Discover millions of ebooks, audiobooks, and so much more with a free trial

Only $11.99/month after trial. Cancel anytime.

نحن وهم
نحن وهم
نحن وهم
Ebook350 pages2 hours

نحن وهم

Rating: 0 out of 5 stars

()

Read preview

About this ebook

في هذا الكتاب تتناول الكاتبة إقبال بركة علاقتنا بالغرب في عالمنا العربي عبر مناقشة قضايا جدلية أثارت الكثير من الخلافات بيننا وبين الغرب. وتزداد أهمية هذا الكتاب لفهم كيف يمكن أن تكون علاقاتنا بالغرب بعد صعود التيار الإسلامي لحكم العديد من البلدان العربية.
Languageالعربية
PublisherNahdet Misr
Release dateJan 1, 2012
ISBN9783806085860
نحن وهم

Related to نحن وهم

Related ebooks

Reviews for نحن وهم

Rating: 0 out of 5 stars
0 ratings

0 ratings0 reviews

What did you think?

Tap to rate

Review must be at least 10 words

    Book preview

    نحن وهم - إقبال بركة

    نحن وهم

    تأليف/ إقبال بركة

    إشراف عام/ داليا محمد إبراهيم

    جميع الحقوق محفوظة © لدار نهضة مصر للنشر

    يحظر طـبع أو نشر أو تصوير أو تخزين

    أي جزء من هذا الكتاب بأية وسيلة إلكترونية 

    أو ميكانيكية أو بالتصوير أو خلاف ذلك إلا بإذن كتابي صريح من الناشر.

    Arabic%20DNM%20Logo_Colour%20Established.pdf

    21 شارع أحمد عرابي - المهندسين - الجيزة

    الترقيم الدولي: 7-4505-14-977

    رقم الإيداع: 8251 / 2012

    الطبعة الأولى: يناير 2013

    تليفون: 33466434 - 33472864 02

    فاكس: 33462576 02

    خدمة العملاء: 16766

    Website: www.nahdetmisr.com

    E-mail: publishing@nahdetmisr.com

    مقدمة: صورتنا في عيون الآخرين

    المجتمعات الإسلامية صارت أعجوبة العصر. كيانات صلبة غير قابلة للتطور أو التعديل. عرضة للنقد الجارح والهجوم من كل اتجاه. فعلى سبيل المثال:

    سلمان رشدي، كاتب بريطاني مسلم من أصل هندي، ينشر كتابًا يعتمد على ما جاء في بعض كتب التراث العتيقة، يثير صدمة كبيرة لدى قارئيه، وعدد من رسامي الكاريكاتير في الدانمارك يصورون نبي الإسلام في رسوم كاريكاتيرية مسيئة، ومخرج هولندي يصور فيلمًا حول قهر المسلمين للمرأة وفيه مشاهد لنساء عاريات كُتبت على أجسادهن آيات من القرآن الكريم! وبابا الفاتيكان يتهم الإسلام بالعنف وغياب المنطق في خطبة له أمام محفل ديني كبير، وأخيرًا توجه نائبة في البرلمان النمساوي ألفاظًا جارحة واتهامات جائرة للرسول عليه السلام وللإسلام بصفة عامة..

    فماذا فعل المسلمون ليدفعوا عن دينهم تلك الموجة الهادرة من العداء..؟

    للأسف كانت أغلب ردود أفعال المسلمين على تلك المواقف المعادية تتسم بالهيستيرية والغلو، فرأينا زعيمًا روحيًّا، مثل الإمام الخوميني، يحرض علنًا على قتل سلمان رشدي مقابل مكافأة مالية ضخمة دون أن يسمع منه دفاعًا أو تبريرًا لما فعل، وارتكبت الجماعات الدينية العديد من الجرائم الإرهابية حيث فُجرت أجساد أبرياء وأزهقت أرواح أطفال ونساء وشيوخ بلا ذنب غير تواجدهم بالصدفة في المكان.. واندلعت في بعض الدول الإسلامية مظاهرات صاخبة دمرت وأحرقت السفارات الدانماركية، مع المناداة والتهديد بمقاطعة منتجات الدانمارك، وقُتل مخرج هولندي على يد شاب جزائري من المهاجرين إلى هولندا..

    وعلى الإنترنت انهمر سيل من التهديدات بقطع رقاب الرسامين الدانماركيين ونائبة البرلمان النمساوية وكل عائلتها.. كل هذا دفاعًا عن الإسلام..!

