Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

أكثر الأمور أهمية للمستثمر الذكي
أكثر الأمور أهمية للمستثمر الذكي
أكثر الأمور أهمية للمستثمر الذكي
Ebook496 pages3 hours

أكثر الأمور أهمية للمستثمر الذكي

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

قالوا عن كتاب أكثر الأمور أهمّية «من المقدّر لهذا الكتاب، أن يكون واحدًا من أمّهات الكتب الكلاسيكية في ميدان الاستثمار، ويجب أن يحتلّ مكانته، ضمن مجموعة الكتب التي يقتنيها أي مستثمر مفكّر. لقد كثّف هاورد ماركس خلاصة سنوات كثيرة من الحكمة الاستثمارية في كتاب صغير، يتّسم بالوضوح والجاذبية والعمق الكبير». جويل غرينبلات. مدرسة كولومبيا للأعمال، وأحد المؤسسين والمديرين المشاركين في (غوثام كابيتال). «إذا أتيت بشخص يمتلك مواهب استثنائية، وجعلته يفكّر في قيمة الاستثمار عشرات السنين، بما في ذلك التفكّر المتعمّق في جوهره، إضافة إلى التحليل المدوّن على امتداد تلك المدّة كلّها، فقد يخرج بكتاب تقارب فائدته ما يجده المستثمر من فائدة في هذا الكتاب؛ لكن عليك ألاّ تتّكل على هذا كثيرًا». جيريمي غرانثام. أحد مؤسسي (غرانثام مايو فان أوترلو) وإستراتيجي الاستثمار الرئيس فيها. «إنّ من اعتادوا تلقّي مذكّرات هاورد ماركس بصورة منتظمة ينتظرون وصولها دائمًا، متلهّفين إلى الحقائق الأساسية والآراء النّفاذة التي تتضمّنها. أما الآن، فقد صارت حكمة هذا المستثمر العظيم وتجاربه معروضة أمام الجميع. إنّ قراءة كتاب أكثر الأمور أهمّية، الذي يضم فلسفة هاورد ماركس الاستثمارية وخلاصة منهجيّته، أمر واجب على كل مستثمر». سيث آ. كلارمان. رئيس مجموعة (بوبوست). «قلّما نجد في عالم الاستثمار كتبًا تضاهي المعايير العالية، التي يحدّدها هاورد ماركس في كتابه (أكثر الأمور أهمية). إنّه كتاب حكيم وخفيف الظل، موشّى بمنظور تاريخي شامل. فإذا كنت من الساعين إلى تفادي المزالق الاستثمارية؛ فعليك أن تقرأ هذا الكتاب». جزن س. بوغل. مؤسس مجموعة (فانغارد) ومديرها التنفيذي السابق. «عندما أجد مذكّرات هاورد ماركس في بريدي الإلكتروني، فإنّها تكون أول ما أقرؤه بكل تأكيد؛ فأتعلّم شيئًا جديدًا، ولكن الأمر مضاعف في هذا الكتاب». وارن بوفيت. رئيس مجلس إدارة (بيركشاير هاثواي) ومديرها التنفيذي. العبيكان للنشر
Languageالعربية
PublisherObeikan
Release dateJan 1, 2016
ISBN9786035036764
أكثر الأمور أهمية للمستثمر الذكي

Related to أكثر الأمور أهمية للمستثمر الذكي

Related ebooks

Reviews for أكثر الأمور أهمية للمستثمر الذكي

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    أكثر الأمور أهمية للمستثمر الذكي - هاورد ماركس

    الغلاف

    أكثر الأمور أهميّة

    أفكار غير مألوفة للمستثمر الذكي

    هاورد ماركس

    نقله للعربية

    الحارث النبهان

    s8gtp3.xhtmlsr379c.xhtmlsr379c.xhtmlsr379c.xhtmlsr379c.xhtml

    قائمة المحتويــــات

    المقدّمة

    الفصل الأول: تفكير المستوى الثاني

    الفصل الثاني: فهم كفاية السوق (وحدودها أيضًا)

