Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

تأملات
تأملات
تأملات
Ebook307 pages1 hour

تأملات

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

تأملات ماركوس أوريليوس في هذا العمل الخالد، يقدم أوريليوس، الفيلسوف الرواقي والإمبراطور الروماني، مجموعة من التأملات الشخصية والرؤى الفلسفية التي تستمر في صدى مع القراء عبر القرون ضمن صفحات "تأملات"، يشارك أوريليوس أفكاره العميقة حول الحياة والفضيلة والواجب وطبيعة الحالة الإنسانية. من خلال سلسلة من المقاطع العميقة، يدعو القراء إلى التفكير في المبادئ العالمية التي تحكم الوجود واحتضان قوة العقل والانضباط الذاتي في مواجهة تحديات الحياة عندما تتعمق في تأملات أوريليوس، ستواجه حكمة تتجاوز حدود الزمن والثقافة، وتقدم إرشادات حول كيفية تنمية السلام الداخلي، وإيجاد الهدف في الشدائد، والعيش بنزاهة في عالم مليء بالاضطرابات وعدم اليقين "التأملات" ليست مجرد أطروحة فلسفية ولكنها رفيق خالد لأي شخص يبحث عن الوضوح والمرونة والمعنى في رحلته عبر الحياة. انضم إلى ماركوس أوريليوس في رحلة لاكتشاف الذات والتنوير، واكتشف الأهمية الدائمة لرؤاه في عالم اليوم

Languageالعربية
Publishertevoi
Release dateMay 9, 2024
تأملات

Related to تأملات

Related ebooks

Related categories

Reviews for تأملات

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    تأملات - ماركوس أوريليوس

    الكتاب الأوَّل

    أفضالٌ ودروس

    1. من جدِّي «فيروس»¹ تعلَّمتُ الخُلُق وضبطَ النَّفس.

    2. ومن ذكرياتي الشخصيَّة عنه، ومن سُمعته، تعلَّمت من أبي² الأمانةَ والرجولة.

    3. ومن أمِّي³ تعلَّمتُ تقديسها للإله، وكرمَها، وتعفُّفَها عن ارتكاب الأخطاء، ليس هذا فحسب بل حتَّى تخيُّل نفسها تفعله. وتعلَّمت بساطة العيش -بساطة، في الأقلِّ لا نعهدُها لدى الأغنياء.

    4. ومن جدِّي الأعلى⁴ تعلَّمت تجنُّبَ المدارس العامَّة، وتوظيفَ معلِّمين خاصِّين جيِّدين، وقبولَ إنفاق المال في مثل ما يليق به الإنفاق.

    5. ومن معلِّمي الأوَّل⁵ تعلَّمت ألَّا أشجِّعَ هذا الجانب أو ذاك في سباق العربات، أو هذا الْمُجالِد أو ذاك في المباريات. وأن أتحمَّل المشقَّة ولا أتذمَّر. وأن أؤدِّي عملي الخاصَّ، وأنصرف إلى شؤوني، ولا أضيِّع وقتاً مع الـمُفترين.

    6. ومن «ديوغنيتوس» تعلَّمت ألَّا أضيِّع وقتاً في التفاهات. وألَّا أُؤخذ بالدَّجَّالين والمشعوذين، وأنجذبَ إلى حديثهم عن التعاويذ وطرد الأرواح الشريرة، وما شابه. وألَّا أُهوسَ بتربية طيور السُّمانى المعدَّة للعراك أو أيِّ جنون مثل هذا. وألَّا أُصيخ السمع للحقائق غير المرغوب فيها. وأن أتدرَّبَ على الفلسفة وأدرسها مع «باخيوس»، ومع «تانداسيس»، و«ماركيانوس»، وأن أكتب المحاورات مثل أيِّ طالب، وأن أختار نمط الحياة الإغريقيَّة -سرير المخيَّم والعباءة⁶.

    7. ومن «روستيكوس»⁷ تعلَّمت الاعتراف بأنَّني كنت في حاجة إلى تدريب شخصيَّتي وتأديبها، وألَّا أنحرفَ إلى اهتمامي بالخطابة، وألَّا أكتبَ رسائل حول أسئلة مجرَّدة، أو ألقي خطباً وعظيَّة صغيرة، أو أؤلِّف أوصافاً خياليَّة عن الحياة البسيطة لرجل يعيش من أجل الآخرين فحسب، بل تعلَّمت أن أبتعدَ عن الخطابة والشِّعر، أو الأدب المحض. وألَّا أرتديَ ملابسَ رسميَّة لأتجوَّل في المنزل فحسب، أو أقوم بأفعال من هذا القبيل. وأن أكتبَ رسائلَ بسيطة مباشرة (مثل الرسالة الَّتي أرسلتها إلى أمِّي من سينويسَّا). وأن أسلك سلوكاً تصالحيّاً حينما يريد الأشخاص الَّذين أغضبونا أو أزعجونا أن يجنحوا إلى الصلح. تعلَّمت أن أقرأ بتمعُّن -فلا أكتفي بـــ «أن أحصل على الخلاصة» فقط، وألَّا أقبلَ كلَّ كلام ناعم. وإنَّي لمدين له، لأنَّه عرَّفني «محاضرات إيبيكتيتوس»⁸، وأعارني نسخته الخاصَّة.

