Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

The Democratic Prophet
The Democratic Prophet
The Democratic Prophet
Ebook212 pages2 hours

The Democratic Prophet

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

"Several studies were issued on the practice of shura in the life of the Prophet, but it did not go beyond the administrative aspect of his dignified life.
In this book Dr. Habash presents a new vision of the Holy Prophet’s democratic approach in legislation in particular, and stresses the democratic practice in legislation, where the legislation itself was constantly subject to forms of The democratic process before its decisions or even within the framework of its modification and copying.
The study observed dozens of situations in which the Noble Prophet modified verses and hadiths in response to the public's desire when they were issued by the real needs of society."
LanguageEnglish
PublisherLulu.com
Release dateOct 13, 2021
ISBN9781471798108
The Democratic Prophet

Read more from Mohammad Habash

Related to The Democratic Prophet

Related ebooks

Children's Religious For You

View More

Related articles

Reviews for The Democratic Prophet

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    The Democratic Prophet - Mohammad Habash

    The Democratic Prophet

    Mohammad Habash

    Translated by Ola Khaled Abou Hatab

    2021

    ABSTRACT

    Studies in The Democratic Features in The Struggle of Prophet Mohamad

    The Democratic Prophet

    لطبعة الثالثة 2021

    جميع الحقوق محفوظة

    المؤلف: د. محمد حبش

    هذه الطبعة من إصدار مركز الدراسات لبحوث التنوير والحضارة

    دار متخصصة بالدراسات الإنسانية وإخاء الأديان

    19 مدينة الشارقة للنشر- شارع محمد بن زايد- الشارقة- الإمارات

    هاتف: 0097165545544

    habash2005@gmail.com

    www.mohammadhabash.org

    Third Edition 2021

    All Rights Reserved

    Dr. Mohamad Habash

    This edition is issued by the Studies Center for Civilization and Enlightenment Research,

    The center specializes in human studies and brotherhood of religions

    Address: 19- Sharjah Publishing City - Sharjah - UAE

    Tel: 0097165545544

    habash2005@gmail.com

    www.mohammadhabash.org

    ﱡﭐ ﱉ ﱊ ﱋ  ﱌ ﱍ ﱎﱏ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗﱘ  ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟﱠ ﱡ ﱢ  ﱣ ﱤ ﱥﱦ ﱧ ﱨ ﱩ ﱪ ﱫ ﱠ

    [آل عمران: ١٥٩]

    "And by the mercy of Allah, you dealt with them gently.

    And had you (Muhammad PBUH) been severe and harsh-headed, they would have broken away from about you; so, pass over (their faults), and ask (Allah’s) forgiveness for them; and consult them in the affairs. Then when you have taken a decision, put your trust in Allah, certainly, Allah loves those who put their trust (in Him)."

    [ Al-Imran 158.]

    قَالَ رَسُولُ اللهِ (ﷺ): "الدِّينُ النَّصِيحَةُ.

    قُلْنَا: لِمَن؟

    قَالَ (ﷺ): للهِ ولِكِتَابِهِ ولِرَسُولِهِ ولِأَئِمَّةِ المُسلِمينَ وعَامَّتِهِم"

    رواه مسلم

    "(Al-Deen is Annasiha) The Religion is Advice …

    We said: To whom? O Messenger of Allah

    He (Messenger of Allah) said: To Allah, His Messenger, His Book, and to the Leaders of the Muslims and their common folk ¹

    Point of order

    It may seem shocking to use such a title in a time that lots of Islamic foundations still don’t believe in Democracy and they see in its deviation from Prophetic approach.

    It was the meaning, which propelled the beginning of the political Islam in the fifties to stone democracy and accusing the parliaments as Idols of the twentieth century and calling for the need to disavow it and its legislative implications which has been described as directly opposing Sharia.

    Although these voices faded in the 1980s and 1990s of the last century as a result of the efforts of scientists in clarifying democracy,

    But today they have a large audience after the misery brought by the Arab Spring in the affected countries, which painted black picture of democratic hopes, thus seriously offended the democratic Islamic Dialogue, so offended the dialogue between Muslims and the world, and enhanced opportunities for extremism and radicalism and thus brought the democratic project back several decades in the Middle East.

