِهَا دَلَّسَتْهُ بِالْإِخْفَاءِ فَصَارَ الْفَسْخُ كَأَنَّهُ مِنْهَا لَا يُقَالُ: هَلَّا جَعَلَ فَسْخهَا لِعَيْبِهِ كَأَنَّهُ مِنْهُ لِحُصُولِهِ بِتَدْلِيسِهِ لِأَنَّ الْعِوَضَ مِنْ الزَّوْجِ فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعِهَا فَإِذَا اخْتَارَتْ الْفَسْخَ مَعَ سَلَامَةِ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ رَجَعَ الْعِوَضُ إلَى الْعَاقِدِ مِنْهَا، وَلَيْسَ مِنْ جِهَتِهَا عِوَضٌ فِي مُقَابَلَةِ مَنَافِعِ الزَّوْجِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ لِأَجْلِ ضَرَرٍ يَلْحَقُهَا لَا لِأَجْلِ تَعَذُّرِ مَا اسْتَحَقَّتْ عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَتِهِ مَنَافِعَ عِوَضًا فَافْتَرَقَا.

    (وَ) إنْ فَسَخَ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الدُّخُولِ (أَوْ بَعْدَ خَلْوَةٍ) فَ (لَهَا الْمُسَمَّى) لِأَنَّهُ نِكَاحٌ صَحِيحٌ وُجِدَ بِأَرْكَانِهِ وَشُرُوطِهِ، فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الصِّحَّةِ وَلِأَنَّ الْمَهْرَ يَجِبُ بِالْعَقْدِ وَيَسْتَقِرُّ بِالْخَلْوَةِ فَلَا يَسْقُطُ بِحَادِثٍ بَعْدَهُ، وَكَمَا لَوْ طَرَأَ الْعَيْبُ (وَيَرْجِعُ) الزَّوْجُ (بِهِ) أَيْ بِالْمَهْرِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ مِنْ امْرَأَةٍ عَاقِلَةٍ (وَوَلِيٍّ وَوَكِيلٍ) رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ عُمَرَ، وَكَمَا لَوْ غَرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ.

    قَالَ أَحْمَدُ كُنْتُ أَذْهَبُ إلَى قَوْلِ عَلِيٍّ فَهِبْتُهُ فَمِلْتُ إلَى قَوْلِ عُمَرَ، فَ (أَيُّهُمْ انْفَرَدَ بِالْغَرَرِ، ضَمِنَ) وَحْدَهُ لِانْفِرَادِهِ بِالسَّبَبِ الْمُوجِبِ (وَشَرَطَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدٌ فَخْرُ الدِّينِ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ الْخِضْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْخِضْرِ بْنِ عَبْدِ بْنُ تَيْمِيَّةَ الْحَرَّانِيُّ) الْوَاعِظُ الْفَقِيهُ (بُلُوغَهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ إنْ كَانَ التَّغْرِيرُ مِنْهَا (وَقْتَ الْعَقْدِ لِيُوجَدَ تَغْرِيرٌ مُحَرَّمٌ) .

    وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنَّمَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ غَارَّةً إذَا كَانَتْ تَعْلَمُ وَأَمَّا الطِّفْلَةُ وَالْمَجْنُونَةُ فَلَا فَاعْتَبَرَ الْقَصْدَ دُونَ الْفِعْلِ الْمُحَرَّمِ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ فِي التَّنْقِيحِ وَالْمُنْتَهَى: زَوْجَةٌ عَاقِلَةٌ (وَلَا سُكْنَى لَهَا) أَيْ لِلْمَفْسُوخِ نِكَاحُهَا (وَلَا نَفَقَةَ إلَّا أَنْ تَكُون حَامِلًا) فَتَجِبُ النَّفَقَةُ لِلْحَمْلِ كَالْبَائِنِ (وَإِنْ وُجِدَ الْغُرُورُ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ فَالضَّمَانُ عَلَى الْوَلِيِّ) لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِلْعَقْدِ.

    (وَ) إنْ وُجِدَ الْغُرُورُ (مِنْهَا وَمِنْ الْوَكِيلِ) فَ (بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ) قَالَهُ الْمُوَفَّقُ وَقَدْ أَشَرْتُ إلَى مَا فِيهِ فِي الْحَاشِيَةِ (وَإِنْ أَنْكَرَ الْوَلِيُّ) عِلْمَهُ بِالْعَيْبِ.

    (وَلَوْ كَانَ مِمَّنْ لَهُ رُؤْيَتُهَا) كَأَبِيهَا وَأَخِيهَا فَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِلْمِهِ بِهِ (أَوْ) ادَّعَى (الْوَكِيلُ عَدَمَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ وَلَا بَيِّنَةَ تَشْهَدُ) عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بِعِلْمِهِ بِالْعَيْبِ (قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ) أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ الْعَيْبَ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ (وَإِنْ ادَّعَتْ) امْرَأَةٌ بِهَا عَيْبٌ وَزُوِّجَتْ (عَدَمَ الْعِلْمِ بِعَيْبِ نَفْسِهَا وَاحْتُمِلَ ذَلِكَ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْوَلِيِّ قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِلْمِهَا فَإِنْ لَمْ يُحْتَمَلْ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ:

    (وَمِثْلُهَا) أَيْ مِثْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ مَا إذَا غُرَّ الزَّوْجُ فِي تَزْوِيجِهِ مَعِيبَةً (فِي الرُّجُوعِ عَلَى الْغَارِّ لَوْ زُوِّجَ امْرَأَةً فَأَدْخَلُوا عَلَيْهِ غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ زَوْجَتِهِ فَوَطِئَهَا فَعَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا لِلشُّبْهَةِ، وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ بِإِدْخَالِهَا عَلَيْهِ (وَيَلْحَقهُ الْوَلَدُ) إنْ أَتَتْ بِهِ لِلشُّبْهَةِ (وَتُجَهَّزُ) إلَيْهِ (زَوْجَتُهُ بِالْمَهْرِ الْأَوَّلِ نَصًّا وَتَقَدَّمَ) نَحْوُهُ فِي بَابِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ.

    (وَإِنْ طَلَّقَهَا) أَيْ طَلَّقَ الْمَعِيبَةَ (قَبْلَ الدُّخُولِ) وَالْخَلْوَةِ (ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ بِهَا عَيْبٌ يَقْتَضِي الْفَسْخَ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الصَّدَاقِ لَا يَرْجِعُ بِهِ) عَلَى أَحَدٍ لِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِالْتِزَامِهِ بِطَلَاقِهَا فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى أَحَدٍ.

    (وَإِنْ مَاتَ) الزَّوْجُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِعَيْبِهَا (أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْفَسْخِ فَلَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا) لِتَقَرُّرِهِ بِالْمَوْتِ (وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى أَحَدٍ) لِأَنَّ سَبَبَ الرُّجُوعِ الْفَسْخُ وَلَمْ يُوجَدْ.

    فَصْلٌ لَيْسَ لِوَلِيِّ صَغِيرَةٍ أَوْ صَغِيرٍ تَزْوِيجُهُمْ مَعِيبًا

    (فَصْلٌ وَلَيْسَ لِوَلِيِّ صَغِيرَةٍ أَوْ صَغِيرٍ) وَلَا لِوَلِيِّ (مَجْنُونَةٍ وَمَجْنُونٍ و) لَا لِ (سَيِّدِ أَمَةٍ تَزْوِيجُهُمْ مَعِيبًا يُرَدُّ بِهِ) فِي النِّكَاحِ لِأَنَّهُ نَاظِرٌ لَهُمْ بِمَا فِيهِ الْحَظُّ وَالْمَصْلَحَةُ، وَلَا حَظَّ لَهُمْ فِي هَذَا الْعَقْدِ (فَلَوْ خَالَفَ وَفَعَلَ) بِأَنْ زَوَّجَهُمْ مَعِيبًا يُرَدُّ بِهِ (لَمْ يَصِحَّ) النِّكَاحُ (فِيهِنَّ مَعَ عِلْمِهِ) لِأَنَّهُ عَقَد لَهُمْ عَقْدًا لَا يَجُوزُ عَقْدُهُ كَمَا لَوْ بَاعَ عَقَارَ مَحْجُورِهِ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَلِيُّ عَيْبَهُ (صَحَّ) النِّكَاحُ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى لَهُمْ مَعِيبًا لَا يَعْلَمُ عَيْبَهُ (وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْفَسْخُ إذَا عَلِمَ قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا وَالزَّرْكَشِيِّ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ) لِأَنَّهُ أَحَظُّ لَهُنَّ فَوَجَبَ عَلَيْهِ فِعْلُهُ (خِلَافًا لِمَا فِي التَّنْقِيحِ) وَتَبِعَهُ فِي الْمُنْتَهَى قَالَا وَلَهُ الْفَسْخُ وَاللَّامُ لِلْإِبَاحَةِ وَهُوَ عِبَارَةُ الْمُبْدِعِ.

    وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ مَنْ يَقُولُ لَا يَفْسَخُ وَيَنْتَظِرُ الْبُلُوغَ أَوْ الْإِفَاقَةَ فَلَا يُنَافِي الْوُجُوبَ وَنَظِيرُهُ فِي كَلَامِهِمْ وَمِنْهُ مَا فِي الْفُرُوعِ فِي الْوَقْفِ فِي بَيْعِ النَّاظِرِ لَهُ (وَلَا لِوَلِيِّ كَبِيرَةٍ تَزْوِيجُهَا بِمَعِيبٍ بِغَيْرِ رِضَاهَا لِأَنَّهَا تَمْلِكُ الْفَسْخَ إذَا عَلِمَتْ بِهِ) أَيْ: الْعَيْبَ (بَعْدَ الْعَقْدِ) فَالِامْتِنَاعُ أَوْلَى (فَإِنْ اخْتَارَتْ) كَبِيرَةٌ (نِكَاحَ مَجْبُوبٍ أَوْ) نِكَاحَ (عِنِّينٍ لَمْ يَمْلِكْ وَلِيُّهَا الَّذِي يَعْقِدُ نِكَاحَهَا مَنْعَهَا) لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْوَطْءِ لَهَا، وَالضَّرَرُ مُخْتَصٌّ بِهَا.

    وَقَالَ أَحْمَدُ: مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُزَوِّجهَا بِعِنِّينٍ وَإِنْ رَضِيَتْ السَّاعَةَ تَكْرَه إذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِهِنَّ النِّكَاحَ، وَيُعْجِبُهُنَّ مِنْ ذَلِكَ مَا يُعْجِبُنَا (وَإِنْ اخْتَارَتْ نِكَاحَ مَجْنُونٍ أَوْ مَجْذُومٍ أَوْ أَبْرَصَ؛ فَلَهُ مَنْعُهَا) لِأَنَّ فِيهِ ضَرَرًا دَائِمًا وَعَارًا عَلَيْهَا وَعَلَى أَهْلهَا كَمَنْعِهَا مِنْ التَّزْوِيجِ بِغَيْرِ كُفْءٍ.

    (وَإِنْ عَلِمَتْ بِالْعَيْبِ) الَّذِي تَمْلِكُ بِهِ الْفَسْخَ (بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ حَدَثَ بِهِ) أَيْ: بِالزَّوْجِ الْعَيْبُ بَعْدَ الْعَقْدِ (لَمْ يَمْلِكْ الْوَلِيُّ إجْبَارَهَا عَلَى الْفَسْخِ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي النِّكَاحِ لَا فِي دَوَامِهِ) لِأَنَّهَا لَوْ دَعَتْ وَلِيَّهَا أَنْ يُزَوِّجهَا بِعَبْدٍ لَمْ يَلْزَمهُ إجَابَتُهَا وَلَوْ عَتَقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ لَمْ يَمْلِكْ إجْبَارَهَا عَلَى الْفَسْخِ.

    بَابُ نِكَاحِ الْكُفَّارِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

    ِ (حُكْمُهُ حُكْمُ نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ) لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَضَافَ النِّسَاءَ إلَيْهِمْ فَقَالَ {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: 4] وَقَالَ {امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ} [القصص: 9] وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وُلِدْتُ مِنْ نِكَاحٍ لَا مِنْ سِفَاحٍ» (فِيمَا يَجِبُ بِهِ) مِنْ مَهْرٍ وَقَسَمٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَأْتِي.

    (وَ) فِي (تَحْرِيمِ الْمُحَرَّمَاتِ) السَّابِقِ تَفْصِيلُهُنَّ، لِأَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَوَاضِعَ.

    (وَ) فِي (وُقُوعِ الطَّلَاقِ) وَالْخُلْعُ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ مِنْ بَالِغٍ عَاقِلٍ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ فَوَقَعَ كَطَلَاقِ الْمُسْلِمِ (و) وَفِي صِحَّةِ (الظِّهَارِ) فَإِذَا ظَاهَرَ كَافِرٌ مِنْ زَوْجَتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَا وَقَدْ وَطِئَهَا، فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ.

    (وَ) فِي صِحَّةِ (الْإِيلَاءِ) فَإِذَا آلَى الْكَافِرُ مِنْ زَوْجَتِهِ فَحُكْمُهُ كَالْمُسْلِمِ عَلَى مَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ، لِتَنَاوُلِ عُمُومِ آيَةِ الظِّهَارِ، وَالْإِيلَاءُ لَهُمْ (وَفِي وُجُوبِ الْمَهْرِ وَالْقَسَمِ) لِمَا تَقَدَّمَ، (و) فِي (الْإِبَاحَةِ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ) إذَا كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَكَانَ الثَّانِي وَطِئَهَا لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] .

    (وَ) فِي (الْإِحْصَانِ) إذَا وَطِئَهَا وَهُمَا حُرَّانِ مُكَلَّفَانِ كَمَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي الْحُدُودِ (وَغَيْرُ ذَلِكَ) كَوُجُوبِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَلُزُومِ مَا يَلْزَم مِنْ الشُّرُوطِ وَالْفَسْخِ لِنَحْوِ عُنَّةٍ أَوْ إعْسَارٍ بِوَاجِبِ نَفَقَةٍ، (فَإِذَا طَلَّقَ الْكَافِرُ) امْرَأَتَهُ الْكَافِرَةَ (ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ وَإِصَابَةٍ ثُمَّ أَسْلَمَا، لَمْ يُقَرَّ عَلَيْهِ) لِأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ ثَلَاثًا لَمْ يُصِبْهَا زَوْجٌ غَيْره، (وَإِنْ طَلَّقَ) الْكَافِرُ امْرَأَتَهُ (أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ ثُمَّ) أَعَادَهَا وَ (أَسْلَمَا فَهِيَ عِنْدَهُ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ طَلَاقِهَا) سَوَاءٌ أَعَادَهَا قَبْلَ أَنْ تَنْكِحَ غَيْرَهُ أَوْ بَعْدَهُ، كَمَا يَأْتِي فِي الْمُسْلِمِ.

    (وَإِنْ نَكَحَهَا) أَيْ: الْكَافِرَةَ الزَّوْجُ (الثَّانِي وَأَصَابَهَا حَلَّتْ لِمُطَلِّقِهَا ثَلَاثًا سَوَاءٌ كَانَ الْمُطَلِّقُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا) لِمَا تَقَدَّمَ.

    (وَإِنْ ظَاهَرَ الذِّمِّيُّ مِنْ امْرَأَتِهِ، ثُمَّ أَسْلَمَا فَعَلَيْهِ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ) بِالْوَطْءِ فِيهِ لِمَا تَقَدَّمَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الذِّمِّيَّةَ لَيْسَتْ قَيْدًا.

    (وَنُقِرّهُمْ) أَيْ: الْكُفَّارَ (عَلَى فَاسِدِ نِكَاحِهِمْ، وَإِنْ خَالَفَ أَنْكِحَةَ الْمُسْلِمِينَ إذَا اعْتَقَدُوهُ فِي دِينهمْ) نِكَاحًا.