    الفصل الثالث: القيمة

    الفصل الرابع: العلاقة بين السعر والقيمة

    الفصل الخامس: فهم الأخطار

    الفصل السادس: تعرّف الأخطار

    الفصل السابع: ضبط الأخطار

    الفصل الثامن: الانتباه إلى دورات السوق

    الفصل التاسع: الانتباه إلى حركة البندول

    الفصل العاشر: محاربة التأثيرات السلبية

    الفصل الحادي عشر: مخالفة الاتّجاه السائد في السوق

    الفصل الثاني عشر: العثور على الصفقات الجيّدة

    الفصل الثالث عشر: الصبر في اغتنام الفرص

    الفصل الرابع عشر: أن تعرف ما لا تعرفه

    الفصل الخامس عشر: إدراك وضعنا الحالي

    الفصل السادس عشر: تقدیر دور الحظ

    الفصل السابع عشر: الاستثمار وفقًا لمنهجية دفاعية

    الفصل الثامن عشر: تجنّب المزالق

    الفصل التاسع عشر: إضافة القيمة

    الفصل العشرون: الجمع بين الأمور المذكورة كلّها

    المقدّمة

    خلال السنوات العشرين الماضية، كنت أكتب مذكّرات منفردة، أوجّهها إلى عملاء شركة إدارة رأس المال التي شاركتُ في تأسيسها في عام 1995م. وكنت أستخدم هذه المذكّرات؛ لطرح فلسفتي الاستثمارية، وشرح الأعمال المتعلّقة بالموارد المالية، وعرض وجهة نظري في الأحداث الجارية. تعدّ هذه المذكرات لبّ الكتاب، وسيجد القارئ مقاطع مأخوذة من كثير منها على امتداد الصفحات الآتية؛ لأنّي أعتقد أنّ الدروس المستفادة منها ما زالت صالحة حتى يومنا هذا، مثلما كانت صالحة وقت كتابتها. على أنّ إدراجها ضمن الكتاب اقتضى مني إجراء بعض التعديلات البسيطة عليها؛ لجعل رسالتها أكثر وضوحًا في المقام الأول.

    ما (الأمر الأكثر أهمّية) على وجه التحديد؟ في يوليو 2003م، كتبت مذكّرة تحمل ذلك العنوان جمعت فيها العناصر التي كنت أرى أنّها أساسية من أجل النجاح الاستثماري. وقد بدأتُ تلك المذكّرة على النحو الآتي: «عندما ألتقي عملائي والمستثمرين، الذين أتوسّم فيهم آفاقًا للنجاح، أسمع نفسي أقول كثيرًا: الأمر الأكثر أهمّية هو … (أ)، وبعد عشر دقائق من ذلك، أقول مجدّدا: الأمر الأكثر أهمّية هو … (ب). وبعد ذلك يأتي (ج) ثم (د)، وهلمّ جرّا … وفي نهاية الأمر، انتهت المذكّرة بأن ناقشت ثمانية عشر أمرًا أكثر أهمّية».

    ومنذ كتاب تلك المذكّرة الأصلية، أدخلتُ بضعة تعديلات على الأمور التي أراها «أكثر أهمّية». لكن المفهوم الأساسي ظلّ كما هو من دون تبديل: إنّها مهمّة كلّها! يتطلّب الاستثمار الناجح انتباهًا فطنًا لكثير من الجوانب المستقلة فيما بينها، وذلك في الوقت نفسه. وإذا حذفنا أي واحد من تلك الجوانب، فمن المرجّح أن تكون النتيجة غير مرضية. وذلك ما جعلني أعدّ هذا الكتاب عن فكرة (الأمور الأكثر أهمّية)، إنّ كلّ أمر من هذه الأمور، لبنة، فيما آمل أن يكون جدارًا قويّ متينًا، ولا يمكن الاستغناء عن أي واحد منها.

    لم أجلس لأكتب دليلًا في الاستثمار! لقد أردتُ كتابة هذا الكتاب؛ ليكون شهادة على فلسفتي الاستثمارية. وأنا أعدّ ما ورد فيه عقيدة لي. لقد خدمتني هذه العقيدة خلال مسيرتي المهنية الاستثمارية، كأنّها مبدأ ديني. إنّ فيما كلّ ما أومن به، وكذلك نقاط الاسترشاد التي جعلتني أحافظ على مساري الناجح. إنّ الرسائل التي أقدّمها هنا أراها الأكثر دوامًا وبقاءً، وكلّي ثقة في أنّ أهميتها مستمرة في المستقبل أيضًا.