    لم نسمع عن محاولة للرد بالعقل أو دعوة إلى حوار هادئ لدحض الدعاوى المزيفة.. لم نر توعية بصحيح الدين باللغات الغربية تُوزع على الصحف العالمية وتنشر على الإنترنت بواسطة الأزهر الشريف أو أي جامعة إسلامية..

    تركنا الصورة المشوهة للعالم الإسلامي التي تصمه بالقهر والتمييز العنصري وكـراهية الآخر وبالتحريض على القتل وسفك دمــاء الأبرياء.. فلماذا نلومهم؟ وبأي حق نغضب منهم إذا رفضوها وسعوا إلى تغييرها..؟

    وقد كتبت عدة مقالات في محاولة لسبر أغوار تلك العلاقة الملغزة الملتبسة بين الغرب والشرق، التي يكتنفها الكره مع الإعجاب المتبادل، الرفض مع الاقتراب الشديد، حتى الملامسة ومحاولة الاختراق من الطرفين. إنها علاقة الحب- الكره love-hate relationship التي حاول كثير من علماء النفس أن يفسروها.. فهي علاقة تختلف عن علاقات الكراهية والرفض التام التي تجعل الطرفين لا يرى أحدهما الآخر ولا يشعر به. إنني أحاول في هذه المقالات أن أفتح بابًا للحوار، جسرًا لتبادل الأفكار مبنيًّا على التشابه والتقارب والرغبة في البناء وليس الهدم. ولا أنكر تأثري بظروفي الخاصة التي جعلتني أؤمن بإمكانية هذا الحوار، وبأنه سيبدأ عهدًا من السلام والتقدم لم تره البشرية من قبل. لقد ولدت ونشأت في حي الظاهر في القاهرة، الذي كان في الخمسينيات مأوى ومستقرًّا للعديد من الجنسيات الأوروبية التي وفدت إلى مصر بعد الحرب العالمية الأولى والثانية. كان اليونانيون والإيطاليون والفرنسيون والأرمن..إلخ يتعايشون في سلام ويختلطون اجتماعيًّا وثقافيًّا مع المصريين بدون أية حساسيات، بحيث كنا نحن الأطفال نظنهم مصريين، بل ونتعامل معهم على أساس أن مصر وطنهم كما هي وطننا. لم نكن نفهم في السياسة وتعقيداتها، ولكننا كنا في مدرسة سان جورج والقديس يوسف المارونية والمحبة القبطية والسكاكيني نتعامل ببساطة شديدة مع نيللي ورفلة وجون وماري.. إلخ، لا فرق بين عربي وأعجمي، ولا بين مسلم وغير مسلم. حتى اندلع حريق القاهرة في 26 يناير 1952، وانتشرت في أرجاء وسط البلد بالقاهرة رائحة الحريق مع الدخان الكثيف، واكتشفنا أن المخربين استهدفوا محلات ودكاكين الخواجات (الأجانب) بالذات، وانتشرت الشائعات بأن الفاعلين جماعة من المتعصبين دينيًّا الذين لا يرغبون في وجود أجانب بمصر، وتهامس الناس بأنهم مجموعة من رجال الأعمال الذين يضيقون بمنافسة الأجانب لهم.. أما الحقيقة فلم تظهر حتى يومنا هذا..

    بـضــــاعتـــنــــا رُدَّت إليـــنــــا:

    كان المثقفون القدماء يطلعون على آداب من سبقوهم بالإضافة إلى دراسة الطب والرياضيات والفلسفة والتاريخ باحثين عن الحكمة، داعين إلى الحق والخير والجمال، يحملون إلى مجتمعاتهم رسائل تنويرية، ورغم ذلك صادفوا المحن وعانوا الكثير من العنت من معاصريهم ومن الحكام، والأمثلة على ذلك لا حصر لها. تلك الظاهرة التي عانت منها كل الحضارات بلا استثناء لم ترهب المثقفين ولم تقطع ألسنتهم ولا قصفت أقلامهم ولا منعتهم من التواصل والتأثر والتأثير في بعضهم البعض. وفي تاريخنا العربى أمثلة لا حصر لها على ذلك؛ منها على سبيل المثال ما لقيه الإمام أحمد بن حنبل على يد رجال الخليفة العباسي المعتصم، وفى القرن الثامن الميلادي لقي الكاتب عبد الله ابن المقفع مترجم كتاب «كليلة ودمنة» نهاية مأساوية لمجرد أن الخليفة العباسي استمع إلى وشاية بطانته واعتبر الكتاب تدخلًا في شئون الحكم لا يجوز للرعية أن يتطاولوا إليه. وبقي كتابه كليلة ودمنة مرجعًا لا غنى عنه إلى يومنا هذا. والفيلسوف العربي العظيم ابن رشد انقلب عليه رجال عصره وأحرقوا كتبه، ولكن أفكاره بقيت خالدة.