    (وَلَمْ يَرْتَفِعُوا إلَيْنَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا} [المائدة: 42] فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ يُخِلُّونَ أَحْكَامَهُمْ إذَا لَمْ يَجِيئُوا إلَيْنَا، وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْ مَجُوسِ هَجَرَ وَلَمْ يَعْتَرِضْ عَلَيْهِمْ فِي أَنْكِحَتِهِمْ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُمْ يَسْتَبِيحُونَ نِكَاحَ مَحَارِمِهِمْ وَمَا لَا يَعْتَقِدُونَ حِلَّهُ لَيْسَ مِنْ دِينِهِمْ فَلَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ (فَإِنْ أَتَوْنَا قَبْلَ عَقْدِهِ) أَيْ النِّكَاحَ (عَقَدْنَاهُ عَلَى حُكْمِنَا) بِوَلِيٍّ وَشُهُودٍ وَإِيجَابٍ وَقَبُولِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 42] .

    (وَإِنْ أَتَوْنَا مُسْلِمِينَ أَوْ غَيْرَ مُسْلِمِينَ بَعْدَهُ) أَيْ الْعَقْدَ (لَمْ نَتَعَرَّضْ لِكَيْفِيَّةِ عَقْدِهِمْ) لِأَنَّهُ أَسْلَمَ خَلْقٌ كَثِيرٌ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَقَرَّهُمْ عَلَى أَنْكِحَتِهِمْ وَلَمْ يَكْشِفْ عَنْ كَيْفِيَّتِهَا، فَأَوْلَى إذَا ارْتَفَعُوا إلَيْنَا مِنْ غَيْرِ إسْلَامٍ (وَلَا نَعْتَبِرُ لَهُ) أَيْ لِنِكَاحِهِمْ الَّذِي يَعْتَقِدُونَهُ لِأَنْفُسِهِمْ (شُرُوطُ أَنْكِحَةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ، وَصِفَةِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ) مِمَّا تَقَدَّمَ، لِمَا سَبَقَ (لَكِنْ لَا نُقِرُّهُمْ عَلَى نِكَاحٍ مُحَرَّمٍ فِي الْحَالِ) أَيْ حَالَ التَّرَافُعِ إلَيْنَا مُسْلِمِينَ أَوْ لَا (كَالْمُحَرَّمَاتِ بِالنَّسَبِ) كَأَنْ كَانَتْ تَحْتَهُ أُخْتُهُ أَوْ بِنْتُهَا أَوْ بِنْتُ أَخِيهِ (أَوْ السَّبَبُ) كَأَنْ تَكُونَ تَحْتَهُ أُمُّ زَوْجَتِهِ أَوْ زَوْجَةُ أَبِيهِ أَوْ ابْنُهُ أَوْ أُخْتُهُ مِنْ رَضَاعٍ أَوْ بِنْتُ مَوْطُوءَتِهِ وَلَوْ بِشُبْهَةٍ أَوْزِنَا (وَكَالْمُعْتَدَّةِ) مِنْ غَيْرِهِ وَلَمْ تَفْرُغْ عِدَّتُهَا (و) كَ (الْمُرْتَدَّةِ) لِأَنَّهَا لَا تُقَرُّ عَلَى رِدَّتِهَا (وَ) كَ (الْمَجُوسِيَّةِ) إذَا أَسْلَمَ زَوْجُهَا لَا يُقَرُّ عَلَى نِكَاحِهَا.

    (وَ) كَ (الْحُبْلَى مِنْ الزِّنَا) إذَا تَرَافَعَا إلَيْنَا قَبْلَ أَنْ تَلِدَ أَوْ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ (وَ) كَ (الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا) فَلَا يُقَرُّ عَلَى نِكَاحِهَا إذَا أَسْلَمَ أَوْ أَسْلَمَتْ أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا (أَوْ) كَانَ النِّكَاحُ (شُرِطَ فِيهِ الْخِيَارُ مَتَى شَاءَ أَوْ) شُرِطَ فِيهِ الْخِيَارُ (إلَى مُدَّةٍ هُمَا فِيهَا) حَيْثُ قُلْنَا بِفَسَادِهِ مِنْ الْمُسْلِم كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ تَيْمِيَّةَ وَصَاحِبُ التَّنْقِيحِ لِأَنَّهُمَا يَعْتَقِدَانِ أَنَّهُ لَا يَدُومُ بَيْنَهُمَا وَالْمَذْهَبُ أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ وَالشَّرْطُ فَاسِدٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَعِبَارَتُهُ كَالْمُنْتَهَى مُوهِمَةٌ، وَسَبَقَهُمَا الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ إلَيْهَا (وَنَحْوُهُ) كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا إلَى مُدَّةٍ وَهُوَ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ فَإِذَا أَسْلَمَا لَمْ يُقَرَّا عَلَيْهِ لِأَنَّهُمَا يَعْتَقِدَانِ أَنَّهُ لَا يَدُومُ بَيْنَهُمَا (بَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمْ فَإِنْ كَانَ) .

    التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمْ (قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ) لَهَا لِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْعَقْدِ إذَنْ (وَإِنْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ الدُّخُولِ (فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ) لِشُبْهَةِ الْعَقْدِ وَالِاعْتِقَادِ (وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تُبَاحُ إذَنْ) أَيْ حَالَ التَّرَافُعِ أَوْ الْإِسْلَامِ (كَعَقْدِهِ) عَلَيْهَا (فِي عِدَّةٍ) وَلَمْ يَتَرَافَعَا أَوْ يُسْلِمَا حَتَّى (فَرَغَتْ) الْعِدَّةُ (أَوْ) عَقَدَهُ (بِلَا وَلِيٍّ أَوْ بِلَا شُهُودٍ وَصِيغَةٍ) أَيْ: إيجَابٌ وَقَبُولُ (أَوْ تَزْوِيجِهَا عَلَى أُخْتٍ) لَهَا وَ (مَاتَتْ) أُخْتُهَا (بَعْد عَقْدِهِ وَقَبْلَ الْإِسْلَامِ وَالتَّرَافُعِ أُقِرَّا) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَيْنِ إذَا أَسْلَمَا مَعًا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ: أَنَّ لَهُمَا الْمُقَامَ عَلَى نِكَاحِهِمَا مَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ أَوْ رَضَاعٌ.

    (وَإِنْ قَهَرَ حَرْبِيٌّ حَرْبِيَّةً فَوَطِئَهَا أَوْ طَاوَعَتْهُ وَاعْتَقَدَاهُ نِكَاحًا أُقِرَّا) عَلَيْهِ إذَا أَسْلَمَا لِأَنَّ الْمُصَحِّحَ لَهُ اعْتِقَادُهُ الْحِلُّ وَهُوَ مَوْجُودٌ هُنَا كَالنِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ (وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدَاهُ نِكَاحًا لَمْ يُقَرَّا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَنْكِحَتِهِمْ، وَكَذَا ذِمِّيٌّ) يَعْنِي قَهَرَ حَرْبِيَّةً وَاعْتَقَدَاهُ نِكَاحًا أُقِرَّا عَلَيْهِ أَوْ طَاوَعَتْهُ عَلَى الْوَطْءِ وَاعْتَقَدَاهُ نِكَاحًا أُقِرَّا عَلَيْهِ وَأَمَّا قَهْرُ الذِّمِّيَّةِ فَلَا يَتَأَتَّى لِعِصْمَتِهَا قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إنْ قَهَرَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً لَمْ يُقَرَّ مُطْلَقًا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَصَرَّحَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْبُلْغَةِ.

    وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُوَفَّقِ وَالشَّارِحِ أَنَّهُمْ كَأَهْلِ الْحَرْبِ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا أَشَرْتَ إلَيْهِ أَوَّلًا فَلَا تَعَارُضَ (وَمَتَى كَانَ الْمَهْرُ صَحِيحًا) اسْتَقَرَّ (أَوْ) كَانَ الْمَهْرُ (فَاسِدًا) كَخَمْرِ أَوْ خِنْزِيرٍ (وَقَبَضَتْهُ اسْتَقَرَّ) لِأَنَّهُ لَا يَتَعَرَّضُ لِمَا فَعَلُوهُ وَيُؤَكِّدهُ قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: 275] وَلِأَنَّ التَّعَرُّضَ لِلْمَقْبُوضِ بِإِبْطَالِهِ يَشُقُّ لِتَطَاوُلِ الزَّمَانِ وَكَثْرَةِ تَصَرُّفَاتِهِمْ فِي الْحَرَامِ وَلِأَنَّ فِي التَّعَرُّضِ لَهُمْ تَنْفِيرًا لَهُمْ عَنْ الْإِسْلَامِ فَعَفَى عَنْهُ كَمَا عَفَى عَمَّا تَرَكُوهُ مِنْ الْفَرَائِضِ.