    This study hopes to illuminates the glorious aspects of the struggle of the Noble Prophet (PBUH) as a true democratic leader who worked honestly and courageously for the service of human, and fought against tyranny, theocracy and autocratic regimes, and he fought for a society of freedom, justice and democracy, which believes in fraternity of religions and human dignity.

    نقطة نظام

    قد يبدو صادمًا أن تستخدم عنوانًا كهذا في وقت ما تزال فيه كثير من المؤسسات الإسلامية لا تؤمن بالديمقراطية، وترى فيها انحرافاً عن نهج النبوة، وهو المعنى الذي دفع طلائع الإسلام السياسي في الخمسينات إلى رجم الديمقراطية بالحجارة واتهام البرلمانات بأنَّها أوثان القرن العشرين والدعوة إلى وجوب البراءة منها ومن تبعاتها التشريعية التي وُصفت بأنها مناوئة مباشرة للشرع.

    ومع أن هذه الأصوات خفتت في الثمانينيَّات والتسعينيَّات من القرن الماضي؛ نتيجة جهود العلماء في توضيح الديمقراطية، ولكنها اليوم عادت تحظى بجمهور كبير بعد البؤس الذي عاد به الربيع العربي في الدول المنكوبة، الأمر الذي رسم صورة سوداء للآمال الديمقراطية، وبالتالي أساء غاية الإساءة للحوار الإسلامي الديمقراطي، والحوار بين المسلمين والعالم، وعزَّز فرص التطرف والراديكالية ومن ثَمَّ أعاد المشروع الديمقراطي عقودًا عدَّة إلى الوراء في الشرق الأوسط.

    تأمل هذه الدراسة أن تضيء على جوانب مجيدة من كفاح الرسول الكريم بوصفه قائدًا ديمقراطيًا حقيقيًا عمل بصدق وشجاعة من أجل خدمة الإنسان، وناضل ضد الاستبداد والثيوقراطية والأوتوقراطية، وكافح من أجل مجتمع عدالة وحرية وديمقراطية يؤمن بإخاء الأديان وكرامة الإنسان.

    تمهيد

    أعلن النبي الكريم ولادة دولة المدنية تتويجاً لنضالٍ ديمقراطي فريد استمر ثلاثة عشر عامًا واكتمل في يوم خالدٍ مطلع ربيع الأول من السنة الأولى للهجرة الموافق عام 622 ميلاديَّة، يوم غنَّت صبايا المدينة في يوم سلام وفرح وزهور احتفالاً بقيام الدَّولة الإسلاميَّة الأولى الأغنية الرائعة:

    لقد شهد المشروع النبوي لبناء دولة المدنية والعدالة خمس محاولات متتابعة، اتصفت كلُّها بالسلمية التَّامة، وقد أخفقت أربعة منها فيما كتب للخامسة النجاح والنصر.

    كانت أوَّل محاولة لإقامة الدولة المسلمة في مكة المكرمة، وكانت مكة هي الأرض المناسبة للتبشير بالرسالة فهي قبلة إبراهيم ومحجُّ العرب وبلد الكعبة والركن والمقام وفيها مشاعر العرب ومآثر العرب وأسواق العرب.

    ولكن هذه المحاولة واجهت صدوداً كبيراً من قبل سراة قريش، وحين تيقنوا من طبيعة المشروع الجديد الهادف إلى قيم الحرية والعدالة والمساواة رفضوا ذلك بشكل قاطع، وكانت معظم اعتراضاتهم على المشروع النبويِّ بأنه دعوة رعاع لا تقيم شأنًا للامتيازات القبلية وأنه يسوي بين السادة والعبيد.

    بعد عشر سنوات من المحاولة لم ينجح مشروع الرسول الكريم في قيام الدولة الإسلاميِّة وحاصرت قريش المشروع بضراوة وقتلت عددًا من المؤمنين واضطهدت بشكل وحشي عددًا من العبيد والنساء، وحاصرت المؤمنين في شُعب ضيق، وخططت جديِّاً لقتل الرسول نفسه مما اضطره للخروج من مكة.