    لن يجد القارئ هنا كتابًا يدلّه على طريقة العمل أو على «سر المهنة»، وليس فيه وصفة مضمونة من أجل النجاح الاستثماري. إنه يخلو من أيّ تعليمات تسير بالمستثمر نقطة بعد نقطة. وهو خالٍ من معادلات التقويم التي تتضمّن ثوابت رياضية ونسبًا محدّدة. الواقع أنّ فيه كمّية قليلة جدّا من الأعداد. إنّه مجرد طريقة في التفكير، تساعدك على اتّخاذ قرارات صائبة. ولعل الأهم من ذلك، أنّه قد يساعدك على تجنّب مزالق تعثر فيها كثير من المستثمرين.

    لست أهدف هنا إلى تبسيط عملية الاستثمار، والواقع أنّ أكثر ما أودّ توضيحه هو مقدار تعقيد هذه العملية. أمّا من يحاولون تبسيط الاستثمار أمام جمهور مستمعيهم أو قرّائهم، فإنّهم يسيئون إليهم في واقع الأمر. وعليه، سأحاول التزام الأفكار العامّة فيما يتعلّق بالعائدات والأخطار والعمليات؛ وفي كل مرة أناقش فئات محدّدة من الأصول والإجراءات الاستثمارية، فإنّني أفعل ذلك من أجل توضيح فكرتي فحسب.

    الآن، لا بدّ من كلمة عن تنظيم هذا الكتاب. لقد ذكرت سابقًا أنّ الاستثمار الناجح يتطلّب انتباهًا فطنًا إلى كثير من الجوانب في وقت واحد. وسأناقش هذه الجوانب كلّها معًا، إذا كان ذلك ممكنًا. لكن من المؤسف أنّ حدود اللغة ترغمني على تناول تلك الجوانب موضوعًا تلو الآخر. لذا، فإنّي أبدأ من بيئة السوق التي يجري الاستثمار فيها؛ كي أرسم معالم (الملعب). وبعد ذلك، أذهب إلى مناقشة المستثمرين أنفسهم؛ أي العناصر ذات التأثير في نجاحهم الاستثماري أو في عدمه، وكذلك الأمور التي عليهم فعلها من أجل تحسين فرصهم. وفي الفصول الأخيرة من الكتاب، سأحاول تجميع فئتَي الأفكار هاتين ضمن خلاصة موحّدة. ولأن فلسفتي تقوم على مبدأ «الكل معًا»؛ فإنّ بعض الأفكار يمكن أن تكون على صلة بأكثر من فصل واحد. لذا، أرجو من القارئ التحلّي بسعة الصدر، إذا وجد تكرارًا في هذا المكان أو ذاك.

    آمل أن يجد القارئ جديدًا في محتوى هذا الكتاب، وأن يجد فيه ما يحفّز التفكير ويثير الجدل. وإذا قال لي أحد: «لقد استمتعتُ بكتابك كثيرًا، وهو يضم كل ما قرأته من قبل»، فسأشعر بأنّني فشلت! إنّ هدفي هو تشارك الأفكار وأساليب التفكير فيما يخص المسائل الاستثمارية التي لم تعرفها من قبل. وسأجد منتهى سعادتي في الكلمات الآتية عندما أسمعها: لم أفكّر في الأمر بهذه الصورة من قبل.

    وعلى وجه الخصوص، سيجد القارئ أنّني أنفق من الوقت على مناقشة الأخطار، وكيفية الحد منها، أكثر ممّا أنفق على مناقشة كيفية تحقيق العائدات الاستثمارية. إنني أرى أن، المخاطرة هي الأمر الأكثر إثارة وتحدّيًا، وهي وجه رئيس من أوجه الاستثمار.

    عندما يود أحد العملاء أن يفهم السبب الذي يجعل شركتي ناجحة، فإن سؤاله الأول يكون عادة شيئًا مثل: مفتاح نجاحكم؟ إجابتي بسيطة: إنّها الفلسفة الاستثمارية الفاعلة، التي جرى تطويرها واعتمادها خلال ما يزيد على أربعة عقود، وجرى تطبيقها على نحو واعٍ، على أيدي أشخاص يتمتّعون بمهارات عالية، ويشتركون في الثقافة والقيم.