    (وَإِنْ كَانَ) الْمَهْرُ (صَحِيحًا وَلَمْ تَقْبِضهُ أَخَذَتْهُ) لِوُجُوبِهِ بِالْعَقْدِ (وَإِنْ لَمْ تَقْبِضْ) الْمَهْرَ الْفَاسِدَ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ يَجِبُ فِي التَّسْمِيَةِ الْفَاسِدَةِ فَإِذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ مُسْلِمَةً فَكَذَا الْكَافِرَةُ وَلِأَنَّ الْخَمْرَ لَا قِيمَةَ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ فَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ (أَوْ لَمْ يُسَمَّ لَهَا مَهْرٌ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ) لِأَنَّهُ نِكَاحٌ خَلَا عَنْ تَسْمِيَةٍ فَوَجَبَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ كَالْمُسْلِمَةِ.

    (وَلَوْ أَسْلَمَا وَالْمَهْرُ خَمْرٌ قَدْ قَبَضَتْهُ فَانْقَلَبَ) الْخَمْرُ (خَلًّا وَطَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ رَجَعَ بِنِصْفِهِ) أَيْ نِصْفِ الْخَلِّ لِأَنَّهُ عَيْنُ الصَّدَاقِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (وَلَوْ تَلِفَ الْخَلُّ ثُمَّ طَلَّقَ) قَبْلَ الدُّخُولِ (رَجَعَ بِمِثْلِ نِصْفِهِ) لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ.

    (وَإِنْ قَبَضَتْ الزَّوْجَةُ بَعْضَ الْحَرَامِ) كَالْخَمْرِ إذَا قَبَضَتْ مِنْهُ بَعْضَهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَوْ التَّرَافُعِ إلَيْنَا اسْتَقَرَّ مَا قَبَضَتْهُ لِمَا تَقَدَّمَ، وَ (وَجَبَ) لَهَا (مَا بَقِيَ مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ) لِاسْتِقْرَارِ مَا قَبَضَتْهُ وَإِلْغَاءِ مَا لَمْ تَقْبِضْهُ.

    (وَتُعْتَبَرُ الْحِصَّةُ فِيمَا يَدْخُلُهُ كَيْلٌ) بِالْكَيْلِ (أَوْ) يَدْخُلُهُ (وَزْنٌ) بِالْوَزْنِ (أَوْ) يَدْخُلُهُ (عَدٌّ بِهِ) أَوْ ذَرْعٌ بِالذَّرْعِ لِأَنَّ الْعُرْفَ فِيهِ كَذَلِكَ وَلَا قِيمَةَ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ لِيُعْتَبَرَ بِهَا فَلَوْ أَصْدَقَهَا عَشْرَةَ خَنَازِيرَ فَقَبَضَتْ مِنْهَا خَمْسَةً وَجَبَ لَهَا قِسْطُ مَا بَقِيَ وَهُوَ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهَا فَاسْتَوَى كَبِيرُهَا وَصَغِيرُهَا.

    فَصْلٌ إذَا أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ مَعًا فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا

    (فَصْلٌ وَإِذَا أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ مَعًا بِأَنْ تَلَفَّظَا بِالْإِسْلَامِ دُفْعَةً وَاحِدَةً قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَدْخُلُ فِي الْمَعِيَّةِ لَوْ شُرِعَ الثَّانِي قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ الْأَوَّلُ فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا) لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا اخْتِلَافُ دِينٍ (أَوْ أَسْلَمَ زَوْجُ كِتَابِيَّةٍ) أَبَوَاهَا كِتَابِيَّانِ (فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا) لِأَنَّ نِكَاحَ الْكِتَابِيَّةِ يَجُوزُ ابْتِدَاؤُهُ فَالِاسْتِمْرَارُ أَوْلَى (سَوَاءٌ كَانَ) ذَلِكَ (قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ) وَسَوَاءٌ كَانَ زَوْجُ الْكِتَابِيَّةِ أَوْ غَيْرُهُ (وَإِنْ أَسْلَمَتْ كِتَابِيَّةٌ) تَحْت كِتَابِيٍّ أَوْ غَيْرَ كِتَابِيٍّ، (أَوْ) أَسْلَمَ (أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ غَيْرَ الْكِتَابِيَّيْنِ) كَالْمَجُوسِيِّينَ وَالْوَثَنِيَّيْنِ (قَبْلَ الدُّخُولِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10] - إلَى قَوْلِهِ - {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10] .

    إذْ لَا يَجُوزُ لِكَافِرٍ نِكَاحُ مُسْلِمَةٍ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِر أَجْمَعَ عَلَى هَذَا كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلِأَنَّ دِينَهُمَا اخْتَلَفَ فَلَمْ يَجُزْ اسْتِمْرَارُهُ كَابْتِدَائِهِ وَتُعُجِّلَتْ الْفُرْقَةُ.

    (وَلَا يَكُونُ) هَذَا الْفَسْخُ (طَلَاقًا) كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَسْخِ لِلْعَيْبِ وَكَالرِّدَّةِ فَلَوْ أَسْلَمَ الْآخَرُ ثُمَّ أَعَادَهَا فَهِيَ مَعَهُ عَلَى طَلَاقِ ثَلَاثٍ (وَإِنْ سَبَقَتْهُ) بِالْإِسْلَامِ قَبْلَ الدُّخُولِ (فَلَا مَهْرَ) لَهَا لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ جِهَتِهَا أَشْبَهُ مَا لَوْ ارْتَدَّتْ (وَإِنْ سَبَقَهَا) بِالْإِسْلَامِ قَبْلَ الدُّخُولِ (فَلَهَا نِصْفُهُ) لِأَنَّ الْفُرْقَةَ حَصَلَتْ مِنْ جِهَتِهِ أَشْبَهُ مَا لَوْ طَلَّقَهَا.

    (وَإِنْ قَالَتْ سَبَقَنِي) وَفِي نُسَخٍ سَبَقَتْنِي بِالْإِسْلَامِ فَلِي نِصْفُ الْمَهْرِ (فَقَالَ بَلْ أَنْتَ سَبَقْتِ) بِالْإِسْلَامِ فَلَا شَيْءَ لَكِ (فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُهَا) لِأَنَّهَا تَدَّعِي اسْتِحْقَاقَ شَيْءٍ أَوْجَبَهُ الْعَقْدُ وَهُوَ يَدَّعِي سُقُوطَهُ فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ.

    (وَإِنْ قَالَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (سَبَقَ أَحَدُنَا وَلَا نَعْلَمُ عَيْنَهُ فَلَهَا أَيْضًا نِصْفُهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ سُقُوطِهِ (وَإِنْ قَالَ الرَّجُلُ أَسْلَمْنَا مَعًا فَنَحْنُ عَلَى النِّكَاحِ وَأَنْكَرَتْهُ) فَقَالَتْ بَلْ سَبَقَ أَحَدُنَا بِالْإِسْلَامِ (فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُهَا) لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهَا إذْ يَبْعُدُ اتِّفَاقُ الْإِسْلَامِ مِنْهُمَا دُفْعَةً (وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ (بَعْدَ الدُّخُولِ وُقِفَ الْأَمْرُ عَلَى فَرَاغِ الْعِدَّة، فَإِنْ أَسْلَمَ الْآخَرُ فِيهَا بَقِيَ النِّكَاحُ) لِمَا رَوَى ابْنُ شُبْرُمَةَ قَالَ «كَانَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسْلِمُ الرَّجُلُ قَبْلَ الْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةُ قَبْلَهُ، فَأَيُّهُمَا أَسْلَمَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّة فَهِيَ امْرَأَتُهُ، وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْعِدَّةِ فَلَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا» وَرُوِيَ «أَنَّ بِنْتَ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ كَانَتْ تَحْتَ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ فَأَسْلَمَتْ ثُمَّ أَسْلَمَ صَفْوَانُ فَلَمْ يُفَرِّقْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَهُمَا» قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَكَانَ بَيْنَهُمَا نَحْوُ مِنْ شَهْرٍ رَوَاهُ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: شُهْرَةُ هَذَا الْحَدِيثُ أَقْوَى مِنْ إسْنَادِهِ وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ أَسْلَمَتْ أُمُّ حَكِيمٍ وَهَرَبَ زَوْجُهَا عِكْرِمَةُ إلَى الْيَمَنِ فَارْتَحَلَتْ إلَيْهِ وَدَعَتْهُ إلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ، وَقَدِمَ فَبَايَعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَقِيَا عَلَى نِكَاحِهِمَا قَالَ الزُّهْرِيُّ وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ امْرَأَةً هَاجَرَتْ وَزَوْجُهَا مُقِيمٌ بِدَارِ الْكُفْرِ إلَّا فَرَّقَتْ هِجْرَتُهَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا إلَّا أَنْ يَقْدُمَ زَوْجُهَا مُهَاجِرًا قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا رَوَى ذَلِكَ مَالِكٌ.