    8. ومن «أبولونيوس»⁹ تعلَّمت الاستقلاليَّة والموثوقيَّة الَّتي لا تتزعزع، وألَّا أعيرَ انتباهي إلى شيء مهما كان زائلاً، باستثناء العقل. وأنا أبقى نفسيَ في جميع الظروف -في الألم الشديد، وفي فقدان الولد، وفي المرض المزمن. وأن أعيَ بوضوح، من مِثالِه، أنَّ الرجل يمكن أن يُظهرَ معاً كلّاً من القوَّة والمرونة.

    تعلَّمت منه صبره في التدريس. وأرى بأمِّ عيني إنساناً يرى أنَّ خبرتَه ومهارتَه كمعلِّم أقلُّ فضائله. وتعلَّمت منه أيضاً كيف أقبل امتيازات أصدقائي من دون أن أفقدَ احترامي لنفسي أو أبدو جاحداً.

    9. ومن «سيكستوس»¹⁰ تعلَّمت العطف، ومثالاً على السلطة الأبويَّة في المنزل، وما يعني أن نعيشَ كما تتطلَّب الطبيعة. التصرُّف بكرامة من دون تكبُّر. أن أُظهرَ تعاطفاً فطريّاً مع الأصدقاء، وتسامحاً مع قليلي الخبرة والمفكِّرين المستهترين. تعلَّمت منه قدرته على التعايش مع الجميع: رفقتُه كانت أعظم إطراء، وفرصة لجلب الشرف لجلسائه.

    تعلَّمت أن اكتشفَ وأحلِّل المبادئ الضروريَّة الَّتي ينبغي لنا أن نعيش حيواتنا وفاقاً لها بالتفهُّم والمنطق. وألَّا يتملَّكني الغضب، أو أيُّ مشاعر انفعاليَّة أخرى. أن أكون متحرِّراً من العاطفة، ومع ذلك يملؤني الحبُّ. تعلَّمت أن أمدحَ من دون استخدام كلام طنَّان، وأن أُظهرَ الخبرة من دون ادِّعاء.

    10. من «الإسكندر» الناقد الأدبيِّ تعلَّمت ألَّا أتصيَّد أخطاءَ الناس باستمرار، وعلى وجه الخصوص ألَّا أُقرِّعهم كلَّما ارتكبوا خطأً في استخدام مفردة، أو خطأً نحويّاً، أو في نطق كلمة ما، بل ببساطة أُجيب عن سؤالهم أو أضيف مثالاً آخرَ، أو أناقش المسألة نفسها (وليس صياغتهم لها) أو أقدِّم إسهامات جديدة إلى النقاش، وأطرح التعبير الصحيح على نحوٍ لبقٍ.

    11. ومن «فرونتو»¹¹ تعلَّمت أن أتعرَّف الحقدَ والمكرَ والرياءَ، ما تمارسه السُّلطة، والقسوة الغريبة الَّتي يُبديها غالباً أبناءُ «الأُسر النبيلة».

    12. من «الإسكندر الأفلاطونيِّ» تعلَّمت ألَّا أخبرَ الناس باستمرار (أو أكتب لهم) بأنِّي مشغول جدّاً، إلَّا إذا كنت كذلك حقّاً. وبالمثل، ألَّا أتخلَّى دائماً عن مسؤوليَّاتي تجاه الناس من حولي بسبب «الأعمال الملحَّة».

    13. من «كاتولوس» تعلَّمت ألَّا أتجاهل امتعاض صديق -حتَّى لو كان امتعاضاً غير مُسوَّغ- بل أحاول إعادة الأمور إلى مسارها الصحيح. وتعلَّمت أن أُظهرَ لأساتذتي الاحترام من دون تذمُّر (كما في حكاية «دوميتيوس» و«آثينودوتوس»)، وأن أُظهرَ لأولادي حبّاً صادقاً.