    من أين تأتي الفلسفة الاستثمارية؟ إنّ الأمر الذي أعدّ نفسي واثقًا منه، هو أنّ أحدًا لا يصل إلى عتبة الحياة المهنية الاستثمارية بفلسفة استثمارية كاملة التكوّن والتكوين. يجب أن تكون هذه الفلسفة حصيلة تراكم أفكار كثيرة عبر زمن طويل. وتأتي هذه الأفكار من عدد كبير من المصادر؛ لا يستطيع المرء تطوير فلسفة فاعلة من دون أن يتعرّض لتجارب الحياة ويختبرها بنفسه. وفي حياتي، كنت وافر الحظ من حيث التجربة الغنية، والدروس القيمة التي سنحت لي.

    لقد زوّدني الزمن الذي أمضيته في اثنتين من جامعات الأعمال، بمزيج كبير الفاعلية والإثارة: المسامير والصواميل، والتوجيهات النوعية في مرحلة ما قبل الدراسة النظرية، إضافة إلى تعليمي النظري الكمّي في أثناء الدراسات العليا في جامعة (شيكاغو). إن الأمر لا يتعلّق كثيرًا بالحقائق والعمليات المحدّدة التي تعلّمتها هناك، بل بالاحتكاك بمدرستين رئيستين من مدارس الأفكار الاستثمارية، ومحاولتي التوفيق بين هذين المنهجين وتركيبهما معًا ضمن منهجيتي. ولعل المهم هنا، أنّ فلسفة تشبه فلسفتي تأتي من (المضي في الحياة بعينين مفتوحتين).

    يجب أن يكون المرء واعيًا منتبهًا إلى ما يحدث في العالم، وإلى النتائج التي تفضي إليها هذه الأحداث. بهذه الطريقة وحدها، يمكنك أن تضع الدروس موضع التطبيق عندما تتحقّق شروط مماثلة مرّة أخرى. أمّا الفشل في فعل هذا، فهو ما يودي بأكثر المستثمرين، ويجعلهم مرةّ بعد أخرى ضحايا دورات الازدهار الرّكود.

    وأحبّ أن أقول هنا: الخبرة هي ما تحصل عليه، عندما لا تحقّق ما تريد. إنّ الأوقات الجيّدة لا تعطي إلّا دروسًا سيّئة: توهم المرء أنّ الاستثمار سهل، وأنّه يعرف أسراره، وليس في حاجة إلى القلق فيما يخص الأخطار. أمّا الدروس الأكثر أهمّية، فهي ما يتعلّمه المرء في أوقات الشدّة. بهذا المعنى، كنت (محظوظًا) لأنّني مررت بأوقات شديدة الصعوبة: حظر النفط العربي، والانكماش التضخّمي، وانهيار أسهم الشركات الخمسين المفضّلة (Nifty Fifty)، و(موت الاستثمارات) في حقبة السبعينيّات من القرن الماضي. وبعد ذلك، جاء (الإثنين الأسود) عام 1987م، عندما فقد مؤشّر (داو جونز) للاستثمار الصناعي 6.22% من قيمته في يوم واحد، بعدئذٍ، جاء الارتفاع المفاجئ في معدلات الفائدة عام 1994م، الذي جعل أدوات الديون العالية الحساسية لمعدّلات الفائدة تسقط سقوطًا حرّا. ثم جاءت أزمة الأسواق الناشئة حديثًا، والعصيان الروسي، وذوبان إدارة رأس المال على المدى البعيد عام 1998م، وانفجار فقاعة أسهم التقانة (التكنولوجيا) عامَي (2000 – 2001) م، وأخيرًا الفضائح المحاسبية عامَي (2001 – 2002) م، والأزمة المالية العالمية عامَي (2007 – 2008) م.

    لقد كان العيش في مرحلة السبعينيات مليئًا بالدروس المفيدة على نحو خاص؛ لأنّ تحدّيات كثيرة نشأت في تلك الحقبة. كان من المستحيل، عمليّا، الحصول على أي عمل استثماري خلال حقبة السبعينيّات، ما يعني أنّ من أراد تكوين خبرة استثمارية في ذلك العقد، كان عليه أن يحصل على عمله في ميدان الاستثمار قبل بدايته. لكن، كم عدد الأشخاص الذين بدأ عملهم الاستثماري في الستينيّات، وظلّوا في هذا الميدان حتّى أواخر التسعينيّات، عندما نشأت فقاعة التكنولوجيا؟ ليسوا كثيرين! لقد انضم أكثر المستثمرين المحترفين إلى هذا القطاع في الثمانينيّات أو التسعينيّات، ولم يروا مطلقًا أنّ تراجع السوق يمكن أن يتجاوز خمس نقاط؛ لأنّ هذا هو أكبر تراجع حدث بين (1982 – 1999) م.