    (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسْلِم الْآخَرُ فِي الْعِدَّة (تَبَيَّنَّا فَسْخُهُ مُنْذُ أَسْلَمَ الْأَوَّلُ) لِأَنَّ سَبَبَ الْفُرْقَةِ اخْتِلَافُ الدِّينِ فَوَجَبَ أَنْ تُحْسَبَ الْفُرْقَةُ مِنْهُ كَالطَّلَاقِ.

    (وَلَوْ وَطِئَ) فِي الْعِدَّةِ (مَعَ الْوَقْفِ) أَيْ وَقْفِ النِّكَاحِ عَلَى انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمُتَخَلِّفِ وَلَمْ يُسْلِمْ الْآخَرُ فِي الْعِدَّةِ (فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ) لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ وَطِئَ فِي غَيْرِ مِلْكٍ قَالَ فِي الشَّرْحِ.

    وَفِي الْمُبْدِعِ وَيُؤَدَّبُ (وَإِنْ أَسْلَمَ) الْآخَرُ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ الْوَطْءِ فَلَا مَهْرَ لِذَلِكَ الْوَطْءِ لِأَنَّهُ وَطِئَهَا فِي نِكَاحِهِ (وَلَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةُ إنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ) لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ بِسَبَبِهِ فَكَانَ لَهَا النَّفَقَةُ لِكَوْنِهِ مُتَمَكِّنًا مِنْ تَلَافِي نِكَاحِهَا كَالرَّجْعِيَّةِ وَسَوَاءٌ أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا أَمْ لَا (وَلَا) نَفَقَةَ لَهَا لِلْعِدَّةِ إنْ أَسْلَمَتْ (بَعْدَهُ) لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُ إلَى تَلَافِي نِكَاحِهَا فَأَشْبَهَتْ الْبَائِنَ وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ وَلَمْ تُسْلِمْ هِيَ.

    (وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي السَّابِقِ) مِنْهُمَا بِأَنْ ادَّعَتْ سَبْقَهُ لِتَجِبَ لَهَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ فَأَنْكَرَهَا فَقَوْلُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ النَّفَقَةِ وَهُوَ يَدَّعِي سُقُوطَهَا (أَوْ جُهِلَ الْأَمْرُ) فَلَمْ يُعْلَمْ أَيُّهُمَا السَّابِقُ (فَقَوْلُهَا) يَعْنِي فَتَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُهَا فَلَا تَسْقُطُ بِالشَّكِّ.

    (وَإِنْ قَالَ) الرَّجُلُ لِزَوْجَتِهِ (أَسْلَمْتِ بَعْدَ شَهْرَيْنِ مِنْ إسْلَامِي فَلَا نَفَقَةَ لَكِ فِيهِمَا فَقَالَتْ) بَلْ أَسْلَمْتُ (بَعْدَ شَهْرٍ) فَلِي نَفَقَةُ الشَّهْرِ الْآخَرِ (فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِمَّا تَدَّعِيهِ وَاسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ (وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهَا أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ وَقَالَتْ أَسْلَمْتُ فِي الْعِدَّةِ وَقَالَ بَلْ) أَسْلَمْتِ (بَعْدَهَا فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إسْلَامِهَا فِي الْعِدَّةِ (وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ) مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ.

    (وَإِنْ قَالَ) الرَّجُلُ لِزَوْجَتِهِ وَقَدْ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ (أَسْلَمْتُ فِي عِدَّتِك فَالنِّكَاحُ بَاقٍ وَقَالَتْ بَلْ) أَسْلَمْتَ (بَعْدَ انْقِضَائِهَا) فَانْفَسَخَ النِّكَاحُ (فَ) الْقَوْلُ (قَوْلُهُ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءَ النِّكَاحِ (وَيَجِبُ الْمُسَمَّى بِالدُّخُولِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً كَانَتْ هِيَ الَّتِي أَسْلَمَتْ أَوْ هُوَ الَّذِي أَسْلَمَ لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ بِالدُّخُولِ فَلَمْ يَسْقُطْ بِشَيْءٍ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ مَا إذَا كَانَ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا.

    (وَسَوَاءٌ فِيمَا ذَكَرْنَا اتَّفَقَتْ الدَّارَانِ أَوْ اخْتَلَفَتَا) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْن كَوْنِهِمَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ الْحَرْبِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَالْآخَرُ بِدَارِ الْحَرْبِ لِأَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَسْلَمَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ وَامْرَأَتُهُ بِمَكَّةَ لَمْ تُسْلِمْ وَهِيَ حِينَئِذٍ دَارُ حَرْبٍ وَلِأَنَّ أُمَّ حَكِيمٍ أَسْلَمَتْ بِمَكَّةَ وَزَوْجُهَا عِكْرِمَةُ قَدْ هَرَبَ إلَى الْيَمَنِ ثُمَّ أَسْلَمَ الْمُتَخَلِّفُ وَأُقَرُّوا عَلَى أَنْكِحَتهمْ مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ وَالدَّارِ فَلَوْ تَزَوَّجَ مُسْلِمٌ مُقِيمٌ بِدَارِ الْإِسْلَامِ كِتَابِيَّةً بِدَارٍ الْحَرْبِ صَحَّ نِكَاحُهُ لِأَنَّهُ يُبَاحُ نِكَاحُهَا إذَا كَانَتْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ، فَأُبِيحَ نِكَاحُهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ كَالْمُسْلِمَةِ.

    فَصْلٌ إنْ ارْتَدَّا الزَّوْجَانِ مَعًا انْفَسَخَ النِّكَاحُ

    (فَصْلٌ وَإِنْ ارْتَدَّا) أَيْ الزَّوْجَانِ (مَعًا فَلَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ قَبْلَ الدُّخُولِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ) لِأَنَّ الِارْتِدَادَ اخْتِلَافُ دِينٍ وَقَعَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ فَوَجَبَ انْفِسَاخُ النِّكَاحِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَتْ تَحْتَ كَافِرٍ (أَوْ) ارْتَدَّ (أَحَدُهُمَا قَبْلَ الدُّخُولِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10] - إلَى قَوْلِهِ - {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ} [الممتحنة: 10] وَلِأَنَّهُ اخْتِلَافُ دِينٍ يَمْنَعُ الْإِصَابَةَ فَأَوْجَبَ النِّكَاحَ كَمَا لَوْ أَسْلَمَتْ تَحْتَ كَافِرٍ (وَيَسْقُطُ الْمَهْرُ بِرِدَّتِهَا) لِأَنَّ الْفَسْخَ مِنْ قِبَلِهَا.

    (وَ) يَسْقُطُ الْمَهْرُ أَيْضًا (بِرِدَّتِهِمَا مَعًا) لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ جِهَتِهَا، (وَيَتَنَصَّفُ) الصَّدَاقُ (بِرِدَّتِهِ) وَحْدَهُ، لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ جِهَتِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُول، (وَإِنْ كَانَتْ) الرِّدَّةُ (بَعْدَ الدُّخُولِ وُقِفَتْ الْفُرْقَةُ عَلَى الْعِدَّةِ) .