    وفي الصين وصل كونفشيوس (551 - 479 ق.م) في المناصب إلى رئاسة الوزراء، ثم انقلب عليه الحكام وأحرقوا كتبه، ورغم ذلك أصبحت فلسفته العقيدة الرسمية للدولة وأساسًا لدين ساد في الصين لمدة القرون العشرين السابقة على الشيوعية. وفي بريطانيا واجه توماس هاردي قائد الحركة الدستورية بين العمال في نهاية القرن الثامن عشر الاتهام بالخيانة العظمى هو ومجموعة من رفاقه، لأنهم طالبوا بحكومة تمثل الشعب، إلا أن المحلفين حكموا ببراءته من التهمة، وعاش توماس هاردي ليكتب للأجيال اللاحقة رواياته وأهمها رائعته «تيس دوبرفيل» التي تحكي مأساة المرأة في الريف الإنجليزي، وكانت نواة للثورة الريفية عام 1848 والأمثلة كثيرة..

    إن مهمة المثقفين كانت ولا تزال إيقاظ الوعي لدى الشعوب، وتخطي الحدود العرقية، والتغلب على الحساسيات الزائفة، وإيجاد حلول جديدة ومبتكرة للأزمات الإقليمية، وحل مشكلة التواصل، ومد جسور التفاهم بين العالم العربي والثقافات الأخرى في الغرب والشرق، والذي أهملناه طويلًا وما زلنا نجهل الكثير عن ثقافاته مثل الثقافة الهندوسية في آسيا (الصين واليابان والهند.. إلخ)، ومثل الثقافات اللاتينية في أمريكا الجنوبية والثقافات الإفريقية، وثقافات الدول الإسلامية الطورانية في الاتحاد السوفيتي سابقًا.. إلخ.

    وأجدادنا المثقفون تأثروا بالغرب وأثروا فيه، ومن بينهم الرحالة العظيم ابن بطوطة، والفيلسوف الأندلسي ابن طفيل مؤلف قصة «الحي بن يقظان» التي اقتبسها المؤلفون الغربيون كثيرًا وألفوا على مثالها كتبًا مثل «روبن هود» و«روبنسن كروزو» و«ابن الغابة» و«طرزان».. إلخ.

    وفي القرن الحادي عشر كتب أبو العلاء المعري «رسالة الغفران»، وهي رسالة أدبية فلسفية بليغة ترفض صكوك الغفران، وتعلن أن لا سلطة للفقيه على الرعية، وليس من حقه إطلاق الأحكام ولا من مسئوليته دخول المؤمنين أو خروجهم من الجنة بورقة يكتبها رجل دين، وكانت لتلك الرسالة البديعة أصداء ضخمة ليس فقط على المثقفين العرب بل والغربيين أيضًا. ومن أصدائها المعروفة كتاب «الكوميديا الإلهية» الذي خلد كاتبه الإيطالي دانتي الليجيري (1272 - 1321م)(1) وتحكي تجربة الشاعر الخيالية في ثلاث ممالك: الجحيم والمطهر ثم الفردوس خلال خمسة أيام يقوده فيها الشاعر الروماني القديم فيرجيل، ويختفي فيرجيل عندما يصل الشاعر إلى الفردوس الأبدي، حيث يلتقي بحبيبته بياتريس. ويرى دانتي في ذلك الكتاب أن الأرض مركز الكون وأن مدينة القدس مركز الأرض وأن الشيطان مسجون في أعماق الأرض (الجحيم)..

    إن ثقافتنا ومثقفينا لا بد وأن يكونوا الجسر الذي نعبره بحضارتنا وعقيدتنا إلى العولمة، فلا شيء يمكن أن يحجب نور العقل إذا سطع، ونحن لدينا منه الكثير.

    (1) عاش دانتي السنين الثلاثين الأولى من حياته في مدينة فلورانسا ثم نفي منها عام 1302م، وكتابه الأول الحياة الجديدة The Vita Nuova حول حبه لبياتريس التي رآها لأول مرة وهو في التاسعة من عمره.