    إذا كنت من أصحاب القراءات الواسعة، فإنك تستطيع أن تتعلّم من الأشخاص الذين تستحق أفكارهم النشر فعلًا. لقد كانت أهم القراءات بالنسبة إليّ، التي أسهمت مساهمةً كبيرةً، في تكوين تفكيري الاستثماري:

    مقالة تشارلي إليز العظيمة: «لعبة الخاسرين». (فايننشال أناليسس جيرنال، يوليو 1975م)

    The loser’s Game, The Financial Analysts Journal, (July – Au – gust, 1975)

    (تاريخ موجز للفرحة المالية)، بقلم جون كينيث غالبريث. (نيويورك: فايكينغ، 1990م)

    A Short History of Financial Euphoria, by John Kenneth Gal-braith (New York: Viking, 1990)

    وكتاب نسيم نيكولاس طالب، الذي حمل اسم (مخدوعون بالعشوائية). (نيويورك: تكسر، 2001م)

    Fooled by Randomness, by Nassim Nicholas Taleb’s (New York: Texere, 2001)

    وأخيرًا، لقد كنت محظوظًا إلى حدّ بعيد؛ لأنّي تعلمت مباشرة من بعض المفكّرين الكبار: جون كينيث جالبريث، فيما يخص الضعف البشري؛ ووارن بوفيت فيما يخص الصبر ومعاكسة الاتّجاه السائد في السوق، وتشارلي مونجر فيما يتعلّق بأهمّية التوقّعات المنطقية، وبروس نيوبرج في مسألة «الاحتمالات والنتائج»، ومايكل ميلكن في مسألة القبول الواعي للأخطار، وريك كاين في موضوع نصب (الفِخاخ) (الفرص الاستثمارية التي لا تحظى بالاهتمام، حيث يمكنك أن تجني كثيرًا، لكنّك لا يمكن أن تخسر كثيرًا).

    أمّا الحقيقة المفرحة، فهي أنّني كنت على احتكاك مع تلك العناصر كلّها، وكنت على وعي كافٍ يسمح لي بالجمع بينها؛ لتكوين فلسفة استثمارية مفيدة للمؤسسات التي عملت فيها، ومفيدة لعملائي أيضًا طوال سنوات كثيرة. لكن هذه الفلسفة ليست الفلسفة الصحيحة الوحيدة، فهناك طرق كثيرة لإنجاز الأمر، لكنّها فلسفة صحيحة بالنسبة إلينا.

    أنني أقف متردّدًا قبل الإشارة إلى أنّ فلسفتي ما كانت لتحمل قدرًا كبيرًا من المعنى، من دون التنفيذ المتّسم بالمهارة من جانب شركائي في تأسيس شركة (أوكتري) لإدارة رأس المال، فقد كنت محظوظًا بالعمل معهم ضمن فريق واحد بين عامَي (1983 – 1993) م. وأنا على قناعة تامة، بأنّ أيّ فكرة لا يمكن أن تكون أفضل من الفعل المتّخذ بالاستناد إليها؛ ويصح هذا ولا سيّما في عالم الاستثمار. وما كان للفلسفة التي أبسّطها هنا، أن تكون ذات جاذبية، لو لم تتكلّل بالإنجازات التي حقّقها هؤلاء الشركاء وبقية الزملاء.

    الفصل الأول

    تفكير المستوى الثاني

    يحمل فنّ الاستثمار سمة لا ينتبه إليها الناس عامّة. يستطيع مستثمر عادي تحقيق نتيجة مقبولة، وإن تكن غير متميّزة، بالحدّ الأدنى من الجهد والقدرات. لكن الارتفاع فوق هذا المستوى الذي يسهل الوصول إليه، يتطلّب كثيرًا من الخبرة، ويحتاج إلى ما يتجاوز لمسة من الحكمة.

    بن جراهام، «المستثمر الذكي»

    يجب أن نجعل كل شيء أبسط ما يمكن، لكن ليس أكثر بساطة من ذلك!

    ألبرت إينشتاين

    ليس من المفترض أن يكون الأمر سهلًا، والأحمق هو من يجده كذلك.