    14. من أخي «سيفيروس» تعلَّمت أن أحبَّ أسرتي، وأن أحبَّ الصدقَ والعدلَ. وبسببه فهمت «ثراسيا»، و«هيلفيديوس»، و«كاتو» و«ديون» و«بروتوس»، وتصوَّرت مجتمعاً فيه الجميع متساوون تحت سلطة القانون، تحكمه المساواة في المكانة والرأي، والحكَّام فيه يحترمون حرّيَّة رعاياهم قبل كلِّ شيء.

    ومنه أيضاً تعلَّمت أن أوقِّر الفلسفة توقيراً ثابتاً لا يتزعزع. وأن أقدِّم المساعدة للآخرين، وأن أحرص على أن أكون عنصراً فعَّالاً. وألَّا أكون متشائماً، وألَّا أشكَّ أبداً في مشاعر الأصدقاء، وأنَّه حينما لا يوافق الناسَ، فلأنَّهم يعرفون ذلك دائماً. وأنَّ أصدقاءه لم يضطرُّوا قطُّ إلى التكهُّن بموقفه من أيِّ شيء، فقد كان واضحاً دائماً.

    15. من «ماكسيموس»¹² تعلَّمت ضبط النفس ومقاومة النزوات، والتفاؤلَ عند الشدائد -ولا سيَّما في المرض. وتوازنَ الشخصيَّة: الوقار اللطيف في آن معاً. تعلَّمت أن أنجز عملي من دون شكوى.

    كما تعلَّمت منه ثقة الآخرين بأنَّ ما أقوله هو ما أفكِّر فيه، وأنَّ ما أفعله إنَّما أفعله دونما حقد. وألَّا أُفاجأ أو أقلق. وألَّا أتعجَّل ولا أتردَّد -أتحيَّر أو أتوه. ألَّا أتذلَّل، ولا أكون عدوانيّاً، ولا معتدّاً بنفسي أيضاً.

    تعلَّمت منه الكرم، وعمل الخير، والأمانة. وكان يتَّخذ طريقه بإرادته لا كرهاً منه. ولم يُشعر أحداً بأنَّه تفضَّل عليه أو وضعه في موقف تفضُّل. كما وامتلك حسَّ الدعابة.

    16. من أبي بالتبنِّي¹³ تعلَّمت التعاطف، والالتزام الصادق بالقرارات ما إنْ يخلص إليها، وعدم الاهتمام بالتكريم الزائف. والعملَ بجدٍّ، والإصرارَ، والاستماعَ إلى أيِّ شخص يمكن أن يُسهم في الصالح العامِّ.

    تعلَّمت منه إصراره الدؤوب على معاملة الناس كما يستحقُّون، فقد كان يعرف متى يشتدُّ، ومتى يلين. تعفَّف عن ملاحقة الغِلمان¹⁴. تعلَّمت منه إيثاره؛ فلم يكُ يتوقَّع من أصدقائه أن يسلُّوه حول مائدة العشاء، ولا أن يسافروا معه (إلَّا إذا أرادوا ذلك) وأيُّ واحد وجب عليه البقاء في الخلف ليهتمَّ بشيء ما، دائماً ما يجده على حاله حين يعود.

    كان يسأل ويبحث في المجالس؛ له عقل متفرِّد، فهو لا يكتفي أبداً بالانطباع الأوَّل، أو يقطع المناقشة قبل الأوان. وكان ثابتاً مع أصدقائه -لا يملُّهم البتَّة، ولا يفضِّل أحدهم على آخر. كان معتمداً على نفسه أبداً، ودائم الابتهاج. يخطِّط مسبقاً لأيِّ فعل، ويتدبَّر أدقَّ التفاصيل. يرفض أيَّ تهليل له، وكلَّ محاولات مجاملته. كان يتفانى في تلبية احتياجات الإمبراطوريَّة. مُدبِّراً في إنفاق الخزينة، ومستعدّاً لتحمُّل المسؤوليَّة -وتلقِّي اللوم- في كلتا الحالين.

    لم يكُ ثمَّة مكان للخرافة في موقفه من الآلهة، ولا دهماويَّة في موقفه من الرجال، ولا مداهنة. وليس ثمَّة إشباع لشهوات الآخرين. كان رزيناً دائماً، وثابتاً، ولم يكُ مبتذلاً قطُّ، ولا فريسة للبدع. تعامل مع وسائل الراحة الَّتي وفَّرتها الثروة له على نحو وفير، من دون غطرسة، ومن دون أسف. فإذا كانت ثمَّة ثروة انتفع بها، وإذا لم توجد، لم يفتقدها. لم يدعُه أحدٌ يوماً بزلِق اللسان، أو الصفيق، أو المتحذلق. رأوه كما حقيقته؛ رجلاً اختبرته الحياة، بارعاً لا ينطلي عليه التملُّق، مؤهَّلاً ليديرَ شؤونه وشؤونهم.