    فَإِنْ عَادَ الْمُرْتَدُّ لِلْإِسْلَامِ قَبْلَ انْقِضَائِهَا فَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ، وَإِلَّا تَبَيَّنَّا فَسْخَهُ مِنْ الرِّدَّة كَإِسْلَامِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بِخِلَافِ الرَّضَاعِ فَإِنَّهُ يُحَرِّمُهَا عَلَى التَّأْبِيدِ فَلَا فَائِدَةَ فِي تَأْخِيرِ الْفَسْخِ حَتَّى تَنْقَضِي الْعِدَّةُ، (وَيُمْنَعُ) الزَّوْجُ (مِنْ وَطْئِهَا) إذَا ارْتَدَّ أَوْ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ لِأَنَّهُ اشْتَبَهَتْ حَالَةُ الْحَظْرِ بِحَالَةِ الْإِبَاحَةِ فَغُلِّبَ الْحَظْرُ احْتِيَاطًا.

    (وَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِرِدَّتِهَا) لِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ لَهُ إلَى تَلَافِي نِكَاحِهَا فَلَمْ يَكُنْ لَهَا نَفَقَةٌ كَمَا بَعْدَ الْعِدَّةِ وَ (لَا) تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا (بِرِدَّتِهِ) لِأَنَّهُ يُمْكِنهُ تَلَافِي نِكَاحَهَا بِإِسْلَامِهِ، فَهُوَ كَزَوْجِ الرَّجْعِيَّة وَ (لَا) تَسْقُط نَفَقَتُهَا أَيْضًا (بِرِدَّتِهِمَا مَعًا) لِأَنَّ الْمَانِعَ لَمْ يَتَمَحَّضْ مِنْ جِهَتهَا (وَإِنْ) ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الدُّخُول أَوْ هُمَا وَوُقِفَ الْأَمْرُ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَ (وَطِئَهَا مَعَ الْوَقْفِ أُدِّبَ) لِفِعْلِهِ مَعْصِيَةً لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ.

    (وَوَجَبَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لِهَذَا الْوَطْءِ إنْ ثَبَتَ عَلَى الرِّدَّةِ) إنْ كَانَتْ مِنْهُمَا (أَوْ ثَبَتَ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا) عَلَى رِدَّتِهِ (حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ) لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّ النِّكَاحَ انْفَسَخَ مُنْذُ الرِّدَّةِ وَأَنَّ الْوَطْءَ فِي أَجْنَبِيَّةٍ، لَكِنْ لَهُ شُبْهَةُ تَدْرَأُ الْحَدَّ فَوَجَبَ لَهَا مَهْرٌ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا (وَيَسْقُطُ) مَهْرُ الْوَطْءِ حَالَ الْوَقْفِ (إنْ أَسْلَمَا) قَبْلَ انْقِضَائِهَا.

    (وَ) أَسْلَمَ (الْمُرْتَدُّ) مِنْهُمَا (قَبْلَ انْقِضَائِهَا) أَيْ الْعِدَّةِ، لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ وَطْءَ فِي زَوْجَتِهِ (وَيَجِبُ لَهَا الْمُسَمَّى) لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالْعُقْدَةِ وَاسْتَقَرَّ بِالدُّخُولِ فَلَمْ يَسْقُطْ بَعْدُ سَوَاءٌ كَانَتْ الرِّدَّةُ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا أَوْ مِنْهُمَا فَتُطَالِبُ بِهِ (إنْ لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْهُ) لِاسْتِقْرَارِهِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا حَالَ الْوَقْفِ فَإِنْ أَسْلَمَا أَوْ الْمُرْتَدُّ فِي الْعِدَّةِ: وَقَعَ الطَّلَاقُ.

    وَإِلَّا فَلَا (وَإِنْ انْتَقَلَا) أَيْ الزَّوْجَانِ الْكَافِرَانِ (أَوْ) انْتَقَلَ (أَحَدُهُمَا إلَى دِينٍ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ) كَالْيَهُودِيِّ يَتَنَصَّرُ أَوْ النَّصْرَانِيّ يَتَهَوَّدُ فَكَالرِّدَّةِ (أَوْ تَمَجَّسَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْكِتَابِيَّيْنِ فَكَالرِّدَّةِ) فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَتَوَقَّفُ بَعْدَهُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِأَنَّهُ انْتِقَالٌ إلَى دِينٍ بَاطِلٍ قَدْ أَقَرَّ بِبُطْلَانِهِ، فَلَمْ يُقَرَّ عَلَيْهِ كَالْمُرْتَدِّ وَكَذَا حُكْمُ كِتَابِيَّةٍ تَحْتَ مُسْلِمٍ إذَا تَمَجَّسَتْ أَوْ نَحْوَهُ.

    فَصْلٌ أَسْلَمَ حُرٌّ وَتَحْتَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ

    فَصْلٌ وَإِنْ أَسْلَمَ حُرٌّ وَتَحْتَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهِنَّ (أَوْ) لَمْ يُسْلِمْنَ وَ (كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ أَمْسَكَ أَرْبَعًا) مِنْهُنَّ وَلَيْسَ لَهُ إمْسَاكُهُنَّ كُلُّهُنَّ لِمَا رَوَى قَيْسُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ «أَسْلَمْتُ وَتَحْتِي ثَمَانِ نِسْوَةٍ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ اخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.

    وَرَوَى مُحَمَّدٌ بْنُ سُوَيْدٍ الثَّقَفِيّ «أَنَّ غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ فَأَسْلَمْنَ مَعَهُ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلًا (وَلَوْ كَانَ مُحْرِمًا) لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ اسْتِدَامَةُ النِّكَاحِ وَتَعْيِينٌ لِلْمَنْكُوحَةِ فَصَحَّ مِنْ الْمُحْرِمِ كَالرَّجْعَةِ بِخِلَافِ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ.

    وَلَهُ الِاخْتِيَارُ (وَلَوْ مِنْ مِئَاتٍ) لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الِاخْتِيَارِ بِحَالِ ثُبُوتِهِ وَهُوَ وَقْتُ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ كُنَّ أَحْيَاءٌ وَقْتَهُ (وَفَارَقَ سَائِرَهُنَّ) أَيْ بَاقِيهِنَّ (إنْ كَانَ) الزَّوْجُ (مُكَلَّفًا، سَوَاءٌ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عَقْدٍ أَوْ عُقُودٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَنْ أَمْسَكَ مِنْهُنَّ أَوَّلُ مَنْ عَقَدَ عَلَيْهِنَّ أَوْ آخِرُهُنَّ) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ.

    (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا بِأَنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا وَلَوْ كَانَ جُنُونُهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ (وُقِفَ الْأَمْرُ حَتَّى يُكَلَّفَ وَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ الِاخْتِيَارُ) لَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إلَى الشَّهْوَةِ فَلَا تَدْخُلهُ الْوِلَايَةُ (وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ (النَّفَقَةُ) لِجَمِيعِهِنَّ (إلَى أَنْ يَخْتَارَ) مِنْهُنَّ أَرْبَعًا لِأَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٍ لِأَجْلِهِ وَهُنَّ فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ.

    (وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ لَمْ يَقُمْ وَارِثُهُ مَقَامَهُ) فِي الِاخْتِيَارِ وَيَأْتِي حُكْمُ الْعِدَّةِ وَالْإِرْثِ (وَإِنْ أَسْلَمَ الْبَعْضُ) مِنْ الزَّوْجَاتِ (وَلَيْسَ الْبَوَاقِي كِتَابِيَّاتٍ إمْسَاكًا وَفَسْخًا فِي مُسْلِمَةٍ خَاصَّةٍ) إنْ زَادَتْ الْمُسْلِمَاتُ عَلَى أَرْبَعَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ وَاحِدَةً مِمَّنْ لَمْ يُسْلِمْنَ لِعَدَمِ حِلِّهَا لَهُ.