    تشارلي مونجر

    لا يتمتّع إلا قلّة من الناس بما يلزم؛ كي يصبحوا من المستثمرين العظماء. يمكن تعليم بعض الناس، لكن ليس كلّهم. ومن يمكن تعليمه منهم، لا يمكن تعليمه كل شيء. تنجح المنهجيات الصائبة أحيانًا، لكنّها لا تنجح دائمًا! لا يمكن ردّ الاستثمار إلى خوارزمية يمكن إدخالها في حاسوب، ولا يستطيع أفضل المستثمرين الحصول على النتيجة المرجوّة في كل مرّة.

    أسباب ذلك بسيطة؛ ما من قاعدة صحيحة دائمًا، ولا سبيل إلى التحكّم في بيئة الاستثمار، ونادرًا ما تتكرّر الظروف نفسها تمامًا. للعامل النفسي دورًا كبيرًا في الأسواق، ولأنه شديد التغيّر فإننا لا نستطيع الاعتماد على علاقات (السبب – النتيجة) cause and effect قد تنجح منهجية استثمارية مدّة من الزمن، لكنّ الأفعال التي تستدعيها، تؤدّي في النهاية إلى تغيير البيئة المحيطة، ما يعني نشوء حاجة إلى منهجية جديدة. وإذا قلّد آخرون إحدى المنهجيات؛ فإنّ ذلك يثلم فعاليتها.

    إنّ الاستثمار فنّ أكثر من أنّه علم، شأنه في ذلك شأن الاقتصاد، وهذا يعني أنّه قد يصبح فوضويّا وغامضًا بعض الشيء أحيانًا.

    ولعل من أهم الأمور التي يجب أن تظل في الذهن إلى يومنا هذا، أنّ الاقتصاد ليس علمًا مُحكَمًا مضبوطًا. بل لعله ليس علمًا إلى حدّ كبير، وذلك من حيث إنّه يمكن إجراء تجارب مضبوطة الشروط في العلم، وتكرار الحصول على النتائج التي تم الحصول عليها في الماضي، وأيضًا لأنّه يمكن الاعتماد على دوام صلاحية علاقات (السبب – النتيجة).

    «هل ينجح الأمر؟ 5 مارس، 2009م

    Will It Work?, March 5, 2009

    ولمّا كان الاستثمار فنّا أكثر منه علمًا، فلن يكون هدفي أبدًا، لا في هذا الكتاب ولا في أي مكان آخر، الإيحاء بأنّه من الممكن أن يوضع له نظام متكرر ثابت. والواقع أنّ الأهمّية القصوى لأن يكون منهج المرء في الاستثمار حدسيّا قابلًا للتكيّف لا آليّا جامدًا، هي من الأمور التي أودّ تأكيدها أكثر من غيرها.

    ***

    في نهاية المطاف، فالأمر متعلّق بما تحاول تحقيقه. يمكن لأي شخص أن يحقق أداءً استثماريّا متوسطًا، ما عليه إلّا أن يستثمر في صندوق، يعمل وفقًا لأحد المؤشّرات (Index Fund)؛ فيشتري القليل من كل شيء. سيُدرّ عليك هذا ما يُطلق عليه اسم «عائدات السوق» market returns؛ لأنّه يُحاكي ما تفعله السوق فحسب. لكن المستثمرين الناجحين يريدون أكثر من هذا؛ إنهم يريدون التفوّق على السّوق!

    أرى أنّ تعريف المستثمر الناجح، هو: من يكون أداؤه أفضل من أداء السوق والمستثمرين الآخرين. وبهدف التوصّل إلى هذا، لا بدّ لك من حظّ طيّب، أو بصيرة نفّاذة متفوّقة. لا بدّ من التركيز على البصيرة؛ لأنّ الاتّكال على الحظ ليس خطّة أصلًا. يقولون في عالم كرة السلة: (لا تستطيع التدرّب على الارتفاع) إنّ المقصود هو: ما من تدريب في العالم يمكنه أن يجعلك لاعبًا أطول. تكاد صعوبة التدريب على البصيرة تعادل صعوبة زيادة طول اللاعب! ومثلما هي الحال في بقية الفنون، يوجد أشخاص يفهمون الاستثمار أكثر من الآخرين. إنّهم يملكون – أو يتمكّنون من امتلاك – «لمسة الحكمة» الضرورية، التي يطالب بها بن جراهام.