    الليالي وتأثيرها

    تعرف الغرب على الشرق عن طريق التجارة وحكايات التجار عن المجتمعات الشرقية، ثم اتصلوا به عن طريق سفرائهم في تركيا، وعن طريق أحد هؤلاء السفراء ظهرت أول ترجمة لكتاب «ألف ليلة وليلة» قام بها المستشرق الفرنسي أنطوان جالان سفير فرنسا في إستنبول بدأها عام 1704 وانتهى منهـا عام 1717م وله ترجمة للقـرآن الشريـف، أما مقدمة الليالي فقد عُرفت في بلاد أخرى أقرب إلى الشرق مثل إيطاليا منذ القرن الثالث عشر.

    لم تكن ترجمة جالان أمينة للأصل، ولم يترجم جالان كل القصص بل في الواقع لم يترجمها وإنما استعان بأحد المارونيين واسمه حنا، فكان يقص عليه قصصًا من ألف ليلة شفاهة، ثم يأخذ جالان مذكرات لهذه القصص ويكتبها وحده فيما بعد، فقد كان قاصًّا بطبعه ويضيف ويحذف ويغير حتى يلائم الذوق الأوروبي. وقد لاقت نسخة جالان نجاحًا عظيمًا وانضمت إلى كلاسيكيات الأدب العالمي وطُبعت مرارًا مع إضافة المزيد من القصص إليها وقد تُرجمت هذه النسخة إلى كل اللغات الأوروبية ولاقت رواجًا، وتهافت الأوروبيون على شرائها طوال القرنين الثامن والتاسع عشر رغم أنها لم تكن الوحيدة.

    ورغم أن أصل القصص قد يكون هنديًّا أو فارسيًّا فقد اعتبرت الصورة النهائية للمجتمع الإسلامي ولطبقة التجار فيه حتى منتصف القرن الرابع الهجري، على الرغم من تعدد أقطار الدولة الإسلامية وتعدد مميزاتها الشعبية، وتأثرت بها فنونهم الأدبية كالمسرح والفن. يظهر الرشيد كشخصية في بعض الليالي وكذلك يذكر الرسول ﷺ.

    وكان لذيوع الليالي وشغف الأوروبيين بها أبعد الأثر في نمو حركة الاستشراق وانتشارها وظهور أدب الرحالة عن الشرق مثل إدوارد لين المستشرق الإنجليزي الذي عاش بمصر وكتب عنها ووصف عادات المصريين وأقوالهم، وفي كتابه نجد شرحًا للدين الإسلامي وترجم «ألف ليلة وليلة». وتغلغلت ألف ليلة وليلة وشبيهاتها أيضًا في البيئات الأدبية وخاصة عند عامة القراء، فأصبح الرق عند كثير من هؤلاء يساوي ألف ليلة وليلة، وبدأت رحلات الأدباء بعد رحلات التجار والسياسيين والعلماء ليروا بلاد السحر والجن والحريم والرقيق والبذخ وبلاط الرشيد.. إلخ. وقد تأثر الكتاب والفنانون بفضل ذلك وأصبحت الليالي وما فيها من حياة الشرق وحكايات الغرام والسراي وخان التجار وسوق الرقيق وحمام النساء والسحرة في مخيلتهم ينبوعًا لا ينضب. وقد وصل الإعجاب بالليالي الشرقية إلى حد محاولة العديد من الكتاب أن يقلدوا الليالي، على سبيل المثال «رسائل فارسية» لمونتسكيو التي لاقت نجاحًا ضخمًا وكان لها تأثير كبير على الأدب الفرنسي وقلدها كثيرون، منهم فولتير، وما أكثر القصص التي ألفوها، وعنوانها الليلة الثانية بعد الألف ودخلت القصة (رحلات جاليفر لدانيال ديفو، وقصة روبنسون كروزو، وقصة آلة الزمن لإتش جي ويلز) واقتحمت الحكايات المسرح (مثال: المسرحيات الكوميدية لموليير)، ودخلت الموسيقى آفاقًا جديدة اعتمادًا على ما أوحت به قصص ألف ليلة وليلة، وكذلك فنون الرسم التي استعارت الخيال الخصب لليالي، وتأثر كُتَّاب قصص الأطفال بما فيها من أدب مفرط في الخيال، سخي في التفاصيل مثل هانز كريستيان أندرسون ورحلات جول فيرن، وغيره وأصبحت قصص السندباد البحري وعلاء الدين والأميرة الصغيرة جزءًا من ثقافة الطفل الأوروبي، وألف الروسي ريمسكي كورساكوف سيمفونية تحولت إلى باليه شهر زاد، كما ألف باليه آخر هو ثورة في الحريم، أحبها الكُتاب، حتى إن فولتير كان يتمنى أن يفقد الذاكرة ليستعيد لذة قراءة الليالي في طريقة عرض رسائلهم في الهجاء وفي مقدمات تلك الرسائل. «يكفي أن نعرف أن الليالي طُبعت أكثر من ثلاثين مرة في فرنسا وإنجلترا في القرن الثامن عشر وحده، وأنها نُشرت نحو ثلاثمائة مرة في لغات أوروبا الغربية منذ ذلك الحين، لنتصور إلى أي حد تغلغل أثرها في نفوس القراء وخاصة الأدباء منهم.