    كان يحترم أولاء الَّذين يحترفون الفلسفة -أقلّه أولاء المخلصين لها. إنَّما من دون أن يشوِّه سمعة الآخرين، أو يستمع إليهم. ولطالما كان يشعر بالراحة في حضرة الآخرين، ويجعلهم مرتاحين في حضرته أيضاً من دون أن يكونَ متغطرساً. وكان يولي نفسه عناية فائقة. ولم يكُ كذلك موسوساً بصحَّته أو مهووساً بمظهره الشخصيِّ، لكنَّه لم يتجاهل هذا الجانب أيضاً. ونتيجة لذلك لم يحتجْ يوماً إلى أيِّ رعاية طبّيَّة، أو أدوية، أو أيِّ نوع من الدهون.

    وعلى وجه الخصوص، رغب دائماً في إعطاء الكلمة للخبراء -في الخطابة، والقانون، وعلم النفس، وغيرها من العلوم-ودعَمَهم بقوَّة، بحيث يتمكَّن كلُّ واحد منهم من الوصول إلى مكانته. وكان يحترم التقاليد من دون الحاجة إلى تهنئة نفسه باستمرار لأنَّه حامي حمى القيم التقليديَّة. لم يكُ ميَّالاً إلى البقاء في الظلال، أو الانجراف في كلِّ الاتِّجاهات، بل التصق بالأماكن القديمة نفسها، والأشياء القديمة نفسها. وبُعيد نوبة الصداع النصفيِّ الَّتي كانت تنتابه، كان يعود مباشرة إلى ما كان يعمله -نشيطاً وفي قمَّة عطائه. لم يكُ يخفي من الأسرار إلَّا القليل القليل، أسرارَ دولة فحسب، وليست هي بالأسرار الكثيرة. وأبقى على الإجراءات العامَّة ومظاهر الإنفاق ضمن حدود معقولة -المباريات، مشاريع البناء، توزيع الأموال، وما إلى ذلك- لأنَّه كان ينظر إلى ما يلزم كي يقومَ بعمله، وليس إلى  الفضل الَّذي يمكن أن يتحصَّل عليه من جرَّاء فعله ذلك.

    لم يكُ يستحمُّ في ساعات غريبة، ولم يكُ مغرماً ببناء منازل واستراحات. ولم يقلق بشأن الطعام، أو بشأن قَصَّة ثيابه أو حتَّى ألوانها، أو بشأن أن يكون لديه عبيد جميلون. (كيف أنَّ رداءه من مزرعته في «لوريوم»، ومعظمَ أشيائه من «لانوفيوم»، وكيف تعامل مع اعتذار موظَّف الجمارك في «توسكولوم»، وغيرها من السلوكات).

    لم يُظهر فظاظةً قطُّ، أو فقد السيطرة على نفسه، أو انقلب عنيفاً. ولم يرَه أحدٌ قطُّ وهو يتصبَّب عرقاً. كان يتعامل مع كلِّ شيء على نحو منطقيٍّ، ناظراً إلى كلِّ الاعتبارات الواجبة، بطريقة هادئة ومنظَّمة، لكن حاسمة، من دون نهايات فضفاضة.

    كان من الممكن أن تقول عنه (كما يقولون في «سقراط») إنَّه كان يعرف كيف يستمتع، ويمتنع، في الوقت عينه، عن الأشياء التي يجد معظم الناس أنَّ من الصعب جدّاً الامتناع عنها، ومن السهل جدّاً الاستمتاع بها (من غير إفراط). كان قويّاً، مثابراً، يضبط نفسه في كلتا الحالتين: علامة الروح في الاستعداد -لا تُغلب. (مثلما ظهر في مرض «ماكسيموس»)

    17. من الآلهة تعلَّمت أنَّها منحتني أجداداً صالحين، وأمّاً وأباً صالحَين، وأختاً صالحة، ومعلِّمين صالحِين، وخدماً، وأقارب، وأصدقاء صالحين -كلّهم من دون استثناء. وأنَّني لم أفقد قطُّ السيطرة على نفسي مع أيٍّ منهم، مع أنَّ نزعةً في داخلي كانت تحضُّني على فعل ذلك، وربَّما فعلت بسهولة. لكنَّ الفضل للآلهة في أنَّني لم أُوضع قطُّ في هذا الموقف، فنجوت من الامتحان. ولها الفضل في أنَّني لم أنشأ في كنف خليلةِ جدِّي لأطولَ ممَّا عشت، وأنَّني لم أفقد عذريَّتي مبكِّراً جدّاً، ولم أدخل مرحلة البلوغ حتَّى أوانه الحقيقيِّ الصحيح -ربَّما حتَّى بعدُ

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1