    يرغب الجميع في جني المال، وتقوم دراسة الاقتصاد كلّها على الاعتقاد بأنّ حافز الربح دافع عام لدى الناس كافة. تلك هي الرأسمالية: حافز الربح يجعل الناس يعملون بجد أكثر، ويخاطرون برأسمالهم. لقد أنتج حافز الربح هذا معظم ما يعيشه عالمنا من تقدّم مادي.

    لكن تلك العمومية تجعل من التفوّق على السوق مهمّة صعبة أيضًا. يتنافس ملايين الناس على كل دولار من الأرباح الاستثمارية، فمن ذا الذي يحصل عليه؟ إنّه الشخص الذي يتقدّم خطوة على الآخرين. في مجالات أخرى، يمكن أن يعني التقدّم على الجميع بهذه الخطوة: الحصول على مزيد من التعليم، أو على مزيد من الوقت في المكتبة أو صالة الرياضة، أو على تغذية أفضل، أو على تنفّس أفضل، أو على مزيد من الطاقة أو المعدات. أمّا في ميدان الاستثمار حيث لا قيمة كبيرة لهذه الأمور كلّها، فإنّ تلك الخطوة المتقدّمة، تعني مزيدًا من التفكير المُتبصّر. وهذا ما أدعوه (تفكير المستوى الثاني).

    يستطيع من يريد أن يصبح مستثمرًا، تلقّي دروس في المالية والمحاسبة، ويستطيع أن يقرأ كثيرًا. ويستطيع أيضًا إن كان محظوظًا، أن ينعم بإشراف شخص لديه فهم عميق للعملية الاستثمارية. لكن قلّة فقط ممّن يتيسر لهم ذلك كلّه، تستطيع التوصّل إلى اكتساب تلك البصيرة النفّاذة، والحدس المميّز، والإحساس بالقيمة، وإدراك الجانب النفسي؛ وكلّها أشياء لا غنى عنها لتحقيق نتائج فوق المعدّل بصورة مستمرّة. إن هذه النتائج تتطلّب تفكير المستوى الثاني.

    ***

    تذكّر أنّك لا تستثمر بهدف تحقيق إيرادات عادية أو متوسطة، بل إنك تريد أن يكون أداؤك أفضل من المتوسط. ومن هنا، يجب أن يكون تفكيرك أفضل من تفكير الآخرين، وأقوى، وعلى مستوى أكثر ارتفاعًا أيضًا. ولأن بقية المستثمرين يمكن أن يكونوا أذكياء وعلى اطّلاع جيّد، إضافة إلى تمتّعهم بإمكانات حاسوبية عالية، فإنّ عليك أن تجد ميزة لا يملكونها. من الممكن أن تفكّر في أمر لم يفكّروا فيه، وفي رؤية أمور لم يروها، أو في اكتساب بصيرة لا يملكونها. عليك أن تستجيب بصورة مختلفة، وأن تتصرّف بصورة مغايرة. واختصارًا أقول: إنّ كونك مصيبًا يمكن أن يكون شرطًا ضروريّا للنجاح الاستثماري، لكنّه لن يكون شرطًا كافيًا. يجب أن تكون على صواب أكثر من الآخرين. وهذا يعني أنّ تفكيرك يجب أن يكون مختلفًا عن تفكيرهم. والآن، ما تفكير المستوى الثاني؟

    · يقول تفكير المستوى الأول: (هذه شركة جيّدة، دعونا نشتري أسهمًا فيها). أمّا تفكير المستوى الثاني فيقول: (هذه شركة جيّدة، الجميع يرونها شركة عظيمة، وهي ليست عظيمة جدّا في الواقع. وهذا يعني أنّهم يبالغون في تقدير أسهمها، ويضعون لها أسعارًا أكثر من الحدّ الطبيعي؛ فلنبع أسهمنا فيها إذن).

    · يقول تفكير المستوى الأول: (يوحي المشهد العام، بنمو ضعيف وزيادة في التضخم. فلنتخلّص من أسهمنا). أمّا تفكير المستوى الثاني فيقول: يبدو المشهد العام سيّئًا، والجميع يسارعون إلى البيع؛ لأنّ الذعر أصابهم. فلنشترِ أسهمًا.

    · يقول تفكير المستوى الأول: أعتقدُ أنّ أرباح الشركة ستتهاوى؛ فلنبع الأسهم. في حين يقول تفكير المستوى الثاني: أعتقدُ أنّ أرباح الشركة ستتهاوى بأقل ممّا يتوقّع الناس، ومن شأن تلك المفاجأة السارّة أن تحسّن من وضع أسهمها؛ فلنشترِ الأسهم.