    (وَلَهُ) أَيْ مِمَّنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَ فَأَسْلَمَ بَعْضُهُنَّ وَبَقِيَ الْبَعْضُ (تَعْجِيلُ إمْسَاكٍ مُطْلَقًا وَ) لَهُ (تَأْخِيرٌ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْبَقِيَّةِ أَوْ يُسْلِمْنَ) فَمَنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ ثَمَانُ نِسْوَةٍ فَأَسْلَمَ مِنْهُنَّ خَمْسٌ فَلَهُ اخْتِيَارُ أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ، وَلَهُ الِاخْتِيَارُ إلَى أَنْ يُسْلِمَ الْبَوَاقِي أَوْ تَنْقَضِي عِدَّتُهُنَّ.

    (وَصِفَةُ الِاخْتِيَارِ: اخْتَرْتُ نِكَاحَ هَؤُلَاءِ، أَوْ اخْتَرْتُ هَؤُلَاءِ أَوْ أَمْسَكَتْهُنَّ أَوْ اخْتَرْتُ حَبْسَهُنَّ أَوْ) اخْتَرْتُ (إمْسَاكَهُنَّ أَوْ) اخْتَرْتُ (نِكَاحَهُنَّ أَوْ أَمْسَكَتْ نِكَاحَهُنَّ أَوْ ثَبَتَ نِكَاحُهُنَّ أَوْ ثَبَّتُّهُنَّ أَوْ أَمْسَكْتُ هَؤُلَاءِ أَوْ تَرَكْتُ هَؤُلَاءِ أَوْ اخْتَرْتُ هَذِهِ لِلْفَسْخِ أَوْ) اخْتَرْتُهَا (لِلْإِمْسَاكِ وَنَحْوَهُ) كَأَبْقَيْتُ هَذِهِ وَبَاعَدْتُ هَذِهِ.

    (وَإِنْ قَالَ لِمَنْ زَادَ عَلَى أَرْبَعَ: فَسَخْتُ نِكَاحَهُنَّ كَانَ اخْتِيَارًا لِلْأَرْبَعِ) لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ (فَإِنْ قَالَ سَرَّحْتُ هَؤُلَاءِ أَوْ فَارَقْتُهُنَّ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا لَهُنَّ) إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ (وَلَا اخْتِيَارًا لِغَيْرِهِنَّ) لِأَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِيهِ (إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ) فَيَعْمَلُ بِمَا نَوَاهُ لِأَنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُهُ، وَالنِّيَّةُ مُعَيِّنَةٌ لِلْمَقْصُودِ (وَالْمَهْرُ لِمَنْ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا بِالِاخْتِيَارِ إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا) لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ بِالدُّخُولِ فَلَمْ يَسْقُطْ.

    (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (فَلَهَا مَهْرُهَا) لِأَنَّ النِّكَاحَ ارْتَفَعَ مِنْ أَصْلِهِ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ ابْتِدَائِهِ وَاسْتِدَامَتِهِ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ (وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْفُرْقَةَ) بِشَرْطٍ.

    (وَلَا) يَصِحُّ تَعْلِيقُ (الِاخْتِيَارِ بِشَرْطٍ) فَلَا يَصِحُّ: كُلَّمَا أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ فَلَقَدْ اخْتَرْتُهَا، أَوْ كُلُّ مَنْ دَخَلَتْ دَارَ فُلَانٍ فَقَدْ فَارَقْتُهَا وَنَحْوَهُ لِأَنَّ الشَّرْطَ قَدْ يُوجَدُ فِيمَنْ يُحِبُّهَا فَيُفْضِي إلَى تَنْفِيرِهِ وَلِذَلِكَ لَمْ تَدْخُلْ الْقُرْعَةُ فِيهِ فَإِنْ عَلَّقَ الْفَسْخَ بِشَرْطٍ وَأَرَادَ بِهِ الطَّلَاقَ فَفِيهِ وَجْهَانِ أَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ.

    (وَ) يَصِحُّ (فَسْخُ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ لَمْ يَتَقَدَّمهَا) أَيْ لَمْ يَتَقَدَّمْ فَسْخَ نِكَاحِهَا (إسْلَامُ أَرْبَعٍ) قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَلَوْ اخْتَارَ أَوَّلًا فَسْخَ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ صَحَّ إنْ تَقَدَّمَهُ (إسْلَامُ أَرْبَعٍ) قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَلَوْ اخْتَارَ أَوَّلًا فَسْخَ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ صَحَّ إنْ تَقَدَّمَهُ إسْلَامُ أَرْبَعٍ سِوَاهَا وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ بِحَالٍ.

    وَقَالَ فِي الْمُغْنِي: وَإِنْ اخْتَارَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَ، أَوْ اخْتَارَ تَرْكَ الْجَمِيع أُمِرَ بِطَلَاقِ أَرْبَعَ أَوْ تَمَامِ أَرْبَعَ لِأَنَّ الْأَرْبَعَ زَوْجَاتٍ لَا يَبِنَّ مِنْهُ إلَّا بِطَلَاقٍ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ.

    (وَعِدَّةُ ذَوَاتِ الْفَسْخِ مِنْ مُنْذُ اخْتَارَ) لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ حَصَلَتْ بِهِ (وَفُرْقَتُهُنَّ فَسْخٌ) لَا يَنْقُصُ بِهِ عَدَدُ طَلَاقِهِنَّ لَوْ عَقَدَ عَلَيْهِنَّ بَعْدُ (وَعِدَّتُهُنَّ كَعِدَّةِ الْمُطَلَّقَاتِ) لِأَنَّهُنَّ مُفَارِقَاتُ حَالَ الْحَيَاةِ (وَإِنْ مَاتَتْ إحْدَى الْمُخْتَارَاتِ أَوْ بَانَتْ مِنْهُ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ وَاحِدَةً مِنْ الْمُفَارَقَاتِ) لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا كَانَ لِعَارِضٍ وَقَدْ زَالَ.

    (وَتَكُونُ عِنْدَهُ عَلَى طَلَاقِ ثَلَاثٍ) يَعْنِي أَنَّ الْفَسْخَ لَا يُحْتَسَبُ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ لَيْسَ طَلَاقًا (وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ) مِنْ نِسَائِهِ مَا لِلْفَسْخِ وَمَا لِلْإِمْسَاكِ (أُجْبِرَ) عَلَى الِاخْتِيَارِ (بِحَبْسٍ ثُمَّ تَعْزِيرٍ) لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ حَقٌّ عَلَيْهِ فَأُلْزِمَ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ إنْ امْتَنَعَ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ (وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَخْتَارَ عَنْهُ) كَمَا يُطَلِّقُ عَلَى الْمُولِي لِأَنَّ الْحَقَّ هُنَا لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ (وَلَهُنَّ النَّفَقَةُ حَتَّى يَخْتَارَ) لِأَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٌ لِأَجْلِهِ وَتَقَدَّمَ.

    (فَإِنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً) مِنْهُنَّ اخْتَارَهَا لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي زَوْجَةٍ (أَوْ وَطِئَهَا فَقَدْ اخْتَارَهَا) لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي مِلْكٍ كَوَطْءِ الْجَارِيَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ.

    (وَإِنْ وَطِئَ الْكُلَّ تَعَيَّنَ) الْأَرْبَعَ (الْأُوَلُ لَهُ) أَيْ لِلْإِمْسَاكِ وَمَا عَدَاهُنَّ تَعَيَّنَ لِلتَّرْكِ (وَإِنْ ظَاهَرَ) مِنْ وَاحِدَةٍ (أَوْ آلَى مِنْهَا أَوْ قَذَفَهَا لَمْ يَكُنْ اخْتِيَارًا) لَهَا لِأَنَّ هَذِهِ كَمَا تَدُلُّ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْمَنْكُوحَةِ؛ تَدُلُّ عَلَى اخْتِيَارِ تَرْكِهَا فَيَتَعَارَضُ الِاخْتِيَارُ وَعَدَمُهُ فَلَا يَثْبُتُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا (فَإِنْ طَلَّقَ الْكُلَّ ثَلَاثًا أُخَرَ بِالْقُرْعَةِ أَرْبَعُ مِنْهُنَّ وَكُنَّ الْمُخْتَارَاتُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ بِهِنَّ) لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الطَّلَاقَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَ فَإِذَا أَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَى الْجَمِيعِ أُخْرِجَ الْأَرْبَعُ الْمُطَلَّقَاتُ بِالْقُرْعَةِ كَمَا لَوْ طَلَّقَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ لَا بِعَيْنِهِنَّ.