    «ولقد تضاءلت صورة الشرق الاجتماعية والسياسية وتضاءل أثر تاريخ الشرق عند الأدباء أمام هذه الصورة الشعرية الشعبية التي تمثلها الليالي، وأصبح كل رجل شرقي في نظرهم إما تاجرًا ثريًّا يمتلك سرايا للحريـم، أو تاجــر رقيـق يبيـع المئــات من الجـواري، وكل امــرأة شهر زاد، وكل حاكم هارون الرشيد الذي يسكن في سرايا ويستعبد مئات الجواري.

    وفي الليالي يتكرر ذكر الرشيد والمأمون ومن الصحابة أبو ذر الغفاري وموسى بن نصير، وأشعار جميل وكثير وأبي نواس والأصمعي والنابغة، وإسحاق الموصلي، وكل كتاب يعكس الحضارة الإسلامية وصورة الحياة في الدولة الإسلامية وعواصمها ومدنها الكثيرة. وقد استدل بعض المستشرقين بكتاب ألف ليلة وليلة على وصف بعض المدن المصرية الإسلامية ونمط الحياة فيها. وقد تأثر الغرب أيضًا بما في الليالي من تعصب شديد ضد النصارى واليهود على قلتهم، مثل اليهودي في قصة «الخياط والأحدب»، وفي قصة «جودر ابن الأجير» و«عمر وأخويه» وقصة «على الزيبق المصري» وقصة «بلوقيا» الذين يمثلون دائمًا عنصر الشر في الرواية بينما يمثل المسلمون عنصر الخير. والأبطال إذا تعلموا فهم يتعلمون القرآن وعلومه قبل كل شيء، والجارية العالمة إذا عرضت علمها فالدين ومسائله والقرآن وخصائصه ودروسه واللغة متأثرة بالإسلام تأثرًا كبيرًا وتزدحم الحوارات بالألفاظ والمصطلحات والتعبيرات الإسلامية وأحاديث الرسول ﷺ.

    أما شر خلق الله في الليالي فهم المجوس، ويتكرر وجودهم في العديد من القصص، والمجوسي عادة شخص ماكر يندس في حياة المسلمين ويتقرب إلى ملوكهم ليصل إلى مآربه، وهو يبحث عن مسلم ليذبحه قربانًا للنار، كما نرى بهرام في قصة «حسن البصري» الذي قتل نحو ألف من شباب المسلمين ويطارد «حسن» ليكتمل العدد الألف..!

    وقد ألقت الحروب الصليبية بظلها على الليالي، فالنصارى يظهرون في الليالي كمعادين للمسلمين محاربين ضدهم ويوصفون دائمًا بأنهم محرفو الإنجيل، وأصحاب الملة الكافرة الذين يكذبون على المسيح ويعظمون الصليب.. إلخ وهم يتخفون كمسلمين (قصة مريم الزنارية، وقصة علي شار، وزمردة الجارية)، ويحتالون عليهم ليصلوا إلى أغراضهم (علاء الدين أبي الشامات)، ويحتالون عليهم ليوقعوهم في الهزيمة، ولكن الله ينصر المسلمين دائمًا، وعادة ما يوصف النصراني في الليالي بالقبح والسخف، وإذا ما قُتل ذهب إلى النار وبئس القرار (كبير البطارقة لوقا بن شملوط في قصة «شريكان وضوء المكان» وجهه وجه حمار وصورته صورة قرد) وهو يعير المسلمين بعشقهم للجواري ويتمكن من هزيمتهم باستغلال ذلك الضعف فيهم.

    والمقصود في

    Enjoying the preview?
    Page 1 of 1