    ينحو تفكير المستوى الأول إلى التبسيط والسطحية، ويكاد كل امرئ أن يكون قادرًا عليه (هذا ليس جيّدًا لكل من يَنشد التفوّق). لا يحتاج مفكّرو المستوى الأول إلّا إلى تصوّر عن المستقبل، مثلما رأينا في عبارة «توحي النظرة العامة أنّ هذه الشركة جيّدة، ما يعني أن! أسهمها سترتفع». أمّا تفكير المستوى الثاني فيتّسم بالعمق والتعقيد، وكثرة التعرّجات والتفاصيل.

    يأخذ مفكّرو المستوى الثاني عددًا كبيرًا من الأمور في الحسبان:

    · ما مجال النتائج المستقبلية المرجّحة؟

    · ما النتائج التي أظن أنّها ستحدث؟

    · ما مدى احتمال أن أكون مصيبًا في ظني؟

    · ما الرأي الذي يُجمع عليه أكثر الناس؟

    · بمَ تختلف توقّعاتي عن هذا الإجماع؟

    · إلى أي مدى يتطابق السعر الحالي للأصول مع ذلك الإجماع في المستقبل، وإلى أي مدى يتطابق مع ما أراه أنا؟

    · هل تميل سيكولوجية الإجماع التي تتمثّل في السعر، إلى رفع السوق أم خفضها؟

    · ما الذي سيحدث لأسعار الأصول، إذا اتّضح أنّ الرأي الذي أجمع عليه أكثر الناس صحيح، وماذا يحدث إذا كان رأيي أنا هو الصحيح؟

    إنّ الفارقَ في حجم العمل المطلوب ممّن يفكّر بموجب المستوى الأول، ومن يفكّر بموجب المستوى الثاني، كبيرٌ جدّا. وأن عددَ الناس القادرين على تفكير المستوى الثاني ضئيلٌ جدّا، مقارنة مع عدد القادرين على تفكير المستوى الأول.

    يبحث مفكّرو المستوى الأول عن صيغ بسيطة وإجابات سهلة، أمّا مفكّرو المستوى الثاني فيعرفون أنّ النجاح في الاستثمار نقيض التبسيط. إن هذا القول لا يعني أنك لا يمكن أن تصادف كثيرًا من الناس، ممّن يحاولون بذل قصارى جهدهم لجعل الأمور بسيطة، ومن الممكن أن أدعو بعضًا منهم (مرتزقة).

    تريد شركات المضاربة أن تعتقد بأنّ كلّ شخص قادر على الاستثمار بعشرة دولارات للصفقة الواحدة! أمّا شركات الصناديق المشتركة فلا تريد منك الاعتقاد بأنّك قادر على فعل ما تقوم به هي. يريدون أن تظنّ أنّهم هم من يستطيع أن يقوم بالأمر. في تلك الحالة، ما عليك إلّا أن تضع نقودك في صناديق مدارة على نحو فاعل، وأن تدفع لمن يديرونها رسونًا مرتفعة.

    أيضًا، هناك أشخاص يبسّطون الأمور، وهم ممّن أعتقد أنّهم «متشدّقون». بعضهم من الأكاديميين الذين يدرسون الاستثمار، وبعضهم أشخاص ذوو نيّات حسنة يمارسون الاستثمار، لكنّهم يبالغون في تقدير مدى تحكمهم في الأمور وسيطرتهم عليها. أعتقد أنّ معظم هؤلاء يفشلون في جمع حصيلة أدائهم، أو أنّهم يتغاضون عن سنواتهم السيّئة، أو يعزون فشلهم إلى سوء الحظ فقط.

    أخيرًا، يوجد من يفشلون في فهم تعقيد الموضوع بكلّ بساطة. قال لي أحد المعلّقين الضيوف في برنامجي الإذاعي ذات مرّة: إذا كانت لديك خبرة جيّدة في أحد المنتَجات، فاشترِ أسهمه. إنّ كون المرء مستثمرًا ناجحًا يتطلّب أكثر من هذا بكثير.

    إنّ أصحاب المستوى الأول يفكرون في الطريقة التي يفكّر فيها زملاؤهم بالمستوى نفسه،

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1