    (وَلَهُ نِكَاحُ الْبَوَاقِي بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْأَرْبَعِ) فَلَوْ كُنَّ ثَمَانِيًا فَكُلَّمَا انْقَضَتْ عِدَّةُ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمُطَلَّقَاتِ فَلَهُ نِكَاحُ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمُفَارَقَاتِ.

    (وَإِنْ مَاتَ) قَبْلَ الِاخْتِيَارِ (فَعَلَى الْجَمِيعِ أَطْوَلُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ عِدَّةِ وَفَاةٍ أَوْ ثَلَاثَةِ قُرُوءٍ إنْ كُنَّ مِمَّنْ يَحِضْنَ) لِتَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ بِيَقِينٍ لِأَنَّ عِدَّةَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مُخْتَارَةً أَوْ مُفَارَقَةً وَعِدَّةُ الْمُخْتَارَةِ عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَعِدَّةُ الْمُفَارَقَةِ ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ فَأَوْجَبْنَا أَطْوَلَهُمَا (وَعِدَّةُ حَامِلٍ بِوَضْعِهِ) لِأَنَّهُ لَا تَخْتَلِفُ عِدَّتُهَا.

    (وَ) عِدَّةُ (صَغِيرَةٍ وَآيِسَةٍ بِعِدَّةِ وَفَاةٍ) لِأَنَّهَا أَطْوَلُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ (وَالْمِيرَاثُ لِأَرْبَعَ) مِنْهُنَّ (بِقُرْعَةٍ) لِأَنَّ الْمِيرَاثَ بِالزَّوْجِيَّةِ وَلَا زَوْجِيَّةَ فِيهِمَا زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِ.

    (وَإِنْ اخْتَرْنَ جَمِيعُهُنَّ الصُّلْحَ) وَكُنَّ مُكَلَّفَاتٍ رَشِيدَاتٍ (جَازَ كَيْفَ مَا اصْطَلَحْنَ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُنَّ (وَمَنْ هَاجَرَ إلَيْنَا) مِنْ الزَّوْجَيْنِ (بِذِمَّةٍ مُؤَبَّدَةٍ أَوْ أَسْلَمَا) أَيْ الزَّوْجَانِ (أَوْ أَسْلَمَ) أَحَدُهُمَا (وَالْآخَرُ بِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ) بِاخْتِلَافِ الدَّارِ لِمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا اخْتِلَافُ الدِّينِ فَقَدْ مَضَى تَفْصِيلُهُ.

    (وَإِنْ أَسْلَمَتْ امْرَأَةٌ وَلَهَا زَوْجَانِ أَوْ أَكْثَرَ) مِنْ زَوْجَيْنِ (تَزَوَّجَاهَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَخْتَارَ أَحَدَهُمْ وَلَوْ أَسْلَمُوا مَعًا) قَالَ فِي الْإِنْصَافِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي مَحَلُّ وِفَاقٍ (وَإِنْ كَانَ) تَزْوِيجُهُمْ بِهَا (فِي عُقُودٍ فَالْأَوَّلُ صَحِيحٌ وَمَا بَعْدَهُ بَاطِلٌ) .

    (وَإِنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُخْتَانِ أَوْ امْرَأَةٌ وَعَمَّتُهَا أَوْ) امْرَأَةٌ (وَخَالَتُهَا) وَنَحْوَهُ (اخْتَارَ مِنْهُمَا وَاحِدَةً إنْ كَانَتَا كِتَابِيَّتَيْنِ أَوْ) كَانَتَا غَيْرُهُمَا كَمَجُوسِيَّتَيْنِ.

    (وَأَسْلَمَتَا مَعَهُ أَوْ) أَسْلَمَتَا (بَعْدَهُ فِي الْعِدَّةِ إنْ كَانَتْ عِدَّةً) بِأَنْ كَانَ دَخَلَ بِهِمَا لِمَا رَوَى الضَّحَّاكُ بْنُ فَيْرُوزِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «أَسْلَمْتُ وَعِنْدِي امْرَأَتَانِ أُخْتَانِ فَأَمَرَنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أُطَلِّقَ إحْدَاهُمَا» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ.

    وَفِي لَفْظٍ لِلتِّرْمِذِيِّ اخْتَرْ أَيَّهُمَا شِئْتْ وَلِأَنَّ الْمُبْقَاةَ امْرَأَةٌ يَجُوزُ لَهُ ابْتِدَاءً نِكَاحُهَا فَجَازَ لَهُ اسْتِدَامَتُهُ كَغَيْرِهَا، وَلِأَنَّ أَنْكِحَةَ الْكُفَّارِ صَحِيحَةٌ وَإِنَّمَا حُرِّمَ الْجَمْعُ وَقَدْ أَزَالَهُ كَمَا لَوْ طَلَّقَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ إحْدَاهُمَا وَلَا مَهْرَ لِغَيْرِ الْمُخْتَارَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا لِأَنَّهُ نِكَاحٌ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ فِي الْإِسْلَامِ أَشْبَهَ تَزَوُّجَ الْمَجُوسِيِّ أُخْتَهُ (وَإِنْ كَانَتَا) أَيْ اللَّتَانِ تَحْتَ مَنْ أَسْلَمَ (أُمًّا وَبِنْتًا) أَسْلَمَتَا مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ (فَسَدَ نِكَاحُ الْأُمِّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] .

    وَهَذِهِ أُمُّ زَوْجَتِهِ فَتَدْخُلُ فِي عُمُومِ الْآيَةِ وَلِأَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ الْبِنْتَ وَحْدَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ أُمُّهَا إذَا أَسْلَمَ فَإِذَا لَمْ يُطَلِّقْهَا وَتَمَسَّكَ بِنِكَاحِهَا فَمِنْ بَابِ أَوْلَى وَيَبْقَى نِكَاحُ الْبِنْتِ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِأُمِّهَا (وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهِمَا) أَيْ بِالْأُمِّ وَالْبِنْتِ فَسَدَ نِكَاحُهُمَا أَمَّا الْأُمُّ فَلِمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا الْبِنْتُ فَلِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ دَخَلَ بِأُمِّهَا (أَوْ) كَانَ دَخَلَ (بِالْأُمِّ) وَحْدَهَا (فَسَدَ نِكَاحُهَا) لِمَا تَقَدَّمَ وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَتْ إحْدَاهُمَا وَحْدَهَا.

    (وَإِنْ اخْتَارَ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ وَنَحْوَهُمَا) كَالْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا (لَمْ يَطَأْهَا) أَيْ الْمُخْتَارَةِ (حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ أُخْتِهَا) وَنَحْوِهَا لِئَلَّا يَجْمَعَ مَاءَهُ فِي رَحِمِ نَحْوِ أُخْتَيْنِ (وَكَذَلِكَ إذَا أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَ) فَلَا يَجْمَعُ مَاءَهُ فِي أَكْثَرَ مِنْ رَحِمِ أَرْبَعَ.

    (فَإِنْ كُنَّ ثَمَانِيًا وَاخْتَارَ أَرْبَعًا وَفَارَقَ الْبَاقِيَاتِ لَمْ يَطَأْ وَاحِدَةً مِنْ الْمُخْتَارَاتِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمُفَارَقَاتِ أَوْ يَمُتْنَ) يَعْنِي كُلَّمَا انْقَضَتْ عِدَّةُ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمُفَارَقَاتِ فَلَهُ وَطْءُ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمُخْتَارَاتِ (وَإِنْ كُنَّ خَمْسًا فَفَارَقَ إحْدَاهُنَّ) وَأَمْسَكَ أَرْبَعًا (فَلَهُ وَطْءُ ثَلَاثٍ مِنْ الْمُخْتَارَات وَلَا يَطَأُ الرَّابِعَةَ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّةُ الْمُفَارَقَةِ وَإِنْ كُنَّ سِتًّا فَفَارَقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُ وَطْءُ اثْنَتَيْنِ مِنْ الْمُخْتَارَاتِ)

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1