    أمَّا المحاولة الثانيَّة فقد كانت في الطائف، فقد ذهب إليها الرسول الكريم بنفسه، ولكن الطائف لم تكن أحسن جواباً، فقد رفضت الرسالة ورفضت الرسول، وطردت النبي الكريم من الطائف ولم تقبله حتَّى بوصفه لاجئًا سياسيَّاً، وأغْرَت صبيانها وسفهاءها فضربوه بالحجارة حتَّى سال الدم من رأسه إلى أخمص قدميه.

    أما المحاولة الثالثة فقد كانت في الحبشة، وبعد هجرتين اثنتين أوفد فيهما الرسول الكريم عددًا من كبار رجال مكة وأشرافها كجعفر بن أبي طالب وعثمان بن عفان، مع المهاجرين المضطهدين، ومع النجاح الكبير الذي صادفه المهاجرون والصلة العميقة التي بنوها مع الملك نفسه، تأكد لهم أنَّ الحبشة تصلح أرض لجوء لا أرض هجرة.

    أما المحاولة الرابعة فكانت صوب الحيرة، وقد التقى النبي الكريم في موسمين متتاليين بزعماء الحيرة هانئ بن قبيصة والمفروق بن عمرو والمثنى بن حارثة الشيباني ولم تصل المفاوضات إلى نتيجة إيجابية واكتفى القوم بإعلان احترامهم للرسول دون موافقة على حماية الرسول والرسالة.

    أما المحاولة الخامسة فكانت صوب يثرب، وقد استمر الإعداد لها ثلاثة مواسم متتالية منذ التقى الرسول وفد الخزرج برئاسة إياس بن معاذ، الذي توفي بعد ذلك في ظروف غامضة، وكذلك صاحبه أبو الحيسر ثم كانت في الموسم التالي بيعة العقبة الأولى، وفي الموسم الثالث بيعة العقبة الكبرى التي صادفت السنة الثانية عشرة للبعثة وشهدها اثنان وسبعون رجلاً من الأنصار وامرأتان وكانت إيذاناً بانطلاق الهجرة إلى المدينة.

    لا أبتغي هنا تقديم سرد للسيرة النبوية ولكنني معنيٌّ بجانب واحد وهو أن الرسول الكريم في هذه المحاولات الخمس لم يستخدم إلا الدعوة والحوار والحجة والموعظة الحسنة، وعلى الرغم مما واجهه من صدود واضطهاد واعتداء وقتل لعدد من الصحابة، فإنه أصرَّ على مبادئه السلمية، ونقول بكلِّ ثقة إنه ليس في كتب المؤمنين بالرسالة ولا في كتب الكارهين للرسالة أيُّ رواية صحيحة أو حسنة أو ضعيفة تشير إلى أن رسول الله استخدم في محاولاته الخمس أيَّ قطعة من السلاح، ولا حتَّى سكين مطبخ، ولم يلجا إلى أيِّ لون من العنف!.

    ولا يستطيع أحد على الإطلاق أن يشير في أيِّ سياقٍ إلى أنَّ الرسول الكريم قام بإرسال أفراد مسلحين للقيام بأعمال معينة لتخفيف الضغظ المرير والحصار الذي كان يعانيه، ولا حتَّى للإفراج عن الأسرى من المستضعفين الذين كانت قريش توثقهم في الحديد.

    كما أنه لم يشأ أن يعلن دولته في المدينة بعد العقبة الأولى حيث كان عدد المسلمين قليلًا، وإنما أعدَّ بعناية وصبر مشروعه السلمي ولم يتوجه إلى المدينة ولم يعلن دولته فيها إلا بعد أن صار له يقينًا أغلبية مريحة في المدينة تتجاوز خمسين بالمئة، وتسمح له بإعلان حكم ديمقراطي ترسمه الأغلبية.

    وتسمح لنا هذه الحقائق الاتفاقية التي لا يوجد حولها أيُّ جدل بين المؤمنين وغير المؤمنين، وبين الدراسات الروائية والدراسات التحليلية وكذلك الدراسات الاستشراقية. تسمح لنا هذه الحقائق الاتفاقية أن نقول بثقة إن النبي الكريم مارس نضالًا ديمقراطيًا نظيفًا تمامًا في قيام دولته وإعلان رسالته.

    وبعد أن نجح سلميًا في بناء الدولة على الأرض، أعلن عن قيام جيشه الوطني بعد ذلك تحت عنوان جيش الجهاد، ليقوم بواجبه في الدفاع عن الدولة والناس، وتأمين حماية الثغور، وكلُّ ما روي عن الرسول في العنف فهو بعد قيام الدولة وليس قبل قيامها، فالدولة هي التي جاءت بالجيش وليس الجيش هو من جاء بالدولة.

    وهكذا فإن هذه الدراسة معنية بإثبات حقيقة واحدة وهي أن الرسول الكريم قدَّم للعرب مشروعًا ديمقراطيًا متنورًا سواء في التشريع أم في الإدارة، وهي حقيقة نجتهد هنا لإثبات أنها لا تتناقض أبدا ًمع الوحي المعصوم بل تشدُّ أزره وتحقق رسالته وتبلغ به غايته، وتستلهم الأدوات التي منحنا إيَّاها النص نفسه في بعث العقل واستخدام الخبرة البشريَّة؛ للوصول إلى معرفة السنن الكونية التي عرفها الإنسان بعد عناء طويل، وسلَّم بها بيقين، وهي السنن التي يحق لنا أن نستخدمها في التشريع لما هو خير للعباد والبلاد.

    لقد عاش حياته في خدمة الأمة ولم يجمع ثروة طائلة، يأكل كما يأكل العبد وينام كما ينام العبد، وفي وثيقته الأولى التي كتبها دستورًا لدولة المدينة الناشئة يظهر احترام المواطنة على أساس من المساواة بغض النظر عن الدين والنسب، وحين رحل إلى الله لم يكن في وصيته فرض حكم ثيوقراطي على الناس، وإنما ترك الأمر شورى، وتمَّ تداول السلطة بعده في الخلافة الراشدة على وجه جيد من الشورى بغض النظر عن الأحساب والأنساب والثروات، قبل أن تتحول الخلافة إلى ملك عضوض.

    لقد كان موقفه عند الرحيل كموقفه عند الوصول ديمقراطياً حكيماً، فلم يدخل المدينة إلا ببيعة الأغلبية، وحين رحل لم يشأ أن يصادر الأغلبية في شخصه وترك الأمة شورى تختار من تشاء لمستقبلها وهو أدق فصول الديمقراطية والشورى.

    وقد أثار موقفه في الرحيل الغرابة نفسها التي أثارها موقفه في الوصول، فقد كانوا يتساءلون لمَ لمْ تحمله أجنحة الملائكة وهو رسول الله؟ وتساءلوا لم لمْ يسمِّ لهم من يخلفهم من بعده ويحسم الجدل الطويل؟

    أمَّا وصوله فقد كان تكريسًا للكفاح البشري، وتأكيداً على دور الإنسان في القيام بأمره، وأمَّا رحيله فقد كان تكريسًا لقيم الديمقراطية في الاختيار والشورى.

    قال لي أحد أصدقائي النصيين: أنا لا أصدق أن الرسول يتركنا دون تسمية خليفة... لو كان عندك دجاج أو أبقار أو أموال لكان من العقل أن توصي من بعدك من يلي أمرها، فكيف ترك رسول الله بيان ذلك؟

    قلت لمحاوري: إن رسول الله لم يخلِّف وراءه دجاجًا ولا غنمًا، وإنَّما خلَّف أمَّة يراد منها أن تكتب تاريخ العالم، والأمَّة التي تعجز عن اختيار قيادة لها بالشورى والديمقراطية هي أعجز من أن تكون صاحبة رأي أو قرار في قيام أيِّ نهضة.

    إن وقوفنا أمام معالم بشريته لن ينقص من حبِّنا واحترامنا لمقامه المعصوم، بل إنه سيعزز الاحترام لعطائه ورسالته، فهو بشر يأكل الطعام ويمشي في الأسواق، وما كان من قبله من المرسلين إلا بشراً يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، ولو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزَّل الله عليهم من السماء ملكًا رسولًا.

    إنها ليست قراءة علمانية لحقائق الغيب، ولكنها نصوص الكتاب العزيز نقدمها كما رواها صاحب التنزيل، ﭐﱡﭐ ﱐ ﱑ ﱒ ﱓ ﱔ ﱕ ﱖ ﱗ ﱘ ﱙ ﱠ [النجم: ٤ - ٥] وهي نصوص أشارت  في 118 موضعًا إلى كونه بشرًا يكافح على الأرض من أجل بناء الإنسان والحياة.

    وفي كفاحه على الأرض كان يواجه قومه بحوار العقل، ولكنهم كانوا يطالبونه بالمعجزات، على ما هي عادة الشعوب الواهنة حين تُبعث فيهم الأنبياء، ولكن سياق رسالته كان يتأبى على منطق الخوارق، فقد كان الرجل صاحب زند وجد، وكفاح وجراح، وكان يؤذن في البشرية بعصر جديد يحكم فيه العقل وتنسحب الخوارق.

    قالوا له: اخرق لنا الجبال وافتق لنا الأرض! فقال لهم: وقل اعملوا فسيرى الله عملكم. ومراراً كانوا يسألونه الخوارق، ويذكرونه بمواهب الأنبياء من قبله في هذا السبيل، ويسألونه: أنت نبي؟ لِمَ لم تؤيدك السماء بمثل طوفان نوح ونار الخليل؟ أين هي عصا موسى منك؟ وأين هي كف المسيح؟ ولن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً، أو تكون لك جنة من نخيل وأعناب فتفجر الأنهار خلالها تفجيراً، أو تسقط السماء علينا كما زعمت كسفاً أو تأتي بالله والملائكة قبيلاً أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزِّل علينا كتاباً نقرؤه... إلى آخر القائمة الطويلة من المطالب والتحدي...

    ولكن جوابه لم يكن يزيد عن كلمة واحدة: قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرًا رسولًا!

    كانوا يسألونه بكل صيغ التحدي يطلبون منه آية من تلك التي أخبر بها عن تاريخ الأنبياء، كان الجواب صارماً: قل إني على بينة من ربي وكذبتم به ما عندي ما تستعجلون به! ولو أن عندي ما تستعجلون به لقضي الأمر بيني وبينكم.

    وحين كانت طبيعته البشرية تتألم للابتزاز كان يبسط يديه للسماء رجاء أن تأتيه عجائب الأنبياء من قبله، ولكن كانت السماء تضنّ عليه بذلك وتأمره مرة أخرى باستئناف الكفاح البشري، وقالوا: لولا أنزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون.

    وقالوا: لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين.

    إن الإيمان الذي يأتي بالخوارق يرحل برحيلها، ولا معنى لرسالة جاءت لإنقاذ البشرية أن تعتمد في براهينها على المخاريق والعجائب.

    وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون. 

    وحين استيئس ذات يوم وأعرب بجرأة عن قناعته بضرورة مجيء المعجزات في كفاحه، على سنن من قبله من الأنبياء جاء القرآن بجواب غير متوقع ولا مألوف يتضمن تأنيبًا شديدًا: وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقًا في الأرض أو سلمًا في السماء فتأتيهم بآية ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين، إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثمَّ إليه يرجعون!

    إنها باختصار رسالة العقل، وهي آتية على غير نسق الأنبياء في الخوارق والعجائب، تحمل الناس إلى عصر المعرفة والعلم والنور.

    هكذا اختار له الله مكانه بين الأنبياء ينطلق في خدمة العالم، يقرأ أسرار الكون ويبني على سنن الآفاق والأنفس، عماد رسالته العقل والبرهان، يلهب زفيره كفاح الأحرار، ويوري بزنده نار الفداء.

    إنها محاولة لقراءة الرسول الكريم رجل الكفاح الديمقراطي، آمن بالعدالة وكفر بالاستبداد، وعملَ للحرية وقارع الظلم، وأنجز المساواة في أوضاع المجتمع الجاهلي، وعمل بإخلاص وكفاءة لبناء مجتمع العدالة والتنمية في الأرض.

    إنه النبي الذي أعلن ختم النبوات، ونهاية الاتكاء على

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1